وذكروا وجهين معتبرين في تعليل ذلك ; احدهما: من جهة المادة، والأخرى: من جهة الغاية.
أما من جهة المادة ; وذلك انّ العادة في سن الشيخوخة اليبوسة فتمسك الصورة وتحفظها.
وأما من جهة الغاية ; وذلك انّ الطبيعة تبادر إلى الأفضل وهو بقاء العمر وحفظه وإن يبعد الفساد عن الأنقص، وتبقى تلك الرطوبة الغريزية في سنّ الشيخوخة، ولذلك يكون سنّ النقصان مضاعف سنّ الكمال. وهذان الوجهان لا يفيان لإثبات المدّعى المذكور، كما نقل التصريح بضعف هذا الدليل في شرح القطب الشيرازي على كليات القانون.
وأما ما ذكروه وأقاموا له الحجة بأن لهذه الحياة نهاية ولا مناص من تجرّع شربة الأجل فلا يفي لتحديد مقدار معين للعمر، وتعيين سنّ في مقدار معلوم.
وحاصل هذا البرهان انّ الموت حتمي، ولا ينكر احدٌ ذلك، وبقوله تعالى: { كُلُّ نَفْس ذَائِقَة الْمَوْت }(1) فلا حاجة إلى ذلك البرهان المزعوم.
الرابعة: قواعد أصحاب النجوم.
وعلى حسب قواعدهم فلا يرون اثر في هذا العالم الّا النفوس الفلكية، أو انّهم يعدونها مؤثرة مستقلة بنفسها، وينسبون لها جميع الكون والفساد والتغيير والتبديل لهذا العالم، ويقولون: قوام هذا العالم بالشمس وعطاؤه الأكبر في السن المائة والعشرين سنة.
____________
1- الآية 185 من سورة آل عمران.
وتوضيح هذا الاجمال:
انّ لهم اصطلاحات في هذا المقام ; احدهما: (هيلاج) والثاني: (كد خداه)(1)، والاثنان يكونان في صورة زايجة طالع المولود دليلين لعمره، وعليهما يحكمون بالنقيصة والزيادة للعمر. وأحد هذين الاثنين يتعلّق بالجسم، والآخر بالروح، وفي تعيين ذلك خلاف، وفي بعض رسائلهم هكذا: دليل العمر على نوعين ; احدهما: دليل الجسم يقال له الهيلاج، والثاني: دليل الروح ويسمّونه (كد خداه)، والاثنان بمنزلة الهيولى والصورة لأسباب العمر.
ولكن المعروف عكس هذا، فللهيلاج في صورة الطالع دلائل تدل على نفس المولود، والكدخداه يدل على بدن المولود.
وكثرة الهيلاج يدل عندهم على طول العمر.
وكثرة الكدخداه يدل على سعادة الحياة.
والهيلاج عندهم خمسة أشياء: الشمس، والقمر، وسهم السعادة، وجزء مقدم الاجتماع أو الاستقبال، ودرجة الطالع.
والكدخداه كوكب صاحب خط ناظر إلى الهيلاج.
وشرط بعضهم في الكدخداه استيلاءه على موضع الهيلاج. واكتفى بعضهم في هذا المقام بالنظر إلى البرج، وقد يكون النظر الى الدرجة أقوى، فاذا كانت الشمس أو القمر في شرفه فسوف يكون سعيداً بـ (كدخداه).
وقال قطب الدين الاشكوري في محبوب القلوب:
يبطل صلاح الهيلاج بالكسوف والخسوف والمحاق وتحت الشعاع، ويكون
____________
1- انّ هذه الاصطلاحات في علم الفلك، وما زالوا يستخدمونها بدون تعريب.
وعندما عرفت هذه المقدّمة فمن الجائز أن يتّفق في طالع كثرة هيلاجات وكدخداهات ويكون جميعها في أوتاد الطالع. وينظر إلى تلك البيوتات فينظر بنظر التثليث والتسديس نظر السعادة ويسقط منها النحوسات، وفي نفس الوقت يحكمون على صاحب الطالع بطول العمر وتأخير الأجل حتى يكون أحد المعمّرين السابقين.
