ثم قال: يا بلال هلم سيفي ودرعي وبغلتي وسرجها ولجامها، ومنطقتي التي أشدها على درعي، فجاء بلال بهذه الأشياء فوقف بالبغلة بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا علي قم فاقبض.
قال: فقمت وقام العباس فجلس مكاني، فقمت فقبضت ذلك فقال: انطلق به إلى منزلك، فانطلقت به ثم جئت فقمت بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) فنظر إلي ثم عمد إلى خاتمه فنزعه ثم دفعه إلي فقال:
هاك يا علي هذا لك في الدنيا والآخرة، والبيت غاص من بني هاشم والمسلمين فقال: يا بني هاشم، يا معشر المسلمين لا تخالفوا عليا فتضلوا، ولا تحسدوه فتكفروا، يا عباس قم من مكان علي فقال: تقيم الشيخ وتجلس الغلام، فأعادها عليه ثلاث مرات، فقام العباس فنهض مغضبا وجلست مكاني، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا عباس يا عم رسول الله لا أخرج من الدنيا وأنا ساخط عليك فيدخلك سخطي عليك النار، فرجع فجلس "(1).
وروى هذا الحديث الشيخ مرة أخرى هكذا في مجالسه: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، عن محمد بن جعفر الرزاز أبي العباس القرشي قال: حدثنا أيوب بن نوح ابن دراج قال: حدثنا محمد ابن سعيد بن زائدة، عن أبي الجارود زياد بن المنذر، عن محمد بن علي، وعن زيد بن علي كلاهما عن أبيهما علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي بن أبي طالب(2) قال: " لما ثقل رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مرضه الذي قبض فيه كان رأسه في حجري والبيت مملوء من أصحابه من المهاجرين والأنصار، والعباس بين يديه يذب عنه بطرف ردائه، فجعل رسول الله (صلى الله عليه وآله) يغمى عليه ساعة ويفيق أخرى(3) ثم وجد خفة، فأقبل على العباس فقال: يا عباس يا عم النبي إقبل وصيتي في أهلي وفي أزواجي، واقض ديني، وأنجز عداتي وأبرئ ذمتي، فقال العباس: يا نبي الله أنا شيخ ذو عيال كثير غير ذي مال ممدود، وأنت أجود من السحاب الهاطل والريح المرسلة، فلو صرفت ذلك عني إلى من أطوق له مني. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) أما إني سأعطيها من يأخذها بحقها، ومن لا يقول مثل ما تقول، يا علي هاكها خالصة لا يحاقك فيها أحد، يا علي إقبل وصيتي وأنجز مواعيدي، وأد ديني، يا علي أخلفني في أهلي، وبلغ عني من بعدي. قال علي (عليه السلام): فلما نعي إلي نفسه رجف فؤادي، وألقى علي لقوله البكاء، فلم أقدر أن أجيبه بشئ، ثم عاد لقوله فقال: يا علي أو تقبل وصيتي؟ قال: فقلت وقد خنقتني العبرة ولم أكد أن أبين: نعم يا رسول الله. فقال (صلى الله عليه وآله) يا بلال
____________
(1) أمالي الطوسي: 2 / 185 - 186.
(2) في المصدر: الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب.
(3) في المصدر: ويفيق ساعة.
قال علي (عليه السلام): فلقد رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأن رأسه ليثقل ضعفا وهو يقول - يسمع أقصى أهل البيت وأدناهم -: إن أخي ووصيي ووزيري وخليفتي في أهلي علي بن أبي طالب، يقضي ديني وينجز موعدي، يا بني هاشم يا بني عبد المطلب لا تبغضوا عليا ولا تخالفوا أمره فتضلوا، ولا تحسدوه وترغبوا عنه فتكفروا، أضجعني يا علي، فأضجعته فقال: يا بلال ائتني بولدي الحسن والحسين، فانطلق فجاء بهما فأسندهما إلى صدره فجعل (صلى الله عليه وآله) يشمهما. قال علي (عليه السلام) فظننت أنهما قد غما - قال أبو الجارود يعني أكرباه - فذهبت لآخذهما عنه فقال: دعهما يا علي يشماني ويتزودا مني وأتزود منهما فسيلقيان من بعدي أمرا عضالا، فلعن الله من يخيفهما، اللهم إني أستودعكهما وصالح المؤمنين "(3).
