الرزاق بن أبي بكر بن حيدر، أخبرني القاضي فخر الدين محمد بن خالد الحقيقي الأبهري كتابة قال: أنبأنا السيد الإمام ضياء الدين فضل الله بن علي أبو الرضا الراوندي إجازة قال: أخبرنا السيد أبو الصمصام ذو الفقار بن محمد بن معبد الحسيني(1)، أنبأنا الشيخ أبو جعفر الطوسي - قدس الله روحه - أنبأنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان - روح الله روحه - وأبو عبد الله الحسين بن عبيد الله، وأبو الحسين جعفر بن الحسين بن حسكة القمي، وأبو زكريا محمد بن سليمان الحراني قالوا كلهم: أنبأنا الشيخ أبو جعفر محمد بن علي بن بابويه القمي رضي الله عنه قال: أخبرنا علي بن عبد الله الوراق الرازي قال: أنبأنا سعد بن عبد الله قال: أنبأنا الهيثم بن أبي مسروق النهدي، عن الحسن بن علوان، عن عمر بن خالد، عن سعيد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة، عن عبد الله بن عباس قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: " أنا وعلي والحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين مطهرون معصومون "(2).
السادس والثلاثون: الحمويني أيضا بإسناده هذا قال: قال أبو جعفر محمد بن علي بن بابويه، أخبرني أبو المفضل محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني، عن أحمد بن مطرف بن سوار بن الحسين القاضي الحسني بمكة، أنبأنا أبو حاتم المهلبي، عن المغيرة ابن محمد، أنبأنا عبد الغفار بن كثير الكوفي، عن هيثم بن حميد، عن أبي هاشم عن مجاهد عن ابن عباس (رضي الله عنه) قال: قدم يهودي على رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقال له: نعثل فقال له: يا محمد إني أسألك عن أشياء تلجلج في صدري منذ حين، فإن أجبتني عنها أسلمت على يدك؟ قال: " سل يا أبا عمارة "، قال: يا محمد صف لي ربك، فقال (صلى الله عليه وآله): " إن الخالق لا يوصف إلا بما وصف به نفسه، وكيف يوصف الخالق الذي تعجز الأوصاف أن تدركه(3)، والأوهام أن تناله، والخطرات أن تحده، والأبصار الإحاطة به، جل عما يصفه الواصفون، ناء في قربه وقريب في نأيه، كيف الكيف فلا يقال له كيف، وأين الأين فلا يقال له أين، هو منقطع الكيفية فيه والأينونية(4)، فهو الأحد الصمد كما وصف نفسه، والواصفون لا يبلغون نعته، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ".
قال: صدقت يا محمد فأخبرني عن قولك: إنه واحد لا شبيه له. أليس الله تعالى واحد والإنسان واحد؟ فوحدانيته أشبهت وحدانية الإنسان؟ فقال (عليه السلام): " الله تعالى واحد أحدي المعنى، والإنسان واحد ثنوي المعنى جسم وعرض، وبدن وروح، وإنما التشبيه في المعاني لا غير ".
____________
(1) في المصدر: محمد بن معضد الحسني.
(2) فرائد السمطين 2: 132 / ح 430.
(3) في البحار: تعجز الحواس أن تدركه.
(4) في البحار: هو منقطع الكيفوفية والأينونية.
قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، وأشهد أنهم الأوصياء بعدك، ولقد وجدت هذا في الكتب المتقدمة، وفيما عهد إلينا موسى بن عمران (عليه السلام) أنه إذا كان آخر الزمان يخرج نبي يقال له " أحمد " خاتم الأنبياء لا نبي بعده، فيخرج من صلبه أئمة أبرار عدد الأسباط، فقال: " يا أبا عمارة أتعرف الأسباط؟ " قال: نعم يا رسول الله! إنهم كانوا اثني عشر، قال: " إن أولهم لاوي بن برخيا(1)، وهو الذي غاب عن بني إسرائيل غيبة طويلة ثم عاد فأظهر الله شريعته بعد اندراسها، وقاتل مع قرسطتا الملك حتى قتله، فقال (صلى الله عليه وآله) كائن في أمتي ما كان في بني إسرائيل، حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة، وأن الثاني عشر من ولدي يغيب حتى لا يرى، ويأتي على أمتي زمن لا يبقى من الإسلام إلا اسمه، ولا من القرآن إلا رسمه، فحينئذ يأذن الله تعالى له بالخروج، فيظهر الإسلام ويجدد الدين، ثم قال عليه الصلاة والسلام: طوبى لمن أحبهم والويل لمبغضهم وطوبى لمن تمسك بهم " فانتفض نعثل وقام بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنشأ يقول:
صلى العلي ذو العلا | عليك يا خير البشر |
أنت النبي المصطفى | والهاشمي المفتخر |
بك اهتدانا ربنا | وفيك نرجو ما أمر |
ومعشر سميتهم | أئمة اثني عشر |
حباهم رب العلى | ثم صفاهم من كدر |
قد فاز من والاهم | وخاب من عادى الزهر |
آخرهم يشفي الظما | وهو الإمام المنتظر |
عترتك الأخيار لي | والتابعون ما أمر |
____________
(1) في البحار: فإن فيهم لاوي بن أرحيا.
من كان عنهم معرضا | فسوف يصلى في سقر(1) |
السابع والثلاثون: الحمويني، أنبأني المشايخ الكرام السيد الإمام جمال الدين رضي الإسلام أحمد بن طاووس الحسيني والسيد الإمام النسابة جلال الدين عبد الحميد ابن فخار بن معد بن فخار الموسوي، وعلامة زمانه نجم الدين أبو القاسم جعفر بن الحسن بن يحيى بن سعيد الحليون رحمهم الله كتابة، عن السيد الإمام شمس الدين شيخ الشرف فخار بن معد بن فخار الموسوي، عن شاذان بن جبرائيل القمي، عن جعفر بن محمد الدورستي، عن أبيه، عن أبي جعفر محمد بن علي ابن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي رحمه الله قال: حدثني أبي ومحمد بن الحسن رضي الله عنهما قال: نبأنا سعد بن عبد الله، وعبد الله بن جعفر الحميري جميعا، عن أبي الخير صالح بن أبي حماد والحسن بن طريف جميعا، عن بكر بن صالح.
ح - وحدثنا أبي ومحمد بن موسى بن المتوكل، ومحمد بن علي ماجيلويه، وأحمد بن علي بن إبراهيم، والحسن بن إبراهيم بن ناتانة، وأحمد بن زياد الهمداني رضي الله تعالى عنهم قالوا: حدثنا علي بن إبراهيم عن أبيه إبراهيم بن هاشم - روح الله روحهما - عن بكر بن صالح، عن عبد الرحمن ابن سالم، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أبي (عليه السلام) لجابر بن عبد الله الأنصاري: " إن لي إليك حاجة فمتى يخف عليك أن أخلو بك فأسألك عنها ".
فقال له جابر: في أي الأوقات شئت، فخلا به أبي (عليه السلام) فقال: " يا جابر أخبرني عن اللوح الذي رأيته في يد أمي فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وما أخبرتك به أن في ذلك اللوح مكتوبا، قال جابر:
أشهد الله أني دخلت على أمك فاطمة (عليها السلام) في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) أهنيها بولادة الحسين فرأيت في يدها لوحا أخضر ظننت أنه زمرد، ورأيت فيه كتابا أبيض شبه نور الشمس، فقلت أنا: بأبي وأمي يا بنت رسول الله ما هذا اللوح؟ فقالت: هذا اللوح أهداه الله إلى رسوله فيه اسم أبي، واسم بعلي، واسم ابني وأسماء الأوصياء من ولدي فأعطانيه أبي ليبشرني بذلك، قال جابر فأعطتنيه أمك فاطمة فقرأته وانتسخته، فقال أبي: فهل لك يا جابر أن تعرضه علي؟ قال: نعم، فمشى معه أبي حتى انتهى إلى منزل جابر وأخرج أبي صحيفة من رق، فقال: يا جابر انظر في كتابك لأقرأ عليك، فنظر جابر في نسخته فقرأه أبي فما خالف حرف حرفا، فقال جابر فأشهد بالله أني رأيته هكذا في اللوح مكتوبا: بسم الله الرحمن الرحيم: هذا كتاب من الله العزيز الحكيم لمحمد نوره، وسفيره، وحجابه، ودليله نزل به الروح الأمين من عند رب العالمين.
