الصفحة 81

الباب الثامن والأربعون

النعيم ولاية رسول الله وأمير المؤمنين وبنيه الأئمة (عليهم السلام)
في قوله تعالى * (لتسألن يومئذ عن النعيم) *(1)

من طريق العامة وفيه ثلاثة أحاديث


الحديث الأول: أبو نعيم الحافظ أحمد بن عبد الله بإسناده يرفعه إلى جعفر بن محمد في قوله تعالى: * (ثم لتسألن يومئذ عن النعيم) * [ النعيم ] ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)(2).

الحديث الثاني: الشيخ المفيد رواه من طريق العامة بإسناده إلى محمد بن السائب عن الكلبي قال: لما قدم الصادق (عليه السلام) العراق ونزل الحيرة فدخل عليه أبو حنيفة وسأله عن مسائل وكان مما سأله أن قال له: جعلت فداك ما الأمر بالمعروف؟ فقال (عليه السلام): " المعروف يا أبا حنيفة المعروف في أهل السماء المعروف في أهل الأرض، ذاك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) " قال: جعلت فداك فما المنكر؟ قال: " اللذان ظلماه حقه وابتزاه أمره وحملا الناس على كتفه؟ قال: ألا ما هو أن ترى الرجل على معاصي الله فتنهاه عنها؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام): ليس ذلك أمرا بالمعروف ولا نهيا عن المنكر إنما ذاك خير قدمه، قال أبو حنيفة: أخبرني جعلت فداك عن قول الله عز وجل: * (ثم لتسألن يومئذ عن النعيم) * قال: فما هو عندك يا أبا حنيفة؟ قال: الآمن في السرب وصحة البدن والقوت الحاضر، فقال: يا أبا حنيفة لئن وقفك الله وأوقفك يوم القيامة حتى يسألك عن أكلة أكلتها وشربة شربتها ليطولن وقوفك، قال: فما النعيم جعلت فداك؟

قال: النعيم نحن الذين أنقذ الله الناس بنا من الضلالة وبصرهم بنا عن العمي، وعلمهم بنا من الجهل، قال: جعلت فداك فكيف كان القرآن جديدا أبدا؟ قال: لأنه لم يجعل لزمان دون زمان فتخلقه الأيام، ولو كان كذلك لفنى القرآن قبل فناء العالم(3).

الحديث الثالث: ابن شهرآشوب عن التنوير في معاني التفسير عن الباقر والصادق (عليهما السلام):

* (النعيم) * ولاية أمير المؤمنين(4).

____________

(1) التكاثر: 8.

(2) ينابيع المودة: 1 / 332 ح 5 عن أبي نعيم، وشواهد التنزيل، 2 / 477.

(3) تأويل الآيات: 2 / 853 ح 8، والبحار: 10 / 208 ح 10.

(4) مناقب آل أبي طالب: 2 / 4.


الصفحة 82

الباب التاسع والأربعون

النعيم ولاية رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين وبنيه الأئمة (عليهم السلام)
في قوله تعالى * (ثم لتسألن يومئذ عن النعيم) *(1)

من طريق الخاصة وفيه ثلاثة عشر حديثا


الحديث الأول: الشيخ الطوسي في أماليه قال: أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد الله ابن محمد بن مهدي قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن بن عقدة الحافظ قال: حدثنا جعفر بن علي بن نجيح الكندي قال: حدثنا حسن بن حسين قال: حدثنا أبو حفص الصايغ قال: أبو العباس - هو عمر بن راشد - وأبو سليمان عن جعفر بن محمد (عليهما السلام) في قوله:

* (ثم لتسألن يومئذ عن النعيم) * قال: " نحن من النعيم " وفي قوله: * (واعتصموا بحبل جميعا) * قال:

" نحن الحبل "(2).

الحديث الثاني: علي بن إبراهيم في تفسيره قال: أخبرنا أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد عن سلمة بن عطا عن جميل عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت قوله: * (ثم لتسألن يومئذ عن النعيم) * قال:

" تسأل هذه الأمة عما أنعم الله عليهم برسول الله ثم أهل بيته [ المعصومين (عليهم السلام) ] "(3).

