الصفحة 331
هذا في القرآن؟ قال أبو الحسن (عليه السلام): " نعم أخبروني عن قول الله تعالى: * (يس والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم) *(1) فمن عنى بقوله (يس)؟ قالت العلماء: (يس) محمد (صلى الله عليه وآله) لم يشك فيه أحد.

قال أبو الحسن (عليه السلام): إن الله تعالى أعطى محمدا وآل محمد من ذلك فضلا لا يبلغ أحد كنه وصفه إلا من عقله وذلك أن الله عز وجل لم يسلم على أحد إلا على الأنبياء (عليهم السلام) فقال تعالى:

* (سلام على نوح في العالمين) *(2) وقال: * (سلام على إبراهيم) *(3) وقال: * (سلام على موسى وهارون) *(4) ولم يقل سلام على آل نوح ولم يقل سلام على آل موسى ولا على آل إبراهيم وقال:

* (سلام على آل يس) *(5) يعني آل محمد (صلى الله عليه وآله) " فقال المأمون: قد علمت أن في معدن النبوة شرح هذا وبيانه، وهذه السابعة.

فأما الثامنة فقول الله: * (واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين) *(6) فقرن سهم ذي القربى مع سهمه وسهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) فهذا فصل أيضا بين الآل والأمة لأن الله تعالى جعلهم في حيز وجعل الناس في حيز دون ذلك ورضي لهم ما رضي لنفسه واصطفاهم فيه فبدأ بنفسه ثم برسوله ثم بذي القربى وكل ما كان من الفيئ والغنيمة وغير ذلك مما رضيه عز وجل لنفسه ورضيه لهم فقال وقوله الحق: * (واعلموا أنما غنمتم من شئ فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى) * فهذا تأكيد مؤكد وأثر قائم لهم إلى يوم القيامة في كتاب الله الناطق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد وأما قوله:

* (واليتامى والمساكين) * فإن اليتيم إذ انقطع يتمه خرج من الغنائم ولم يكن له فيها نصيب وكذلك المسكين إذا انقطعت مسكنته لم يكن له نصيب من المغنم ولا يحل له أخذه، وسهم ذي القربى قائم إلى يوم القيامة فيهم للغني والفقير منهم لأنه لا أحد أغنى من الله عز وجل ولا من رسول الله فجعل لنفسه منهما سهما ولرسوله سهما فما رضيه لنفسه ولرسوله رضيه لهم وكذلك الفيئ ما رضيه منه لنفسه ولنبيه رضيه لذي القربى، كما أجراهم في الغنيمة فبدأ بنفسه جل جلاله ثم برسوله ثم بهم وقرن سهمهم بسهم الله وسهم رسوله وكذلك في الطاعة قال الله تعالى: * (يا أيها

____________

(1) يس: 1 - 4.

(2) الصافات: 79.

(3) الصافات: 109.

(4) الصافات: 120.

(5) الصافات: 130.

(6) الأنفال: 41.


الصفحة 332
الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) *(1) فبدأ بنفسه ثم برسوله ثم بأهل بيته وكذلك آية الولاية: * (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا) *(2) فجعل ولايتهم مع طاعة الرسول مقرونة بطاعته كما جعل سهمهم مع سهم الرسول مقرونا بسهمه في الغنيمة والفئ، فتبارك الله ما أعظم نعمته على أهل هذا البيت فلما جاءت قصة الصدقة نزه نفسه ونزه رسوله ونزه أهل بيته فقال الله تعالى: * (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله) *(3) فهل تجد في شئ من ذلك أنه جعل عز وجل سهما لنفسه أو لرسوله أو لذي القربى لأنه لما نزه نفسه عن الصدقة ونزه رسوله ونزه أهل بيته لا بل حرم عليهم لأن الصدقة محرمة على محمد وآل محمد وهي أوساخ أيدي الناس لا يحل لهم لأنهم طهروا من كل دنس ووسخ فلما طهرهم الله واصطفاهم رضى لهم ما رضي لنفسه وكره لهم ما كره لنفسه عز وجل فهذه الثامنة.

