فاطم ذات الخير واليقين | يا بنت خير الناس أجمعين |
أما ترين البائس المسكين | قد قام بالباب له حنين |
يشكوا إلى الله ويستكين | يشكو إلينا جائع حزين |
فأجابته فاطمة (عليها السلام):
أمرك سمع يا بن عم وطاعة | ما لي من لؤم ولا وضاعة |
أطعمه ولا أبالي الساعة | أرجو لئن أشبع من مجاعة |
أن ألحق الأخيار والجماعة | وأدخل الجنة ولي شفاعة |
فقال: فأعطوه الطعام ومكثوا يومهم وليلتهم لم يذوقوا إلا الماء، فلما كان اليوم الثاني قامت فاطمة (عليها السلام) إلى صاع آخر فطحنته وخبزته وصلى علي (عليه السلام) الصلاة مع النبي (صلى الله عليه وآله) ثم أتى إلى المنزل فوضع الطعام بين يديه، فأتاهم يتيم فقال: السلام عليكم يا أهل بيت النبوة يتيم من أولاد المهاجرين استشهد والدي يوم العقبة أطعموني أطعمكم الله فسمعه علي صلوات الله عليه فأنشأ يقول:
فاطم بنت السيد الكريم | بنت نبي ليس بالذميم |
قد جاءنا الله بذا اليتيم | من يرحم اليوم فهو رحيم |
قد حرم الخلد على اللئيم | ينزل في النار إلى الجحيم |
قال: فأعطوه الطعام ومكثوا يومين وليلتين لم يذوقوا إلا الماء فلما كان في اليوم الثالث قامت فاطمة (عليها السلام) إلى الصاع الباقي فطحنته واختبزته وصلى علي (عليه السلام) مع النبي (صلى الله عليه وآله) ثم أتى المنزل فوضع الطعام بين يديه فأتاهم أسير فوقف بالباب فقال: السلام عليكم يا أهل بيت النبوة تأسروننا
فاطم يا بنت النبي أحمد | بنت نبي سيد مسود |
هذا أسير للنبي المهتد | مثقل في غله مقيد |
يشكوا إلينا الجوع قد تمدد | من يطعم اليوم يجده في غد |
عند العلي الواحد الموحد | ما يزرع الزارع سوف يحصد |
فقالت فاطمة (عليها السلام):
لم يبق مما جئت غير صاع | قد دميت كفى مع الذراع |
ابناي والله هما جياع | يا رب لا تتركهما ضياع |
أبوهما في المكرمات ساع | يصطنع المعروف بالإسراع |
قال: فأعطوه الطعام ومكثوا ثلاثة أيام ولياليها لم يذوقوا شيئا إلا الماء فلما كان في اليوم الرابع وقد قضوا نذرهم أخذ [ الإمام علي ] (عليه السلام) الحسن (عليه السلام) بيمناه والحسين بشماله، وأقبل نحو رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهم يرتعشون كالفراخ من شدة الجوع فلما بصر به النبي (صلى الله عليه وآله) قال: " يا أبا الحسن ما أشد ما يسوؤني ما أرى بكم انطلق إلى فاطمة " فانطلقوا وهي في محرابها قد لصق بطنها بظهرها من شدة الجوع وغارت عيناها فلما رآها النبي (صلى الله عليه وآله) قال: " وا غوثاه يا الله أهل بيت محمد يموتون جوعا " فنزل جبرائيل (عليه السلام) فقال: " يا محمد خذها هناك الله في أهل بيتك فقرأ عليه * (هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا) * إلى قوله * (إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا) * " إلى آخر السورة(1).
الحديث الرابع: ابن أبي الحديد وهو من المعتزلة قال في (شرح نهج البلاغة) قال: شيخنا أبو جعفر الإسكافي في الرد على الجاحظ وأنتم أيضا رويتم أن الله تعالى لما أنزل آية النجوى فقال:
* (يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ذلكم خير لكم) * الآية لم يعمل بها إلا علي بن أبي طالب وحده مع إقراركم بفقره وقلة ذات يده، وأبو بكر في الحال التي ذكرنا من السعة أمسك عن مناجاته فعاتب الله المؤمنين في ذلك فقال: * (أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإذا لم تفعلوا وتاب الله عليكم) فجعله سبحانه ذنبا يتوب عليهم منه وهو إمساكهم عن تقديم الصدقة فكيف سخت نفسه بإنفاق أربعين ألفا، وأمسك عن مناجاة الرسول وإنما كان يحتاج
____________
(1) فرائد السمطين: 2 / 53 / ب 11 / ح 383.
* (الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية) * وهو الذي قدم بين يدي نجواه صدقة دون المسلمين كافة وهو الذي تصدق بخاتمه وهو راكع فأنزل الله فيه * (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) *(1).
أقول: قصة نزول * (هل أتى) * في علي (عليه السلام) وزوجته (عليها السلام) وابنيه (عليهما السلام) مما تواتر عند العامة والخاصة فليشاء بإخراج أسانيدها الكثيرة كالاستدلال على وجود الشمس.
____________
(1) شرح نهج البلاغة: 13 / 274.
الباب الثاني والسبعون
في قوله تعالى: * (يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا) *
الأول: علي بن إبراهيم في تفسيره حدثني أبي عن عبد الله بن ميمون عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
كان عند فاطمة (عليها السلام) شعير فجعلوه عصيدة فلما أنضجوها ووضعوها بين أيديهم جاء مسكين فقال:
رحمكم الله أطعمونا مما رزقكم الله فقام علي فأعطاه ثلثها فما لبث أن جاء يتيم فقال اليتيم:
رحمكم الله أطعمونا مما رزقكم الله فقام علي (عليه السلام) فأعطاه الثلث الثاني فما لبث جاء أسير فقال الأسير: رحمكم الله أطعمونا مما رزقكم الله فقام (عليه السلام) فأعطاه الثلث الباقي وما ذاقوها فأنزل الله هذه الآية * (ويطعمون الطعام على حبه) *... إلى قوله: * (وكان سعيكم مشكورا) * في أمير المؤمنين، وهي جارية في كل مؤمن فعل مثل ذلك لله عز وجل والقمطرير الشديد * (متكئين فيها على الأرائك) * يقول متكئين في الحجال على السرر(1).
