وقال: المقتول الحسين عليه السلام، ووليّه القائم، والاسراف في القتل أن يقتل غير قاتله { انّه كان منصوراً } انّه لا يذهب من الدّنيا حتى ينتصر برجل من آل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم، يملأ الأرض قسطاً وعدلا، كما ملئت جوراً وظلماً "(2).
وروي في تفسير علي بن ابراهيم انّه قال:
" { اذن للَّذِينَ يُقَاتِلُونَ بِأَنَّهُمْ ظَلَمُوا وَاِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِير }(3)... نزلت في القائم إذا خرج يطلب بدم الحسين عليه السلام.. "(4).
____________
1- الآية 33 من سورة الاسراء، وينتهي المقطع الذي نقله المؤلف رحمه الله من الرواية الأولى وهي في تفسير العياشي: ج 2، ص 290، ح 65 ـ ونصّ الرواية ما يلي:
" عن جابر عن ابي جعفر عليه السلام قال: نزلت هذه الآية في الحسين عليه السلام: " ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليّه سلطاناً فلا يسرف في القتل " قاتل الحسين " انّه كان منصوراً " قال الحسين عليه السلام ".
2- يبدو انّ المؤلف رحمه الله قد جمع بين صدر الرواية الأولى، وتتمّة الرواية الثانية وهي تفسير العياشي: ج 2، ص 290، ح 67:
" عن سلام بن المستنير عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: " ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليّه سلطاناً فلا يسرف في القتل انّه كان منصوراً " قال: هو الحسين بن علي عليه السلام قتل مظلوماً ونحن اولياؤه... إلى آخر الحديث المنقول في المتن.
3- الآية 39 من سورة الحج.
4- هكذا في الترجمة، ولكن في المصدر والمراجع التي نقلت عنه الرواية هكذا: " علي بن ابراهيم حدّثني ابن أبي عمير عن أبن مسكان عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: (اذن للذين يقاتلوا بأنهم ظلموا وانّ الله على نصرهم لقدير) قال: انّ العامة يقولون: نزلت في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم لما أخرجته قريش من مكّة، وانما هو القائم عليه السلام إذا خرج يطلب بدم الحسين عليه السلام... الخ ".
راجع البرهان (السيد هاشم البحراني): ج 3، ص 94، ح 10 ـ البحار (المجلسي): ج 51، ص 47، ح 7 ـ تفسير علي ابن ابراهيم: ج 1، ص 84.
وقد ذكر في احدى الزيارات الجامعة في السلام عليه عليه السلام.
" السلام على الامام العالم الغائب عن الأبصار، والحاضر في الأمصار، والغائب عن العيون، والحاضر في الأفكار، بقيّة الأخيار، وارث ذي الفقار، الذي يظهر في بيت الله الحرام ذي الأستار، وينادي بشعار يا لثارات الحسين، أنا الطالب بالأوتار، وأنا قاصم كلّ جبار ".
وروى الشيخ البرقي رحمه الله في كتاب (المحاسن) وابن قولويه عليه الرحمة في كامل الزيارة عن الامام الصادق عليه السلام انّه قال:
" وكّل الله تعالى بالحسين عليه السلام سبعين ألف ملك يصلون عليه كلّ يوم، شعثاً غبراً منذ يوم قتل إلى ما شاء الله، يعني(2) بذلك قيام القائم عليه السلام "(3).
____________
1- في البحار:، 52، ص 308 عن السيد علي بن عبد الحميد باسناده إلى كتاب الفضل بن شاذان عن الامام الصادق عليه السلام في حديث طويل، وفيه صفة اصحاب المهدي عليه السلام، قال عليه السلام: "... ويتمنّون أن يقتلوا في سبيل الله، شعارهم: يا لثارات الحسين، إذا ساروا سار الرعب امامهم مسيرة شهر، يمشون إلى المولى ارسالا، بهم ينصر الله امام الحق ".
