قال أنا قتادة بن دعامة البصري فقال أبو جعفر: " أنت فقيه أهل البصرة " فقال: نعم فقال له أبو جعفر (عليه السلام): " ويحك يا قتادة إن الله عز وجل خلق خلقا من خلقه فجعلهم حججا على خلقه فهم أوتاده في الأرض قوام بأمره نجباء في علمه اصطفاهم قبل خلقه أظلة عن يمين عرشه " قال:
فسكت قتادة طويلا ثم قال: أصلحك الله والله لقد جلست بين يدي الفقهاء وقدام ابن عباس فما اضطرب قلبي قدام واحد منهم ما اضطرب قدامك فقال له أبو جعفر (عليه السلام): " ويحك أتدري أين أنت؟
أنت بين يدي * (بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه ويسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وأقام الصلاة وإيتاء الزكاة) * ونحن أولئك " فقال له قتادة: صدقت والله جعلني الله فداك والله ما هي بيوت حجارة ولا طين قال قتادة: فأخبرني عن الجبن؟ قال فتبسم أبو جعفر (عليه السلام) ثم قال: " رجعت مسائلك إلى هذا " فقال: ضلت علي، فقال: " لا بأس به " فقال إنه ربما جعلت فيه إنفحة الميت فقال: " ليس بها بأس إن الإنفحة ليس فيها عروق ولا فيها دم ولا لها عظم إنما تخرج من بين فرث ودم ثم قال: وإنما الإنفحة بمنزلة دجاجة ميتة أخرجت منها بيضة فهل توكل تلك البيضة " فقال قتادة: لا ولا أمر بأكلها، فقال له أبو جعفر (عليه السلام): " ولم؟ " قال: لأنها من الميتة قال له: " فإن حضنت تلك البيضة فخرجت منها دجاجة أتأكلها؟ " قال نعم: قال: " فما حرم عليك البيضة وحلل لك الدجاجة؟ " ثم قال " فكذلك الإنفحة مثل البيضة فاشتر الجبن من أسواق المسلمين من أيدي المصلين ولا تسأل عنه إلا أن يأتيك من يخبرك عنه "(1).
الحديث الخامس: ابن يعقوب عن حميد بن زياد عن أبي العباس عن عبد الله بن أحمد الدهقان عن علي بن الحسن الطاهري عن محمد بن زياد بياع السابري عن أبان عن أبي بصير قال:
سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوله الله عز وجل: * (في بيوت أذن الله...) * قال: " هي بيوت النبي (صلى الله عليه وآله) "(2).
الحديث السادس: محمد بن العباس في تفسيره قال: حدثنا المنذر بن محمد القابوسي قال:
حدثنا أبي عن عمه عن أبان بن تغلب عن بقيع بن الحرث عن أنس بن مالك عن بريدة قال: قرأ رسول الله (صلى الله عليه وآله): * (في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال) * فقام إليه رجل قال: أي بيوت هذه يا رسول الله؟ قال: " بيوت الأنبياء " فقام إليه أبو بكر فقال: يا رسول الله هذا البيت منها وأشار إلى بيت علي وفاطمة (عليها السلام) قال: " نعم من أفضلها "(3).
____________
(1) الكافي: 6 / 256 - 257 ح 1.
(2) الكافي: 8 / 331 ح 510.
(3) بحار الأنوار: 23 / 325 ح 1.
الحديث الثامن: محمد بن العباس عن محمد بن همام عن محمد بن إسماعيل عن عيسى بن داود قال: حدثنا الإمام موسى بن جعفر عن أبيه (عليه السلام) في قول الله عز وجل: * (في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال...) * قال: " بيوت آل محمد (صلى الله عليه وآله) بيت علي وفاطمة والحسن والحسين وحمزة وجعفر (عليهم السلام) " قلت: * (بالغدو والآصال) * قال: " الصلاة في أوقاتها " قال: " ثم وصفهم الله عز وجل وقال: * (رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وأقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار) * قال: " هم الرجال لم يخلط الله معهم غيرهم " ثم قال: * (ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله) * قال: " ما اختصهم به من المودة والطاعة المفروضة وصير مأواهم الجنة والله يرزق من يشاء بغير حساب "(2).
