الصفحة 438
ولا يفعل شيئاً غير الجور والعدوان.

وروي في الكافي والتهذيب والفقيه عن الامام الباقر عليه السلام انّه قال لعبد الله بن ظبيان: " ما من عيد للمسلمين أضحى ولا فطر إلّا وهو يجدد الله لآل محمد عليهم السلام فيه حزناً.

قال: قلت: ولِمَ؟

قال: انّهم يرون حقهم في أيدي غيرهم "(1).

وقال السيد الجليل علي بن طاووس رحمه الله في كشف المحجة:

" واوصيك يا ولدي محمد وأخاك ومن يقف على كتابي هذا بالصدق في معاملة الله جلّ جلاله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلّم وحفظ وصيّتهما بما بشرا به من ظهور مولانا المهدي عليه السلام فانني وجدت القول والفعل من كثير من الناس في حديثه عليه السلام مخالفاً للعقيدة من وجوه كثيرة.

____________

1- رواه الكليني في (الكافي) ـ الفروع ـ: ج 4، ص 170، كتاب الصيام، باب النوادر، ح 2، وفيه عن حنان بن سدير، عن عبد الله بن دينار عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال: يا عبد الله ما من عيد... الخ.

ورواه الصدوق في (من لا يحضره الفقيه): ج1، ص324، باب 79 (باب صلاة العيدين)، ح 28، رقم الحديث العام 1484، تحقيق المرحوم آية الله السيد حسن الخرسان رحمه الله، ورواه مرسلا عن الامام الباقر عليه السلام.

ورواه الصدوق في (علل الشرايع): ص 389 باسناده عن حنان بن سدير عن عبد الله بن دينار عن أبي جعفر عليه السلام، باب 126، العلة التي من أجلها يتجدد لآل محمد صلوات الله عليهم في كلّ عيد حزن جديد.

ورواه الطوسي في (تهذيب الأحكام): ج 3، ص 289، (باب صلاة العيد)، ح 26، رقم الحديث العام (870) ـ وفيه حنان بن سدير عن عبد الله بن ذبيان.

وراجع وسائل الشيعة (الحرّ العاملي): ج 5، ص 136، كتاب الصلاة، أبواب صلاة العيد، باب 31، ح 1 ـ وراجع جامع أحاديث الشيعة: كتاب الصلاة، أبواب صلاة العيد، باب 31، ح 1.


الصفحة 439
منها: انّني وجدت انّه لو ذهب من الذي يعتقد امامته عبد أو فرس أو درهم أو دينار تعلّق خاطره وظاهره بطلب ذلك الشيء المفقود وبذل في تحصيله غاية المجهود، وما رأيت لتأخر هذا المحتشم عظيم الشأن عن اصلاح الاسلام والايمان وقطع دابر الكفّار وأهل العدوان مثل تعلّق الخاطر بتلك الأشياء المحقّرات! فكيف يعتقد من يكون بهذه الصفات انّه عارف بحقّ الله جلّ جلاله، وحقّ رسوله صلى الله عليه وآله وسلّم ومعتقداً امامته على الوجه الذي يدّعي المغالاة والموالاة لشريف معاليه.

ومنها: انّني وجدت من يذكر انّه يعتقد وجوب رياسته والضرورة إلى ظهوره وانفاذ احكام امامته لو واصله بعض من يدّعي انّه عدو لإمامته من سلطان وشمله بأنعامه كان قد تعلّق خاطره ببقاء هذا السلطان المشار إليه وشغله ذلك عن طلب (المهدي) عليه السلام وعمّا يجب عليه من التمني لعزل الوالي المنعم عليه.

ومنها: انّني وجدت من يدّعي وجوب السرور بسروره والتكدّر بتكدّره صلوات الله عليه يقول: انّه يعتقد انّ كلّ ما في الدنيا قد أخذ من يد (المهدي) عليه السلام وغصبه الناس والملوك من يديه ومع هذا لا أراه يتأثر بذلك النهب والسلب كتأثره لو أخذ ذلك السلطان منه درهماً أو ديناراً أوملكاً أو عقاراً، فأين هذا من الوقار ومعرفة الله جلّ جلاله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلّم ومعرفة الأوصياء! "(1).

