أما بعد: فقد عرف أمير المؤمنين كتابكم، وقدير أمركم، ومخض زبدتكم، وأشرف على قلوب صغيركم وكبيركم، وعرفكم مقبلين ومدبرين، وما آل إليه كتابكم في مراوضة الباطل، وصرف وجوه الحق عن مواضعها ونبذكم كتاب الله تعالى والآثار، وكلما جاءكم به الصادق محمد (صلى الله عليه وآله) حتى كأنكم من الأمم السالفة التي هلكت بالخسف والغرق والريح والصيحة والصواعق والرجم، * (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها) *، والذي هو أقرب إلى أمير المؤمنين من حبل الوريد لولا أن يقول قائل: إن أمير المؤمنين ترك الجواب عجزا لما أجبتكم من سوء أخلاقكم، وقلة أخطاركم، وركاكة عقولكم، ومن سخافة ما تأوون إليه من آرائكم، فليستمع إليه مستمع وليبلغ الشاهد غائبا.
أما بعد: إن الله تعالى بعث محمدا (صلى الله عليه وآله) على فترة من الرسل، وقريش في أنفسها وأموالها لا يرون أحدا يساميهم ولا يباريهم، فكان نبينا محمد (صلى الله عليه وآله) أمينا من أوسطهم بيتا وأقلهم مالا، وكان أول من آمنت به خديجة بنت خويلد فواسته بمالها، ثم آمن به أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وله سبع سنين، لم يشرك بالله شيئا [ طرفة عين ]، ولم يعبد وثنا ولم يأكل ربا(1)، ولم يشاكل الجاهلية في جهالاتهم، وكانت عمومة رسول الله (صلى الله عليه وآله) إما مسلم مهين أو كافر معاند إلا حمزة فإنه لم يمتنع من الإسلام ولا امتنع الإسلام منه، فمضى لسبيله على بينة من ربه.
وأما أبو طالب فإنه كفله ورباه، ولم يزل مدافعا عنه ومانعا منه، فلما قبض الله أبا طالب هم به القوم وأجمعوا عليه ليقتلوه، فهاجر إلى القوم الذين تبوؤا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا، ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة [ ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ]، فلم يقم مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) أحد من المهاجرين كقيام علي ابن أبي طالب (عليه السلام) فإنه آزره ووقاه بنفسه ونام في مضجعه، ثم لم يزل متكئا - وفي نسخة: متمسكا - بأطراف الثغور وينازل الأبطال، ولا ينكل عن قرن، ولا يولي عن جيش منيع القلب، يؤمر على الجميع ولا يؤمر عليه أحد، أشد الناس وطأة على المشركين، وأعظمهم جهادا في الله، وأفقههم في دين الله، وأقرأهم لكتاب الله وأعرفهم بالحلال والحرام، وهو صاحب الولاية في حديث غدير خم، وصاحب قوله: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي "، وصاحب يوم الطائف.
____________
1 - كما ذكره المسعودي والمقريزي راجع مروج الذهب: 1 / 401 ط. مصر 1346 ه، و ط. بيروت 2 / 276 ذكر مبعث النبي (صلى الله عليه وآله)، وإمتاع الأسماع: 1 / 16 ط. مصر تحقيق محمود شاكر، والرياض المستطابة: 168 ترجمة الأمير.
وهو صاحب آية * (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا) * وهو زوج فاطمة (عليها السلام) سيدة نساء العالمين [ وسيدة نساء أهل الجنة ]، وهو ختن خديجة (عليها السلام)، وهو ابن عم رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما كفله ورباه، وهو ابن أبي طالب (عليه السلام) في نصرته وجهاده، وهو نفس رسول الله (صلى الله عليه وآله) في يوم المباهلة، وهو الذي لم يكن أبو بكر وعمر ينفذان حكما حتى يسألانه عنه(1)، فما رأى إنفاذه أنفذاه، وما لم يره رداه.
