ثم قال علي (عليه السلام): " أنشدكم الله أتعلمون أن الله أنزل: * (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) *(1) فقال سلمان: يا رسول الله عامة هذا أم خاصة؟ قال: أما المأمورون فعامة المؤمنين أمروا بذلك، وأما الصادقون فخاصة لأخي علي وأوصيائي من بعده إلى يوم القيامة "، قالوا: اللهم نعم.
قال: " أنشدكم الله أتعلمون أني قلت لرسول الله (صلى الله عليه وآله) في غزوة تبوك: لم خلفتني؟ فقال: إن المدينة لا تصلح إلا بي أو بك، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي "؟ قالوا:
اللهم نعم.
فقال: " أنشدكم الله أتعلمون أن الله أنزل في سورة الحج: * (يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير) *(2) إلى آخر السورة - فقام سلمان فقال: يا رسول الله من هؤلاء الذين أنت عليهم شهيد وهم شهداء على الناس الذين اجتباهم الله ولم يجعل عليهم في الدين من حرج ملة إبراهيم؟ قال: عنى بذلك ثلاثة عشر رجلا خاصة دون هذه الأمة، قال سلمان: بينهم لنا يا رسول الله؟ قال: أنا وأخي علي، وأحد عشر من ولدي "، قالوا: اللهم نعم.
قال: " أنشدكم بالله أتعلمون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قام خطيبا لم يخطب بعد ذلك فقال: يا أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي فتمسكوا بهما لن تضلوا فإن اللطيف أخبرني وعهد إلي أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض: فقام عمر بن الخطاب شبه المغضب فقال: يا رسول الله أكل أهل بيتك؟ فقال: لا، ولكن أوصيائي منهم، أولهم أخي، ووزيري، ووارثي، وخليفتي في أمتي، وولي كل مؤمن بعدي، وهو أولهم، ثم ابني الحسن، ثم ابني الحسين، ثم تسعة من ولد الحسين واحد بعد واحد حتى يردوا علي الحوض شهداء لله في أرضه، وحجته على خلقه، وخزان علمه، ومعادن حكمته، من أطاعهم فقد أطاع الله، ومن عصاهم فقد عصى الله، فقالوا كلهم: نشهد أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال ذلك، ثم تمادى بعلي السؤال فما ترك شيئا إلا ناشدهم الله فيه، وسألهم عنه حتى أتى على آخر مناقبه، وما قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) كثيرا، كل ذلك يصدقونه ويشهدون أنه حق "(3).
____________
(1) التوبة: 199.
(2) الحج: 77.
(3) الاحتجاج: 1 / 210، ومر بكامل لفظه هنا.
الرابع عشر: الشيخ الفاضل أبو الحسن الفقيه محمد بن أحمد بن شاذان في المناقب المائة - من طريق العامة - عن عبد الله بن مسعود قال: كنت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد أصحر فتنفس الصعداء فقلت: يا رسول الله مالك تتنفس؟ قال: " يا بن مسعود نعيت إلى نفسي "، قلت يا رسول الله استخلف قال: " من "؟ قلت: أبا بكر فسكت، ثم تنفس فقلت: ما لك تتنفس يا رسول الله؟ قال: " نعيت إلى نفسي " فقلت: استخلف يا رسول الله قال: " من "؟ قلت: عمر بن الخطاب فسكت، ثم تنفس فقلت:
ما لي أراك تتنفس؟ قال " نعيت إلى نفسي "، قلت: استخلف، قال: " من "؟ قلت: علي بن أبي طالب قال: " أوه ولن تفعلوا(4) والله لئن فعلتموه ليدخلنكم الجنة "(5).
____________
(1) في المصدر: جعفر بن الحسن بن الحسين بن يحيى بن سعيد.
(2) في المصدر: عتاب.
(3) أمالي الطوسي: 2 / 130 - 131. وفرائد السمطين 2: 243 / ح 517.
(4) في المناقب للخوارزمي: ولن تفعلوا إذا أبدا.
(5) في المناقب للخوارزمي: وإن خالفتموه ليحبطن أعمالكم.