2- قال المؤلف رحمه الله: " قال الراوي: يعني بذلك.. الحديث ".
3- راجع كامل الزيارات (ابن قولويه): ص 84، باب 27، ح 5 ـ البحار: ج 45، ص 222، ح 9 ـ وذكر المصحح انّه نقله عن المحاسن ولكنّه صححه بالرواية عن كامل الزيارات.
أقول: وقد راجعنا المحاسن المطبوع فلم نجد الرواية فيه، ولعلّ الاشتباه الذي وقع في نقل المؤلف رحمه الله كان لاعتماده على ما في البحار، والله العالم.
أقول: وفي امالي الشيخ الصدوق رحمه الله: ص 112، المجلس 27، ح 5 عن الامام الرضا عليه السلام في خبر طويل وفيه: " ولقد بكت السماوات السبع والأرضون لقتله، ولقد نزل إلى الأرض من الملائكة أربعة آلاف لنصره، فوجدوه قد قُتل، فهم عند قبره شعث غبر الى أن يقوم القائم، فيكونون من أنصاره وشعارهم: يا لثارات الحسين... الحديث ".
" لمّا ضرب الحسين بن علي عليه السلام بالسيف، ثمّ ابتدر ليقطع رأسه، نادى مناد من قبل ربّ العزّة تبارك وتعالى من بطنان العرش، فقال: ألا أيّتها الأمة المتحيّرة الظالمة بعد نبيّها لا وفّقكم الله لأضحى، ولا فطر، قال: ثم قال أبو عبد الله: لا جرم والله ما وفقوا، ولا يوفقون أبداً حتى يقوم ثائر الحسين عليه السلام(1) "(2).
وروى أيضاً عن أبي الصلت الهروي انّه قال:
قلت لأبي الحسن الرّضا عليه السلام: يا ابن رسول الله ما تقول في حديث روي عن الصّادق عليه السلام انّه قال: إذا خرج القائم قتل ذراري قتلة الحسين عليه السلام بفعال آبائها؟ فقال عليه السلام: هو كذلك، فقلت: وقول الله عزّوجل { وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةَ وِزْرَ اُخْرى }(3) ما معناه؟ قال: صدق الله في جميع أقواله، ولكن ذراري قتلة الحسين يرضون بفعال آبائهم، ويفتخرون بها، ومن رضي شيئاً كان كمن أتاه، ولو انّ رجلا قتل بالمشرق فرضي بقتله رجل بالمغرب لكان الراضي عند الله عزوجل شريك القاتل، وانّما يقتلهم القائم عليه السلام إذا خرج لرضاهم بفعل آبائهم(4).
وفي زيارة عاشوراء تكرّر الطلب من الله تعالى للثأر لسيد الشهداء عليه السلام مع امام ظاهر ناطق مهديّ منصور من آل محمد عليهم السلام.
وتكرّر من الائمة وأصحابهم التعزية بالنثر والنظم لتلك المصيبة العظيمة والرزيّة الجليلة بظهور قائم آل محمّد عليهم السلام.
فيوم عاشوراء كما انّه يوم ظهوره عليه السلام، وهو يوم الغاية العظمى بزوال
____________
1- قال المؤلف رحمه الله: " يعني الامام القائم عليه السلام ".
2- الأمالي (الصدوق): ص 142، المجلس 31، ح 5.
3- من الآية 164 من سورة الأنعام.
4- راجع علل الشرائع (الصدوق): ص 229، باب 164، ح 1 ـ وعيون أخبار الرضا (الصدوق): ج 1، ص 273، باب 28، ح 5 ـ البحار: ج 45، ص 295، باب 45، ح 1.
ومن الأعمال الجليلة لذلك اليوم اللعن ألف مرّة على قاتل سيد الشهداء عليه السلام وطلب الهلاك لمحاربي الحجج عليهم السلام وطلب الفرج لآل محمّد عليهم السلام وهو من فقرات دعاء يقرأ في القنوت:
" اللهمّ انّ سبلك ضائعة، وأحكامك معطّلة، وأهل نبيّك في الأرض هائمة، كالوحش السائمة.