وهو دخل من بني هاشم في الشورى، ولعمري لو قدر أصحابه على دفعه عنه كما دفع العباس رضوان الله عليه ووجدوا إلى ذلك سبيلا لدفعوه.
____________
1 - إليك دليله:
لرجوع عمر يراجع: تنبيه الغافلين: 57 - 183، وترجمة علي من تاريخ دمشق: 2 / 364 ح 871، ومسند أحمد: 1 / 154 ط. م، و 1 / 349 ط. ب،، وجواهر العقدين: 387 الباب الثالث عشر، ونور الأبصار 161 مناقب علي، وموطأ مالك: 2 / 842 كتاب الأشربة باب 1 ح 2، وكنز العمال: 3 / 35 و 53 ط. دكن 1322، و 3 / 221، و 234، والفيض القدير: 3 / 46 ط. مصر 1356، وسنن البيهقي: 7 / 443 ط. دكن 1344، ومناقب الخوارزمي: 80 و 94 و 96 و 97 و 100 من الفصل السابع، وكفاية الطالب: 334 باب 62، وينابيع المودة: 1 / 75 ط. تركيا و ط. النجف: 85، وتاريخ اليعقوبي: 2 / 151، و 145، و 161 أيام عمر، وشرح النهج: 1 / 174 الخطبة 3، ومناقب ابن المغازلي: 41 ط. بيروت - و ط. طهران: 35 ح 52، وأنساب الأشراف: 178، والإحياء: 2 / 200 كتاب الأدب باب 3، وتذكرة الخواص: 135 باب 6 ذكر المسائل التي رجع عمر فيها، وربيع الأبرار: 4 / 26 قال عمر: لولاك لافتضحنا، وينابيع المودة: 1 / 249، و 85، و 302، و 342، و 2 / 448 ط. النجف، وشرح النهج: 1 / 18 الخطبة الأولى، والمعجم الكبير: 5 / 43 ح 4536 ترجمة رفاعة ابن رافع الزرقي، وكنز العمال: 2 / 564 ح 738 ذيل التفسير، و 12 / 568 ح 35779، و: 5 / 670 ح 14172 مسند عمر، و 5 / 830 و 834 ح 14508 و 6 / 205 ح 15363.
وتقدم قوله: لولا علي لهلك عمر - لا أبقاني الله لمعضلة ليس لها أبا حسن - أعوذ من معضلة - أعوذ بالله أن أعيش في يوم لست فيه يا أبا الحسن.
راجع ذخائر العقبى: 80، وتاريخ اليعقوبي: 2 / 138 أيام أبي بكر، وكفاية الطالب: 223 باب 58، والفضائل الخمسة: 2 / 306، ومقامات العلماء: 190.
والله لو كان ما في أمير المؤمنين من المناقب والفضائل والآيات المفسرة في القرآن خلة واحدة في رجل واحد من رجالكم أو غيره، لكان مستأهلا متأهلا للخلافة، مقدما على أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) بتلك الخلة، ثم لم تزل الأمور تتراقى به إلى أن ولي أمور المسلمين، فلم يستعن بأحد من بني هاشم إلا بعبد الله بن عباس تعظيما لحقه، وصلة لرحمه وثقة به، وكان من أمره الذي كان يغفر الله له(2).
ثم نحن وهم يد واحدة كما زعمتم حتى قضى الله تعالى بالأمر إلينا، فأخفناهم وضيقنا عليهم وقتلناهم أكثر من قتل بني أمية إياهم.
ويحكم إن بني أمية إنما قتلوا منهم من سل سيفا، وإنا معشر بني العباس قتلناهم جملا فلتسألن أعظم الهاشمية بأي ذنب قتلت، ولتسألن نفوس ألقيت في دجلة والفرات ونفوس دفنت في بغداد والكوفة أحياء، هيهات إنه من يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره.