السادس والعشرون: ابن بابويه قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور، قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر، عن المعلى بن محمد البصري، عن جعفر بن سليمان، عن عبد الله بن الحكم، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " إن خلفائي وأوصيائي، وحجج الله على الخلق بعدي اثنا عشر: أولهم أخي وآخرهم ولدي. قيل: يا رسول الله ومن أخوك؟ قال: علي بن أبي طالب قيل: فمن ولدك؟ قال المهدي الذي يملأها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، والذي بعثني بالحق نبيا لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج فيه ولدي المهدي، فينزل روح الله عيسى ابن مريم فيصلي خلفه، وتشرق الأرض
____________
(1) المغفر والمغفرة: زرد يلبسه المحارب تحت القلنسوة.
(2) في المصدر: بالانجية.
(3) أمالي الطوسي: 2 / 213 - 214.
السابع والعشرون: محمد بن إبراهيم النعماني في كتاب الغيبة، عن أحمد بن محمد بن سعيد ابن عقدة، ومحمد بن همام بن سهل، وعبد العزيز، وعبد الواحد ابنا عبد الله بن يونس، عن رجالهم، عن عبد الرزاق بن همام، قال: حدثنا معمر بن راشد، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس الهلالي قال: لما أقبلنا من صفين مع أمير المؤمنين (عليه السلام) ننزل قريبا من دير نصراني إذ خرج علينا شيخ من الدير جميل الوجه حسن الهيئة والسمت، معه كتاب في يده حتى أتى أمير المؤمنين (عليه السلام) فسلم عليه فقال(2): إني من نسل حواري عيسى(3)، وكان أفضل حواريه الاثني عشر(4)، وأحبهم إليه، وآثرهم عنده، وإن عيسى أوصى إليه، ودفع إليه كتبه وعلمه وحكمته، فلم يزل أهل هذا البيت على دينه، ومتمسكين عليه، لم يكفروا ولم يرتدوا، ولم يغيروا، وتلك الكتب عندي، إملاء عيسى(5) وخط أبينا بيده، فيها كل شئ يفعل الناس من بعده، واسم ملك ملك منهم، وإن الله تبارك وتعالى يبعث رجلا من العرب من ولد إسماعيل من إبراهيم خليل الله(6)، من أرض يقال لها تهامة، من قرية يقال لها مكة يقال له أحمد، له اثنا عشر اسما، وذكر مبعثه ومولده ومهاجرته، ومن يقاتله، ومن ينصره، ومن يعاديه، وما يعيش، وما تلقى أمته بعده إلى أن ينزل عيسى ابن مريم من السماء، وفي ذلك الكتاب ثلاث عشر رجلا من ولد إسماعيل بن إبراهيم خليل الله من خلقه(7) وأحب من خلق الله إلى الله، والله ولي لمن والاهم، وعدو لمن عاداهم، من أطاعهم اهتدى ومن عصاهم ضل، طاعتهم لله طاعة، ومعصيتهم لله معصية، مكتوبة أنسابهم وأسماؤهم ونعوتهم، وكم يعش كل واحد منهم(8) واحدا بعد واحد، وكم رجل منهم يستر دينه(9) ويكتمه من قومه، ومن الذي يظهر منهم وينقاد له الناس، حتى ينزل عيسى ابن مريم على آخرهم فيصلي عيسى خلفه ويقول: إنكم الأئمة لا ينبغي لأحد أن يتقدمكم، فيتقدم ويصلي بالناس وعيسى خلفه في الصف الأول، أولهم أفضلهم وخيرهم، وله مثل أجورهم وأجور من أطاعهم واقتدى بهم(10)، واسمه
____________
(1) كمال الدين: 1 / 280.
(2) في المصدر: ثم قال.
(3) في المصدر: أحد حواري عيسى ابن مريم.
(4) في المصدر: وكان أفضل حواري عيسى من الاثني عشر.
(5) في المصدر: إملاء عيسى ابن مريم.
(6) في المصدر: من ولد إبراهيم خليل الله.
(7) في المصدر: من خير خلقه.
(8) في المصدر: كل رجل منهم.
(9) في المصدر: يستتر بدينه.
(10) في المصدر: اهتدى بهم، رسول الله واسمه...
قلت: هذا الحديث ذكره سليم بن قيس الهلالي في كتابه، وكتابه عندي في السنة الحادية والمائة والألف(4).
