الصفحة 467
العالمين.

وصلّ على الخلف الصالح، الهادي المهدي امام الهدى امام المؤمنين، ووراث المرسلين، وحجة ربّ العالمين.

اللهمّ صلّ على محمد و(1) أهل بيته الائمة الهادين، العلماء الصادقين الأبرار المتّقين، دعائم دينك، وأركان توحيدك، وتراجمة وحيك، وحججك على خلقك وخُلفائك في أرضك الذين اخترتهم لنفسك واصطفيتهم على عبادك وارتضيتهم لدينك وخصصتهم(2) بمعرفتك وجللتهم بكرامتك وغشيتهم برحمتك وربّيتهم بنعمتك، وغذّيتهم بحكمتك وألبستهم نورك، ورفعتهم في ملكوتك، وحففتهم بملائكتك، وشرّفتهم بنبيّك صلواتك عليه وآله.

اللهمّ صلّ على محمد وعليهم صلاةً كثيرةً دائمةً [ طيّبة ](3) لا يحيط بها إلّا أنت ولا يسعها إلّا علمك، ولا يحصيها أحد غيرك.

اللهمّ وصلّ على وليّك المحيي سنّتك، القائم بأمرك، الدّاعي إليك الدليل عليك، وحجّتك على خلقك، وخليفتك في أرضك، وشاهدك على عبادك.

اللهمّ أعزّ نصره ومُدَّ في عمره، وزيّن الأرض بطول بقائه، اللهمّ اكفه بغي الحاسدين، وأعذه من شرّ الكائدين(4)، وازجر عنه ارادة الظالمين، وخلّصه من أيدي الجبّارين.

اللهمّ أعطه في نفسه وذرّيّته، وشيعته ورعيّته وخاصّته وعامّته وعدوّه وجميع أهل الدّنيا ما تقرّ به عينه، وتسرّ به نفسه، وبلّغه أفضل ما أمّله في الدّنيا والآخرة انّك على كلّ شيء قدير.

____________

1- في نسخة جمال الاسبوع: زيادة (وعلى).

2- في الترجمة بدل (وخصصتهم) (واختصصتهم).

3- سقطت من الترجمة.

4- في نسخة جمال الاسبوع (الكافرين).


الصفحة 468
اللهمّ جدّد به ما محي من دينك، وأحيِ به ما بدّل من كتابك، وأظهر به ما غيّر من حكمك،حتّى يعود دينك به وعلى يديه غضاً جديداً خالصاً مخلصاً لا شكّ فيه [ ولا شبهة معه ](1) ولا باطل عنده، ولا بدعة لديه.

اللهمّ نوّر بنوره كلّ ظلمة، وهدّ بركنه كلّ بدعة، واهدم بعزّته كلّ ضلالة، واقصم به كلّ جبّار، واخمد بسيفه كلّ نار، وأهلك بعدله كلّ جبّار(2) وأجر حكمه على كلّ حكم، وأذلّ بسلطانه كلّ سلطان.

اللهمّ اذلّ كلّ من ناواه، وأهلك كلّ من عاداه، وامكر بمن كاده، واستأصل من جحد حقّه، واستهان بأمره، وسعى في اطفاء نوره، وأراد اخماد ذكره.

اللهمّ صلّ على محمّد المصطفى، وعلي المرتضى، وفاطمة الزهراء، والحسن الرضا، والحسين المصفّى، وجميع الأوصياء مصابيح الدّجى، وأعلام الهدى ومنار التّقى، والعروة الوثقى، والحبل المتين، والصراط المستقيم، وصلّ على وليّك وولاة عهده(3)، والائمة من ولده، ومدّ(4) في أعمارهم، وزد في آجالهم، وبلّغهم أفضل آمالهم ديناً ودنياً وآخرةً انّك على كلّ شيء قدير(5).

وقد روي هذا الخبر الشريف في عدّة كتب معتبرة للقدماء بأسانيد متعددة،

____________

1- سقطت من الترجمة.

2- في نسخة جمال الاسبوع (جائر).

3- في الترجمة (ولاة عهدك).

4- في الترجمة (وزد).

