القَرْنُ الرَّابِعُ عَشَرَ
53
لواء الحمد
للشيخ صارم الدين محمد الشريف ابن الشيخ محمد إبراهيم بن محمد إسماعيل ابن محمد إبراهيم ابن المولى محمد صادق الأردستاني اليزدي الحائري.
ذكره شيخنا رحمه الله في الذريعة 18/356 قال: " لواء الحمد: في وقائع حجّة الوداع وفضل يوم الغدير وخطبة النبي صلّى الله عليه وآله... وبعض القصائد [ الغديرية ]... فرغ منه في سنة 1304 هـ، وطبع بعدها بسنة في بمبيء على الحجر.
أوله: (الحمد لله الذي جعلنا من اُمّة محمد صلّى الله عليه وآله...).
وفي آخره قصيدتان للمؤلف في مدح أمير المؤمنين عليه السلام ".
أقـول: والقصيدتان باللغة العربية، أولاهما في 74 بيتاً، وثانيتهما في 58 مخمّساً، آخرها:
«صارم الدين عبدكم بفناكم | سادتي قد أتاكم ورجاكم |
مستجير بحبّكم وولاكم | وهو يرجو في النشأتين حباكم |
كذا ذكره كلّه شيخنا رحمه الله في قسم الدواوين والشعر والشعراء من الذريعة 9/583 وقال: " ورأيت بخطّه بعض مراثيه الفارسية، فهو شاعر ذو لسانين ".
وله ترجمة في أعيان الشيعة 45/313.
54
الرحيق المختوم
لتاج العلماء السيّد علي محمد ابن سلطان العلماء السيد محمد ابن السيد دلدار علي النقوي الهندي النصيرآبادي اللكهنوي (1260 ـ 1312 هـ).
ولد بالهند في اُسرة علمية عريقة في العلم والفضل والسيادة والزعامة، آباؤه وأعلام اُسرته كلّهم علماء أجلاّء أفاضل، أصحاب مؤلفات كثيرة في شتّى الفنون وألوان من المعرفة، وجدّه الأعلى السيد دلدار علي ـ المتوفى سنة 1235 هـ ـ مؤسّس كيان الاُسرة، بل مؤسّس كيان الشيعة والتشيّع في الديار الهندية، فهو شيخ أعلام الطائفة بها واُستاذ علمائها.
قال عبد الحيّ في ترجمته في نزهة الخواطر 7/166: " ثم إنّه بذل جهده في إحقاق مذهبه وإبطال غيره، لا سيما الأحناف والصوفية والأخبارية حتى كاد يعمّ مذهبه في بلاد إود ويتشيّع كلّ من الفرق... ".
وأمّا حفيده ـ مؤلّفنا ـ فنشأ في هذه الاُسرة نشأة علمية وتعلّم المبادئ والعلوم والآداب عند السيد محمّد عبّاس التستري وغيره، ثم رحل في طلب العلم إلى كربلاء والنجف، فقرأ على أكبر أعلامها كالفاضل الأردكاني والسيد علي نقي الطباطبائي في كربلاء، والشيخ راضي الفقيه في النجف الأشرف وغيرهم.
ترجم له شيخنا رحمه الله في أعلام القرن الرابع عشر من طبقات أعلام
ثم عدّد كثيراً من مؤلّفاته، كما نثرها في الذريعة أيضاً ومنها كتابه هذا ذكره في الذريعة 10/173 فقال: " الرحيق المختوم في قضيّة الغدير... ".
وله ترجمة في نزهة الخواطر 8/331.
55
الغديريّة
للعلاّمة الجليل المشارك في جملة من العلوم والفنون السيد ميرزا محمد حسين ابن محمد علي الحسيني الشهرستاني المرعشي الحائري (1255 ـ 1315 هـ).
قال شيخنا رحمه الله في الذريعة 16/27: " الغديرية: قصيدة في وصف يوم الغدير وقضيّته للحاج ميرزا حسين الشهرستاني توجد في خزانة كتبه... ".
