يا أبت قد سررتني وأحزنتني، قال: كذلك يا بنية إن أمور الدنيا يشوب سرورها حزنها وصفوها كدرها، أفلا أزيدك يا بنية؟ قالت: بلى يا رسول الله قال: إن الله تعالى خلق الخلق فجعلهم قسمين، فجعلني وعليا في خيرها قسما وذلك قوله عز وجل: * (أصحاب اليمين ما أصحاب اليمين) *(1) ثم جعل قبائل فجعلنا في خيرها قبيلة وذلك قوله عز وجل: * (وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) *(2) ثم جعل القبائل بيوتا فجعلنا في خيرها بيتا في قوله سبحانه: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) *(3) ثم إن الله اختارني من أهل بيتي واختار عليا والحسن والحسين واختارك، فأنا سيد ولد آدم وعلي سيد العرب وأنت سيدة النساء والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ومن ذريتك المهدي يملأ الله عز وجل به الأرض عدلا كما ملئت من قبله جورا "(4).
الثاني والتسعون: الشيخ في مجالسه قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال: حدثنا يحيى بن علي بن عبد الجبار السدوسي بالشريجار قال: حدثني عمي محمد بن عبد الجبار قال: حدثنا حماد بن عيسى عن عمر بن أذينة عن أبان ومعاوية بن الريان جميعا عن شهر بن حوشب عن أبي أمامة صدى بن عجلان الباهلي، قال: كنا ذات يوم عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) جلوسا فأتى علي (عليه السلام) فدخل المسجد وقد وافق من رسول الله قياما، فلما رأى عليا جلس ثم أقبل عليه فقال: " يا أبا الحسن إنك أتيت ووافق [ مني ](5) قياما فجلست لك، أفلا أخبرك ببعض ما فضلك الله به، أخبرك إني ختمت النبيين وختمت [ أنت ](6) يا علي الوصيين، وحق على الله أن لا يوقف موسى بن عمران (عليه السلام) موقفا إلا وقف معه وصيه يوشع بن نون، وإني أقف وتوقف وأسأل وتسأل فاعدد يا بن أبي طالب جوابا فإنما أنت مني تزول أينما زلت، قال علي: يا نبي الله فما الذي تبينه لي حتى اهتدي بهداك لي؟
فقال: يا علي من يهدي الله فلا مضل له ومن يضلل الله فلا هادي له، فإنه عز وجل هاديك ومعلمك وحق لك أن تعي، لقد أخذ الله حق ميثاقي وميثاقك وميثاق شيعتك وأهل مودتك إلى يوم القيامة
____________
(1) الواقعة: 27.
(2) الحجرات: 13.
(3) الأحزاب: 33.
(4) أمالي الشيخ الطوسي: 607 / مجلس 28 / ح 2.
(5) زيادة ليست من المصدر.
(6) زيادة من المصدر.
الثالث والتسعون: الشيخ في مجالسه قال: أخبرنا الحسين بن عبد الله يعني الغضائري عن علي ابن محمد العلوي قال: حدثنا الحسن بن علي بن صالح بن شعيب الجوهري قال: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني عن علي بن محمد عن إسحاق بن إسماعيل النيسابوري عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) عن أبيه عن آبائه (عليهم السلام) قال: حدثنا الحسن بن علي صلوات الله عليه: " إن الله عز وجل بمنه وبرحمته لما فرض عليكم الفرائض لم يفرض ذلك عليكم لحاجة منه إليه، بل رحمة منه لا إله إلا هو ليميز الخبيث من الطيب وليبتلي ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم ولتتسابقوا إلى رحمته ولتتفاضل منازلكم في جنته، ففرض عليكم الحج والعمرة وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والصوم والولاية [ وجعل لكم بابا لتفتحوا به أبواب الفرائض مفتاحا إلى سبله ](2) ولولا محمد (صلى الله عليه وآله) والأوصياء من ولده (عليهم السلام) كنتم حيارى كالبهائم لا تعرفون فرضا من الفرائض، وهل تدخلون قرية إلا من بابها؟ فلما من عليكم بإقامة الأولياء بعد نبيكم (صلى الله عليه وآله) قال: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا، ففرض عليكم لأوليائه حقوقا وأمركم بأدائها إليهم ليحل لكم ما وراء ظهوركم من أزواجكم وأموالكم ومآكلكم ومشاربكم ويعرفكم بذلك البركة والنماء والثروة، ليعلم من يطيعه منكم بالغيب ثم قال عز وجل: قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى فاعلموا أن من يبخل فإنما يبخل عن نفسه إن الله هو الغني وأنتم الفقراء إليه فاعملوا ما شئتم فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين "(3).