الحديث التاسع: أبو علي الطبرسي في مجمع البيان قال: روى ابن عباس (رضي الله عنه) أنه قال: كنت في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد قرأ القارئ: * (في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال) * فقلت: يا رسول الله ما البيوت(3)؟ فقال (صلى الله عليه وآله): " بيوت الأنبياء (عليهم السلام) وأومأ بيده إلى بيت فاطمة الزهراء (عليها السلام) ابنته (عليها السلام) "(4).
____________
(1) بحار الأنوار: 23 / 326 ح 2.
(2) بحار الأنوار: 23 / 326 ح 4.
(3) في المصدر: أي بيوت هذه؟
(4) مجمع البيان: 7 / 253 بتفاوت وفيه: فقام أبو بكر فقال: يا رسول الله: هذا البيت منها؟ يعني بيت علي وفاطمة، فقال: نعم من أفاضلها. وفضائل ابن شاذان: 104، والبحار: 23 / 326 كما في المتن.
الباب الثالث عشر
في قوله تعالى * (إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين...) *(1)
الحديث الأول: الثعلبي في تفسير هذه الآية قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد القاضي قال: حدثنا أبو الحسين محمد بن عثمان بن الحسن النصيبي قال: حدثنا أبو بكر محمد بن الحسين ابن صالح السبيعي قال أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا أحمد بن ميثم بن نعيم قال:
حدثنا أبو عبادة السلولي عن الأعمش عن أبي واثل قال: قرأت في مصحف عبد الله بن مسعود (إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل محمد على العالمين)(2).
الحديث الثاني: عن ابن عباس (رضي الله عنه) آل إبراهيم وآل عمران المؤمنون من آل إبراهيم وآل عمران وآل يس وآل محمد (عليهم السلام) بقوله تعالى: * (إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهم المؤمنون وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين) *(3).
الباب الرابع عشر
في قوله تعالى * (إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران
على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم) *
الحديث الأول: الشيخ الطوسي في أماليه عن أبي محمد الفحام قال: حدثني محمد بن عيسى عن هارون قال أبو عبد الصمد إبراهيم عن أبيه عن جده وهو إبراهيم بن عبد الصمد بن محمد بن إبراهيم قال: سمعت جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقرأ (إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران وآل محمد على العالمين) قال: هكذا نزلت(4). وقال الطبرسي في مجمع البيان: وفي قراءة أهل البيت: وآل محمد على العالمين(5).
____________
(1) آل عمران: 33.
(2) العمدة: 55 ح 55 عن الثعلبي، وشواهد التنزيل: 1 / 152 ح 165.
(3) العمدة: 59 / 63 عن الثعلبي.
(4) أمالي الطوسي: 300 / ح 592.
(5) مجمع البيان: 2 / 278.
الحديث الثالث: ابن بابويه قال: حدثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب وجعفر بن محمد ابن مسرور رضي الله عنهما قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري عن أبيه عن الريان بن الصلت قال: حضر الرضا (عليه السلام) مجلس المأمون بمرو وقد اجتمع في مجلسه جماعة من علماء أهل العراق وخراسان وذكر الحديث إلى أن قال فيه: قال المأمون: هل فضل الله العترة على سائر الناس؟
فقال أبو الحسن (عليه السلام) " إن الله عز وجل أبان فضل العترة على سائر الناس في محكم كتابه " فقال له المأمون: وأين ذلك من كتاب الله؟ فقال له الرضا (عليه السلام): " في قوله عز وجل: * (إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض) *(2) قلت: يعني أن العترة داخلون في آل إبراهيم (عليهم السلام) لأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) من ولد إبراهيم (عليه السلام) وهو دعوة أبيه إبراهيم على ما في رواية الخاصة والعامة في قوله (صلى الله عليه وآله): " أنا دعوة أبي إبراهيم (عليه السلام) " وعترة الرسول منه (صلى الله عليه وآله).