إلى آخر كلامه الشريف من هذا القبيل، وقد وُصِفَ عليه السلام مراراً في الأخبار بالغريب الطريد الوحيد الشريد المظلوم المنكَر حقّه.

الثالث: ولعدم الحصول على الطريق الواسع المستقيم الواضح للشريعة المطهرة وانحصار الطريق للوصول إليه بطرق ضيقة ظلماء في كلّ مضيق منها كمن مجموعة من اللصوص الداخليين للدين المبين، يدخلون دائماً الشكوك والشبهات في قلوب العامة بل الخاصة حتى يكذب ويلعن ويشتم أصحاب هذه الفرقة القليلة والعصابة المهتدية

____________

1- راجع كشف المحجة (السيد ابن طاووس): ص 148 ـ 149.


الصفحة 440
الامامية بعضهم البعض الآخر، ويتسلّط عليهم اعداؤهم، ويخرجون من الدين أفواجاً أفواجاً، ويعجز العلماء الصالحون عن اظهار علمهم، ويصدق وعد الصادقين عليهم السلام، وسيأتي زمان على المؤمن حفظ دينه أشد من القبض على جمرة نار في اليد.

روى الشيخ النعماني عن عميرة بنت نفيل قالت: سمعت الحسين بن علي عليهما السلام يقول: لا يكون الأمر الذي تنتظرونه حتى يبرأ بعضكم من بعض، ويتفل بعضكم في وجوه بعض، ويشهد بعضكم على بعض بالكفر، ويلعن بعضكم بعضاً.

فقلت له: ما في ذلك الزمان من خير.

فقال الحسين عليه السلام الخير كلّه في ذلك الزمان، يقوم قائمنا، ويدفع ذلك كلّه(1).

وروى ايضاً عن الامام الصادق عليه السلام خبراً بهذا المضمون(2).

وروى عن أمير المؤمنين عليه السلام انّه قال إلى مالك بن ضمرة:

يا مالك بن ضمرة كيف أنت إذا اختلفت الشيعة هكذا، وشبّك اصابعه وادخل بعضها في بعض.

فقلت: يا أمير المؤمنين! ما عند ذلك من خير.

قال: الخير كلّه عند ذلك، يا مالك! عند ذلك يقوم قائمنا فيقدم سبعين رجلا يكذبون على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وآله وسلّم، فيقتلهم، ثمّ يجمعهم الله على أمر واحد(3).

____________

1- راجع الغيبة (النعماني): ص 205 ـ 206، باب 12، ح 9.

2- راجع الغيبة (النعماني): ص 206 ـ باب 12، ح 10، باسناده عن أبي عبد الله عليه السلام انّه قال: " لا يكون ذلك الأمر حتى يتفل بعضكم في وجوه بعض، وحتى يلعن بعضكم بعضاً، وحتى يسمّي بعضكم بعضاً كذابين ".

3- راجع الغيبة (النعماني): ص 206، باب 12، ح 11.


الصفحة 441
وروى ايضاً عن الامام الباقر عليه السلام انّه قال:

" لتمحصن يا شيعة آل محمد تمحيص الكحل في العين، وانّ صاحب العين يدري متى يقع الكحل في عينه ولا يعلم متى يخرج منها. وكذلك يصبح الرجل على شريعة من أمرنا، ويمسي وقد خرج منها، ويمسي على شريعة من أمرنا، ويصبح وقد خرج منها "(1).

وروى عن الامام الصادق عليه السلام انّه قال:

" والله لتكسرنّ تكسر الزجاج، وانّ الزجاج ليعاد فيعود [ كما كان ]، والله لتكسرنّ تكسّر الفخار، فانّ الفخار ليتكسّر فلا يعود كما كان.

[ و ] والله لتغربلنّ، [ و ] والله لتميزن، [ و ] والله لتمحصنّ حتى لا يبقى منكم الّا الأقل، وصعر كفّه "(2).

وروى بهذا المضمون أخباراً كثيرة(3).

وروى الشيخ الصدوق رحمه الله في كمال الدين عن أمير المؤمنين عليه السلام انّه قال:

" كأنّي بكم تجولون جولان الإبل تبتغون المرعى فلاتجدونه يا معشر الشيعة "(4).