الرابع والتسعون: الشيخ في مجالسه بإسناده عن إبراهيم بن صالح عن زيد بن الحسن عن أبيه عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " [ وفدت بالأبطح على ساعة ](4) علي عن يميني وجعفر عن يساري وحمزة عند رجلي، قال: فنزل جبرائيل وميكائيل وسرافيل ففزعت لخفق أجنحتهم قال: فرفعت رأسي فإذا إسرافيل يقول لجبرائيل: إلى أي الأربعة بعثت وبعثنا معك؟
____________
(1) أمالي الشيخ الطوسي: 613 / مجلس 29 / ح 1.
(2) زيادة من المصدر.
(3) أمالي الشيخ الصدوق: 655 / مجلس 34 / ح 5 باختصار في عدد الرواة.
(4) في المصدر: رقدت بالأبطح على ساعدي.
الخامس والتسعون: الشيخ في مجالسه قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال: حدثنا محمد ابن جعفر [ بن قيس ](2) بن مسكان أبو [ عمرو ](3) المصيصي الفقيه من أصل كتابه [ بياس ](4) قال:
حدثنا عبد الله بن الحسين بن جابر أبو محمد إمام جامع المصيصة قال: حدثني [ يحيى بن ](5) عبد الحميد بن عبد الرحمن بن بشير الحماني قال: حدثني [ عبد الله بن ](6) قيس بن الربيع عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري قال: أصبح علي (عليه السلام) ذات يوم ساغبا فقال: " يا فاطمة هل عندك شئ تطعمينني " قالت: " والذي أكرم أبي بالنبوة وأكرمك بالوصية ما أصبح عندي شئ يطعمه بشر وما كان ما أطعمتك منذ يومين إلا شئ كنت أؤثرك به على نفسي وعلى الحسن والحسين " قال: " أعلى الصبيين؟ ألا أعلمتني فآتيكم بشئ؟ " قالت: " يا أبا الحسن إني لأستحي من إلهي من [ أن ] أكلفك بشئ ما لا تقدر عليه، فخرج واثقا بالله حسن الظن به فاستقرض دينارا فبينا الدينار في يد علي (عليه السلام) إذ عرض له المقداد (رضي الله عنه) وذلك في يوم شديد الحر قد أحرقته الشمس من فوقه ومن تحته فأنكر علي (عليه السلام) شأنه فقال: " يا مقداد ما الذي أزعجك هذه الساعة؟ " قال: خل سبيلي يا أبا الحسن ولا تكشفني عما ورائي قال: " إنه لا يسعني أن تجاوزني حتى أعلم علمك ".
قال: يا أبا الحسن إلى الله ثم إليك أن تخلي سبيلي ولا تكشفني عن حالي، فقال علي (عليه السلام): " إنه لا يسعني أن تكتمني حالك " فقال له: أما إذا أبيت فوالذي أكرم محمدا بالنبوة وأكرمك بالوصية ما أزعجني إلا الجهد ولقد تركت عيالي بحال لم تحملني لها الأرض، فخرجت مهموما راكبا رأسي فهذه حالي، فهملت عينا علي (عليه السلام) بالدموع حتى اخضلت دموعه لحيته ثم قال: " أحلف بالذي حلفت به ما أزعجني من أهلي إلا الذي أزعجك ولقد استقرضت دينارا فخذه، فدفع الدينار إليه وآثره به على نفسه ".
وانطلق حتى دخل مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فصلى الظهر والعصر والمغرب فلما قضى رسول الله
____________
(1) أمالي الشيخ الطوسي: 723 / مجلس 43 / ح 7.
(2) زيادة من المصدر.
(3) في المصدر: عمر.
(4) زيادة ليست في المصدر.