5- راجع الغيبة (الطوسي): المحققة، ص 273 - 280 ـ وص 165 - 170 الطبعة غير المحققة ـ البحار: ج 52، ص 17، ح 14 ـ البحار: ج 94، ص 78، ح 2 ـ مدينة المعاجز (السيد هاشم البحراني): ص608، ح69، الطبعة الحجرية ـ مستدرك الوسائل (النوري): ج16، ص89، ح 1، الطبعة المحققة ـ اثبات الهداة (الحرّ العاملي): ج 3، ص 685، ح 96، الطبعة غير المترجمة ـ تبصرة الولي فيمن رأى القائم المهدي (السيد هاشم البحراني): الحكاية السبعون ـ دلائل الامامة (الطبري): ص 300 - 304 ـ جمال الاسبوع (السيد ابن طاووس): ص 494 وغيرها من المصادر والمراجع.


الصفحة 469
وقد ثبت في بعضها في جميع المواضع (اللهمّ صلّ على... الخ)(1).

ولم يعين وقت لقراءة هذه الصلوات والدعاء في خبر من الأخبار إلّا ما قاله السيد رضي الدين علي بن طاووس في جمال الاسبوع بعد ذكره التعقيبات المأثورة لصلاة العصر من يوم الجمعة، قال: ".. إذا تركت تعقيب عصر يوم الجمعة لعذر فلا تتركها أبداً لأمر اطّلعنا الله جلّ جلاله عليه "(2).

ويستفاد من هذا الكلام الشريف انّه حصل له من صاحب الأمر صلوات الله عليه شيء في هذا الباب، ولا يستبعد منه ذلك،كما صرّح هو انّ الباب إليه عليه السلام مفتوح، وقد تقدّم في الباب السابق.

الدعاء السابع: قال الشيخ الطوسي في مصباح المتهجد: " ويستحب أن يدعو عقيب هاتين الركعتين "(3).

ونقل الكفعمي وغيره هذا الدعاء بعد كلّ ركعتين من صلاة الليل(4).

اللهمّ انّي أسألك ولم يُسئل مثلك أنت موضع مسألة السائلين ومنتهى رغبة الراغبين أدعوك ولم يُدع مثلك وأرغبُ إليك ولم يُرغب إلى مثلك أنت مجيب دعوة المضطرّين وارحم الراحمين، اسألك بأفضل المسائل وأنجحها وأعظمها يا الله يا رحمن

____________

1- أي زيادة كلمة (اللهمّ) قبل الصلاة على كلّ امام.

2- جمال الاسبوع (السيد ابن طاووس): ص 494.

أقول: وأنت خبير بأن عبارته (رض) غير ظاهرة في التخصيص، وانما هي زيادة تأكيد على الالتزام بهذا الدعاء وهذه الصلوات ولو بالاسبوع مرّة والتّأكيد على الاتيان بها في ذلك الوقت، مع بقاء الأمر بها في غيره، ولعلّ الأخير هو المقصود من كلام المؤلف رحمه الله.

3- راجع (مصباح المتهجد): ص 121، وكان كلامه (رض) عن الركعتين الأوليَيْن من صلاة الليل، ولذا ترجمه المؤلف رحمه الله (عقيب الركعتين الأوليَيْن من صلاة الليل).

4- راجع المصباح (الكفعمي): ص 51، قال: " ويستحب أن يدعو بعد كلّ ركعتين فيقول:... " ـ وكذلك قال الشيخ البهائي (مفتاح الفلاح): ص 313 فقال: " وتدعو بين كل ركعتين من الركعات الثمان بهذا الدعاء... ".


الصفحة 470
يا رحيم وبأسمائك الحسنى وأمثالك العليا ونعمك التي لا تُحصى وبأكرم اسمائك عليك وأحبّها اليك وأقربها منك وسيلة وأشرفها عندك منزلة وأجزلها لديك ثواباً وأسرعها في الأمور اجابة وباسمك المكنون الأكبر الأعزّ الأجلّ الأعظم الأكرم الذي تحبّه وتهواه وترضى عمّن دعاك به فاستجبت له دعاءه وحقٌّ عليك أن لا تحرم سائلك ولا تردّه وبكلّ اسم هو لك في التورية والانجيل والزبور والقرآن العظيم، وبكلّ اسم دعاك به حملة عرشك وملائكتك وأنبياؤك ورسلك وأهل طاعتك من خلقك أن تصلّي على محمد وآل محمد وأن تُعجّل فرج وليّك وابن وليّك وتعجّل خزي أعدائه.