وأما التاسعة فنحن أهل الذكر الذين قال الله تعالى في محكم كتابه: * (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) *(4) فقالت العلماء: إنما عنى بذلك اليهود والنصارى فقال أبو الحسن: سبحان الله وهل يجوز ذلك؟! إذا يدعوننا إلى دينهم ويقولون: إنهم أيضا من دين الإسلام فقال المأمون: فهل عندك في ذلك شرح بخلاف ما قالوا يا أبا الحسن؟ فقال (عليه السلام): نعم، الذكر: رسول الله (صلى الله عليه وآله) ونحن أهله، وذلك بين في كتاب الله عز وجل حيث يقول في سورة الطلاق: * (فاتقوا الله يا أولي الألباب الذين آمنوا قد أنزل الله إليكم ذكرا رسولا يتلو عليكم آيات الله مبينات) * والذكر: رسول الله ونحن أهله فهذه التاسعة.

وأما العاشرة فقول الله تعالى في آية التحريم: * (حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم...

الآية) * إلى آخرها فأخبروني هل تصلح ابنتي أو ابنة ابني وما تناسل من صلبي لرسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يتزوجها لو كان حيا؟ قالوا: لا.

قال: فأخبروني هل كانت ابنة أحدكم تصلح له أن يتزوجها لو كان حيا؟ قالوا: نعم، قال: ففي هذا بيان لأني أنا من آله، ولستم من آله، ولو كنتم من آله لحرم عليه بناتكم كما حرم عليه بناتي لأني من آله وأنتم من أمته فهذا فرق ما بين الآل والأمة لأن الآل منه والأمة إذا لم تكن من الآل ليست منه فهذه العاشرة.

____________

(1) النساء: 59.

(2) المائدة: 55.

(3) التوبة: 60.

(4) النحل: 43.


الصفحة 333
وأما الحادي عشر فقول الله تعالى في سورة المؤمن حكاية عن قول رجل مؤمن من آل فرعون: * (وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جائكم بالبينات من ربكم) * تمام الآية وكان ابن خال فرعون فنسبه إلى فرعون بنسبه ولم يضفه إليه بدينه، وكذلك خصصنا نحن إذ كنا من رسول الله (صلى الله عليه وآله) بولادتنا منه وعممنا الناس بالدين، فهذا فرق ما بين الآل والأمة فهذا الحادي عشر.

وأما الثاني عشر فقوله عز وجل * (وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها) * فخصنا الله تعالى بهذه الخصوصية إذ أمرنا مع الأمة بإقامة الصلاة ثم خصنا من دون الأمة فكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يجيء إلى باب علي وفاطمة بعد نزول هذه الآية تسعة أشهر كل يوم عند حضور كل صلاة خمس مرات فيقول: الصلاة رحمكم الله، وما أكرم الله أحدا من ذراري الأنبياء (عليهم السلام) بمثل هذه الكرامة التي أكرمنا الله بها وخصنا من دون جميع أهل بيتهم ". فقال المأمون والعلماء: جزاكم الله أهل بيت نبيكم عن الأمة خيرا فما نجد الشرح والبيان فيما اشتبه علينا إلا عندكم(1).

العاشر: ابن بابويه قال: حدثنا الحسن بن علي بن شعيب الجوهري (قدس سره) قال: حدثنا عيسى بن محمد العلوي قال: حدثنا أبو عمرو أحمد بن أبي حازم الغفاري قال: حدثنا عبيد الله بن موسى عن شريك عن ركين بن الربيع عن القاسم بن حسان عن زيد بن ثابت قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ألا وهما الخليفتان من بعدي ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض "(2).

الحادي عشر: ابن بابويه قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال: حدثنا الحسن بن علي بن الحسين السكري عن محمد بن زكريا الجوهري عن جعفر بن محمد بن عمارة عن أبيه عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين عن أبيه علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض كهاتين وضم بين سبابتيه فقام إليه جابر بن عبد الله الأنصاري فقال: يا رسول الله من عترتك؟ قال: علي والحسن والحسين والأئمة من ولد الحسين إلى يوم القيامة "(3).

الثاني عشر: محمد بن يعقوب عن محمد بن الحسين وغيره عن سهل عن محمد بن عيسى

____________

(1) أمالي الصدوق: 615 / مجلس 79 / ح 1.

(2) أمالي الصدوق: 500 / مجلس 64 / ح 15.

(3) معاني الأخبار: 91 / 54.