اللهمّ أعلِ الحقّ، واستنقذ الخلق، وامنن علينا بالنجاة، واهدنا للايمان، وعجّل فرجنا بالقائم عليه السلام، واجعله لنا رداً، واجعلنا له رفداً " إلى أن يقول:
" اللهمّ ارحم العترة الضائعة المقتولة الذليلة من الشجرة الطيّبة المباركة.
اللهمّ أعلِ كلمتهم، وافلح حجّتهم وثبّت قلوبهم، وقلوب شيعتهم على موالاتهم، وانصرهم، وأعنهم، وصبرهم على الأذى في جنبك، واجعل لهم اياماً مشهودة، وأياماً معلومة كما ضمنت لأوليائك في كتابك المنزل، فانّك قلت: { وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ليَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِى الاَْرْضِ كَمَا اسْتخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَُيمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينهمُ الَّذِى ارْتَضى.. الآية }(1) ".
الرابع: " حين اصفرار الشمس إلى غروبها في كلّ يوم "
على حسب التقسيم الذي قسّمه العلماء لكلّ يوم من مطلع الفجر إلى غروب الشمس فانّهم قسموه إلى اثني عشر قسماً ولا فرق في ذلك بجميع الفصول، وقد
____________
1- من الآية 55 من سورة النور.
" فقد ذكرنا في كتاب (الأسرار المودعة في ساعات الليل والنهار) انّ كلّ ساعة من النهار يختصّ بها واحد من الائمة الأطهار، ولها دعاءان: احدهما نقلناه من خطّ جدّي أبي جعفر الطوسي رضوان الله عليه، والآخر من خطّ ابن مقلة [ المنسوب اليه (1)، وكلّ واحد منهم عليهم أفضل الصلوات كالخفير والحامي لساعته بمقتضى الروايات.
فالساعة الأولى لمولانا علي صلوات الله عليه... وعدّهم إلى أن قال:
" والساعة الثانية عشرة لمولانا المهدي صلوات الله عليهم.
وهذه الساعات يدعو الانسان في كلّ ساعة منها بما يخصّها من الدعوات، سواء كان نهار الصيف الكامل الساعات، أو نهار الشتاء القصير الأوقات، لأنّ الدعوات تنقسم اثني عشر قسماً، كيف كان مقدار ذلك النهار، بمقتضى الأخبار.
فاذا اتّفق خروجك للسفر في ساعة يختصّ بها أحد الائمة الحماة، الذين جعلهم الله ـ جلّ جلاله ـ سبباً للنجاة، فقل ما معناه: اللهمّ بلّغ مولانا ـ فلاناً صلوات الله عليه ـ انّني اُسلّم عليه، وانّني أتوجّه إليه باقبالك عليه، في أن يكون خفارتي وحمايتي وسلامتي وكمال سعادتي ضمانها بك عليه، حيث قد توجّهت في الساعة التي جعلته كالخفير فيها وحديثها في ذلك إليه.
وتقول إذا نزلت منزلا في ساعة تختصّ بواحد منهم أو رحلت منه، فتسلّم على ذلك الامام بما يقرّبك منه، وتخاطبه في ضمان ما يتجدّد في ساعته، فلولا أنّ الله ـ جلّ جلاله ـ أراد ذلك منك ما دلّك عليه، وإذا عملت بهذا هداك الله ـ جلّ جلاله ـ إليه صارت حركاتك وسكناتك في أسفارك، عبادة وسعادة لدار قرارك "(2).
____________
1- سقطت من الترجمة.
2- راجع الأمان من الأخطار (السيد ابن طاووس): ص 102، الطبعة المحققة.
