الثامن والخمسون: موفق بن أحمد في الفضائل قال: أخبرنا صمصام الأئمة أبو عفان عثمان بن أحمد الصرام الخوارزمي بخوارزم، أخبرنا عماد الدين أبو بكر أحمد بن الحسن النسفي، حدثنا أبو القاسم ميمون بن علي الميموني، أخبرنا الشيخ أبو محمد إسماعيل بن الحسين بن علي، أخبرنا أبو نصر أحمد بن سهل الفقيه، أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن بن عبده، حدثنا إبراهيم بن سلام المكي، حدثنا عبد العزيز بن محمد عن حزام بن عثمان، عن ابن جابر عن جابر بن عبد الله (رضي الله عنه) إنه قال: جاءنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ونحن مضطجعون في المسجد وفي يده عسيب رطب قال:
ترقدون في المسجد؟
قلنا: قد أجفلنا وأجفل علي معنا.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): تعال يا علي إنه يحل لك في المسجد ما يحل لي أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة، والذي نفسي بيده إنك لذائد عن حوضي يوم القيامة تذود عنه رجالا كما تذود البعير الضال عن الماء بعصا لك من عوسج، كأني أنظر إلى مقامك من حوضي(2).
قلت: أجفل القوم أي أسرعوا في الهرب.
التاسع والخمسون: موفق بن أحمد في الفضائل قال: أخبرنا الشيخ الزاهد أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي الخوارزمي قال: أخبرنا شيخ القضاة إسماعيل بن أحمد الواعظ، أخبرنا والدي أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي، أخبرنا أبو علي عبد الله بن أحمد بن حنبل، أخبرنا أبي، حدثنا يحيى بن حماد، حدثنا أبو عوانة، حدثنا أبو بلج، حدثنا عمر بن ميمون قال: إني جالس إلى ابن عباس (رضي الله عنه) إذ أتاه تسعة رهط فقالوا: يا بن العباس إما أن تقوم معنا وإما أن تخلوا بنا من بين هؤلاء، فقال ابن العباس: بل أنا أقوم معكم، وساق حديثا طويلا قال فيه قال ابن عباس: وخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) في غزوة تبوك وخرج الناس فقال له علي: أخرج معك؟
فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): لا، فبكى علي.
فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، إنه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي، والحديث تقدم بطوله من طريق مسند أحمد بن حنبل وهو
____________
(1) المناقب 108 / ح 115، وصحيح مسلم: 7 / 120 - 121 ط دار الفكر.
(2) المناقب 109 / ح 116.
الستون: موفق بن أحمد في الفضائل قال: أخبرنا سيد الحفاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي فيما كتب إلي من همدان، أخبرنا أبو الفتح عبدوس بن عبد الله بن عبدوس الهمداني كتابة، أخبرنا الشيخ أبو طاهر الحسين بن علي بن سلمة (رضي الله عنه) عن مسند زيد بن علي (رضي الله عنه)، حدثنا الفضل بن الفضل بن العباس، حدثنا أبو عبد الله محمد بن سهل، حدثنا محمد بن عبد الله البلوي، حدثنا إبراهيم بن عبيد الله بن العلا حدثني أبي عن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده عن علي (رضي الله عنه) قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله) يوم فتحت خيبر: لولا أن تقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى في عيسى ابن مريم لقلت فيك مقالا حيث لا تمر على ملأ من المسلمين إلا وأخذوا من تراب رجليك، وفضل طهورك يستشفون به، ولكن حسبك أن تكون مني وأنا منك ترثني وأرثك، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، يا علي أنت تؤدي ديني وتقاتل على سنتي، وأنت في الآخرة أقرب الناس مني، وإنك غدا على الحوض خليفتي تذود عنه المنافقين، وأنت أول من يرد على الحوض وأنت أول داخل في الجنة من أمتي، وإن شيعتك على منابر من نور رواء مرويين مبيضة وجوههم حولي أشفع لهم فيكونون غدا في الجنة جيراني، وإن أعداءك غدا ظما مظمئين مسودة وجوههم يتقحمون مقمعون يضربون بالمقامع وهي سياط من نار مقتحمين، حربك حربي وسلمك سلمي وسرك سري وعلانيتك علانيتي وسريرة صدرك كسريرة صدري، وأنت باب علمي، وإن ولدك ولدي ولحمك لحمي ودمك دمي، وإن الحق معك والحق على لسانك وفي قلبك وبين عينيك والإيمان مخالط لحمك ودمك كما خالط لحمي ودمي، وإن الله عز وجل أمرني أن أبشرك أنك أنت وعترتك في الجنة، وأن عدوك في النار، لا يرد علي الحوض مبغض لك ولا يغيب عنه محب لك، قال علي: فخررت ساجدا لله تعالى وحمدته على ما أنعم علي به من الإسلام والقرآن وحببني إلى خاتم النبيين وسيد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم(2).