الثامن والعشرون: ابن بابويه: قال: حدثنا الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي قال: حدثنا فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي قال: حدثنا محمد بن علي بن أحمد الهمداني قال: حدثني أبو الفضل العباس بن عبد الله البخاري قال: حدثنا محمد بن القاسم بن إبراهيم بن عبد الله بن القاسم بن محمد بن أبي بكر قال: حدثنا عبد السلام بن صالح الهروي، عن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر ابن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " ما خلق الله خلقا أفضل مني ولا أكرم مني عليه " قال علي (عليه السلام)، فقلت: " يا رسول الله فأنت أفضل أم جبرائيل "؟
قال (عليه السلام): " يا علي إن الله تبارك وتعالى فضل أنبيائه المرسلين على ملائكته المقربين، وفضلني على جميع النبيين والمرسلين، والفضل بعدي لك يا علي وللأئمة من بعدك فإن الملائكة لخدامنا وخدام محبينا، يا علي * (الذي يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للذين آمنوا) *(5) بولايتنا. يا علي لولا نحن ما خلق الله آدم ولا حواء، ولا الجنة ولا النار، ولا
____________
(1) في المصدر: من أكرم خلق الله على الله.
(2) في المصدر: ثم أحد عشر رجلا من ولد محمد وولده.
(3) كتاب الغيبة للنعماني ص 35 - 36، البحار: 36 / 210 - 212.
(4) سليم بن قيس ص 152 - 156 ط - دار الكتب الإسلامية - قم.
(5) غافر: 7.
وإنه لما عرج بي إلى السماء: أذن جبرائيل مثنى مثنى(5) ثم قال: تقدم يا محمد، فقلت: يا جبرائيل أتقدم عليك؟ قال: نعم لأن الله تبارك وتعالى اسمه فضل أنبيائه على ملائكته أجمعين وفضلك خاصة، فتقدمت وصليت بهم ولا فخر، فلما انتهيت إلى حجب النور قال لي جبرائيل (عليه السلام): تقدم يا محمد(6) إن هذا انتهاء حدي الذي وضعه الله لي في هذا المكان، فإن تجاوزته احترقت أجنحتي لتعدي حدود ربي جل جلاله، فزج(7) بي زجة في النور حتى انتهيت إلى حيث ما شاء الله عز وجل من ملكوته، فنوديت يا محمد أنت عبدي(8) وأنا ربك فإياي فاعبد، وعلي فتوكل فإنك نوري في عبادي، ورسولي إلى خلقي، وحجتي في بريتي، لمن تبعك خلقت
____________
(1) في المصدر: وأنا عبيد ولسنا بآلهة يجب أن نعبد معه أو دونه فقالوا لا إله إلا الله. فلما شاهدوا.
(2) في المصدر: كبرنا الله.
(3) في المصدر: من العزة والقوة.
(4) في المصدر: فقالت الملائكة: لا حول ولا قوة إلا بالله، فلما شاهدوا.
(5) في المصدر: وأقام مثنى مثنى.
(6) في المصدر: وتخلف عني، فقلت: يا جبرائيل في مثل هذا الموضع تفارقني؟ فقال: يا محمد إن هذا.
(7) في المصدر: زخ.
(8) في المصدر: فنوديت يا محمد، فقلت: لبيك ربي وسعديك تباركت وتعاليت، فنوديت يا محمد أنت عبدي.
التاسع والعشرون: ابن بابويه قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن المطلب، وأبو عبد الله أحمد بن محمد بن عبد الله بن الحسن بن عياش الجوهري، جميعا قال: حدثنا محمد بن لاحق اليماني، عن إدريس بن زياد(3) الكفرثوثي قال: حدثنا إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السيفي، عن جعفر بن الزبير، عن القاسم(4)، عن سلمان الفارسي - رضي الله عنه - قال: خطبنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: " معاشر الناس إني راحل عن قريب(5)، ومنطلق إلى مغيب، أوصيكم في عترتي خيرا، وإياكم والبدع فإن كل بدعة ضلالة وكل ضلالة وأهلها في النار.
معاشر الناس من افتقد الشمس فليتمسك بالقمر، ومن افتقد القمر فليتمسك بالفرقدين، فإذا فقدتم الفرقدين فتمسكوا بالنجوم الزاهرة " فقال سلمان: يا رسول الله فما الشمس والقمر(6)؟ وما الفرقدان؟ وما النجوم الزاهرة؟ فقال: " أنا الشمس وعلي القمر(7) فإذا افتقدتموني فتمسكوا به
____________
(1) في المخطوط: ولأمكنه.