الحديث الرابع: محمد بن إبراهيم المعروف ب (ابن زينب النعماني) في كتاب (الغيبة) عن أبي جعفر محمد بن يعقوب الكليني قال: حدثني علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه وحدثني محمد ابن أحمد بن يحيى بن عمران عن أحمد بن محمد بن عيسى وحدثني علي بن محمد وغيره عن سهل بن زياد جميعا عن الحسن بن محبوب وحدثنا عبد الواحد بن عبد الله الموصلي عن أبي علي أحمد بن محمد بن أبي ناشد عن أحمد بن هلال عن الحسن بن محبوب عن عمر وبن أبي المقدام عن جابر بن يزيد الجعفي قال: قال: أبو جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام): " يا جابر الزم الأرض ولا تحرك يدا ولا رجلا حتى ترى علامات أذكرها لك إن أدركتها " وذكر علامات القائم (عليه السلام) إلى أن قال في الحديث: " فينادي - يعني القائم (عليه السلام) - يا أيها الناس أنا نستنصر الله فمن أجابنا من الناس، فإنا أهل بيت نبيكم محمد ونحن أولى الناس بالله وبمحمد فمن حاجني في آدم فإنا أولى الناس بآدم، ومن حاجني في نوح فإنا أولى الناس بنوح، ومن حاجني في إبراهيم فإنا أولى الناس بإبراهيم، ومن حاجني في محمد (صلى الله عليه وآله) فإنا أولى الناس بمحمد (صلى الله عليه وآله) ومن حاجني في النبيين فإنا أولى الناس بالنبيين، أليس الله يقول في محكم كتابه * (إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم) * فإنا بقية من آدم وذخيرة
____________
(1) تفسير القمي: 1 / 100.
(2) أمالي الصدوق: 615 / ح 843.
الحديث الخامس: محمد بن الحسن الصفار في كتاب (بصائر الدرجات) عن إبراهيم بن هاشم عن أبي عبد الله البرقي عن خلف بن حماد عن محمد القبطي قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول:
" الناس غفلوا قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) في علي يوم غدير خم كما غفلوا يوم مشربة إبراهيم أتاه الناس يعودونه فجاء علي (عليه السلام) ليدنو من رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلم يجد مكانا فلما رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنهم لا يوسعون لعلي نادى: يا معشر الناس أفرجوا لعلي ثم أخذ بيده وأقعده معه على فراشه وثم قال: يا معشر الناس هؤلاء أهل بيتي تستخفون بهم وأنا حي بين ظهرانيكم أما والله لئن غبت عنكم فإن الله لا يغيب عنكم إن الروح والراحة والرضوان والبشر والبشارة والحب والمحبة لمن أئتم بعلي وولايته وسلم له وللأوصياء من بعده حقا لأدخلنهم في شفاعتي لأنهم أتباعي ومن تبعني فإنه مني مثل ما جرى فيمن اتبع إبراهيم لأني من إبراهيم وإبراهيم مني وديني دينه ودينه ديني وسنته سنتي وفضله من فضلي، وأنا أفضل منه وفضلي له فضل تصديق قوله قولي * (ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم) * وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) وثبت قدم في مشربة أم إبراهيم حين عاده الناس في مرضه قال هذا "(2).