____________
(1) فرائد السمطين 2: 132 / ح 431.
____________
(1) حندس: الشديد الظلمة.
(2) في كمال الدين: لأن حفظه فرض لا ينقطع.
(3) اضطلع: نهض به وقوي عليه.
(4) في عيون الأخبار: لا يؤمن عبد به إلا جعلت الجنة مثواه.
(5) الرنين: الصوت الحزين.
قال عبد الرحمن بن سالم: قال أبو بصير: لو لم تسمع في دهرك إلا هذا الحديث لكفاك، فصنه إلا عن أهله(2).
الثامن والثلاثون: الحمويني بإسناده هذا، عن ابن بابويه قال: حدثنا علي بن الحسين المؤدب، وأحمد بن هارون الفامي قالا: أنبأنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن جعفر بن محمد بن مالك الفزاري الكوفي، عن محمد بن نعمة السلولي(3)، عن درست بن عبد الحميد، عن عبد الله بن القاسم، عن عبد الله بن جبلة عن أبي السفاتج، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر محمد ابن علي الباقر (عليهما السلام)، عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: دخلت على مولاتي فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقدامها لوح يكاد ضوؤه يغشي الأبصار، فيه اثنا عشر اسما ثلاثة في ظاهره وثلاثة في باطنه وثلاثة أسماء في آخره، وثلاثة أسماء في طرفه، فعددتها فإذا هي اثنا عشر اسما، فقلت: أسماء من هذا؟ قالت: " هذه أسماء الأوصياء أولهم ابن عمي وأحد عشر من ولدي، آخرهم القائم "، قال جابر: فرأيت فيها محمدا محمدا محمدا في ثلاثة مواضع، وعليا عليا عليا عليا في أربعة مواضع(4).
التاسع والثلاثون: الحمويني بإسناده عن أبي جعفر ابن بابويه قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار قال: حدثنا أبي، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحسن بن محبوب عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: دخلت على فاطمة (عليها السلام) وبين يديها لوح فيه أسماء الأوصياء فعددت اثني عشر آخرهم القائم، ثلاثة منهم محمد، وأربعة منهم علي صلوات الله عليهم(5).
الأربعون: الحمويني بالإسناد إلى أبي جعفر بن بابويه قال: أنبأنا محمد بن إبراهيم ابن إسحاق الطالقاني (رضي الله عنه) قال: حدثنا الحسن بن إسماعيل قال: حدثنا أبو عمرو سعيد بن محمد بن نصر القطان
____________
(1) الأصر:: - آصار: الثقل، الذنب.
(2) فرائد السمطين 2: 136 / ح 432، كمال الدين: 1 / 308 - 311، عيون أخبار الرضا: 1 / 34 - 36.
(3) في المصدر، وكمال الدين: محمد بن مالك الفزاري الكوفي، عن مالك السلولي عن درست.
(4) فرائد السمطين 2: 139 / ح 133.
(5) فرائد السمطين 2: 139 / ح 134.
قال جابر فقرأت فإذا فيها: أبو القاسم محمد بن عبد الله المصطفى، أمه آمنة بنت وهب، وأبو الحسن علي بن أبي طالب المرتضى، أمه فاطمة بنت أسد بن هاشم ابن عبد مناف. أبو محمد الحسن بن علي. وأبو عبد الله الحسين بن علي التقي، أمهما فاطمة بنت محمد. أبو محمد علي بن الحسين العدل، أمه شاه بانويه بنت يزدجرد بن شاهنشاه. أبو جعفر محمد بن علي الباقر، أمه أم عبد الله بنت الحسن بن علي بن أبي طالب. أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق، أمه أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر، أبو إبراهيم موسى بن جعفر الثقة، أمه جارية اسمها حميدة. أبو الحسن علي بن موسى الرضا، أمه جارية اسمها نجمة. أبو جعفر محمد بن علي الزكي، أمه جارية اسمها خيزران. أبو الحسن علي بن محمد الأمين، أمه جارية اسمها سوسن، أبو محمد الحسن بن علي الرفيق، أمه جارية اسمها سمانة، أبو القاسم محمد بن الحسن هو حجة الله القائم، أمه جارية اسمها نرجس صلوات الله عليهم أجمعين.