الصفحة 334
ومحمد بن يحيى ومحمد بن الحسين جميعا عن محمد بن سنان عن إسماعيل بن جابر وعبد الكريم بن عمرو عن عبد الحميد بن أبي الديلم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " أوصى موسى إلى يوشع ابن نون وأوصى يوشع بن نون إلى ولد هارون، ولم يوص إلى ولده ولا إلى ولد موسى إن الله عز وجل له الخيرة يختار من يشاء ممن يشاء، وبشر موسى ويوشع بالمسيح (عليه السلام) فلما أن بعث الله عز وجل المسيح قال المسيح (عليه السلام) لهم: إنه سوف يأتي من بعدي نبي اسمه أحمد من ولد إسماعيل (عليه السلام) يجيء بتصديقي وتصديقكم وعذري وعذركم، وجرت من بعده في الحواريين في المستحفظين، وإنما سماهم الله عز وجل المستحفظين لأنهم استحفظوا الاسم الأكبر وهو الكتاب الذي يعلم به علم كل شئ، الذي كان مع الأنبياء صلوات الله عليهم يقول الله عز وجل:

(لقد أرسلنا رسلا من قبلك وأنزلنا معهم الكتاب والميزان)(1) الكتاب الاسم الأكبر وإنما عرف مما يدعى الكتاب التورية الإنجيل والفرقان فيها كتاب نوح (عليه السلام) وفيها كتاب صالح وشعيب وإبراهيم فأخبره الله عز وجل * (إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى) *(2) فأين صحف إبراهيم، إنما صحف إبراهيم الاسم الأكبر، وصحف موسى [ الاسم الأكبر ] فلم تزل الوصية في عالم بعد عالم حتى دفعوها إلى محمد (صلى الله عليه وآله) فلما بعث الله عز وجل محمدا أسلم له العقب من المستحفظين وكذبه بنو إسرائيل ودعا إلى الله عز وجل وجاهد في سبيله، ثم أنزل الله عز ذكره عليه أن أعلن فضل وصيك فقال: يا رب إن العرب قوم جفاة لم يكن فيهم كتاب ولم يبعث إليهم نبي ولا يعرفون فضل بيوتات الأنبياء ولا شرفهم ولا يؤمنون بي إن أنا أخبرتهم بفضل أهل بيتي فقال الله عز ذكره:

* (ولا تحزن عليهم وقل سلام فسوف تعلمون) *(3) فذكر من فضل وصيه ذكرا فوقع النفاق في قلوبهم، فعلم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذلك وما يقولون فقال الله جل ذكره: يا محمد: * (ولقد نعلم أنه يضيق صدرك بما يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون) *(4) لكونهم(5) يجحدون بغير حجة لهم، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يتألفهم ويستعين ببعضهم على بعض، ولا يزال يخرج لهم شيئا في فضل وصيه حتى نزلت هذه السورة فاحتج عليهم حين أعلم بموته ونعيت إليه نفسه فقال الله جل ذكره: * (فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب) *(6) يقول: فإذا فرغت فانصب علمك وأعلن وصيك

____________

(1) الآية: * (ولقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا..) * الحديد: 25.

(2) الأعلى: 18 - 19.

(3) النحل: 127.

(4) الأنعام: 33.

(5) في المصدر: ولكنهم.

(6) الانشراح: 8.


الصفحة 335
فأعلمهم فضله علانية فقال (عليه السلام): من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ثلاث مرات، ثم قال: لأبعثن رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ليس بفرار، يعرض بمن رجع يجبن أصحابه ويجبنونه.

وقال النبي (صلى الله عليه وآله): علي سيد المؤمنين وقال: علي عمود الدين، وقال: هذا هو الذي يضرب الناس بالسيف على الحق بعدي، وقال: الحق مع علي أينما مال، وقال: إني تارك فيكم أمرين إن أخذتم بهما لن تضلوا كتاب الله عز وجل وأهل بيتي عترتي، أيها الناس اسمعوا وقد بلغت أنكم ستردون علي الحوض فأسألكم عما فعلتم في الثقلين، والثقلان كتاب الله جل ذكره وأهل بيتي فلا تسبقوهم فتهلكوا ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم.

فوقعت الحجة بقول النبي (صلى الله عليه وآله) وبالكتاب الذي يقرأه الناس، فلم يزل يلقي فضل أهل بيته بالكلام ويبين لهم بالقرآن * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) *(1) وقال عز ذكره: * (واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى) *(2) ثم قال جل ذكره * (وآت ذا القربى حقه) *(3) فكان علي (عليه السلام) وكان حقه الوصية التي جعلت له، والأسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة فقال: * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) *(4) ثم قال: * (وإذا المؤودة سئلت بأي ذنب قتلت) *(5) يقول: أسألكم عن المودة التي أنزلت عليكم فضلها مودة القربى بأي ذنب قتلتموهم، وقال جل ذكره: * (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) *(6) قال: الكتاب:

الذكر، وأهله آل محمد (صلى الله عليه وآله) أمر الله عز وجل بسؤالهم ولم يؤمروا بسؤال الجهال، وسمى الله عز وجل القرآن ذكرا فقال تبارك وتعالى: * (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون) *(7) وقال عز وجل: * (وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون) *(8) وقال عز وجل: * (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) *(9) وقال عز وجل: * (ولو ردوه إلى الله والرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) *(10) فرد الله الأمر - أمر الناس - إلى أولي الأمر منهم الذين أمر بطاعتهم وبالرد إليهم.

