الصفحة 91

ـ 14 ـ
مأتم آخر في بيت السيدة عائشة أمّ المؤمنين


أخرج ابن سعد صاحب الطبقات الكبرى قال: أخبرنا علىّ بن محمّد عن عثمان بن مقسم عن المقبري عن عايشة قالت: بينا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) راقد إذ جاء الحسين يحبو إليه فنحّيته عنه ثمّ قمت لبعض أمري فدنا منه فاستيقظ يبكي فقلت: ما يبكيك؟ قال: إنّ جبريل أراني التربة الّتي يقتل عليها الحسين، فاشتدّ غضب الله على من يسفك دمه، وبسط يده فاذا فيها قبضة من بطحاء فقال: يا عائشة والّذي نفسي بيده انه ليحزنني، فمن هذا من أمتي يقتل حسيناً بعدي؟.

اسناد صحيح رجاله كلّهم ثقات ألا وهم:

1- علىّ بن محمّد، كذا في المحكىّ عن الطبقات. والصحيح علىّ بن الجعد بن عبيد الجوهري أبو الحسن البغدادي المتوفّى 230 عن ستّ وتسعين سنة، من رجال البخاري وأبي داود، يروي عن عثمان بن مقسم وزمرة من أئمّة الحديث، وثّقه ابن معين وقال: ثقة صدوق، كان ربّانىّ العلم. وقال أبو زرعة: كان صدوقاً في الحديث، وقال أبو حاتم: كان متقناً صدوقاً. وقال صالح بن محمّد: ثقة. وقال النسائي: صدوق ووثّقه ابن قانع، ومطين.

ويحكى عن عبد الله بن أحمد بن حنبل لمّأ سئل: لِمَ لم تكتب عن علىّ بن الجعد؟ قوله: نهاني أبي أن أذهب إليه وكان يبلغه عنه أنّه يتناول أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) .

وقد سجّل له التاريخ ممّأ بلغ أحمد أموراً:

1- ذكروا عنده حديث ابن عمر: كنّا نفاضل على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فنقول: خير هذه الامّة بعد النبىّ (صلى الله عليه وآله وسلم): أبو بكر، وعمر، وعثمان. فيبلغ النبىّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فلا ينكر. فقال علىّ بن الجعد: انظروا إلى هذا الصبىّ هو لم يحسن أن يطلّق امرأته يقول: كنّا نفاضل.

2- قوله: ما يسؤني أن يعذّب الله معاوية: أو: ما أكره أن يعذّبه الله.


الصفحة 92
3- ذكر عثمان بن عفّان فقال: أخذ من بيت المال مائة ألف درهم بغير حقّ.

قال هارون بن سفيان: ولئن كان أخذها ما أخذها إلاّ بحقّ قال: لا والله ما أخذها إلاّ بغير حقّ(1).

2- عثمان بن مقسم البري أو سلمة الكندي. يروي عنه علىّ بن الجعد، قال ابن مهدي، عثمان البري ثقة ثقة. وقال عمرو بن علىّ: عثمان صدوق. وكان صاحب بدعة. وعن أحمد: كان رأيه رأي سوء.

3- المقبري سعيد ابن أبي سعيد أبو سعد المدني المتوفّى 117 ويقال غير ذلك من رجال الصحاح الستّ، وثّقه ابن سعد، وابن المديني، والعجلي، وأبو زرعة، والنسائي، وابن خراش وآخرون.

مصادر التراجم.

طبقات ابن سعد 5: 61، ج 7 ق 2: 80، تاريخ البخاري الكبير 2 ق 1: 434، ج 3 ق 2: 252، 266، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 3: 167 - 169، 178، تاريخ بغداد 11: 360 - 366، تهذيب التهذيب 4: 38 - 40، ج 8: 289 - 293، شذرات 1: 163، ج 2: 68.

وأخرج الحافظ ابن عساكر في تاريخ الشام ما يقرب من هذا الحديث عن أمّ سلمة قال أخبرنا أبو بكر محمّد بن الحسين نا أبو الحسين ابن المهتدي أنا أبو الحسن علىّ بن عمرة الحربي نا أحمد بن الحسن بن عبد الجبّار نا عبد الرحمان - يعني ابن صالح الأزدي - نا أبو بكر ابن عيّاش عن موسى بن عقبة عن داود قال: قالت أمّ سلمة: دخل الحسين على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ففزع، فقالت امّ سلمة: مالك يا رسول الله؟ قال: إنّ جبريل أخبرني أنّ ابني هذا يقتل، وأنّه اشتدّ غضب الله على من يقتله.