ونقل الفاضل المذكور عن أبي ريحان البيروني انّه قال في كتابه المسمّى بالآثار الباقية عن القرون الخالية انّه انكر بعض الحشوية ما وصفناه من طول الأعمار وبالخصوص ما ذكر بعد زمان ابراهيم عليه السلام ولم يعتمدوا على هذا الكلام الّا ما أخذوه من اصحاب الأحكام من أكثر عطايات الكواكب في المواليد بما كانت عليه الشمس في ذلك الهيلاج والكداخدائي، يعني بما كان عليه في بيته أو شرفه في الوتد والربح والمركز الموافق فيعطي سنينه الكبرى وهي مائة وعشرين سنة. ويزيد القمر عليه خمسة وعشرين سنة، وعطارد عشرين سنة، والزهرة ثمانين سنة، والمشتري اثني عشرة سنة، وهذه السنين هي صغرى كل واحد منها، لأنه لا اكثر منها.
وإذا نظر نظر موافقة وتحسين فيسقط منها ما نقص منها، ويكون الرأس في البرج معها وبعيداً عن الحدود الكسوفية، وكلّما كان كذلك يزيد عليه ربع عطيته وهي ثلاثون سنة، فيجتمع من ذلك مائتان وخمسة وعشرون سنة، وقالوا: هذا اقصى العمر الذي يصل إليه الانسان.
ثمّ ردّ عليهم الاستاذ أبو ريحان وحكى عن ماشاءالله المصري انّه قال في أول
ومن الممكن أن يتّفق مثل هذا في وقت تحويل القران إلى الحمل ومثلثاته، ويدل على نحو ما ذكرناه أن المولود يبقى سنين القران الأعظم وهي تسعمائة وستين سنة بالتقريب حتى يرجع القران إلى موضعه.
وحكى ايضاً عن أبي سعيد بن شاذان انّه ذكر في كتاب مذاكراته مع ابي معشر في (الأسرار)(1) التي أرسلت عند أبي معشر انّه كان مولد ابن ملك سرانديب وطالعه الجوزاء وزحل في السرطان، والشمس في الجدي، فحكم أبو معشر انّه يعيش في زحل الأوسط وقال انّ أهل ذلك الاقليم حكموا عنده بطول الأعمار له وإن صاحبه زحل، ثم قال أبو معشر: وقد وصلني ان أي انسان منهم مات قبل أن يصل إلى الدور الأوسط لزحل فانّه يتعجب من سرعة موته.
قال أبو ريحان فدلّت هذه الأقوال على اعتراف هؤلاء المنجّمين بإمكان وجود هذه الأعمار.
ونقل الشيخ الكراچكي في كنز الفوائد عن (ماشاءالله المصري) معلم هذه الطائفة المقدّم واستاذهم المفضل، قريباً من العبارة السابقة: انّ النظر إلى هيلاج المولود يمكن أن يصل عمره إلى تسعمائة وخمسين سنة(2).
____________
1- (الأسرار) من مؤلفات أبي معشر الفلكي.
2- راجع كنز الفوائد (الكراجكي): ص 246 ـ 247.
قال: " اني وجدت في كتاب أحد علمائهم وهو الكتاب المعروف (بابا) لابن هبلي حكاية ذكرها عن معلمهم المقدّم واستاذهم المفضل الذي يعوّلون عليه في الأحكام ويستندون إلى كلامه، وما يدعيه وهو المعروف بماشاءالله، انا موردها ففيها اكبر حجة عليهم في هذه المسألة التي خالفونا فيها.