(2) كمال الدين: 1 / 254 - 256.
(3) في الإنصاف: وكفاية الأثر: إدريس بن زياد السبيعي.
(4) في الإنصاف: القاسم بن سليمان، وفي كفاية الأثر: القسم بن سليمان.
(5) في كفاية الأثر: راحل عنكم عن قريب.
(6) في كفاية الأثر: ومن افتقد الفرقدين فليتمسك بالنجوم الزاهرة بعدي، أقول قولي واستغفر الله لي ولكم.
قال فلما نزل عن منبره (عليه السلام) تبعته حتى دخل بيت عائشة فدخلت عليه وقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله سمعتك تقول: إذا افتقدتم الشمس فتمسكوا بالقمر، وإذا افتقدتم القمر فتمسكوا بالفرقدين، وإذا افتقدتم الفرقدين فتمسكوا بالنجوم الزاهرة، فما الشمس؟ وما القمر؟.
(7) في كفاية الأثر: أما الشمس فأنا، وأما القمر فعلي.
الثلاثون: ابن بابويه قال: حدثنا أبو علي أحمد بن سليمان، قال: حدثني أبو علي بن همام، قال:
حدثنا الحسن بن محمد بن جمهور العمي، عن أبيه محمد بن جمهور، عن حماد بن عيسى، عن محمد بن مسلم قال: دخلت على زيد بن علي (عليه السلام) فقلت: إن قومي يزعمون أنك صاحب هذا الأمر؟ قال: لا ولكني من العترة، قلت: فمن يلي هذا الأمر بعدكم؟ قال: سبعة من الخلفاء والمهدي منهم. قال ابن مسلم ثم دخلت على الباقر محمد بن علي (عليه السلام) فأخبرته بذلك، فقال: صدق أخي زيد(2)، سيلي هذا الأمر بعدي سبعة من الأوصياء، والمهدي منهم، ثم بكى (عليه السلام) وقال: " كأني به وقد صلب في الكناسة ". يا بن مسلم، حدثني أبي، عن أبيه الحسين قال: وضع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يده على كتفي، وقال: " يا حسين يخرج من صلبك رجل يقال له زيد يقتل مظلوما، إذا كان يوم القيامة نشر(3) وأصحابه إلى الجنة "(4).
الحادي والثلاثون: ابن بابويه قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق - رضي الله عنه - قال: حدثنا حمزة بن القاسم العلوي العباسي، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الكوفي الفزاري، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن زيد الزيات، قال: حدثنا محمد بن زياد الأزدي، عن المفضل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) قال: سألته عن قول الله عز وجل: * (وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات) *(5) هذه الكلمات؟ التي(6) تلقاها آدم من ربه فتاب عليه، وهو أنه قال: " يا رب
____________
(1) الإنصاف ص 261 - 262، عن النصوص لابن بابويه، ورواه الخزاز في كفاية الأثر ص 6.
(2) في المصدر: صدق أخي زيد، صدق أخي زيد.
(3) في البحار: حشر.
(4) كفاية الأثر للخزاز ص 41، البحار: 36 / 200.
(5) البقرة: 124.
(6) في المصدر: قال: هي الكلمات التي.
الثاني والثلاثون: الشيخ في مجالسه قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن جرير الطبري سنة ثمان وثلاثمائة قال: حدثنا محمد ابن حميد الرازي قال: حدثنا سلمة ابن الفضل الأبرش قال: حدثني أحمد بن إسحاق بن عبد الغفار(3) بن القاسم قال أبو المفضل:
وحدثنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي واللفظ له قال: حدثنا محمد بن الصباح الجرجرائي قال: حدثنا سلمة بن صالح الجعفي(4)، عن سليمان الأعمش، وأبي مريم جميعا، عن المنهال بن عمرو، عن عبد الله ابن عباس(5) عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: " لما نزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال لي(6) يا علي إن الله تعالى أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين. قال: فضقت بذلك ذرعا وعرفت أني متى أبادئهم بهذا الأمر أرى منهم ما أكره، فصمت على ذلك وجائني جبرائيل (عليه السلام) فقال: يا محمد إنك إن لم تفعل ما أمرت به عذبك ربك، فاصنع لنا يا علي صاعا من طعام، وأجعل عليه رجل شاة واملأ لنا عسا من لبن، ثم إجمع بني عبد المطلب حتى أكلمهم وأبلغهم
____________
(1) الزخرف: 27.