وروى عنه عليه السلام انّه قال لعبد الرحمن بن سيابة:

" كيف أنتم إذا بقيتم بلا امام هدى، ولا عَلَم، يتبرأ بعضكم من بعض فعند ذلك تميزون وتمحصون وتغربلون... "(5).

____________

1- راجع الغيبة (النعماني): ص 206 ـ 207، باب 12، ح 12.

2- راجع الغيبة (النعماني): ص 207، باب 12، ح 13.

3- راجع الغيبة (النعماني): باب 12، ما يلحق الشيعة من التمحيص والتفرّق والتشتت عند الغيبة حتى لا يبقى على حقيقة الأمر الّا الأقل الذي وصفه الائمة عليهم السلام.

4- راجع الصدوق (كمال الدين): ج 1، ص 203، ح 17 ـ ح 18.

5- راجع كمال الدين (الصدوق): ج 2، ص 348، باب 33، ح 36، وفيه عن الامام الصادق عليه السلام، ولعله من سهو القلم الشريف للمؤلف النوري رحمه الله.


الصفحة 442
وروى عن سدير الصيرفي انّه قال:

دخلت أنا والمفضل بن عمر، وأبو بصير، وأبان بن تغلب على مولانا أبي عبد الله الصادق عليه السلام فرأيناه جالساً على التراب وعليه مسح خيبريّ(1) مطوّق بلا جيب، مقصّر الكمّين، وهو يبكي بكاء الواله الثكلى، ذات الكبد الحرّى، قد نال الحزن من وجنتيه، وشاع التغيير في عارضيه، وأبلى الدّموع محجريه، وهو يقول: سيدي غيبتُكَ نفتْ رقادي، وضيّقت عليّ مهادي، وابتزّت منّي راحة فؤادي، سيدي غيبتك أوصلت مصابي بفجايع الأبد وفقد الواحد بعد الواحد يفنى الجمع والعدد، فما اُحسّ بدمعة ترقى من عيني وأنين يفتر من صدري عن دوارج الرّزايا وسوالف البلايا الّا مثّل بعيني عن غوابر أعظمها وأفظعها، وبواقي أشدّها وأنكرها ونوائب مخلوطة بغضبك، ونوازل معجونة بسخطك.

قال سدير: فاستطارت عقولنا ولهاً، وتصدّعت قلوبنا جزعاً من ذلك الخطب الهائل، والحادث الغائل، وظننّا انّه سمت لمكروهة قارعة، أو حلّت به من الدّهر بائقة، فقلنا: لا أبكى الله يا ابن خير الورى عينيك، من أيّة حادثة تستنزف دمعتك وتستمطر عبرتك؟ وأيّة حالة حتمت عليك هذا المأتم؟

قال: فزفر الصادق عليه السلام زفرة انتفخ منها جوفه، واشتدّ عنها خوفه، وقال: ويلكم نظرت في كتاب الجفر صبيحة هذا اليوم وهو الكتاب المشتمل على علم المنايا والبلايا والرّزايا وعلم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة الذي خصّ الله به محمداً والائمة من بعده عليهم السلام، وتأمّلت منه مولد قائمنا وغيبته وإبطائه وطول عمره وبلوى المؤمنين في ذلك الزمان، وتولّد الشكوك في قلوبهم من طول غيبته وارتداد أكثرهم عن دينهم، وخلعهم ربقة الاسلام من اعناقهم التي قال الله تقدّس

____________

1- المسح: الكساء من الشعر.


الصفحة 443
ذكره: { وَكُلّ اِنْسَان اَلْزَمْنَاهُ طَائِرهُ فِى عُنُقِهِ }(1) ـ يعني الولاية ـ فأخذتني الرقة، واستولت عليّ الأحزان...(2).

ويكفي هذا الخبر الشريف في هذا المقام فان تحيّر وتفرّق وابتلاء الشيعة في أيام الغيبة وتولّد الشكوك والشبهات في قلوبهم كان سبباً لبكاء الامام الصادق عليه السلام بسنين كثيرة قبل وقوعه، وكان سبباً لسلب النوم من عينيه المباركتين.