الخامس عشر: أبو الحسن الفقيه ابن شاذان، عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي ابن أبي طالب: " إذا كان يوم القيامة يؤتى بك يا علي، على نجيب من نور على رأسك تاج يكاد نوره يخطف أبصار أهل الموقف، فيأتي النداء من الله جل جلاله أين خليفة رسول الله؟ فتقول يا علي: ها أنا ذا، فيأتي النداء(2) يا علي: من أحبك أدخله الجنة، ومن عاداك أدخله النار. فأنت قسيم الجنة وأنت قسيم النار "(3).
السادس عشر: أبو الحسن الفقيه ابن شاذان - من طريق العامة - عن الباقر (عليه السلام)، عن أبيه، عن جده الحسين بن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " علي بن أبي طالب خليفة الله وخليفتي، وحجة الله وحجتي، وباب الله وبابي، وصفي الله وصفيي، وحبيب الله وحبيبي، وخليل الله وخليلي، وسيف الله وسيفي، وهو أخي وصاحبي ووزيري ووصيي، محبه محبي ومبغضه مبغضي ووليه وليي، وعدوه عدوي، وزوجته ابنتي، وولده ولدي، وحزبه حزبي، وقوله قولي، وأمره أمري، وهو سيد الوصيين وخير أمتي "(4).
السابع عشر: أبو الحسن الفقيه ابن شاذان من طريق العامة، عن الحرث ابن الخزرج صاحب
____________
(1) رواه الموفق بن أحمد الخوارزمي في المناقب ص 64 ط النجف الأشرف مسندا قال: " وأنبأني الإمام الحافظ أبو العلاء الحسن بن أحمد العطار، والإمام الأجل نجم الدين أبو منصور محمد بن الحسين بن محمد البغدادي، قالا: أنبأنا الشريف الإمام الأجل نور الهدى أبو طالب الحسين بن محمد بن علي الزينبي، عن الإمام محمد بن أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان، حدثني سهل بن أحمد، عن علي بن عبد الله، عن إسحاق بن إبراهيم، قال: حدثني عبد الرزاق بن همام، عن أبيه، عن ميناء مولى عبد الرحمن بن عوف، عن عبد الله ابن مسعود...
ورواه الحموي في فرائد السمطين السمط الأول، بسنده إلى الخوارزمي. ومن طريق الخاصة، رواه الشيخ الطوسي في أماليه ص 193، والشيخ المفيد في أماليه ص 21 - 22، والمجلسي في البحار: 38 / 117 و 128 باختلاف يسير في اللفظ.
(2) في ينابيع المودة: فينادي المنادي.
(3) رواه القندوزي في ينابيع المودة ص 83 عن الموفق بن أحمد الخوارزمي بسنده عن نافع عن ابن عمر.
(4) إحقاق الحق: 4 / 297، عن المناقب لابن المغازلي.
الثامن عشر: أبو الحسن الفقيه ابن شاذان من طريق العامة - وكلما ذكرته عنه هنا فهو من طريقهم - عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: " والله لقد خلفني رسول الله في أمته، فأنا حجة الله عليهم بعد نبيه، وإن ولايتي لتلزم أهل السماء كما تلزم أهل الأرض، وإن الملائكة لتتذاكر فضلي وذلك تسبيحها عند الله. أيها الناس اتبعوني أهدكم سواء السبيل ولا تأخذوا يمينا ولا شمالا فتضلوا، وأنا وصي نبيكم وخليفته، وإمام المؤمنين وأميرهم ومولاهم، وأنا قائد شيعتي إلى الجنة، وسائق أعدائي إلى النار، أنا سيف الله على أعدائه ورحمته على أوليائه، أنا صاحب حوض رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولوائه وصاحب مقام شفاعته، والحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين خلفاء الله في أرضه وأمناؤه على وحيه، وأئمة المسلمين بعد نبيه، وحجج الله على بريته "(1).
انظر أيها الأخ في هذا الحديث وأمثاله من طريق العامة المخالفين مما هي نصوص قطعية في النص على الأئمة الاثني عشر بأنهم الأئمة والخلفاء والأوصياء، وهذا هو الحق اليقين الذي اتفقت عليه روايات العامة والخاصة. والحمد لله رب العالمين.
