الصفحة 72

تأويل
ما نزل من القرآن الكريم
في النبي وآله
صلى الله عليهم


الصفحة 73

سورة البقرة (2)

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153) ):

(1) قال السيد ابن طاووس:

... الاحاديث التي وردت بما معناه: إنّه ما نزلت في القرآن آية: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) إلاّ وعليّ أميرها...

ورويناه من كتاب «ما نزل من القرآن في النبي وآله صلى الله عليه وعليهم» تأليف محمد بن العباس بن مروان، المشهور بثقته وتزكيته، أكثر من عشرين طريقاً (1).

____________

(1) اليقين: 460 ـ 461.

وراجع أيضاً: تفسير العياشي 2 / 352 رقم 91، المناقب لابن شهرآشوب 3 / 53، مناقب الخوارزمي: 188، حلية الاولياء 1 / 64، كفاية الطالب: 139، شواهد التنزيل 1 / 51 رقم78، كنز العمال 11/604 رقم 32920، تاريخ الخلفاء للسيوطي: 136، الرياض النضرة 3/180.


الصفحة 74

سورة آل عمران (3)

(... كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ إنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَاب (37) ):

(2) حدّثنا محمد بن القاسم بن عبيد بن سالم البخاري(1)، قال: حدّثنا جعفر بن عبد الله بن جعفر بن عبد الله بن محمد بن عليّ بن أبي طالب، قال: حدّثنا يحيى بن هاشم، عن جعفر بن سليمان، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، قال:

أُهديت إلى رسول (صلى الله عليه وآله) قطيفة منسوجة بالذهب أهداها له ملك الحبشة، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «لاعطينّها رجلاً يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله»، فمدّ أصحاب محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) أعناقهم إليها.

فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «أين عليّ؟».

قال عمار بن ياسر: فلّما سمعت ذلك وثبت حتّى أتيت عليّاً (عليه السلام) فأخبرته، فجاء، فدفع رسول الله (صلى الله عليه وآله) القطيفة إليه فقال: «أنت لها».

فخرج بها الى سوق النيل(2) فنقضها سلكاً سلكاً فقسمها في المهاجرين

____________

(1) ع: بن سلم النجادي، حاشية ع: الحارثي.

(2) ط: سوق المدينة.


الصفحة 75
والانصار، ثمّ رجع إلى منزله وما معه منها دينار.

فلمّا كان(1) من غد استقبله رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: «ياأبا الحسن أخذت أمس ثلاثة آلاف مثال من ذهب، فأنا والمهاجرون والانصار نتغدّى عندك غداً».

فقال علي (عليه السلام): «نعم يا رسول الله».

فلمّا كان الغد أقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) في المهاجرين والانصار حتّى قرعوا الباب، فخرج إليهم وقد عرق من الحياء لانّه ليس في منزله قليل ولا كثير، فدخل رسول الله (صلى الله عليه وآله) ودخل المهاجرون والانصار حتّى جلسوا، ودخل عليّ على فاطمة فاذا هم بجفنة مملوءة ثريداً عليها عراق يفور منها ريح المسك الاذفر، فضرب عليّ بيده عليها فلم يقدر على حملها، فعاونته فاطمة على حملها حتّى أخرجها فوضعها بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله).

فدخل على فاطمة فقال: «أي بنيّة أنّى لك هذا؟».

قالـت: «يـا أبت (هُـوَ مِـنْ عِنْـدِ اللهِ إنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَـاءُ بِغَيْـرِ حِسَابِ)».

فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «الحمد لله الّذي لم يخرجني من الدنيا حتّى رأيتُ في ابنتي ما رأى زكريا في مريم بنت(2) عمران».

فقالت فاطمة: «يا أبت أنا خير أم مريم؟».

فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «أنتِ في قومك ومريم في قومها»(3).

____________

(1) حاشية ع: فلمّا أن كان.

(2) حاشية ع: ابنت.

(3) سعد السعود: 180 ـ 182 الطبعة المحققة.


الصفحة 76
(3) قال السيد ابن طاووس:

وروى [ محمد بن العباس بن مروان ] في هذا الجزء عقيب هذا الحديث حديث نزول الجفنة الالهية من خمس طرق غير ما ذكرناه(1).

( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ ونِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْـفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (61) ):

(4) قال السيد ابن طاووس:

... في آية المباهلة بمولانا علي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم لنصارى نجران، رواه [ محمد بن العباس بن مروان ] من أحد وخمسين طريقاً عمّن سمّاه من الصحابة وغيرهم:

رواه عن(2) أبي الطفيل عامر بن واثلة(3)، وعن جرير بن عبد الله السجستاني، وعن أبي قيس المدني، وعن أبي أويس(4) المدني، وعن الحسن ابن مولانا عليّ(عليه السلام)، وعن عثمان بن عفان، وعن سعد بن أبي وقاص، وعن بكر ابن مسمار، وعن طلحة بن عبد الله، وعن الزبير بن العوام، وعن عبد الرحمن بن

____________

(1) سعد السعود: 182 الطبعة المحققة.

وراجع تأويل هذه الاية أيضاً: الكشاف للزمخشري1/ 275، الطرائف: 109، الامالي للشيخ الطوسي 2 / 227.

(2) ع. ض: عند.

(3) ط: وائلة.

(4) ط: إدريس.


الصفحة 77
عوف، وعن عبد الله بن العباس، وعن أبي رافع مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وعن جابر ابن عبد الله، وعن البراء بن عازب، وعن أنس بن مالك، وعن المنكدر بن عبد الله عن أبيه، وعن علي بن الحسين(1) (عليهما السلام)، وعن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين(عليهم السلام)، وعن أبي عبدالله جعفربن محمد الصادق (عليه السلام)، وعن الحسن البصري، وعن قتادة، وعن علباء(2) بن أحمر، وعن عامر بن شراحيل الشعبي، وعن يحيى بن يعمر(3)، وعن مجاهد بن جبر المكّي(4)، وعن شهر بن حوشب(5).

(5) المنكدر بن عبد الله، عن أبيه:

حدّثنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن سعيد البزاز، قال: حدّثنا محمد بن الفيض بن فيّاض أبو الحسن بدمشق، قال: حدّثني عبد الرزاق بن همام الصنعاني، قال:حدثناعمربن راشد، قال: حدثنا محمد بن المنكدر، عن أبيه، عن جدّه(6) قال:

____________

(1) ع. ض: بن أبي الحسين.

(2) ع. ض: علياء.

وراجع ترجمته في تهذيب الكمال 20 / 293.

(3) ع. ض: وعن يحيى نعمن.

وراجع ترجمته في تهذيب الكمال 32 / 53.

(4) ط: مجاهد بن حمر الكمي، حاشية ع: مجاهد بن جبير الكمي.

وراجع ترجمته في تهذيب الكمال 27 / 228.

(5) سعد السعود: 182 ـ 183 الطبعة المحققة.

(6) عن جدّه، ليس في ع. ض.


الصفحة 78
لمّا قدم السيد والعاقب أسقفا نجران في سبعين راكباً وفداً على النبي(عليه السلام)، كنتُ معهم وكرز(1) يسير وكرز صاحب نفقاتهم، فعثرت بغلته فقال: تعس من نأتيه(2)، يريد بذلك النبي (صلى الله عليه وآله).

فقال له صاحبه(3) وهو العاقب: بل تعست وانتكست.

فقال: ولم ذلك؟

قال: لانّك اتعست النبيّ الامي(4) أحمد.

قال: وما علمك بذلك؟

قال: أما تقرأ المصباح الرابع من الوحي إلى المسيح: أن قُل لبني إسرائيل: ما أجهلكم تتطيّبون بالطيب لتطيبون به في الدنيا عند أهلها وإخوانكم عندي(5) جيف الميتة، يابني إسرائيل آمنوا برسولي النبي الامي(6) الذي يكون في آخر الزمان، صاحب الوجه الاقمر والجمل الاحمر المُشْرَب بالنور ذي الجناب الحسن والثياب الخشن، سيّد الماضين عندي وأكرم الباقين عليّ المستنّ بسنّتي والصابر في ذات نفسي والمجاهد شدّة(7) المشركين من أجلي، فبشّر به بني إسرائيل ومر بني إسرائيل أن يعزّروه وينصروه.

____________

(1) وفي بعض المصادر: كزز.

(2) ع. ض: يأتيه، ط: تأتيه.

(3) صاحبه، ليس في ع. ض.