الحادي والستون: موفق بن أحمد في الفضائل قال: أخبرنا الشيخ الزاهد أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي، حدثنا إسماعيل بن أحمد الواعظ، حدثنا والدي أحمد بن الحسين البيهقي أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن علي المقري، أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق الإسفرائيني، حدثنا يوسف بن يعقوب القاضي، حدثنا محمد بن أبي بكر، حدثنا يوسف بن
____________
(1) المناقب 125 / ح 140.
(2) المناقب 129 / ح 143.
قال: فأدخل أصبعه في أذنه وقال: وإلا فاستكتا.
قال (رضي الله عنه): هو عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه سعد بن أبي وقاص(1).
الثاني والستون: موفق بن أحمد في الفضائل قال: أخبرنا الشيخ الفقيه العادل أبو بكر محمد بن عبيد الله بن نصر الزاغوني بمدينة السلام، عن الشيخ الثقة أبي الليث وأبي الفتح أحمد بن الحسين بن نصر الشاشي عن الشيخ أبي بكر أحمد بن منصور المغربي عن الشيخ الحافظ أبي بكر محمد بن عبد الله بن الحسين بن زكريا الشيباني المعروف بالجوزقي، أخبرنا أبو العباس الدغولي، حدثنا محمد بن مشكان، أخبرنا أبو داود الطيالسي، حدثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم قال: سمعت إبراهيم بن سعد بن أبي وقاص يحدث عن سعد أن رسول الله قال لعلي (رضي الله عنه): أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، أخرج الشيخان هذا الحديث في صحيحيهما(2).
الثالث والستون: موفق بن أحمد في الفضائل قال: أنبأني مهذب الأئمة أبوا لمظفر عبد الملك بن علي بن محمد الهمداني نزيل بغداد إجازة، أخبرنا أبو طالب عبد القادر بن محمد بن يوسف إذنا قال: أخبرنا إبراهيم بن عمر البرمكي قال: أخبرنا أحمد بن جعفر بن مالك قال: حدثنا الحسن بن علي البصري قال: حدثنا أبو عبد الله الحسن بن راشد الطفاوي والصباح بن عبد الله أبو بشر قالا:
حدثنا قيس بن الربيع قال: حدثنا سعد بن الخفاف عن عطية عن محدوج بن زيد الألهاني أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) آخى بين المسلمين ثم قال: يا علي أنت أخي وأنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي، أما علمت يا علي إن أول ما يدعى به يوم القيامة يدعى بي، فأقوم عن يمين العرش في ظلة فأكسى حلة خضراء من حلل الجنة، ثم يدعى بالنبيين بعضهم على أثر بعض، فيقومون سماطين عن يمين العرش ويكسون حللا خضرا من حلل الجنة، الحديث بطوله تقدم من مسند أحمد بن حنبل(3).
الرابع والستون: موفق بن أحمد في المناقب قال: أخبرنا أبو العلاء الحسن بن أحمد، أخبرنا
____________
(1) المناقب 133 / ح 148.
(2) المناقب 138 / ح 157.
(3) المناقب 140 / ح 159.