قال الشيخ أبو جعفر ابن بابويه: جاء هذا الحديث هكذا بتسمية القائم (عليه السلام) والذي أذهب إليه ما روي من النهي عن تسميته(1).
الحادي والأربعون: الحمويني أحد مشايخ العامة قال: أنبأني الشيخ سديد الدين يوسف بن
____________
(1) فرائد السمطين 2: 140 / ح 435، كمال الدين: 1 / 305 - 307.
قاتل الحسين أنا منه برئ وهو مني برئ لأنه لا يأتي يوم القيامة أحد إلا وقاتل الحسين أعظم
____________
(1) في المصدر: النبلي.
(2) في المصدر: أطباق من نور.
قال: فبينا جبرائيل (عليه السلام) يهبط من السماء إلى الدنيا(1) إذ مر بدردائيل فقال له دردائيل: يا جبرائيل ما هذه الليلة في السماء هل قامت القيامة على أهل الدنيا قال: لا ولكن ولد لمحمد مولود في دار الدنيا وقد بعثني الله عز وجل إليه لأهنئه بمولوده، فقال له الملك: يا جبرائيل بالذي خلقني وخلقك إن هبطت إلى محمد فأقرئه مني السلام وقل له: بحق هذا المولود عليك إلا ما سألت ربك أن يرضى عني ويرد علي أجنحتي ومقامي من صفوف الملائكة، فهبط جبرائيل (عليه السلام) على النبي (صلى الله عليه وآله) فهنأه كما أمره الله عز وجل وعزاه، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله) تقتله أمتي؟ فقال له: نعم يا محمد، فقال النبي (صلى الله عليه وآله) ما هؤلاء بأمتي أنا برئ منهم والله عز وجل برئ منهم، قال جبرائيل: وأنا برئ منهم يا محمد، فدخل النبي (صلى الله عليه وآله) على فاطمة (عليها السلام) فهنأها وعزاها فبكت فاطمة (عليها السلام)، ثم قالت:
يا ليتني لم ألده، قاتل الحسين في النار، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): وأنا أشهد بذلك يا فاطمة ولكنه لا يقتل حتى يكون منه إمام يكون منه الأئمة الهادية، قال (عليه السلام) والأئمة بعدي الهادي علي، والمهتدي الحسن، والناصر الحسين، والمنصور علي بن الحسين، والشافع محمد بن علي، والنفاع جعفر ابن محمد، والأمين موسى بن جعفر، والرضا علي بن موسى، والفعال محمد بن علي، والمؤتمن علي بن محمد، والعلام الحسن بن علي، ومن يصلي خلفه عيسى ابن مريم (عليه السلام) القائم (عليه السلام)، فسكنت فاطمة (عليها السلام) من البكاء.
ثم أخبر جبرائيل (عليه السلام) النبي (صلى الله عليه وآله) بقصة الملك وما أصيب به، قال ابن عباس: فأخذ النبي (صلى الله عليه وآله) الحسين (عليه السلام) وهو ملفوف في خرقة من صوف فأشار به إلى السماء، ثم قال: اللهم بحق هذا المولود عليك، لا بل بحقك عليه وعلى جده محمد وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب إن كان للحسين بن علي ابن فاطمة عندك قدرا فارض عن دردائيل ورد عليه أجنحته ومقامه من صفوف الملائكة(2) فالملك ليس يعرف في الجنة إلا بأن يقال هذا مولى الحسين بن علي، وابن فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) "(3).