(4) حاشية ع: الامامي.

(5) ع: وأجوافكم عندي، ب: وأهلكم وأجوافكم عندي.

(6) حاشية ع: الامامي.

(7) حاشية ع. ط: بيده.


الصفحة 79
قال عيسى: قدّوس قدّوس مَن هذا العبد الصالح الذي قد أحبّه قلبي ولم تره عيني؟

قال: هو منك وأنت منه وهو صهرك عى أمّك، قليل الاولاد كثير الازواج يسكن مكّة من موضع أساس وطىء إبراهيم (عليه السلام)، نسله من مباركة وهي ضرّة أمّك في الجنة، له شأن من الشأن، تنام عيناه ولا ينام قلبه، يأكل الهديّة ولا يقبل(1) الصدقة، له حوض من شفير زمزم إلى مغرب الشمس حيث تغرب(2) فيه شرابان من الرحيق والتسنيم فيه أكاويب عدد نجوم السماء مَن شرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبداً وذلك بتفضيلي إيّاه على سائر المرسلين، يوافق قوله فعله وسريرته علانيته، فطوباه(3) وطوبى أمّته الّذين على ملّته يحيون وعلى سنّته يموتون ومع أهل بيته يميلون آمنين مؤمنين مطمئنّين مباركين، يكون في زمن قحط وجدب فيدعون فترخي السماء غَزَاليَها(4)، حتّى يرى أثر بركاتها في أكنافها، وأبارك فيما يضع يده فيه.

قال: إلهي سمّه.

قال: نعم هو أحمد(5) وهو محمد رسولي إلى الخلق كافّة، أقربهم منّي منزلة وأخصّهم منّي شفاعة، لا يأمر إلاّ بما أحبّ ولا ينهى إلاّ عمّا

____________

(1) ب: ولا يأكل.

(2) حاشية ع. ض: حيث تغرف.

(3) ع. ض: فطوبى.

(4) أرسلت السماء غَزَاليَهَا: إشارة الى شدّة وقع المطر، على التشبيه بنزوله من أفواه المزدلفات.

المصباح المنير: 408.

(5) هو أحمد، ليس في ع. ض.


الصفحة 80
أكره قال له صاحبه: فأنّى تقدم على مَن هذه صفته بنا؟.

قال: نشهد أقواله وننظر آياته، فان يكن هو هو ساعدناه بالمسالمة بأموالنا(1) عن أهـل ديننـا من حيث لا يشعـر بنا، وإن يكن كذّاباً كفيناه بكذبه على الله.

قال له صاحبه: ولم إذا رأيت الحقّ(2) لا تتبعه؟

قال: ما رأيت ما فعل بنا هؤلاء القوم مكرّمونا(3) ومولّونا ونصبوا لنا كنائساً(4) وأعلوا فيها ذكرنا، فكيف تطيب النفس بدين(5) يستوي فيه الشريف والوضيع؟!

فلمّا قدموا المدينة قال مَن يراهم من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما رأينا وفداً من وفود العرب كانوا أجمل من هؤلاء لهم شعور وعليهم ثياب الحبر، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) متناء عن المسجد، فحضرت صلاتهم فقاموا يصلّون في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) تلقاء المشرق، فهمّ رجال من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) يمنعهم، فأقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: «دعوهم»، فلمّا قضوا صلاتهم جلسوا إليه وناظروه فقالوا: يا أبا القاسم حاجّنا في عيسى.

____________

(1) ب: ونكفه بأموالنا.

(2) حاشية ع: العلامة.

(3) ب: كرمونا.

(4) ع. ط: كنائسنا.

(5) حاشية ع: بالدخول في دين.


الصفحة 81
فقال: «عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه».

فقال أحدهم: بل هو ولده وثاني اثنين، وقال آخر: بل ثالث ثلاثة أب وابن وروح قدس، وقد سمعنا في قرآن نزل عليك يقول: فعلنا وجعلنا وخلقنا، ولو كان واحداً لقال: خلقت وجعلت وفعلت.

فتغشّى النبي(صلى الله عليه وآله) الوحي ونزل على صدره سورة آل عمران إلى قوله رأس الستين(1) منها: (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيِهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْم فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ ونِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ) (2)، فقصّ عليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) القصة وتلى عليهم القرآن.