وأما الدعاءان المختصّان بامام العصر عليه السلام اللذان يقرآن في الساعة الثانية عشرة، فأوّله هو:
" يا من توحّد بنفسه عن خلقه يا من غني عن خلقه بصنعه، يا من عرّف نفسه خلقه بلطفه، يا من سلك بأهل طاعته مرضاته، يا من أعان أهل محبّته على شكره، يا من منّ عليهم بدينه ولطف لهم بنائله، اسألك بحقّ وليّك الخلف الصالح بقيّتك في أرضك المنتقم لك من اعدائك وأعداء رسولك وبقيّة آبائه الصالحين محمّد بن الحسن، وأتضرّع إليك به وأقدّمه بين يدي حوائجي ورغبتي اليك أن تصلّي على محمّد وآل محمد وأن تفعل بي كذا وكذا، وأن تدركني(1) وتنجيني ممّا أخاف وأحذر(2)وألبسني به عافيتك وعفوك في الدنيا والآخرة وكن له وليّاً وحافظاً وناصراً وقائداً وكالئاً وساتراً حتّى تسكنه أرضك طوعاً وتمتّعه فيها طويلا يا أرحم الراحمين ولا حول ولا قوّة الّا بالله العليّ العظيم فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم، اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد أولي الأمر الذين أمرت بطاعتهم وأولي الأرحام الذين أمرت بصلتهم وذوي القربى الذي أمرت بمودّتهم والموالي الذين أمرت بعرفان حقّهم وأهل البيت الذين أذهبت عنهم الرجس وطهّرتهم تطهيراً أن تصلّي على محمّد وآل محمد وأن تفعل بي كذا وكذا "(3).
وأمّا الدعاء الثاني فهو:
____________
1- في المصباح للكفعمي والبلد الأمين (وأن تداركني به).
2- في المصباح للكفعمي والبلد الأمين (ممّا أخافه وأحذره).
3- راجع المصباح للكفعمي: ص 146 ـ البلد الأمين (الكفعمي): ص 145 ـ البحار: ج 86، ص 354 - 355 ـ مصباح المتهجّد: ص 465.
وقال الشيخ ابراهيم الكفعمي بعد نقل هذه الأدعية:
" هذه الأدعية(4) ليست في متهجّد الطوسي رحمه الله، ورأيتها في كتاب بعض
____________
1- في مصباح الكفعمي (ويرجع).
2- سقط (أن) في مصباح الكفعمي.
3- راجع المصباح (الكفعمي): ص 147 ـ فلاح السائل (الشيخ البهائي): ص 226 - 229 ـ البحار (المجلسي): ج 86، ص 355 - 356.
4- في المصدر زيادة كلمة (الساعات) هكذا، ولعلّها (للساعات) أو (هذه أدعية الساعات) والله العالم، ولكن هذه الكلمة ساقطة في الترجمة.
ولا يخفى انّ الدعاء الأوّل الذي نقلناه يطابق ما نقله السيد ابن باقي في اختياره والعلامة في منهاج الصلاح، ولكن الشيخ الطوسي نقله في المصباح إلى: " أن تصلّي على محمّد وآل محمّد وأن تفعل بي كذا وكذا "(3).
وليست فيه الزيادة الموجودة في الدعاء لكلّ امام. واستظهر الكفعمي ان هذه الزيادة من السيّد ابن باقي أخذها من خبر أبي الوفاء الشيرازي المتقدّم في الباب التاسع، ولهذا أمر في ذلك الخبر انّه لكلّ امام يطلب منه شيء فندعو ونتوسّل إلى ذلك الامام بذلك المطلب، وقد حسّن ذلك(4).
ولم يبقَ خافياً: انّ مع شياع وتكرّر هذين النوعين من الأدعية للساعات الّا انّه لم يعرف لحدّ الآن انتهاء سندها إلى أي امام، وقد فهم الفاضل الألمعي الميرزا عبد الله الاصفهاني في الصحيفة السجادية الثالثة انّ كلّ دعاء صادر من الامام الذي نسب
____________
1- في الترجمة فسّر العبارة بما تعريبه (ولكنّي رأيتها في بعض كتب أصحابنا) والله العالم.