____________

1- الاراء حرة، وقول على بن الجعد في المواضع الثلاثة مدعم بالبرهنة لم يشذ عن رأى السلف الصالح. وقد فصلنا القول فيها في الجزء التاسع والعاشر من كتابنا الغدير.


الصفحة 93

ـ 15 ـ
مأتم في دار أمير المؤمنين على بن أبي طالب (عليه السلام)


أخرج الشريف النسّابة أبو الحسين العبيدلي العقيقيّ(1) في كتابه (أخبار المدينة) عن طريق مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: قال رضي الله عنه: زارنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فعملنا له خزيرة(2) وأهدت لنا امّ أيمن قعباً من لبن، وصحفة من تمر، فأكل رسول الله وأكلنا معه، ثمّ وضّأت رسول الله فمسح رأسه وجبهته ولحيته بيده ثمّ استقبل فدعا الله بما شاء، ثمّ أكبّ على الأرض بدموع غزيرة(3)، يفعل ذلك ثلاث مرّات، فتهيبّنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن نسأله، فوثب الحسين على ظهر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فبكى، فقال له: بأبي وأمّي ما يبكيك؟ قال: يا أبت رأيتك تصنع شيئاً ما رأيتك تصنع مثله، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : يا بنىّ سررت بكم اليوم سروراً لم أسرّ بكم مثله قطّ، وإنّ حبيببي جبريل أتاني وأخبرني أنّكم قتلى، وأنّ مصارعكم شتّى فأحزنني ذلك، ودعوت الله لكم بالخيرة.

وذكره السيّد محمّود الشيخانىّ المدني في كتابه (الصراط السوىّ) والكتاب موجود عندنا بخطّ يد المؤلّف ولله الحمد، أخذه من أخبار المدينة للشريف العقيقي وأخبار المدينة من أصول التاريخ الّتي يوثق بها، والمراجع الّتي قد عوّل عليه أعلام الدين ورجال التأليف في القرون الماضية وقد أكثر النقل عنه جمع من مشايخ العلم والحديث في تآليفهم.

____________

1- أبو الحسين يحيى بن الحسن بن جعفر الحجة ابن عبيد الله الاعرج ابن الحسين الاصغر ابن الامام على السجاد زين العابدين سلام الله عليه، المتوفى 277 عن أربع وستين سنة، يقال: انه أول من ألّف في نسب آل أبي طالب.

2- يقطع اللحم صغاراً ويصب عليه ماء كثير، فاذا نضج ذر عليه الدقيق، فان لم يكن فيها فهي عصيدة. وقيل: اذا كان من دقيق فهي حريرة، واذا كان من نخالة فهي خزيرة النهاية.

3- في رواية الزمخشري زيادة: مثل المطر.


الصفحة 94
وأخرجه الحافظ المؤيّد الخوارزمىّ في المقتل 2: 167 عن أبي القاسم محمود ابن عمر الزمخشري باسناده عن الحافظ الكبير أبي سعد السمّان إسماعيل ابن علىّ الرازي الزاهد العابد المتوفّى 445 بالاسناد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) .


الصفحة 95

ـ 16 ـ
مأتم في مجمع من الصحابة


أخرج الحافظ أبو القاسم الطبرانىّ في (المعجم الكبير) قال: حدّثنا الحسن بن العبّاس الرازىّ نا سليم بن منصور بن عمّار نا أبي.

ح: وحدّثنا أحمد بن يحيى بن خالد بن حيان الرقّي نا عمرو بن بكر بن بكار القعنبي نا مجاشع بن عمرو قالا: نا عبد الله بن لهيعة عن أبي قبيل حدّثني عبد الله ابن عمرو بن العاص أنّ معاذ بن جبل أخبره قال: خرج علينا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) متغيّر اللّون فقال: أنا محمّد أوتيت فواتح الكلام وخواتمه، فأطيعوني ما دمت بين أظهركم، فإذا ذهب بي فعليكم بكتاب الله عزّ وجلّ أحلّوا حلاله، وحرّموا حرامه أتتكم الموتة، أتتكم بالروح والراحة، كتاب الله من الله سبق، أتتكم فتن كقطع اللّيل المظلم، كلّما ذهب رسل جاء رسل، تناسخت النبوّة فصارت ملكاً، رحم الله من أخذها بحقّها، وخرج منها كما دخلها.