فقال بعضهم لبعض: قد والله أتاكم بالفصل من خبر صاحبكم وقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله): «إن الله قد أمرني بمباهلتكم».

فقالوا: إذا كان غداً باهلناك، فقال القوم بعضهم لبعض: حتّى ننظر مَن يباهلنا غداً بكثرة أتباعه من أدناس(3) الناس، أم بأهله من أهل الصفوة والطهارة، فإنّهم وشيج الانبياء وموضع بهلهم.

فلمّا كان من غد، غدا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيمينه عليّ وبيساره الحسن والحسين ومن ورائهم فاطمة (عليهم السلام) عليهم الحلل النجرانية وعلى كتف رسول الله(صلى الله عليه وآله) كساءاً

____________

(1) أي: الاية الستين من سورة آل عمران.

(2) آل عمران 3 / 61.

(3) ط: أوباش.


الصفحة 82
قطواني(1) رقيق خشن ليس بكثيف ولا ليّن، فأمر بشجرتين فكسح ما) بينهما(2) ونشر الكساء عليهم وأدخلهم تحت الكساء وأدخل منكبه الايسر معهم تحت الكساء معتمداً على قوسه النبع(3) ورفع يده اليمنى إلى السماء للمباهلة وأشرف الناس ينظرون.

واصفرّ لون السيد والعاقب وزلزلا حتّى كاد أن تطيش عقولهما، فقال أحدهما لصاحبه: أنباهله؟ قال: أو ما علمت أنّه ما باهل قوم قطّ نبيّاً فنشأ صغيرهم وبقي(4) كبيرهم، ولكن أرِه إنّك غير مكترث وأعطه من المال والسلاح ما أراد فإنّ الرجل محارب، وقل له: أبهؤلاء تباهلنا، لئلاّ يرى أنّه قد تقدّمت معرفتنا بفضله وفضل(5) أهل بيته.

فلمّا رفع النبي (صلى الله عليه وآله) يده إلى السماء للمباهلة، قال أحدهما لصاحبه: وأيّ رهبانية؟ دارك الرجل فإنّه إن فاه ببهلة لم نرجع إلى أهل ولا مال.

فقالا: يا أبا القاسم أبهؤلاء تباهلنا؟

قال: نعم، هؤلاء أوجه مَن على وجه الارض بعدي إلى الله وجهة وأقربهم إليه وسيلة.

قال فبصبصا ـ يعني ارتعدا وكرّا ـ وقالا له: يا أبا القاسم نعطيك ألف سيف وألف درع وألف حجفة وألف دينار كلّ عام على أنّ الدرع والسيف والحجف

____________

(1) ط: فوطي، ع. ض: قوطني، والمثبت من حاشية ع. حاشية ض.

(2) ع. ض: فأمر بشجرتين بعضهن فكسح ما فيها، والمثبت من ب.

(3) ع: الينع، ض: اليسع، والمثبت من ط.

(4) ع: أو بقي.

(5) ع. ض: في فضل.


الصفحة 83
عندك إعارة حتّى يأتي شيء من ورائنا من قومنا فنعلمهم بالّذي رأينا وشاهدنا فيكون الامر على ملا(1) منهم، فإمّا الاسلام وإمّا الجزية والمقاطعة في كلّ عام.

فقال النبي (صلى الله عليه وآله): «قد قبلت منكما»(2)، أما والّذي بعثني بالكرامة لو باهلتموني بمن تحت الكساء لاضرم الله عليكم الوادي ناراً تأجّج ثمّ يساقها إلى من ورائكم في أسرع من طرف العين فحرقتهم تأجّجاً».

فهبط عليه جبرئيل الروح الامين فقال:يامحمدالله يقرئك السلام ويقول لك: وعزّتي وجلالي لو باهلتَ بمن تحت الكساء أهل السماء وأهل الارض لتساقطت عليهم السماء كسفاً مهافتة ولقطعت الارضون زبراً(3) فلم يستقرّ عليها بعد ذلك.

فرفع النبي (صلى الله عليه وآله) يديه حتّى روئي بياض أبطيه ثمّ قال: «على مَن ظلمكم حقّكم وبخسني الاجر الّذي افترضه الله عليهم(4) فيكم بَهْلَةُ الله تتابع إلى يوم القيامة»(5).

____________

(1) ع. ض: على في ملاء.