الرابع:

التصّدق بما يتيسر في كلّ وقت لحفظ الوجود المبارك لإمام العصر عليه السلام.

وقد وضحنا هذا المطلب في كتاب الكلمة الطيّبة بأن الصدقة التي يعطيها الانسان لأيّ كان ابتغاءاً لفائدة أو غاية أو عن نفسه، أو عن محبوب عزيز له مكانة عنده.

وان اصلاح كثير من أمور معاشه ومعاده متوقّف بحسب على وجوده وسلامته، مثل المعلم الصالح والوالدين والولد والعيال والاخوان وامثالهم ; فان كان واحد منهم ـ مثلا ـ في مرض أو سفر فيتصدّق أحدهم لصحته وسلامته وخيره فانّه بالنتيجة يرجع اليه(1)، فسلامة العالم تكون سبباً لسلامة دينه(2)، وسلامة الولد تكون سبباً لقلّة أو ازالة المشقة والعذاب عنه، وبقاء ذكر خبره واستمرار طلب المغفرة له.. وهكذا.

____________

1- أي إلى نفس المتصدّق.

2- أي دين المتصدّق.


الصفحة 471
وبما انّه ثبت ببراهين العقل والنقل انّه لا شيء أعزّ وأغلى من وجود امام العصر المقدّس عليه السلام، بل انّه أحبّ إليه من نفسه ; وان لم يكن كذلك فهو ضعف ونقص في الايمان وضعف وخلل في الاعتقاد. كما روى بأسانيد معتبرة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم انّه قال: " لا يؤمن عبد حتى أكون أحبّ إليه من نفسه، وأهلي أحبّ إليه من أهله.. "(1).

وكيف لا يكون كذلك وجميع الوجوه والحياة والدين والعقل والصحة والعافية وكل النعم الالهية الظاهرية والباطنيّة لكلّ الموجودات انما هي فيض ذلك الوجود المقدّس واوصيائه صلوات الله عليهم.

وبما انّ ناموس العصر، ومدار الدهر، ومنير الشمس والقمر، وصاحب هذا القصر والحرم، وسبب سكون الأرض، وحركة الأفلاك، ورونق الدنيا من الأسفل إلى الأعلى، الحاضر في قلوب الأخيار، والغائب عن الانس الاغيار في هذه الأعصار، هو الحجة بن الحسن صلوات الله عليهما ولباس الصحة والعافية مقدّرة بتناسق قامته المقدّسة، ومتناسبة للقد المعتدل لذاته المقدّسة.

بينما كلّ همّه واهتمام الذين يعبدون ذواتهم هي في حفظ وحراسة وسلامة أنفسهم.

فكيف بأولئك الذين لا يرون أحداً يستحق الوجود والعافية والصحة غير ذلك الوجود المقدّس ; فمن اللازم عليهم والمحتم أن يكون هدفهم الأولي وغايتهم الاولى التشبّث بكلّ وسيلة وسبب لبقاء صحته وتحصيل عافيته وقضاء حاجته ودفع البلاء الذي نزل به، مثل الدعاء، والتضرّع والتصدق والتوسّل ليكون وجوده المقدّس سالماً ومحفوظاً.

ويظهر من مضامين الأدعية السابقة والتي لم نذكرها شدّة الاهتمام والتأكيد على

____________

1- راجع الأمالي (الصدوق): ص 201.


الصفحة 472
طلب حفظه وسلامة وجوده المعظم أرواحنا فداه من شرّ الجن والانس ; وطلب طول العمر له، وكذلك باقي النعم الالهية الدنيوية والأخروية ; بل تقدّم انهم عليهم السلام كانوا يعملون بالصورة المتقدّمة وقبل ولادة ذلك المولود المبارك بسنين ; ولا فرق في الوسيلة بين الدعاء والصدقة، ولذلك قال السيد الجليل علي بن طاووس رحمه الله وهو مقبول الأقوال والأفعال في مثل هذا المقام، بل هي برهان وحجة، في كتاب (كشف المحجة) بعد عدّة وصايا إلى ولده، وأمره بالتمسك والصدق بموالاته عليه السلام:

" وقدم حوائجه على حوائجك عند صلاة الحاجات... والصدقة عنه قبل الصدقة عنك وعمّن يعزّ عليك، والدعاء له قبل الدعاء لك، وقدمه في كلّ خير يكون وفاءاً له(1)، ومقتضياً لإقباله عليك، واحسانه اليك... إلى آخره "(2).