أمسك يا معاذ واحص، قال: فلمّا بلغت خمسة قال: يزيد لا يبارك الله في يزيد ثمّ ذرفت عيناه، ثمّ قال: نعي إلىّ حسين، واتيت بتربته، واخبرت بقالته، والّذي نفسي بيده لا يُقتل بين ظهرانىّ قوم لا يمنعوه إلاّ خالف الله بين صدورهم وقلوبهم، وسلّط عليهم شرارهم وألبسهم شيعا، ثمّ قال:

واهاً لفراخ آل محمّد من خليفة مستخلف مترف، يقتل خلفي وخلف الخلف.

الحديث.

الاسناد الأوّل جيّد حسن يحتجّ به في المقام، رجاله:

1- الحسن بن العبّاس بن أبي مهران الرازي أبو علىّ المقرىء المعروف بالجمال البغدادي المتوفّى 287، ترجم له الحافظ البغدادي وقال: كان ثقة. وقال ابن الجزري في الطبقات: شيخ عارف حاذق مصدر ثقة، إليه المنتهى في الضبط والتحرير.


الصفحة 96
2- سليم بن منصور بن عمّار أبو الحسن المروزىّ نزيل بغداد ترجم له الحافظ في تاريخ بغداد وقال بعد عدّ مشايخه: قال ابن أبي حاتم: روى عنه أبي، وسألته عنه فقلت له: أهل بغداد يتكلّمون فيه؟ فقال: مَـه سألت ابن أبي الثلج عنه فقلت له: إنّهم يقولون كتب عن ابن علية وهو صغير، فقال لا، هو كان أسنّ منّا.

تومىء هذه الكلمة الى ثقته وصحّة حديثه وصدقه.

3- منصور بن عامر بن كثير أبو السرىّ السلمىّ الواعظ نزيل بغداد صاحب المواعظ، بسط القول في ترجمته الحافظ الخطيب في تاريخ بغداد وفيه: قدم مصر وجلس يقصّ على الناس فسمع كلامه الليث بن سعد، فاستحسن قصصه وفصاحته، فذكر أنّ الليث قال له: يا هذا ما الّذي أقدمك إلى بلدنا؟ قال: طلبت أكتسب بها ألف دينار فقال له الليث: فهي لك على رصين كلامك هذا الحسن، ولا تبتذل، فأقام بمصر في جملة الليث بن سعد وفي جرايته إلى أن خرج عن مصر، فدفع إليه الليث ألف دينار، ودفع إليه بنو الليث أيضاً ألف دينار، فخرج فسكن بغداد وبها توفّى.

عناية مثل أبي الليث بن سعد بالرجل بكلّ تلك العناية تنبئ عن مبلغ استقامته وصدقه عنده، والليث كما قال الخليلي: كان إمام وقته بلا مدافعة، وقال ابن أبي مريم: ما رأيت أحداّ من خلق الله أفضل من ليث، وما كان خصلة يتقرّب بها إلى الله إلاّ كانت تلك الخصلة في الليث. وكان فقيهاً ثقة صدوقاً ثبتاً ورعاً من سادات أهل زمانه.

4- عبيد الله بن لهيعة أبو عبد الرحمن المصري المتوفّى 174 ويقال غير ذلك من رجال مسلم، وأبي داود، والترمذي، وابن ماجة، فصّلنا القول في ترجمته في الحديث الثاني والثلاثين من مسند ابن عبّاس من كتابنا الغدير، وبيّنّا هناك أنّه كان من خيار المتّقين، ثقة صحيح الكتاب لم يك له مثل في كثرة حديثه وضبطه وإتقانه.

5- أبو قبيل حُيىّ بن هانىء بن ناضر المعافري المصري المتوفّى 128 / 7 من رجال الترمذي، والنسائي، والبخاري في الأدب المفرد، وثّقه أحمد، وابن معين،

الصفحة 97
وأبو زرعة، وأحمد بن صالح، والفسوي، والعجلي وغيرهم.

6- عبد الله بن عمرو بن العاص أبو محمّد القرشي المتوفّى 63 ويقال غير ذلك صحابىّ عظيم، من رجال الصحاح الستّ، كان مجتهداً في العبادة غزير العلم.