فابتلاء المؤمن بذلك حادث عظيم، وغرق في الدوامة المظلمة الكثيرة والشديدة الموج، فينبغي عليه أن يكون دائماً ببكاء وألم وأنين، واضطراب وحزن وهمّ، وتضرّع إلى الباري جلّ وعلا.

الثاني:

من التكاليف القلبية انتظار فرج آل محمد (عليهم السلام) في كلّ آن، وترقّب ظهور وقيام الدولة القاهرة والسلطنة الظاهرة لمهدي آل محمد (عليهم السلام)، وامتلاء الأرض قسطاً وعدلا، وانتصار الدين القويم على جميع الأديان كما أخبر به الله تعالى نبيّه الأكرم ووعده بذلك، بل بشّر به جميع الأنبياء والأمم، انّه يأتي يوم مثل هذا اليوم الذي لا يعبد به غير الله تعالى، ولا يبقى من الدين شيء مخفي وراء ستر وحجاب مخافة أحد، ويزول العباد والشدّة من عبدة الحق، كما في زيارة مهدي آل محمد عليهم السلام:

" السلام على المهدي الذي وعد الله به الأمم أن يجمع به الكلم، ويلمّ به الشعث، ويملأ به الأرض عدلا وقسطاً، وينجز به وعد المؤمنين ".

____________

1- الآية 13 من سورة الاسراء.

2- راجع كمال الدين (الصدوق): ج 2، ص 352 ـ 354، والظاهر انّ المؤلف رحمه الله قد ترجمها مختصراً لها، والرواية لها تتمة طويلة.


الصفحة 444
وكان هذا الوعد بالفرج العظيم في سنة سبعين للهجرة، كما رواه الشيخ الراوندي في الخرائج عن أبي اسحاق السبيعي، وقد رواه عن عمرو بن الحمق ـ وكان أحد الأربعة اصحاب أسرار أمير المؤمنين عليه السلام ـ قال:

" دخلت على علي عليه السلام حين ضرب الضربة بالكوفة، فقلت: ليس عليك بأس، وانما هو خدش.

قال: لعمري إني لمفارقكم، ثم قال لي: إلى السبعين بلاءاً، قالها ثلاثاً.

قلت: فهل بعد البلاء رخاء.

فلم يجبني وأغمي عليه ".. إلى أن قال:

" فقلت: يا أمير المؤمنين انك قلت: إلى السبعين بلاء، فهل بعد السبعين رخاء؟

قال: نعم، وان بعد البلاء رخاء: { يَمْحُو الله مَا يَشَاء وَيُثبت وَعِنْدَهُ اُمُّ الْكِتَابِ }(1)... "(2).

وروى الشيخ الطوسي في كتاب (الغيبة)، والكليني في (الكافي) عن أبي حمزة الثمالي انّه قال:

قلت لأبي جعفر عليه السلام: انّ علياً عليه السلام كان يقول: " إلى السبعين بلاء " وكان يقول: " بعد البلاء رخاء " وقد مضت السبعون ولم نَرَ رخاءً!

فقال أبو جعفر عليه السلام: يا ثابت انّ الله تعالى كان وقّت هذا الأمر في السبعين، فلمّا قتل الحسين عليه السلام اشتدّ غضب الله على أهل الأرض، فأخّره إلى أربعين ومائة سنة، فحدّثناكم فأذعتم الحديث، وكشفتم قناع السر، فأخّره الله ولم يجعل له بعد

____________

1- من الآية 39 من سورة الرعد.

2- راجع الخرائج والجرائح: ج 1، ص 178، ح 11.


الصفحة 445
ذلك عندنا وقتاً و { يَمْحُو الله مَا يَشَاء وَيُثبت وَعِنْدَهُ اُمُّ الْكِتَابِ }(1).

قال أبو حمزة: وقلت ذلك لأبي عبد الله عليه السلام فقال: قد كان ذاك(2).

وروى الشيخ النعماني في كتاب (الغيبة) عن العلاء بن سيابة، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام انّه قال:

" من مات منكم على هذا الأمر منتظراً كان كمن هو في الفسطاط الذي للقائم عليه السلام "(3).