الخامس والستون: موفق بن أحمد في المناقب قال: أخبرنا الشيخ الزاهد أبو الحسين علي بن أحمد العاصمي الخوارزمي، أخبرنا شيخ القضاة إسماعيل بن أحمد عن الحسين البيهقي، أخبرنا أبو بكر أحمد، أخبرنا أبو سعد أحمد بن الخليل الماليني، حدثنا أبو أحمد عبد الله بن عدي الحافظ حدثنا البغوي إملاء حدثنا حسين بن محمد الذراع سنة إحدى وثلاثين ومائتين قال: قدم علينا مع أبي الربيع الزهراني من البصرة عبد المؤمن بن عباد العبدي قال: حدثنا يزيد بن معن عن عبد الله بن شرحبيل، عن زيد بن أبي أوفى قال: دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مسجده فقال: أين فلان وفلان؟ فجعل ينظر في وجوه أصحابه ويتفقدهم ثم ذكر قصة المواخاة بين الصحابة فقال له علي: - يعني رسول الله (صلى الله عليه وآله) -: قد رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلت غيري فإن كان هذا من سخط علي فلك العتبى والكرامة، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): والذي بعثني بالحق ما أخرتك إلا لنفسي وأنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي، وأنت أخي ووارثي؟
قال: وما أرث منك يا رسول الله؟
قال: ما ورثه الأنبياء قبلي.
قال: وما هو؟
قال: كتاب ربهم وسنة نبيهم، وأنت معي في قصري في الجنة مع فاطمة ابنتي، وأنت أخي ووزيري ورفيقي ثم تلا رسول الله (صلى الله عليه وآله) * (إخوانا على سرر متقابلين) * المتحابون في الله ينظر بعضهم بعضا(2).
السادس والستون: موفق بن أحمد في الفضائل قال: أخبرنا أبو العلا الحسن بن أحمد، أخبرنا أبو جعفر محمد بن الحسن بن محمد الحافظ، أخبرنا أبو علي محمد بن موسى بن محمد بن نعيم أخبرني أبو الحسن محمد بن الحسين بن داود، حدثنا أبو الأحرز محمد بن عمر بن جميل الأزدي،
____________
(1) المناقب 142 / ح 163.
(2) المناقب 150 / ح 178.
قلت: كيف لا أحبه وقد سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول له: أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي، ولقد رأيته يوم بدر وهو يحمحم كما يحمحم الفرس هو يقول:
بازل عامين حديث سني | سنح الليل كأني جني |
السابع والستون: موفق بن أحمد في المناقب قال: من المراسيل روى الناصر للحق بإسناده في حديث طويل قال: لما قدم علي (رضي الله عنه) على رسول الله (صلى الله عليه وآله) لفتح خيبر قال (صلى الله عليه وآله وسلم): لولا أن تقول طائفة فيك من أمتي ما قالت النصارى في المسيح (عليه السلام) لقلت فيك اليوم مقالا لا تمر بملأ إلا وأخذوا التراب من تحت قدميك ومن فضل طهورك يستشفون به، ولكن حسبك أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى وأنا منك ترثني وأرثك إلا أنه لا نبي بعدي، وإنك تبرئ ذمتي، وتقاتل على سنتي، وإنك غدا أقرب الناس مني، وإنك أول من يرد علي الحوض، وأول من يكسى معي، وأول داخل الجنة من أمتي، وإن شيعتك على منابر من نور، وإن الحق على لسانك وفي قلبك وفي عينيك(2).
الثامن والستون: موفق بن أحمد في المناقب قال: روي أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أرسل إلى معاوية رسله الطرماح بن حكيم الطائي وجرير بن عبد الله البجلي وغيرهما قبل مسيره إلى صفين، وكتب إليه مرة بعد أخرى يحتج عليه ببيعة أهل الحرمين له وسوابقه في الإسلام لئلا يكون بين أهل العراق وبين أهل الشام محاربة، ومعاوية يعتل بدم عثمان ويستغوي بذلك جهال أهل الشام وأجلاف العرب، ثم يستميل طلبة الدنيا بالأموال والولايات، وكان يشاور في أثناء ذلك ثقاته وأهل مودته وعشيرته في قتال علي كرم الله وجهه، فقال له أخوه عتبة: هذا أمر عظيم لا يتم إلا بعمرو بن العاص فإنه قريع زمانه في الدهاء والمكر والخدع، وقلوب أهل الشام مائلة إليه، فقال معاوية: صدقت ولكنه يحب عليا وأخاف أن لا يجيئني، فقال: اخدعه بالأموال ومصر، فكتب إليه معاوية: من معاوية بن أبي سفيان خليفة عثمان بن عفان (رضي الله عنه) إمام المسلمين وخليفة رسول رب العالمين ذي النورين ختن المصطفى على ابنته وصاحب جيش العسرة وبئر رومة المعدوم الناصر،
____________
(1) المناقب: 158، ح 187.