وقال في كتاب (أمان الأخطار) في ضمن دعاء للتصدّق حين السفر، ذكره هكذا:

" اللهمّ انّ هذه لك ومنك، وهي صدقة عن مولانا م ح م د عجّل الله فرجه وصلّى عليه بين اسفاره وحركاته وسكناته في ساعات ليله ونهاره. وصدقة عمّا يعنيه أمره وما لا يعنيه وما يضمنه(3) وما يخلفه "(4).

ولا يخفى انّه كان رسول الله والائمة الطاهرون صلوات الله عليهم يتصدّقون صباحاً ومساءاً ونصف الليل وأوّل السفر وغير ذلك من الحالات والأوقات للسلامة وحفظ وجودهم المقدّس من الشر الأرضي والسماوي والجن والانس، ولكسب المنافع الدنيوية والأخروية، وكانوا يهتمون بذلك كما استوفينا تلك الأخبار في (الكلمة الطيّبة) ; مع علمهم بالمنايا والبلايا والآجال وسائر الحوادث، ويتصدّقون بها منها.

____________

1- قال المؤلف رحمه الله: " يعني وفاءاً لعقد البيعة وعهد العبوديّة الذي عقدته معه ".

2- راجع كشف المحجة (السيد ابن طاووس): ص 152.

3- في نسخة بدل (وما يصحبه).

4- راجع امان الأخطار (السيد ابن طاووس): ص 39، الطبعة المحققة.


الصفحة 473
ولا فرق في ذلك بين أن يتصدّق بنفسه لدفع البلاء، أو يكون المتصدّق أحد الرعايا لدفع تلك البليّة عن وجوده المقدّس ; الّا في شيء واحد وهو ان الأولى اجمعت فيها جميع الشروط التي تجعل الصدقة مؤثرة ; وعدم توافر اكثر تلك الشروط في كثير من صدقات غيرهم، ولا يكون هذا مانعاً من رجحان هذا الفعل وأداء التكليف، فلا يتوهّم ان الامام الحجة عليه السلام مستغنياً وغير محتاج، بل انّه مبرّأ ومنزّه من صدقة الرعايا ; لأنه تكليف من شؤون العبودية وأداء لحقّ الجلالة وأداء لحق تربيته عليه السلام، فكلّما كان مقام ولي النعم أعلى، ومرتبة الرعيّة ادنى فسوف تزداد اهميّة هذا التكليف وباقي آداب العبودية، كما هو غير خفي على صاحب المعرفة.

الخامس:

الحج عن امام العصر عليه السلام والاستنابة بالحج عنه، كما هو معروف بين الشيعة في القديم، وأقرّه عليه السلام، فقد روى القطب الراوندي رحمه الله في كتاب الخرائج: ان أبا محمد الدعلجي كان له ولدان، وكان من خيار أصحابنا، وكان قد سمع الأحاديث، وكان أحد ولديه على الطريقة المستقيمة، وهو أبو الحسن كان يغسّل الأموات، وولد آخر يسلك مسالك الأحداث في فعل الحرام، ودفع إلى أبي محمد حجة يحج بها عن صاحب الزمان عليه السلام وكان ذلك عادة الشيعة وقتئذ.

فدفع شيئاً منها إلى ابنه المذكور بالفساد، وخرج إلى الحج.

فلمّا عاد حكى انّه كان واقفاً بالموقف(1)، فرأى إلى جانبه شاباً حسن الوجه، اسمر اللون، بذؤابتين، مقبلا على شأنه في الدعاء والابتهال والتضرّع، وحسن العمل، فلمّا قرب نفر الناس التفت إليّ وقال: يا شيخ ما تستحي؟

____________

1- قال المؤلف رحمه الله: " يعني عرفات ".


