القَرْنُ السَّادِسُ
(29)
مجلس يوم الغدير
في إمامة علي بن أبي طالب (عليه السلام)
لأبي طالب الفارسي العراقي الزيدي، من أعلام القرن السادس.
ترجم له في " مطلع البدور " وأطراه بقوله: " الشيخ الإمام المحقّق أبو طالب الفارسي رحمه الله أحد علماء العراق ومن فضلائهم، له حاشية على الإبانة، وله مجلس يوم الغدير في إمامة عليّ بن أبي طالب عليه السلام، وله شرح على التحرير لأبي طالب الهاروني، سمّاه التقدير ـ إلى أن قال: ـ وقد تكلّم في أيام هذا الإمام الشهير ـ أعني المؤيّد بالله ـ جماعة من كبار العلماء، أبو طالب هذا أحدهم، وفي أخبار المؤيّد [ بالله ] كتاب يسمّى الذخر المؤبَّد في سيرة المؤيَّد، لا أدري هل هو كتاب هذا الشيخ أو غيره ".
القَرْنُ السَّابِعُ
(30)
الإيضاح والتفسير
في معنى يوم الغدير
لعليّ بن محمّد بن الوليد الأنف العبشمي الداعي الإسماعيلي، المتوفّى سنة 612 هـ.
له ترجمة مطوّلة مع ذكر كتبه في فهرست مجدوع: 123 ـ 127، ومصادر الفكر العربي الإسلامي في اليمن: 112 ـ 113، وفي أعلام الإسماعيلية: 408، وذكره له ايوانف في فهرسته برقم 249 ولم يشيروا إلى مخطوطة له.
وللمؤلف: " دامغ الباطل وحتف المناضل " في الردّ على أبي حامد الغزّالي، نشره مصطفى غالب.
وله مخطوطة في مكتبة فيضي في بمبي برقم 122 ذكرها هو في فهرسه لها ص99، عنه بوناوالا في فهرسه لكتب الإسماعيلية ص164 ـ 165.
(31)
الإيضاح والتبصير
في جواب مسألة المولى [ في حديث الغدير ]
لمؤيّد الدين الحسين بن عليّ بن محمد.
ذكره مجدوع في فهرسه لكتب الإسماعيلية ص152 وقال: " وهي بابان، الباب الأول في ذكر نبذ ممّا جاء في ولاية أمير المؤمنين عليه السلام من الروايات
وذكره أيوانف في فهرسه، رقم 256، كما في تعاليق مجدوع.
القَرْنُ الثَّامِنُ
(32)
طرق حديث: من كنت مولاه
للذهبي، شمس الدين أبي عبدالله محمّد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الشافعي الدمشقي (673 ـ 748 هـ).
ذكره هو في تذكرة الحفّاظ ـ في ترجمة الحاكم النيسابوري ـ ص1043 قال: " وأمّا حديث الطير فله طرق كثيرة جدّاً، قد أفردتها بمصنّف ومجموعها هو يوجب أن يكون الحديث له أصل، وأمّا حديث من كنت مولاه، فله طرق جيّدة، وقد أفردت ذلك أيضاً ".
وقال أيضاً في سير أعلام النبلاء 17/169: " وقد جمعت طرق حديث الطير في جزء، وطرق حديث من كنت مولاه، وهو أصحّ، واصحّ منهما ما أخرجه مسلم عن عليّ قال: إنّه لعهد النبيّ الاُميّ إلَيَّ أنّه لا يحبّك إلاّ مؤمن ولا يبغضك إلاّ منافق ".
وقد ترجم للذهبي صديقنا الدكتور بشّار عواد معروف البغدادي ترجمة حافلة في 140 صفحة، طبعت في مقدّمة سير أعلام النبلاء، وذكر له في الصفحة 75 هذا الكتاب برقم 4 من قائمة مؤلفاته، كما ذكر له برقم 5 " الكلام على حديث الطير " وذكر له برقم 115 كتابه " فتح المطالب في فضائل عليّ بن أبي طالب عليه السلام " ذكره هو في تذكرة الحفّاظ 1/10 في ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام قال:
وأمّا مصادر ترجمة المؤلف فقد كفانا الدكتور صلاح الدين المنجّد مؤنتها حيث ذكرها في ترجمته في كتابه: أعلام التاريخ والجغرافيا عند العرب 3/99 فما بعدها، كما وذكر مؤلّفات الذهبي التاريخية والرجالية ومخطوطاتها في: معجم المؤرّخين الدمشقيّين: 159 ـ 175.