(2) المناقب 158 / ح 188.
فكتب إليه عمرو: من عمرو بن العاص صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى معاوية بن أبي سفيان أما بعد:
فقد وصل كتابك فقرأته، ثم فهمته، فأما ما دعوتني إليه من خلع ربقة الإسلام من عنقي والتهور في الضلالة معك وإعانتي إياك على الباطل، واختراط السيف في وجه علي (رضي الله عنه) وهو أخو رسول الله ووصيه ووارثه وقاضي دينه ومنجز وعده، وزوج ابنته سيدة نساء أهل الجنة وأبو السبطين الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة فلن يكون.
وأما ما قلت: إنك خليفة عثمان فقد صدقت، ولكن تبين اليوم عزلك عن خلافته وقد بويع لغيره فزالت خلافتك، وأما ما عظمتني به ونسبتني إليه من محبة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإنني صاحب جيشه فلا أغتر بالتزكية ولا أميل بها عن الملة.
وأما ما نسبت أبا الحسن أخا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ووصيه إلى البغي والحسد لعثمان، وسميت الصحابة فسقة وزعمت أنه أشلاهم على قتله فهذا كذب وغواية، ويحك يا معاوية أما علمت أن أبا الحسن بذل نفسه بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبات على فراشه، وهو صاحب السبق إلى الإسلام والهجرة وقد قال فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله): هو مني وأنا منه وهو مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي.
وقد قال فيه يوم غدير خم: ألا ومن كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وآل من والاه وعاد من عاداه وأنصر من نصره وأخذل من خذله.
وهو الذي قال فيه رسول الله يوم خيبر: لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله.
وهو الذي قال فيه يوم الطير: اللهم آتني أحب الخلق إليك فلما دخل عليه قال: وإلي وإلي.
____________
(1) الأشلاء: الإغراء، والغاغة: الكثير المختلط من الناس.
وقد قال فيه: علي وليكم من بعدي وأكد القول عليك وعلي وعلى جميع المسلمين.
وقال: إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي.
وقد قال: أنا مدينة العلم وعلي بابها، وقد علمت يا معاوية ما أنزل الله تعالى في كتابه فيه من الآيات المتلوات في فضائله التي لا يشركه فيها أحد كقوله تعالى: * (يوفون بالنذر ويخافون) *.
وقوله تعالى: * (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) *.
وقوله تعالى: * (أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه) *.
وقد قال الله تعالى: * (رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه) *.
وقد قال الله لرسوله: * (قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) *.
وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، سلمك سلمي وحربك حربي وتكون أخي ووليي في الدنيا والآخرة، يا أبا الحسن من أحبك فقد أحبني ومن أبغضك فقد أبغضني، ومن أحبك أدخله الله الجنة ومن أبغضك أدخله الله النار.
وكتابك يا معاوية الذي هذا جوابه ليس مما يخدع به من له عقل أو دين والسلام.
فكتب إليه معاوية يعرض عليه الأموال والولايات وكتب في آخر كتابه هذه الأبيات:
جهلت ولم تعلم محلك عندنا | فأرسلت شيئا من خطاب وما تدري |
فثق بالذي عندي لك اليوم آنفا | من العز والإكرام والجاه والقدر |
فأكتب عهدا ترتضيه مؤكدا | وأشفعه بالبذل مني وبالبر |
فكتب عمرو:
أبى القلب مني أن أخادع بالمكر | بقتل ابن عفان أجر إلى الكفر |
وإني لعمرو ذو دهاء وفطنة | ولست أبيع الدين بالريح والدفر |
فلو كنت ذا رأي وعقل وفطنة | لقلت لهذا الشيخ إن خاض في الأمر |
تحية منشور جليل مكرم | بخط صحيح ذي بيان على مصر |
أليس صفيرا ملك مصر ببيعة | هي العار في الدنيا على العقب من عمرو |
فإن كنت ذا ميل شديد إلى العلى | وإمرة أهل الدين مثل أبي بكر |
فأشرك أخا رأي وحزم وحيلة | معاوي في أمر جليل لذي الذكر |
فإن دواء الليث صعب على الورى | وإن غاب عمرو زيد شرا إلى شر(1) |
التاسع والستون: موفق بن أحمد في المناقب قال: أخبرنا العلامة فخر خوارزم أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري (رضي الله عنه)، أخبرني الأستاذ الأمين أبو الحسن علي بن مردك الرازي أخبرني الشيخ الزاهد الحافظ أبو سعد إسماعيل بن علي بن الحسين السمان، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد الحمدوني بقراءتي عليه سنة ست وثمانين وثلاثمائة، حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن حمدان بن عبد الرحمن بن المرزبان الجلاب، حدثنا أبو بكر محمد بن إبراهيم السوسي البصري نزيل حلب، حدثنا عثمان بن عبد الله القرشي الشامي بالبصرة قدم علينا، حدثنا يوسف بن أسباط عن محمد الضبي، عن إبراهيم النخعي عن علقمة عن أبي ذر (رضي الله عنه) قال: لما كان أول يوم في البيعة لعثمان (ليقضي الله أمرا كان مفعولا ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حيى عن بينة.