(2) حاشية ع: ذلك منكما.

(3) ب: زبراً سايحة.

(4) ع: عليكم.

(5) سعد السعود: 184 ـ 190 الطبعة المحققة.

وراجع تأويل هذه الاية أيضاً: الاختصاص: 56 و 112، الطرائف: 44 ـ 45، مجمع البيان2/452، الامالي للطوسي 1/313، صحيح مسلم 4 / 1871، مسند أحمد 1/185، مناقب الخوارزمي: 59، الامالي للصدوق: 423، تفسير العياشي 1 / 177، مناقب المغازلي: 263، شواهد التنزيل 1 / 122.


الصفحة 84
( يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ (106) ):

(6) حدّثنا محمد بن القاسم المحاربي، قال: حدّثنا عباد بن يعقوب، قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن المسعودي عبد الله(1) بن عبد الملك بن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، عن الحارث بن حصيرة، عن صخر بن الحكم الفزاري، عن حباب(2) بن الحارث الازدي، عن الربيع بن جميل الصيني، عن مالك بن ضمرة الرواسي(3)، عن أبي ذرّ الغفاري:

أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: «ترد عليّ أمّتي على خمس رايات...» فذكر الحديث إلى أن قال:

«ثمّ ترد عليّ راية أمير المؤمنين وقائد الغرّ المجّلين، فأقوم فآخذ بيده فيبيضّ وجهه ووجوه أصحابه.

فأقول: بما خلّفتموني في الثقلين بعدي؟

فيقولون: اتبعنا الاكبر وصدقناه ووازرنا الاصغر ونصرناه وقتلنا معه.

فأقول: ردّوا(4) رواءً مرويّين، فيشربون شربة لا يظمأون بعدها، وجه إمامهم كالشمس الطالعة ووجههم كالقمر ليلة البدر أو كأضوأ نجم في السماء».

قال أبو ذرّ لعليّ والمقداد وعمار وحذيفة وابن مسعود ـ وكانوا شيّعوه لمّا سيرَ ـ: ألستم تشهدون عليّ ذلك؟

قالوا: بلى.

____________

(1) ب: وهو عبد الله.

(2) ر: حنان (جناب خ ل)، ب: حنان.

(3) ب: الدوسي.

(4) ر: رَوّوا.


الصفحة 85
قال: وأنا على ذلك من الشاهدين(1).

____________

(1) اليقين: 280 ـ 281.

وراجع تأويل هذه الاية أيضاً: تفسير القمي 1 / 109.


الصفحة 86

سورة النساء (4)

( وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ والصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً (69) ):

(7) قال عليّ (عليه السلام): «يا رسول الله هل نقدر أن نزورك في الجنّة كلّما أردنا؟».

قال: «يا عليّ إنّ لكلّ نبيّ رفيقاً أول من أسلم من أمّته».

فنزلت هذه الاية: ( أُولَئكَ مَعَ الَّذيِنَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ والصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً)، فدعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليّاً فقال له: «إنّ الله قد أنزل بيان ما سألت فجعلك رفيقي لانّك أول مَن أسلم وأنت الصدّيق الاكبر»(1).

____________

(1) كشف الغمة 1 / 87.

وراجع تأويل هذه الاية أيضاً: كفاية الاثر: 182، تفسير العياشي 1 / 256 رقم 190، المناقب لابن شهرآشوب 3 / 89، تفسير القمي 1 / 142.


الصفحة 87

سورة المائدة (5)

( إنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقيِمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) ):

(8) قال السيد ابن طاووس:

إنّما ذكرتُ هذه الاية الشريفة مع شهرة أنّها نزلت في مولانا علي، لانني وجدتُ صاحب هذا الكتاب [ محمد بن العباس بن مروان ] قد رواها بزيادات عما كنّا وقفنا عليه، وهو أنّه رواها من تسعين طريقاً بأسانيد متّصلة كلّها أو جلّها من رجال المخالفين لاهل البيت (عليهم السلام).

أقول: وممن سمّى صاحب الكتاب(1) من رواة هذا الحديث:

مولانّا عليّ (عليه السلام)، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وطلحة بن عبيد الله، وعبد الله بن العباس، وأبو رافع مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وجابر بن عبد الله الانصاري، وأبو ذر، والخليل بن مرّة، وعليّ بن الحسين (عليه السلام)، وأبو جعفر محمد بن علي (عليه السلام)، وجعفر ابن محمد(2)، وأبو هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية، ومجاهد بن جبير

____________

(1) الكتاب، لم يرد في ع. ض.