(5) زيادة ليست من المصدر.
(6) زيادة من المصدر.
السادس والتسعون: ابن بابويه في كتاب النصوص على الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام) قال: أخبرنا محمد بن عبد الله قال: حدثنا أبو الحسن عيسى بن العراد السكني(2) قال: حدثني أبو عبد الله محمد ابن عبد الله بن عمر بن مسلم بن لاحق اللاحقي البصري في سنة عشر وثلاثمائة قال: حدثنا محمد ابن عمارة السكري عن إبراهيم بن عاصم عن عبد الله بن هارون الكرخي قال: حدثنا أحمد بن عبد الله بن زيد بن سلام عن حذيفة بن اليمان قال: صلى بنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم أقبل بوجهه الكريم علينا ثم قال: " معاشر أصحابي أوصيكم بتقوى الله والعمل بطاعته، فمن عمل بها فاز وغنم
____________
(1) أمالي الشيخ الطوسي: 618 / مجلس 29 / ح 8.
(2) في المصدر: الكبير.
فقلت: يا رسول الله على من تخلفنا؟ قال: على من خلف موسى بن عمران على قومه، قلت على وصيه يوشع بن نون، قال: فإن وصيي وخليفتي من بعدي علي بن أبي طالب، قائد البررة وقاتل الفجرة، منصور من نصره مخذول من خذله، فقلت: يا رسول الله فكم تكون الأئمة من بعدك؟
قال: عدد نقباء بني إسرائيل، تسعة من صلب الحسين أعطاهم الله تعالى علمي وفهمي، خزان علم الله ومعادن وحيه قلت: يا رسول الله فما لأولاد الحسن قال: إن الله تبارك وتعالى جعل الإمامة في عقب الحسين (عليه السلام) وذلك قوله عز وجل: * (وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون) *(1) قلت:
أفلا سميتهم لي يا رسول الله؟ قال: نعم، إنه لما عرج بي إلى السماء نظرت إلى ساق العرش فرأيت مكتوبا بالنور: لا إله إلا الله محمد رسول الله أيدته بعلي ونصرته به ورأيت أنوار الحسن والحسين وفاطمة ورأيت في ثلاثة مواضع عليا عليا عليا ومحمدا محمدا وجعفرا وموسى والحسن، والحجة يتلألأ من بينهم كأنه كوكب دري فقلت: يا رب من هؤلاء الذين قرنت أسماؤهم باسمك؟ قال: يا محمد إنهم هم الأوصياء والأئمة بعدك خلقتهم من طينتك فطوبى لمن أحبهم والويل لمن أبغضهم فبهم أنزل الغيث وبهم أثيب وأعاقب ثم رفع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يده إلى السماء ودعا بدعوات سمعته يقول: اللهم اجعل العلم والفقه في عقبي وعقب عقبي وفي زرعي وزرع زرعي "(2).
السابع والتسعون: ابن بابويه قال: حدثني أبي (رضي الله عنه) قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن محمد بن عيسى بن عبيد عن محمد بن الفضيل الصيرفي عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " إن الله عز وجل أرسل محمدا (صلى الله عليه وآله) إلى الجن والإنس وجعل من بعده اثني عشر وصيا منهم من سبق ومنهم من بقي، وكل وصي جرت سنة الأوصياء الذين من بعد محمد (صلى الله عليه وآله) على سنة أوصياء عيسى، وكانوا اثني عشر، وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) على سنة المسيح (عليه السلام) "(3).
الثامن والتسعون: ابن بابويه في كتاب النصوص على الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام) قال: أخبرنا أبو
____________
(1) الزخرف: 28.
(2) كفاية الأثر: 137.
(3) عيون أخبار الرضا: 2 / 59.