الثاني والأربعون: الحمويني من علماء العامة بإسناده قال: روى الشيخ الجليل أبو جعفر بن
____________
(1) في المصدر: إلى الأرض.
(2) في كمال الدين: فاستجاب الله دعاءه، وغفر للملك، ورد عليه أجنحته، ورده إلى صفوف الملائكة، فالملك لا يعرف.
(3) فرائد السمطين 2: 151 / ح 446.
قال: " إذا فرغت من صلاتك وأنت قاعد: اللهم إني أسألك بكلماتك، ومعاقد عرشك، وسكان سماواتك، وأنبيائك ورسلك أن تستجيب لي فقد رهقني من أمري عسر، فأسألك أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تجعل لي من عسري يسرا، فإن الله عز وجل، يسهل أمرك ويشرح صدرك ويلقنك شهادة أن لا إله إلا الله عند خروج نفسك "، قال له أبي: يا رسول الله فما هذه النطفة التي في صلب الحسين؟ قال: " مثل هذه النطفة كمثل القمر وهي نطفة تبيين وبيان يكون من اتبعه رشيدا ومن ضل عنه غويا "، قال: فما اسمه وما دعاؤه؟ قال: " اسمه علي، ودعاؤه يا دائم يا ديموم يا حي يا قيوم يا كاشف الغم يا فارج الهم ويا باعث الرسل ويا صادق الوعد. ومن دعا بهذا الدعاء حشره الله عز وجل مع علي بن الحسين وكان قائده إلى الجنة ".
قال له أبي: يا رسول الله فهل له من خلف أو وصي؟ قال: " نعم له مواريث السماوات والأرض "، قال: وما معنى مواريث السماوات والأرض يا رسول الله؟ قال: " القضاء بالحق، والحكم بالديانة، وتأويل الأحكام، وبيان ما يكون "، قال: ما اسمه؟
قال: " اسمه محمد، وإن الملائكة لتستأنس به في السماوات ويقول في دعائه: اللهم إن كان لك عندي رضوان وود فاغفر لي ولمن تبعني من إخواني وشيعتي وطيب ما في صلبي، فركب الله عز وجل في صلبه نطفة مباركة زكية وأخبرني جبرائيل (عليه السلام) أن الله تبارك وتعالى طيب هذه النطفة
يا أبي وإن الله تبارك وتعالى ركب على هذه النطفة نطفة زكية مباركة طيبة أنزل عليها الرحمة وسماها عنده موسى " قال له أبي: يا رسول الله كلهم يتواضعون ويتناسلون ويتوارثون ويصف بعضهم بعضا، قال: " وصفهم لي جبرائيل (عليه السلام) عن رب العالمين جل جلاله "، قال فهل لموسى من دعوة يدعو بها سوى دعاء آبائه؟ قال: " نعم يقول في دعائه: يا خالق الخلق، ويا باسط الرزق ويا فالق الحب، ويا بارئ النسم ومحيي الموتى ومميت الأحياء، ودائم الثبات، ومخرج النبات، افعل بي ما أنت أهله. من دعا بهذا الدعاء قضى الله له حوائجه وحشره الله يوم القيامة مع موسى ابن جعفر، وإن الله ركب في صلبه نطفة مباركة طيبة زكية مرضية وسماها عنده عليا يكون لله في خلقه رضيا في علمه وحكمه، ويجعله حجة لشيعته يحتجون به يوم القيامة وله دعاء يدعو به:
اللهم صل على محمد وآل محمد وأعطني الهدى، وثبتني عليه، واحشرني عليه آمنا أمن من لا خوف عليه ولا حزن ولا جزع، إنك أهل التقوى وأهل المغفرة.
وإن الله عز وجل ركب في صلبه نطفة مباركة طيبة زكية مرضية وسماها محمد بن علي فهو شفيع شيعته ووارث علم جده، له علامة بينة وحجة ظاهرة إذا ولد يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله يقول في دعائه: يا من لا شبيه له ولا مثال، أنت الله لا إله إلا أنت ولا خالق إلا أنت تفني المخلوقين وتبقى أنت، حلمت عمن عصاك وفي المغفرة رضاك. من دعا بهذا الدعاء كان محمد ابن علي شفيعه يوم القيامة.