فلما رجع رسول الله (صلى الله عليه وآله) من حجة الوداع نزل عليه جبرائيل (عليه السلام) فقال: * (يا أيها الرسول بلغ ما

____________

(1) الأحزاب: 33.

(2) الأنفال: 42.

(3) الإسراء: 26.

(4) الشورى: 23.

(5) التكوير: 8 - 9.

(6) النحل: 43.

(7) النحل: 44.

(8) الزخرف: 44.

(9) النساء: 59.

(10) النساء: 83.


الصفحة 336
أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين) *(1) فنادى الناس فاجتمعوا وأمر بسمرات فقم شوكهن ثم قال (صلى الله عليه وآله): يا أيها الناس من وليكم وأولى بكم من أنفسكم؟ فقالوا: الله ورسوله، فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ثلاث مرات، فوقعت حسكة النفاق في قلوب القوم وقالوا: ما أنزل عز وجل هذا على محمد قط، وما يريد محمد إلا أن يرفع بضبع ابن عمه، فلما قدم المدينة أتته الأنصار فقالوا: يا رسول الله إن الله جل ذكره قد أحسن إلينا وشرفنا بك وبنزولك بين ظهرانينا فقد فرح الله صديقنا وكبت عدونا وقد يأتيك وفود فلا تجد ما تعطيهم فيشمت بك العدو، فنحب أن تأخذ ثلث أموالنا حتى إذا قدم عليك وفد مكة وجدت ما تعطيهم، فلم يرد رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليهم شيئا وكان ينتظر ما يأتيه من ربه فنزل عليه جبرائيل وقال: * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * ولم يقبل أموالهم، فقال المنافقون: ما أنزل الله هذا على محمد وما يريد إلا أن يرفع بضبع ابن عمه ويحمل علينا أهل بيته يقول أمس: من كنت مولاه فعلي مولاه واليوم: قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى، ثم نزل عليه آية الخمس فقالوا: يريد أن يعطيهم أموالنا وفيئنا، ثم أتاه جبرائيل فقال: يا محمد إنك قد قضيت نبوتك واستكملت أيامك فاجعل الاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة عند علي، فإني لم أترك الأرض إلا وفيها عالم تعرف به طاعتي وتعرف به ولايتي، ويكون حجة لمن يولد بين قبض النبي إلى خروج النبي الآخر قال: فأوصي إليه بالاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة، وأوصي إليه بألف كلمة وألف باب يفتح كل كلمة وكل باب ألف كلمة وألف باب "(2).

الثالث عشر: الشيخ في أماليه قال: أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مهدي قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن المستورد قال: حدثنا إسماعيل بن صبيح قال: حدثنا سفيان - هو ابن إبراهيم - عن عبد المؤمن - وهو ابن القاسم - عن الحسن بن عطية العوفي عن أبيه عن أبي سعيد الخدري أنه سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: " إني تارك فيكم الثقلين إلا أن أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض " وقال: " ألا إن أهل بيتي عيبتي التي آوي إليها وإن الأنصار كرشي(3) فاعفوا عن مسيئهم وأعينوا محسنهم "(4).

____________

(1) المائدة: 68.

(2) أصول الكافي: 1 / 296 ح 3.

(3) الكرش: الجماعة من الناس وعيال الإنسان من صغار أولاده، ومراده عليه الصلاة والسلام أنهم مني في المحبة والرأفة بمنزلة الأولاد الصغار. المصباح المنير: 530، كرش.

(4) أمالي الطوسي: 255 / مجلس 9 / ح 52.