الحديث السادس: أحمد بن محمد بن خالد البرقي في (المحاسن) عن علي بن الحكم عن سعد بن خلف عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول (صلى الله عليه وآله): " الروح والراحة والفلح والفلاح والنجاح والبركة والعفو والعافية والمعافاة والبشرى والنصرة والرضا والقرب والقرابة والنصر والظفر والتمكين والسرور والمحبة من الله تبارك وتعالى علي من أحب علي بن أبي طالب (عليه السلام) ووالاه وتأمم به وأقر بفضله تولى الأوصياء من بعده حق مع علي (عليه السلام) أن أدخلهم في شفاعتي وحق على ربي أن يستجيب لي فيهم، وإنهم أتباعي ومن تبعني فإنه مني جرى في مثل إبراهيم (عليه السلام) وفي الأوصياء من بعدي لأني من إبراهيم وإبراهيم مني، دينه ديني وسنته سنتي، وأنا أفضل منه وفضلي من فضله وفضله من فضلي وتصديق قولي قول ربي: * (ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم) * "(3).
الحديث السابع: محمد بن مسعود العياشي في تفسيره بإسناده عن حبان بن سدير عن أبيه عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: * (إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من
____________
(1) الغيبة: 279 - 281 / 67.
(2) بصائر الدرجات: 53 / 1.
(3) المحاسن: 1 / 152 ح 74.
الحديث الثامن: العياشي بإسناده عن هشام بن سالم قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام): عن قول الله * (إن الله اصطفى آدم ونوحا) * فقال: " هو آل إبراهيم وآل محمد على العالمين فوضعوا اسما مكان اسم "(2).
الحديث التاسع: العياشي بإسناده عن أبي حمزة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " لما قضى محمد (صلى الله عليه وآله) نبوته واستكملت أيامه أوحى الله: يا محمد قد قضيت نبوتك واستكملت أيامك فاجعل العلم الذي عندك من الإيمان والاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة في العقب من ذريتك فإني لم أقطع العلم والإيمان والأسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة من العقب من ذريتك كما لم أقطعها من بيوتات الأنبياء الذين كانوا بينك وبين أبيك آدم وذلك قول الله: * (إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم) * وإن الله جل وتعالى لم يجعل العلم جهلا ولم يكل أمره إلى أحد من خلقه لا إلى ملك مقرب، ولا إلى نبي مرسل، ولكنه أرسل رسلا من ملائكته فقال له كذا وكذا فأمرهم بما يحب ونهاهم عما يكره فقص عليه أمر خلقه بعلمه فعلم ذلك العلم وعلم أنبياءه وأصفياءه من الأنبياء والأعوان والذرية التي بعضها من بعض فذلك قوله: * (فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما) *(3) فأما الكتاب فهو النبوة، وأما الحكمة فهم الحكماء من الأنبياء في الصفوة، وأما الملك العظيم فهم الأئمة الهداة في الصفوة وكل هؤلاء من الذرية التي بعضها من بعض التي جعل فيهم البقية وفيهم العاقبة وحفظ الميثاق وحتى تنقضي الدنيا وللعلماء ولولاة الأمر الاستنباط للعلم والهداية "(4).
الحديث العاشر: العياشي بإسناده عن أبي عبد الرحمن عن أبي كلدة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:
" قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الروح والراحة والرحمة والنصر واليسر واليسار والرضا والرضوان والمخرج والفلح والقرب والمحبة من الله ومن رسوله لمن أحب عليا وأئتم بالأوصياء من بعده حقا على أن أدخلهم في شفاعتي، وحق على ربي أن يستجيب لي فيهم، لأنهم أتباعي ومن تبعني فإنه مني مثل إبراهيم جرى في ولايته مني، وأنا منه دينه ديني وديني دينه وسنته سنتي وسنتي سنته وفضلي فضله وأنا أفضل منه وفضلي له فضل تصديق قول ربي: * (ذرية بعضها من بعض والله
____________
(1) تفسير العياشي: 1 / 168 ح 29.
(2) تفسير العياشي: 1 / 168 ح 30.
(3) النساء: 54.
(4) تفسير العياشي: 1 / 168 ح 31.
