الحادي والتسعون: في مصنف لبعض مشايخ العامة في باب مناقب علي (عليه السلام) قال: حدثنا فضل بن مرزوق عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي(2).
الثاني والتسعون: علي بن أحمد المالكي في الفصول المهمة من أعيان علماء العامة نقله من كتاب الخصائص عن العباس بن عبد المطلب قال: سمعت عمر بن الخطاب وهو يقول: كفوا عن ذكر علي بن أبي طالب إلا بخير فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: في علي ثلاث خصال وددت أن لي واحدة منهن أحب إلي مما طلعت عليه الشمس، وذاك أني كنت أنا وأبو بكر وأبو عبيدة بن الجراح ونفر من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذ ضرب النبي (صلى الله عليه وآله) على كتف علي بن أبي طالب وقال:
علي أنت أول المسلمين إسلاما وأنت أول المؤمنين إيمانا وأنت مني بمنزلة هارون من موسى، كذب من زعم أنه يحبني وهو يبغضك، يا علي من أحبك فقد أحبني ومن أحبني أحبه الله تعالى، ومن أحبه الله أدخله الله الجنة، ومن أبغضك فقد أبغضني ومن أبغضني أبغضه الله تعالى وأدخله النار(3).
الثالث والتسعون: صاحب فصول المهمة هذا قال: روى مسلم والترمذي أن معاوية، قال لسعد بن أبي وقاص: ما منعك أن تسب عليا أبا تراب؟ فقال: أما ما ذكرت ثلاثا قالهن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلن أسبه ولأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول وقد خلفه في بعض مغازيه.
فقال علي: خلفتني مع النساء والصبيان؟
فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي.
وسمعته يقول يوم خيبر: لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله،
____________
(1) فرائد السمطين: 1 / 377 / ب 69 / ح 307.
(2)؟؟
(3) أنظر: كنز العمال: 13 / 122 / ح 36392.
دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا وفاطمة وحسنا وحسينا وقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي(1).
ونقل أيضا هذا الحديث من مسلم والترمذي محمد بن طلحة الشامي الشافعي في كتاب مطالب السؤول.
الرابع والتسعون: محمد بن طلحة الشامي هذا في هذا الكتاب قال: روي عن الأئمة الثقاة البخاري ومسلم والترمذي (رضي الله عنه) في صحاحهم بأسانيدهم أحاديث اتفقوا عليها وزاد بعضهم على بعض بألفاظ أخرى، والجميع صحيح فمنها عن سعد بن أبي وقاص قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) خلف عليا في غزوة تبوك على أهله فقال يا رسول الله: تخلفني في النساء والصبيان؟
فقال أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي.
قال ابن المسيب: أخبرني بهذا عامر بن سعد عن أبيه فأحببت أن أشافه سعدا فلقيته فقلت له أنت سمعته من رسول الله؟
فوضع إصبعيه على أذنيه قال: نعم وإلا استكتا(2).
الخامس والتسعون: محمد بن طلحة الشامي الشافعي هذا قال: قال جابر بن عبد الله (رضي الله عنه) سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول لعلي: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي(3).
السادس والتسعون: عز الدين بن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة وهو من أعيان علماء العامة من المعتزلة قال في أحاديث صفين: قال: نصر - يعني بن مزاحم - حدثنا عمر بن سعيد وعمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قام علي (عليه السلام) فخطب الناس بصفين فقال: الحمد لله على نعمه الفاضلة على جميع من خلق من البر والفاجر، وعلى حججه البالغة على خلقه من أطاعهم منه ومن عصاه إن يرحم فبفضله ومنه وإن عذب فبما كسبت أيديهم وأن الله ليس بظلام للعبيد، أحمده على حسن البلاء وتظاهر النعماء وأستعينه على ما نابنا من أمر الدنيا والآخرة، وأتوكل عليه وكفى بالله وكيلا، ثم إني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسول الله أرسله بالهدى ودين الحق ارتضاه لذلك وكان أهله واصطفاه لتبليغ رسالته وجعله
____________
(1) صحيح مسلم: 7 / 120، سنن الترمذي: 5 / 301 / ح 3808.
(2) صحيح مسلم: 7 / 120، سنن الترمذي: 5 / 302، واللفظ للأول.