الصفحة 337
الرابع عشر: الشيخ في أماليه قال: أخبرنا محمد بن محمد - يعني المفيد - قال: حدثنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه (رحمه الله) قال: حدثني أبي قال: حدثني سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب الزراد عن أبي محمد الأنصاري عن معاوية بن وهب قال:

كنت جالسا عند جعفر بن محمد (عليه السلام) إذ جاء شيخ قد انحنى من الكبر فقال: السلام عليك ورحمة الله وبركاته فقال أبو عبد الله: " وعليك السلام ورحمة الله وبركاته يا شيخ ادن مني، فدنا منه وقبل يده وبكى فقال أبو عبد الله (عليه السلام): وما يبكيك يا شيخ قال له: يا بن رسول الله إني مقيم على رجاء منكم منذ مائة سنة.

أقول: هذه السنة وهذا الشهر وهذا اليوم ولا أراه فيكم فتلومني أن أبكي، قال: فبكى أبو عبد الله ثم قال: يا شيخ إن أخرت منيتك كنت معنا وإن عجلت كنت يوم القيامة مع ثقل رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال الشيخ: ما أبالي ما فاتني من بعد هذا يا بن رسول الله فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): يا شيخ إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا كتاب الله المنزل وعترتي أهل بيتي تجيء وأنت معنا يوم القيامة، ثم قال: يا شيخ ما أحسبك من أهل الكوفة، قال: لا، قال: فمن أين؟

قال: من سوادها جعلت فداك، قال: أين أنت من قبر جدي المظلوم الحسين (عليه السلام)؟ قال: إني لقريب منه قال: كيف إتيانك له؟ قال: إني لآتيه وأكثر، قال: يا شيخ ذاك دم يطلب الله تعالى به ما أصيب ولد فاطمة ولا يصابون بمثل الحسين (عليه السلام) ولقد قتل (عليه السلام) في سبعة عشر من أهل بيته نصحوا لله وصبروا في جنب الله فجزاهم أحسن جزاء الصابرين أنه إذا كان يوم القيامة أقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومعه الحسين (عليه السلام) ويده على رأسه يقطر دما فيقول: يا رب سل أمتي فيم قتلوا ابني وقال (عليه السلام): كل الجزع والبكاء مكروه سوى الجزع والبكاء على الحسين "(1).

الخامس عشر: الشيخ في أماليه قال: أخبرنا الشيخ المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان (رحمه الله) قال: أخبرني أبو القاسم إسماعيل بن محمد الأنباري الكاتب قال: حدثنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد الأزدي، قال: حدثنا شعيب بن أيوب، قال: حدثنا معاوية بن هشام عن سفيان عن هشام بن حسان قال: سمعت أبا محمد الحسن بن علي (عليهما السلام) فيخطب الناس بعد البيعة له بالأمر فقال: " نحن حزب الله الغالبون وعترة رسول الله (صلى الله عليه وآله) الأقربون وأهل بيته الطيبون الطاهرون وأحد الثقلين الذين خلفهما رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أمته والثاني كتاب الله فيه تفصيل كل شئ لا يأتيه الباطل

____________

(1) أمالي الطوسي: 161 / مجلس 6 / ح 20.


الصفحة 338
من بين يديه ولا من خلفه فالمعول علينا في تفسيره ولا نظن تأويله بل نتيقن حقائقه فأطيعونا فإن طاعتنا مفروضة إذ كانت بطاعة الله عز وجل ورسوله مقرونة قال الله عز وجل: * (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم * فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول) * * (لو ردوه إلى الرسول وإلى وأولي الأمر منهم * لعلمه الذين يستنبطونه منهم) * وأحذركم الإصغاء لهتاف الشيطان فإنه لكم عدو مبين فتكونوا كأوليائه الذين قال لهم: * (لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني برئ منكم إني أرى ما لا ترون) * فتلقون إلى الرماح وزرا وإلى السيوف جزرا وللعمد حطما وإلى السهام غرضا ثم " لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا "(1).

السادس عشر: الشيخ في مجالسه قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال: حدثنا الحسن بن علي بن زكريا العاصمي قال: حدثنا أحمد بن عبيد الله العدلي قال: حدثنا الربيع بن سيار قال:

حدثنا الأعمش عن سالم بن أبي الجعد يرفعه إلى أبي ذر (رضي الله عنه) وذكر حديث مناشدة أمير المؤمنين (عليه السلام) لأهل الشورى فيما ذكر لهم من فضائله وسوابقه في الإسلام والنص عليه من رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال (عليه السلام) فيما ذكر لهم: " فهل تعلمون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض وإنكم لن تضلوا ما إن اتبعتموهما واستمسكتم بهما؟ " قالوا: نعم(2).