التاسع والتسعون: ابن بابويه قال: حدثنا محمد بن عبد الله الشيباني (رحمه الله) قال: حدثنا هاشم بن مالك أبو دلف الخزاعي ببغداد في مسجد الشرقية قال: حدثنا العباس بن فرج الرياحي قال:
حدثني شرحبيل بن أبي عوف عن يزيد بن عبد الملك عن سعيد المقري عن أبي هريرة قال: قلت لرسول الله (صلى الله عليه وآله): " إن لكل نبي وصيا وسبطين فمن وصيك وسبطاك؟ " فسكت ولم يرد علي جوابا فانصرفت حزينا فلما حان الظهر قال: ادن يا أبا هريرة فجعلت أدنو وأقول: أعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله ثم قال: إن الله بعث أربعة آلاف نبي وكان لهم أربعة آلاف وصي وثمانية آلاف سبط، فوالذي نفسي بيده لأنا خير النبيين ووصيي خير الوصيين وأن سبطي خير الأسباط الحسن والحسين سبطي هذه الأمة، وأن الأسباط كانوا من ولد يعقوب وكانوا اثني عشر رجلا وأن الأئمة من بعدي اثني عشر من أهل بيتي، علي أولهم وأوسطهم محمد وآخرهم محمد ومهدي هذه الأمة الذي يصلي خلفه عيسى ابن مريم، ألا إن من تمسك بهم بعدي فقد تمسك بحبل الله ومن تخلى عنهم فقد تخلى من الله "(2).
المائة: ابن بابويه في كتاب النصوص قال: حدثنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن عياش الجوهري قال: حدثنا محمد بن أحمد الصفواني قال: حدثنا محمد بن الحسين قال: حدثنا عبد الله ابن سلمة قال: حدثنا عبد الله بن محمد الحمصي قال: حدثنا ابن حماد عن أنس بن سيرين عن أنس بن مالك قال: صلى بنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) الفجر ثم أقبل علينا فقال: " معاشر أصحابي من أحب أهل بيتي حشر معنا، ومن استمسك بأوصيائي من بعدي فقد استمسك بالعروة الوثقى " فقام إليه أبو ذر الغفاري فقال: يا رسول الله كم الأئمة من بعدك؟ قال: " عدد نقباء بني إسرائيل، فقال: كلهم من أهل بيتي تسعة من صلب الحسين والمهدي منهم "(3).
____________
(1) كفاية الأثر: 114.
(2) كفاية الأثر: 79.
(3) كفاية الأثر: 74.
ورواه محمد بن إبراهيم النعماني في كتاب الغيبة قال: حدثنا محمد بن همام قال: حدثنا أبي عبد الله بن جعفر الحميري قال: حدثنا أحمد بن هلال قال: حدثنا ابن أبي عمير سنة أربع ومائتين قال: حدثني سعيد بن غزوان عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " إن الله اختار من الأيام يوم الجمعة ومن الشهور شهر رمضان ومن الليالي ليلة القدر واختار من الناس الأنبياء واختار من الأنبياء الرسل واختارني من الرسل واختار مني عليا واختار من علي الحسن والحسين واختار من الحسين الأوصياء ينفون من التنزيل تأويل القائلين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين تاسعهم باطنهم ظاهرهم وهو أفضلهم " قال عبد الله بن جعفر في حديثه: وتأويل الجاهلين(2).
الثاني والمائة: ابن بابويه في النصوص قال: حدثني علي بن الحسن بن محمد قال: حدثنا أبو محمد هارون بن موسى التلعكبري قال: حدثنا محمد بن علي بن معمر قال: حدثني عبد الله بن سعيد(3) قال: حدثني موسى بن إبراهيم بن الممتع قال: حدثني عبد الكريم بن هلال عن أسلم عن أبي الطفيل عن عمار قال لما حضر رسول الله الوفاة دعا بعلي (عليه السلام) فساره طويلا ثم قال: " يا علي أنت وصيي ووارثي وقد أعطاك الله علمي وفهمي، فإذا مت ظهرت لك ضغائن في صدور قوم وغصبت على حقك(4)، فبكت فاطمة (عليها السلام) وبكى الحسن والحسين، فقال لفاطمة: يا سيدة النسوان مم بكاؤك؟ قالت: أخشى الضيعة بعدك، قال: أبشري يا فاطمة فإنك أول من يلحقني من أهل بيتي لا تبكي ولا تحزني فإنك سيدة نساء أهل الجنة وأباك سيد الأنبياء وابن عمك سيد الأوصياء وابنيك سيدا شباب أهل الجنة، ومن صلب الحسين يخرج الله الأئمة التسعة مطهرون معصومون، ومنا مهدي هذه الأمة " ثم التفت إلى علي وقال: " يا علي لا يلي غسلي وتكفيني
____________
(1) الغيبة للشيخ الطوسي: 143 / ح 107.