(2) معاني الأخبار ص 126 - 127.
(3) في المصدر: محمد بن إسحاق، عن عبد الغفار.
(4) في المصدر: سلمة بن سالم.
(5) في المصدر: عن عبد الله بن الحارث بن نوفل، عن عبد الله بن عباس.
(6) في المصدر: لما نزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه وآله) " وأنذر عشيرتك الأقربين " دعاني رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال لي:
الثالث والثلاثون: ابن طاوس في الطرائف، عن عيسى بن المستفاد قال: سألت موسى الكاظم (عليه السلام) قال: قلت ما تقول فإن الناس قد أكثروا أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمر أبا بكر أن يصلي بالناس، ثم عمر؟ فأطرق عني طويلا ثم قال: " ليس كما ذكروا - ثم ساق الحديث - وإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) هو الذي صلى بالناس دون أبي بكر - إلى أن قال -: ثم حمل فوضع على منبره فلم يجلس بعد ذلك على
____________
(1) في المصدر: دعوتهم أجمع.
(2) في المصدر: جذمة. والجذمة بكسر الجيم: القطعة.
(3) في المصدر: الواحد منهم.
(4) في المصدر: بدره.
(5) أمالي الطوسي: 2 / 194 - 196.
أيها الناس هذا علي بن أبي طالب كنز الله، من أحبه وتولاه اليوم وبعد اليوم فقد أوفى بما عاهد عليه الله، وأدى ما وجب عليه، ومن عاداه اليوم(6) وما بعد اليوم جاء يوم القيامة أعمى أصم لا حجة له عند الله(7).
____________
(1) هكذا ورد صدر الحديث في كتاب " خصائص أمير المؤمنين ":
قلت: جعلت فداك قد أكثر الناس قولهم في أن النبي أمر أبا بكر بالصلاة، ثم أمر عمر؟! فأطرق عني طويلا ثم قال:
ليس كما ذكر الناس، ولكنك يا عيسى كثير البحث عن الأمور لا ترضى إلا بكشفها، فقلت: بأبي أنت وأمي من أسأل - عما أنتفع به في ديني، ويهتدي به نفسي مخافة أن أضل - غيرك؟ وهل أجد أحدا يكشف لي المشكلات مثلك؟ فقال: إن النبي (صلى الله عليه وآله) لما ثقل في مرضه دعا عليا (عليه السلام) فوضع رأسه في حجره، وأغمي عليه وحضرت الصلاة، فأوذن بها، فخرجت عائشة فقالت: يا عمر اخرج فصل بالناس. فقال لها: أبوك أولى بها مني، فقالت: صدقت، ولكنه رجل لين وأكره أن يواثبه القوم، فصل أنت. فقال لها: يصلي هو وأنا أكفيه إن وثب واثب، أو تحرك متحرك!
مع أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) مغمى عليه ولا أراه يفيق منها، والرجل مشغول به لا يقدر أن يفارقه - يعني عليا (عليه السلام) - فبادروا بالصلاة قبل أن يفيق، فإنه إن أفاق خفت أن يأمر عليا (عليه السلام) بالصلاة، وقد سمعت مناجاته له منذ الليلة يقول لعلي (عليه السلام): الصلاة الصلاة. قال: قال: فخرج أبو بكر يصلي بالناس فظنوا أنه بأمر من رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلم يكبر حتى أفاق رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: ادعوا لي عمي العباس، فدعى له، فحمله وعلي (عليه السلام) حتى أخرجاه فصلى بالناس وإنه لقاعد، ثم حمل فوضع على المنبر، ولم يجلس عليه بعد ذلك، فاجتمع لذلك جميع أهل المدينة من المهاجرين والأنصار حتى برزت العواتق من خدرها.
(2) في خصائص أمير المؤمنين: وساعتي هذه من الإنس والجن، ليبلغ شاهدكم.
(3) في خصائص أمير المؤمنين: لما فرض الله تعالى من شئ.
(4) في خصائص أمير المؤمنين: وحجتي وحجة وليي.
(5) آل عمران: 103. وفي الخصائص أنهى الآية بقوله تعالى: * (وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون) *.
(6) في خصائص أمير المؤمنين: ومن عاداه وأبغضه اليوم.