وأما ما وصفتم في أمر المخلوع، وما كان فيه من لبس، فلعمري ما لبس عليه أحد غيركم إذ هويتم عليه النكث، وزينتم له الغدر، وقلتم له ما عسى أن يكون من أمر أخيك، وهو رجل مغرب، ومعك الأموال والرجال نبعث إليه فيؤتى به فكذبتم ودبرتم ونسيتم قول الله تعالى * (ومن ثم بغى عليه لينصرنه الله) *(3).
وأما ما ذكرتم من استبصار المأمون في البيعة لأبي الحسن الرضا (عليه السلام)، فما بايع له أمير المؤمنين إلا مستبصرا في أمره عالما بأنه لم يبق أحد على ظهرها أبين فضلا ولا أطهر عفة، ولا أورع ورعا ولا أزهد زهدا في الدنيا، ولا أطلق نفسا ولا أرضى في الخاصة والعامة، ولا أشد في ذات الله منه(4)، وإن البيعة له لموافقة رضى الرب عز وجل، ولقد جهدت وما أجد في الله لومة لائم، ولعمري لو كانت بيعتي بيعة محاباة لكان العباس ابني وسائر ولدي أحب إلى قلبي وأحلى في عيني، ولكن أمير المؤمنين أراد أمرا وأراد الله تعالى أمرا، فلم يسبق أمره أمر الله.
____________
1 - التوبة: 19.
2 - أما للإشارة لأموال البصرة وأما لخذلانه للحسن عليه السلام وأما لعدم ذهابه مع الحسن عليه السلام.
3 - الحج: 60.
4 - راجع تاريخ ابن كثير: 4 / 162، والتدوين: 3 / 425 - 426، وعيون أخبار الرضا: 1 / 152.
وأما ما سألتم من البيعة للعباس ابن أمير المؤمنين، * (أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير) *، ويلكم إن العباس غلام حدث السن، ولم يؤنس رشده ولم يمهل وجده ولم تحكمه التجارب، تدبره النساء وتكفله الإماء، ثم لم يتفقه في الدين، ولم يعرف حلالا من حرام، إلا معرفة لا تأتي فيه رعية، ولا تقوم به حجة، ولو كان مستأهلا قد أحكمته التجارب، ومتفقها في الدين، وبلغ مبلغ أئمة العدل في الزهد في الدنيا وصرف النفس عنها، ما كان له عندي في الخلافة إلا ما كان لرجل من عك وحمير(2)، فلا تكثروا في هذا المقال، فإن لسان أمير المؤمنين لم يزل مخزونا عن أمور وأنباء، كراهية أن تخنث النفوس عندما تنكشف، علما بأن الله بالغ أمره، ومظهر قضاءه يوما.
فإذا أبيتم إلا كشف الغطاء وقشر العصا، فإن الرشيد أخبرني عن آبائه وعما وجد في كتاب الدولة وغيرها، أن السابع من ولد العباس هو الذي لا تقوم لبني العباس بعده قائمة ولا تزال النعمة متعلقة عليهم بحياته، فإذا أودعت فودعها، فإذا أودع فودعاها، وإذا فقدتم شخصي فاطلبوا لأنفسكم معقلا وهيهات، ما لكم إلا السيف يأتيكم الحسني الثائر البائر، فيحصدكم حصدا، أو السفياني المرغم، والقائم المهدي (عليه السلام) لا يحقن دمائكم إلا بحقها.
وأما ما كنت أردته من البيعة لعلي بن موسى بعد استحقاق منه لها في نفسه واختيار مني له، فما كان ذلك مني إلا أن أكون الحاقن لدمائكم، والذائد عنكم باستدامة المودة بيننا وبينهم، وهي الطريق أسلكها في إكرام آل أبي طالب، ومواساتهم في الفيئ بيسير ما يصيبهم منه، وإن تزعموا إني أردت أن يؤول إليهم عاقبة ومنفعة، فأنا في تدبيركم والنظر لكم ولعقبكم وأبنائكم من بعدكم، وأنتم ساهون لاهون [ تائهون ] في غمرة تعمهون لا تعلمون ما يراد بكم، وما أظللتم عليه من النقمة، وابتزاز النعمة، همة أحدكم أن يمسي مركوبا ويصبح مخمورا تباهون بالمعاصي،
____________
(1) في الطرائف: قتلته.