الصفحة 474
قلت: من أيّ شيء يا سيدي؟

قال: يدفع اليك حجة عمّن تعلم، فتدفع منها إلى فاسق يشرب الخمر، ويوشك أن تذهب عينك هذه.

وأومأ إلى عيني [ وأنا من ذلك إلى الآن على وجل ومخافة.

وسمع منه أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان ذلك، قال: ](1) فما مضى عليه أربعون يوماً بعد مورده حتى خرج في عينه التي أومأ إليها قرحة، فذهبت(2).

السادس:

القيام تعظيماً لسماع اسمه المبارك عليه السلام، وبالأخص إذا كان باسمه المبارك (القائم) عليه السلام، كما استقرّت عليه سيرة الاماميّة كثّرهم الله تعالى في جميع بلاد العرب والعجم والترك والهند والديلم، وهذا كاشف عن وجود مصدر وأصل لهذا العمل ولو انّي لم اعثر لحدّ الآن عليه، ولكن المسموع من عدّة من العلماء وأهل الصلاح انّهم رأوا خبراً في هذا الباب، ونقل بعض العلماء انّه سأل عن هذا الموضوع العالم المتبحّر الجليل السيد عبد الله سبط المحدّث الجزائري، وقد أجاب هذا المرحوم في بعض تصانيفه انّه رأى خبراً مضمونه انّه ذكر يوماً اسمه المبارك عليه السلام في مجلس الامام الصادق عليه السلام، فقام عليه السلام تعظيماً واحتراماً له.

وهذه العادة متعارفة عند أهل السنة عند ذكر اسم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم المبارك.

وقال سيد أحمد المفتي الشافعي المكي المعاصر في سيرته: جرت العادة انّه إذا سمع الناس ذكر وصفه صلى الله عليه وآله وسلّم يقومون تعظيماً له، وهذا القيام مستحسن،

____________

1- سقط هذا المقطع من الترجمة.

2- راجع الخرائج: ج 1، ص 481.


الصفحة 475
لأن بهذا القيام تعظيم للنبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) وكثير من علماء السنة يعملون ذلك.

وقال في السيرة: حكى بعضٌ انّ الامام السبكي جمع عنده كثير من علماء عصره فعندما قرأ المنشد في مدحه صلى الله عليه وآله وسلّم:


قيل لمدح المصطفى الخطّ بالذهبعلى ورق من خط أحسن من كتب
وان تتهف الاشراف عند سماعهقياماً صفوفاً أو جثياً على الركب

قام في الحال الامام السبكي وجميع من كان في المجلس، فصار وجداً عظيماً في المجلس، انتهى.

السابع:

من التكاليف في ظلمات أيام الغيبة التضرّع والمسألة من الله تبارك وتعالى لحفظ الايمان والدين من تطرق شبهات الشياطين وزنادقة المسلمين فان زندقتهم متخفية بلباس ببعض الكلمات الحقّة مثل الحبة الحسنة الهيئة واللون التي يخفي الصياد تحتها الفخّ ويصيد بها الضعاف دائماً، ويدخل أباطيله في القلوب بتلك الكلمات الحقة، وبمثل هذا الفعل يشكل على أهل الديانة ويشتبه عليهم هل صح الوعد الذي واعد به الصادقون عليهم السلام؟

كما روى النعماني في غيبته عن الامام الصادق عليه السلام انّه قال:

" انّ لصاحب هذا الأمر غيبة، المتسمك فيها بدينه كالخارط لشوك القتاد بيده، ثمّ اطرق مليّاً، ثم قال: انّ لصاحب هذا الأمر غيبة فليتّق الله عبد، وليتمسّك بدينه "(1).

ولذلك أمروا بقراءة بعض الأدعية، ونحن ننقل جملة منها:

____________

1- راجع الغيبة (النعماني): ص 169، الباب 10، ح 11.