الحديث الثالث: محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن عثمان بن عيسى عن أبي سعيد عن أبي حمزة قال: كنا عند أبي عبد الله جماعة فدعا بطعام ما لنا عهد بمثله لذاذة وطيبا وأوتينا بتمر ننظر فيه إلى وجوهنا من صفائه وحسنه فقال رجل: * (ثم لتسألن يومئذ عن النعيم) * الذي تنعمتم فيه عند ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): " إن الله عز وجل أكرم وأجل أن يطعمكم طعاما فيسوغكموه ثم يسألكم عنه، ولكن يسألكم عما أنعم عليكم بمحمد (صلى الله عليه وآله) وآل محمد (عليهم السلام) "(4).

الحديث الرابع: ابن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه عن القاسم أبن محمد الجوهري عن الحرث بن جرير عن سدير الصيرفي عن أبي خالد الكابلي قال:

____________

(1) التكاثر: 8.

(2) أمالي الطوسي: 272 / مجلس 10 / ح 48.

(3) تفسير القمي: 2 / 1440.

(4) الكافي: 6 / 280 ح 3.


الصفحة 83
دخلت على أبي جعفر (عليه السلام) فدعا بالغذاء فأكلت منه طعاما ما أكلت طعاما قط أنظف منه ولا أطيب فلما فرغنا من الطعام قال: " يا أبا خالد كيف رأيت طعامك؟ أو قال: طعامنا؟ قلت: جعلت فداك ما رأيت أطيب منه ولا أنظف قط ولكني ذكرت الآية التي ذكرت في كتاب الله عز وجل * (ثم لتسألن يومئذ عن النعيم) * فقال أبو جعفر: " لا إنما يسألكم عما أنتم عليه من الحق "(1).

الحديث الخامس: ابن بابويه قال: حدثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي قال:

حدثنا محمد بن يحيى الصولي قال: حدثنا أبو ذكوان القاسم بن إسماعيل بسر من رأى(2) سنة خمس وثمانين قال: حدثني إبراهيم بن العباس الصولي الكاتب بالأهواز سنة سبع وعشرين ومائتين قال: كنا يوما بين يدي علي بن موسى الرضا (عليه السلام) فقال: " ليس في الدنيا نعيم حقيقي فقال له بعض الفقهاء ممن بحضرته قول الله عز وجل: * (ثم لتسألن يومئذ عن النعيم) * أما هذا النعيم في الدنيا وهو الماء البارد فقال له الرضا (عليه السلام) وعلا صوته: كذا فسرتموه أنتم وجعلتموه على ضروب، فقالت طائفة: هو البارد من الماء وقال غيرهم: هو الطعام الطيب، وقال آخرون: هو النوم الطيب ولقد حدثني أبي عن أبيه أبي عبد الله (عليه السلام) أن أقوالكم هذه ذكرت عنده في قوله تعالى: * (لتسألن يومئذ عن النعيم) * فغضب وقال: إن الله تعالى لا يسأل عباده عما تفضل عليهم به ولا يمنن بذلك عليهم والامتنان مستقبح من المخلوقين فكيف يضاف إلى الخالق عز وجل ما لا يرضى به للمخلوقين؟! ولكن النعيم حبنا أهل البيت وموالاتنا يسأل الله عنه بعد التوحيد والنبوة لأن العبد إذا وفى بذلك أداه إلى نعيم الجنة الذي لا يزول ولقد حدثني بذلك أبي عن محمد بن علي عن أبيه عن الحسين بن علي عن أبيه (عليه السلام) أنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " يا علي إن أول ما يسأل عنه العبد بعد موته شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأنك ولي المؤمنين بما جعله الله وجعلته لك فمن أقر بذلك وكان معتقده صار إلى النعيم الذي لا زوال له " فقال لي أبو ذكوان بعد أن حدثني بهذا الحديث مبتدئا من غير سؤال: حدثتك به لجهات: منها لقصدك لي من البصرة، ومنها أن عمك أفادنيه، ومنها أني كنت مشغولا باللغة والأشعار ولا أعول على غيرهما فرأيت النبي (صلى الله عليه وآله) في النوم والناس يسلمون عليه ويجيبهم فسلمت فما رد فقلت أنا من أمتك يا رسول الله فقال لي: " بلى ولكن من حدث الناس بحديث النعيم الذي سمعته من إبراهيم ".

