فسبحت الملائكة بتسبيحنا(1) ولولا تسبيح أنوارنا ما دروا كيف يسبحون الله ولا كيف يقدسونه، ثم إن الله خلق الهواء فكتب عليه لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي أمير المؤمنين وصيه، به أيدته وبه نصرته، ثم خلق الله الجن فأسكنهم الهواء وأخذ الميثاق منهم له بالربوبية ولمحمد (صلى الله عليه وآله) بالنبوة، ولعلي بالولاية، فأقر منهم من أقر وجحد من جحد(2) فأول من جحد إبليس لعنه الله فختم له بالشقاوة، وما صار إليه. ثم أمر الله تعالى أنوارنا أن تسبح فسبحت فسبحوا(3) بتسبيحنا، ولولا ذلك ما دروا كيف يسبحون الله ثم خلق الله الأرض فكتب على أطرافها لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي أمير المؤمنين وصيه، به أيدته وبه نصرته، فبذلك يا جابر قامت السماوات بلا عمد(4) وثبتت الأرض، ثم خلق الله تعالى آدم (عليه السلام) من أديم الأرض ونفخ فيه(5) من روحه ثم أخرج ذريته من صلبه فأخذ عليهم الميثاق له بالربوبية، ولمحمد بالنبوة، ولعلي بالولاية، أقر منهم من أقر وجحد منهم من جحد. فكنا أول من أقر بذلك، ثم قال لمحمد: وعزتي وجلالي وعلو شأني لولاك ولولا علي وعترتكما الهادون المهديون الراشدون ما خلقت الجنة ولا النار، ولا المكان، ولا الأرض، ولا السماء، ولا الملائكة، ولا خلقا يعبدني، يا محمد أنت حبيبي، وخليلي وصفيي، وخيرتي من خلقي، أحب الخلق إلي وأول من ابتدأت من خلقي(6) ثم من بعدك الصديق علي بن أبي طالب أمير المؤمنين وصيك، به أيدتك ونصرتك، وجعلته العروة الوثقى ونور أوليائي، ومنار الهدى، ثم هؤلاء الهداة المهتدون من أجلكم ابتدأت خلق ما خلقت، فأنتم خيار خلقي (وأحبائي، وكلماتي، وأسمائي الحسنى، وأسبابي وآياتي الكبرى، وحجتي فيما بيني وبين خلقي)(7) فخلقتكم من نور عظمتي واحتجب بكم عن من سواكم من خلقي، وجعلتكم أستقبل بكم، واسأل بكم، وكل شئ هالك إلا وجهي، وأنتم وجهي لا تبيدون ولا تهلكون، ولا يبيد ولا يهلك من تولاكم، ومن استقبلني بغيركم فقد ضل وهوى، وأنتم خلقي وحملة سري، وخزان علمي وسادة أهل السماوات وأهل الأرض، ثم إن الله تعالى هبط إلى الأرض في ظلل من الغمام(8) والملائكة، وأهبط أنوارنا أهل البيت معه، فأوقفنا صفوفا بين
____________
(1) في البحار: ثم أمر الله تعالى أنوارنا أن تسبح فسبحت، فسبحوا بتسبيحنا.
(2) في البحار: فأقر منهم بذلك من أقر، وجحد منهم من جحد.
(3) المراد الجن.
(4) في البحار: بغير عمد.
(5) في البحار: فسواه ونفخ فيه.
(6) في البحار: وأول من ابتدأت إخراجه من خلقي.
(7) ما بين القوستين من زيادات النسخة المطبوعة، وغير موجود في المخطوطة والبحار.
(8) قال مصحح البحار: في بعض نسخ البحار [ أهبط إلى الأرض ظللا من الغمام ].
ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): " فنحن أول خلق ابتدأ الله(4)، وأول خلق عبد الله وسبحه، ونحن سبب خلق الخلق، وسبب تسبيحهم وعبادتهم من الملائكة والآدميين فبنا عرف الله وبنا وحد الله، وبنا عبد الله، وبنا أكرم الله من أكرم من جميع خلقه وبنا أثاب الله من أثاب، وعاقب من عاقب، ثم تلا قوله تعالى: * (وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون) *(5) [ وقوله تعالى ]: * (قل إن كان للرحمان ولد فأنا أول العابدين) *(6) فرسول الله (صلى الله عليه وآله) أول من عبد الله، وأول من أنكر أن يكون له ولد أو شريك، ثم نحن بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم أودعنا بعد ذلك صلب آدم (عليه السلام)(7) فما زال ذلك النور ينتقل من الأصلاب والأرحام من صلب إلى صلب، ولا استقر في صلب إلا تبين عن الذي انتقل منه انتقالها، وشرف الذي استقر فيه، حتى صار في عبد المطلب، فوقع بأم عبد الله فاطمة فافترق النور جزئين: جزء في عبد الله، وجزء في أبي طالب، فذلك قوله تعالى: * (وتقلبك في الساجدين) *(8) يعني في أصلاب النبيين وأرحام نسائه فعلى هذا أجرانا الله تعالى في الأصلاب، والأرحام حتى أجرانا في أوان عصرنا وزماننا، فمن زعم أنا لسنا ممن جرى في الأصلاب والأرحام وولدنا الآباء والأمهات فقد كذب "(9).
الثامن: الشيخ الطوسي في (مصابيح الأنوار) عن أنس بن مالك قال: صلى بنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) في بعض الأيام صلاة الفجر، ثم أقبل علينا بوجهه الكريم فقلت: يا رسول الله إن رأيت أن تفسر لنا قول الله عز وجل * (أولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا) *(10) فقال - (صلى الله عليه وآله) -: " أما النبيون فأنا، وأما الصديقون فأخي علي بن أبي طالب، وأما
____________
(1) أراد بذلك قربهم المعنوي إلى الله تعالى.
(2) في البحار: بأخذ الميثاق منهم له بالربوبية.
(3) إشارة إلى قوله تعالى: * (وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى) *.
(4) في البحار: فنحن أول خلق الله.
(5) الصافات: 165 - 166.
(6) الزخرف: 81.
(7) في البحار: ثم أودعنا بذلك النور صلب آدم.
(8) الشعراء: 219.
(9) بحار الأنوار 25 / 17 - 20.
(10) النساء: 68.
قال: وكان العباس حاضرا فوثب وجلس بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال: ألسنا أنا وأنت وعلي وفاطمة والحسن والحسين من نبعة واحدة؟ قال: " وكيف ذلك يا عم "؟. قال العباس: لأنك تعرف بعلي وفاطمة والحسن والحسين دوننا فتبسم النبي وقال: " أما قولك يا عم ألسنا نبعة واحدة فصدقت ولكن يا عم، إن الله خلقني وعليا وفاطمة والحسن والحسين قبل أن يخلق الله آدم حيث لا سماء مبنية ولا أرض مدحية ولا ظلمة ولا نور، ولا جنة ولا نار، ولا شمس ولا قمر ".
قال العباس: وكيف كان بدؤ خلقكم يا رسول الله؟
قال: " يا عم لما أراد الله أن يخلقنا تكلم بكلمة خلق منها نورا ثم تكلم بكلمة فخلق منها روحا فمزج النور بالروح فخلقني وأخي عليا وفاطمة والحسن والحسين فكنا نسبحه حين لا تسبيح، ونقدسه حين لا تقديس، فلما أراد الله أن ينشئ الصنعة فتق نوري فخلق منه العرش، فالعرش من نوري ونوري من نور الله، ونوري أفضل من العرش.
ثم فتق نور أخي علي بن أبي طالب فخلق منه الملائكة فالملائكة من نور علي ونور علي من نور الله، وعلي أفضل من الملائكة.
ثم فتق نور ابنتي فاطمة فخلق منه السماوات والأرض فالسماوات والأرض من نور ابنتي ونور ابنتي فاطمة من نور الله عز وجل، وابنتي فاطمة أفضل من السماوات والأرض.
ثم فتق نور ولدي الحسن وخلق منه الشمس والقمر، فالشمس والقمر من نور ولدي الحسن، ونور ولدي الحسن من نور الله، والحسن أفضل من الشمس والقمر، ثم فتق نور ولدي الحسين فخلق منه الجنة والحور العين فالجنة والحور العين من نور ولدي الحسين، ونور ولدي الحسين من نور الله، وولدي أفضل من الجنة والحور العين.
