الصفحة 281
لأبي طالب قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع "(1).

الحديث الرابع: محمد بن العباس بن ماهياد الثقة في تفسيره قال: حدثنا عبد الله بن زيد عن إسماعيل بن إسحاق الراشدي وعلي بن محمد بن مخلد الدهان عن الحسن بن علي بن عفان قال:

حدثنا أبو زكريا يحيى بن هاشم الشمساوي عن محمد بن عبد الله بن علي بن أبي رافع مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن أبيه عن جده أبي رافع قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) جمع بني عبد المطلب في الشعب، وهم يومئذ ولد عبد المطلب لصلبه وأولاده أربعون رجلا، فصنع لهم رجل شاة ثم ثرد لهم ثردة وصب عليها ذلك المرق واللحم، ثم قدمها إليهم فأكلوا منها حتى تضلعوا، ثم سقاهم عسا واحدا من لبن فشربوا كلهم من ذلك العس حتى رووا منه.

فقال أبو لهب: والله إن منا لنفرا يأكل أحدهم الجفنة ولا تكاد تشبعه ويشرب الظرف من النبيذ فما يرويه، وأن ابن أبي كبشة دعانا فجمعنا على رجل شاة وعس من شراب فشبعنا وروينا منها إن هذا لهو السحر المبين، قال ثم دعاهم فقال لهم: " إن الله عز وجل قد أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين ورهطي المخلصين وأنتم عشيرتي الأقربون ورهطي المخلصون، وإن الله لم يبعث نبيا إلا جعل له من أهله أخا ووارثا ووزيرا ووصيا، فأيكم يقوم يبايعني على إنه أخي ووزيري ووارثي دون أهلي ووصيي وخليفتي في أهلي ويكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي "؟ فسكت القوم، فقال: " والله ليقومن قائمكم أو ليكونن في غيركم ثم لتندمن " قال: فقام علي (عليه السلام) وهم ينظرون إليه كلهم، فبايعه وأجابه إلى ما دعاه إليه، فقال له: " ادن مني " فدنا منه فقال له: " افتح فاك " ففتحه فنفث فيه من ريقه وتفل بين كتفيه وبين ثدييه، فقال أبو لهب: لبئس ما جزيت به ابن عمك أجابك لما دعوته إليه فملأت فاه ووجهه بزاقا، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " بل ملأته علما وحلما وفقها "(2).

الحديث الخامس: علي بن إبراهيم في تفسيره وهو منسوب إلى الصادق (عليه السلام) قال: * (قال ورهطك منهم المخلصين) * وقال: قال: " نزلت بمكة فجمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) بني هاشم وهم أربعون رجلا كل واحد منهم يأكل الجذع ويشرب القربة، فاتخذ لهم طعاما يسيرا بسحب ما أمكن فأكلوا حتى شبعوا فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من يكون وصيي ووزيري وخليفتي، فقال لهم أبو لهب: جزما سحركم محمد فتفرقوا، فلما كان اليوم الثاني أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ففعل بهم مثل ذلك، ثم سقاهم اللبن حتى رووا، فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله): أيكم يكون وصيي ووزيري وخليفتي. فقال أبو لهب:

____________

(1) أمالي الطوسي: 581 / مجلس 24 / ح 11.

(2) بحار الأنوار: 34 / 249 ح 43.


الصفحة 282
جزما سحركم محمد فتفرقوا، فلما كان اليوم الثالث أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ففعل بهم مثل ذلك ثم سقاهم اللبن فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله): أيكم يكون وصيي ووزيري ومنجز عداتي ويقضي ديني؟

فقال علي (عليه السلام) وكان أصغرهم سنا وأحمشهم ساقا وأقلهم ما لا، فقال: أنا يا رسول الله فقال رسول الله: أنت هو "(1).

الحديث السادس: محمد بن العباس عن محمد بن الحسين الخثعمي عن عباد بن يعقوب عن الحسن بن حماد عن أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: عز وجل: * (ورهطك منهم المخلصين) * قال: " علي وحمزة وجعفر والحسن والحسين وآل محمد صلوات الله عليهم خاصة "(2).