وترجم له في نقباء البشر 2/672 وسرد نسبه الشريف إلى الحسين بن عليّ ابن ابي طالب عليهم السلام، ثم تكلّم عن اُسرته الكريمة فقال:
" آل الشهرستاني من بيوت العلم العلوية الجليلة في الحائر الحسيني المقدّس، وهي اُسرة شريفة النسب، قديمة في العلم، لأفرادها مكانتهم السامية في النفوس، نبغ فيها غير واحد من الفطاحل والجهابذة... ".
أقـول: ومن أشهرهم سيّدنا المؤلف رحمه الله فقد اشتهر بالنبوغ منذ صغره، وشارك في جملة من العلوم والفنون القديمة والحديثة وألّف فيها نحو ثمانين مؤلّفاً ما بين فارسي وعربي، ومطبوع ومخطوط، وكان يشبّه في عصره ببهاء الدين العاملي
وكان اُستاذه الفاضل الأردكاني رحمه الله لا يبدأ بالتدريس حتى يحضر هذا التلميذ الشابّ، وهو يومئذ أصغر القوم، وكان يقدّمه ويفضّله على كبار تلامذته من أصحاب الفضيلة والسنّ العالية.
وقد ترجم له شيخنا رحمه الله في النقباء ترجمة حسنة من ص627 ـ 631 فليراجع.
ونجد الحديث عن حياته واُسرته ومكتبته في " تراث كربلاء " ص281 و142 و321.
وله ترجمة في أعيان الشيعة 9/232 وفي مستدركه 1/180.
56
منية البصير في بيان كيفيّة الغدير
للحاج ميرزا أبو الفضل ابن ميرزا أبو القاسم بن محمد علي بن هادي، النوري الأصل، الطهراني (1273 ـ 1316 هـ).
كان جدّه الحاج هادي تاجراً، وهو أول من هاجر من نور إلى طهران، ونور من بلاد مازندران قريبة من آمل وكانت نور تسمّى قديماً (ناتل) والنسبة إليها الناتلي.
وأبوه الفقيه المتبحّر ميرزا أبو القاسم كلانتر (1236 ـ 1292) كان من أجلاّء علماء عصره، ومن أرشد تلامذة الشيخ مرتضى الأنصاري في النجف ومعيد درسه للطلاّب، وكان ينوب عنه في الدرس، وكتب تقرير دروس اُستاده الشيخ الأنصاري وطبع غير مرّة باسم " مطارح الأنظار " ولابنه أبي الفضل رسالة مفردة
وأمّا مؤلّفنا فقد كان اُعجوبة زمانه ونابغة عصره في النظم والنثر باللسانين الفارسي والعربي، وله مشاركة قويّة في أكثر فنون عصره.
ترجم له شيخنا الطهراني رحمه الله في نقباء البشر 1/53 وأطراه بقوله: " عالم متفنّن، وفقيه متبحّر، كان عالماً فاضلا عارفاً فقيهاً اُصولياً رجالياً مؤرّخاً، شاعراً في اللغتين، متبحّراً في أكثر الفنون، لم ير نظيره في عصره بكثرة الحفظ، فقد كان يحفظ الاُلوف من شعر العرب والفرس... ".
درس العلوم الأدبية والرياضيات والفلك والفلسفة وغيرها من العلوم والفنون في طهران، ثم رحل إلى النجف الأشرف لإنهاءِ دروسه، فحضر في الفقه واُصوله على أعلامها كالميرزا حبيب الله الرشتي وغيره، ثم هاجر إلى سامرّاء فحضر على ميرزا محمد حسن الشيرازي زعيم الطائفة في ذلك العصر، واجتمع هناك بالسيد حيدر الحلّي الشاعر المشهور فتجاريا في الشعر والفنون الأدبية فغلبه المؤلف لكثرة محفوظاته وحدّة ذهنه واستحضاره، وعجز عنه السيد حيدر فمدحه بقصيدة رائية مطبوعة في ديوانه ص203 أولها:
يا أبا الفضل كلّما قلت شعرا | فيه أودعت من بيانك سحرا |
كما أنّ للسيد محمد سعيد الحبوبي أيضاً قصيدة في مدح مؤلّفنا مطبوعة في ديوانه ص119 منها قوله:
والفضل للمولى أبي الفضل الذي | أرسى مضاربه على العيوقِ |
المنطق الخرس اليراعة بالذي | أوحى لها والمخرس المنطيقِ |
ثم حكى عن صاحب " الحصون المنيعة " قوله: " وكان حادّ الذهن، سريع الانتقال، دقيق الفكر، حسن المحاضرة... ".