التاسع عشر: أبو الحسن الفقيه ابن شاذان، عن علي بن الحسين، عن أبيه، قال أمير المؤمنين (عليه السلام): " من لم يقل إني رابع الخلفاء الأربعة فعليه لعنة الله ". قال الحسن بن زيد، فقلت لجعفر بن محمد: قد رويتم غير هذا فإنكم لا تكذبون؟ قال: " نعم، قال الله في محكم كتابه: * (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة) *(2) فكان آدم أول خليفة الله * (ويا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض) *(3) وكان داود الثاني، وهارون خليفة موسى، وهو خليفة محمد فلم لم يقل أنه رابع الخلفاء الأربعة "(4).
____________
(1) مائة منقبة: 59 / ح 32.
(2) البقرة: 30.
(3) ص: 26.
(4) روى الحديث السيد البحراني في تفسيره البرهان: 1 / 75، وذكر الشيخ ابن بابويه - رحمه الله - في عيون أخبار الرضا: 2 / 9، حديثا بهذا المعنى ولفظه:
" حدثنا أبو الحسن محمد بن إبراهيم بن إسحاق - رضي الله عنه - قال: حدثنا أبو سعيد النسوي قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن هارون قال: حدثنا أحمد بن أبو الفضل البلخي قال: حدثني خال يحيى بن سعيد البلخي، عن علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: بينما أنا أمشي مع النبي (صلى الله عليه وآله) في بعض طرقات المدينة إذ لقينا شيخ طويل كث اللحية بعيد ما بين المنكبين فسلم على النبي (صلى الله عليه وآله) ورحب به ثم التفت إلي فقال: السلام عليك يا رابع الخلفاء ورحمة الله وبركاته، أليس كذلك هو يا رسول الله؟ فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله):
بلى، ثم مضى، فقلت يا رسول الله: ما هذا الذي قال لي هذا الشيخ، وتصديقك له؟ قال أنت كذلك والحمد لله، إن الله عز وجل قال في كتابه: * (إني جاعل في الأرض خليفة) * والخليفة المجعول فيها آدم (عليه السلام)، وقال: * (يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق) * فهو الثاني، وقال عز وجل حكاية عن موسى حين قال لهارون (عليه السلام): * (واخلفني في قومي وأصلح) * فهو هارون إذ استخلفه موسى (عليه السلام) في قومه فهو الثالث، وقال عز وجل: * (وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر) * فكنت أنت المبلغ عن الله، وعن رسوله، وأنت وصيي ووزيري، وقاضي ديني، والمؤدي عني، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، فأنت رابع الخلفاء كما سلم عليك الشيخ، أو لا تدري من هو؟ قلت: لا، قال: ذاك أخوك الخضر عليه السلام فأعلم ".
الحادي والعشرون: أبو الحسن الفقيه ابن شاذان، عن الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) عن أبيه، عن آبائه، عن الحسين بن علي (عليهم السلام) قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما أسري بي إلى السماء لقيني أبي نوح فقال: يا محمد من خلفت على أمتك؟ فقلت: علي بن أبي طالب. فقال: نعم الخليفة خلفت، ثم لقيني أخي عيسى فقال: من خلفت على أمتك؟ فقلت: عليا فقال: نعم الخليفة خلفت، ثم لقيني أخي موسى فقال لي: من خلفت على أمتك؟ فقلت: عليا فقال: نعم الخليفة خلفت، قال:
فقلت لجبرئيل: يا جبرائيل ما لي لا أرى إبراهيم قال: فعدل إلى حظيرة فإذا فيها شجرة لها ضروع كضروع الغنم كلما خرج ضرع من فم واحد رده فقال: يا محمد من خلفت على أمتك؟ فقلت:
عليا قال نعم الخليفة خلفت، وإني يا محمد سألت الله لي أن يوليني غذاء أطفال شيعة علي بن أبي طالب فأنا أغذيهم "(1).