(2) كتاب الغيبة للنعماني: 67 / ح 7 وقد اختصر المصنف.
(3) في المصدر: بن معبد.
(4) في المصدر: حقد.
" إن جبرائيل معك ويناولك الفضل الماء، قل له فليغض عينيه فإنه لا يرى أحد عورتي غيرك إلا انفقأت عيناه " فلما مات رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان الفضل يناوله الماء وجبرائيل يعاونه، فلما أن غسله وكفنه أتاه العباس فقال: يا علي إن الناس قد اجتمعوا على أن يدفنوا النبي (صلى الله عليه وآله) بالبقيع وأن يؤمهم رجل منهم واحد، فخرج علي إلى الناس فقال: " أيها الناس إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) إمامنا حيا وميتا، وهل تعلمون أن رسول الله لعن من جعل القبور مصلى، ولعن من جعل مع الله إلها آخر، ولعن من كسر رباعيته وشق لثته؟ قال: فقالوا: الأمر إليك فاصنع ما رأيت، قال: وإني أدفن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في البقعة التي قبض فيها، ثم قام علي على الباب فصلى عليه وأمر الناس عشرة عشرة يصلون عليه ثم يخرجون "(1).
الثالث والمائة: ابن بابويه في النصوص عن محمد بن عبد الله الشيباني قال: حدثنا أبو مزاحم موسى بن عبد الله بن يحيى بن خاقان المقري ببغداد قال: حدثنا أحمد بن الحسن بن الفضل بن الربيع أبو العباس مولى بني هاشم قال: حدثني عثمان بن أبي شيبة في مسند أنس قال: حدثنا يزيد ابن هارون قال: حدثنا عبد الله بن عوف عن أنس بن سيرين عن أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: " أوصياء الأنبياء الذين يقومون بعدهم لقضاء ديونهم وإنجاز عداتهم ويقاتلون على سنتهم " ثم التفت إلى علي (عليه السلام) فقال: " أنت وصيي وأخي في الدنيا والآخرة، تقضي ديني وتنجز عدتي وتقاتل على سنتي، تقاتل على التأويل كما قاتلت على التنزيل فأنا خير الأنبياء وأنت خير الأوصياء وسبطاي خير الأسباط، ومن صلبهما تخرج الأئمة التسعة مطهرون معصومون قوامون بالقسط، والأئمة بعدي على عدد نقباء بني إسرائيل وحواري عيسى، هم عترتي من لحمي ودمي "(2).
الرابع والمائة: الشيخ في الغيبة بإسناده عن جعفر بن محمد بن مالك عن محمد بن نعمة السلولي عن وهيب بن حفص عن عبد الله بن خالد عن أبي السفاتج عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: دخلت على فاطمة (عليها السلام) وبين يديها أسماء الأوصياء من ولدها فعددت اثني عشر اسما آخرهم القائم ثلاثة منهم محمد وأربعة منهم علي(3).
الخامس والمائة: محمد بن إبراهيم النعماني في كتاب الغيبة عن أبي الحارث عبد الله بن
____________
(1) كفاية الأثر: 124.
(2) كفاية الأثر: 76.
(3) كتاب الغيبة: 139.
وهو أعلم بذلك قلت: يا رب أخي قال: يا محمد، علي بن أبي طالب؟ قلت: نعم يا رب قال: يا محمد إني اطلعت إلى الأرض اطلاعة فاخترتك منها فلا أذكر حتى تذكر معي، أنا المحمود وأنت محمد ثم إني اطلعت إلى الأرض اطلاعة أخرى فاخترت منها علي بن أبي طالب فجعلته وصيك، فأنت سيد الأنبياء وعلي سيد الأوصياء ثم شققت له اسما من أسمائي، فأنا الأعلى وهو علي، يا محمد إني خلقت عليا وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من نور واحد، ثم عرضت ولايتكم على الملائكة فمن قبلها كان من المؤمنين ومن جحدها كان من الكافرين، يا محمد لو أن عبدا من عبادي عبدني حتى ينقطع ثم يلقاني جاحدا لولايتكم أدخلته النار.