مصادر التراجم:

تاريخ البخاري الكبير 2 ق 1: 70، ج 3 ق 1: 182، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 1 ق 2: 275، ج 2 ق: 45 - 148، ج 4 ق 1: 176، تاريخ بغداد 7: 397، ج 9: 232، ج 12: 71 - 79، طبقات القراء 1: 216، تهذيب التهذيب 3: 72، ج 5: 337، 373 - 379.

لفت نظر:

وأخرجه الحافظ ابن عساكر في تاريخ الشام عن عبد الله بن عمرو، وحكى الحافظ السيوطي شطراً منه في الجامع الكبير كما في ترتيبه 6: 223 وفيه: لا بارك الله في يزيد الطعّان اللعّان أما إنّه نعي إلىّ حبيبي وسخيلي حسين، اتيت بتربته، ورأيت قاتله أما إنّه لا يقتل بين ظهرانىّ قوم فلا ينصروه إلاّ عمّهم الله بعقاب.

وأخرجه الحافظ الخوارزمىّ في مقتل الحسين ص 160، 161 عن الطبرانىّ باسناديه ولفظه التامّ.


الصفحة 98

الصفحة 99

ـ 17 ـ
مأتم في حشد من الصحابة


أخرج الحافظ أبو بكر ابن أبي شيبة في المجلّد الثاني عشر من (المصنّف) قال: حدّثنا معاوية بن هشام عن علىّ بن صالح عن يزيد بن أبي زياد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود قال: بينما نحن عند رسول الله إذ أقبل فئة من بني هاشم فلمّا رآهم النبىّ (صلى الله عليه وآله وسلم) اغرورقت عيناه وتغيّر لونه، قال: فقلت له: ما نزال نرى في وجهك شيئاً تكرهه. قال: إنّا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا وإنّ أهل بيتي سيلقون بعدي بلاءً وتشريداً وتطريداً، حتّى يأتي قوم من قبل الشرق، معهم رايات سود يسألون الحقّ فلا يعطونه فيقاتلون فيضربون فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه حتّى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي، فيملأها قسطاً كما ملأوها جوراً، فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حبواً على الثلج.

وأخرجه الحافظ ابن ماجة في (السنن الصحيح) 2: 518 في باب خروج المهدىّ(عج) عن معاوية بن هشام بالاسناد.

وأخرجه الحافظ أبو جعفر العقيلي في ترجمة يزيد بن أبي زياد عن محمّد بن إسماعيل عن عمرو بن عون عن خالد عن يزيد ابن أبي زياد بالاسناد واللفظ، غير أنّ فيه: فقلنا يا رسول الله: إنا لا نسرّ نرى في وجهك الشىء تكرهه.

وأخرجه الحاكم في المستدرك 4: 464 بالاسناد بلفظ: أتينا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فخرج إلينا مستبشراً يعرف السرور في وجهه، فما سألناه عن شىء إلاّ أخبرنا به، ولا سكتنا إلاّ ابتدأنا حتّى مرّت فتية من بني هاشم فيهم الحسن والحسين، فلما رآهم التزمهم وانهملت عيناه، فقلنا: يا رسول الله ما نزال نرى في وجهك شيئاً تكرهه فقال: إنّا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنّه سيلقى أهل بيتي من بعدي تطريداً وتشريداً في البلاد. الحديث.

وأخرجه الحافظ أبو نعيم الاصبهاني في أخبار اصبهان 2: 12 بالاسناد.

وأخرجه الحافظ الطبراني في الجزء الثالث من المعجم الكبير بالاسناد بلفظ:


الصفحة 100
كان رسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يمرّ به الفتية من أهل بيته، فيتغيّر لذلك لونه، فمرّ به يوماً فتية من أهل بيته فتغيّر لذلك لونه. فقلنا يا رسول الله ما نزال نرى منك ما يشقّ علينا، الفتية من أهل بيتك يمرّون بك فيتغيّر لذلك لونك؟ فقال: إنّ أهل بيتي هؤلاء اختار الله لهم الآخرة ولم يختر لهم الدنيا.

وذكره جمع من الأعلام في ت آليفهم أخذاً من هذه الأصول.

اسناد ابن أبي شيبة:

صحيح رجاله كلّهم من رجال الصحاح ثقات، ألا وهم:

1- معاوية بن هشام القصّار أبو الحسن الكوفي المتوفّى 204 / 5 من رجال الصحاح الستّ غير البخاري.