السابع عشر: الشيخ سعد بن عبد الله القمي في بصائر الدرجات قال: حدثنا القاسم بن محمد الإصبهاني عن سليمان بن داود المنقري المعروف بالشاذكوني عن يحيى بن آدم عن شريك بن عبد الله عن جابر بن يزيد الجعفي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " دعاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) الناس بمنى فقال:

أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، ثم قال: أيها الناس إني تارك فيكم حرمات ثلاث: كتاب الله عز وجل، وعترتي، والكعبة البيت الحرام، ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): أما كتاب الله فحرفوا، وأما الكعبة فهدموا، وأما العترة فقتلوا وكل ودائع الله قد نبذوا ومنها قد تبرؤا "(3).

الثامن عشر: سعد بن عبد الله في البصائر أيضا عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن جعفر ابن بشير البجلي عن ذريح بن محمد بن يزيد [ المحاربي ] عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " قال رسول

____________

(1) أمالي الطوسي: 121 / مجلس 5 / ح 1.

(2) أمالي الطوسي: 548 / مجلس 20 / ح 4.

(3) مختصر البصائر: 90.


الصفحة 339
الله (صلى الله عليه وآله): إني تركت فيكم الثقلين كتاب الله عز وجل وعترتي أهل بيتي فنحن أهل بيته "(1).

التاسع عشر: سعد بن عبد الله في البصائر عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن النضر بن سويد عن خالد بن زياد القلانسي عن رجل عن أبي جعفر (عليه السلام) عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " يا أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين الثقل الأكبر والثقل الأصغر إن تمسكتم بهما لن تضلوا [ ولن تزلوا ] ولن تبدلوا فإني سألت الله اللطيف الخبير ألا يفترقان حتى يردا علي الحوض فأعطيت ذلك فقيل: فما الثقل الأكبر وما الثقل الأصغر؟ فقال: الثقل الأكبر كتاب الله عز وجل سبب طرفه بيد الله عز وجل وطرف بأيديكم والثقل الأصغر عترتي أهل بيتي "(2).

العشرون: سعد بن عبد الله في بصائره عن إبراهيم بن هاشم عن يحيى بن أبي عمران عن يونس ابن عبد الرحمن عن هشام بن الحكم عن سعد بن طريف الإسكاف قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول النبي (صلى الله عليه وآله): " إني تارك فيكم الثقلين فتمسكوا بهما فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، قال: فقال أبو جعفر (عليه السلام): لا يزال كتاب الله والدليل منا عليه حتى يردا(3) علي الحوض "(4).

الحادي العشرون: سعد بن عبد الله في بصائره عن أحمد وعبد الله ابنا محمد بن عيسى ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب ويعقوب بن يزيد ومحمد بن عيسى بن عبيد عن الحسن بن محبوب عن إسحاق بن غالب عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال في خطبة طويلة له: " مضى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخلف في أمته كتاب الله ووصيه علي بن أبي طالب أمير المؤمنين وإمام المتقين وحبل الله المتين والعروة الوثقى التي لا انفصام لها، وعهده المؤكد صاحبان مؤتلفان يشهد كل واحد منهما لصاحبه بالتصديق، ينطق الإمام عن الله عز وجل في الكتاب بما أوجب الله فيه على العباد من طاعة الله وطاعة الإمام وولايته، وأوجب حقه الذي أراد الله من استكمال دينه وإظهار أمره والاحتجاج بحجته والاستيضاء بنوره في معادن أهل صفوته ومصطفى أهل حربه، فأوضح الله بأئمة الهدى من أهل بيت نبينا (صلى الله عليه وآله) عن دينه وأبلج بهم عن منهاج سبيله ووضح(5) بهم عن باطن ينابيع علمه، فمن عرف من أمة محمد (صلى الله عليه وآله) واجب حق إمامه وجد طعم حلاوة إيمانه وعلم فضل حلاوة(6) إسلامه، لأن الله عز وجل ورسوله نصب الإمام علما لخلقه وحجة على أهل عالمه، ألبسه تاج الوقار وغشاه من نور الجبار يمد بسبب إلى السماء لا ينقطع عنه مواده ولا ينال ما عند

____________

(1) المصدر السابق.

(2) المصدر السابق: 91.

(3) في المصدر: نرد.

(4) مختصر البصائر: 91.

(5) في المصدر: وفتح.

(6) في المختصر: ظراوة.