الحديث السابع: أبو علي الطبرسي في تفسيره (مجمع البيان) في تفسير الآية قال عند الخاص والعام في الخبر المأثور عن البراء ابن عازب أنه قال: لما نزلت هذه الآية جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) بني عبد المطلب وهم يومئذ أربعون رجلا الرجل منهم يأكل المسنة(3) ويشرب العس، فأمر عليا (عليه السلام) برجل شاة فأدمها(4) ثم قال لهم: " ادنوا بسم الله " فدنا القوم عشرة عشرة فأكلوا حتى صدروا، ثم دعا بقعب(5) من لبن فجرع منه جرعة ثم قال لهم: " اشربوا " فشربوا حتى رووا، فبدرهم أبو لهب فقال:

هذا ما سحركم به الرجل، فمكث رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولم يتكلم، فدعاهم من الغد على مثل ذلك من الطعام والشراب، ثم أنذرهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: " يا بني عبد المطلب إني أنا النذير إليكم من الله عز وجل والبشير فأسلموا وأطيعوني تهتدوا " ثم قال: " من يؤاخيني ويوازرني على هذا الأمر ويكون وليي ووصيي بعدي وخليفتي في أهلي ويقضي ديني؟ " فسكت القوم، فأعادها ثلاثا كل ذلك يسكت القوم، ويقول علي (عليه السلام): " أنا " فقال له في المرة الثالثة: " أنت هو " فقام القوم وهم يقولون لأبي طالب: أطع ابنك فقد أمر عليك. أورده الثعلبي في تفسيره، وقال في قراءة عبد الله بن مسعود " وأنذر عشيرتك الأقربين ورهطك منهم المخلصين " وروى ذلك عن أبي عبد الله (عليه السلام)، هذا بلفظه انتهى كلام الطبرسي(6).

الثامن: عن إبراهيم الأوسي من كتابه عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: " لما نزلت سورة الشعراء في أخرها آية الانذار * (وأنذر عشيرتك الأقربين) * أمرني رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال: " يا علي اطبخ ولو كراع شاة ولو صاع من طعام وقعب من لبن وأعمد إلى قريش " قال: فدعوتهم واجتمعوا أربعين بطلا

____________

(1) تفسير القمي: 2 / 124.

(2) بحار الأنوار: 25 / 213 ح 1.

(3) المسنة: ما بلغت الأربعة أشهر.

(4) أي خلطه بالأدام وهو الخبز.

(5) القعب: القدح الضخم.

(6) مجمع البيان: 7 / 356 - 357.


الصفحة 283
بزيادة، وكان فيهم أبو طالب وحمزة والعباس فحضرت ما أمرني به رسول الله (صلى الله عليه وآله) معمولا فوضعته بين أيديهم فضحكوا استهزاءا، فأدخل إصبعه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأربعة جوانب الجفنة.

فقال: كلوا أو قولوا: بسم الله الرحمن الرحيم، قال أبو جهل: يا محمد ما نأكل. فهل أحد منا ما يأكل الشاة مع أربعة أصواع من الطعام، قال: كل وأرني في أكلك، فأكلوا حتى تملوا، وأيم الله ما نرى أثر أكل أحدهم ولا نقص الزاد، فصاح بهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) كلوا، فقالوا: أو من يقدر على أكثر من هذا، فقال: أرفعه يا علي، فرفعته، فدنا منهم محمد (صلى الله عليه وآله) وقال: يا قوم اعلموا أن الله ربي وربكم، فصاح أبو لهب وقال: قوموا إن محمدا سحركم، فقاموا ومضوا فاستبقهم علي بن أبي طالب (عليه السلام) وأراد أن يبطش بهم، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا يا علي أدن مني، فتركهم ودنا منه فقال له:

أمرنا بالإنذار لا بذا(1) الفقار لأن له وقتا، ولكن اعمل لنا من الطعام ما عملت، وأدع لي من دعيت، فلما أتى غدا فعلت بالأمس ما فعلت، فلما اجتمعوا وأكلوا كما أكلوا، قال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما أعلم شابا من العرب جاء قومه بأفضل ما جئتكم به من أمر الدنيا والآخرة، قيل: فقال أبو جهل: قد شغلنا أمر محمد فلو قابلتموه برجل مثله يعرف السحر والكهانة لكان أشرحنا، فعد كلامه عتبة بن ربيعة، وقال: والله إني بصير بما ذكرته وقال: والله لم لا تباحثه، قال: حاشا إن كان به ما ذكرت، فقال له: يا محمد أنت خير أم هاشم، أنت خير من عبد المطلب أنت خير أم عبد الله؟