الحديث الحادي عشر: العياشي بإسناده إلى أيوب قال: سمعني أبو عبد الله (عليه السلام) وأنا أقول * (إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين) * فقال لي: " وآل محمد كانت فمحوها وتركوا آل إبراهيم وآل عمران "(2).
الحديث الثاني عشر: أبو عمرو الزبيري عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: ما الحجة في كتاب الله أن آل محمد هم أهل بيته؟ قال: " قول الله تبارك وتعالى: * (إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران وآل محمد) * هكذا نزلت * (على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم) * ولا يكون الذرية من القوم إلا نسلهم من أصلابهم وقال: * (اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور وآل عمران وآل محمد) * (صلى الله عليه وآله) رواية أبي خالد القماط(3).
الحديث الثالث عشر: وعن الشيخ الطوسي (قدس سره) روى أبو جعفر القلاني قال: حدثنا الحسين بن الحسن قال: حدثنا عمرو بن أبي المقدام عن يونس بن حباب عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما بال أقوام إذا ذكر عندهم آل إبراهيم وآل عمران فرحوا واستبشروا وإذا ذكر عندهم آل محمد اشمأزت قلوبهم والذي نفس محمد بيده لو أن أحدهم وافى بعمل سبعين نبيا يوم القيامة ما قبل الله ذلك منه حتى يوافي بولايتي وولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام) "(4) وقال أيضا روح بن روح عن رجاله عن إبراهيم النخعي عن ابن عباس (رضي الله عنه) قال: دخلت على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقلت: يا أبا الحسن أخبرني بما أوصى إليك رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟
فقال: " سأخبركم إن الله اصطفى لكم الدين وارتضاه وأتم عليكم نعمته إن كنتم أحق بها وأهلها، وإن الله أوحى إلى نبيه أن يوصي إلي فقال النبي (صلى الله عليه وآله): يا علي احفظ وصيتي وارفع ذمامي وأوف بعهدي وأنجز عداتي واقض ديني وأحيي سنتي وأدع إلى ملتي، لأن الله تعالى اصطفاني واختارني فذكرت دعوة أخي موسى (عليه السلام) فقلت: اللهم اجعل لي وزيرا من أهلي كما جعلت هارون من موسى فأوحى الله عز وجل إلي أن عليا وزيرك وناصرك والخليفة من بعدك ثم قال: يا علي أنت من أئمة الهدى وأولادك منك فأنتم قادة الهدى والتقى والشجرة التي أنا أصلها وأنتم
____________
(1) تفسير العياشي: 1 / 169 ح 33.
(2) تفسير العياشي: 1 / 169 ح 34.
(3) تفسير العياشي: 1 / 169 ح 35.
(4) أمالي الطوسي: 140 / ح 229، وفيه: حتى يلقاه بولايتي وولاية أهل بيتي.
____________
(1) بحار الأنوار: 23 / 222 ح 24.
الباب الخامس عشر
في قوله تعالى * (وأنذر عشيرتك الأقربين) *(1)
الحديث الأول: من مسند أحمد بن حنبل روى عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه قال: حدثنا أسود بن عامر قال: حدثنا شريك عن الأعمش عن المنهال عن عباد بن عبد الله الأسدي عن علي (عليه السلام) قال: " لما نزلت هذه الآية * (وأنذر عشيرتك الأقربين) * جمع النبي (صلى الله عليه وآله) من أهل بيته فاجتمع ثلاثون فأكلوا وشربوا " قال: فقال لهم: " من يضمن عني ديني ومواعيدي ويكون معي في الجنة ويكون خليفتي في أهلي، فقال رجل لم يسمه شريك: يا رسول الله أنت كنت تجد من يقوم بهذا؟ قال ثم قال لآخر: قال فعرض ذلك على أهل بيته، فقال علي: (عليه السلام) أنا "(2).