____________
(1) روى الحديث بلفظ آخر الشيخ المجلسي في البحار: 18 / 303 قال: " ومن كتاب المعراج للشيخ الصالح أبي محمد الحسن - رضي الله عنه - بإسناده عن الصدوق، عن أبيه، عن محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي، عن محمد بن عبد الله بن مهران، عن صالح بن عقبة، عن يزيد بن عبد الملك، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال: لما صعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى السماء صعد على سرير من ياقوتة حمراء مكللة من زبرجدة خضراء، تحمله الملائكة، فقال: جبرائيل: يا محمد أذن، فقال: الله أكبر، الله أكبر، فقالت الملائكة الله أكبر، الله أكبر، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، فقالت الملائكة: نشهد أن لا إله إلا الله، فقال: أشهد أن محمدا رسول الله، فقالت الملائكة: نشهد أنك رسول الله:
فما فعل وصيك علي؟ قال: خلفته في أمتي، قالوا: نعم الخليفة خلفت، أما إن الله عز وجل فرض علينا طاعته، ثم صعد به إلى السماء الثانية فقالت الملائكة مثل ما قالت ملائكة السماء الدنيا، فلما صعد به إلى السماء السابعة لقيه عيسى (عليه السلام) فسلم عليه، وسأله عن علي، فقال له خلفه في أمتي، قال: نعم الخليفة خلفت، أما إن الله فرض على الملائكة طاعته، ثم لقيه موسى (عليه السلام) والنبيون نبي نبي فكلهم يقول له مقالة عيسى (عليه السلام)، ثم قال محمد (صلى الله عليه وآله): فأين أبي إبراهيم؟ فقالوا له: هو مع أطفال شيعة علي، فدخل الجنة فإذا هو تحت شجرة لها ضروع كضروع البقر، فإذا انفلت الضرع من فم الصبي قام إبراهيم فرد عليه، قال: فسلم عليه وسأله عن علي، فقال: خلفته في أمتي، قال: نعم الخليفة خلفت، أما إن الله فرض على الملائكة طاعته، وهؤلاء أطفال شيعته سألت الله عز وجل أن يجعلني القائم عليهم ففعل، وإن الصبي ليجرع الجرعة فيجد طعم ثمار الجنة وأنهارها في تلك الجرعة ".
الثالث والعشرون: عن سفيان الثوري، عن منصور، عن مجاهد، عن سلمان الفارسي قال:
سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: " إن وصيي وخليفتي وخير من أترك بعدي، ينجز موعدي، ويقضي ديني علي بن أبي طالب "(3).
الرابع والعشرون: صاحب كتاب سيرة الصحابة قال: أخبرني وهب قال: أخبرني إبراهيم بن معلى قال: حدثنا موسى بن بكر قال: حدثنا عبد الله بن موسى بن سهل العبدي، عن كثير بن صالح الهجري أن أبا ذر قال: سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن عمر بن الخطاب فقال (عليه السلام): " واكتموا - إنه فرعون هذه الأمة لا تخبروا بهذا من لم يحفظ العهد في علي (عليه السلام) " ثم قال: وبإسناده، عن سليم بن قيس قال: شهدت أبا ذر حين سيره عثمان إلى الربذة وهو يوصي عليا في أهله وماله: فقال له قائل: لو
____________
(1) المؤمنون: 50.
(2) ورواه عن الشيرازي المجلسي في البحار: 38 / 145، مناقب ابن شهرآشوب: 3 / 56.
(3) كنز العمال: 6 / 154، المناقب للعيني ص 20، المناقب للخوارزمي ص 67، كفاية الطالب للكنجي ص 159.
الخامس والعشرون: ابن المغازلي الشافعي قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن أحمد ابن عثمان البغدادي يرفعه إلى العرزمي، عن الزبير، عن جابر قال: غزا رسول الله (صلى الله عليه وآله) غزوة فقال لعلي:
" أخلفني في أهلي " فقال: " يا رسول الله يقول الناس: خذل ابن عمه، فرددها عليه فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي "(2).