أنت خير أم علي بن أبي طالب؟ دامغ الجبابرة قاصم أصلاب أكبرهم، فلم تضل آباءنا وتشتم آلهتنا، فإن كنت تريد الرئاسة عقدنا لك ألويتها وكن رئيسا لنا ما بطنت، وإن كان بك الباه زوجناك عشرة نسوة من أكبرنا، وإن كنت تريد المال جمعنا لك من أموالنا ما يغنيك أنت وعقبك من بعدك، فما تقول؟ فقال: * (بسم الله الرحمن الرحيم حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرانا عربيا...) * إلى آية * (فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود) * فأمسك عتبة على فيه ورجع ناشده بالله أسكت، فسكت وقام ومضى، فقام من كان حاضرا خلفه فلم يلحقوه، فدخل ولم يخرج أبدا، وعدوه قريش فقال أبو جهل: قوموا بنا إليه، فدخلوا وجلسوا، قال أبو جهل: يا عتبة محمد سحرك، فقام قائما على قدميه، وقال: يا لكع الرجال، والله لو لم تكن ببيتي لقتلتك شر قتلة، يا ويلك قلت: محمد ساحر كاهن شاعر، سرنا إليه سمعناه تكلم بكلام من رب السماء فحلفته وأمسك، وقد سميتموه الصادق الأمين هل رأيتم منه كذبة؟ ولكني لو تركته يتمم ما قرأ لحل بكم الذهاب والعذاب "(2).

____________

(1) في الأصل: بذات.

(2) لم نجده في المصادر بهذه الألفاظ نعم روي قريب منه في مناقب أهل البيت للشيرواني: 104 - 105، وكنز العمال: 13 / 133 ح 36419.


الصفحة 284

الباب السابع عشر

قوله تعالى * (وآت ذا القربى حقه والمسكين...) *(1)

من طريق العامة وفيه حديث واحد


الثعلبي في تفسيره في هذه الآية قال: عنى بذلك قرابة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم قال الثعلبي: روى عن السدي عن أبي الديلمي قال: قال علي بن الحسين (عليه السلام) لرجل من أهل الشام " أقرأت القرآن " قال:

نعم، قال " فما قرأت في بني إسرائيل * (وات ذا القربى حقه) *؟ قال: وإنكم القرابة التي أمر الله تعالى أن يؤتى حقه قال: " نعم "(2).

الباب الثامن عشر

في قوله * (وآت ذا القربى حقه والمسكين...) *

من طريق الخاصة وفيه أحد عشر حديثا


الحديث الأول: محمد بن يعقوب عن علي بن محمد بن عبد الله عن بعض أصحابنا أظنه السياري عن علي بن أسباط قال: لما ورد أبو الحسن (عليه السلام) على المهدي رآه يرد المظالم فقال: " يا أمير المؤمنين ما بال مظلمتنا لا ترد "؟ فقال: وما ذاك يا أبا الحسن قال: " إن الله تبارك وتعالى لما فتح على نبيه (صلى الله عليه وآله) فدك وما والاها لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب فأنزل الله على نبيه (صلى الله عليه وآله) * (وات ذا القربى حقه) * فلم يدر رسول الله من هم فراجع في ذلك جبرائيل، وراجع جبرائيل ربه فأوحى الله إليه أن ادفع فدك إلى فاطمة (عليها السلام) فدعاها رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال لها: يا فاطمة إن الله أمرني أن ادفع إليك فدك فقالت: قد قبلت يا رسول الله من الله ومنك، فلم يزل وكلاؤها فيها حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلما ولي أبو بكر أخرج منها وكلاءها فأتته فسألته أن يردها عليها فقال: ائتيني بأسود أو أحمر يشهد لك بذلك فأتت بأمير المؤمنين (عليه السلام) وأم أيمن، فشهدوا لها فكتب لها بترك التعرض فخرجت والكتاب معها فلقاها عمر فقال: ما هذا معك يا بنت محمد؟ قالت: كتاب كتبه إلي ابن أبي قحافة قال: أرينيه، فأبت فانتزعه من يدها ونظر فيه ثم تفل فيه ومحاه وخرقه وقال لها:

____________

(1) الإسراء: 26.

(2) العمدة: 28، والبحار: 23 / 252 ح 31 كلاهما عن الثعلبي.