(3) سنن الترمذي: 5 / 304 / ح 3814.
وقال لي: يا علي أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، وموتك وحياتك يا علي معي والله ما كذب ولا كذبت ولا ضللت ولا ضل بي، وما نسيت ما عهد إلي إني على بينة من ربي وعلى الطريق الواضح ألقطه لقطا.
ثم نهض إلى القوم فاقتتلوا من حين طلعت الشمس حتى غاب الشفق الأحمر وما كانت صلاة القوم في ذلك اليوم إلا تكبيرا(1).
السابع والتسعون: ابن أبي الحديد قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): أخصمك بالنبوة فلا نبوة بعدي وتخصم الناس بسبع.
وقال له أيضا: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، وأبان نفسه منه بالنبوة وأثبت له ما عداها من جميع الفضائل والخصائص مشتركا بينهما(2).
الثامن والتسعون: ابن أبي الحديد قال في الشرح، قال عليه السلام لأهل الشورى: أنشدكم الله أفيكم أحد آخى رسول الله بينه وبين نفسه حين آخى بين بعض المسلمين وبعض غيري؟
فقالوا لا.
____________
(1) شرح نهج البلاغة: 5 / 247.
(2) شرح نهج البلاغة: 10 / 222.
فقالوا: لا.
فقال: أفيكم أحد قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي غيري؟
قالوا: لا.
قال: أفيكم من اؤتمن على سورة براءة وقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنه لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل مني غيري؟
قالوا: لا.
قال: ألا تعلمون أن أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فروا عنه في مأقط الحرب في غير موطن وما فررت قط.
قالوا: بلى.
قال: ألا تعلمون إني أول الناس إسلاما قالوا بلى، قال: فأينا أقرب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) نسبا؟
قالوا: أنت، فقطع عليه عبد الرحمن بن عوف كلامه فقال: يا علي قد أبى الناس إلا على عثمان فلا تجعلن على نفسك سبيلا، قال: يا أبا طلحة ما الذي أمرك به عمر.
قال: أن أقتل من شق عصا الجماعة، فقال عبد الرحمن لعلي: بايع إذا وإلا كنت متبعا غير سبيل المؤمنين وأنفذنا فيك ما أمرنا به.
فقال: لقد علمتم إني أحق بها من غيري والله لأسلمن الفضل إلى آخره، ثم مد يده وبايع.
وقال ابن أبي الحديد: ومن كلام له (عليه السلام) لما بلغه اتهام بني أمية له بالمشاركة في دم عثمان، أولم ينه بني أمية علمها بي عن قرفي، أو ما وزع الجهال سابقتي عن تهمتي ولما وعظهم الله تعالى به أبلغ من لساني، أنا حجيج المارقين وخضيم الناكثين المرتابين وعلى كتاب الله تعرض الأمثال وبما في الصدور تجازي العباد، قال ابن أبي الحديد في الشرح: القرف العيب قرفته بكذا - أي عبته - ووزع: كف وردع، ومنه قوله: (لا بد للناس من وزعة) - جمع وازع أي من رؤساء وأمراء - والتهمة بفتح الهاء: هي اللغة الفصيحة، وأصل التاء فيه واو، والجحيم كالخصيم ذو الحجاج والخصومة.
يقول (عليه السلام): أما كان في علم بني أمية بحالي ما ينهاها عن قرفي بدم عثمان وحاله الذي أشار إليها، وذكر أن علمهم بها يقتضي أن لا يعرفوه بذلك هي منزلته في الدين التي لا منزلة أعلى منها وما نطق به الكتاب الصادق عن طهارته وطهارة بنيه وزوجته في قوله: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس
وذلك يقتضي عصمته عن الدم الحرام كما أن هارون معصوم عن مثل ذلك، وترادف الأقوال والأفعال من رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أمره الذي يضطر معها الحاضرون لها، والمشاهدون إياها إلى أن مثله لا يجوز أن يسعى في إراقة دم أمير مسلم لم يحدث حدثا يستوجب به إحلال دمه(1).