الصفحة 476
الأول:

روى الشيخ النعماني في الغيبة، والكليني في الكافي بأسانيد متعددة عن زرارة انّه قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: انّ للغلام غيبة قبل أن يقوم، قال: قلت: ولِمَ؟ قال: يخاف ـ وأومأ بيده إلى بطنه ـ ثمّ قال: يا زرارة وهو المنتظر، وهو الذي يشكّ في ولادته، منهم من يقول: مات أبوه بلا خلف، ومنهم من يقول: حمل، ومنهم من يقول: انّه ولد قبل موت أبيه بسنتين، وهو المنتظر غير انّ الله عزوجل يحبّ أن يمتحن الشيعة، فعند ذلك يرتاب المبطلون يا زرارة، قال: قلت: جعلت فداك إن أدركت ذلك الزمان أيّ شيء أعمل؟ قال: يا زرارة إذا أدركت هذا الزمان فادع بهذا الدعاء: " اللهمّ عرّفني نفسك فانّك إن لم تعرّفني نفسك لم أعرف نبيّك، اللهمّ عرّفني رسولك، فانّك إن لم تعرّفني رسولك لم أعرف حجّتك، اللهمّ عرّفني حجّتك، فانّك إن لم تعرّفني حجّتك ضللت عن ديني " ثمّ قال: يا زرارة لابدّ من قتل غلام بالمدينة، قلت: جعلت فداك أليس يقتله جيش السفياني؟ قال: لا، ولكن يقتله جيش آل بني فلان يجيء حتّى يدخل المدينة ولا يدري الناس في أي شيء دخل فيأخذ الغلام فيقتله، فاذا قتله بغياً وعدواناً وظلماً لا يمهلون، فعند ذلك توقّع الفرج إن شاء الله(1).

الدعاء الثاني:

روى الشيخ الطوسي في الغيبة(2)، والصدوق في كمال الدين بأسانيد معتبرة

____________

1- راجع الكافي ـ الأصول ـ (الكليني): ج 1، ص 337 ـ الغيبة (النعماني): ص 166 - 167، باب 10، ح 6 ـ البحار: ج 52، ص 146، ح 70 ـ كمال الدين (الصدوق): ص 342، ح 24 ـ حلية الأبرار (السيد هاشم البحراني): ج 2، ص 443 ـ اعلام الورى (الطبري): ص 405 وغيرها.

2- أقول لم يرو الشيخ الطوسي هذا الدعاء في (الغيبة) وانما رواه في (مصباح المتهجد)، ولعل الاشتباه من النساخ أو غير ذلك والله اعلم.


الصفحة 477
صحيحة(1) ; انّ الشيخ العمريّ قدّس الله روحه النائب الأول لصاحب الأمر عليه السلام املاه على أبي علي محمد بن همام وأمره أن يدعو به وهو الدّعاء في غيبة القائم عليه السلام.

" اللهمّ عرّفني نفسك، فانّك إن لم تعرّفني نفسك لم أعرف رسولك(2)، اللهمّ عرّفني رسولك(3)، فانك إن لم تعرّفني رسولك(4)، لم أعرف حجّتك، اللهمّ عرّفني حجّتك فانّك إن لم تعرّفني حجّتك ضللت عن ديني، اللهمّ لا تمتني ميتة جاهليّة، ولا تُزِغْ قلبي بعد إذ هديتني، اللهمّ(5) فكما هديتني بولاية من فرضت طاعته عليّ من(6)ولاة أمرك بعد رسولك صلواتك عليه وآله حتى واليت ولاة أمرك أمير المؤمنين(7) والحسن والحسين وعليّاً ومحمّداً وجعفراً وموسى، وعليّاً ومحمّداً وعليّاً والحسن والحجّة القائم المهديّ صلوات الله عليهم أجمعين، اللهمّ فثبّتني على دينك واستعملني بطاعتك، وليّن قلبي لوليّ أمرك، وعافني ممّا امتحنت به خلقك، وثبّتني على طاعة وليّ أمرك الذي سترته عن خلقك، فباذنك غاب عن بريّتك،وأمرك ينتظر، وأنت العالم غير معلّم بالوقت الذي فيه صلاح أمر وليّك في الإذن له بإظهار أمره وكشف ستره، فصبّرني على ذلك حتّى لا اُحبّ تعجيل ما أخّرت ولا تأخير ما عجّلت، ولا أكشف عمّا سترته، ولا أبحث عمّا كتمته، ولا اُنازعك في تدبيرك، ولا أقول: لِمَ وكيف؟ وما بال وليّ الأمر لا يظهر؟ وقد امتلأت الأرض من الجور؟ وأفوّض اُموري كلّها اليك.