الصفحة 285
هذا لم يوجف عليه أبوك بخيل ولا ركاب فضعي الحبال في رقابنا.

فقال له المهدي: يا أبا لحسن حدها لي فقال: " حد منها جبل أحد، وحد منها عريش مصر، وحد منها سيف البحر، وحد منها دومة الجندل " فقال: كل هذا؟ قال: " نعم يا أمير المؤمنين هذا كله، إن هذا كله مما لم يوجف على أهله رسول الله (صلى الله عليه وآله) بخيل ولا ركاب " فقال: كثير وانظر فيه.(1)

الحديث الثاني: ابن بابويه قال: حدثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب وجعفر بن محمد ابن مسرور (رضي الله عنه) عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري عن أبيه عن الريان بن الصلت عن الرضا (عليه السلام) قال: قول الله تعالى: * (وآت ذا القربى حقه...) * " وهذه خصوصية خصهم الله العزيز الجبار بها واصطفاهم على الأمة فلما نزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: ادعوا لي فاطمة فدعيت له فقال: يا فاطمة قالت: لبيك يا رسول الله فقال (صلى الله عليه وآله) هذه فدك وهي مما لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب وهي لي خاصة دون المسلمين فقد جعلتها لك لما أمرني الله تعالى به، فخذيها لك ولولدك "(2).

الحديث الثالث: ابن بابويه قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رضي الله عنه) قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى البصري قال: حدثنا محمد بن زكريا قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يزيد قال:

حدثني أبو نعيم قال: حدثني صاحب عبد الله بن زياد عن علي بن الحسين (عليهما السلام) أنه قال لرجل من أهل الشام: " أما قرأت * (وآت ذا القربى حقه...) * قال: بلى قال: " فنحن هم "(3).

الحديث الرابع: العياشي بإسناده في تفسيره عن عبد الرحمن عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لما أنزل الله تعالى * (وآت ذا القربى حقه والمسكين...) * قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " يا جبرئيل قد عرفت المسكين فمن ذوي القربى؟ قال: هم أقاربك فدعا حسنا وحسينا وفاطمة فقال: إن ربي أمرني أن أعطيكم مما أفاء علي قال: أعطيتكم فدك "(4).

الحديث الخامس: العياشي بإسناده عن أبان بن تغلب قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) أعطى فاطمة فدكا؟ قال: كان وقفها فأنزل الله * (وآت ذا القربى حقه...) * فأعطاها رسول الله حقها قلت: رسول الله (صلى الله عليه وآله) أعطاها قال: " بل الله أعطاها "(5).

الحديث السادس: العياشي بإسناده عن أبان بن تغلب قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) أكان رسول

____________

(1) الكافي: 1 / 543 ح 5.

(2) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 2 / 211 ح 1.

(3) أمالي الصدوق: 230 / ح 242.

(4) تفسير العياشي: 2 / 287 ح 46.

(5) تفسير العياشي: 2 / 287 ح 47.


الصفحة 286
الله (صلى الله عليه وآله) أعطى فاطمة فدكا قال: " كان لها من الله "(1).

الحديث السابع: العياشي بإسناده عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " أتت فاطمة أبا بكر تريد فدكا فقال: هاتي أسود أو أحمر يشهد بذلك قال: فأتت بأم أيمن فقال لها: بما تشهدين؟ قالت: أشهد أن جبرائيل أتى محمدا فقال: فإن الله يقول: * (وآت ذا القربى حقه...) * فلم يدر محمد من هم، فقال: يا جبرائيل سل ربك من هم؟ فقال: فاطمة ذو القربى فأعطاها فدكا فزعموا أن عمر محى الصحيفة وقد كان كتبها أبو بكر "(2).

الحديث الثامن: العياشي بإسناده عن عطية العوفي قال: لما فتح رسول الله (صلى الله عليه وآله) خيبر وأفاء الله عليه فدكا وأنزل الله عليه * (وآت ذا القربى حقه...) * قال: " يا فاطمة لك فدك "(3).

الحديث التاسع: العياشي بإسناده عن عبد الرحمن بن فلح كتب المأمون إلى عبيد الله بن موسى العبسي يسأله عن قصة فدك فكتب إليه عبيد الله بن موسى بهذا الحديث(4).

الحديث العاشر: العياشي بإسناده عن الفضل بن مرزوق عن عطية أن المأمون رد فدكا على ولد فاطمة (عليها السلام)(5).