(7) في خصائص أمير المؤمنين: أيها الناس لا تأتوني غدا بالدنيا تزفونها زفا، ويأتي أهل بيتي شعثا غبرا، مقهورين مظلومين تسيل دماؤهم، إياكم واتباع الضلالة والشورى للجهالة، ألا وإن هذا الأمر له أصحاب قد سماهم الله عز وجل لي وعرفنيهم وأبلغكم ما أرسلت به إليكم ولكني أراكم قوما تجهلون، لا ترجعوا بعدي كفارا مرتدين، تؤولون على غير معرفة، أو تبتدعون السنة بالأهواء، وكل سنة وحديث وكلام خالف القرآن فهو زور وباطل، القرآن إمام هاد وله قائد يهدي به ويدعو إليه بالحكمة والموعظة الحسنة وهو علي بن أبي طالب، وهو ولي الأمر من بعدي، ووارث علمي وحكمي، وسري وعلانيتي، وما ورثه النبيون قبلي، وأنا وارث ومورث فلا تكذبنكم أنفسكم.
الرابع والثلاثون: ابن بابويه قال: حدثنا علي بن الحسين(3)، قال: حدثنا محمد بن الحسين الكوفي، قال: حدثنا محمد بن محمود، قال: حدثنا أحمد بن عبد الله الهلالي(4) قال: حدثنا أبو حفص الأعشى، عن عنبسة بن الأزهر، عن يحيى بن عقيل، عن يحيى بن النعمان، قال: كنت عند الحسين (عليه السلام) إذ دخل عليه من العرب(5) متلثم أسمر شديد السمرة فسلم عليه فرد الحسين (عليه السلام) فقال:
يا بن رسول الله مسألة، فقال: هات، فقال: كم بين الإيمان واليقين؟ قال: " أربع أصابع "، قال: كيف؟
قال: " الإيمان ما سمعناه واليقين ما رأيناه، وبين السمع والبصر أربع أصابع "، قال: كم بين السماء والأرض؟ قال: " دعوة مستجابة "، قال: فكم بين المشرق والمغرب؟ قال: " مسيرة يوم للشمس "، قال: فما غنى المرء؟ قال: " استغناؤه عن الناس "، قال: فما أقبح شئ؟ قال: " الفسق في الشيخ قبيح، والحدة في السلطان قبيحة، والكذب في ذي الحسب قبيح، والبخل في ذي الغنا قبيح، والحرص في العالم ": قال: صدقت يا بن رسول الله فأخبرني عن عدد الأئمة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: " اثنا عشر عدد نقباء بني إسرائيل "، قال: سمهم لي، فأطرق الحسين (عليه السلام) رأسه مليا ثم رفع رأسه فقال: " نعم أخبرك يا أخا العرب، إن الإمام والخليفة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمير المؤمنين(6) علي
____________
(1) في الخصائص: علي أخي ووزيري وأميني، والقائم من بعدي بأمر الله، والموفي بذمتي، ومحبي سنتي، وهو أول الناس إيمانا بي وآخرهم عهدا عند الموت، وأولهم لقاء لي يوم القيامة، فليبلغ شاهدكم غائبكم، أيها الناس من كانت له تبعة فها أنا ذا، ومن كانت له عدة أو دين فليأت علي بن أبي طالب، فإنه ضامن له كله حتى لا يبقى لأحد قبلي تبعة.
الحديث رواه الشريف المرتضى في خصائص أمير المؤمنين ص 43 - 46. ط. النجف الأشرف.
(2) الصراط المستقيم: 3 / 135، خصائص الأئمة: 75.
(3) في كفاية الأثر: علي بن الحسن.
(4) في كفاية الأثر: الذهلي.
(5) في كفاية الأثر: رجل من العرب.
(6) في البحار: أبي أمير المؤمنين.
قال: فقام الأعرابي وهو يقول:
مسح النبي جبينه | فله بريق في الخدود |
أبواه من أعلا قريش | وجده خير الجدود(1) |
والروايات والأخبار في ذلك بهذا المعنى كثيرة يطول بها الكتاب، ومن أراد الوقوف على أكثر مما ذكرنا هنا فعليه بكتابنا كتاب (الإنصاف في النص على الأئمة الاثني عشر الأشراف) كتاب عملته في ذلك.
____________
(1) كفاية الأثر ص 31، الإنصاف ص 326 - 327، البحار: 36 / 384 - 385.