ثم أمر الله الظلمات أن تمر بسحائب الظلم فاظلمت السماوات على الملائكة فضجت الملائكة بالتسبيح والتقديس وقالت: إلهنا وسيدنا مذ خلقتنا وعرفتنا هذه الأشباح لم نر بؤسا فبحق هذه الأشباح إلا ما كشفت عنا هذه الظلمة، فأخرج الله من نور ابنتي فاطمة قناديل فعلقها في بطنان العرش فأزهرت السماوات والأرض، ثم أشرقت بنورها، فلأجل ذلك سميت الزهراء، فقالت الملائكة: إلهنا وسيدنا لمن هذا النور الزاهر الذي أشرقت به السماوات والأرض؟ فأوحى الله إليها هذا نور اخترعته من نور جلالي لأمتي فاطمة بنت حبيبي، وزوجة وليي، وأخ نبيي، وأب حججي على عبادي، أشهدكم يا ملائكتي أني قد جعلت ثواب تسبيحكم وتقديسكم لهذه
فلما سمع العباس من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وثب قائما وقبل ما بين عيني علي (عليه السلام) وقال: والله أنت يا علي الحجة البالغة لمن آمن بالله واليوم الآخر(1).
التاسع: شرف الدين النجفي في كتاب (تأويل الآيات الباهرة في فضائل العترة الطاهرة) قال:
روي الشيخ محمد بن الحسن، عن محمد بن وهبان، عن أبي جعفر محمد بن علي بن رحيم، عن العباس بن محمد، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة قال: قال: حدثني أبي، عن أبي نصير يحيى بن أبي القاسم قال: سأل جابر ابن يزيد الجعفي جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) عن تفسير هذه الآية: * (وإن من شيعته لإبراهيم) *(2) فقال (عليه السلام): " إن الله سبحانه لما خلق إبراهيم (عليه السلام) كشف له عن بصره فنظر فرأى نورا إلى جنب العرش فقال: إلهي ما هذا النور؟ فقيل: هذا نور محمد صفوتي من خلقي، ورأى نورا إلى جنبه فقال: إلهي وما هذا النور؟ فقيل له: هذا نور علي ابن أبي طالب ناصر ديني، ورأى إلى جنبيهما ثلاثة أنوار فقال: إلهي وما هذه الأنوار؟ فقيل: هذه فاطمة فطمت محبيها من النار، ونور ولديها الحسن والحسين فقال: إلهي وأرى تسعة أنوار قد حفوا بهم؟ قيل: يا إبراهيم هؤلاء الأئمة من ولد علي وفاطمة، فقال إبراهيم: إلهي بحق هؤلاء الخمسة إلا ما عرفتني من التسعة؟ قيل: يا إبراهيم، أولهم علي بن الحسين وابنه محمد، وابنه جعفر، وابنه موسى، وابنه علي، وابنه محمد، وابنه علي، وابنه الحسن والحجة القائم ابنه، فقال إبراهيم: إلهي وسيدي أرى أنوارا قد أحدقوا بهم لا يحصي عددهم إلا أنت؟ قيل: يا إبراهيم هؤلاء شيعتهم، شيعة علي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، فقال إبراهيم: وبما تعرف شيعته؟
قال: بصلاة الإحدى وخمسين، والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، والقنوت قبل الركوع، والتختم في اليمين، فعند ذلك قال إبراهيم: اللهم اجعلني من شيعة أمير المؤمنين، قال فأخبر الله في كتابه فقال: * (وإن من شيعته لإبراهيم) *(3).
العاشر: ابن بابويه في (كتاب النصوص على الأئمة الاثني عشر) قال: حدثنا أبو الحسن علي بن الحسين بن محمد قال: حدثنا أبو محمد هارون بن موسى في شهر ربيع الأول سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة، قال: حدثني أبو علي محمد بن همام قال: حدثني أبو علي بن كثير(4) البصري قال:
____________
(1) بحار الأنوار 25 / 16. باختلاف في اللفظ.
(2) الصافات: 37.
(3) بحار الأنوار 36 / 151.
(4) في المخطوط: عامر بن كثير.