ثم قال: يا محمد أتحب أن تراهم؟ قلت: نعم فقال: تقدم أمامك، فتقدمت أمامي فإذا علي بن أبي طالب والحسن ابن علي والحسين بن علي وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والحجة القائم كأنه الكوكب الدري في وسطهم فقلت: يا رب ومن هؤلاء؟ قال: هؤلاء الأئمة وهذا القائم يحل حلالي ويحرم حرامي وينتقم من أعدائي، يا محمد أحبه فإني أحبه وأحب من يحبه "(3).
السادس والمائة: الشيخ الطوسي في الغيبة عن جماعة عن أبي عبد الله الحسين بن علي بن سفيان البزوفري عن علي بن سنان الموصلي العدل عن علي بن الحسين عن أحمد بن محمد [ ابن ](4) الخليل عن جعفر بن محمد المصري عن عمه الحسن بن علي عن أبيه عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عن أبيه ذي الثفنات سيد العابدين عن أبيه الحسين الزكي الشهيد عن أبيه أمير المؤمنين قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الليلة التي كانت فيها وفاته لعلي (عليه السلام): " يا أبا الحسن أحضر صحيفة ودواة فأملاه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وصيته حتى انتهى إلى هذا الموضع فقال: يا علي إنه سيكون
____________
(1) زيادة من المصدر.
(2) زيادة ليست في المصدر.
(3) غيبة النعماني: 94 / ح 24.
(4) زيادة من المصدر.
السابع والمائة: ابن بابويه في النصوص قال: حدثنا القاضي أبو الفرج المعافي بن زكريا البغدادي قال: حدثنا محمد بن همام بن سهيل الكاتب قال: حدثني محمد بن معافي السلماسي عن محمد بن عامر قال: حدثنا عبد الله بن زاهر عن عبد القدوس عن الأعمش عن حبش بن المعتمر قال: قال أبو ذر الغفاري (رضي الله عنه) دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مرضه الذي توفي فيه فقال:
يا أبا ذر " ايتني بابنتي فاطمة " قال: فقمت دخلت عليها وقلت لها: يا سيدة النسوان أجيبي أباك فلبست نعليها واتزرت وخرجت حتى دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلما رأت رسول الله انكبت عليه وبكت وبكى رسول الله لبكائها وضمها إليه ثم قال: " يا فاطمة لا تبكي فداك أبوك فأنت أول من يلحقني مظلومة مغصوبة، وسوف تظهر بعدي حسبكة النفاق وسيمل جلباب الدين، وأنت أول من يرد علي الحوض " قالت: " يا أبت أين ألقاك؟ " قال: " تلقينني عند الحوض وأنا أسقي شيعتك ومحبيك وأطرد أعداءك ومبغضيك، قالت: يا رسول الله فإن لم ألقك عند الحوض قال: تلقينني عند
____________
(1) زيادة من المصدر.
(2) غيبة الطوسي: 151 / ح 111.
يا رسول الله فكم الأئمة بعدك؟ قال (صلى الله عليه وآله): " عدد نقباء بني إسرائيل "(1).
الثامن والمائة: ابن بابويه في النصوص قال: حدثنا علي بن محمد بن مقول قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر القاضي الجعابي قال: حدثني نصر بن عبد الله الوشا قال: حدثني زيد بن الحسن الأنماطي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: كنت عند النبي (صلى الله عليه وآله) في بيت أم سلمة فأنزل الله هذه الآية: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) *(2) فدعا النبي (صلى الله عليه وآله) بالحسن والحسين وفاطمة وأجلسهم ودعا عليا فأجلسه خلف ظهره وقال: " اللهم هؤلاء أهل بيتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا " قالت أم سلمة: فأنا معهم يا رسول الله؟ قال: " أنت على خير " فقلت: يا رسول الله لقد أكرم الله هذه العترة الطاهرة والذرية المباركة بذهاب الرجس عنهم قال: " يا جابر إنهم عترتي من لحمي ودمي فأخي سيد الأوصياء وابني خير الأسباط وابنتي سيدة النسوان ومنا المهدي " قلت: يا رسول الله ومن المهدي؟ قال:
" تسعة من صلب الحسين أئمة أبرار، والتاسع يملأ الأرض قسطا وعدلا، يقاتل على التأويل كما قاتلت على التنزيل "(3).