2 - قال العلامة المجلسي: والعكة: الإناء الذي يجعل فيه السمن، والحمير: في بعض النسخ بالخاء المعجمة وهو الخبز البائت والذي يجعل في العجين. وقال البعض: هما قبيلتان من القحطانية.
أضعتم الصلاة، واتبعتم الشهوات، وأكببتم على(1) اللذات وتجنبتم عن النقمات(2) فسوف تلقون غيا، وأيم الله لربما تفكر أمير المؤمنين في أمركم، فلا أجد أمة من الأمم استحقوا العذاب حتى نزل بهم لخلة من الخلال إلا أصاب تلك الخلة بعينها فيكم، مع خلال كثيرة لم أكن أظن أن إبليس اهتدى إليها ولا أمر بالعمل عليها، وقد أخبر الله تعالى في كتابه العزيز عن قوم صالح: أنه كان فيهم تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون فأيكم ليس معه تسعة وتسعون من المفسدين في الأرض، قد اتخذتموهم شعارا ودثارا استخفافا بالمعاد وقلة يقين بالحساب، وأيكم له رأي يتبع أو روية تنفع فشاهت الوجوه وغبرت الخدود.
وأما ما ذكرتم من العترة(3) التي كانت في أبي الحسن (عليه السلام) نور الله وجهه فلعمري إنها عندي للنهضة والاستقلال الذي أرجو به قطع الصراط، والأمن والنجاة من الخوف يوم الفزع الأكبر، ولا أظن عملت عملا هو عندي أفضل من ذلك إلا أن أعود منها إلى مثله، وأنى لي بذلك وأنى لكم بتلك السعادة.
وأما قولكم إني سفهت آراء آبائكم وأحلام أسلافكم، فكذلك قال مشركو قريش: * (إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون) *(4).
ويلكم إن الدين لا يؤخذ إلا من الأنبياء، فافقهوا وما أراكم تعقلون.
وأما تعييركم إياي بسياسة المجوس إياكم فما أذهبكم الآنفة من ذلك، ولو ساستكم القردة والخنازير ما أردتم إلا أمير المؤمنين، ولعمري لقد كانوا مجوسا فأسلموا كآبائنا وأمهاتنا في القديم، فهم المجوس الذين أسلموا وأنتم المسلمون الذين ارتدوا، فمجوسي أسلم خير من مسلم ارتد، فهم يتناهون عن المنكر ويأمرون بالمعروف، ويتقربون من الخير ويتباعدون من الشر، ويذبون عن حرم المسلمين، يتباهجون بما نال الشرك وأهله من المنكر، ويتباشرون بما نال الإسلام وأهله من الخير، * (فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا) *، وليس منكم إلا لاعب بنفسه
____________
(1) في الأصل: وركنتم.
(2) في الطرائف: وأعرضتم عن الغنيمات.
(3) في الطرائف: العثرة.
4 - الزخرف: 23.
والله لو أن بني أمية الذين قتلتموهم بالأمس نشروا فقيل لهم لا تأنفوا في معائب ينالونهم بها ما ازدادوا على ما صيرتموه لكم شعارا ودثارا وصناعة وأخلاقا. ليس منكم إلا من إذا مسه الشر جزع وإذا مسه الخير منع، ولا تأنفون ولا ترجعون إلا خشية.
وكيف يأنف من يبيت مركوبا ويصبح بإثمه معجبا كأنه قد اكتسب حمدا غايته بطنه وفرجه، لا يبالي أن ينال شهوته بقتل ألف نبي مرسل أو ملك مقرب، أحب الناس إليه من زين له معصية أو أعانه في فاحشة تنظخه(2) المخمورة وتربده المطمورة، فشتت الأحوال فإن ارتدعتم مما أنتم فيه من السيئات والفضائح، وما تهذرون به من عذاب ألسنتكم، وإلا فدونكم تعلموا بالحديد ولا قوة إلا بالله وعليه توكلي وهو حسبي(3).