2- علىّ بن صالح أبو محمّد الهمدانىّ الكوفي المتوفّى 151 / 4 من رجال الصحاح وثّقه جمع، وصحّح حديثه آخرون.

3- يزيد بن أبي زياد القرشىّ أبو عبد الله الكوفي المتوفّى 136 / 7 من رجال الصحاح، ثقة عدل.

4- ابراهيم بن يزيد النخعي الكوفي المتوفى 96، متّفق على ثقته، فقيه كبير من رجال الصحاح الستّ.

5- علقمة بن قيس النخعىّ المتوفّى 62 تابعىّ من رجال الصحاح الستّ.

واسناد العقيلي:

صحيح ايضاً رجالهم كلّهم ثقات، وهم:

1- محمّد بن إسماعيل أبو إسماعيل الترمذي المتوفّى 280 كان ثقة صدوقاً فهماً حافظاً متقناً مشهوراً بمذهب السنّة، وثّقه جمع وأثنى عليه آخرون بالصدق والأمانة والفقه والعلم.


الصفحة 101
2- عمرو بن عون بن أوس الواسطي البزّار المتوفّى 225 من رجال الصحاح الستّ وثّقه العجلي ومسلمة وأبو حاتم وقال: ثقة حجّة، وآخرون.

3- خالد بن عبد الله الواسطي المتوفّى 179، من رجال الصحاح الستّ، حافظ ثقة صحيح الحديث، وثّقه ابن سعد، وأبو زرعة، والنسائي، وأبو حاتم، والترمذي وغيرهم.

مصادر التراجم:

تاريخ البخاري الكبير 1 ق 1: 334، ج 2 ق 1: 147، ج 3 ق 2: 280 ج 3 ق 2: 361، ج 4 ق 1: 41، 337، ج 4 ق 2: 334.

طبقات ابن سعد الكبرى 6: 57، 188، 237، 260، 282، ج 7 ق 2: 61، 73.

الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 1 ق 1: 145، ج 1 ق 2: 340، ج 3 ق 1: 190، 252، 404، ج 3: 190، ج 4 ق 1: 385، ج 4 ق 2: 265.

تهذيب التهذيب 1: 177، ج 3: 100، ج 7: 276 - 278، 332، ج 8: 86، ج 9: 62، ج 10: 218، ج 11: 329 - 331. ومعاجم اخرى.


الصفحة 102

الصفحة 103

ـ 18 ـ
مأتم في دار رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)


أخرج الحافظ محبّ الدين الطبري في ذخاير العقبى ص 148 وقال: خرّج أحمد وابن الضحّاك عن علىّ رضي الله عنه قال: دخلت على النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وعيناه تفيضان قلت: يا نبىّ الله أغضبك أحد؟ ما شأن عينيك تفيضان؟ قال: قام من عندي جبريل (عليه السلام) قبلُ وحدّثني: أنّ الحسين يقتل بشطّ الفرات، قال: فقال: هل لك إلى أن أشمّك من تربته؟ قلت: نعم فمدّ يده فقبض قبضة من تراب فأعطانيها، فلم أملك عيني أن فاضتا.

قال الأمينىّ:

يأتي في المأتم الآتي ما ينبئنا عن صحّة هذا المأتم ويغنينا عن إسناده.


الصفحة 104

الصفحة 105

ـ 19 ـ
مأتم في كربلاء أقامه ابو الشهيد امير المؤمنين (عليه السلام)


أخرج إمام الحنابلة أحمد في المسند 2: 60، 61 ط 2 قال: حدّثنا محمّد بن عبيد ثنا شرحبيل بن مدرك عن عبد الله بن نجىّ عن أبيه: أنّه سار مع علىّ رضي الله عنه فلما جاؤوا نينوى وهو منطلق إلى صفّين، فنادى علىٌّ: اصبر أبا عبد الله! اصبر أبا عبد الله بشطّ الفرات! قلت: وماذا؟ قال: دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ذات يوم وعيناه تفيضان. قلت: يا نبىّ الله! أغضبك أحد؟ ما شأن عينيك تفيضان؟ قال: بل قام من عندي جبريل قبلُ فحدّثني: أنّ الحسين يقتل بشطّ الفرات، قال: فقال: هل لك إلى أن أشهدك من تربته؟ قال: قلت: نعم، فمدّ يده فقبض قبضة من تراب فأعطانيها، فلم أملك عيني أن فاضتا.

وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنّف ج 12 عن محمّد بن عبيد بالاسناد واللفظ وفيه: صبراً أبا عبد الله! صبراً أبا عبد الله.

وأخرجه ابن سعد عن علىّ بن محمّد عن يحيى بن زكرياّ عن رجل عن عامر اپلشعبي قال: لما مرّ عليّ (عليه السلام) بكربلاء في مسيره إلى صفّين وحاذى نيوى - قرية على الفرات - وقف ونادى صاحب مطهرته: أخبر أبا عبد الله ما يقال لهذه الأرض؟ فقال: كربلاء فبكى حتّى بلّ الأرض من دموعه. ثمّ قال: دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يبكى فقلت ما يبكيك؟ فقال: كان عندي جبريل آنفاً وأخبرني: أنّ ولدي الحسين يقتل بشطّ الفرات بموضع يقال له كربلاء، ثمّ قبض جبريل قبضة من تراب فشمّني إيّاها. فلم أملك عيني أن فاضتا.

الاسناد صحيح رجاله كلهم ثقات، وهم:

1- محمّد بن عبيد بن أبي اميّة الطنافسي أبو عبد الله الكوفي الأحدب المتوفّى 203 / 4 / 5 من رجال الصحاح الستّ، وثّقه عدّة، كان عثمانياً وكان يقول: خير

الصفحة 106
هذه الامّة بعد نبّيها أبو بكر ثمّ عمر ثمّ عثمان، اتّقوا لا يخدعكم هؤلاء الكوفيّون.

2- شرحبيل بن مدرك الجعفي الكوفي، وثّقه ابن معين، وذكره ابن حبّان في الثقات، وأقرّ ثقته غيرهما.

3- عبد الله بن نجىّ بن سلمة الكوفىّ الحضرمي. وثّقه النسائي، وذكره ابن حبّان في الثقات.

4- نجىّ الحضرمي الكوفي، قال ابن ماكولا: كان على مطهرة علىّ وكان له عشرة أولاد قتل منهم سبعة مع علىّ رضي الله تعالى عنه. وقال العجلي: تابعىّ ثقة.

وأخرجه الحافظ أبو يعلى في مسنده عن أبي خيثمة(1) عن محمّد بن عبيد باسناد أحمد ولفظه.

وأخرجه الحافظ الطبراني في الجزء الأوّل من المعجم الكبير قال: حدّثنا محمّد بن عبد الله الحضرمي(2) انا أبو بكر ابن أبي شيبة بالاسناد المذكور بلفظ: انه سافر مع علىّ رضي الله عنه، فلما حاذا بنينوى قال: صبراً أبا عبد الله، صبراً أبا عبد الله بشطّ الفرات قلت: وماذاك؟ قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه ذات يوم وعيناه تفيضان فقلت هل أغضبك أحد يا رسول الله ما لي أرى عينيك مفيضتين؟ قال: قام من عندي جبريل (عليه السلام) فأخبرني أنّ امّتي تقتل الحسين ابني. ثمّ قال: هل لك أن اريك من ترتبه؟ قلت: نعم فمدّ يده فقبض قبضة فلما رأيتها لم أملك عيني أن فاضتا.

وأخرجه الحافظ ابن عساكر في تاريخ الشام قال: أخبرنا أبو غالب ابن البناء انا أبو الغنايم ابن المأمون انا أبو القاسم بن حنانة انا أبو القاسم البغوي حدثني يوسف بن موسى القطّان نا محمّد بن عبيد بالاسناد بلفظ الطبراني.

____________

1- الحافظ الكبير زهير بن حرب ابو خيثمة الكوفي المتوفي 234، من رجال الصحاح غير الترمذي، قال الخطيب: كان ثقة ثبتاً حافظاً متقناً. ووثقه جمع، واثنى عليه بالصدق والاتقان آخرون.

2- أبو جعفر الكوفي الشهير بمطين المتوفي 297 قال الدارقطني: ثقة جبل واثنى عليه آخرون في معاجم التراجم.


الصفحة 107
أخبرنا أبو المظفر القشيري، انا أبو سعد الجنزرودي انا أبو عمرو ابن حمدان.

ح: وأخبرنا أبو سهل محمّد بن ابراهيم انا إبراهيم بن منصور انا أبو بكر ابن المقري قالا: انا أبو يعلى نا أبو خيثمة باسناده ولفظه المذكور.

