يا رسول الله سمهم لي؟ فقال: ابني هذا، ووضع يده على رأس الحسن ثم ابني هذا ووضع يده على رأس الحسين (عليه السلام) ثم ابن له يسمى عليا ثم ابنا له يسمى محمدا [ باقر علمي وخازن وحي الله ] فاقرأه عني السلام [ ثم أقبل على الحسين (عليه السلام) فقال: سيولد لك (محمد بن علي) في حياتك فاقرأه مني السلام ] ثم تكملة الاثني عشر من ولده، فقلت: يا نبي الله سمهم لي بأسمائهم، فسماهم رجلا رجلا منهم - والله يا أخا بني هلال - مهدي أمة محمد الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، والله إني لأعرف جميع من يبايعه بين الركن والمقام وأعرف أسماء الجميع وقبائلهم. قال سليم: ثم لقيت الحسن والحسين (عليهما السلام) بالمدينة بعد ما قتل علي صلوات الله عليه فحدثتهما بالحديث هذا من أبيهما فقالا: " صدقت، وقد حدثك أبونا هذا الحديث ونحن جلوس وقد حفظنا ذلك عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما حدثك علي سواء لم تزد ولم تنقص منه شيئا ".
قال سليم: ثم لقيت علي بن الحسين (عليه السلام) وعنده ابنه محمد بن علي (عليه السلام). فحدثته مما سمعته من أبيه وعمه (عليهما السلام) وما سمعته من علي (عليه السلام)، فقال علي بن الحسين (عليه السلام): " قد أقرأني أمير المؤمنين عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو مريض وأنا صبي " ثم قال محمد: " فأقرأني جدي الحسين (عليه السلام) بعهد من رسول الله (صلى الله عليه وآله) [ وهو مريض ] " قال أبان راوي كتاب سليم: فحدثت علي بن الحسين بهذا الحديث كله عن سليم فقال: " صدق سليم "(3).
التاسع والعشرون: سليم بن قيس في حديث طويل لأمير المؤمنين (عليه السلام) يذكر فيه فضائله وسوابقه في خلافة عثمان بين المهاجرين والأنصار وقال (عليه السلام): " أفتقرون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال في آخر خطبة خطبها: أيها الناس إني تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وأهل
____________
(1) هنا زيادة في المصدر: فإن خفتم التنازع في شئ فارجعوه إلى الله وإلى الرسول وإلى أولي الأمر منكم.
(2) في المصدر: هاد مهتد.
(3) كتاب سليم: 184 - 185.
الثلاثون: سليم بن قيس عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث طويل له يخاطب طلحة قال (عليه السلام): " قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير النبوة [ أفلستم تعلمون أن الخلافة غير النبوة ] فلو كان مع النبوة غيرها لاستثناها رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وقوله (صلى الله عليه وآله): إني تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وعترتي لا تقدموهم ولا تتخلفوا عنهم ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم "(2).
الحادي والثلاثون: سليم ابن قيس قال: قال علي (عليه السلام): " إن الذي قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم غدير خم [ ويوم عرفة ] في حجة الوداع ويوم قبض في آخر خطبة خطبها رسول الله حين قال: [ إني قد ] تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وأهل بيتي، وإن اللطيف الخبير عهد إلي أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض كهاتين الأصبعين - وأشار بمسبحته والوسطى -، فإن أحدهما قدام من الآخر، فتمسكوا بهما لن تضلوا ولا تزلوا، ولا تقدموهم ولا تتخلفوا عنهم ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم "(3).
الثاني والثلاثون: الشيخ الثقة محمد بن العباس بن ماهيار في تفسيره قال: حدثنا الحسين بن أحمد عن محمد بن عيسى عن يونس عن هارون بن خارجة عن يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " الثقلان: نحن والقرآن " محمد بن العباس أيضا عن محمد بن همام عن عبد الله بن جعفر الحميري عن السندي بن محمد عن أبان بن عثمان عن زرارة قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: * (سنفرغ لكم أيها الثقلان) *(4) قال: " كتاب الله ونحن "(5).
الثالث والثلاثون: محمد بن العباس عن عبد الله بن محمد بن ناجية عن مجاهد بن موسى عن ابن مالك عن حجام بن عطية عن أبي سعيد الخدري قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): " إني تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ". وإنما سماهما الثقلين لعظم خطرهما وجلالة قدرهما(6).