التاسع والتسعون: ابن أبي الحديد في الشرح قال: ذكر أبو أحمد العسكري في كتاب الأمالي، أن سعد بن أبي وقاص دخل على معاوية عام الجماعة، فلم يسلم عليه بإمرة المؤمنين، فقال له معاوية: لو شئت أن تقول في سلامك غير هذا لقلت، فقال سعد: نحن المؤمنون ولم نؤمرك كأنك قد بهجت بما أنت فيه يا معاوية، والله ما يسرني ما أنت فيه وإني هرقت المحجمة دم قال: لكني وابن عمك عليا يا أبا إسحاق قد هرقنا أكثر من محجمة ومحجمتين هلم واجلس معي على السرير، فجلس معه فذكر له معاوية اعتزاله الحرب يعاتبه فقال سعد: إنما كان مثلي ومثل الناس كيوم أصابتهم ظلمة فقال واحد منهم لبعيره: إخ، فأناخ حتى أضاء له الطريق، فقال معاوية: والله يا أبا إسحاق ما في كتاب الله إخ وإنما فيه * (إن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيئ إلى أمر الله) *.
فوالله ما قاتلت الباغية ولا المبغي عليها فأفحمه، وزاد ابن ديزيل في هذا الخبر زيادة ذكرها في كتاب صفين قال: فقال سعد بن أبي وقاص: أتأمرني أن أقاتل رجلا قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي.
فقال معاوية: من سمع هذا معك؟ قال: فلان وفلان وأم سلمة.
فقال معاوية: لو كنت سمعت هذا لما قاتلته(2).
وقال: قال حدثني جعفر بن مكي (رضي الله عنه) قال: سألت محمد بن سليمان بن سلمس صاحب الحجاب (رحمه الله)، وقد رأيت أنا محمد هذا وكانت لي به معرفة غير مستحكمة، كان ظريفا أديبا وقد اشتغل بالرياضات من الفلسفة ولم يكن يتعصب لمذهب بعينه قال جعفر: سألته عما عنده في أمر علي وعثمان فقال: هذه عداوة قديمة النسب بين بني عبد شمس وبين بني هاشم، وقد كان حرب بن أمية نافر عبد المطلب بن هاشم، وكان أبو سفيان يحسد محمدا (صلى الله عليه وآله) وحاربه ولم يزل البيتان متباغضين، وساق حديثا طويلا إلى أن قال ما قاله رسول الله (صلى الله عليه وآله) في علي (عليه السلام) مثل حديث خاصف النعل ومنزلة هارون من موسى ومن كنت مولاه وهذا يعسوب الدين ولا فتى إلا علي
____________
(1) شرح نهج البلاغة: 6 / 167 - 169.
(2) شرح نهج البلاغة: 6 / 163.
الحديث المائة: ابن أبي الحديد في الشرح قال: وروى علي بن محمد المدائني قال: لما كان زمن علي (رضي الله عنه) ولي زياد فارس فضبطها ضبطا صالحا وجنى خراجها وحماها وعرف ذلك معاوية، فكتب إليه: أما بعد فإن عزتك قلاع تأوي إليها ليلا كما يأوي الطير إلى وكرها، وأيم الله لولا انتظاري بك ما الله أعلم به لكان لك مني ما قاله العبد الصالح: * (فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون) * وكتب في أسفل الكتاب شعرا من جملته:
تنسى أباك وقد شالت نعامته | إذ تخطب الناس والوالي لهم عمر |
فلما ورد الكتاب على زياد قام فخطب الناس وقال: العجب من ابن آكلة الأكباد ورأس النفاق يهددني وبيني وبينه ابن عم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وزوج سيدة نساء العالمين وأبو السبطين وصاحب اللواء والمنزلة وأخاه في مائة ألف من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان، أما والله لو تخطى هؤلاء أجمعون إلي لوجدوني أحمر محشا ضرابا بالسيف، ثم كتب إلى علي (عليه السلام)، وبعث كتاب معاوية مع كتابه، فكتب إليه علي (عليه السلام): أما بعد فإني وليتك ما وليتك وأنا أراك لذلك أهلا، وإنه قد كانت من أبي سفيان فلتة في أيام عمر من أماني اليته وكذب النفس لم يستوجب بها ميراثا ولم تستحق بها نسبا، وإن معاوية كالشيطان الرجيم يأتي المرء من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله فاحذره ثم أحذره ثم أحذره والسلام(2).