قال الصولي وهذا حديث قد رواه الناس عن النبي (صلى الله عليه وآله) إلا أنه ليس فيه ذكر النعيم والآية وتفسيرها، إنما رووا أن أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة الشهادة والنبوة وموالاة علي بن أبي

____________

(1) الكافي: 6 / 280 ح 5.

(2) في المصدر: بيراف.


الصفحة 84
طالب (عليه السلام)(1).

الحديث السادس: محمد بن العباس بن ماهيار في تفسيره فيما نزل في أهل البيت (عليهم السلام) في القرآن وهو ثقة قال: حدثنا علي بن أحمد بن حاتم عن حسن بن عبد الواحد عن القاسم بن الضحاك عن أبي حفص الصائغ عن الإمام جعفر بن محمد (عليه السلام) أنه قال: * (ثم لتسألن يومئذ عن النعيم) * والله ما هو الطعام والشراب ولكن ولايتنا أهل البيت "(2).

الحديث السابع: محمد بن العباس هذا قال: حدثنا أحمد بن محمد الوراق عن جعفر بن علي ابن نجيح عن حسن بن حسين عن أبي حفص الصائغ عن جعفر بن محمد (عليه السلام) في قوله عز وجل:

* (ثم لتسألن يومئذ عن النعيم) * قال: " نحن النعيم "(3).

الحديث الثامن: محمد بن العباس قال: حدثنا أحمد بن القاسم عن أحمد بن محمد بن خالد عن عمر بن عبد العزيز عن عبد الله بن نجيح اليماني قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) ما معنى قوله عز وجل * (ثم لتسألن يومئذ عن النعيم) *؟ قال: " النعيم الذي أنعم الله به عليكم من ولايتنا وحب محمد وآل محمد "(4).

الحديث التاسع: محمد بن العباس قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد عن الحسن بن القاسم عن محمد بن عبد الله بن صالح عن مفضل بن صالح عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة عن علي (عليه السلام) أنه قال: * (ثم لتسألن يومئذ عن النعيم) * قال: " نحن النعيم "(5).

الحديث العاشر: محمد بن العباس عن أحمد بن القاسم عن أحمد بن محمد بن خالد عن محمد بن أبي عمير عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) في قوله عز وجل: * (ثم لتسألن يومئذ عن النعيم) * قال: " نحن نعيم المؤمن وعلقم الكافر "(6).

الحديث الحادي عشر: محمد بن العباس قال: حدثنا علي بن عبد الله عن إبراهيم بن محمد الثقفي عن إسماعيل بن بشار عن علي بن عبد الله بن غالب عن أبي خالد الكابلي قال: دخلت على محمد بن علي (عليهما السلام) فقدم طعاما لم آكل أطيب منه فقال لي: " يا أبا خلاد كيف رأيت طعامنا؟

قلت جعلت فداك ما أطيبه غير أني ذكرت آية في كتاب الله فنغصت(7) فقال: " وما هي؟ " قلت:

____________

(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 1 / 136 / ح 8.

(2) تأويل الآيات: 2 / 850 ح 1.

(3) تأويل الآيات: 2 / 850 ح 3.

(4) المصدر السابق: ح 4.

(5) المصدر السابق: ح 6.

(6) المصدر السابق: ح 5.

(7) في المصدر: فنغصته.


الصفحة 85
* (ثم لتسألن يومئذ عن النعيم) * فقال: " والله لا تسأل عن هذا الطعام أبدا " ثم ضحك حتى افتر ضاحكا وبدت أضراسه وقال: " أتدري ما النعيم "؟ قلت: لا، قال: " نحن النعيم [ الذي تسألون عنه ] "(1).