(2) ب: وعلي بن الحسين والباقر والصادق (عليهم السلام).


الصفحة 88
المكي، ومحمد بن سيرين(1)، وعطاء بن السائب، ومحمد بن السائب، وعبد الرزاق(2).

(9) أبو رافع مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله):

حدّثنا عليّ بن أحمد، قال: حدّثنا إسماعيل بن إسحاق الراشدي، قال: حدّثنا يحيى بن هاشم المغاني(3)، حدّثني محمد بن عبيد الله بن عليّ بن أبي رافع، عن عون بن عبيد الله، عن أبيه، عن جدّه أبي رافع قال:

دخلتُ على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو نائم أو يوحى إليه، فإذا حيّة في جانب البيت، فكرهتُ أن أقتلها فأوقظه(4)، وظننتُ أنّه يوحى إليه، فاضطجعت بينه وبين الحيّة لئن كان منها سوء يكون فيّ(5) دونه.

قال: فاستيقظ النبي (صلى الله عليه وآله) وهو يتلو هذه الاية: (إنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقيِمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهمْ رَاكِعُونَ).

ثم قال: «الحمد لله الذي أكمل لعليّ نعمه، وهنيئاً لعليّ بتفضيل الله إيّاه» قال: ثمّ التفت إليّ فقال: «ما يضجعك ها هنا؟»، فأخبرته الخبر.

فقال لي: «قم إليها فاقتلها»، قال: فقتلتها.

____________

(1) ض: سري، ط: السري.

(2) سعد السعود: 192 ـ 193 الطبعة المحققة.

(3) حاشية ع: الغساني، ط: المعالي.

(4) ع. ض. ب: فأوقظته، والمثبت من حاشية ع.

(5) ع: لي، ط: إليّ.


الصفحة 89
ثمّ أخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيدي فقال: «يا أبا رافع ليكوننّ عليّ منك بمنزلتي غير أنّه لا نبيّ بعدي، إنّه سيقاتله قوم يكون حقّاً في الله جهادهم، فمن لم يستطع جهادهم بيده فجاهدهم بلسانه، فإن لم يستطع بلسانه فجاهدهم بقلبه، ليس وراء ذلك شيء، وهو على الحقّ وهم على الباطل».

قال: ثم خرج وقال: «أيها الناس مَن كان يحبّ أن ينظر إلى أميني فهذا أميني»، يعني أبا رافع.

قال محمد بن عبيد الله: فلمّا بويع عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) وسار طلحة والزبير إلى البصرة(1) وخالفه معاوية وأهل الشام، قال أبو رافع: هذا قول رسول الله (صلى الله عليه وآله): «إنّه سيقاتل عليّاً قوم يكون حقاً في الله جهادهم، فمن لم يستطع جهادهم بيده فبلسانه، فمن لم يستطع بلسانه فبقلبه، ليس وراء ذلك شيء».

فباع أبو رافع داره وأرضه بخيبر، ثمّ خرج مع عليّ (عليه السلام) بقبيلته وعياله وهو شيخ كبير ابن خمس وثمانين سنة، ثمّ قال: الحمد لله لقد أصبحتُ وما أعلم أحداً بمنزلتي: لقد بايعت البعتين ـ بيعة العقبة وبيعة الرضوان ـ ولقد صلّيت القبلتين وهاجرتُ الهجر الثلاث.

فقيل له: وما الهجر الثلاث؟

قال: هجرة مع جعفر بن أبي طالب إلى أرض النجاشي إذ بعثه رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وهجرة إلى المدينة مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهذه هجرة مع عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) إلى الكوفة.

ثمّ لم يزل معه حتّى استشهد أمير المؤمنين (عليه السلام) ورجع أبو رافع مع الحسن (عليه السلام) إلى المدينة ولا دار له ولا أرض، فقسم له الحسن (عليه السلام) دار عليّ بن أبي طالب نصفين وأعطاه بينبع أرضاً أقطعها إيّاه، فباعها عبيد الله بن أبي رافع بعد من معاوية بمائتي ألف درهم وستّين ألفاً(2).