الحديث الحادي عشر: العياشي بإسناده عن أبي الطفيل عن علي (عليه السلام) قال يوم الشورى: أفيكم أحد تم نوره من السماء، وحين قال * (وآت ذا القربى حقه والمسكين...) * قالوا: لا.(6)

____________

(1) تفسير العياشي: 2 / 287 ح 48.

(2) تفسير العياشي: 2 / 287 ح 49.

(3) تفسير العياشي: 2 / 287 ح 50.

(4) تفسير العياشي: 2 / 287 ح 51.

(5) تفسير العياشي: 2 / 287 ح 51.

(6) تفسير العياشي: 2 / 288 ح 52.


الصفحة 287

الباب التاسع عشر

في قوله تعالى * (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى) *(1)

من طريق العامة وفيه حديث واحد


الثعلبي في تفسيره في تفسير هذه الآية قال: قال ابن عباس (رضي الله عنه): وهي قريظة والنضير وهما بالمدينة وفدك وهي من المدينة على ثلاثة أميال وخيبر وقرى عرسه وينبع جعلها الله تعالى لرسوله يحكم فيها ما أراد واختلفوا فيها فقال أناس: هلا قسمها؟ فأنزل الله سبحانه وتعالى هذه الآية * (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى) * قرابة رسول (صلى الله عليه وآله) وقوله تعالى * (من أهل القرى) * يعني: من أموال كفار أهل القرى، واختلف الفقهاء في وجه استحقاقهم سهمهم من المال الفئ والغنيمة، فقال قوم: أنهم يستحقون ذلك بالقرابة ولا تعتبر فيهم الحاجة وعدم الحاجة، وإليه ذهب الشافعي وأصحابه، وقال آخرون: إنهم يستحقون ذلك بالحاجة لا بالقرابة.

وإليه ذهب أبو حنيفة وأصحابه، فإذا قسم ذلك فضل الذكور على الإناث كالحكم في الميراث فيكون للذكر سهمان وللأنثى سهم.

وقال محمد بن الحسن يسوي بينهم ولا يفضل الذكور على الإناث(2).

قال يحيى بن الحسن صاحب (العمدة): الأقوى ما ذهب إليه الشافعي وهو الصحيح، ويشهد بصحته ظاهر الكتاب العزيز لقوله تعالى: * (ولذي القربى) * فأوجب لهم سهما معلوما، ولم يفرق بين من كان له حاجة وغير ذي حاجة، ومن ذهب إلى أنهم يستحقون ذلك بالحاجة لا بالقرابة فمخالف لظاهر الكتاب العزيز، لأنه لو كان الاستحقاق لمجرد الحاجة لقد كان يوجد في غيرهم من هو أحوج منهم، وإذا وجد من هو أحوج منهم وكان مجرد الاستحقاق حاصلا فيه، وهو وجود الحاجة دون القربى كان أحق به، وهذا خلاف ورود النص في لفظ الآية لأن لفظ الآية متضمن لفظ * (القربى) * ولفظ * (القربى) * حاصل فيهم لا في غيرهم، وقوله: يقسم بينهم قسمة الميراث للذكر مثل حظ الأنثيين مخالف أيضا لظاهر الكتاب العزيز، وعلى كلا الوجهين فهو مستحق لهم من جانب الميراث أولا للفظ القرآن أنه لهم، لأنهم أولوا القربى، والثاني لموافقة أبي حنيفة على قسمته للذكر مثل حظ الأنثيين، وإذا ثبت ذلك لم يبق إلا وجوب الميراث لهم (عليهم السلام) ولا حجة لمن دفعهم عنه انتهى كلامه(3).

____________

(1) الحشر: 7.

(2) العمدة: 55 / 56 عن الثعلبي.

(3) العمدة: 56 / ذيل ح 56.


الصفحة 288

الباب العشرون

في قوله تعالى * (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى...) *

من طريق الخاصة وفيه خمسة أحاديث


الحديث الأول: محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن إبراهيم ابن عمر اليماني عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول:

" نحن والله الذين عنى الله بذي القربى الذين قرنهم الله بنفسه وبنبيه (صلى الله عليه وآله) فقال: * (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل) * منا خاصة، ولم يجعل لنا سهما في الصدقة أكرم الله نبيه وأكرمنا أن يطعمنا أوساخ ما في أيدي الناس "(1).