وروى أيضاً عن أبي بصير عنه عليه السلام انّه قال ذات يوم:

" ألا أخبركم بما لا يقبل الله عزوجل من العباد عملا إلّا به؟

فقلت: بلى.

فقال: شهادة أن لا إلـه الّا الله، وانّ محمداً عبده ورسوله، والاقرار بما أمر الله، والولاية لنا، والبراءة من أعدائنا ـ يعني الائمة خاصة ـ والتسليم لهم، والورع، والاجتهاد، والطمأنينة، والانتظار للقائم عليه السلام.

ثمّ قال: انّ لنا دولة يجيء الله بها إذا شاء.

ثمّ قال: مَنْ سرّه أن يكون من اصحاب القائم فلينتظر، وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق وهو منتظر، فإن مات وقام القائم بعده كان له من الأجر مثل أجر

____________

1- الآية 39 من سورة الرعد.

2- راجع الغيبة (الطوسي): ص 428، المحققة ـ البحار: ج 4، ص 114، ح 39 ـ البحار: ج 52، ص 105، ح 11 ـ مستدرك الوسائل: ج 12، ص 300، ح 34، الطبعة المحققة ـ الغيبة (النعماني): ص 293، ح 10 ـ الكافي (الكليني): ج 1، ص 368، ح 1 ـ الخرائج (الراوندي): ج 1، ص 178، ذيل حديث 11.

3- راجع الغيبة (النعماني): ص 200، باب 11، ح 15 ـ كمال الدين (الصدوق): ج 2، ص 644، باب 55، ح 1.


الصفحة 446
من أدركه. فجدّوا وانتظروا، هنيئاً لكم ايّتها العصابة المرحومة "(1).

وروى الشيخ الصدوق في كمال الدين عنه عليه السلام انّه قال: " من دين الائمة ; الورع والعفة والصلاح وانتظار الفرج "(2).

وروى ايضاً عن الامام الرضا عليه السلام: " انّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم قال: أفضل أعمال امتي انتظار الفرج من الله عزوجل "(3).

وروى ايضاً عن أمير المؤمنين عليه السلام انّه قال: " المنتظر لأمرنا كالمتشحط بدمه في سبيل الله "(4).

وروى الشيخ الطبرسي في الاحتجاج انّه خرج توقيع عن صاحب الأمر عليه السلام بيد محمد بن عثمان، وكان في آخره:

" واكثروا الدعاء بتعجيل الفرج، فان ذلك فرجكم "(5).

وروى الشيخ الطوسي في الغيبة عن المفضل قال: ذكرنا القائم عليه السلام ومن

____________

1- راجع الغيبة (النعماني): ص 200، باب 11، ح 16 ـ البحار: ج 52، ص 140، باب 22، ح 50.

2- راجع البحار: ج 52، ص 122، باب 22، ح 1 ـ نقله عن الخصال للصدوق رحمه الله وفي الترجمة (وانتظار فرج آل محمد "ع").

أقول: لا يوجد هذا النص في الخصال ولا في الكمال، وانما في الكتابين رواية رواها عبد الله بن أبي الهذيل: " وسألته عن الامامة فيمن تجب، وما علامة من تجب له الامامة؟ " ثمّ نقل كلاماً طويلا عن الامام الصادق عليه السلام إلى أن قال: " وانّ فيهم الورع والعفّة والصدق والصلاح والاجتهاد وأداء الأمانة إلى البرّ والفاجر، وطول السجود، وقيام الليل، واجتناب المحارم، وانتظار الفرج بالصبر وحسن الصحبة... الخ " راجع كمال الدين (الصدوق): ج 2، ص 337 ـ الخصال (الصدوق): ص 478 و479، ابواب الاثني عشر، ح 36.

والظاهر انّ المؤلف رحمه الله نقل الخبر عن البحار، والله العالم.

3- راجع كمال الدين (الصدوق): ج 2، ص 644، باب 55، ح 3.

4- راجع كمال الدين (الصدوق): ج 2، ص 645، باب 55، ح 6.

5- راجع الاحتجاج (الطبرسي): ج 2، ص 284.