الرابع والثلاثون: الشيخ أحمد بن علي بن أبي منصور الطبرسي في كتاب الاحتجاج قال:
حدثنا محمد بن موسى الهمداني قال: حدثنا محمد بن خالد الطيالسي قال: حدثني سيف بن
____________
(1) كتاب سليم: 197.
(2) كتاب سليم: 204.
(3) كتاب سليم: 208.
(4) الرحمن: 31.
(5) تأويل الآيات: 2 / 637 ح 17 - 18.
(6) تأويل الآيات: 2 / 638 ح 19.
وروى ذلك أيضا ابن الفارسي في روضة الواعظين عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) وذكر الخطبة بطولها وقد تقدمت(3).
الخامس والثلاثون: الطبرسي في الاحتجاج عن أبي المفضل محمد بن عبد الله الشيباني بإسناده الصحيح عن رجال ثقة عن ثقة أن النبي (صلى الله عليه وآله) خرج في مرضه الذي توفي فيه إلى الصلاة متكئا على الفضل بن العباس وغلام له يقال له ثوبان، وهي الصلاة التي أراد التخلف عنها لثقله، ثم حمل على نفسه (صلى الله عليه وآله) وخرج، فلما صلى عاد إلى منزله فقال لغلامه: " اجلس على الباب ولا تحجب أحدا من الأنصار، وتجلاه الغشي وجاءت الأنصار فأحدقوا بالباب فقالوا: ائذن لنا على رسول الله، فقال: هو مغشي عليه وعنده نساؤه، فجعلوا يبكون، فسمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) البكاء فقال:
من هؤلاء؟ قالوا: الأنصار، فقال (صلى الله عليه وآله): من ههنا من أهل بيتي؟ قالوا: علي والعباس، فدعاهما وخرج متوكئا عليهما فاستند إلى جذع من أساطين مسجده وكان الجذع جريد نخل فاجتمع الناس وخطب وقال في كلامه: " إنه لم يمت نبي قط إلا خلف تركة وقد خلفت فيكم الثقلين كتاب الله وأهل بيتي [ ألا ] فمن ضيعهم ضيعه الله، ألا وإن الأنصار كرشي التي آوي إليها وإني أوصيكم بتقوى الله والإحسان إليهم فأقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم "(4).
السادس والثلاثون: سليم بن قيس الهلالي قال: بينا أنا وحبيش بن المعتمر بمكة إذ قام أبو ذر فأخذ بحلقة الباب ثم نادى بأعلى صوته في الموسم: أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن جهلني فأنا جندب [ بن جنادة ] أنا أبو ذر، أيها الناس إني سمعت نبيكم يقول: " إن مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح في قومه من ركبها نجا ومن تركها غرق ومثل باب حطة في بني إسرائيل ".
أيها الناس إني سمعت نبيكم يقول: إني قد تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما:
____________
(1) في المصدر: وأنا.
(2) الاحتجاج: 1 / 76 - 67.
(3) روضة الواعظين: 94.
(4) الاحتجاج: 1 / 90 والحديث طويل هذا أوله.
السابع والثلاثون: أبو علي في تفسيره قال: روى أبو سعيد الخدري عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: " أيها الناس إني قد تركت فيكم حبلين إن أخذتم بهما لن تضلوا من بعدي أحدهما أكبر من الآخر:
كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ألا وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض "(2).