الحديث الثاني: الشيخ في (التهذيب) بإسناده عن علي بن الحسن بن فضال عن محمد بن علي عن أبي جميلة قال: وحدثني محمد بن الحسن عن أبيه عن أبي جميلة عن محمد بن علي الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: * (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى ما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ولكن الله يسلط رسله على من يشاء) * قال: " الفئ من كان من أموال لم يكن فيها هراقة دم أو قتل، والأنفال مثل ذلك هو بمنزلته "(2).

الحديث الثالث: الشيخ بإسناده عن علي بن الحسن عن السندي بن محمد عن علاء عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سمعته يقول " الفئ والأنفال ما كان من أرض لم يكن فيها هراقة من الدماء، وقوم صولحوا وأعطوا بأيديهم، وما كان من أرض خربة أو بطون أودية فهو كله من الفئ فهذا لله ولرسوله، فما كان لله فهو لرسوله يضعه حيث شاء، وهو للإمام بعد الرسول (صلى الله عليه وآله):

وقوله * (وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب) * قال: ألا ترى هو هذا وأما قوله: * (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى...) * فهذا بمنزلة المغنم كان أبي (عليه السلام) يقول: ذلك وليس لنا فيه غير سهمين سهم الرسول وسهم القربى ثم نحن شركاء الناس فيما بقي "(3).

الحديث الرابع: محمد بن العباس الثقة في تفسيره قال: حدثنا أحمد بن إدريس عن أحمد بن

____________

(1) الكافي: 1 / 539 ح 1.

(2) تهذيب الأحكام: 4 / 133 / ح 5.

(3) تهذيب الأحكام: 4 / 134 / ح 10.


الصفحة 289
محمد بن عيسى عن علي بن حديد ومحمد بن إسماعيل بن بزيع وجميعا عن منصور بن حازم عن يزيد بن علي (عليه السلام) قال: قلت له جعلت فداك قول الله عز وجل * (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى...) * قال: " القربى هي والله قرابتنا "(1).

الحديث الخامس: محمد بن العباس قال: حدثنا أحمد بن هودة عن إسحاق بن إبراهيم عن عبد الله بن حماد عن عمرو بن أبي المقدام عن أبيه قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل:

* (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل) * فقال أبو جعفر (عليه السلام): " هذه الآية نزلت فينا خاصة فما كان لله وللرسول فهو لنا ونحن ذووا القربى ونحن المساكين لا تذهب مسكنتنا من رسول الله (صلى الله عليه وآله) أبدا ونحن أبناء السبيل فلا يعرف سبيل الله إلا بنا والأمر كله لنا "(2).

____________

(1) بحار الأنوار: 23 / 258 ح 6.

(2) بحار الأنوار: 23 / 258 ح 7.


الصفحة 290

الباب الحادي والعشرون

في قوله تعالى * (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله) *

من طريق العامة وفيه حديثان


الحديث الأول: الفقيه أبو الحسن ابن المغازلي الشافعي في كتاب الفضائل في معنى الآية قال:

أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين بن الطيب الواسطي أذنا قال: حدثنا أبو القاسم الصفار قال:

حدثنا عمر بن أحمد بن هارون قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي قال: حدثنا يعقوب ابن يوسف قال: حدثنا أبو غسان قال: حدثنا مسعود بن سعد عن جابر عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) في قوله تعالى: * (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله) * قال: " نحن الناس والله "(1).

الحديث الثاني: ابن شهرآشوب عن أبي الفتوح الرازي بما ذكره عبد الله المرزباني عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى * (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله) * نزلت في رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفي علي (عليه السلام) قال: وحدثني أبو علي الطبرسي في (مجمع البيان) المراد بالناس النبي وآله وقال أبو جعفر (عليه السلام): " المراد بالفضل فيه النبوة، وفي علي الإمامة "(2).

الباب الثاني والعشرون

في قوله تعالى * (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله) *

من طريق الخاصة وفيه خمسة أحاديث


الحديث الأول: محمد بن يعقوب عن الحسين بن محمد بن عامر الأشعري عن معلى بن محمد قال: حدثني الحسن بن علي الوشاء عن أحمد بن عائد عن ابن أذينة عن بريد العجلي قال:

سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله: * (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) * فكان جوابه:

* (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا) * يقولون لأئمة الضلالة والدعاة إلى النار: هؤلاء أهدى من آل محمد

____________

(1) مناقب ابن المغازلي: 173 / ح 314.