أخبرنا أبو علىّ الحسن بن المظفّر انا أبو محمّد الجوهري.

وأخبرنا أبو القاسم ابن الحصين نا أبو علىّ التميمي قالا: انا أحمد بن جعفر نا عبد الله ابن أحمد بن حنبل حدّثني أبي باسناده ولفظه المذكور.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي انا الحسن بن علىّ انا محمّد بن العباس أنا أحمد بن معروف نا الحسن بن الفهم نا محمّد بن سعد باسناده ولفظه المذكورين.

وأخرجه الفقيه ابن المغازلىّ في المناقب من طريق أبي عبد الله محمّد بن الحسين الزعفراني الواسطي عن ابن نجىّ عن أبيه ولفظ صدره: صبراً صبراً أبا عبد الله، صبراً أبا عبد الله بشطّ الفرات. قلت: من ذا أبو عبد الله، قال.الحديث.

وأخرجه الحافظ ضياء الدين المقدسىّ في المختارة قال: أخبرنا المبارك بن أبي المعالي بقرائتي عليه ببغداد قلت له: أخبركم هبة الله بن محمّد قراءة عليه وأنت تسمع ثنا الحسن بن علىّ بن المذهب انا أحمد بن جعفر بن حمدان ثنا عبد الله بن أحمد عن أبيه بالاسناد واللفظ.

بقية المصادر:

مقتل الامام السبط للخوارزمي 1: 170 عن عبد الله بن المبارك فقال: وقيل لما أتى جبريل بالتربة إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من موضع يهراق فيه دم أحد ولديه ولم يخبر بإسمه، شمّها وقال: هذه رائحة ابني الحسين، وبكى، فقال جبريل: صدقت. وذكر ابو علي السالمي البيهقي في تاريخه: أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال للحسين بن علىّ عليهما السلام: إنّ لك في الجنة درجه بلا تنالها إلاّ بالشهادة. قال السلامي: فكان يعلم وقت اجتماع العسكر عليه أنّه مقتول، فصبر ولم يجزع حتّى نال الشهادة، عليه أفضل السلام.


الصفحة 108
تذكرة الامّة للسبط أبي المظّفر ص 142 عن ابن سعد صاحب الطبقات من طريق الشعبىّ.

ذخائر العقبى للحافظ المحبّ الطبري ص 148 عن أحمد وابن الضحّاك.

تاريخ الشام لابن كثير 8: 199 عن أحمد فقال: وروى محمّد بن سعد عن علىّ بن محمّد بن يحيى بن زكريا، عن رجل عن عامر الشعبي عن علىّ مثله.

جمع الجوامع للحافظ السيوطي كما في ترتيبه 6: 223 عن أحمد وابي يعلى في مسنده وابن سعد والطبراني.

الخصايص الكبرى للسيوطي 2: 126 عن ابي نعيم.

الجامع الصغير للسيوطي 1: 13 عن ابن سعد.

مجمع الزوائد للحافظ الهيثمي 9: 187 فقال: رواه أحمد وأبو يعلى والبزّار والطبراني ورجاله ثقات، ولم ينفرد نجىّ بهذا.

الصواعق لابن حجر الهيثمي ص 115 عن ابن سعد وأحمد، وشرح همزية البوصيري له ص 276.

الصراط السوىّ للشيخاني المدني ص 93 فقال: رواه ابن سعد وأحمد ايضاً ولكن مختصراً.

جوهرة الكلام للسيد محمود القراغولي الحنفي ص 118 عن ابن سعد.

السراج المنير شرح الجامع الصغير للعزيزي 1: 68 قال: وقال العلقمي: وفي حديث آخر: يقتل بأرض الطفّ، وهو ساحل البحر، وفي أرض الطفّ مضجعه كما في رواية بن سعد والطبراني، فبطل ما قيل: انه في المكان الفلاني، أو في مكان كذا، نعم رأسه طيف بها في البلاد، فلعن الله تعالى من استهان ببيت آل النبوّة وفعل بهم ما لا يليق أن يفعل ا هـ.

حاشية الجامع الصغير للحفني هامش السراج 1: 68 وحكى كلمة العزيزي عن العلقمي برمّتها.


الصفحة 109
فيض القدير شرح الجامع الصغير للمناوي 1: 204 وقال: هذا من أعلام النبوّة ومعجزاتها.