الثامن والثلاثون: علي بن إبراهيم في تفسيره قال: حدثني أبي عن صفوان بن يحيى عن أبي الجارود عن عمران بن هيثم عن مالك بن ضمرة عن أبي ذر (قدس سره) قال: لما نزلت هذه الآية يوم * (يوم تبيض وجوه وتسود وجوه) *(3) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " ترد علي أمتي يوم القيامة على خمس رايات فراية مع عجل هذه الأمة فأسألهم ما فعلتم بالثقلين من بعدي؟ فيقولون: أما الأكبر فحرفناه ونبذناه وراء ظهورنا وأما الأصغر فعاديناه وأبغضناه وظلمناه، فأقول: ردوا إلى النار ظماء مظمئين مسودة وجوهكم، ثم ترد علي راية مع فرعون هذه الأمة فأقول لهم: ما فعلتم بالثقلين من بعدي؟ فيقولون: أما الأكبر فحرفناه ومزقناه وخالفناه وأما الأصغر فعاديناه وقاتلناه، فأقول: ردوا إلى النار ظماء مظمئين مسودة وجوهكم، ثم ترد علي راية هي مع سامري هذه الأمة فأقول لهم:
ما فعلتم بالثقلين من بعدي؟
فيقولون: أما الأكبر فعصيناه وتركناه وأما الأصغر فخذلناه وضيعناه، فأقول: ردوا إلى النار ظماء مظمئين مسودة وجوهكم، ثم ترد علي راية ذي الثدية مع أول الخوارج وآخرهم وأسألهم ما فعلتم بالثقلين من بعدي؟ فيقولون: أما الأكبر فمزقناه وبرئنا منه وأما الأصغر فقاتلناه وقتلناه فأقول: ردوا إلى النار ظماء مظمئين مسودة وجوهكم، ثم ترد علي راية مع إمام المتقين وسيد المسلمين وقائد الغر المحجلين ووصي رسول رب العالمين فأقول لهم: ما فعلتم بالثقلين من بعدي؟ فيقولون: أما الأكبر فاتبعناه وأطعناه وأما الأصغر فأجبناه(4) وواليناه ووازرناه ونصرناه حتى أهريقت فيهم دماؤنا، فأقول: ردوا إلى الجنة رواء مرويين مبيضة وجوهكم، ثم تلا رسول الله (صلى الله عليه وآله) * (يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون) *(5) ".
____________
(1) كتاب سليم: 457.
(2) تفسير مجمع البيان: 2 / 356.
(3) آل عمران: 106.
(4) في المصدر: فأحببناه.
(5) آل عمران: 106 - 107.
فقال علي (عليه السلام): " لقد علمتم ما هذا زمان حديثي " قالوا: صدقت قال: حدثنا يا حذيفة قال: لقد علمتم أني سئلت المعضلات وخبرتهن لم أسأل عن غيرها قالوا: صدقت قالوا حدثنا يا بن مسعود قال: لقد علمتم أني قد قرأت القرآن لم أسأل عن غيره، ولكن أنتم أصاحب الحديث قالوا: صدقت قال: حدثنا يا مقداد قال: لقد علمتم أني إنما كنت صاحب الفتيا لا أسأل عن غيرها، ولكن أنتم أصحاب الحديث فقالوا: صدقت فقالوا: حدثنا يا عمار فقال: لقد علمتم أني رجل نسي لا أذكر فأذكر، فقال أبو ذر (قدس سره): فأنا أحدثكم بحديث قد سمعتموه ومن سمعه منكم قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " ألستم تشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور وأن البعث حق والنار حق وأن الجنة حق قالوا؟ نشهد قال: فأنا معكم من الشاهدين.
ثم قال: ألستم تشهدون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: شر الأولين والآخرين اثنا عشر ستة من الأولين وستة من الآخرين، ثم سمى الستة من الأولين، ابن آدم الذي قتل أخاه، وفرعون وهامان وقارون والسامري والدجال اسمه في الأولين ويخرج في الآخرين، وأما الستة من الآخرين: فالعجل وهو نعثل، وفرعون وهو معاوية، وهامان هذه الأمة وهو زياد، وقارونها وهو سعيد، والسامري وهو أبو موسى الأشعري عبد الله بن قيس لأنه قال كما قال سامري قوم موسى: لا مساس - أي لا قتال - والأبتر وهو عمرو بن العاص أفتشهدون على ذلك؟ قالوا: نعم قال: وأنا على ذلك من الشاهدين، ثم قال: ألستم تشهدون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: إن أمتي ترد علي الحوض على خمس رايات، أولها راية العجل وأقوم فآخذ بيده فإذا أخذت بيده أسود وجهه ورجفت قدماه وخفقت أحشاؤه ومن فعل فعله يتبعه فأقول بماذا خلفتموني في الثقلين من بعدي؟ فيقولون: كذبنا الأكبر ومزقناه واضطهدنا الأصغر وأخذنا حقه فأقول: اسلكوا ذات الشمال فيصرفون ظماء مظمئين قد اسودت وجوههم لا يطعمون منه قطرة.