السادس والعشرون: ابن المغازلي قال: أخبرنا أبو القاسم أحمد بن عبد الواحد ابن علي(3) بن العباس الواسطي يرفعه إلى إبراهيم بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال لعلي هذه
____________
(1) هكذا ورد لفظ الحديث في كتاب سليم بن قيس ص 167 قال: " شهدت أبا ذر بالربذة حين سيره عثمان أوصى إلى علي (عليه السلام) في أهله وماله، فقال له قائل: لو كنت أوصيت إلى أمير المؤمنين عثمان، فقال: قد أوصيت إلى أمير المؤمنين حقا، أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، سلمنا عليه بإمرة المؤمنين على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال لنا: سلموا على أخي ووزيري ووارثي وخليفتي في أمتي، وولي كل مؤمن بعدي بإمرة المؤمنين، فإنه زر الأرض الذي تسكن إليه، ولو قد فقدتموه أنكرتم الأرض وأهلها، فرأيت عجل هذه الأمة وسامريها راجعا لرسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالا حق من الله ورسوله، فغضب رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم قال: حق من الله ورسوله أمرني الله بذلك، فلما سلما عليه أقبلا على أصحابهما معاذ وسالم وأبي عبيدة حين خرجا من بيت علي (عليه السلام) من بعد ما سلمنا عليه، فقالا لهم ما بال هذا الرجل ما زال يرفع خسيسة ابن عمه، وقال أحدهما إنه ليحسن أمر ابن عمه، وقال الجميع ما لنا عنده خير ما بقي علي، قال: فقلت يا أبا ذر هذا التسليم بعد حجة الوداع أو قبلها، فقال:
أما التسليمة الأولى فقبل حجة الوداع، وأما التسليمة الأخرى فبعد حجة الوداع.. الحديث.
(2) رواه ابن المغازلي في المناقب ص 29 ط طهران ولفظ سنده: أخبرنا أبو طالب محمد بن أحمد بن عثمان البغدادي - قدم علينا واسطا - قال: حدثنا محمد بن محمد بن علي بن يحيى الزيات سنة أربع وتسعين وثلاثمائة قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن ناجية بن نجبة قال: حدثنا محمد بن حرب النشائي الواسطي قال: حدثنا علي بن يزيد بن سليم الصدائي، عن محمد بن عبيد الله العرزمي، عن أبي الزبير عن جابر قال..
(3) في المصدر: أبو القاسم عبد الواحد بن علي.
السابع والعشرون: ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة - وهو من أعيان علماء العامة على مذهب المعتزلة - قال: ذكر الطبري في تاريخه، عن عبد الله بن عباس، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: " لما نزلت هذه الآية: * (وأنذر عشيرتك الأقربين) *(2) على رسول الله (صلى الله عليه وآله) دعاني فقال: يا علي إن الله أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين فضقت بذلك ذرعا، وعلمت(3) أني متى أباديهم بهذا الأمر أرى منهم ما أكره، فصمت عليه حتى جاءني جبرائيل فقال: يا محمد، إنك إلا تفعل ما أمرت به(4) يعذبك ربك فاصنع لنا صاعا من طعام، واجعل عليه رجل شاة، واملأ لنا عسا من لبن، ثم إجمع لي بني عبد المطلب حتى أكلمهم، وأبلغهم ما أمرت به، ففعلت ما أمرني به. ثم دعوتهم وهم يومئذ أربعون رجلا، يزيدون رجلا أو ينقصون رجلا(5) فيهم أعمامه: أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب، فلما اجتمعوا إليه دعا بالطعام الذي صنعت لهم، فجئت به، فلما وضعته تناول رسول الله (صلى الله عليه وآله) بضعة(6) من اللحم، فشقها بأسنانه، ثم ألقاها في نواحي الصفحة. ثم قال: كلوا(7) بسم الله: فأكلوا(8) حتى ما لهم بشئ حاجة(9) وإيم الله الذي نفس علي بيده، أن كان الرجل الواحد منهم ليأكل ما قدمته لجميعهم. ثم قال: إسق القوم فجئتهم بذلك العس، فشربوا منه حتى رووا منه جميعا وأيم الله أن كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله، فلما أراد رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يكلمهم بدره أبو لهب إلى الكلام، فقال لشد ما(10) سحركم صاحبكم! فتفرق القوم ولم يكلمهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال من الغد: يا علي، إن هذا الرجل قد سبقني إلى ما سمعت من القول، فتفرق القوم قبل أن أكلمهم، فعد لنا اليوم إلى مثل ما صنعت بالأمس(11) ثم أجمعهم إلي، قال: ثم جمعتهم ثم دعاني بالطعام فقربته لهم، ففعل كما فعل بالأمس، فأكلوا حتى ما لهم بشئ من
____________
(1) المناقب لابن المغازلي ص 30 ط - طهران ولفظ السند فيه: أخبرنا أبو القاسم عبد الواحد بن علي بن العباس الواسطي قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن أسعد قال: حدثنا القاضي أبو عبد الله المحاملي قال: حدثنا محمد بن منصور الطبرسي قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد قال: حدثنا أبي عن ابن إسحاق قال: حدثنا محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة عن إبراهيم بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه..