الحديث الثاني عشر: أبو علي الطبرسي في مجمع البيان قال: روى العياشي بإسناده في حديث طويل قال: سأل أبو حنيفة أبا عبد الله (عليه السلام) عن هذه الآية فقال له: " ما النعيم عندك يا نعمان "؟ قال: القوت من الطعام والماء البارد، فقال: " لئن أوقفك الله يوم القيامة بين يديه حتى يسألك عن أكلة أكلتها أو شربة شربتها ليطولن وقوفك بين يديه " قال: فما النعيم جعلت فداك؟

قال: نحن أهل البيت النعيم الذي أنعم الله به على العباد، بنا ائتلفوا بعد أن كانوا مختلفين، وبنا ألف الله بين قلوبهم وجعلهم إخوانا بعد أن كانوا أعداء، وبنا هداهم الله إلى الإسلام، وهي النعمة التي لا تنقطع، والله سائلهم عن حق النعيم الذي أنعم الله به عليهم وهو النبي (صلى الله عليه وآله) وعترته "(2).

الحديث الثالث عشر: ابن شهرآشوب عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى: * (ثم لتسألن يومئذ عن النعيم) * " يعني الأمن والصحة وولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام) "(3).

____________

(1) تأويل الآيات: 2 / 852 ح 7.

(2) مجمع البيان: 10 / 433.

(3) مناقب آل أبي طالب: 2 / 4.


الصفحة 86

الباب الخمسون

في أن ولاية علي (عليه السلام) وولاية أهل البيت مسؤولون عنها العباد يوم القيامة
في قوله تعالى * (وقفوهم إنهم مسؤولون) *(1)

من طريق العامة وفيه ثمانية أحاديث


الحديث الأول: من كتاب الفردوس لابن شيرويه الديلمي في قافية الواو بإسناده قال: عن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وآله) " * (وقفوهم إنهم مسؤولون) *(2) عن ولاية علي بن أبي طالب ".

الحديث الثاني: أبو المؤيد موفق بن أحمد من أكابر علماء العامة قال: وروى أبو الأحوص عن ابن إسحاق في قوله تعالى: * (وقفوهم أنهم مسؤولون) * يعني عن ولاية علي (رضي الله عنه)(3).

الحديث الثالث: إبراهيم بن محمد الحمويني من أكابر علماء العامة في كتاب فرائد السمطين قال: أخبرنا أبو إبراهيم بن أبي القاسم الصوفي أنبأنا محمد بن محمد بني يعقوب الحافظ أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن عفر أنبأنا أحمد بن الفرات أنبأنا عبد الحميد الحماني بإسناده عن قيس بن عطية عن أبي سعيد عن النبي (صلى الله عليه وآله) في قوله عز وجل: * (وقفوهم إنهم مسؤولون) * قال: " عن ولاية علي بن أبي طالب والمعنى أنهم يسألون هل والوه حق الموالاة كما أوصاهم به رسول الله (صلى الله عليه وآله) " وروي عن علي صلوات الله عليه " جعلت الموالاة أصلا من أصول الدين ".

ثم قال الحمويني: أخبرنا جعفر بن محمد العلوي حدثنا محمد بن عبد الله بن محمد بن البيع أخبرني محمد بن علي بن دحيم الشيباني حدثنا أحمد بن حازم حدثنا عاصم يوسف اليربوعي عن سفيان بن إبراهيم الحريري عن أبي صادق قال: قال علي صلوات الله عليه: " أصول الإسلام ثلاثة لا ينفع واحدة منهم دون صاحبتها الصلاة والزكاة والموالاة ".

ونقل: أيضا حديثا مسندا عن أبي الحسن علي بن أحمد الواحدي بعد روايته حديث: " من كنت مولاه فعلي مولاه " هذه الرواية التي أثبتها النبي (صلى الله عليه وآله) لعلي مسؤول عنها يوم القيامة(4).

____________

(1) الصافات: 24.

(2) الصافات: 24.

(3) المناقب: 275 / ح 256.

(4) فرائد المطين: 1 / 78 / ب 14 / ح 47 - 48 - 49 - 46.


الصفحة 87
قال: مؤلف هذا الكتاب العجب كل العجب من العامة كيف تروي ذلك وتثبته عن النبي (صلى الله عليه وآله) وتعمل بخلافه إن هذا إلا خسران مبين.

الحديث الرابع: أبو نعيم الأصفهاني صاحب حلية الأولياء بإسناده عن الشعبي عن ابن عباس (رضي الله عنه) في معنى الآية قال: عن ولاية علي بن أبي طالب(1).

الحديث الخامس: الحبري في كتاب عن ابن عباس مثل روايته المتقدمة(2).