وإن الله تبارك وتعالى ركب في صلبه نطفة لا باغية ولا طاغية، بارة مبارك طيبة طاهرة سماها عنده علي بن محمد، فألبسها السكينة والوقار، وأودعها العلوم وكل سر مكتوم، من لقيه وفي صدره شئ أنبأه وحذره من عدوه، ويقول في دعائه: يا نور يا برهان يا منير ويا مبين، يا رب اكفني شر الشرور وآفات الدهور وأسألك النجاة يوم ينفخ في الصور. من دعا بهذا الدعاء كان علي بن محمد شفيعه وقائده إلى الجنة.
وإن الله تبارك وتعالى ركب في صلبه نطفة وسماها عنده الحسن وجعله نورا في بلاده
قال: " له علم إذا حان وقت خروجه انتشر ذلك العلم من نفسه وأنطقه الله عز وجل فناداه العلم أخرج يا ولي الله اقتل أعداء الله، وله رايتان وعلامتان وله سيف مغمد فإذا حان وقت خروجه اقتلع ذلك السيف من غمده، وأنطقه الله عز وجل فناداه السيف اخرج يا ولي الله فلا يحل لك أن تقعد عن أعداء الله، فيخرج ويقتل أعداء الله حيث ثقفهم ويقيم حدود الله ويحكم بحكم الله، يخرج جبرائيل عن يمينه وميكائيل عن ميسرته وشعيب بن صالح على مقدمه، وسوف تذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله عز وجل.
يا أبي طوبى لمن لقيه، وطوبى لمن أحبه، وطوبى لمن قال به، ولو بعد حين، ينجيهم من الهلكة بالإقرار بالله وبرسوله وبجميع الأئمة، يفتح الله لهم الجنة، مثلهم في الأرض كمثل المسك الذي يسطع ريحه فلا يتغير أبدا، ومثلهم في السماء كمثل القمر المنير الذي لا يطفأ نوره أبدا "، قال أبي: يا رسول الله كيف جاءك بيان هؤلاء الأئمة عن الله عز وجل؟ قال: " إن الله أنزل علي اثني عشر خاتما واثنتي عشر صحيفة اسم كل إمام على خاتمه، وصفته في صحيفته والحمد لله رب العالمين "(1).
____________
(1) فرائد السمطين 2: 155 / ح 447.
وذكره الشيخ ابن بابويه في كمال الدين: 1 / 264 - 268.
الرابع والأربعون: الحمويني من أهل السنة والخلاف قال: أخبرني مفيد الدين أبو جعفر محمد ابن علي بن أبي الغنايم بن الجهم الحلي إجازة قال: أنبأنا القاضي خطير الدين محمود بن محمد بن الحسين بن عبد الجبار الطوسي، عن عمه زين الدين عبد الجبار عن أبيه، عن الصفي أبي تراب بن الداعي الحسيني، عن أبي محمد جعفر بن محمد الدورستي، عن الشيخ المفيد محمد بن محمد ابن النعمان الحارثي، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي قال: حدثنا جعفر ابن محمد بن مسرور - رضي الله عنه - قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر، عن المعلى بن محمد البصري، عن جعفر بن سليمان، عن عبد الله بن الحكم، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " إن خلفائي وأوصيائي وحجج الله على الخلق بعدي اثنا عشر، أولهم أخي، وآخرهم ولدي ". قيل: يا رسول الله ومن أخوك؟ قال: " علي بن أبي طالب "، قيل: فمن ولدك؟ قال: " المهدي الذي يملأها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما.
والذي بعثني بالحق بشيرا لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج فيه ولدي المهدي فينزل روح الله عيسى ابن مريم فيصلي خلفه وتشرق الأرض بنور ربها، ويبلغ
____________
(1) فرائد السمطين 2: 259 / ح 527.
وذكره الشيخ بن بابويه في كمال أدين: 1 / 206، والأمالي ص 358 ط النجف.