(2) الشعراء: 214.
(3) في المصدر: وعرفت.
(4) في المصدر: ما تؤمر به.
(5) في المصدر: يزيدون رجلا أو ينقصون.
(6) في المصدر: حذية. والحذية من اللحم: ما قطع منه طولا.
(7) في المصدر: خذوا.
(8) في المصدر: فأكل القوم.
(9) في المصدر: وما أرى إلا موضع أيديهم.
(10) في المصدر: لهدما. كلمة يتعجب بها.
(11) في المصدر: فعد لنا من الطعام بمثل ما صنعت.
قال ابن أبي الحديد عقيب ذلك: ويدل على أنه وزير رسول الله (صلى الله عليه وآله) من نص الكتاب والسنة قول الله تعالى: * (واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي أشدد به أزري وأشركه في أمري) *(4) وقال النبي (صلى الله عليه وآله) - في الخبر المجمع على روايته بين سائر فرق الإسلام - أنت مني منزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي. فأثبت له جميع مراتب هارون [ ومنازله ] من موسى، فإذا هو وزير رسول الله، وشاد أزره ولولا أنه خاتم النبيين لكان شريكا في أمره. ثم قال: وروى أبو جعفر الطبري أيضا في التاريخ: أن رجلا قال لعلي (عليه السلام): يا أمير المؤمنين بم ورثت ابن عمك دون عمك فقال علي (عليه السلام): هاؤم ثلاث مرات حتى اشرأب الناس ونشروا آذانهم ثم قال: " جمع رسول الله بني عبد المطلب بمكة وهم رهط كلهم يأكل الجذعة ويشرب الفرق فصنع مدا من طعام حتى أكلوا وشبعوا وبقي الطعام كما هو كأنه لم يمس ثم دعا بغمر فشربوا ورووا وبقي الشراب كأنه لم يشرب، ثم قال: يا بني عبد المطلب إني بعثت إليكم خاصة وإلى الناس عامة فأيكم يبايعني على أن يكون أخي وصاحبي ووارثي؟ فلم يقم إليه أحد، فقمت إليه، وكنت من أصغر القوم فقال: اجلس، ثم قال ذلك ثلاث مرات، كل ذلك أقوم إليه فيقول: اجلس، حتى كان في الثالثة فضرب بيده على يدي، فبذلك ورثت ابن عمي دون عمي "(5) انتهى كلام ابن أبي الحديد(6).
الثامن والعشرون: ابن أبي الحديد في هذا الشرح، عن ابن عباس - رحمه الله - قال: دخلت
____________
(1) الرمص في العين كالغمص، وهو قذى تلفظ به، وهو كناية عن صغر سنه.
(2) حمس الساقين: دقيقها.
(3) تاريخ الطبري: 2 / 319 - 321 ط - دار المعارف بمصر تفسير الطبري: 19 / 74 - 75 ط - بولاق.
(4) طه: 29.
(5) تاريخ الطبري: 2 / 32 ط - دار المعارف بمصر.
(6) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 3 / 354 - 355 ط - دار الكتب العربية - مصر.