قال أبو ذر: فاجتمع المهاجرون والأنصار في المسجد، فنظرت إلى أبي محمد عبد الرحمن بن عوف وقد اعتجر بريطة وقد اختلفوا إذ جاء أبو الحسن بأبي هو وأمي، فلما بصروا بأبي الحسن علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه - سر القوم طرا فأنشأ علي يقول: إن أحسن ما ابتدأ به المبتدئون ونطق به الناطقون وتفوه به القائلون: حمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، وصلى الله على النبي محمد (صلى الله عليه وآله)، الحمد لله المتفرد بدوام البقاء المتوحد بالملك الذي له الفخر والمجد والثناء، وساق الخطبة بطولها إلى أن قال (عليه السلام): فهدانا الله بمحمد (صلى الله عليه وآله) إلى صالح الأديان، ثم أنقذنا من عبادة الأوثان بعد أن أمكنه الله من شعلة النور فأضاء بمحمد (صلى الله عليه وآله) مشارق الأرض ومغاربها فقبضه الله إليه فإنا لله وإنا إليه راجعون، فما أجل رزيته وأعظم مصيبته فالمؤمنين فيه طرا مصيبتهم واحدة، ثم قال علي كرم الله وجهه: فأنشدكم بالله يا معاشر المهاجرين والأنصار هل تعلمون أن جبرائيل (عليه السلام) أتى النبي (صلى الله عليه وآله) وقال: يا محمد لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي، هل تعلمون كان هذا؟
قالوا: اللهم نعم.
قال: فأنشدكم الله هل تعلمون أن جبرائيل نزل على النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يا محمد إن الله يأمرك أن تحب عليا وتحب من يحبه فإن الله تعالى يحب عليا ويحب من يحبه؟
قالوا: اللهم نعم.
____________
(1) المناقب 198 / ح 240.
فقال أبو محمد من بينهم - يعني عبد الرحمن بن عوف -: سمعتها من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإلا صمتا.
ثم قال: أتعلمون أن أحدكم كان يدخل المسجد جنبا غيري؟
قالوا: اللهم لا.
قال: فأنشدكم الله هل تعلمون أن أبواب المسجد سدها وترك بابي؟
قالوا: نعم.
قال: هل تعلمون إني إذا قاتلت أكون عن يمين رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي؟
قالوا: اللهم نعم.
قال: هل تعلمون أن رسول الله أخذ الحسن والحسين فجعل رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: إيها يا حسن، فقالت فاطمة (عليها السلام): يا أباه إن الحسين أصغر وأضعف ركنا منه، فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا فاطمة ألا ترضين أن أقول أنا هي يا حسن ويقول جبرائيل (عليه السلام) هي يا حسين، فهل لأحدكم مثل هذا الفضل وهذه المنزلة؟ نحن الصابرون ليقضي الله أمرا كان مفعولا في هذه البيعة(1).
السبعون: صاحب كتاب المناقب الفاخرة في العترة الطاهرة قال: حدثنا أبو يحيى زكريا بن يحيى السالي عن أحمد بن يحيى الصوفي قال: حدثنا أبو نعيم حدار بن صراد عن يحيى بن عيسى الزميل عن الأعمش عن عناية الأسدي عن ابن عباس عن أم سلمة قالت: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد دخل عليه علي بن أبي طالب (عليه السلام): يا أم سلمة هل تعرفينه، فقالت هينا هذا علي بن أبي طالب (عليه السلام).