وقال ابن أبي الحديد: والذي يدل على أن عليا (عليه السلام) وزير رسول الله (صلى الله عليه وآله) من نص الكتاب والسنة قول الله تعالى: * (واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي أشدد به أزري وأشركه في أمري) *.
وقال النبي (صلى الله عليه وآله) في الخبر المجمع على روايته بين سائر فرق الإسلام: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي.
فأثبت له جميع مراتب هارون ومنازله من موسى، فإذا هو وزير رسول الله وشاد أزره ولولا أنه خاتم النبيين لكان شريكا له في أمره(3).
قال مؤلف هذا الكتاب: أنظر إلى ما روته المخالفون في النص من رسول الله (صلى الله عليه وآله) على أمير المؤمنين، بأنه الخليفة بعده بالنص المجمع على روايته بين فرق الإسلام كما ذكره ابن أبي الحديد في هذا الكلام وذكر غيره، وهذا صريح من المخالفين أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما مات حتى خص علي
____________
(1) شرح نهج البلاغة: 9 / 24.
(2) شرح نهج البلاغة: 16 / 181.
(3) شرح نهج البلاغة: 13 / 211.
الباب الحادي والعشرون
في قول النبي لعلي (عليهما السلام): أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي.
الأول: محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي (رضي الله عنه) قال: حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس (رضي الله عنه) قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أبو سعيد سهل بن زياد الآدمي الرازي قال: حدثنا محمد بن آدم الشيباني عن أبيه آدم بن أبي إياس قال: حدثنا المبارك بن فضالة عن وهب بن منبه رفعه عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لما عرج بي ربي جل جلاله أتاني النداء يا محمد قلت: لبيك رب العظمة لبيك، فأوحى الله إلي يا محمد فيما اختصم الملأ الأعلى فقلت: لا علم لي يا إلهي فقال: يا محمد هل اتخذت من الآدميين وزيرا وأخا ووصيا من بعدك قلت: يا إلهي ومن اتخذ تخير لي أنت يا إلهي، فأوحى الله إلي يا محمد قد اخترت لك من الآدميين علي بن أبي طالب فقلت: إلهي ابن عمي، فأوحى الله إلي يا محمد أن عليا وارثك ووارث العلم من بعدك وصاحب لوائك لواء الحمد يوم القيامة وصاحب حوضك يسقي من ورد عليه من مؤمني أمتك، ثم أوحي إلي يا محمد إني قد أقسمت على نفسي قسما حقا لا يشرب من ذلك الحوض مبغض لك ولأهل بيتك وذريتك الطيبين الطاهرين، حقا أقول يا محمد لأدخلن جميع أمتك الجنة إلا من أبى من خلقي فقلت: إلهي هل واحد يأبى من دخول الجنة؟ فأوحى الله إلي بلى فقلت: وكيف يأبى؟
فأوحى الله لي يا محمد اخترتك من خلقي واخترت لك وصيا من بعدك وجعلته منك بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدك، وألقيت محبته في قلبك وجعلته أبا لولدك فحقه بعدك على أمتك كحقك عليهم في حياتك، فمن جحده حقه جحد حقك، ومن أبى أن يواليه فقد أبى أن يدخل الجنة، فخررت لله ساجدا شكرا لما أنعم علي، فإذا مناد ينادي إرفع يا محمد رأسك واسألني أعطك فقلت: إلهي إجمع أمتي من بعدي على ولاية علي بن أبي طالب ليردوا علي جميعا حوضي يوم القيامة، فأوحى الله إلي يا محمد إني قد قضيت في عبادي قبل أن أخلقهم وقضائي ماض فيهم لأهلك به من أشاء وأهدي به من أشاء، وقد أتيته علمك من بعدك وجعلته [ وزيرك و ] خليفتك من بعدك على أهلك وأمتك، عزيمة مني لا أدخل الجنة من أبغضه وعاداه
فقلت: إلهي ومتى يكون ذلك؟ فأوحى إلي عز وجل يكون ذلك إذا رفع العلم وظهر الجهل وكثر القراء وقل العمل وكثر القتل وقل الفقهاء الهادون وكثر فقهاء الضلالة والخونة وكثر الشعراء، واتخذ أمتك قبورهم مساجد وحليت المصاحف وزخرفت المساجد، وكثر الجور والفساد وظهر المنكر وأمر به أمتك ونهوا عن المعروف، واكتفى النساء بالنساء والرجال بالرجال، وصارت الأمراء كفرة وأولياؤهم فجرة وأعوانهم ظلمة وذوو الرأي منهم فسقة، وعند ذلك ثلاث خسوف خسف بالمغرب وخسف بالمشرق وخسف بجزيرة العرب، وخراب البصرة على يد رجل من ذريتك يتبعه الزنوج، وخروج رجل من ولد الحسين بن علي بن أبي طالب، وخروج الدجال يخرج بالمشرق من سجستان وظهور السفياني فقلت: إلهي ومتى يكون بعدي من الفتن، فأوحى الله إلي وأخبرني ببلاء بني أمية وفتنة ولد عمي العباس وما يكون وما هو كائن إلى يوم القيامة، فأوصيت بذلك ابن عمي حين هبطت الأرض، فأديت الرسالة ولله الحمد على ذلك كما حمده النبيون وكما حمده كل شئ قبلي وما هو خالقه إلى يوم القيامة(1).