قال هارون: وحدثنا حيدر بن محمد نعيم السمرقندي، قال: حدثنا أبو النضر محمد بن مسعود العياشي، عن يوسف بن السحت البصري، قال: حدثنا منجاب بن الحرث، قال: حدثنا محمد بن بشار، عن محمد بن جعفر عبد ربه قال: حدثنا شعبة، عن هشام بن زيد عن أنس بن مالك قال: كنت أنا، وأبو ذر وسلمان، وزيد بن ثابت، وزيد بن أرقم عند النبي (صلى الله عليه وآله) إذ دخل الحسن والحسين، فقبلهما رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقام أبو ذر فانكب عليهما وقبل أيديهما، ثم رجع فقعد معنا، فقلنا له سرا: يا أبا ذر أنت رجل شيخ من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) تقوم إلى صبيين من بني هاشم فتنكب عليهما وتقبل أيديهما؟! فقال: نعم لو سمعتم ما سمعت فيهما من رسول الله (صلى الله عليه وآله) لفعلتم بهما أكثر مما فعلت، قلنا: وماذا سمعت يا أبا ذر؟ قال: سمعته يقول لعلي ولهما: " والله(2) لو أن رجلا صلى وصام حتى يصير كالشن البالي إذا ما نفع(3) صلاته وصومه إلا بحبكم، يا علي من توسل إلى الله عز وجل بحبكم فحق على الله أن لا يرده، يا علي من أحبكم وتمسك بكم فقد تمسك بالعروة الوثقى ".
قال: ثم قام أبو ذر وخرج وتقدمنا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقلنا: يا رسول الله أخبرنا أبو ذر عنك بكيت وكيت، فقال: " صدق أبو ذر، والله ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر "، ثم قال (صلى الله عليه وآله): " خلقني الله تبارك وتعالى وأهل بيتي من نور واحد قبل أن يخلق آدم بتسعة(4) آلاف عام، ثم نقلنا إلى صلب آدم (عليه السلام)، ثم نقلنا من صلب آدم إلى أصلاب الطاهرين، وإلى أرحام الطاهرات ".
قلنا يا رسول الله: فأين كنتم؟ وعلى أي مثال كنتم؟ قال: " كنا أشباحا من نور تحت العرش نسبح الله ونحمده(5)، ثم قال (صلى الله عليه وآله) لما عرج بي إلى السماء وبلغت سدرة المنتهى ودعني جبرائيل (عليه السلام) فقلت حبيبي جبرائيل أفي مثل هذا المقام تفارقني؟. فقال: يا محمد إني لا أجاوز هذا الموضع(6) فتحترق أجنحتي، ثم زخ(7) بي في النور ما شاء الله، فأوحى الله إلي يا محمد إني اطلعت إلى
____________
(1) في المخطوط: مسكين بن كثير.
(2) في الإرشاد، والبحار: يا علي والله.
(3) في الإرشاد والبحار: ما تنفعه.
(4) في الإرشاد والبحار: بسبعة.
(5) في البحار وإرشاد القلوب: نقدسه ونمجده.
(6) في البحار وإرشاد القلوب: إني لا أجوزه.
(7) زخ به: أي دفع ورمى.
قلنا: بآبائنا وأمهاتنا أنت يا رسول الله لقد قلت عجبا!
فقال (صلى الله عليه وآله) وأعجب من هذا أن أقواما يسمعون مني(2) هذا ثم يرجعون على أعقابهم بعد إذ هداهم الله ويؤذوني فيهم، ما لهم لا أنالهم الله شفاعتي(3).
الحادي عشر: ابن بابويه من (النصوص) أيضا قال: أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن عبد الله، قال: حدثنا أبو طالب عبد الله بن أحمد بن يعقوب بن نصر الأنباري، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن مسروق قال: حدثنا عبد الله بن شعيب قال: حدثنا محمد بن زياد التميمي(4) قال: حدثنا سفيان بن عيينة قال: حدثنا عمران بن داود قال: حدثنا محمد بن الحنفية قال: قال أمير المؤمنين - صلوات الله عليه - سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: " قال الله تبارك وتعالى: لأعذبن كل رعية دانت بطاعة إمام ليس مني وإن كانت الرعية في نفسها برة، ولأرحمن كل رعية دانت بإمام عادل مني وإن كانت الرعية في نفسها غير برة ولا تقية "، ثم قال: " يا علي أنت الإمام والخليفة بعدي، حربك حربي وسلمك سلمي، وأنت أبو سبطي، وزوج ابنتي، من ذريتك الأئمة المطهرون، فأنا سيد الأنبياء وأنت سيد الأوصياء، وأنا وأنت من شجرة واحدة، ولولانا لم يخلق الله الجنة ولا النار ولا الأنبياء ولا الملائكة ".