قال: نعم لحمه لحمي ودمه دمي وهو مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، يا أم سلمة إسمعي واشهدي هذا علي أمير المؤمنين وسيد المسلمين وعيبة علمي وبابي الذي منه أؤتى وخليفتي من بعدي وقريني في الآخرة، وهو معي في السنام الأعلى، إشهدي يا أم سلمة إنه
____________
(1) المناقب 299 / ح 296.
الحادي والسبعون: صاحب المناقب الفاخرة قال: حدث المبارك بن مسرور قال:
حدثني القاضي أبو عبد الله عن أبيه عن أبي الحسين علي بن عبد الله القصاب البيع عن أبي بكر المفيد الجرجاني عن أبي الحسين علي بن سليمان عن عبد الكريم بن علي عن جعفر بن ربيعة البلخي عن الحسين بن الحسين المروزي عن كادح بن جعفر عن مسلم بن بشار عن جابر بن عبد الله الأنصاري (رضي الله عنه) قال: لما قدم علي من فتح خيبر قال له النبي (صلى الله عليه وآله): يا علي لولا أن طائفة من أمتي يقولون فيك ما قالت النصارى في عيسى ابن مريم لقلت فيك مقالا لا تمر بملأ من الناس إلا أخذوا التراب من تحت رجليك وفضول(2) طهورك يستشفون بهما، ولكن حسبك أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، وأنت تبرئ ذمتي وتستر عورتي وتقاتل على سنتي، وأنت غدا في الآخرة أقرب الخلق مني وأنت على الحوض خليفتي، وإن شيعتك ومحبيك في القيامة [ على منابر من نور ] مبيضة وجوههم حولي أشفع لهم فيكونون في الجنة جيراني، يا علي حربك حربي وسلمك سلمي وسرورك سروري [ وإن ولدك ولدي ] وأنت تقضي ديني وتنجز وعدي، وأن الحق يجري على لسانك ويجري على قلبك ومعك وبين يديك ونصب عينيك، والإيمان مخالط لحمك ودمك كما خالط لحمي ودمي، لا يرد على الحوض مبغض لك ولا يغيب عنه محب لك.
فخر علي ساجدا لله تعالى، وقال: الحمد لله الذي من علي بالإسلام، وعلمني القرآن، وحببني إلى خير البرية وأعز الخليقة وأكرم أهل السماوات والأرض على ربه، خاتم النبيين وسيد المرسلين وصفوة الله من جميع العالمين إحسانا من الله تعالى وتفضلا [ منه ] علي، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): يا علي ما عرف الإسلام بعدي إلا بك، يا علي لقد جعل الله نسل كل نبي من صلبه ونسلي من صلبك، فأنت أعز الخلق لدي وأكرمهم لدي، ومحبوك أكرم [ من يرد ] علي من أمتي(3).
الثاني والسبعون: صاحب المناقب الفاخرة قال: روى إسحاق بن حماد عن زيد المحدث البصري، في حديث مناظرة الفقهاء وأصحاب الحديث مع المأمون بمحضر يحيى بن أكثم، وهو حديث طويل في إثبات إمامة علي أمير المؤمنين (عليه السلام) وتقديمه على ما تقدم عليه (عليه السلام) قال المأمون في احتجاجه عليهم: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي
____________
(1) أنظر: التحصين لابن طاوس 566، وبحار الأنوار: 38 / 122.
(2) في المصدر: فضل.
(3) الغارات: 1 / 65 مختصرا.
الثالث والسبعون: الحافظ محمد بن مؤمن الشيرازي في كتابه في تفسير قوله تعالى: * (عم يتسائلون عن النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون) * بإسناده إلى السدي يرفعه قال: أقبل صخر بن حرب حتى جلس إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا محمد هذا الأمر لنا من بعدك أم لمن؟
قال: يا صخر الأمر بعدي لمن هو مني بمنزلة هارون من موسى فأنزل الله تعالى: * (عم يتسائلون عن النبأ العظيم الذي) * يعني يسألك أهل مكة عن خلافة علي بن أبي طالب عن النبأ العظيم * (هم فيه مختلفون) * منهم المصدق بولايته وخلافته ومنهم مكذب ثم قال: * (كلا) * وهو رد عليهم * (سيعلمون) * سيعرفون خلافته بعدك أنها حق يكون * (ثم كلا سيعلمون) * يقول يعرفون خلافته وولايته ويسألون عنها في قبورهم، فلا يبقى ميت في شرق ولا غرب ولا بر ولا بحر إلا ومنكر ونكير يسألانه عن ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام) بعد الموت يقولان للميت من ربك وما دينك ومن نبيك ومن إمامك(1).