الثاني: ابن بابويه قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رضي الله عنه) قال: أخبرنا أحمد بن محمد الهمداني قال: حدثنا أحمد بن صالح عن حكيم بن عبد الرحمن قال: حدثني مقاتل بن سليمان عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي بن أبي طالب (عليه السلام):
يا علي أنت مني بمنزلة هبة الله من آدم وبمنزلة سام من نوح وبمنزلة إسحاق من إبراهيم وبمنزلة هارون من موسى وبمنزلة شمعون من عيسى إلا أنه لا نبي بعدي، يا علي أنت وصيي وخليفتي فمن جحد وصيتك وخلافتك فليس مني ولست منه، وأنا خصمه يوم القيامة، يا علي أنت أفضل أمتي فضلا وأقدمهم سلما وأكثرهم علما وأمنهم حلما وأشجعهم قلبا وأسخاهم كفا، يا علي أنت قسيم الجنة والنار بمحبتك يعرف الأبرار ويميز بين الأشرار والأخيار وبين المؤمنين والكفار(2).
____________
(1) كمال الدين 250 / ح 1.
(2) أمالي الصدوق 101 / 100 / مجلس 11 / ح 4.
وقوله (صلى الله عليه وآله): حرب علي حرب الله وسلم علي سلم الله.
وقوله (صلى الله عليه وآله): علي حجة الله وخليفته على عباده.
وقوله (صلى الله عليه وآله): حب علي إيمان وبغضه كفر.
وقوله (صلى الله عليه وآله): علي قسيم الجنة والنار.
وقوله (صلى الله عليه وآله): من فارق علي فقد فارقني ومن فارقني فقد فارق الله.
وقوله (صلى الله عليه وآله): شيعة علي هم الفائزون يوم القيامة(2).
الرابع: ابن بابويه قال: حدثنا محمد بن عمر البغدادي الحافظ قال: [ حدثنا عبد الله بن يزيد قال ] حدثنا محمد بن ثواب قال: حدثنا إسحاق بن منصور عن كادح - يعني أبا جعفر البجلي - عن عبد الله بن لهيعة عن عبد الرحمن بن زياد عن سلمة بن يسار عن جابر بن عبد الله قال: لما قدم علي على رسول الله (صلى الله عليه وآله) بفتح خيبر قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لولا أن تقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى للمسيح عيسى بن مريم لقلت فيك اليوم قولا لا تمر بملأ إلا أخذوا التراب من رجليك ومن فضل طهورك يستشفوا به، ولكن حسبك أن تكون مني وأنا منك ترثني وأرثك وأنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي، بعدي، وإنك تبرئ ذمتي وتقاتل على سنتي، وأنت غدا على الحوض خليفتي وأنت أول من يرد علي الحوض، وأنت أول من يكسى معي، وإنك أول داخل الجنة من أمتي، وإن شيعتك على منابر من نور مبيضة وجوههم حولي أشفع لهم ويكونون غدا جيراني في الجنة، وإن حربك حربي وسلمك سلمي، وإن سرك سري وعلانيتك علانيتي وإن سريرة صدرك كسريرتي، وإن ولدك ولدي وإنك تنجز عداتي، وإن الحق معك وإن الحق على لسانك وقلبك وبين عينيك والإيمان مخالط لحمك ودمك كما خالط لحمي ودمي، وإنه لن يرد علي الحوض مبغض لك ولن يغيب محب لك حتى يرد معك قال: فخر علي ساجدا ثم قال:
الحمد لله الذي أنعم علي بالإسلام وعلمني القرآن، وحببني إلى خير البرية وخاتم النبيين وسيد
____________
(1) في المصدر: العبسي.