شرح المسند لأحمد تأليف أحمد محمّد شاكر 2: 60 قال: اسناده صحيح.

صورة اخرى من مأتم كربلاء

أخرج نصر بن مزاحم في كتاب صفّين ص 158 ط مصر عن سعيد بن حكيم العبسي عن الحسن بن كثير عن أبيه أنّ علياً أتى كربلاء فوقف بها فقيل: يا أمير المؤمنين هذه كربلاء، قال: ذات كرب وبلاء، ثمّ أومأ بيده إلى مكان فقال: هاهنا موضع رحالهم ومناخ ركابهم، وأومأ بيده إلى موضع آخر فقال: هاهنا مهراق دمائهم.(1)

وأخرج الحافظ ابو نعيم في (دلائل النبوّة) ج 3 ص 211 بالاسناد عن أصبغ ابن نباته قال: أتينا مع علىّ موضع قبر الحسين فقال: هاهنا مناخ ركابهم، وموضع رحالهم، ومهراق دمائهم، فتية من آل محمّد يقتلون بهذه العرصة تبكي عليم السماء والأرض.(2)

وروى الحسن بن كثير وعبد خير قالا: لما وصل عليّ (عليه السلام) إلى كربلاء وقف وبكى قال: بأبيه اغيلمة يقتلون هاهنا، هذا مناخ ركابهم، هذا موضع رحالهم، هذا مصرع الرجل. ثمّ ازداد بكاؤه.(3)

وقال الحافظ ابن كثير في تاريخه (البداية والنهاية) 8: 199 قد روى محمّد بن سعد وغيره من غير وجه عن علىّ بن أبي طالب: أنه مرّ بكربلاء عند أشجار الحنظل وهوذاهب إلى صفّين، فسأل عن اسمها فقيل كربلاء. فقال: كرب وبلاء، فنزل وصلّى عند شجرة

____________

1- وذكره ابن ابي الحديد في (شرح نهج البلاغة)1:278.

2- وذكره السيوطي في (الخصائص الكبرى)2: 126. وابن كثير في (الوسيلة) عن الملا، والقره غولي في (جوهرة الكلام) ص: 118 عن الملا وعنه ايضاً ابن حجر في (الصواعق) ص: 115، وذكره السيد الشيخاني في الصراط السوي ص: 94 بلفظ: هاهنا مناخ ركابهم. وهاهنا موضع رحالهم. وهاهنا مهراق دمائهم فقال: رواه الملا في سيرته وابن الاخضر في معالم العترة الطاهرة.

3- وذكره ابو المظفر السبط في تذكرته ص: 142.


الصفحة 110
هناك ثمّ قال: يقتل هاهنا شهداء هم خير الشهداء، غير الصحابة يدخلون الجنّة بغير حساب - وأشار إلى مكان هناك - فعلّموه بشىء، فقتل فيه الحسين.

قال الأمينىّ:

هذه جمل منتثرة من كلم الامام (عليه السلام) في كربلاء المشرفّة، جاءت من غير وجه، ورويت من طرق شتّى، منها ما هو صحيح، وآخر حسن، وفي بعضها ضعف منجبر.

اسناد آخر لمأتم كربلاء

ذكر الحافظ الخطيب الخوارزمىّ في مقتل الحسين (عليه السلام) ص 162 حديثاً أخرجه الحافظ الطبراني عن شيبان وكان عثمانياً قال: إنّي لمع علىّ إذ أتى كربلاء فقال: في هذا الموضع شهداء ليس مثلهم شهداءإلاّ شهداء بدر(1) فقال:

ذكر شيخ الاسلام الحاكم الجشمي أنّ أمير المؤمنين علياً (عليه السلام) لما سار إلى صفّين نزل بكربلاء وقال لابن عباس: أتدري ما هذه البقعة؟ قال: لا، قال: لو عرفتها لبكيت بكائي، ثمّ بكى بكاء شديداً، ثمّ قال: ما لي ولآل أبي سفيان؟ ثمّ التفت إلى الحسين وقال: صبراً يا بنىّ فقد لقي أبوك منهم مثل الّذي تلقى بعده.

____________

1- اخرجه الحافظ الطبراني في الجزء الاول من المعجم الكبير باسناد صحيح رجاله كلهم ثقات، ذكرناه في كتابنا الغدير في مسند الامام امير المؤمنين تحت الرقم 34 وذكره الحافظ الهيثمي وصححه.