____________

(1) ع. ض: البصيرة.

(2) سعد السعود: 193 ـ 195 الطبعة المحققة.


الصفحة 90
(10) ماروي في نقش الخاتم الذي تصدّق به عليّ(عليه السلام) وهوراكع:

حدّثنا عليّ بن زهير الصيرفي، قال: حدّثنا أحمد بن منصور، قال: حدّثنا عبد الرزاق، قال:

كان خاتم عليّ (عليه السلام) الذي تصدّق به وهو راكع حلقة فضة فيها مثقال عليها منقوش الملك لله(1).

(11) حدّثنا الحسن بن محمد بن يحيى العلوي، قال: حدّثنا جدّي يحيى ابن الحسن، قال: حدّثنا أبو بريد(2) أحمد بن يزيد، قال: حدّثنا عبد الوهّاب بن حازم، عن مخلّد بن الحسن، عن المبارك، عن الحسن(3)، قال:

قال عمر بن الخطاب: أخرجتُ من مالي(4) صدقة يتصدّق بها عنّي وأنا راكع أربعاً وعشرين مرّة على أن ينزل فيّ ما نزل في عليّ، فما نزل!!(5).

____________

(1) سعد السعود: 195 الطبعة المحققة.

(2) ع: أبو يزيد.

(3) ب: عن مخلّد عن المبارك عن الحسن.

(4) ض. ب: مال.

(5) سعد السعود: 196 الطبعة المحققة.

وراجع تأويل هذه الاية أيضاً: مجمع البيان 3 / 325، الامالي للشيخ الصدوق: 107رقم4، الكافي 1 / 288 رقم 3 و 1 / 354 رقم 77، الاحتجاج 1 / 66 و 210، أحكام القرآن4/102، مناقب الخوارزمي: 186، شواهد التنزيل 1 / 181 رقم 237، فرائد السمطين1 / 189 رقم 150، تفسير العياشي 1 / 327، الدرّ المنثور 3 / 105.


الصفحة 91
( يَا أيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَّ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ.... (67) ):

(12) قال السيد ابن طاووس:

وقد رواه(1) محمد بن العباس بن مروان من أحد وثلاثين طريقاً(2).

____________

(1) أي: نزول هذه الاية في استخلاف أمير المؤمنين (عليه السلام) يوم الغدير وقول النبي (صلى الله عليه وآله): «مَن كنت مولاه فعليّ مولاه اللهم وال مَن والاه وعاد مَن عاداه».

(2) سعد السعود: 145 الطبعة المحققة.

وراجع تأويل هذه الاية أيضاً: الامالي للصدوق: 399 رقم 13، الاحتجاج1/66، الكافي1/ 229 رقم6، تفسير العياشي 1/331 رقم152، شواهد التنزيل 1/192رقم249.


الصفحة 92

سورة الاعراف (7)

( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى (172) ):

(13) حدّثنا أحمد بن محمد بن موسى، قال: حدّثنا محمد بن عبد الله الرازي، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن أبي زكريا الموصلي المعروف بكوكب الدم، عن جابر الجعفي، قال: حدّثني وصيّ الوصيّين ووارث علم النبيّين وابن سيّد المرسلين أبو جعفر محمد بن علي باقر علم النبيين، عن أبيه، عن جدّه(عليهم السلام) قال:

إنّ النبي (صلى الله عليه وآله) قال لعليّ (عليه السلام): «أنت الذي احتجّ الله بك في ابتداء الخلق حيث أقامهم فقال: (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ) فـ (قَالُوا بَلَى)، فقال: ومحمد رسول الله؟ فقالوا جميعاً: بلى، فقال: وعلي أمير المؤمنين؟ فقال الخلق جميعاً: لا، استكباراً وعتوّاً عن ولايتك، إلاّ نفر قليل، وهم أقلّ القليل، وهم أصحاب اليمين»(1).

(14) حدّثنا علي بن العباس البجلي، قال: حدّثنا محمد بن مروان الغزّال، قال: حدّثنا زيد بن المعدّل، عن أبان بن عثمان، عن خالد بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:

«لو أنّ جهّال هذه الامة يعلمون متى سُمّي عليّ أمير المؤمنين لم ينكروا

____________

(1) اليقين: 282.