(2) أمالي الصدوق 149 / مجلس 20 / ح 1.
الخامس: ابن بابويه قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال: حدثنا الحسن بن علي السكري قال: أخبرنا محمد بن زكريا [ قال: حدثنا العباس بن بكار ] قال: حدثنا حرب بن ميمون عن أبي حمزة الثمالي عن زيد بن علي عن أبيه علي بن الحسين (عليه السلام) قال: لما ولدت فاطمة الحسن (عليه السلام) قالت: لعلي (عليه السلام): سمه فقال: ما كنت لأسبق باسمه رسول الله، فجاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: ما كنت أسبق باسمه ربي عز وجل، فأوحى الله عز وجل إلى جبرائيل أنه قد ولد لمحمد ابن فأهبط فأقرأه السلام وهنه وقل: إن عليا منك بمنزلة هارون من موسى فسمه باسم ابن هارون فقال: وما كان اسمه؟ قال: شبر قال: لساني عربي فقال: سمه الحسن فسماه الحسن، فلما ولد الحسين أوحى الله عز وجل إلى جبرائيل أنه قد ولد لمحمد (صلى الله عليه وآله) ابن فأهبط وأقرأه السلام وهنه وقل له: إن عليا منك بمنزلة هارون من موسى فسمه باسم ابن هارون، فهبط جبرائيل فهناه عن الله عز وجل ويأمرك أن تسميه باسم ابن هارون قال: وما كان اسمه؟ قال: شبير قال: لساني عربي قال: اسمه الحسين فسماه الحسين(2).
السادس: ابن بابويه قال: حدثنا محمد بن [ الحسن ين ] أحمد بن الوليد (رضي الله عنه) قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن العباس بن معروف عن علي بن مهزيار عن فضالة بن أيوب عن أبان بن عثمان عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال: بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) خالد بن الوليد إلى حي يقال له بنوا المصطلق من بني جذيمة، وكان بينه وبين بني مخزوم إحنة في الجاهلية، فلما ورد عليهم خالد أمر مناديا ينادي بالصلاة، فصلى وصلوا ولما كان صلاة الفجر أمر مناديه فنادى فصلى وصلوا، ثم أمر الخيل فشنوا فيهم الغارة فقتل وأصاب فطلبوا كتابهم فوجدوه، فأتوا به النبي (صلى الله عليه وآله) وحدثوه بما صنع خالد بن الوليد فاستقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) القبلة ثم قال: اللهم إني أبرء إليك مما صنع خالد بن الوليد.
قال: ثم قدم على رسول الله (صلى الله عليه وآله) تبر ومتاع فقال لعلي (عليه السلام): أئت بني جذيمة من بني المصطلق فأرضهم مما صنع خالد ثم رفع قدميه فقال: يا علي اجعل قضاء أهل الجاهلية تحت قدميك فأتاهم علي (عليه السلام) فلما انتهى إليهم حكم فيهم بحكم الله، فلما رجع إلى النبي (صلى الله عليه وآله) قال: يا علي أخبرني بما صنعت فقال: يا رسول الله عمدت فأعطيت لكل دم دية ولكل جنين غرة ولكل مال مالا، وفضلت معي فضلة فأعطيتهم لميلغة كلابهم وحبلة رعاتهم، وفضلت معي فضلة فأعطيته لروعة نسائهم
____________
(1) أمالي الصدوق 156 / مجلس 21 / ح 1.
(2) أمالي الصدوق 197 / مجلس 28 / ح 3.
فقال (صلى الله عليه وآله): أعطيتهم ليرضوا عني رضي الله عنك يا علي أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي(1).