الرابع والسبعون: الشيخ أبو الحسن محمد بن أحمد بن شاذان في المناقب المائة من طريق العامة يرفعه إلى جابر بن عبد الله قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي بن أبي طالب: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي ولو كان لكنته(2).
الخامس والسبعون: ابن شاذان في المناقب المائة من طريق المخالفين يرفعه إلى جعفر بن محمد الصادق، عن أبيه عن آبائه (عليهم السلام) عن علي بن الحسين (عليه السلام) قال: قام عمر بن الخطاب إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: إنك لا تزال تقول لعلي بن أبي طالب: أنت مني بمنزلة هارون من موسى، وقد ذكر هارون في القرآن ولم يذكر عليا، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): يا غليظ يا أعرابي إنك ما تسمع الله يقول: هذا صراط علي مستقيم(3).
السادس والسبعون: فضائل الصحابة للسمعاني عن أحمد عن زيد بن أبي أوفى قال (صلى الله عليه وآله وسلم) في خبر: وأنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي وأنت أخي ووارثي.
قال: وما أرث يا رسول الله؟
قال: ما ورث الأنبياء قبلي. قال: وما ورث الأنبياء قبلك؟
____________
(1) كتاب الأربعين للشيرازي: 39. مناقب آل أبي طالب: 2 / 276.
(2) مائة منقبة 91 / منقبة 57.
(3) مائة منقبة 160 / منقبة 85.
السابع والسبعون: ابن شهرآشوب من طريق المخالف قال: سأل رجل الشافعي عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة.
قال ابن شهرآشوب عقيب الحديث: ولقد تلقته الأمة بالقبول إجماعا(2).
الثامن والسبعون: ابن شهرآشوب من طريق المخالف قال أبو سعيد الخدري: فلما وصل النبي إلى الجرف أتاه علي فقال: يا نبي الله زعم المنافقون أنك إنما خلفتني أنك استثقلتني وتخففت مني.
فقال: كذبوا إنما خلفتك لما ورائي، فارجع واخلفني في أهلي وأهلك أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، فرجع علي (عليه السلام)(3).
التاسع والسبعون: ابن شهرآشوب من طريق المخالفين قال: روى القطان عن وكيع عن سفيان عن السدي عن عبد خير عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: أقبل صخر بن حرب حتى جلس إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا محمد هذا الأمر بعدك لنا أو لمن؟
قال: يا صخر الأمر بعدي لمن هو مني بمنزلة هارون من موسى، فأنزل الله * (عم يتسائلون عن النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون) * منهم المصدق بولايته وخلافته ومنهم المكذب بولايته وخلافته ثم قال: * (كلا) * وهو رد عليهم * (سيعلمون) * خلافته بعدك أنها حق * (ثم كلا سيعلمون) * يقول: يعرفون خلافته وولايته إذ يسألون عنها في قبورهم، فلا يبقى ميت في شرق ولا غرب ولا في بر ولا في بحر إلا منكر ونكير يسألانه عن ولاية أمير المؤمنين بعد الموت يقولان للميت: من ربك وما دينك ومن نبيك ومن إمامك(4)؟
الثمانون: من طريق المخالفين ما ذكره ابن مسكويه صاحب التاريخ بحوادث الإسلام في كتاب سماه (نديم الفريد) يقول فيه: حيث ذكر كتابا كتبه بنو هاشم، يسألون المأمون أن يبايع لولده العباس بولاية العهد، ويعاتبونه على مبايعته لعلي بن موسى الرضا (عليه السلام)، فكتب المأمون جوابهم هذا لفظ ما رواه ابن مسكويه فقال المأمون:
" بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآل محمد على رغم أنف الراغمين.
____________
(1) نقله عنه ابن شهرآشوب في المناقب: 2 / 264.
(2) مناقب آل أبي طالب: 2 / 219.
(3) مناقب آل أبي طالب: 2 / 219.
(4) مناقب آل أبي طالب: 2 / 276.