الصفحة 447
مات من أصحابنا ينتظره، فقال: لنا أبو عبد الله عليه السلام:

إذا قام أتى المؤمن في قبره، فيقال له: يا هذا! انّه قد ظهر صاحبك، فان تشأ أن تلحق به فالحق، وإن تشأ أن تقيم في كرامة ربك فأقم(1).

وروى الشيخ البرقي في المحاسن عنه عليه السلام انّه قال لرجل من أصحابه:

" من مات منكم على هذا الأمر منتظراً له كان كمن كان في فسطاط القائم عليه السلام "(2).

وفي رواية اُخرى: " هو كمن كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم "(3).

وفي رواية اُخرى:

" كان كمن استُشهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم "(4).

وروى عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الرضا عليه السلام، قال: سألته عن الفرج؟

فقال: أوليس تعلم ان انتظار الفرج من الفرج ان الله يقول: { انْتَظِرُوا اِنِّى

____________

1- راجع الغيبة (الطوسي): ص 459، الطبعة المحققة ـ البحار: ج 53، ص 91، ح 98 ـ الايقاظ من الهجعة (الحر العاملي): ص 271 ـ اثبات الهداة (الحرّ العاملي): ج 3، ص 515، ح 358 ـ منتخب الأنوار المضيئة (السيد عبد الكريم النيلي): ص 36 ـ الخرائج (الراوندي): ج 3، ص 1166.

2- راجع المحاسن (البرقي): ص 173، كتاب الصفوة، باب 38، ح 147 ـ وعنه في البحار: ج 52، ص 125، ح 15.

3- راجع المحاسن (البرقي): ص 173، كتاب الصفوة، باب 38، ح 146 ـ وعنه في البحار: ج 52، ص 125، ح 14.

4- راجع المحاسن (البرقي): ص 172 - 173، كتاب الصفوة، باب 38، ح 144 ـ والمحاسن (البرقي): ص 174 " بدون كلمة (كان) "، كتاب الصفوة، باب 38، ح 151 ـ وعنه البحار: ج 52، ص 126، ح 18.


الصفحة 448
مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِين }(1)(2).

وروي عنه عليه السلام انّه قال:

" ما أحسن الصبر وانتظار الفرج، أما سمعت قول الله عزوجل { وَارْتَقِبُوا اِنِّى مَعَكُمْ رَقِيبٌ }(3) [ وقوله عزوجل ](4) و { انْتَظِرُوا اِنِّى مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِين }(5).

فعليكم بالصبر فانّه انما يجيء الفرج على اليأس، فقد كان الذين من قبلكم أصبر منكم "(6).

وروي ايضاً عن الامام الصادق عليه السلام انّه قال:

" المنتظر للثاني عشر كالشاهر سيفه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم يذبّ عنه "(7).

____________

1- من الآية 71 من سورة الأعراف.

2- راجع تفسير العياشي (العياشي): ج 2، ص 138، ح 50 ـ كمال الدين (الصدوق): ج 2، ص 645، ولكن بحذف (أو ليس تعلم ان انتظار الفرج من الفرج) ولعله سقط في الطبع فان هذا المقطع قد اثبت في البحار: ج 52، ص 128، ح 22، عن كمال الدين ايضاً ـ ورواه الحويزي في (نور الثقلين): ج 2، ص 333، ح 149 ـ والسيد هاشم البحراني في (البرهان في تفسير القرآن): ج 2، ص 181، ح 3 ـ والفيض الكاشاني في (الصافي): ج 2، ص 428 وفي مصادر اُخرى.

3- من الآية 94 من سورة هود.

4- سقطت من المصدر المطبوع واثبتت في البحار عن المصدر.

5- من الآية 71 من سورة الأعراف.

6- راجع كمال الدين (الصدوق): ج 2، ص 645، ح 5 ـ تفسير العياشي (العياشي): ج 2، ص 20، ح 52 ـ البرهان (السيد هاشم البحراني): ج 2، ص 23، ح 1 ـ البحار: ج 52، ص 129، ح 23 عن كمال الدين وتفسير العياشي وغيرهما من المصادر.

7- راجع كمال الدين (الصدوق): ج 2، ص 647، ح 8 ـ وعنه البحار: ج 52، ص 129، ح 24.


الصفحة 449
وروى البرقي عن أمير المؤمنين عليه السلام انّه قال:

" أفضل عبادة المؤمن انتظار فرج الله "(1).