الحديث الثاني: عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا أسود بن عامر قال: أخبرنا شريك عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن عباد بن عبد الله الأسدي عن علي (عليه السلام):
" لما نزلت * (وأنذر عشيرتك الأقربين) * دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأربعين رجلا من أهل بيته، وإن الرجل منهم لا تحل جذعة وإن كان شاربا فرقا، فقدم إليهم فأكلوا حتى شبعوا، فقال لهم: من يضمن عني ديني ومواعيدي ويكون معي في الجنة ويكون خليفتي في أهلي؟ فعرض ذلك على أهل بيته، فقال علي (عليه السلام): أنا " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " علي يقضي ديني عني وينجز مواعيدي " ولفظ الحديث للحماني وبعضه لحديث أبي خيثمة(3).
الحديث الثالث: الثعالبي في تفسيره في سورة الشعراء في تفسير هذه الآية قال: أخبرني الحسين بن محمد بن الحسين حدثنا موسى بن محمد حدثنا الحسن بن علي بن شعيب العمري حدثنا عباد بن يعقوب حدثنا علي بن هاشم عن صباح بن يحيى المزني عن زكري بن ميسرة عن أبي إسحاق عن البراء قال: لما نزلت * (وأنذر عشيرتك الأقربين) * جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) بني عبد المطلب، وهم يومئذ أربعون رجلا الرجل منهم يأكل المسنة ويشرب العس، فأمر عليا أن يدخل
____________
(1) الشعراء: 214.
(2) مسند أحمد: 1 / 111.
(3) كنز العمال: 13 / 129 بتفاوت، وجواهر المطالب: 1 / 71، وتاريخ دمشق: 4 / 32 ط. دار الفكر.
هذا ما سحركم به الرجل، فسكت النبي (صلى الله عليه وآله) يومئذ فلم يتكلم ثم دعاهم من الغد على مثل ذلك الطعام والشراب ثم أنذرهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: " يا بني عبد المطلب إني أنا النذير إليكم من الله عز وجل والبشير لما لم يجئ به أحد جئتكم بالدنيا والآخرة فأسلموا وأطيعوني تهتدوا ومن يواخيني ويوازرني ويكون وليي ووصيي بعدي وخليفتي في أهلي ويقضي ديني؟ " فسكت القوم وأعاد ذلك ثلاثا كل ذلك يسكت القوم ويقول علي: " أنا "، فقال: أنت.
فقام القوم وهم يقولون لأبي طالب: أطع ابنك فقد أمر عليك.
وروي ذلك من طريق الثعلبي في تفسيره بالسند والمتن بتغيير يسير لا يضر بالمعنى(1).
الحديث الرابع: ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة وهو من أعيان علماء العامة قال: ذكر الطبري في تاريخه عن عبد الله بن عباس عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: " لما نزلت هذه الآية * (وأنذر عشيرتك الأقربين) * على رسول الله (صلى الله عليه وآله) دعاني فقال: يا علي إن الله أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين فضقت بذلك ذرعا وعلمت أنه متى ما أبادرهم بهذا الأمر أر منهم ما أكره فصمت حتى جاءني جبرئيل فقال يا محمد إنك إن لم تفعل ما أمرت به يعذ بك ربك فاصنع لنا صاعا من طعام واجعل عليه رجل شاة واملأ لنا عسا من لبن ثم أجمع بني عبد المطلب حتى أكلمهم وأبلغهم ما أمرت به ففعلت ما أمرني به ثم دعوتهم وهم يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصونه رجلا، فيهم أعمامه أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب، فلما اجتمعوا إليه دعى بالطعام الذي صنعت لهم فجئت به.
فلما وضعته تناول رسول الله (صلى الله عليه وآله) بضعة من اللحم فشقها بأسنانه ثم ألقاها في نواحي الصحفة ثم قال: كلوا بسم الله، فأكلوا حتى ما لهم إلى شئ من حاجة، وأيم الله الذي نفس علي بيده إن كان الرجل الواحد منهم ليأكل ما قدمته لجميعهم، ثم قال: اسق القوم يا علي فجئتهم بذلك العس فشربوا منه حتى رووا جميعا، وأيم الله إن كان الرجل منهم ليشرب مثله.