وأمّا رسالته هذه (طرق حديث: من كنت مولاه) فقد عثرنا على مخطوطة لها في المكتبة المركزية لجامعة طهران كتبت في القرن الثاني عشر، ضمن المجموعة رقم 1080، من الورقة 211 ـ 223 ب، ذكرت في فهرسها 3/523، وقد حقّقتها وأعددتها للنشر.
القَرْنُ التَّاسِعُ
(33)
طرق حديث: من كنت مولاه فعَلِيٌّ مولاه
للحافظ العراقي، زين الدين أبي الفَضل عبدالرحيم بن الحسين بن عبدالرحمن الكردي الرازياني المهراني الشافعي المصري، المولود بها سنة 725 هـ والمتوفّى بها سنة 806 هـ.
قدم أبوه من بلدة رازيان ـ من عمل أربل ـ إلى القاهرة فولد ابنه بها، وزين الدين ـ هذا ـ والد وليّ الدين أبي زرعة العراقي أحمد، وقد أفرد رسالة في ترجمة والده الحافظ العراقي هذا.
وترجم له في الضوء اللامع 4/171 ـ 178 وقال: " وتقدّم فيه [ الحديث ] بحيث كان شيوخ عصره يبالغون في الثناء عليه بالمعرفة كالسبكي والعلائي وابن جماعة وابن كثير وغيرهم... ".
وترجم له ابن حجر في إنباء الغمر 5/170 ـ 176، وقال: " وصار المنظور إليه في هذا الفنّ... " وأورد شيئاً من القصائد في رثائه.
وترجم له الجزري في طبقات القرّاء 1/382 وأطراه بقوله: " حافظ الديار المصرية ومحدّثها وشيخها... برع في الحديث متناً وإسناداً... وكتب وألّف وجمع وخرّج، وانفرد في وقته... " وأورد شيئاً من رثائه له.
وترجم له الشوكاني في البدر الطالع 1/354 ـ 356 وقال: " وقد ترجمه
وأوسع ترجمة له ـ بعد رسالة ابنه ـ هو ما كتبه ابن فهد في ذيله على تذكرة الحفّاظ ـ للذهبي ـ من ص220 ـ 234 وأطراه بقوله: " فريد دهره، ووحيد عصره، من فاق بالحفظ والإتقان في زمانه... " ثم عدّد مؤلّفاته ومنها هذا الكتاب، ذكره له في ص231.
وله ترجمة في النجوم الزاهرة 13/34 وفيه: " وقد استوعبنا مسموعه ومصنّفاته في المنهل الصافي، حيث هو محلّ الإطناب ".
القَرْنُ العَاشِرُ
(34)
شرح حديث الغدير
" فارسي، للمولى عبدالله القزويني، وهو كتاب جليل حسن الفوائد، أورد فيه خطبة الغدير أبسط مِمّا هو مشهور... ".
هكذا ذكره شيخنا رحمه الله في الذريعة 13/204، وكرّره رحمه الله في 25/120.
أقـول: وللمؤلف ترجمة في رياض العلماء 3/224 وقال: " المولى عبدالله بن عبدالله القزويني " فاضل عالم جامع، له كتاب بالفارسية في خبر وفاة النبي صلّى الله عليه وآله وشرح الفتن الواقعة عند حضور وفاته، وذكر فيه الأخبار المرويّة في وصيّة النبي صلّى الله عليه وآله إلى عَلِيّ عليه السلام وتنصيصه فيها ـ بخلافته بعده، وغير ذلك من النصوص، سيما خطبة يوم الغدير وقد أورد فيه ـ خطبة الغدير بتمامها على وجه أبسط مِمّا هو المشهور بكثير ثم شرحها.
وقد ذكر فيه أيضاً منازعة أصحابه ومشاجرتهم ومخالفتهم في الخلافة حين وفاته صلّى الله عليه وآله وبعدها، حسنة الفوائد ".
ولم أعلم عصره بخصوصه، لكن رأيت نسخة من هذا الكتاب في تبريز، وكان تاريخ كتابتها سنة 1027 هـ، وأظنّ أنّه ألّفه في بلدة حيدرآباد من بلاد الهند، في عهد الملوك القطب شاهيه...