(2) مناقب آل أبي طالب: 3 / 15.


الصفحة 291
سبيلا * (أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا أم لهم نصيب من الملك) * يعني:

الإمامة والخلافة فإذا * (لا يؤتون الناس نقيرا) * نحن الناس الذين عنى الله، والنقير النقطة التي في وسط النواة * (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله) * نحن الناس المحسودون على ما أتانا الله من الإمامة دون خلق الله أجمعين * (فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وأتيناهم ملكا عظيما) * يقول: جعلنا منهم الرسل والأنبياء والأئمة فكيف يقرون به في آل إبراهيم وينكرونه في آل محمد (صلى الله عليه وآله) * (فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما) * "(1).

الحديث الثاني: ابن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن محمد بن فضيل عن أبي الحسن (عليه السلام) في قوله تبارك وتعالى: * (أم يحسدون الناس على ما أتاهم الله من فضله) * قال: " نحن المحسودون "(2).

الحديث الثالث: ابن يعقوب عن معلى بن محمد عن الوشاء عن حماد بن عثمان عن أبي الصباح قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: * (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله) * فقال: " يا أبا الصباح نحن والله الناس المحسودون "(3).

الحديث الرابع: ابن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن محمد بن أبي عمير عن عمر بن أذينة عن بريد العجلي عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز وجل: * (فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما) * " جعل منهم الرسل والأنبياء والأئمة فكيف يقرون في آل إبراهيم وينكرونه في آل محمد (صلى الله عليه وآله) " قال: قلت: * (وآتيناهم ملكا عظيما) * قال: " الملك العظيم أن جعل فيهم أئمة من أطاعهم أطاع الله ومن عصاهم عصى الله فهو الملك العظيم "(4).

الحديث الخامس: ابن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى عن الحسين بن المختار عن بعض أصحابنا عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز وجل: * (وآتيناهم ملكا عظيما...) * قال: " الطاعة المفروضة " وهذا الباب قد تقدم بزيادة كثيرة في المقصد الأول وكذا سابقه(5).

____________

(1) الكافي: 1 / 205 ح 1.

(2) الكافي: 1 / 206 ح 2.

(3) الكافي: 1 / 206 ح 4.

(4) الكافي: 1 / 206 ح 5.

(5) الكافي: 1 / 186 ح 4.


الصفحة 292

الباب الثالث والعشرون

في قوله تعالى * (ولسوف يعطيك ربك فترضى) *

من طريق العامة وفيه حديثان


الحديث الأول: ابن الفقيه المغازلي الشافعي في كتاب (الفضائل) قال: أخبرنا أحمد بن محمد ابن عبد الوهاب إجازة أن أبا أحمد عمر بن عبد الله شوذب أخبرهم حدثنا عثمان بن أحمد الدقاق حدثنا محمد بن أحمد بن أبي العوام قال: حدثنا محمد بن الصباح الدولائي قال: حدثنا الحكم ابن ظهير عن السدي في قوله تعالى: * (ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا) * قال: المودة في آل محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله).

وفي قوله * (ولسوف يعطيك ربك فترضى) * قال: رضى محمد أن يدخل أهل بيته الجنة(1).

الحديث الثاني: إبراهيم بن محمد الحمويني من أعيان علماء العامة قال: أخبرني أحمد بن إبراهيم عن عبد الرحمن بن عبد السميع إجازة عن شاذان القمي قرأه عليه عن محمد بن عبد العزيز عن محمد بن أحمد بن علي قال: أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسين الحداد قال:

نبأنا أبو نعيم قال: نبأنا أبو بكر بن البراء قال: نبأنا محمد بن أحمد الكاتب قال: نبأنا عيسى بن مهران قال: نبأنا حفص بن عمر قال: نبأنا الحكم بن ظهير عن أبي الزناد عن زيد بن علي في قوله عز وجل:

* (ولسوف يعطيك ربك فترضى) * فقال: إن من رضى رسول الله أن يدخل أهل بيته وذريته في الجنة(2).

____________

(1) مناقب ابن المغازلي: 195 / ح 360.

(2) درر السمطين: 2 / 295 / ب 61 / ح 553.