ثم ترد علي المخدج برايته فآخذ بيده فإذا أخذت بيده أسود وجهه ورجفت قدماه وخفقت أحشاءه ومن فعل فعله يتبعهم، فأقول. بم خلفتموني في الثقلين بعدي؟ فيقولون: كذبنا الأكبر وعصيناه، وقاتلنا الأصغر وقتلناه فأقول: أسلكوا سبيل أصحابكم، فينصرفون ضماء مظمئين
ثم ترد علي راية فرعون أمتي وهم أكثر الناس وهم المبهرجون، فقيل: يا رسول الله وما المبهرجون؟ قال: بهرجوا الطريق قال: لا ولكن بهرجوا دينهم وهم الذين يغضبون للدنيا ولها يرضون فأقوم فآخذ بيد صاحبهم فإذا أخذت بيده اسود وجهه ورجفت قدماه وخفقت أحشاؤه ومن فعل فعله يتبعه فأقول: بماذا خلفتموني في الثقلين من بعدي؟ فيقولون: كذبنا الأكبر ومزقناه وقاتلنا الأصغر فقتلناه فأقول: اسلكوا سبيل أصحابكم فينصرفون ظماء مظمئين مسودة وجوههم لا يطعمون منه قطرة.
ثم ترد علي راية هامان أمتي وهو زياد فأقوم وآخذ بيده فإذا أخذت بيده اسود وجهه ورجفت قدماه وخفقت أحشاؤه ومن فعل فعله يتبعه فأقول: بماذا خلفتموني في الثقلين بعدي؟ فيقولون:
كذبنا الأكبر ومزقناه وخذلنا الأصغر وعصيناه وأقول: اسلكوا سبيل أصحابكم فينصرفون ظماء مظمئين مسودة وجوههم لا يطعمون منه قطرة واحدة.
ثم ترد علي راية عبد الله بن قيس وهو إمام خمسين ألف من أمتي فأقوم فآخذ بيده فإذا أخذت بيده اسود وجهه ورجفت قدماه وخفقت أحشاؤه ومن فعل فعله يتبعه فأقول: بماذا خلفتموني في الثقلين من بعدي؟ فيقولون: كذبنا الأكبر وعصيناه وخذلنا الأصغر وعاديناه وأقول: اسلكوا سبيل أصحابكم فينصرفون ظماء مظمئين مسودة وجوههم لا يطعمون منه قطرة.
ثم ترد علي راية أمير المؤمنين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين فأقوم وآخذ بيده فإذا أخذت بيده أبيض وجهه ووجوه أصحابه فأقول: بماذا خلفتموني في الثقلين من بعدي؟ قال:
فيقولون: اتبعنا الأكبر وصدقناه ووازرنا الأصغر ونصرناه وقاتلنا معه فأقول: ردوا رواء مرويين فيشربون شربة لا يظمأون بعدها أبدا، وجه إمامهم كالشمس الطالعة ووجوه أصحابه كالقمر ليلة البدر وكضوء نجم في السماء، ثم قال (عليهم السلام) ألستم تشهدون على ذلك؟
قالوا: نعم قال: وأنا على ذلك من الشاهدين " قال يحيى: وقال عباد: اشهدوا بهذا عند الله عز وجل أن أبا عبد الرحمن حدثنا هذا وقال أبو عبد الرحمن: اشهدوا علي بهذا عند الله عز وجل أن الحارث بن حصيرة حدثني بهذا وقال الحارث أشهدوا علي بهذا عند الله عز وجل أن صخر بن الحكم حدثني بهذا وقال صخر بن الحكم: اشهدوا علي بهذا عند الله عز وجل أن حيان حدثني وقال حيان: اشهدوا علي بهذا عند الله عز وجل أن الربيع بن جميل حدثني بهذا وقال الربيع:
اشهدوا علي بهذا عند الله عز وجل أن مالك ابن ضمرة حدثني بهذا وقال مالك بن ضمرة: اشهدوا
الأربعون: صاحب الطرائف في الطرائف الثلاث والثلاثين(2) وهو السيد بن طاووس عن أبي الحسن موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد (عليهما السلام) قال: " لما حضرت رسول الله الوفاة دعا الأنصار قال: يا معاشر الأنصار قد حان الفراق وقد دعيت وأنا مجيب الداعي فقد جاورتم فأحسنتم الجوار ونصرتم فأحسنتم النصرة وواسيتم في الأموال ووسعتم في المسكن(3) وبذلتم مهج النفوس والله مجزيكم بما فعلتم الجزاء الأوفى، وقد بقيت واحدة هي تمام الأمر وخاتمة العمل، العمل معها مقرون به جميعا إني أرى أن لا أفرق بينهما جميعا لو قيس بينهما بشعرة ما انقاست، من آتى بواحدة وترك الأخرى كان جاحدا للأولى ولا يقبل الله منه عملا من الأعمال صرفا ولا عدلا. قالوا: يا رسول الله أين لنا نعرفها(4) ولا: نمسك عنها فنضل ونرتد عن الإسلام، والنعمة من الله ومن رسوله علينا فقد أنقذنا الله بك من الهلكة يا رسول الله فقد بلغت ونصحت وأديت وكنت بنا رؤوفا رحيما شفيقا مشفقا فما هم يا رسول الله؟