الحادي والثمانون: إبراهيم بن محمد الحمويني من أعيان علماء العامة قال: أخبرني الشيخ محيي الدين عمر بن محمد بن أبي سعد بن أبي عصرون الإمام عزيز الدين محمد بن أبي القاسم عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم الرافعي (رضي الله عنه) إجازة، والشيخ عبد الحافظ بن بدران بقراءتي عليه بنابلس، عن القاضي جمال الدين عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الأنصاري الحرستاني إجازة، أنبأنا الإمام أبو عبد الله محمد بن الفضل الصاعدي الفراوي إجازة قال: أنبأنا الإمام الحافظ أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي قال: أنبأنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن الخليل الماليني قال:
أنبأنا أبو أحمد عبد الله بن عدي الحافظ قال: أنبأنا البغوي إملاء قال: أنبأنا الحسين بن محمد الذراع سنة إحدى وثلاثين ومائتين قدم علينا مع أبي الربيع الزهراني من البصرة قال: أنبأنا عبد المؤمن بن عباد العبدي قال: أنبأنا يزيد بن طعن عن عبد الله بن شرحبيل عن زيد بن أبي أوفى قال: دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) مسجده فقال: أين فلان أين فلان، فجعل ينظر في وجوه أصحابه ويتفقدهم ويبعث إليهم حتى توافوا عنده، فلما توافوا عنده حمد الله وأثنى عليه ثم قال: إني أحدثكم بحديث فاحفظوه وعوه وحدثوا من بعدكم، أن الله اصطفى من خلقه خلقا ثم تلا: * (الله يصطفي من الملائكة رسلا) * ومن الناس خلقا يدخلهم الجنة واصطفى منكم من أحب أن يصطفي، وإني
____________
1 - قال العلامة المجلسي: والأفن بالتحريك ضعف الرأي.
(2) في الطرائف: تنظفه.
3 - الطرائف: 1 / 394 - 400 بتحقيقنا، و 277 ط. النجف، ورواه العلامة المجلسي في بحار الأنوار عن ابن مسكويه: 49 / 208 - 214. وقال من بعده أقول: كان هذا الخبر في بعض نسخ الطرائف ولم يكن في أكثرها وكانت النسخ سقيمة.
قال: بلى بأبي أنت وأمي يا رسول الله.
قال: إن تنتقد ينتقدوك وإن تركتهم لم يتركوك وإن تهرب منهم يدركوك، فأقرضهم عرضهم ليوم فقرك واعلم أن الجزاء أمامك، ثم آخى بينه وبين سلمان، ثم نظر في وجوه أصحابه فقال:
أبشروا وقروا عينا، أنتم أول من يرد علي الحوض وأنتم في أعلى الغرف، ثم نظر إلى عبد الله بن عمر فقال: الحمد لله الذي يهدي من الضلالة ويلبس الضلالة على من يحب، فقال له علي (عليه السلام) لقد ذهب روحي وانقطع ظهري حين رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلت غيري فإن كان هذا من سخط علي فلك العتبى والكرامة.
فقال رسول الله: والذي بعثني بالحق ما أخرتك إلا لنفسي وأنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي وأنت أخي ووارثي.
قال: وما أرث منك يا نبي الله؟
قال: ما ورثه الأنبياء قبلي.
قال: وما هو؟
قال: كتاب ربهم وسنة نبيهم، وأنت معي في قصري في الجنة مع ابنتي فاطمة، وأنت أخي ورفيقي وتلا رسول الله (صلى الله عليه وآله): * (إخوانا على سرر متقابلين) * متحابين في الله ينظر بعضهم إلى بعض(1).