2- راجع المصباح (الكفعمي): ص 147، في الحاشية.
3- راجع مصباح المتهجّد (الطوسي): ص 465 ـ وقد حذف من الدعاء " وأن تداركني... إلى اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد أولي الأمر.. الدعاء ".
4- قال الشيخ الكفعمي في المصباح: ص 133 " وأما الزيادة التي ذكرناها في آخر أدعية الساعات ولم يذكرها الشيخ الطوسي رحمه الله وذكرها السيّد ابن باقي رحمه الله في اختياره، ولقد أحسن في وضعه لهذه الزيادة في أدعية الساعات لأنها مناسبة بحديث إذا توسلت لأمور الدنيا والآخرة فتوسّل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلّم وسبطيه عليهما السلام، وأما علي عليه السلام فهو ينتقم لك ممن ظلمك، وأما علي بن الحسين عليهما السلام فللنجاة من السلاطين ونفث الشياطين، ومحمّد بن علي وجعفر بن محمّد عليهما السلام فللآخرة وما يتّبعها من طاعة الله، وموسى بن جعفر عليه السلام فالتمس به العافية من الله، وعلي بن موسى عليه السلام فاطلب به السلامة في البراري والبحار، ومحمّد بن علي عليه السلام فالتمس به الرزق من الله تعالى، وعلي بن محمّد عليه السلام فللموالي والأخوان وما يكون من طاعة الله والحسن بن علي عليه السلام فالتمس به الآخرة، وصاحب الزمان صلوات الله عليه وعليهم إذا بلغ السيف منك المذبح فاستعن به يعينك إن شاء الله تعالى " انتهى.
الخامس: " عصر يوم الاثنين "
السادس: " عصر يوم الخميس "
وفي هذا الوقت تعرض أعمال العباد على امام العصر عليه السلام، كما انّها في عصر كلّ امام كانت تعرض عليه عليه السلام، وكذلك في زمان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم.
والأخبار في هذا الباب كثيرة، وفي أغلبها لم يصرّح بالعصر، ولكن يوافق ما اشير إليه بالبعض الآخر، مع انّ الشيخ الطبرسي قال في تفسير مجمع البيان في ذيل الآية الشريفة:
{ وَقُل اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُوله وَالْمُؤمِنُون }(1).
" وروى أصحابنا ان أعمال الأمة تعرض على النبي صلى الله عليه وآله وسلّم في كلّ اثنين وخميس فيعرفها، وكذلك تعرض على ائمة الهدى عليهم السلام فيعرفونها، وهم المعنيّون بقوله { وَالْمُؤمِنُون } "(2).
ومن الغريب ما قاله الشيخ أبو الفتوح الرازي في تفسيره انّه جاء في الأخبار انّ أعمال الأمة تعرض في ليلة كلّ اثنين وخميس على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم والائمة عليهم السلام، والمراد من المؤمنين هم الائمة المعصومين.
وروي في أمالي الشيخ الطوسي والبصائر عن داود الرقي قال:
____________
1- من الآية 105 من سورة التوبة.
2- راجع مجمع البيان: ج 6، ص 135.
" يا داود! لقد عرضت اعمالكم يوم الخميس فرأيت منها عرض عليّ مِنْ عملك صلتك لابن عمك فلان، فسرّني ذلك، انّي علمت صلتك له اسرع لفناء عمره، وقطع أجله.
قال داود: وكان لي ابن عمّ معانداً ناصباً، خبيثاً، بلغني عنه وعن عياله سوء حال، فصككت له نفقة قبل خروجي إلى مكّة، فلمّا صرت في المدينة أخبرني أبو عبد الله عليه السلام بذلك "(1).