قال لهم: كتاب الله وأهل بيتي فإن الكتاب هو القرآن وفيه الحجة والنور والبرهان، كلام الله جديد غض طري وشاهد وحاكم عادل [ ولنا ] قائد بحلاله وحرامه وأحكامه يقوم غدا فيحاج به أقواما فتزل أقدامهم عن الصراط، فاحفظوني معاشر الأنصار في أهل بيتي فإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ألا وإن الإسلام سقف تحته دعامة ولا يقوم السقف إلا بها، فلو أن أحدكم أتى بذلك السقف ممدودا لا دعامة تحته أوشك أن يخر عليه سقفه فيهوي في النار، أيها الناس الدعامة دعامة الإسلام وذلك قوله تعالى: * (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه) *(5) فالعمل الصالح طاعة الإمام ولي الأمر والتمسك بحبل الله ألا فهمتم؟ الله الله في أهل بيتي مصابيح الظلام ومعادن العلم وينابيع الحكم ومستقر الملائكة، منهم وصيي وأميني ووارثي وهو مني بمنزلة هارون من موسى ألا قد بلغت والله يا معاشر الأنصار لتعرفن الله ورسوله بما عهد إليكم أو لتضربن بعدي بالذل، يا معاشر الأنصار ألا اسمعوا [ ومن حضر ] ألا إن
____________
(1) الخصال: 457 / ح 2.
(2) الحديث ليس في الطرائف نعم هو في البحار ينقله عن كتاب الطرف لابن طاووس وكذلك في مجمع النورين للمرندي ينقله عن كتاب الطرف لابن طاووس، والذي صرح به أنه جعله متمما لكتاب الطرائف.
(3) في البحار: المسلمين وبالهامش عن المصدر: السكنى.
(4) في البحار: بمعرفتها.
(5) فاطر: 10.
فبكى أبو الحسن صلوات الله عليه طويلا وقطع عنه بقية الحديث وأكثر البكاء قال: " هتك والله حجاب الله، هتك والله حجاب الله هتك والله حجاب الله يا محمد(1) صلوات الله عليه "(2).
الحادي والأربعون: ابن طاووس (قدس سره) في الطرائف(3) الثلاث والثلاثين يرفعه إلى عيسى قال:
سألته يعني أبا الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام) قال: قلت: ما تقول فإن الناس قد أكثروا أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمر أبا بكر أن يصلي بالناس ثم عمر فأطرق عني مليا ثم قال: " ليس كما ذكروا ولكنك يا عيسى كثير البحث في الأمور وليس ترضى عنها إلا بكشفها، فقلت: بأبي أنت وأمي إنما أسألك منها عما أنتفع به في ديني [ وأتفقه ] مخافة أن أضل وأنا لا أدري ولكن متى أجد مثلك يكشفها لي؟ فقال: إن النبي (صلى الله عليه وآله) لما ثقل في مرضه دعا عليا فوضع رأسه في حجره وأغمى عليه وحضرت الصلاة فأذن بها فخرجت عائشة فقالت: يا عمر اخرج فصل بالناس فقال لها عمر: أبوك أولى بها، فقالت:
صدقت ولكنه رجل لين وأكره أن يواثبه القوم فصل أنت، فقال لها عمر: بل يصلي هو وأنا أكفيه إن وثب واثب، وتحرك متحرك ومع أن محمدا مغمى عليه لا أراه يفيق منها والرجل مشغول به لا يقدر أن يفارقه - يريد عليا - فبادر الصلاة قبل أن يفيق فإنه إن أفاق خفت أن يأمر عليا بالصلاة وقد سمعت مناجاته منذ الليلة وفي آخر كلامه يقول: الصلاة الصلاة قال: ثم خرج أبو بكر ليصلي بالناس فأنكر القوم ذلك ثم ظنوا أنه بأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلم يكبر حتى أفاق (صلى الله عليه وآله) قال: ادعو إلي العباس فحملاه هو وعلي فأخرجاه حتى صلى بالناس وإنه لقاعد ثم حمل فوضع على منبره فلم يجلس بعد ذلك على المنبر واجتمع إليه جميع أهل المدينة من المهاجرين والأنصار حتى برزن(4) العواتق من خدورهن فبين باك وصايح وصارخ ومسترجع والنبي يخطب ساعة ويسكت ساعة وكان مما ذكر في خطبته أن قال: يا معاشر المهاجرين والأنصار ومن حضرني في يومي هذا وساعته هذه [ من الجن والإنس ] فليبلغ شاهدكم غائبكم، ألا قد خلفت فيكم كتاب الله فيه النور والهدى والبيان ما فرط الله فيه من شئ حجة الله لي عليكم وخلفت فيكم العلم الأكبر علم الدين ونور الهدى وصيي علي بن أبي طالب ألا هو حبل الله فاعتصموا به ولا تفرقوا عنه
____________
(1) في البحار: يا أمه، وفي الهامش عن المصدر: يا أمه يا أمه.
(2) بحار الأنوار: 22 / 477 ح 27 عن كتاب الوصية للشيخ عيسى بن المستفاد الضرير، ولم نجده في الطرائف المطبوع ومجمع النورين للمرندي: 348 عن ابن طاوس الطرف: 18 - 21 - 27.
(3) قلنا سابقا أنه عن كتاب الطرف لا الطرائف.
(4) في المصدر: برزت.
يا أيها الناس هذا علي بن أبي طالب كنز الله اليوم وما بعد اليوم من أحبه وتولاه اليوم وما بعد اليوم فقد أوفى بما عاهد عليه الله وأدى ما أوجب عليه، ومن عاداه اليوم وما بعد اليوم جاء يوم القيامة أعمى أصم لا حجة له عند الله.
أيها الناس لا تأتوني غدا بالدنيا تزفونها زفا ويأتي أهل بيتي شعثا غبرا مقهورين مظلومين تسيل دماؤهم أمامكم وبيعات الضلالة والشورى للجهالة ألا وإن هذا الأمر له أصحاب وآيات وقد سماهم الله في كتابه وعرفتكم وأبلغتكم ما أرسلت به ولكني أراكم قوما تجهلون لا ترجعن بعدي كفارا مرتدين متأولين للكتاب على غير معرفة وتبتدعون السنة بالهوى، لأن كل سنة وحدث وكلام خالف القرآن فهو رد وباطل، القرآن إمام هدى له قائد يهدي إليه ويدعو إليه بالحكمة والموعظة الحسنة ولي الأمر بعد وليه(2) ووارث علمي وحكمي وسري وعلانيتي وما ورثه النبيون من قبلي، وأنا وارث ومورث فلا تكذبكم(3) أنفسكم.
أيها الناس الله الله في أهل بيتي فإنهم أركان الدين ومصابيح الظلم ومعدن العلم، علي أخي ووارثي ووزيري وأميني والقائم [ بأمري ] بعدي والوافي بعهدي على سنتي ويقتل على سنتي، وأول الناس إيمانا وآخرهم عهدا بي عند الموت وأوسطهم لي لقاء يوم القيامة، وليبلغ شاهدكم غائبكم ألا ومن أم قوما عميا(4) وفي الأمة من هو أعلم منه فقد كفر، أيها الناس من كانت له قبلي تبعات فها أنا ذا ومن كانت له عندي عداة فليأت فيها علي بن أبي طالب فإنه ضامن لذلك كله حتى لا يبقى لأحد علي تبعة "(5).
الثاني والأربعون: محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس وعلي ابن محمد عن سهل بن زياد أبي سعيد عن محمد بن عيسى عن يونس عن ابن مسكان عن أبي بصير: قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: * (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) *(6) فقال: " نزلت في علي بن أبي طالب (عليه السلام) والحسن والحسين (عليهما السلام)، فقلت له: إن الناس يقولون: فما له لم يسم علي وأهل بيته في كتاب الله عز وجل؟ قال: فقال: قولوا لهم: إن رسول
____________
(1) آل عمران: 103.