قال ماشاءالله: " الباب الأعظم من الهيلاج الذي يدل على العمر الكثير فانّه يكون المولود في مثلثة إلى مثلثة وطالعه بيوت أحد الكوكبين العلويين زحل والمشتري وصاحب الطالع الكدخداه فان كان المولود ليليا والهيلاج القمر فان كان فوق الشمس في برج اُنثى وان كان نهارياً فيكون الشمس في برج ذكر فانّه حينئذ يدل على بقاء المولود باذن الله تعالى حتى يتحوّل القران عن مثلثة إلى أخرى وذلك مائتان وأربعون سنة. قال: فأمّا في الزمن الاوّل فان مثل هذه الدلالة كان تدل على بقائه حتى يعود القران إلى مكانه، وذلك بعد ستمائة وخمسين سنة والله اعلم ".
" ذكر بعض اصحابنا(1) في كتاب الأوصياء وهو كتاب معتمد عند الأولياء... رواه الحسن بن جعفر الصيمري، ومؤلفه علي بن محمد بن زياد الصيمري وكانت له مكاتبات إلى الهادي والعسكري عليهما السلام وجوابهما إليه، وهو ثقة معتمد عليه، فقال ما هذا لفظه: حدّثني أبو جعفر القمي ابن أخي احمد ابن اسحاق بن مصقلة، انّه كان بقم منجم يهودي موصوفاً بالحذق في الحساب، فأحضره احمد بن اسحاق وقال له: قد ولد مولود في وقت كذا وكذا فخذ الطالع واعمل له ميلاداً، فأخذ الطالع ونظر فيه وعمل عملا له، فقال لأحمد: لستُ أرى النجوم تدلني على شيء لك من هذا المولود بوجه الحساب، انّ هذا المولود ليس لك ولا يكون مثل هذا المولود إلّا لنبي، أو وصي نبي، وان النظر فيه يدلني على انّه يملك الدنيا شرقاً وغرباً وبراً وبحراً وسهلا وجبلا حتى لا يبقى على وجه الأرض أحدٌ إلّا دان له وقال بولايته(2).
ونقل الشيخ الجليل زين الدين علي بن يونس العاملي في الصراط المستقيم عن العلماء المنجّمين:
" ان دور الشمس ألف وأربعمائة واحدى وخمسون سنة، وهو عمر عوج بن عنق، عاش من نوح إلى موسى.
____________
1- في المصدر المطبوع (فصل فيما نذكره من دلالة النجوم على مولانا المهدي ابن الحسن صلوات الله عليهما ذكرها بعض أصحابنا... الخ).
2- راجع السيد ابن طاووس (فرج المهموم): ص 36 ـ 37.
ودور زحل الأعظم مائتان وخمسة وخمسون، قيل وهو عمر السامري من بني اسرائيل.
ودور المشتري الأعظم اربعمائة وأربعة وعشرون، قيل وهو عمر سلمان الفارسي.
ودور الزهرة الأعظم ألف ومائة واحدى وخمسون، قيل: وهو عمر نوح.
ودور عطارد الأعظم اربعمائة وثمانون، قيل: وهو عمر فرعون.
وقد كان في اليونان مثل بطليموس.
وفي الفرس مثل الضحاك عاش الف سنة وأقل وأكثر.
وقد حكي عن سام إذا مضى من ألف السمكة سبعمائة سنة يكون العدل ببابل.
وعن سابور البابلي نحو ذلك "(1).
وقال الخواجة ملا نصر الله الكابلي المتعصب العنيد في المطلب الرابع عشر من المقصد الرابع من كتاب الصواعق في الرد على الاماميّة وهو مملوء بالأكاذيب والمزخرفات:
" اختلفوا فيه، فقال بعض انّه ولد صبح ليلة البراءة يعني النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين بعد مضي عدّة أشهر من القران الأصغر الرابع من القران الأكبر الواقع في قوس وطالع الدرجة الخامسة والعشرين من السرطان، وقد رجع زحل في الدقيقة الثانية من السرطان، ورجع المشتري فيها أيضاً، والمريخ في الدقيقة الرابعة والثلاثين من درجة الجوزاء العشرين، وكانت الشمس في الدقيقة الثامنة والعشرين من درجة الأسد الرابعة، والقمر في الدقيقة الثالثة عشرة من الدرجة
____________
1- راجع الصراط المستقيم: ج 2، ص 245.