وروى السيد ابن طاووس في كتاب المضمار عن محمد بن علي الطبرازي روى بسند معتبر عن حماد بن عثمان قال:

دخلت على أبي عبد الله عليه السلام ليلة احدى وعشرين من شهر رمضان، فقال لي: يا حماد! اغتسلت؟

قلت: نعم، جعلت فداك.

فدعا بحصير، ثم قال لي: الى لزقي(2) فصلّ، فلم يزل يصلّي وأنا أصلي إلى لزقه حتى فرغنا من جميع صلاتنا، ثم أخذ يدعو، وأنا أؤمّن على دعائه إلى أن اعترض الفجر، فأذّن وأقام ودعا بعض غلمانه، فقمنا خلفه، فتقدّم فصلّى بنا الغداة، فقرأ بفاتحة الكتاب، وإنا انرلناه في ليلة القدر في الأولى ; وفي الركعة الثانية بفاتحة الكتاب، وقل هو الله أحد.

فلمّا فرغنا من التسبيح، والتحميد، والتقديس، والثناء على الله تعالى، والصلاة على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم)(3)، والدعاء لجميع المؤمنين والمؤمنات، والمسلمين، والمسلمات، الأولين، والآخرين ; خرَّ ساجداً لا أسمع منه الّا النفس ساعة طويلة، ثم سمعته يقول: " لا إلـه الّا أنت مقلب القلوب والأبصار " إلى آخر

____________

1- راجع البحار: ج 52، ص 131، ح 33 ـ وقريب منه في الخصال (الصدوق): ج 2، ص 610، باب الأربعمائة (انتظروا الفرج ولا تيأسوا من روح الله، فانّ أحبّ الأعمال إلى الله عزوجل انتظار الفرج مادام عليه العبد المؤمن...).

ومثله في تحف العقول (لابن شعبة): ص 106، ص 115، وفيه (فان أحبّ الأمور) بدل (الأعمال) (ومادام) بواو زائدة.

2- هكذا في المصدر المطبوع، وفي هامشه (يقال فلان لزقي، وبلزقي، ولزيقي، أي بجنبي، قاله الحريري).

3- في الترجمة زيادة (وعلى آله).


الصفحة 450
الدعاء وهو طويل، وقال في آخره:(1) " أن تصلّي على محمد وأهل بيته، وأن تأذن لفرج مَنْ بفرجه فَرَج اوليائك، واصفيائك مِنْ خلقك، وبه تبيد الظالمين وتهلكهم، عجل ذلك يا ربّ العالمين... الخ "(2).

فلمّا فرغ، رفع رأسه.

قلت: جعلت فداك، سمعتك وأنت تدعو بفرج مَنْ بفرجه فرج اصفياء الله واوليائه، أوَلَسْتَ أنت هو؟

قال: لا، ذاك قائم آل محمد عليهم السلام.

قلت: فهل لخروجه علامة؟

قال: نعم، كسوف الشمس عند طلوعها ثلثي ساعة من النهار، وخسوف القمر ثلاث وعشرين، وفتنة تظل(3) أهل مصر البلاء، وقطع السبيل(4)، اكتف بما بينت لك، وتوقع(5) أمر صاحبك ليلك ونهارك، فانّ الله كلّ يوم هو في شأن لا يشغله شأن من شأن ذلك [ الله ](6) ربّ العالمين، وبه تحصين اوليائه، وهم له خائفون(7).

وبهذا المضمون اخبار كثيرة، واكتفينا بهذا المقدار لأنّه لم يكن غرضنا استيفاء جميعها.

____________

1- تمام الدعاء مثبت في المصدر ; وعبارة (إلى آخر الدعاء...) للمؤلف رحمه الله.

2- وتكملة الدعاء مثبتة في المصدر.

3- وفي نسخة بدل (تصل).

4- وفي نسخة بدل (النيل).

5- ترجمها المؤلف رحمه الله (وانتظر) والمعنى واحد.

6- سقطت من الترجمة، وهي نسخة بدل.

7- راجع اقبال الاعمال (السيد ابن طاووس): ص 200 ـ 201، الطبعة الحجرية.