اللهمّ انّي أسألك أن تُريني وليّ أمرك ظاهراً نافذاً لأمرك(8) مع علمي بأنّ لك

____________

1- فصلنا الحديث عن أسانيد هذا الدعاء وتصحيحها في كتابنا (أوراد السالكين).

2 و 3 و 4- في بعض نسخ كمال الدين (نبيّك) بدل (رسولك) وأما في الترجمة وفي المصباح فقد ثبت (رسولك).

5- هكذا في كمال الدين والمصباح، وأما في الترجمة: " ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني لولاية مَنْ فرضت طاعته علي.. ".

6- في الترجمة زيادة (ولاية ولاة... الخ) وثبتنا ما في كمال الدين والمصباح.

7- هكذا في كمال الدين والمصباح، وأما في الترجمة ففيها زيادة (علي بن أبي طالب).

8- هكذا في كمال الدين المطبوع، وأما في المصباح والترجمة (نافذاً لأمر).


الصفحة 478
السلطان والقدرة والبرهان والحجّة والمشيئة والارادة والحول والقوّة، فافعل ذلك بي وبجميع المؤمنين حتّى ننظر إلى وليّك صلواتك عليه وآله ظاهر المقالة، واضح الدّلالة، هادياً من الضلالة، شافياً من الجهالة، أبرز يا ربّ مشاهده(1)، وثبّت قواعده، واجعلنا ممّن تقرّ عينه برؤيته، وأقمنا بخدمته، وتوفّنا على ملّته، واحشرنا في زمرته.

اللهمّ أعذه من شرّ جميع ما خلقت وبرأت وذرأت وأنشأت وصوّرت، واحفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه ومن تحته بحفظك الذي لا يضيع من حفظته به، واحفظ فيه رسولك ووصيّ رسولك، اللهمّ ومدّ في عمره، وزد في أجله وأعنه على ما أوليته واسترعيته، وزد في كرامتك [ له ](2) [ عليه السلام ] فانّه الهادي المهدي(3) والقائم المهتدي(4)، الطاهر التقيّ النقيّ الزكيّ(5) الرضي المرضيّ، الصابر المجتهد الشكور(6).

اللهمّ ولا تسلبنا اليقين لطول الأمد في غيبته وانقطاع خبره عنّا، ولا تُنسنا ذكره وانتظاره والايمان وقوّة اليقين في ظهوره والدّعاء له والصلاة عليه حتى لا يقنّطنا طول غيبته من [ ظهوره ](7) وقيامه، ويكون يقيننا في ذلك كيقيننا في قيام رسولك(8)صلواتك عليه وآله، وما جاء به من وحيك وتنزيلك، وقوّ قلوبنا على الايمان به حتّى تسلك بنا [على يده ](9) منهاج الهدى والمحجّة العظمى، والطريقة الوسطى، وقوّنا

____________

1- هكذا في كمال الدين، وأما في المصباح والترجمة (مشاهدته) بدل (مشاهده).

2- هذه الزيادة في كمال الدين.

3- في الكمال (المهتدي).

4- في الكمال (مهدي).

5- في الترجمة والمصباح (التقي الزكي النقي).

6- في الترجمة والمصباح (الصابر الشكور المجتهد).

7- هذه الزيادة في كمال الدين.

8- في الترجمة (في قيام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم).

9- هذه الزيادة في الكمال.


الصفحة 479
على طاعته، وثبّتنا على مشايعته(1) واجعلنا في حزبه وأعوانه وأنصاره، والرّاضين بفعله ولا تسلبنا ذلك في حياتنا ولا عند وفاتنا حتّى تتوفّانا ونحن على ذلك لا(2)شاكّين ولا ناكثين ولا مرتابين ولا مكذّبين.