وقال بعض: ولد صبح الثالث والعشرين من شعبان من السنة المذكورة، وكان الطالع في الدقيقة السابعة والثلاثين من الدرجة الخامسة والعشرين من السرطان، وكانت الشمس في الدقيقة الثامنة والعشرين من الدرجة العاشرة من الأسد، وكان عطارد في الدقيقة الثامنة والثلاثين من الدرجة الحادية والعشرين من الأسد، وزحل في الدقيقة الثامنة عشرة من الدرجة الثامنة من العقرب، وهكذا المشتري. والقمر في الدقيقة الثالثة عشرة من الدرجة الثلاثين من الدلو.
والمريخ في الدقيقة الرابعة والثلاثين من الدرجة العشرين من الحمل. والزهرة في الدقيقة السابعة عشرة من الدرجة الخامسة والعشرين من الجوزاء.
وهذه الاختلافات نص على ان ما يزعمونه(1) افتراء بدون ريبة " انتهى.
وقال قبل أن ينقل هذه الكلمات:
" وأمّا ما ذكره أهل النجوم مثل أبي معشر البلخي، وأبي الريحان البيروني، وماشاءالله المصري، وابن شاذان، والمسيحي وغيرهم من المنجّمين: إذا اتّفق ميلاد من المواليد عند تحويل القران الأكبر وكان الطالع في أحد بيوت زحل أو المشتري، وكان هيلاج الشمس في النهار، والقمر في الليل، والخمسة المتحيّرة قوى الحال وفي الأوتاد، وكان الناظر إلى الهيلاج أو الكدخداه نظر موده، فمن الممكن أن يعيش المولود مدّة سنة القران الأكبر وهو ثمانون وتسعمائة سنة شمسيّة تقريباً.
وإذا دلّت الأسباب الفلكية على غير ذلك، فيمكن أن يعيش أقلّ من ذلك أو أكثر.
____________
1- قال المؤلف رحمه الله: " يعني الاماميّة ".
ولم ير لحدّ الآن في كتب مواليد الائمة عليهم السلام وبالخصوص أعلام الورى بل في كتب الغيبة صورة طالع ولادته عليه السلام، ولا أدري من أين أخذه هذا الكابلي، بالاضافة إلى نسبته إلى جماعة، وإلى جماعة اُخرى بنحو آخر، فيتخيّل الناظر انّ هذا الرجل متتبع خبير، والظاهر انّه من جعلياته نفسه الذي هو مبنى الكتاب عليه.
وعلى فرض صحة النسبة فلا يضرّ ذلك شيئاً لأن المقصود من نقل كلمات هذه الطائفة وجود أسباب سماوية وأوضاع نجومية لطول العمر بزعمهم حسب ما اطلعوا عليه. ويحتمل كثير منها لم يطلعوا عليها ولا يمكن أن يدّعوا انحصارها فيما علموه.
ولا يبقى مخفياً أو مستوراً بأننا اقتصرنا في نقل الحكايات على ما رأيناه في الكتب المعتبرة أو سمعناه من الثقات، والعلماء، وتركنا نقل كثير من الوقائع التي لم تصل الينا بسند معتبر، أو انها موجودة في كتب جماعة يتسامحون في نقل مثل هذه القصص، أو جمعوها من كلّ شخص في أي مكان رأوه أو سمعوا منه، ولظهور علائم الكذب ببعضها سقط الباقي عن درجة الاعتبار.