الثاني والثمانون: إبراهيم بن محمد الحمويني قال: أنبأني بمدينة الحلة فخر مشايخنا الجللة نسابة عصره وقدوة أساتذة الإفتاء في مصره السيد جلال الدين عبد الحميد بن فخار بن معد الموسوي بمدينته بغداد بقية مسنديها ومشايخ رواتها شهاب الدين أبو عبد الله محمد بن يعقوب بن أبي الفرج، ومجد الدين عبد الصمد بن أحمد بن عبد القادر الحنبليان، وبمدينة واسط شيخها المرجوع إليه في جميع أمورها الدينية والدنيوية ذو الفضائل السنية والمناقب العلية عز الدين أحمد بن إبراهيم، بن عمرو الفاروثي الواسطي، وكتب إلي من مدينة القدس الشريف خطيبها الإمام مسند الشام قطب الدين عبد المنعم بن يحيى بن إبراهيم بن علي من ولد عبد
____________
(1) فرائد السمطين: 1 / 112 / ب 20 / ح 80.
قلت: يا رسول الله ما أرث منك؟
قال: ما أورث الأنبياء قبلي.
قال: ما أورث الأنبياء قبلك؟
قال: كتاب الله وسنة رسوله، وأنت معي في قصري في الجنة مع ابنتي فاطمة، وأنت أخي ورفيقي ثم تلا رسول الله (صلى الله عليه وآله) هذه الآية: * (إخوانا على سرر متقابلين) * الأخلاء في الله ينظر بعضهم
الثالث والثمانون: إبراهيم بن محمد الحمويني قال: أخبرنا الشيخ الإمام نجم الدين عثمان بن موفق الأذكاني بقراءتي إليه بمدينة اسفرائين، يوم الاثنين الثالث والعشرين من الجمادي الآخرى، سنة خمس وستين وستمائة بروايته عن والدي شيخ شيوخ الإسلام سلطان الأولياء سعد الحق والدين محمد بن المؤيد الحمويني، بروايته عن شيخه شيخ الإسلام نجم الدين أبي الجناب أحمد بن عمر بن محمد بن عبد الله الخيوقي إجازة قال: أنبأنا محمد بن عمر بن علي الطوسي بقراءتي عليه بنيسابور، أنبأنا أبو العباس أحمد بن أبي الفضل الشقاني، أنبأنا أبو سعد محمد بن طلحة الحنابذي، نبأنا أبو القاسم السراج، نبأنا محمد بن يعقوب، نبأنا الحسن بن علي بن عفان، نبأنا يحيى بن الفضل العبدي، نبأنا الحسن بن صالح عن موسى الجهني، عن فاطمة بنت علي (عليهما السلام) عن أسماء بنت عميس قالت: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي(2).
الرابع والثمانون: إبراهيم بن محمد الحمويني، أخبرني المشايخ المسندون فخر الدين أبو الحسن علي بن أحمد بن عبد الواحد المقدسي وعز الدين عبد العزيز من عبد المنعم علي الحرابي وأبو عبد الله محمد بن يعقوب بن أبي الفرج الأزجي البغدادي إجازة، والشيخ الإمام عبد الصمد ي بن أحمد بن عبد القادر بقراءتي عليه ببغداد، في شهر ربيع الأول سنة اثنتين وسبعين وستمائة بروايتهم عن الشيخ الإمام جمال الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد ابن الجوزي إجازة قال: أنبأنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد بن الحصين الشيباني قال:
أنبأنا أبو طالب محمد بن محمد بن إبراهيم بن غيلان البزاز قراءة عليه وأنا أسمع في ذي الحجة سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة قال: نبأنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي البزاز إملاء قال: نبأنا محمد بن يونس بن موسى نبأنا عاصم بن علي، نبأنا أبو أويس عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي(3).
الخامس والثمانون: إبراهيم بن محمد الحمويني قال: أخبرني السيد النسابة عبد الحميد بن فخار بن معد الموسوي كتابة، أنبأنا الشيخ أبو طالب عبد الرحمن الهاشمي إجازة، أنبأنا شاذان بن
____________
(1) فرائد السمطين: 1 / 118 / ب 21 / ح 83.