الحديث السادس: ابن شهرآشوب من طريق العامة وغيرهم عن محمد بن إسحاق والشعبي والأعمش وسعيد بن جبير وابن عباس وأبو نعيم الأصفهاني والحاكم الحسكاني والنطنزي وجماعة أهل البيت (عليهم السلام) * (وقفوهم إنهم مسؤولون) * عن ولاية أهل البيت وحب أهل البيت(3).

الحديث السابع: الشيرازي في كتابه عن أبي معاوية الضرير عن الأعمش عن مسلم النظير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: إذا كان يوم القيامة أمر الله مالكا أن يسعر النيران السبع وأمر رضوان أن يزخرف الجنان الثمانية ويقول: يا ميكائيل مد الصراط على متن جهنم، ويقول: يا جبرائيل انصب ميزان العدل تحت العرش، وينادي: يا محمد قرب أمتك للحساب، ثم يأمر الله تعالى أن يعقد على الصراط سبع قناطر طول كل قنطرة سبعة عشر ألف فرسخ وعلى كل قنطرة سبعون ألف ملك قيام فيسألون هذه الأمة نساؤهم ورجالهم على القنطرة الأولى عن ولاية أمير المؤمنين وحب أهل بيت محمد، فمن أتى به جاز على القنطرة الأولى كالبرق الخاطف، ومن لم يحب أهل بيت نبيه سقط على أم رأسه في قعر جهنم، ولو كان معه من أعمال البر عمل سبعين صديقا، وعلى القنطرة الثانية يسألون عن الصلاة، وعلى الثالثة يسألون عن الزكاة، وعلى الرابعة عن الصيام، وعلى الخامسة عن الحج، وعلى السادسة عن الجهاد، وعلى السابعة عن العدل فمن أتى بشئ من ذلك جاز على الصراط كالبرق الخاطف ومن لم يأت عذب وذلك قوله تعالى: * (وقفوهم إنهم مسؤولون) * يعني معاشر الملائكة قفوهم يعني العباد على القنطرة الأولى عن ولاية علي وحب أهل البيت (عليهم السلام)(4).

الحديث الثامن: أبو الحسن بن شاذان عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: " إذا كان يوم القيامة أمر الله ملكين يقعدان على الصراط فلا يجوز أحد إلا ببراءة من أمير

____________

(1) ينابيع المودة: 1 / 334، وشواهد التنزيل: 2 / 163.

(2) تفسير الجري: ح 40، وتفسير فرات: 131.

(3) مناقب آل أبي طالب: 2 / 4.

(4) مناقب آل أبي طالب: 2 / 3 - 4.


الصفحة 88
المؤمنين، ومن لم يكن عنده(1) براءة من أمير المؤمنين [ أمر الله تعالى الملكين الموكلين على الجواز أن يوقفاه ويسألاه فلما عجز عن جوابهما فيكباه على منخريه ](2) - أكبه الله على منخره - في النار وذلك قوله تعالى: * (وقفوهم إنهم مسؤولون) * " قلت: فداك أبي وأمي يا رسول الله ما معنى براءة أمير المؤمنين؟ قال: " مكتوب [ بالنور الساطع ] لا إله إلا الله محمد رسول الله وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب وصي(3) رسول الله (صلى الله عليه وآله) "(4).

____________

(1) في المصدر: له.

(2) زيادة من المصدر.

(3) في المصدر: ولي الله.

(4) مائة منقبة: 37 المنقبة 16.


الصفحة 89

الباب الحادي والخمسون

في أن ولاية علي وولاية أهل البيت (عليهم السلام) وحبهم مسؤول عنها العباد يوم القيامة
في قوله تعالى * (وقفوهم إنهم مسؤولون) *