السابع: ابن بابويه قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رضي الله عنه) قال: حدثنا أبو سعيد الحسن بن علي العدوي سنة سبع عشرة وثلاثمائة وهو ابن مائة وسبع سنين قال: حدثنا الحسين بن أحمد الطفاوي قال: حدثنا قيس بن الربيع قال: حدثنا سعد الخفاف عن عطية العوفي عن مخدوج بن زيد الذهلي، أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) آخى بين المسلمين ثم قال: يا علي أنت أخي وأنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي، أما علمت يا علي أول من يدعى به يوم القيامة يدعى بي فأقوم عن يمين العرش فأكسى حلة خضراء من حلل الجنة، ثم يدعى بأبينا إبراهيم (عليه السلام) فيقوم عن يمين العرش في ظله فيكسى حلة خضراء من حلل الجنة، ثم يدعى بالنبيين بعضهم على إثر بعض فيقومون سماطين عن يمين العرش في ظله فيكسون حللا خضراء من حلل الجنة، ألا وإني أخبرك يا علي: أن أمتي أول الأمم يحاسبون يوم القيامة.
ثم أبشرك يا علي: أن أول من يدعى يوم القيامة يدعى بك هذا لقرابتك مني ومنزلتك عندي، فيدفع إليك لوائي وهو لواء الحمد فتسير به بين السماطين، وإن آدم وجميع من خلق الله يستظلون بلوائي يوم القيامة، وطوله مسيرة ألف سنة سنانه ياقوتة حمراء قصبته فضة بيضاء زجة درة خضراء له ثلاث ذوائب من نور ذؤابة في المشرق وذؤابة في المغرب وذؤابة في وسط الدنيا مكتوب عليه ثلاثة أسطر: السطر الأول بسم الله الرحمن الرحيم، والثاني الحمد لله رب العالمين، والثالث لا إله إلا الله محمد رسول الله، طول كل سطر مسيرة ألف سنة وعرضه مسيرة ألف سنة، فتسير باللواء والحسن عن يمينك والحسين عن يسارك حتى تقف بيني وبين إبراهيم في ظل العرش، فتكسى حلة خضراء من حلل الجنة، ثم ينادي مناد من عند العرش نعم الأب أبوك إبراهيم ونعم الأخ أخوك علي، ألا وإني أبشرك يا علي: أنك تدعى إذا دعيت وتكسى إذا كسيت وتحبى إذا حبيت(2).
الثامن: ابن بابويه قال: حدثنا محمد بن عمر البغدادي قال: حدثنا أحمد بن عبد العزيز بن الجعد قال: حدثنا عبد الرحمن بن صالح قال: حدثنا شعيب بن راشد عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قام علي (عليه السلام) يخطب الناس بصفين يوم جمعة وذلك قبل الهرير بخمسة أيام فقال: الحمد الله
____________
(1) أمالي الصدوق 237 / مجلس 32 / ح 8.
(2) أمالي الصدوق 401 / مجلس 52 / ح 14.
يا أمير المؤمنين إنهض إلى القوم إذا شئت فوالله ما نبغي بك بدلا نموت معك ونحيى، فقال مجيبا لهم: والذي نفسي بيده ينظر إلي رسول الله (صلى الله عليه وآله) [ وأنا أضرب ] قدامه بسيفي فقال: لا فتى إلا علي ولا سيف إلا ذو الفقار.
ثم قال لي: يا علي أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي، وحياتك وموتك يا علي معي فوالله ما كذبت ولا ضللت ولا ضل بي ولا نسيت ما عهد إلي إذا لنسي، وإني لعلى بينة من ربي بينها لنبيه (صلى الله عليه وآله) فبينها لي وإني لعلى الطريق الواضح ألقطه لقطا.
ثم نهض إلى القوم يوم الخميس، فاقتتلوا من حين طلعت الشمس حتى غاب الشفق ما كانت صلاة القوم يومئذ إلا تكبيرا عند مواقيت الصلاة، فقتل علي (عليه السلام) يومئذ بيده خمسمائة وستة نفر من جماعة القوم، فأصبح أهل الشام ينادون: يا علي اتق الله في البقية ورفعوا المصاحف على أطراف القناة(1).
التاسع: ابن بابويه قال: حدثنا محمد بن الحسن بن الوليد قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار
____________
(1) أمالي الصدوق 490 / مجلس 63 / ح 10.