واستشهد معاصره شمس العلماء في صنعة الاشتقاق من المحسّنات البديعة في كتابه " أبدع البدايع " بشعر لمؤلفنا وهو قوله:
لولا تمنطقه ومنطقه | لم يعرف الناس منه خاصراً وفما |
وقال في الفخر:
أنا موسى شرع البيان وطرسي | إن تأمّلته يدٌ بيضاءُ |
ويراعي إن اُلقه فهو ثعبان | مبين تفنى به الأعداءُ |
وبياني أنفاس عيسى ففيه | لمصاب بالجهل حقّاً شفاءُ |
وأنا الروح والحقائق عيسى | والعبارات مريمُ عذراءُ |
وقال:
بي غرّةُ المجد المؤثّل تشدخ | ومآذن العزّ المبلّج تشمخُ |
في سؤدد عال وعلم معرق | ومكارم آثارهم لا تُنسخُ |
وله مؤلّفات عدّة في فنون شتّى، نظم ونثر، مطبوع وغير مطبوع، فمن مطبوعها ديوانه وكتابه " شفاء الصدور في شرح زيارة عاشور " طبع مرّتين، الاُولى حجرية والثانية حروفية في مجلدين، وله في مقدّمته ومقدّمة الديوان ترجمة مبسوطة وتعداد مؤلّفاته ومنها كتابه هذا " منية البصير " كما ذكره الخاقاني أيضاً في ترجمته في " شعراء الغريّ ".
وعاد المؤلّف من سامرّاء إلى طهران عام 1309 هـ، وأقام بها زعيماً روحياً
نماذج من نظمه:
نكتفي من شعره هنا بما نظمه رحمه الله في مدح أمير المؤمنين عليه السلام، ونكتفي منها بما يخصّ الغدير فحسب، فمنها من لاميّة له في مدحه عليه السلام قوله:
أوحى الجليلُ بمدحه: لا سيف | إلاّ ذو الفقار ولا فتى إلاّ علي |
جلّت مناقبهُ العظامُ ودونها | نجم السما عن أن تعدّ بمقولِ |
نصّ الغدير على خصائص ذاته | بضيائه سحب العماية تنجلي |
من فيضه علم العقول ونورها | والبحر أصل العارض المتهلّل |
لولا قديمٌ من نداه مؤبّدٌ | ما إنْ ظفرتَ بصورة في هيكلِ |
لو كان يستوفي جليل صفاته | بلسان مرقم عبقريٍّ مقولِ |
لقضيت حقّ بيانه لكنّه | ردّ المؤمّل حيرة المتأمّلِ |
إلى آخر القصيدة.