الصفحة 340
الله إلا بجهة أسبابه، ولا يقبل الله عمل العباد إلا بمعرفته، فهو عالم بما يرد عليه من ملبسات(1) الوحي ومعميات السنن(2) ومشتبهات الفتن، ولم يكن الله ليضلهم بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون وتكون الحجة من الله على العباد بالغة " ورواه محمد بن الحسن الصفار في بصائر الدرجات عن محمد بن عيسى ويعقوب بن يزيد وغيرهما عن ابن محبوب عن إسحاق بن غالب عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " مضى رسول الله (صلى الله عليه وآله)... " وذكر الحديث(3).

الثاني والعشرون: محمد بن إبراهيم النعماني في الغيبة قال: أخبرنا عبد الواحد بن عبد الله بن يونس الموصلي قال: أخبرنا محمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن جده عن محمد بن أبي عمير عن حماد بن عيسى عن حريز بن عبد الله عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي (عليه السلام) قال: " خطب رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مسجد خيف وهي خطبة مشهورة في حجة الوداع قال (صلى الله عليه وآله) فيها: إني فرطكم وإنكم واردون علي الحوض، حوضا عرضه ما بين بصرى إلى صنعاء فيه قدحان عدد نجوم السماء ألا وإني مخلف فيكم الثقلين الثقل الأكبر والثقل الأصغر الثقل الأكبر القرآن والثقل الأصغر عترتي أهل بيتي، هما حبل ممدود بينكم وبين الله جل وعز ما إن تمسكتم به لن تضلوا سبب منه بيد الله وسبب بأيديكم - وفي رواية أخرى - طرف بيد الله وطرف بأيدكم - إن اللطيف الخبير قد نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض كإصبعي هاتين، وجمع بين سبابتيه لا أقول كهاتين وجمع بين سبابته والوسطى - فتفضل هذه على هذه "(4).

الثالث والعشرون: محمد بن إبراهيم في الغيبة أيضا قال: أخبرنا عبد الواحد بن عبد الله عن محمد بن علي عن أبيه يرفعه إلى الحسن بن محبوب والحسن بن علي بن فضال عن علي بن عقبة عن أبي عبد الله (عليه السلام) وذكر الكلام السابق(5).

الرابع والعشرون: محمد بن إبراهيم هذا قال: أخبرنا عبد الواحد عن محمد بن علي عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) بمثله(6).

____________

(1) في المصدر: ملتبسات، وفي المختصر: متلبسات.

(2) في البصائر: مصيبات السنن.

(3) مختصر البصائر: 90، والبصائر: 433 باب قول الرسول: إني تارك، وأصول الكافي: 1 / 203 ح 2 بتفاوت واختصار.

(4) الغيبة: 42.

(5) المصدر السابق.

(6) غيبة النعماني: 43.


الصفحة 341
الخامس والعشرون: أبو النصر محمد بن مسعود العياشي في تفسيره بإسناده عن أبي جميلة المفضل بن صالح عن بعض أصحابه قال: خطب رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم الجمعة بعد صلاة الظهر، انصرف على الناس فقال: " أيها الناس إني قد نبأني اللطيف الخبير أنه لن يعمر من نبي إلا نصف عمر الذي يليه ممن قبله، وإني لأظنني أوشك أن أدعى فأجيب وإني مسؤول وأنتم مسؤولون فهل بلغتكم فما [ إذا ] أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد بأنك قد بلغت ونصحت وجاهدت فجزاك الله عنا خيرا، قال: اللهم اشهد.

ثم قال: يا أيها الناس ألم تشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وأن الجنة حق وأن النار حق وأن البعث حق من بعد الموت؟ قالوا: اللهم نعم، قال: اللهم اشهد، ثم قال: يا أيها الناس إن الله مولاي وأنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم ألا ومن كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، ثم قال: يا أيها الناس إني فرطكم وأنتم واردون علي الحوض وحوضي أعرض ما بين بصرى وصنعاء فيه عدد النجوم قدحان من فضة، ألا وإني سائلكم حين تردون علي عن الثقلين فانظروا كيف تخلفوني فيهما حتى تلقوني، قالوا: وما الثقلان يا رسول الله؟ قال: الثقل الأكبر كتاب الله سبب طرفه بيد الله وطرف في أيديكم فاستمسكوا به لا تضلوا ولا تذلوا والثقل الأصغر عترتي أهل بيتي فإنه قد نبأني اللطيف الخبير أن لا يفترقا(1) حتى يلقياني، وسألت الله لهما ذلك فأعطانيه، فلا تسبقوهم فتضلوا ولا تقصروا عنهم فتهلكوا ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم "(2).