التاسع والعشرون: ابن أبي الحديد في الشرح قال أبو مخنف: جاءت عائشة إلى أم سلمة تخادعها على الخروج للطلب بدم عثمان فقالت لها: يا بنت أبي أمية، أنت أول مهاجرة من أزواج رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنت كبيرة أمهات المؤمنين، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقسم لنا من بيتك وكان جبرائيل أكثر ما يكون في منزلك، فقالت أم سلمة: لأمر ما قلت هذه المقالة؟ فقالت عائشة: إن عبد الله أخبرني أن القوم استتابوا عثمان فلما تاب قتلوه صائما في شهر حرام، وقد عزمت على الخروج إلى البصرة ومعي الزبير وطلحة فاخرجي معنا لعل الله أن يصلح هذا الأمر على أيدينا وبنا، فقالت لها أم سلمة: إنك كنت بالأمس تحرضين على عثمان وتقولين فيه أخبث القول وما كان اسمه عندك إلا نعثلا، وإنك لتعرفين منزلة علي بن أبي طالب عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) أفأذكرك؟ قالت: نعم قالت:
أتذكرين يوم أقبل (عليه السلام) ونحن معه حتى إذا هبط من قديد ذات الشمال خلا بعلي يناجيه فأطال،
____________
(1) الخصفة: القفة تعمل من الخوص للتمر ونحوه.
(2) الجرة: إناء من خزف له بطن كبير وعروتان وفم واسع.
(3) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 3 / 97.
(4) أحمد بن طيفور أبو الفضل بن أبي طاهر المروزي، محدث. شاعر. ولد ببغداد سنة 204 هـ وتوفي بها عام 280 هـ، له تأليف كثيرة ومنها: " تاريخ بغداد في أخبار الخلفاء والأمراء وأيامهم " توجد ترجمته في: الوافي بالوفيات: 7: 8 - 10، تاريخ الخطيب البغدادي: 4 / 211، الفهرست لابن النديم 1 / 146، معجم الأدباء: 3 / 87 - 98، الأعلام: 1 / 138.
ليت شعري أيتكن صاحبة الجمل الأذنب تنبحها كلاب الحوأب فتكون ناكبة عن الصراط، فرفعت رأسي(2) من الحيس فقلت: أعوذ بالله وبرسوله من ذلك، ثم ضرب على ظهرك وقال: إياك أن تكونيها يا حميراء(3) أما أنا فقد أنذرتك قالت عائشة: نعم اذكر ذلك. قالت: وأذكرك أيضا كنت أنا وأنت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) في سفر له وكان علي يتعاهد نعلي رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيخصفها، ويتعاهد أثوابه فيغسلها فبقيت له نعل فأخذها يومئذ يخصفها وقعد في ظل سمرة وجاء أبوك ومعه عمر فاستأذنا عليه فقمنا إلى الحجاب ودخلا يحادثاه فيما أرادا، ثم قالا: يا رسول الله إنا لا ندري قدر ما تصحبنا، فلو أعلمتنا من يستخلف علينا ليكون لنا بعدك مفزعا! فقال لهما أما إني قد أرى مكانه ولو فعلت لتفرقتم عنه كما تفرقت بنو إسرائيل عن هارون بن عمران فسكتا، ثم خرجا فلما خرجنا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) قلت له: وكنت أجرأ عليه منا، من كنت يا رسول الله مستخلفا عليهم؟ فقال خاصف النعل، فنظرنا فلم نر أحدا إلا عليا فقلت: يا رسول الله ما أرى إلا عليا، فقال هو ذاك. فقالت عائشة: نعم اذكر ذلك، قالت فأي خروج تخرجين بعد هذا؟ فقالت إنما أخرج للإصلاح بين الناس، وأرجو فيه الأجر إن شاء الله فقالت: أنت ورأيك، فانصرفت عائشة عنها، وكتبت أم سلمة بما قالت وقيل لها إلى علي(4).
قال ابن أبي الحديد عقيب هذا الخبر: فإن قلت: فهذا نص صريح في إمامة علي (عليه السلام) فما تصنع أنت وأصحابك المعتزلة به! فأجاب بجواب لا طائل تحته متكلف حمية لمذهب المعتزلة، حمية الجاهلية. أعوذ بالله تعالى من الغواية بعد تبين الهدى.
وقد تقدم في الباب الثاني عشر من طريق العامة روايات في النص على الأئمة الاثني عشر من رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالإمامة والخلافة والوصاية تؤخذ من هناك.
____________
(1) في المصدر: تغسلين.
(2) في المصدر: فرفعت يدي.
(3) في المصدر: وقال: إياك أن تكونيها، ثم قال: يا بنت أبي أمية إياك أن تكونيها، يا حميراء، أما أنا فقد أنذرتك.
(4) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 2 / 77 - 78.