(35)
طراز الكم
في ما رُوي في غدير خُمّ
لابن طولون، وهو شمس الدين أبو عبدالله محمد بن علي بن أحمد المدعو محمد
كان عالماً مشاركاً في جملة من العلوم المتداولة في عصره وله في كل منها عدة تواليف كبار وصغار، ومنها الفلك المشحون في أحوال ابن طولون (يعني نفسه) طبع في دمشق سنة 1348 ألفه في ترجمة نفسه وسرد فيه أسماء كتبه البالغة 746 كتاباً ورسالة، وعدّ منها كتابه هذا عن حديث الغدير، ومنها " هطل العين في مصرع الحسين عليه السلام " ومنها " الشذرات الذهبية في تراجم الأئمّة الاثني عشر عند الإمامية " منه مخطوطة في جامع الزيتونة بتونس وعنها نشره الدكتور صلاح الدين المنجد في بيروت سنة 1958 باسم الأئمّة الاثني عشر، واُعيد طبعه بالتصوير عليه في قم.
ولابن طولون ترجمة حسنة في الكواكب السائرة 2/52 وشذرات الذهب 8/298 وفهرس الفهارس والأثبات 472.
(36)
خطبة يوم الغدير
للخطيب الأديب الفاضل العلامة الشاعر الناثر السيد فخر الدين وشمس الدين محمد بن أبي طالب بن أحمد بن محمد بن طاهر بن يحيى بن ناصر بن أبي العز الحسيني الموسوي الحائري أحد أعلام القرن العاشر، حج البيت الحرام عام 921 وألّف كتاب " السمع النفيس " سنة 955 وله " تسلية المجالس " و " زينة المجالس " رأيته في مكتبة نمازي في خوي رقم 459 أحال فيه الى بعض مؤلفاته منها هذا الكتاب: (خطبة يوم الغدير) قال: وذيّلتها بأحاديث رائعة ونكت شايقة يطرب لها المؤمن التقي ويهجرها سمع المنافق الشقي.
القَرْنُ الحَادِي عَشَرَ
(37)
الغديريّة
للمولى عبدالله بن شاه منصور، القزويني المولد، نزيل طوس، من أعلام القرن الحادي عشر.
ترجم له المحدِّث الحر العاملي في أمل الآمل 2/161 ـ وقال: " كان فقيهاً، محدّثاً، له شرح ألفيّة ابن مالك، فارسي، ورسالة في إثبات إمامة أمير المؤمنين عليه السلام، فارسية، سمّاها: الغديريّة، من المعاصرين ".
وله ترجمة في رياض العلماء 3/221، وأعيان الشيعة 8/53.
وترجم له شيخنا صاحب الذريعة رحمه الله في أعلام القرن الحادي عشر من موسوعته القيّمة طبقات أعلام الشيعة ص352 وحكى كلام الحرّ العاملي ثم قال: " أقول: ابن شاه منصور كان من تلاميذ البهائي [ الشيخ بهاء الدين العاملي المتوفّى سنة 1030 ] وقد شرح خلاصة الحساب، تأليف اُستاذه في حياته بالفارسية... ".
أقـول: وذكره شيخنا رحمه الله في الذريعة في حرف الغين 16/27 وقال: " الغديرية في إثبات إمامة أمير المؤمنين عليه السلام، فارسي، للمولى عبدالله بن شاه منصور القزويني المشهدي، المدرّس بمشهد خراسان، والمعاصر للمحدّث الحرّ العاملي... ".
(38)
رسالة في حديث الغدير
للسيّد علي خان بن خلف بن مطّلب بن حيدر بن محسن بن محمد بن فلاح الموسوي المشعشعي الحويزي ـ المتوفّى سنة 1088 هـ ـ والي الحويزة وحاكمها من سنة 1060 هـ إلى أن توفّي.
أجاب فيها عن شهبات السيّد الشريف الجرجاني ـ المتوفّى سنة 816 هـ ـ على هذا الحديث.
ذكره شيخنا رحمه الله في الذريعة 5/175، وترجم له في أعلام القرن الحادي عشر من طبقات أعلام الشيعة ترجمة مطولة، وذكر له كتاب " النور المبين في إثبات النصّ على أمير المؤمنين عليه السلام " وكان جيّد النظم باللغتين العربية والفارسية.
وله ترجمة في رياض العلماء 4/77 ـ 81، وأمل الآمل 2/186، وسلافة العصر: 545.
ومن شعره قوله من قصيدة:
ولولا حسام المرتضى أصبح الورى | وما فيهم مَن يعبدالله مسلما |
وأبناؤه الغرّ الكرام الاُوْلى بهم | أنار من الإسلام ما كان مظلما |
وأقسم لو قال الأنام بحبّهم | لَمّا خلق الربّ الكريم جهنّما |
وما منهم إلاّ إمامٌ مسوّدٌ | حسامٌ سطا بحرٌ طمى عارضٌ هما |
(39)
تفسير آية تبليغ الولاية
لمحمّد علي بن عناية الله التبريزي من أعلام القرن الحادي عشر، ترجم له شيخنا رحمه الله في طبقات أعلام الشيعة قرن 11 ص380 وقال: " عيّنه الشاه عباس الأول (996 ـ 1038) [ الصفوي ] بسمة شيخ الإسلام بتبريز، ورحل برهة إلى النجف ثم رجع ولما وصل الى الري توفي بها.