ومن المناسب أن نختم هذا الباب بذكر كلام الفاضل المتتبع الميرزا محمد النيسابوري في كتاب ذخيرة الألباب المعروف بدوائر العلوم في الفائدة الحادية عشرة من الباب الرابع عشر، وهذه الفائدة في ذكر اسماء من رأى الامام القائم عليه السلام في حياة أبيه عليه السلام وفي الغيبة الصغرى والكبرى، ونحن نذكرها في هذا الباب مع
الأول: الحاج عبد الهادي الطبيب الهمداني.
الثاني: شيخنا موسى بن علي المعجراني.
الثالث: السيد الكريم العين الذي نهاه عن شرب القليان.
الرابع: العالم الذي كان مصاحباً له.
الخامس: الشيخ حسن بن محمد الحلّي.
السادس: سعيد بن عبد الغني الاحسائي.
السابع: الملاّ عبد الله الشيرازي.
الثامن: استاذنا المولى محمد باقر بن محمد أكمل الاصفهاني، ونقل قصة لي، وقد ذكرت القصة كلّها في مظانّها، انتهى.
وقال في الفائدة الثانية عشرة من الفصل الخامس من الباب الثامن عشر بعد ذكر شطر من أحواله عليه السلام:
عاصر أوّل امامته عليه السلام المعتمد (العباسي)، ولد عليه السلام في سامراء ليلة الجمعة من شعبان، وقيل: ومن (وياكح) من شهر رمضان في (رنه يارنو) وكان مع والده.
وكانت الغيبة الصغرى بعد والده عليه السلام وكان بدوها من سنة (رس) إلى (شل) وهو بداية الغيبة الكبرى وإلى سنتنا التي هي (غريواست ضفر [ ضفور خ.ل ]).
وخروجه عليه السلام في يوم الجمعة محرم (طاق) من السنة.
وقد وردت روايات عن آبائه علهيم السلام في مدّة غيبته وسنة ظهوره بطريق الرمز والابهام لا يفهمه إلّا الآحاد من الناس.
والشيء المعتمد بصحة ما جاء عنهم انّه لم يُعيَّن وقت لذلك كما فسّر بقوله تعالى: { وَعِنْدَهُ عِلْم السَّاعَة }، وفي خبر كذب الموقتون.
إذا دار الزمان على حروف | ببسم الله فالمهدي قاما |
فادوار الحروف عقيب صوم | فاقر الفاطمي منّا السلاما |
ويؤيده ما جرى على لسان دعبل الخزاعي عندما أنشد قصيدته التائية على الامام الرضا عليه السلام:
خروج امام لا محالة خارج | يقوم على اسم الله والبركات |
فقال له عليه السلام: نطق روح القدس على لسانك.
ونسب إلى الحكيم المحقق الطوسي رحمه الله:
در دور زحل خروج مهدى | جرم دجل و دجاليان است |
يخرج المهدي في دور زحل | جرم الدجل والدجالين |
در آخر واو واول زا | چون نيك نظر كنى همان است |
في آخر الواو وأوّل الزاي | كما تنظر النظرة فانها كذلك |
وفي مدّة دولته اختلاف عظيم سببه (ز) بحساب سنيهم، و (ع) بحسابنا.
واستخرج العارفون زمان دولته من قول الله: { وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِى الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْر انَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِىَ الصَّالِحُون }.
ويؤيد ما فهموه روايات معصوميّة أيضاً لا تناسب الكتاب.
وله أولاد كثيرون منهم الطاهر والقاسم وهاشم وابراهيم وعبد الرحمن.
ومسكنه الجزيرة الخضراء في البحر الأبيض من الجزائر الخالدات المغربية المعروفة بالخرابات على جبل في فرسخين منه هذه البلدة المباركة، وباقي الجزائر مثل العلقمية والناعمة والمباركة والصالحيّة والخضرية والبيضاوية، والنوريّة، التي يحكمها امراؤه عليه السلام هم من ابنائه: { وَاِذَا رَأَيْتَ ثُمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً }.