وروى الصفار أيضاً في بصائر الدرجات عنه عليه السلام انّه قال:
" تعرض الأعمال يوم الخميس على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) وعلى الائمة (عليهم السلام) "(2).
وفي خبر آخر قال عليه السلام:
" انّ أعمال العباد تعرض على نبيّكم كلّ عشية الخميس فليستحي أحدكم أن تعرض على نبيّه العمل القبيح "(3).
وروى أيضاً عن يونس، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سمعته يقول في الامام(4) حين ذكر يوم الخميس، فقال:
____________
1- الأمالي (الطوسي): ص 426، الجزء 14 ـ وفي بصائر الدرجات (الصفار): ج 9، ص 429، باب 26، ح 4.
2- راجع بصائر الدرجات (الصفار): ص 426، ج 9، باب 4، ح 16.
3- راجع بصائر الدرجات (الصفار): ص 426، الطبعة الحديثة، ج 9، باب 4، ح 14 ـ والظاهر انّ الأفصح (يعرض) بدل (تعرض) ولكن في النسخة الحجريّة (تعرض) كذلك، ولعلّه من اشتباه النسّاخ ـ وفي البحار: ج 23، ص 344 (يعرض) ـ والرواية رواها الصفّار في البصائر عن الامام الباقر عليه السلام.
4- في الترجمة (الأيام) بدل (الامام) ولعلّه اشتباه مطبعي أو من النساخ، والّا ففي البصائر المطبوع بالطبعة الحديثة، وكذلك بالطبعة الحجرية (الامام)، ولكن في البحار: ج 23، ص 346 (الأيام) أيضاً.
وروى ايضاً عن عبد الله بن أبان انّه قال: " قلت للرضا عليه السلام، وكان بيني وبينه شيء: ادع الله لي ولمواليك.
فقال: والله انّ أعمالكم لتعرض عليّ في كلّ خميس "(2).
ويقول السيد الجليل علي بن طاووس في رسالة (محاسبة النفس):
" انّي رأيت ورويت في روايات متفقات عن الثقات انّ يوم الاثنين ويوم الخميس تعرض فيها الأعمال على الله جلّ جلاله.
وروي عن أهل البيت عليهم السلام: انّ في يوم الاثنين [ والخميس ](3) تعرض الأعمال على الله جلّ جلاله، وعلى رسوله (صلى الله عليه وآله وسلّم) وعلى الائمة (عليهم السلام) "(4).
ثمّ نقل عن جدّه الشيخ الطوسي رحمه الله انّه قال في تفسيره التبيان:
" روى [ اصحابنا ](5) انّ أعمال [ الأمّة ](6) تعرض على النبي صلى الله عليه وآله وسلّم في كلّ اثنين وخميس فيعرفها، وكذلك تعرض على الائمة عليهم السلام "(7).
وبعد نقله بعض الأخبار التي بهذا المضمون من طريق أهل السنّة، نقل عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم انّه قال:
____________
1- راجع بصائر الدرجات: ص 428، ج 9، باب 5، ح 9.
2- راجع بصائر الدرجات: ج 9، ص 430، باب 6، ح 8.
3- سقطت من المصدر المطبوع.
4- راجع محاسبة النفس (السيد ابن طاووس): ص 16.
5 و 6- سقطت هذه العبارة من الترجمة.
7- في الترجمة زيادة (فيعرفونها) وفي المصدر (القائمين مقامه وهم المعنيّون بقوله والمؤمنون).
يوم الاثنين، ويوم الخميس، فيغفر لكلّ عبد مؤمن(2) إلّا عبداً بينه وبين أخيه شحناء، فيقول: اتركوا أو اداركوا(3) هذين حتى يفيئا "(4).
وروي: " كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم يصوم الاثنين والخميس، فقيل له: لم ذلك؟
فقال صلى الله عليه وآله وسلّم: انّ الأعمال ترفع في كلّ اثنين وخميس وأحبّ أن يرفع عملي وأنا صائم "(5).