من طريق الخاصة وفيه ستة أحاديث


الحديث الأول: ابن بابويه قال: حدثنا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (رضي الله عنه) قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله قال: حدثنا سهل بن زياد الآدمي عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني قال: حدثني سيدي علي بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن علي (عليهم السلام) قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن أبا بكر مني لبمنزلة السمع، وأن عمر مني لبمنزلة البصر، وإن عثمان مني لبمنزلة الفؤاد فقال فلما كان من الغد دخلت عليه وعنده أمير المؤمنين وأبو بكر وعمر وعثمان فقلت له: يا أبت سمعتك تقول في أصحابك هؤلاء قولا فما هو فقال (عليه السلام): نعم وأشار إليهم فقال هم السمع والبصر والفؤاد وسيسألون عن ولاية وصيي هذا وأشار إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ثم قال: إن الله عز وجل يقول: * (إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا) *(1) ثم قال (عليه السلام): وعزة ربي إن جميع أمتي لموقوفون يوم القيامة ومسؤولون عن ولايته وذلك قول الله: * (وقفوهم إنهم مسؤولون) *(2)

الحديث الثاني: ابن بابويه عن محمد بن عمر الحافظ الجعاني قال: حدثني عبد الله بن محمد ابن سعيد بن زياد من أصل كتاب أبيه قال: حدثنا حفص بن عمر العمري قال: حدثنا عصام بن طليق عن أبي هارون عن أبي سعيد عن النبي (صلى الله عليه وآله): في قول الله عز وجل * (وقفوهم إنهم مسؤولون) * قال: " عن ولاية علي ما صنعوا في أمره وقد أعلمهم الله عز وجل أنه الخليفة بعد رسوله "(3).

الحديث الثالث: الشيخ الطوسي في أماليه عن أبي محمد الفحام قال: حدثنا أبو الفضل محمد ابن هاشم الهاشمي صاحب الصلاة بسر من رأى قال: حدثنا أبي هاشم بن القاسم قال: حدثنا محمد بن زكريا ابن عبد الله الجوهري البصري عن عبد الله بن المثنى عن ثمامة بن عبد الله بن أنس

____________

(1) الإسراء: 36.

(2) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 2 / 280 / ح 86.

(3) معاني الأخبار: 67 / ح 7.


الصفحة 90
ابن مالك عن أبيه عن جده عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: " إذا كان يوم القيامة ونصب الصراط على جهنم لم يجز عليه إلا من معه جواز فيه ولاية علي بن أبي طالب وذلك قوله تعالى: * (وقفوهم إنهم مسؤولون) * يعني عن ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام) "(1).

الحديث الرابع: محمد بن العباس بن ماهيار الثقة في تفسيره فيما نزل في أهل البيت (عليهم السلام) عن صالح بن أحمد عن أبي مقاتل عن حسين بن حسن عن حسين بن نصر بن مزاحم عن القاسم بن الغفار عن أبي الأحوص عن مغيرة عن الشعبي عن ابن عباس في قول الله عز وجل: * (وقفوهم إنهم مسؤولون) * عن ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)(2).

الحديث الخامس: الشيخ الطوسي في مصباح الأنوار بإسناده عن عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " إذا كان يوم القيامة أقف أنا وعلي على الصراط بيد كل واحد منا سيف، فلا يمر أحد من خلق الله إلا سألناه عن ولاية علي (عليه السلام) فمن معه شئ منها نجى وإلا ضربنا عنقه وألقيناه في النار ثم تلا: * (وقفوهم إنهم مسؤولون ما لكم لا تناصرون بل هم اليوم مستسلمون) *(3).

الحديث السادس: تفسير الإمام أبي محمد العسكري (عليه السلام) في قوله تعالى * (وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله قالوا نؤمن بما أنزل علينا ويكفرون بما ورائه وهو الحق) *(4) قال العسكري (عليه السلام): " وإذا قيل لهؤلاء اليهود الذين تقدم ذكرهم: * (آمنوا بما أنزل الله) * على محمد من القرآن المشتمل على الحلال والحرام والفرائض والأحكام * (قالوا: نؤمن بما أنزل علينا) * وهو التوراة * (ويكفرون بما ورائه) * يعني ما سواه ولا يؤمنون به * (وهو الحق) * والذي يقول هؤلاء اليهود. إنه وراءه هو الحق، لأنه هو الناسخ والمنسوخ الذي قدمه الله عز وجل، قال الله تعالى: * (فلم) * كنتم * (تقتلون) *(5) لم كان يقتل أسلافكم يقتلون (أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين) بالتوراة أي ليس التوراة الآمرة بقتل الأنبياء، فإذا كنتم تقتلون الأنبياء فما آمنتم بما أنزل عليكم من التوراة، لأن فيها تحريم قتل الأنبياء كذلك إذا لم تؤمنوا بمحمد وبما أنزل عليه هو القرآن هو الآمر بالإيمان وأنتم ما آمنتم بعد بالتوراة، لأن الله تعالى أخذ عليهم الإيمان بهما، ولا يقبل الإيمان بأحدهما إلا مع الإيمان بالآخر، لذلك فرض الله الإيمان بولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام) كما فرض الله الإيمان بمحمد فمن قال: آمنت بنبوة محمد وكفرت بولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فما آمن بنبوة محمد، إن الله تعالى