(2) فرائد السمطين: 1 / 122 / ب 21 / ح 85.
(3) فرائد السمطين: 1 / 123 / ب 21 / ح 86.
السادس والثمانون: إبراهيم بن محمد الحمويني في كتابه أيضا قال: أخبرنا فقيه المحدثين أبو محمد عبد السلام بن محمد بن مزروع البصري بقراءتي عليه بحرم سيدنا محمد (صلى الله عليه وآله) بالمدينة المعظمة في الروضة بين القبر والمنبر، صحوة يوم السبت الثاني عشر من المحرم سنة ثمانين وستمائة قال: أنبأنا الشيخ موفق الدين أبو المحاسن فضل الله بن أبي بكر عبد الرزاق بن عبد القادر الجبلي بقراءة علي بن إبراهيم الدردانة الحربي قال: أنبأنا أبو الفتح عبد الله بن عبد الله بن محمد بن نجاء بن شاتيل الدباس قراءة عليه وأنا أسمع في يوم الجمعة من شوال سنة ثمان وسبعين وخمسمائة قال: أنبأنا أبو غالب محمد بن الحسن بن أحمد الباقلاني قراءة عليه وأنا أسمع قال:
أنبأنا أبو عبد الله أحمد بن عبد الله بن الحسن المحاملي في صفر سنة ثماني وعشرين وأربعمائة قال: أنبأنا أبو بكر محمد بن محمد بن أحمد بن مالك الأشجعي قراءة عليه في شهر ذي القعدة من سنة خمسين وثلاثمائة قال: أنبأنا أبو الأحوص محمد بن الهيثم بن حماد القاضي النكري سنة ستين ومائتين قال: أنبأنا سعيد بن كثير بن عفير عن عبد الله بن وهب عن سليمان بن بلال عن
____________
(1) فرائد السمطين: 1 / 123 / ب 21 / ح 87.
السابع والثمانون: إبراهيم بن محمد الحمويني من كتابه قال: أخبرنا الإمام الزاهد علاء الدين أبو حفص عمر بن محمد بن الحاكم الأرغياني الطوسي إجازة أن لم يكن سماعا قال: أنبأنا الشيخ عز الدين أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن رواحة الأنصاري في شعبان سنة خمس وأربعين وستمائة بمدينة حلب قال: أنبأنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد السيلقي الأصبهاني، أنبأنا أبو عبد الله القاسم بن أبي الفضل أحمد بن محمود الثقفي قراءة عليه في شهور سنة ثمان وثمانين وأربعمائة بإصبهان قال: أنبأنا أبو سعيد محمد بن موسى بن الفضل الصيرفي، أنبأنا محمد بن يعقوب بن يوسف الأصم، أنبأنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي، أنبأنا أبو معاوية الضرير عن الأعمش عن عطية العوفي عن أبي سعيد قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي(2).
الثامن والثمانون: إبراهيم بن محمد الحمويني قال: أخبرني الشيخ الإمام مجد الدين عبد الصمد بن أحمد بن عبد القادر، والخطيب نجم الدين خطيب باب البصرة إذنا بروايتهما، عن أحمد بن يعقوب بن عبد الله بن عبد الواحد المارستاني القيم والأنجب بن أبي السعادات ابن محمد الحمامي إجازة " ح "، والقاضي بهاء الدين عبد الغفار بن عبد المجيد بن وهسوذان الرناني الزنجاني مشافهة بروايته، عن برهان الدين إبراهيم بن الحسن بن محمد الغزنوي إجازة بروايتهم، عن الشيخ أبي محمد لاحق بن علي بن منصور بن كارد الحريمي المقري قال: الغزنوي سماعا عليه قال: أنبأنا الرئيس العالم أبو علي محمد بن سعيد بن إبراهيم بن نبهان الكاتب قال: أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد بن إبراهيم ابن الحسن بن محمد بن شاذان، أنبأنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه الفارسي النحوي قراءة عليه في منزله درب الزعفراني يوم السبت من رجب سنة أربع وأربعين وثلاثمائة وأنا أسمع، أنبأنا أبو يوسف بن سفيان الغنوي، أنبأنا أبو طاهر محمد بن تسنيم الحضرمي، أنبأنا حسن بن حسين العرني، أنبأنا يحيى بن عيسى الرملي عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأم سلمة: هذا علي بن أبي طالب لحمه لحمي ودمه دمي وهو مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، يا أم سلمة هذا علي أمير المؤمنين وسيد المسلمين ووصيي وعيبة علمي وبابي الذي أؤتى منه، أخي في
____________
(1) فرائد السمطين: 1 / 126 / ب 21 / ح 88.