الباب الثّامن
في الجمع بين الحكايات المتقدّمة ما
جاء بتكذيب مدعي المشاهدة في
الغيبة الكبرى
الباب الثامن
في الجمع بين الحكايات والقصص المتقدّمة وبين ما جاء في تكذيب مدعي المشاهدة له عليه السلام في الغيبة الكبرى.
كما روى الشيخ الصدوق عليه الرحمة في كمال الدين، والشيخ الطوسي رحمة الله عليه(1)في الاحتجاج انّه خرج التوقيع إلى ابي الحسن السمري:
" يا علي بن محمد السمري اعظم الله أجر اخوانك فيك، فانّك ميّت ما بينك وبين ستة أيام، فاجمع أمرك، ولا توصى إلى أحد يقوم(2) مقامك بعد وفاتك، فقد وقعت الغيبة التامة(3)، فلا ظهور الّا بعد اذن الله [ تعالى ذكره ](4)، وذلك بعد طول الأمد، وقسوة القلوب، وامتلاء الأرض جوراً، وسيأتي [ إلى ](5) شيعتي من يدّعي
____________
1- في العبارة سقط والصحيح هو ما في جنة (روى الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة عن الحسن بن أحمد المكتب والطبرسي في الاحتجاج مرسلا...).
2- في كمال الدين (يقوم) وفي الغيبة للطوسي والاحتجاج للطبرسي (فيقوم).
3- في بعض نسخ كمال الدين (الثانية).
4- في بعض نسخ كمال الدين (عزوجل).
5- هذه الزيادة في الاحتجاج، وهي غير موجودة في الغيبة وكمال الدين.
وقد أشير إلى هذا المطلب بعدة أخبار اخرى(3).
والجواب على هذا الخبر(4) بعدّة وجوه:
الجواب الأول:
انّ هذا الخبر ضعيف(5)، بل انّه خبر واحد ولا يفيد الّا الظنّ ولا يورث الجزم واليقين، فلا يقدر أن يعارض الوجدان القطعي الذي حصل من مجموع تلك القصص والحكايات، ولو انّه لم يحصل من كلّ واحدة بوحدها، بل انّ في جملة منها كرامات ومعاجز لا يمكن صدورها من غيره عليه السلام، فكيف يصحّ الإعراض عنها لوجود خبر ضعيف لم يعمل به ناقله وهو الشيخ الطوسي في نفس الكتاب، كما يأتي كلامه في
____________
1- هكذا في الغيبة والاحتجاج وفي كمال الدين (كاذب).
وقد ابتدأ التوقيع بالبسملة (بسم الله الرحمن الرحيم) وقد سقطت من الترجمة.
2- راجع كمال الدين (الصدوق): ج 2، ص 516، ح 44 ـ الغيبة (الطوسي): ص 395، الطبعة المحققة ـ الاحتجاج (الطبرسي): ج 2، ص 297 ـ جنة المأوى (النوري): ص 318 ـ البحار: ج 51، ص 260، ح 3 ـ اثبات الهداة (الحرّ العاملي): ج 3، ص 693، ح 112 ـ الخرائج (الراوندي): ج 3، ص 1128، الطبعة المحققة ـ منتخب الأنوار المضيئة (السيد عبد الكريم النيلي): ص 130 ـ الصراط المستقيم (البياضي): ج 2، ص 236 ـ كشف الغمة (الأربلي): ج 2، ص 230 ـ اعلام الورى (الطبرسي): ص 417 ـ ثاقب المناقب (لابن حمزة): ص464، الطبعة المحققة. وغير ذلك من المصادر الأخرى.
3- راجع البحار: ج 52، ص 151 وما بعدها.
4- ولعلّ حصر الجواب على هذا الخبر دون غيره لأن في هذا تصريح وأما في غيره تلميح والله العالم.
5- وضعف الخبر ناشيء من جهالة الراوي (أبو محمد الحسن بن احمد المكتب)، ولو انّه أجيب عليه بوجوه ليس هنا محلّ ذكرها.