____________

(1) أمالي الطوسي: 290 / مجلس 11 / ح 11.

(2) تأويل الآيات: 2 / 493 ح 1.

(3) الصافات: 24.

(4) البقرة: 91.

(5) البقرة: 91.


الصفحة 91
إذا بعث الخلائق يوم القيامة نادى منادي ربنا نداء تعريف الخلائق في إيمانهم وكفرهم فقال:

الله أكبر الله أكبر، ومناد آخر ينادي: معاشر الخلائق ساعدوه على هذه المقالة، فأما الدهرية والمعطلة فيخرسون عن ذلك ولا تنطق ألسنتهم ويقولها سائر الناس [ من الخلائق فيمتاز الدهرية والمعطلة عن سائر الناس بالخرس ].

ثم يقول المنادي: أشهد أن لا إله إلا الله، فيقول الخلائق كلهم ذلك إلا من كان يشرك بالله تعالى من المجوس والنصارى وعبدة الأوثان فإنهم يخرسون فيبينون بذلك من سائر الخلق، ثم يقول المنادي: أشهد أن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيقولها المسلمون أجمعون وتخرس عنها اليهود والنصارى وسائر المشركين، ثم ينادي مناد آخر من عرصات القيامة ألا فسوقوهم إلى الجنة لشهادتهم لمحمد بالنبوة، فإذا النداء من قبل الله تعالى: لا بل قفوهم إنهم مسؤولون، يقول [ الملائكة ] الذين قالوا سوقوهم لشهادتهم بالنبوة: لماذا يقفون يا ربنا؟ فإذا النداء من قبل الله تعالى: (وقوفهم إنهم مسؤولون) عن ولاية علي بن أبي طالب وآل محمد، يا عبادي وإمائي إني أمرتهم مع الشهادة لمحمد شهادة أخرى، فإذا جاءوا بها يعطوا(1) ثوابهم وأكرموا مآبهم، وإن لم يأتوا بها لم تنفعهم الشهادة لمحمد بالنبوة ولا لي بالربوبية، فمن جاء بها فهو من الفائزين، ومن لم يأت بها فهو من الهالكين، فقال: فمنهم من يقول: [ قد ] كنت لعلي بالولاية شاهدا ولآل محمد محبا وهو في ذلك كاذب يظن أن كذبه ينجيه فيقال لهم: سوف نستشهد على ذلك عليا (عليه السلام) فتشهد أنت يا أبا الحسن، فتقول: الجنة لأوليائي شاهدة، فمن كان منهم صادقا خرجت إليه رياح الجنة ونسيمها فاحتملته فأوردته علالي الجنة وغرفها وأحلته دار المقامة من فضل ربه لا يمسهم فيها نصب ولا يمسهم فيها لغوب، ومن كان منهم كاذبا جاءته سموم النار وحميها وظلها الذي هو ثلاث شعب لا ظليل ولا يغني من اللهب، فتحمله فترفعه في الهواء وتورده نار جهنم.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): فلذلك أنت قسيم الجنة والنار تقول لها: هذا لي وهذا لك "(2).

____________

(1) فعظموا.

(2) تفسير الإمام العسكري: 406 ح 275 - 276.