وهو يروي عن الملاّ عبدالله التستري الشهيد البخاري 997 ويروي عنه الحسين بن حيدر الكركي مفتي اصفهان... ".
أقـول: ويروي عن الشيخ بهاء الدين العاملي وعن السيد علي بن الحسين ابن أبي الحسن الموسوي العاملي الجبعي، وممن قرأ عليه السيد حبيب الله بن السيد علي أكبر الحسيني، وتوفي رحمه الله قبل سنة 1032 هـ.
وكتابه هذا حول تفسير قوله تعالى: { يا أيها الرسول بلّغ ما اُنزل إليك من ربّك وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته... }.
ونزولها في غدير خم والأمر بنصب علي إماماً وخليفة ووصيّاً، وفرغ من تأليفه في تبريز في جمادى الآخرة سنة 989.
منه مخطوطة في المكتبة المركزية بجامعة طهران في مجموعة قيّمة رقم 2144 تسمّى الدستور وصفت في فهرسها 9/819.
وطبع في المجلد الثاني من (ميراث اسلامى ايران) في قم سنة 1415 ص161.
القَرْنُ الثَّانِي عَشَرَ
(40)
كشف المهمّ
في طرق خبر غدير خُمّ
للسيّد هاشم بن سليمان بن إسماعيل الموسوي الكتكتاني التوبلي البحراني، المتوفى سنة 1107 هـ.
وهو العلاّمة الجليل، والمحدِّث المشهور، مؤلّف تفسير " البرهان " و" غاية المرام " وغيرهما، البالغ 75 كتاباً(1).
وفي هذا القرن، في عام 1125 هـ، أبدى الملك الصفوي الشاه سلطان حسين اهتماماً أكثر بهذا العيد الأغرّ، ورغب إلى علماء عصره أن يؤلّفوا رسائل خاصة في عيد الغدير وحديث الغدير وما اُثر عن العترة الطاهرة في هذا اليوم من مسنونات ومندوبات وأعمال وأدعية وزيارات، فألّف جمع منهم رسائل مفردة في الغدير وذكروا في المقدّمة اهتماماته في هذا العام لهذا اليوم التاريخي الخالد، والسعي في إحيائه وإحياء ذكراه لابُدّ ـ وعلى الصعيد الرسمي والشعبي ـ من تزيين البلاد وإقامة المهرجانات والإحتفالات، وتركها من مآثره الخالدة رحمه الله كما وأبدى هذا السلطان أيضاً اهتماماته بيوم ميلاد أمير المؤمنين عليه السلام في 13 رجب وأمر بإحياء ذكرى هذا اليوم المبارك أيضاً رحمه الله.
كما كانت الحكومات الشيعية في القرن الرابع، كالبهويهيّين في العراق،
____________
1- ترجم له معاصراه المحدث الحر العاملي في أمل الآمل 2/341 وميرزا عبدالله أفندي في رياض العلماء 5/298 مع الاطراء الكثير والثناء البليغ على علمه وورعه.
وقال ابن الأثير في حوادث سنة 375 هـ من كتاب الكامل 8/589: " وفيها عمل أهل بغداد يوم عاشوراء وغدير خُمّ كما جرت به عادتهم من إظهار الحزن يوم عاشوراء والسرور يوم الغدير ".
فيظهر أنّها كانت عادة مطّردة منذ سنين في منتصف القرن الرابع.
قال ابن الأثير في الكامل 9/155 وابن الجوزي في المنتظم 7/206 في حوادث سنة 389 هـ: " وقد كانت جرت عادة الشيعة في الكرخ وباب الطاق بنصب القباب وتعليق الثياب وإظهار الزينة في يوم الغدير، وإشعال النار في ليلته ونحر جمل في صبيحته، فأرادت الطائفة الاُخرى أن تعمل في مقابلة هذا شيئاً! فادّعت اليوم الثامن من يوم الغدير كان اليوم الذي حصل النبي صلّى الله عليه وسلّم في الغار وأبو بكر معه! [ على أنّه لا خلاف أنّ الهجرة كانت في ربيع الأول ] فعملت فيه مثل ما عملت الشيعة في يوم الغدير! وحصلت بأزاء يوم عاشوراء يوماً بعده بثمانية أيام نَسَبَتْه إلى مقتل مصعب بن الزبير وزارت قبره بمسكن! كما يزار قبر الحسين عليه السلام!! ".