قال: قلت: يا رسول الله فنحن أفضل من(5) الملائكة؟ قال: " يا علي نحن خير خليقة الله على
____________
(1) في إرشاد القلوب: والحجة بن الحسن يلألأ وجهه من بينهم نورا.
(2) في البحار وإرشاد القلوب: يسمعون مني هذا الكلام.
(3) بحار الأنوار 36 / 301، إرشاد القلوب 2 / 205.
(4) في البحار: السهمي.
(5) في البحار: أم.
يا علي أنت مني وأنا منك، وأنت أخي ووزيري، فإذا مت ظهرت لك ضغائن في صدور قوم وستكون بعدي فتنة صماء صيلم(1) يسقط فيها كل وليجة وبطانة، وذلك عند فقدان شيعتك الخامس من ولد السابع من ولدك، يحزن لفقده أهل الزمان والأرض(2) فكم مؤمن ومؤمنة متأسف ومتلهف حيران عند فقده ".
ثم أطرق مليا ثم رفع رأسه وقال: " بأبي وأمي سميي وشبيهي وشبيه موسى بن عمران عليه جيوب النور - أو قال: جلابيب النور - يتوقد من شعاع القدس، كأني بهم آيس ما كانوا، ثم ينادي بنداء يسمعه من البعيد كما يسمعه من القريب(3) يكون رحمة على المؤمنين وعذابا على المنافقين، قلت: وما ذاك النداء؟ قال: ثلاثة أصوات في رجب: أولها، ألا لعنة الله على الظالمين، والثاني: أزفت الآزفة، والثالث يرون بدنا بارزا مع قرن الشمس ينادي: ألا إن الله قد بعث فلان بن فلان حتى ينسبه إلى علي (عليه السلام) فيه هلاك الظالمين، فعند ذلك يأتي الفرج، ويشفي الله صدورهم ويذهب غيظ قلوبهم، قلت: يا رسول الله فكم يكون بعدي من الأئمة؟ قال: بعد الحسين تسعة والتاسع قائمهم "(4).
الثاني عشر: الشيخ الثقة محمد بن العباس بن ماهيار صاحب التفسير في (ما نزل في القرآن في أهل البيت) قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عمر بن يونس الحنفي اليماني(5)، عن داود بن سليمان المروزي، عن الربيع بن عبد الله الهاشمي، عن أشياخ من آل(6) علي بن أبي طالب قالوا: قال علي (عليه السلام) في بعض خطبه: " إنا آل محمد كنا أنوارا حول العرش فأمرنا الله تعالى بالتسبيح فسبحنا وسبحت الملائكة بتسبيحنا، ثم أهبطنا إلى الأرض فأمرنا بالتسبيح فسبحنا فسبح أهل الأرض بتسبيحنا * (فإنا لنحن الصافون، وإنا لنحن المسبحون) *(7) ".
ومن ذلك ما روي مرفوعا عن محمد بن زياد: قال سأل ابن مهران عبد الله بن العباس عن تفسير
____________
(1) الأمر الشديد والداهية.
(2) في البحار: أهل الأرض والسماء.
(3) في البحار: يسمعه من البعد كما يسمعه من القرب.
(4) بحار الأنوار: 36 / 337.
(5) في البحار: اليمامي.
(6) في البحار: من آل محمد عن علي.
(7) الصافات 165 - 166، والحديث رواه المجلسي في البحار: 24 / 88، عن كنز جامع الفوائد.
فقلت: يا رسول الله ومن هم الأئمة؟(6) قال: " أحد عشر(7) وأبوهم علي بن أبي طالب، ثم قال النبي (صلى الله عليه وآله) الحمد لله الذي جعل محبة علي والإيمان سببين - يعني سببا لدخول الجنة وسببا للفوز من النار -(8).