الصفحة 92

الباب الثاني والخمسون

في أن العبد يسأل يوم القيامة عن أربع منها حب أهل البيت (عليهم السلام)

من طريق العامة وفيه أربعة أحاديث


الحديث الأول: الفقيه أبو الحسن علي بن محمد الشافعي المعروف ب (ابن المغازلي الواسطي) عن القاضي أبي الفرج أحمد بن علي بن جعفر بن محمد بن المعلى الحافظ قال: حدثنا أبو الطيب ابن الفرخ حدثنا الهيثم بن خلف حدثني أحمد بن محمد بن يزيد حدثني جعفر بن الحسن الأشقر حدثنا هشيم عن أبي هاشم يعني الرماني عن مجاهد عن ابن عباس (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن جسده فيما أبلاه، وعن ماله فيما أنفقه ومن أين اكتسبه، وعن حبنا أهل البيت (عليهم السلام) "(1).

الحديث الثاني: إبراهيم بن محمد الحمويني المتقدم قال: أنبأني السيد النسابة زين الدين مسند النقابة جلال الدين عبد الحميد بن فخار بن معد الموسوي - رحمة الله عليهم - فيما أهداه لي قال: أنبأني والدي النقيب (قدس سره) قال: أخبرني أبو القاسم علي بن علي بن منصور الحاري إجازة وأخبرني الشيخ أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحنبلي قالا: أنبأنا أبو القاسم ذاكر بن كامل الخفاف قال: أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك بن الحسين الخلال سماعا قال: أنبأنا الشيخ الزكي أبو أحمد بن حمزه عن فضالة بن محمد الهروي بهراة قال: أنبأنا الشيخ أبو إسحاق إبراهيم بن محمد ابن عبد الله بن يزداد بن علي بن عبد الله الرازي ثم البخاري ببخارى وقرأ عليه في داره فأقرأه في صفر سنة سبع وتسعين وثلاثمائة قال: نبأنا أبو الحسن علي بن محمد بن مهرويه القزويني بقزوين قال: نبأنا داود بن سليمان يوسف بن أحمد الغازي قال: حدثني علي بن موسى الرضا (عليه السلام): " قال:

حدثني أبي موسى ابن جعفر (عليه السلام) عن أبيه جعفر بن محمد (عليه السلام) عن أبيه محمد بن علي (عليه السلام) عن أبيه علي بن الحسين (عليه السلام) عن أبيه الحسين بن علي (عليه السلام) عن أبيه علي بن أبي طالب عليه وعليهم صلوات الله قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا كان يوم القيامة لم تزل قدما عبد حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه وعن ماله من أين اكتسبه وفي ماذا أنفقه، وعن حبنا أهل

____________

(1) مناقب ابن المغازلي: 93 / ح 157.


الصفحة 93
البيت "(1).

الحديث الثالث: ابن شهرآشوب من طريق العامة عن الثعلبي في تفسيره عن مجاهد عن ابن عباس وأبي القاسم القشيري [ في تفسيره ] عن الحاكم الحافظ بإسناده عن أبي برزة وابن بطه في إبانته بإسناده عن أبي سعيد الخدري كلهم عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: " لا يزول قدم عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربعة: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وعن حبنا أهل البيت "(2).

الحديث الرابع: صدر الأئمة عند المخالفين أبو المؤيد موفق بن أحمد في كتاب فضائل علي (عليه السلام) قال: أنبأني مهذب الأئمة أبو المظفر عبد الملك بن علي بن محمد الهمداني، قال: أخبرنا شجاع بن المظفر بن شجاع العدل حدثنا أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري حدثنا الحاكم أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو بكر بن أبي دارم الحافظ الكوفي حدثنا المنذر بن محمد بن المنذر القابوسي حدثني أبي حدثني عمي الحسين بن سعيد بن أبي الجهم عن أبان بن تغلب عن نفيع بن الحرث حدثني أبو برزة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ونحن جلوس ذات يوم: " والذي نفسي بيده لا تزول قدم عبد يوم القيامة حتى يسأله الله تبارك وتعالى عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن جسده فيما أبلاه، وعن ماله فما اكتسبه وفيما أنفقه، وعن حبنا أهل البيت " فقال له عمر بن الخطاب: فما آية حبكم من بعدك فوضع يده على رأس علي (رحمه الله) وهو إلى جانبه وقال: " إن حبي من بعدي حب هذا "(3).

____________

(1) فرائد السمطين: 2 / 301 / ب 61 / ح 557.

(2) مناقب آل أبي طالب: 2 / 4.

(3) المناقب: 76 / ح 59.