فقال السيد: " فينبغي أن يكون الانسان في يوم الاثنين والخميس متحفظاً بكلّ طريق في طلب التوفيق، وايّاه أن يكون في هذين اليومين مهملا للاستظهار في الطاعة بغاية الامكان، فانّ العقل والنقل يقتضيان انّ زمان عرض العبد على السلطان يكون مستعداً ومستحفظاً بخلاف غيره من الأزمان "(6).
وقال أيضاً في الفصل السابع من كتاب (جمال الأسبوع):
" ومن مهمّات يوم الاثنين انّه يوم عرض الأعمال على الله وعلى رسوله
____________
1- أي اسبوع.
2- في الترجمة (لكلّ عبد من عبيده).
3- قال السيد ابن طاووس رحمه الله في جمال الاسبوع (اتركوا، أو ارجئوا..).
4- راجع محاسبة النفس: ص 19 ونقل الرواية عن صحيح مسلم ـ وكذلك نقلها السيد ابن طاووس في كتابه جمال الأسبوع: ص 173 وفي صحيح مسلم عدّة روايات أما هذه الرواية فهي في: ج 8، ص 12.
وأنت خبير انّه ليس في نصّ الرواية تصريح بأن الأعمال تعرض على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم، وانما فيها (تعرض) بدون ذكر على مَنْ تعرض الأعمال نعم بالاستفادة من الروايات السابقة يتّضح ذلك، ولكن تلك الروايات شيعيّة وهم لا يقبلون تخصيص رواياتهم وشرحها بالروايات الشيعية الّا اللهمّ ما يمكن أن يقال انّنا يمكننا أن نستفيد من الروايات العامية لتأييد رواياتنا.
5 و 6- راجع محاسبة النفس (السيد ابن طاووس): ص 20.
ثمّ نقل جملة من أخبار الخاصّة والعامّة، وقال:
" وروي من طريق الخاصّة انّ وقت عرض الأعمال في هذين اليومين عند انقضاء نهارهما، فينبغي للعبد العارف بحرمة مَنْ تعرض أعماله عليه أن يتفقّدها ويصلحها بغاية ما ينتهي جهده إليه، ويتذكّر انّها تعرض على الله جلّ جلاله أولا العالم بالسرائر، ثمّ على خواصّه أهل المقام الباهر، وتحضر تلك الصحف بين يدي الله جلّ جلاله وبين أيديهم، وفيها فضائح الذنوب الكبائر والصغائر، فكيف يهون هذا عند عبد مصدّق بالله الملك(2) الأعظم العزيز القاهر، وباليوم الآخر "(3).
وأوصى في (كشف المحجة) ولده:
فأعرض حاجاتك عليه(4) كلّ يوم الاثنين ويوم الخميس من كلّ اسبوع لما يجب له من أدب الخضوع، وقل عند خطابه بعد السلام عليه بما ذكرناه.....(5) من الزيارة التي أوّلها:
سلام الله الكامل [ التام ](6)...(7).. إلى آخر ما تقدّم في الباب السابق، وقل:
" يا أيّها العزيز مسّنا وأهلنا الضّر، وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدّق علينا انّ الله يجزي المتصدّقين... " إلى آخر الكلمات الشريفة، وانّنا لم نقلها لأنّها لم تكن مروية، وهي مختصّة بالسادة(8).
____________
1- راجع جمال الأسبوع (السيد ابن طاووس): ص 172.
2- ذكر المؤلف رحمه الله نسخة بدل (المالك).
3- راجع جمال الأسبوع (السيد ابن طاووس): ص 172 ـ 174.
4- في الترجمة (على الامام المهدي صلوات الله عليه).
5- حذف المؤلف رحمه الله ترجمة هذه الجملة (في أواخر الأجزاء من كتاب (المهمّات) الخ.
6- سقطت من المصدر.
7 و 8- راجع كشف المحجّة (السيد ابن طاووس): ص 152.