(2) في المصدر: ولي الأمر بعدي.
(3) في مجمع النورين والبحار والمصدر: فلا يكذبنكم.
(4) في المصادر: إمامة عمياء.
(5) البحار: 22 / 487 ح 31، وخصائص الأئمة للرضي: 73، ومجمع النورين: 67.
(6) النساء: 59.
____________
(1) الأحزاب: 33.
(2) في المصدر: توفي.
(3) الأنفال: 75.
الثالث والأربعون: محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن [ محمد بن سنان ] عن محمد بن خالد والحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن يحيى بن عمران الحلبي عن أيوب بن الحر وعمران بن علي الحلبي عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) مثل ذلك(2).
الرابع والأربعون: محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن سنان عن أبي الجارود قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنا وافد على العزيز الجبار يوم القيامة وكتابه وأهل بيتي ثم أمتي، ثم أسألهم ما فعلتم بكتاب الله وبأهل بيتي؟ "(3).
الخامس والأربعون: محمد بن الحسن الصفار في بصائر الدرجات عن إبراهيم بن هاشم عن ابن فضال عن أبي(4) جميلة عن أبي شعيب الحداد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنا أول قادم على الله ثم يقدم علي كتاب الله ثم يقدم علي أهل بيتي ثم تقدم علي أمتي فيقفون فيسألهم ما فعلتم في كتابي وأهل بيت نبيكم؟ "(5).
وروى: سعد بن عبد الله القمي في بصائر الدرجات قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى عن إبراهيم بن هاشم عن الحسن بن علي بن فضال عن أبي جميلة المفضل بن صالح الأسدي عن شعيب الحداد قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " أنا أول قادم على الله تبارك وتعالى ثم يقدم علي كتاب الله وأهل بيتي ثم تقدم علي أمتي فأقول لهم بئسما فعلتم في كتاب الله عز وجل وأهل بيت نبيكم "(6).
السادس والأربعون: الشيخ المفيد في الإرشاد قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) " أيها الناس أنا فرطكم وأنتم واردون علي الحوض ألا إني سائلكم عن الثقلين فانظروا كيف تخلفوني فيهما؟ فإن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يلقاني، وسألت ربي ذلك فأعطانيه ألا وإني قد تركتهما فيكم: كتاب الله وعترتي أهل بيتي فلا تسبقوهم فتمرقوا ولا تقصروا عنهم فتهلكوا ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم "(7).
السابع والأربعون: المفيد في إرشاده في خبر غدير خم وساق الحديث إلى أن قال: وكان سبب
____________
(1) أصول الكافي: 1 / 288 ح 1.
(2) المصدر السابق.
(3) أصول الكافي: 2 / 600 ح 4.
(4) في المصدر: ابن وفي المخطوط ومختصر البصائر والبحار: أبي.
(5) بصائر الدرجات: 432 / باب 17 / ح 1 (6) لم نجده في البصائر ولا المختصر ولا غيرهما من المصادر.
(7) الإرشاد: 1 / 180 ط: مؤسسة آل البيت.
ورواه أبو علي الطبرسي في كتاب أعلام الورى(4).
الثامن والأربعون: (كتاب الأربعين الحديث عن الأربعين) وهو الحديث الأربعون بالإسناد المتصل عن أبي ثابت مولي أبي ذر قال: سمعت أم سلمة (رضي الله عنه) تقول: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول:
" علي مع القرآن والقرآن معه، لن يفترقا حتى يردا علي الحوض "(5).
التاسع والأربعون: ابن شهرآشوب في المناقب قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " لم يمت نبي قط إلا خلف تركة وقد خلفت فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي "(6).
الخمسون: محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن
____________
(1) المائدة: 67.
(2) يقال: خف القوم خفوفا أي قلوا.
(3) الإرشاد: 1 / 176.
(4) أعلام الورى: 262.
(5) الأربعون حديثا لابن بابويه: 73 ح 40، ومستدرك الصحيحين: 3 / 124.
(6) مناقب آل أبي طالب: 1 / 202 وفيه زيادة: رب سلم أمة محمد من النار ويسر عليهم الحساب.