الثالث عشر: محمد بن يعقوب عن أحمد بن إدريس، عن الحسين بن عبد الله، عن محمد بن عيسى، ومحمد بن عبد الله، عن علي بن حديد، عن مرازم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال الله تبارك وتعالى: " يا محمد إني خلقتك وعليا نورا يعني روحا بلا بدن قبل أن أخلق سماواتي وأرضي
____________
(1) في البحار: أن الملائكة تتعلم منا التسبيح والتهليل، وكل شئ يسبح الله ويكبره ويهلله بتعليمي وتعليم علي، وكان في علم الله السابق.
(2) في البحار: وكذا كان في علمه أن لا يدخل.
(3) في إرشاد القلوب: فإذا أراد أحدهم.
(4) في البحار: فقطر.
(5) في البحار وإرشاد القلوب: في إنائه الذي يشرب فيه.
(6) في البحار: كم هم.
(7) في البحار: أحد عشر مني.
(8) بحار الأنوار: 24 / 88 و: 26 / 245، إرشاد القلوب 2 / 195 ط بيروت.
الرابع عشر: الشيخ في أماليه قال: أخبرنا الحسين بن عبيد الله الغضائري عن علي بن محمد العلوي، قال: حدثنا الحسين بن علي بن صالح بن شعيب الجوهري، قال: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني، عن محمد بن محمد، عن إسحاق بن إسماعيل النيسابوري، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام) قال: حدثنا الحسن بن علي صلوات الله عليه قال: سمعت جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: " خلقت من نور الله عز وجل وخلق أهل بيتي من نوري وخلق محبيهم من نورهم، وسائر الخلق في النار "(2).
____________
(1) أصول الكافي 1 / 440.
(2) بحار الأنوار 15 / 20.
الباب الثالث
في أن ميلاد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) في الكعبة المشرفة
من (مناقب الفقيه ابن المغازلي) الشافعي، قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن علي بن محمد البيع قال: أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن عبد الله بن خالد الكاتب قال: حدثنا أحمد بن جعفر بن محمد بن مسلم الختلي العلوي قال: حدثني عمر بن أحمد بن روح الساجي، حدثني أبو طاهر يحيى بن الحسن العلوي قال: حدثني محمد بن سعيد الدارمي، حدثنا موسى بن جعفر عن أبيه، عن محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين قال: كنت جالسا مع أبي ونحن زوار قبر جدنا (عليه السلام) وهناك نسوة كثيرة إذ أقبلت امرأة منهن فقلت لها: من أنت يرحمك الله؟ قالت: أنا زبدة بنت قريبة ابن العجلان من بني ساعدة فقلت لها: فهل عندك شئ تحدثينا؟ فقالت: أي والله حدثتني أمي أم عمارة بنت محارة بن نضلة(1) بن مالك بن العجلان الساعدي أنها كانت ذات يوم في نساء من العرب إذ أقبل أبو طالب كئيبا حزينا فقلت له ما شأنك يا أبا طالب؟ فقال: إن فاطمة بنت أسد في شدة المخاض ثم وضع يده على وجهه فبينا هو كذلك إذ أقبل محمد (صلى الله عليه وآله) فقال: " ما شأنك يا عم؟ " فقال: إن فاطمة بنت أسد تشتكي المخاض فأخذ بيده وجاء وقمن معه فجاء بها إلى الكعبة فأجلسها في الكعبة ثم قال: اجلسي على اسم الله، قالت(2): فطلقت طلقة فولدت غلاما مسرورا نظيفا منظفا لم أر كحسن وجهه فسماه أبو طالب عليا وحمله النبي (صلى الله عليه وآله) حتى أداه إلى منزلها.
قال علي بن الحسين: " فوالله ما سمعت بشئ قط إلا وهذا أحسن منه ".
وروى هذا الحديث المالكي في (الفصول المهمة) عن علي بن الحسين (عليهما السلام) نقله من كتاب (المناقب) لأبي المعالي الفقيه المالكي قال: ولم يولد بالبيت الحرام قبله أحد سواه، وهي فضيلة خصها الله تعالى به إجلالا له وإعلاء لرتبته، وإظهارا لمكرمته وكان علي هاشميا من هاشميين، وأول من ولده هاشم مرتين(3).