اللهمّ عجّل فرجه وأيّده بالنصر، وانصر ناصريه، واخذل خاذليه، ودمدم(3)على من نصب له وكذّب به، وأظهر به الحقّ، وأمت به الجور(4)، واستنقذ به عبادك المؤمنين من الذّل، وأنعش به البلاد، واقتل به جبابرة الكفر، واقصم به رؤوس الضلالة، وذلّل به الجبّارين والكافرين، وأبر به المنافقين والناكثين وجميع المخالفين والملحدين في مشارق الأرض ومغاربها، وبرّها وبحرها، وسهلها وجبلها حتّى لا تدع منهم ديّاراً ولا تبقي لهم آثاراً، وطهّر(5) منهم بلادك، واشف منهم صدور عبادك،وجدّد به ما امتحى من دينك، وأصلح به ما بُدّل من حُكمك، وغُيّر من سنّتك حتّى يعود دينك به وعلى يديه غضّاً جديداً صحيحاً لا عوج فيه ولا بدعة معه حتى تُطفئ بعدله نيران الكافرين، فانّه عبدك الذي استخلصته لنفسك وارتضيته لنُصرة نبيّك، واصطفيته بعلمك، وعصمته من الذّنوب وبرأته من العيوب، وأطلعته على الغيوب، وأنعمت عليه وطهّرته من الرّجس ونقّيته من الدّنس.

اللهم فصلّ عليه وعلى آبائه الائمة الطاهرين، وعلى شيعتهم المنتجبين، وبلّغهم من آمالهم أفضل ما يأملون، واجعل ذلك منّا خالصاً من كلّ شكّ وشبهة ورياء وسمعة حتّى لا نريد به غيرك ولا نطلب به الّا وجهك.

اللهمّ إنّا نشكو اليك فقد نبيّنا، وغيبة وليّنا، وشدّة الزّمان علينا، ووقوع الفتن

____________

1- في الكمال بدل (مشايعته) (متابعته).

2- في الكمال بدل (لا) (غير).

3- في بعض نسخ الكمال (ودمر).

4- في الكمال (الباطل) بدل (الجور).

5- في الكمال (وتطهر).


الصفحة 480
[ بنا ]، وتظاهر الأعداء [ علينا ](1)، وكثرة عدوّنا، وقلّة عددنا.

اللهمّ فافرج ذلك(2) بفتح منك تعجّله، ونصر منك تعزّه، وامام عدل تُظهره اله الحقّ [ آمين ](3) ربّ العالمين.

اللهمّ إنّا نسألك أن تأذن لوليّك في اظهار عدلك في عبادك، وقتل أعدائك في بلادك حتّى لا تدع للجور يا ربّ دعامة الّا قصمتها ولا بنيّة الّا أفنيتها، ولا قوّة الّا أوهنتها، ولا ركناً الّا هددته، ولا حداً الّا فللته، ولا سلاحاً الّا أكللته، ولا راية الّا نكستها، ولا شجاعاً الّا قتلته، ولا جيشاً الّا خذلته، وارمهم يا ربّ بحجرك الدّامغ، واضربهم بسيفك القاطع، وببأسك الذي لا تردّه عن القوم المجرمين، وعذّب أعداءك وأعداء دينك وأعداء رسولك بيد وليّك وأيدي عبادك المؤمنين.

اللهمّ اكف وليّك وحجّتك في أرضك هول عدوّه وكِد من كاده، وامكر بمن مكر به، واجعل دائرة السّوء على من أراد به سوءاً، واقطع عنه مادّتهم، وارعب له قلوبهم، وزلزل [ له ](4) اقدامهم، وخذهم جهرة وبغتة، وشدّد عليهم عذابك(5)، واخزهم في عبادك، والعنهم في بلادك، وأسكنهم أسفل نارك، وأحط بهم أشدّ عذابك، وأصلهم ناراً واحش قبور موتاهم ناراً، وأصلهم حرّ نارك، فانّهم أضاعوا الصلاة واتّبعوا الشهوات وأضلّوا(6) عبادك، [ وأخربوا بلادك ](7).

اللهمّ وأحي بوليّك القرآن، وأرنا نوره سرمداً لا ظلمة(8) فيه، وأحي به

____________

1- هذه الزيادة في الكمال.

2- في الترجمة زيادة (عنّا).

3- سقطت من الكمال.

4- هذه الزيادة في الكمال.

5- في الكمال (عقابك).

6- في الكمال (وأذلّوا) بدل (وأضلوا).

7- هذه الزيادة في الترجمة.

8- في المصباح (ليل) بدل (ظلمة).