أقـول: وليت الطائفة الاُخرى وقفت عند هذا الحدّ، ولم تتجاوزه إلى مجازر طائفيّة مؤلمة مؤسفة، قال ابن الجوزي في المنتظم 7/163 في حوادث سنة 381 هـ: " وفي اليوم الثامن عشر(1) من ذي الحجّة، وهو يوم الغدير، جرت فتنة بين أهل
____________
1- في المطبوع: الثاني عشر، وهو خطأ مطبعي.
وهكذا كانت هذه الوحشية تتجدّد بين فترة واُخرى، فإذا حلّ عاشوراء أقامت الشيعة عزاء الحسين عليه السلام إمامِهم وابن بنتِ نبيّهم، الذي قتلوه عطشاناً غريباً أقسى قتلة وأفظع جريمة، قتلوه جهاراً نهاراً، هو ومن كان معه من آل محمّد صلّى الله عليه وآله، منعوهم الماء وقتلوا رجالهم، وذبحوا أطفالهم، ونهبوا خيامهم وأحرقوها، وسَبوا بنات رسول الله صلّى الله عليه وآله وساقوها، اُسارى من بلد إلى بلد حتى أدخلوها على يزيد السكّير في مجلسه العامّ!
فالشيعة كانت ولا تزال متى ما حلّ عاشوراء تجدّدت عندهم هذه الذكريات فتقيم عزاءه وتظهر الحزن عليه، وكان ذلك أثقل شيء على اليزيديّين شيعة آل أبي سفيان، فكانوا كلّما مكّنتهم الظروف هجموا بالسلاح على هؤلاء الأبرياء العزّل الخارجين في عزاء إمامهم والمشاركين جدَّه النبي صلّى الله عليه وآله في الحزن عليه، فكانوا يهجمون عليهم قتلا وجرحاً ونهباً!! إعادةً لوحشية الجاهلية من غارة وقتل وسلب، وزادوا في الطنبور نغمة اُخرى، وهي إحراق محلاّت الشيعة بما فيها من أموال وأطفال ونساء وشيوخ!!
فاقرأ المصادر المؤرّخة على السنين كالمنتظم والكامل والبداية والنهاية وأمثالها تجد العجب العجاب وإن كانت مكتوبة بأقلام...
وهب أنّ القرن الرابع والخامس والسادس والسابع كان عصر العصبيّات والطائفيّات(2) فما بال هذه الوحشية والمجازر الطائفية لا تزال جارية في أيّام
____________
1- الكرخ: محلّة الشيعة، وباب البصرة: محلّة السُنّيّين وهو باب المعظم اليوم.
2- ومن نماذج ذلك أيضاً ما ذكره ابن أبي الحديد المعتزلي الشافعي في شرح نهج البلاغة وهو متحدّث عن فتنة المغول وقد عاصرها وعايشها قال في 8/237:
" ولم يبق لهم إلاّ أصبهان، فإنّهم نزلوا عليها مراراً في سنة 627 وحاربهم أهلها، وقتل من الفريقين مقتلة عظيمة ولم يبلغوا منها غرضاً، حتى اختلف أهل أصبهان في سنة 633، وهم طائفتان حنفية وشافعية، وبينهم حروب متّصلة وعصبية ظاهرة! فخرج قوم من أصحاب الشافعي إلى من يجاورهم ويتاخمهم من ممالك التتار، فقالوا لهم: اقصدوا البلد حتى نسلّمه إليكم!
فنقل ذلك إلى قاآن بن جنكيزخان بعد وفاة أبيه ـ والملك يومئذ منوط بتدبيره ـ فأرسل جيوشاً من المدينة المستجدة التي بنوها وسمّوها قراحرم، فعبرت جيحون مغربة، وانضمّ إليها قوم مِمن أرسله جرماغون على هيئة المدد لهم، فنزلوا أصفهان في سنة 633 المذكورة وحاصروها، فاختلف سيفا الشافعية والحنفية في المدينة حتى قتل كثير منهم! وفتحت أبواب المدينة، فتحها الشافعية!! على عهد بينهم وبين التتار أن يقتلوا الحنفية ويعفوا عن الشافعية! فلمّا دخلوا البلد بدؤوا بالشافعية فقتلوهم قتلا ذريعاً ولم يفوا مع العهد الذي عهدوه لهم، ثم قتلوا الحنفية، ثم قتلوا سائر الناس... ".
وراجع ـ كمثال آخر ـ عن الحروب بين هاتين الطائفتين كلمة " الريّ " في معجم البلدان.