فلما أراد رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يكلمهم بدره أبو لهب إلى الكلام فقال: لشد ما سحركم صاحبكم فتفرق القوم ولم يتكلم رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: من الغد يا علي إن هذا الرجل قد سبقني إلى ما سمعت من القول فتفرق القوم قبل أن أكلمهم فعد لنا اليوم إلى مثل ما صنعت بالأمس ثم أجمعهم
____________
(1) العمدة: 38 عن الثعلبي.
الحديث الخامس: ابن أبي الحديد في (شرح نهج البلاغة) قال: روى أبو جعفر الطبري أيضا في التاريخ أن رجلا قال لعلي (عليه السلام): يا أمير المؤمنين بم ورثت ابن عمك؟ دون عمك فقال علي (عليه السلام):
" هاؤم ثلاث مرات حتى اشرأب الناس ونشروا أذانهم ثم قال: جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) بني عبد المطلب بمكة وهم رهط كلهم يأكل الجذعة ويشرب الفرق فصنع مدا من طعام حتى أكلوا وشبعوا وبقي الطعام كما هو كأنه لم يمس ثم دعا بغمر فشربوا ورووا وبقي الشراب كأنه لم يشرب ثم قال: يا بني عبد المطلب إني بعثت إليكم خاصة وإلى الناس عامة، فأيكم يبايعني على أن يكون أخي وصاحبي ووارثي فلم يقم عليه أحد فقمت إليه، وكنت من أصغر القوم فقال:
أجلس قال: ذلك ثلاث مرات كل ذلك أقوم إليه فيقول أجلس حتى كان في الثالثة فضرب بيده على يدي، فعند ذلك ورثت ابن عمي دون عمي "(2).
____________
(1) شرح نهج البلاغة: 13 / 210.
(2) شرح نهج البلاغة: 13 / 212.
الباب السادس عشر
في قوله تعالى * (وأنذر عشيرتك الأقربين) *
الحديث الأول: ابن بابويه قال: حدثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب وجعفر بن محمد ابن مسرور (رضي الله عنه) قالا: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري عن أبيه عن الريان بن الصلت قال:
حضر الرضا (عليه السلام) مجلس المأمون وقد اجتمع في مجلسه جماعة من علماء أهل العراق وخراسان وذكر الحديث إلى أن قال: " قالت العلماء فأخبرنا هل فسر الله الاصطفاء في الكتاب؟ فقال الرضا (عليه السلام): " فسر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثني عشر موطنا وموضعا فأول ذلك قوله تعالى: * (وأنذر عشيرتك الأقربين ورهطك المخلصين) * هكذا في قراءة أبي بن كعب وهي ثابتة في مصحف عبد الله بن مسعود وهذه منزلة رفيعة وفضل عظيم وشرف عال حين عنى بذلك الآل فذكره رسول الله (صلى الله عليه وآله) فهذه واحدة "(1).
الحديث الثاني: ابن بابويه قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رضي الله عنه) قال: حدثنا عبد العزيز قال: حدثنا المغيرة بن محمد قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن عبد الرحمن الأزدي قال: حدثنا قيس بن الربيع وشريك بن عبد الله عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن عبد الله بن الحارث بن نوفل عن علي بن أبي طالب قال: " لما نزلت * (وأنذر عشيرتك الأقربين) * أي: رهطك المخلصين، دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بني عبد المطلب وهم إذ ذاك أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصون رجلا فقال: أيكم يكون أخي ووارثي ووزيري ووصيي وخليفتي فيكم بعدي؟ فعرض عليهم ذلك رجلا رجلا كلهم يأبى ذلك حتى أتى عليا فقال: أنا يا رسول الله فقال: يا بني عبد المطلب هذا أخي ووارثي ووزيري وخليفتي فيكم بعدي فقام القوم يضحك بعضهم إلى بعض ويقولون لأبي طالب قد أمرك أن تسمع وتطيع لهذا الغلام "(2).