وله من لاميّة اُخرى أولها:
طرقتنا بثينة بالدَخول | وهي تجلو عن المحيّا الجميلِ |
يقول فيها:
وله في الغدير أبهى دليل | بالمعالي أبلج به من دليلِ |
إذ علا المصطفى على ذروة الأ | حداجِ ينبيهم بوحيِ الجليلِ |
أنّ مَن كنتُ منه بالنفس أوْلى | فعَليٌّ هذا أخي ووكيلي |
روحُ قلبي ومهجتي وسروري | خيرُ مولىً له وخيرُ كفيلِ |
كن شهيداً عَلَيَّ ربِّ فقد بلَّغتُ | ما جاءني بلا تبديلِ |
والِ ربّي من فازَ منه بحبٍّ | وأذِق خصمَهُ عذابَ النكيلِ |
وقوله من نونية في مدحه عليه السلام:
نفس النبي بنصّ في مباهلة | لصنوه المصطفى مع وفد نجرانِ |
وفي ولايته نصّ النبي بها | يوم الغدير كفى عن كلّ تبيانِ |
من كنت مولاه ذا مولاه فاعتصموا | بحبله إنّ من والاه والاني |
وقوله من رائية مطبوعة في ديوانه ص121 ـ 125:
فإذا سقيت الرّاح فاشدُ مغنيّاً | والعب بعود ناغم في المزهرِ |
واسق النّدامى صفو شعري بينما | تسقى العقار وبالغدير فبشّرِ |
يوم به راى الهداية أُعليت | وعلا خطيبُ الدين فوق المنبرِ |
يوم أتمّ الله نعمتَه على | الإسلام فيه عقيب مرّ الأعصرِ |
قام الوصيُّ بنصبه خيرُ الورى | علماً يزيل ضلال من لم يبصرِ |
قد كان يؤمر بالبلاغ ولم يزل | أن لا يطيع القوم رهن تأخّرِ |
فأتاه جبريل بمنشور الهدى | ذكِّر وما بلَّغت إن لم تذكرِ |
فرقى ذرى الأحداج في ديمومة | تشوى الحشا من حرّها المتسعّرِ |
أبناء قيلة والمهاجر كلّهم | فيها وهم في مسمع بل منظرِ |
فعلا عليّاً وهو فوق يمينه | كالشمس فوق عمود صبح نيّرِ |
وكأنّه لَمّا تراءى فوقها | قطب الهداية فوق خطّ المحورِ |
وغدا يسائلهم ويخبرهم بما | بالوحي جاء من العليِّ الأكبرِ |
أوَلستُ أوْلى منكم بنفوسكم؟ | قالوا: بلى، فدعا جموع المعشرِ |
هذا عليّ وهو خير رجالكم | أكرِم به من طاهر ومطهَّرِ |
مَن كنتُ مولاه فذا مولىً له | وهو الإمام وما سواه المفتري |
وهو الخليفة لي ومن أولاده | خلفائي الغرّ الكرامِ المخبرِ |
فبنورهم تُجلى حناديسُ العَمى | وعليهم تثنى عقود الخِنصرِ |
فارعوا ذمام وصيّتي بولائه | فليبلغ الشّهّاد من لم يحضرِ |
لاهُمّ مَن والاهُ والِ وعادِ من | عاداه وانصر جنده في المحشرِ |
وكن الشهيدَ فقد وفيتُ بذمّتي | وذكرتُ ما أوعدت إنْ لم أذكرِ |
واشهد عليهم إنّهم قد بُلّغوا | لفّوا الضّلوع على نفاق مضمرِ |
قالوا له: " بخٍّ " ولكن أضمروا | إحَناً بدت بعد ارتحالِ المُنذِرِ |
وله أيضاً من قوله في قصيدة رائية اُخرى في ديوانه ص125 ـ 129:
وإلى الحمائم فاستمع | ماذا تغرّد في الصّفيرِ |
فكأنّها ينهى السّوا | مع قد أتى عيدُ الغديرِ |
يومٌ به قد أصبح الإ | يمان في روض نضيرِ |
يومٌ به رُصّت معا | هدُه وكانت في دثورِ |
يومٌ به ارتفعت برا | قعُ وَجْنة الحقّ السّتيرِ |
يومٌ أتى فيه النّبيُّ | وكان في جمٍّ غفيرِ |
نحو العميم وفسحة | البيداء ضاقت بالنّفيرِ |
فأتاه عزم ماله | من مدفع للمستجيرِ |
فأتى الغدير وقد رقى | ذروات أحداج البعيرِ |
فأتى بقول يزدهي | عقد اللآلي في النّحورِ |
وأرقّ من سلسال عَذْ | ب سائغ صاف نميرِ |
فعلا عليّاً بينهم | ليروا ويأبوا عن نكيرِ |
ينهيهم قد جاءني | وحيٌ من الفردِ البصيرِ |
أن أنصبنَّ رجلا إما | ماً للصّغيرِ وللكبيرِ |