التاسع والمائة: ابن بابويه في كتاب الغيبة قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور قال: حدثنا الحسين بن محمد بن محمد بن عامر عن المعلي بن محمد البصري عن جعفر بن سليمان عن عبد الله بن الحكم عن أبيه عن سعيد بن جبير عن عبد الله قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " إن خلفائي وأوصيائي وحجج الله على الخلق بعدي اثني عشر، أولهم أخي وآخرهم ولدي، قيل: يا رسول الله ومن أخوك؟ قال: علي بن أبي طالب، قيل: فمن ولدك؟ قال: المهدي الذي يملأها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، والذي بعثني بالحق نبيا لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج فيه ولدي المهدي فينزل روح الله عيسى ابن مريم يصلي خلفه وتشرق الأرض
____________
(1) كفاية الأثر: 38.
(2) الأحزاب: 33.
(3) كفاية الأثر: 66.
العاشر والمائة: محمد بن إبراهيم النعماني في كتاب الغيبة عن أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة ومحمد بن همام بن سهيل وعبد العزيز وعبد الواحد ابني عبد الله بن يونس [ الموصلي ](2) عن رجالهم عن عبد الرزاق بن همام عن معمر بن راشد عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس، وأخبرنا به من غير هذه الطرق هارون بن محمد قال: حدثني أحمد بن عبيد الله بن جعفر المعلى الهمداني قال: حدثني [ أبو ](3) الحسن عمرو بن جامع عن عمرو بن حرب الكندي قال: حدثنا عبد الله بن مبارك شيخ لنا كوفي ثقة قال: حدثنا عبد الرزاق بن همام [ شيخنا ](4) عن معمر عن أبان ابن أبي عياش عن سليم بن قيس الهلالي، وذكر أبان أنه سمعه أيضا عن عمر بن أبي سلمة، قال معمر: وذكر أبو هارون العبدي أنه سمعه [ أيضا ](5) عن عمر بن سلمة عن سليم أن معاوية لما دعا أبا الدرداء وأبا هريرة ونحن مع أمير المؤمنين (عليه السلام) بصفين فحملهما الرسالة إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) وأديا إليه قال: " بلغتماني مما أرسلكما به معاوية فاسمعا مني وبلغا عني [ كما بلغتماني ](6) ".
قالا: نعم، فأجابه (عليه السلام) الجواب بطوله حتى انتهى إلى نصب رسول الله (صلى الله عليه وآله) إياه بغدير خم بأمر الله عز وجل: لما أنزل عليه * (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) *(7).
فقال: الناس يا رسول الله أخاصة لبعض المؤمنين أم عامة لجميعهم؟ فأمر الله نبيه (صلى الله عليه وآله) أن يعلمهم ولاية من أمر الله بولايته وأن يفسر لهم من الولاية ما فسر من صلاتهم وزكاتهم وصومهم وحجهم، قال علي (عليه السلام): " فنصبني رسول الله (صلى الله عليه وآله) بغدير خم وقال: إن الله عز وجل أرسلني برسالة ضاق بها صدري وظننت أن الناس تكذبني فأوعدني لأبلغنها أو ليعذبني ثم قال: قم يا علي ثم نادى بأعلى صوته بعد أن أمر أن ينادي بالصلاة جامعة فصلى بهم الظهر ثم قال: أيها الناس إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين، وأنا أولى بهم من أنفسهم ومن كنت مولاه فعلي مولاه وإلى الله من والاه وعادى من عاداه، فقام إليه سلمان الفارسي فقال: يا رسول الله ولاة ماذا؟ فقال: من كنت أولى به من نفسه فعلي أولى به من نفسه فأنزل الله: * (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي
____________
(1) كمال الدين وتمام النعمة: 280.
(2) زيادة من المصدر.
(3) زيادة من المصدر.
(4) زيادة من المصدر.
(5) زيادة من المصدر.
(6) زيادة من المصدر.
(7) المائدة: 55.