قلت: إن رواية أن أمير المؤمنين (عليه السلام) ولد في الكعبة بلغت حد التواتر، معلومة في كتب العامة والخاصة(4).
____________
(1) في المناقب: عبادة بن نضلة.
(2) في المناقب: قال.
(3) الفصول المهمة لابن صباغ المالكي: 12 ط: النجف الأشرف.
(4) هذه المنقبة من خصائص سيد الوصيين ذكرها له جمع كثير من علماء السنة نذكر أسمائهم وأسماء كتبهم إجمالا * وهم:
1 - جمال الدين الزرندي الحنفي المتوفى 750 في كتابه (نظم درر السمطين): 80 ط: النجف الأشرف.
2 - الحافظ أبو عبد الله النيسابوري الشافعي المتوفى 405 في (المستدرك على الصحيحين) 3 / 483 ط: حيدر آباد. الفصول المهمة: 30 وكذا تاريخ ابن الخشاب: 88، مروج الذهب: 2 / 349 المستدرك على الصحيحين:
3 / 483، أسد الغابة: 4 / 31، كفاية الطالب: 407.
3 - أبو عبد الله محمد بن يوسف الشافعي المتوفى 658 في (كفاية الطالب) 26 و 261.
4 - إبراهيم بن محمد الحمويني الشافعي المتوفى 722 في (فرائد السمطين) في نهاية السمط الأول من الجزء الأول.
5 - محمد بن طلحة الشافعي المتوفى 562 (مطالب السؤل): 11 ط: طهران.
6 - عبد الرحمن الصفوري الشافعي المتوفى 884 في (نزهة المجالس) 2 / 166.
7 - محمد مؤمن الشبلنجي الشافعي المتوفى 1298 في (نور الأبصار): 69.
8 - علي بن إبراهيم الشافعي المتوفى 1044 في (إنسان العيون في سيرة الأمين والمأمون) 1 / 154 و 3 / 405.
9 - يوسف بن مظفر الحنفي المتوفى 654 في (تذكرة خواص الأئمة): 8.
10 - علي القاري الحنفي في (شرح الشفاء) 1 / 151.
11 - علاء الدين السكتواري الحنفي في (محاضرات الأوائل): 120 و 791.
12 - محمد رستم خان البدخشي الشافعي المتوفى 1210 في (مفتاح النجا في مناقب آل العبا) (خ) توجد نسخة منه بمكتبة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) العامة في النجف الأشرف.
13 - محمد صالح الترمذي الحنفي المتوفى 1025 في (المناقب المرتضوية).
14 - عبد الله آمر تسري المتوفى 568 في (أرجح المطالب): 388.
15 - محمود الآلوسي البغدادي المتوفى 1324 في (شرح قصيدة عبد الباقي العمري): 15 و 75.
16 - محمد بن حمزة نقيب حلب في (غاية الاختصار): 97.
17 - نور الدين الشافعي في (السيرة النبوية) 1 / 15.
18 - شاه ولي الله أحمد الدهلوي المتوفى 1176 في (إزالة الخفا).
19 - عباس محمود العقاد في (عبقرية الإمام) 1 / 38.
20 - عبد الحق الدهلوي الحنفي المتوفى 1057 في (مدارج النبوة).
21 - علي جلال الدين في كتابه (الحسين) 1 / 16.
22 - شاه محمد حسن الحشتي في (آينهء تصوف): 1311.
23 - علي بن الحسين المسعودي الشافعي المتوفى 346 في (مروج الذهب) 2 / 4.
24 - صدر الدين أحمد البردواني في (روائح المصطفى): 10.
25 - عبد الله البلخي في (التلخيص): 11.
26 - أبو عبد الله محمد بن أحمد بن شمس الدين الذهبي المتوفى 883 في (تلخيص المستدرك) 3 / 488.
27 - عبد الحميد الدهلوي في (سيرة الخلفاء).
28 - محمد علي القفال الشافعي في (فضائل أمير المؤمنين).
29 - حبيب الله الشنقيطي الشافعي في (كفاية الطالب) 37.
30 - سليمان القندوزي الحنفي المتوفى 1293 في (ينابيع المودة): 255.
* ومن أراد التفصيل فعليه بمراجعة كتابنا (مختصات أمير المؤمنين (عليه السلام)).