(2) فرائد السمطين: 1 / 27 / ب 21 / ح 89.
التاسع والثمانون: إبراهيم بن محمد الحمويني قال: أخبرنا الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد القزويني المعروف بمذكويه مناولة قال: أنبأنا الشيخ ضياء الدين عبد الوهاب بن علي بن علي البغدادي إجازة بروايته، عن شيخ الإسلام جمال السنة أبي عبد الله محمد بن حمويه بن محمد الجويني قال: أنبأنا الشيخ أبو محمد الحسين بن أحمد، أنبأنا الإمام أبو بكر محمد بن إبراهيم البخاري الكلاباذي، نبأنا محمد بن عبد الله بن يوسف العماني ومحمد بن محمد بن الأزهر الأشعري قال: نبأنا محمد الكديمي قال العماني: نبأنا عمر بن عثمان النمري وقال الأزهري: نبأنا وهب بن عمر بن عثمان وهو الصواب قال: نبأنا أبي عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال: جاء رجل إلى معاوية فسأله عن مسألة فقال: سل عنها علي بن أبي طالب صلوات الله عليه وآله هو أعلم فقال: أريد جوابك فقال: ويحك لقد كرهت رجلا كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يغره بالعلم غرا ولقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنت مني بمنزلة هارون من موسى، ولقد كان عمر بن الخطاب يسأله ويأخذ عنه وكان عمر إذا أشكل عليه شئ قال: أهاهنا علي؟ قم لا أقام الله رجليك ومحى، اسمه من الديوان(2).
التسعون: إبراهيم بن محمد الحمويني قال: أخبرنا الشيخ الصالح المسند عبد الله بن أبي القاسم بن علي بن مكي، ورخر البغدادي (رضي الله عنه) بسماعي عليه ببغداد قيل له أخبركم الشيخ عبد العزيز بن محمود بن المبارك بن الأخضر بسماعك عليه قال: أنبأنا أبو الفتح عبد الملك بن أبي القاسم بن أبي سهل الكروخي الهروي سماعا عليه، أنبأنا المشايخ الثلاثة القاضي أبو عامر بن محمود بن القاسم الأزدي وأبو نصر عبد العزيز بن محمد الترياقي وأبو بكر أحمد بن عبد الصمد الفروجي، عن أبي محمد عبد الجبار بن محمد الجراحي، عن أبي العباس محمد بن أحمد المحبوبي، عن الإمام الحافظ أبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي قال: نبأنا قتيبة قال:
نبأنا الحاتم بن إسماعيل، عن بكير بن مسمار عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه قال: أمر معاوية بن أبي سفيان سعدا فقال: ما يمنعك أن تسب أبا تراب؟
قال: أما ما ذكرت ثلاثا قالهن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلن أسبه لئن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول لعلي (عليه السلام) وخلفه في بعض مغازيه فقال له علي: يا رسول الله تخلفني مع النساء والصبيان؟ فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون
____________
(1) فرائد السمطين: 1 / 149 / ب 29 / ح 113.
(2) فرائد السمطين: 1 / 371 / ب 68 / ح 302.