الحديث الثالث: الشيخ الطوسي في مجالسه قال: حدثنا جماعة عن أبي الفضل قال: حدثنا أبو جعفر الطبري سنة ثمان وثلاثمائة قال: حدثنا محمد بن حميد الرازي قال: حدثنا سلمة بن
____________
(1) أمالي الصدوق: 617 / مجلس 79 / ح 1.
(2) علل الشرايع: 1 / 170 / ح 2.
حدثنا سلمة ابن صالح الجعفي عن سليمان الأعمش وأبي مريم جميعا عن المنهال بن عمرو عن عبد الله بن الحارث بن نوفل عن عبد الله بن عباس عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: " لما نزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه وآله) * (وأنذر عشيرتك الأقربين) * دعاني رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال لي: يا علي إن الله تعالى أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين قال: فضقت بذلك ذرعا وعرفت أني متى أناديهم بهذا الأمر أر منهم ما أكره فصمت على ذلك، وجاءني جبرئيل (عليه السلام) فقال: يا محمد إنك إن لم تفعل ما أمرت به عذبك ربك، فاصنع لنا يا علي صاعا من طعام واجعل عليه رجل شاة واملأ لنا عسا من لبن ثم أجمع له بني عبد المطلب حتى أكلمهم وأبلغهم ما أمرت به.
ففعلت ما أمرني به ثم دعوتهم أجمع وهم - يومئذ - أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصون رجلا فيهم أعمامه أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب، فلما اجتمعوا له دعاني بالطعام الذي صنعته لهم فجئت به فلما وضعته تناول رسول الله (صلى الله عليه وآله) جذمة من اللحم فشقها بأسنانه ثم ألقاها في نواحي الصحفة ثم قال: خذوا بسم الله، فأكل القوم حتى صدروا ما لهم بشئ من الطعام من حاجة، وما أرى إلا مواضع أيديهم، وأيم الله نفس علي بيده إن كان الرجل الواحد منهم ليأكل ما قدمت لجميعهم، ثم جئتهم بذلك العس فشربوا حتى رووا جميعا، وأيم الله إن كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله، فلما أراد رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يكلمهم ابتدره أبو لهب بالكلام فقال: لشد ما سحركم صاحبكم.
فتفرق القوم ولم يكلمهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال لي: من الغد يا علي إن هذا الرجل قد سبقني إلى
ما سمعت من القول فتفرق القوم قبل أن أكلمهم فعد لنا من الطعام بمثل ما صنعت، ثم أجمعهم
لي قال: ففعلت ثم جمعتهم فدعاني بالطعام فقربته لهم ففعل كما فعل بالأمس وأكلوا حتى ما لهم
به من حاجة ثم قال: أسقهم فجئتهم بذلك العس فشربوا حتى رووا منه جميعا، ثم تكلم رسول
الله (صلى الله عليه وآله) وقال: يا بني عبد المطلب إني والله ما أعلم شابا في العرب جاء قومه بأفضل ما جئتكم به،
إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني ربي عز وجل أن أدعوكم إليه، فأيكم يؤمن بي
ويؤازرني على أمري فيكون أخي ووصي ووزيري وخليفتي في أهلي من بعدي؟ قال: فأمسك
القوم وأحجموا عنها جميعا قال: فقمت، وإني لأحدثهم سنا وأرمصهم عينا وأعظمهم بطنا
وأحمشهم ساقا فقلت: أنا يا نبي الله أكون وزيرك على ما بعثك الله به قال: فأخذ بيدي ثم قال: هذا
أخي ووصيي ووزيري وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا، قال: فقام القوم يضحكون ويقولون