السادس والعشرون: العياشي أيضا في تفسيره بإسناده عن مسعدة بن صدقة قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): " إن الله جعل ولايتنا أهل البيت قطب القرآن وقطب جميع الكتب، عليها يستدير محكم القرآن وبها نوهت الكتب ويستبين الإيمان، وقد أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يقتدى بالقرآن وآل محمد وذلك حيث قال في آخر خطبة خطبها: إني تارك فيكم الثقلين الثقل الأكبر والثقل الأصغر أما الأكبر فكتاب ربي وأما الأصغر فعترتي أهل بيتي فاحفظوني فيهما فلن تضلوا ما تمسكتم بهما "(3).

السابع والعشرون: سليم بن قيس الهلالي في كتابه ومنه نسخت عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في آخر خطبة خطبها ثم قبض من يومه: " إني تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما

____________

(1) في المصدر: يتفرقا.

(2) تفسير العياشي: 1 / 4 ح 3.

(3) تفسير العياشي: 1 / 5 ح 9.


الصفحة 342
تمسكتم بهما: كتاب الله وأهل بيتي، فإن اللطيف الخبير عهد إلي أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض كهاتين وأشار بإصبعيه المسبحتين - ولا أقول كهاتين إحداهما أطول من الأخرى(1) - وأشار بالمسبحة والوسطى -، فتمسكوا بهما لا تضلوا ولا تقدموهم فتهلكوا، ولا تخلفوا عنهم فتمرقوا(2) ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم، قال: قلت: يا أمير المؤمنين سمهم(3) لي؟ قال: الذي نصبه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بغدير خم فأخبرهم أنه أولى بهم من أنفسهم، ثم أمرهم أن يعلم الشاهد الغائب منهم.

فقلت: أنت هو يا أمير المؤمنين؟ قال: أنا أولهم وأفضلهم، ثم ابني الحسن من بعدي أولى بهم من أنفسهم، ثم ابني الحسين من عبده أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم أوصياء رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى يردوا عليه حوضه واحدا بعد واحد "(4).

الثامن والعشرون: سليم بن قيس الهلالي في كتابه عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: " كنت أدخل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) كل يوم دخلة وفي كل ليلة دخلة فيخليني فيها أدور معه حيث دار، وقد علم أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه لم يكن يصنع ذلك بأحد من الناس غيري [ وربما كان ذلك في منزلي يأتيني رسول الله (صلى الله عليه وآله) فإذا دخلت عليه في بعض منازله خلا بي وأقام نساءه فلم يبق غيري ] وغيره، وإذا أتاني للخلوة في منزلي لم تقم عنا فاطمة ولا أحد من ابني، [ كنت ] إذا سألته أجابني وإذا سكت أو نفذت مسائلي ابتدأني، فما نزلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) آية من القرآن إلا أقرأنيها وأملاها علي وكتبتها بخطي، ودعا الله أن يفهمني ويحفظني فما نسيت من كتاب الله آية منذ حفظتها وعلمت(5) تأويلها، [ مذ حفظته وأملاه علي فكتبته، وما ترك شيئا علمه الله ] ولا نزل عليه شئ من حلال ولا حرام ولا أمر ولا نهي ولا طاعة ولا معصية كان أو يكون [ إلى يوم القيامة ] إلا وقد وعلمنيه وحفظته ثم لم أنس منه حرفا واحدا، ثم وضع (صلى الله عليه وآله) يده على صدري ودعا الله أن يملأ قلبي علما وفهما وحكما ونورا، وأن يعلمني فلا أجهل، وأن يحفظني فلا أنسى.

فقلت له ذات يوم: يا نبي الله إنك منذ دعوت الله لي لم أنس شيئا مما علمتني، فلم تمليه علي وتأمرني بكتابته أفتجوز(6) علي النسيان؟

فقال: يا أخي لست أتخوف عليك النسيان ولا الجهل، فقد أخبرني الله عز وجل أنه استجاب

____________

(1) في المصدر: لأن إحداهما قدام الأخرى.

(2) في المصدر: فتفرقوا.

(3) في المصدر: سمه.

(4) كتاب سليم بن قيس: 178 ط. قم المحققة.

(5) في المصدر: وعلمني.

(6) في المصدر: أتتخوف وهو الأنسب.