الحديث الثاني: المفيد في الإختصاص في حديث مسند برجاله قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " يا علي ما عملت في ليلتك؟ قال: ولم يا رسول الله؟ قال: قد نزلت فيك أربعة معالي قال: بأبي أنت وأمي كانت معي أربعة دراهم فتصدقت بدرهم ليلا وبدرهم نهارا وبدرهم سرا وبدرهم علانية قال: فإن الله أنزل فيك * (الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) * ثم قال له: " هل عملت شيئا غير هذا فإن الله قد أنزل علي سبعة عشر آية يتلو بعضها بعضا من قوله: * (إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا) *... إلى قوله: * (إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا) * قوله: * (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا) * قال:
فقال العالم (رضي الله عنه): " أما إن عليا لم يقل في موضع * (إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا) * ولكن الله علم من قلبه أنما أطعم لله فأخبره بما يعلم من قلبه من غير أن ينطق به "(2).
الحديث الثالث: ابن بابويه قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رضي الله عنه) قال: حدثنا أبو أحمد عبد العزيز بن يحيى الجلودي قال: حدثنا محمد بن زكريا قال: حدثنا شعيب بن واقد
____________
(1) تفسير القمي: 2 / 399.
(2) الإختصاص: 150.
حدثنا سلمة بن خالد عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه (عليه السلام) في قول الله عز وجل: * (يوفون بالنذر) * قال: " مرض الحسن والحسين (عليهما السلام) وهما صبيان صغيران فعادهما رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومعه رجلان فقال أحدهما: يا أبا الحسن لو نذرت في ابنيك نذرا إن عافاهما الله فقال: أصوم ثلاثة أيام لله شكرا لله عز وجل وكذلك قالت فاطمة (عليها السلام) وقال الصبيان: ونحن أيضا نصوم ثلاثة أيام وكذلك قالت جاريتهم فضة فألبسهما الله العافية فأصبحوا صائمين وليس عندهم طعام فانطلق علي (عليه السلام) إلى جار له من اليهود يقال له شمعون يعالج الصوف فقال: هل لك أن تعطيني جزة من صوف تغزلها لك ابنة محمد بثلاثة أصوع من شعير قال: نعم، فأعطاه فجاء بالصوف والشعير وأخبر فاطمة فقبلت وأطاعت ثم عمدت فغزلت ثلث الصوف ثم أخذت صاعا من الشعير فطحنته وعجنته وخبزت منه خمسة أقراص لكل واحد منهم قرص، وصلى علي (عليه السلام) مع النبي (صلى الله عليه وآله) المغرب ثم أتى منزله فوضع الخوان وجلسوا خمستهم فأول لقمة كسرها علي (عليه السلام) إذا مسكين قد وقف بالباب فقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمد أنا مسكين من مساكين المسلمين أطعموني مما تأكلون أطعمكم الله على موائد الجنة فوضع اللقمة من يده ثم قال:
فاطم ذات المجد واليقين | يا بنت خير الناس أجمعين |
أما ترين البائس المسكين | جاء إلى الباب له حنين |
يشكوا إلى الله ويستكين | يشكو إلينا جائع حزين |
كل أمرء بكسبه رهين | من يفعل الخير يكن حسين |
موعده في جنة رهين | حرمها الله على الضنين |
وصاحب البخل يقف حزين | تهوي به النار إلى سجين |
فأقبلت فاطمة تقول:
أمرك سمع يا بن عم وطاعة | ما بي من لؤم ولا ضراعة |
غذيت باللب وبالبراعة | أرجو إذا أشبعت من مجاعة |
إن الحق الأخيار والجماعة | وأدخل الجنة في شفاعة |
وعمدت إلى ما كان على الخوان فدفعته إلى المسكين وباتوا جياعا وأصبحوا صياما لم
فاطم بنت السيد الكريم | بنت نبي ليس بالزنيم |
قد جائنا الله بذا اليتيم | من يرحم اليوم فهو رحيم |
موعده في جنة النعيم | حرمها الله على اللئيم |
وصاحب البخل يقف ذميم | تهوي به النار إلى الجحيم |
فأقبلت فاطمة تقول:
فسوف أعطيه ولا أبالي | وأوثر الله على عيالي |
أمسوا جياعا وهم أشبالي | أصغرهما يقتل في القتال |
بكربلاء يقتل باغتيالي | لقاتليه الويل مع وبال |
يهوي في النار إلى سفالي | كبوله زادت على الأكبال |
ثم عمدت فأعطته جميع ما على الخوان وباتوا جياعا لم يذوقوا إلا الماء القراح فأصبحوا صياما وعمدت فاطمة (عليها السلام) فغزلت الثلث الباقي من الصوف وطحنت الصاع الباقي وعجنته وخبزت منه خمسة أقراص لكل واحد منهم قرص وصلى علي (عليه السلام) المغرب مع النبي (صلى الله عليه وآله) ثم أتى منزله فقرب إليه الخوان فجلسوا خمستهم، فأول لقمة كسرها علي (عليه السلام) إذا أسير من أسراء المشركين قد وقف بالباب فقال السلام عليكم يا أهل بيت محمد تأسروننا وتشدوننا ولا تطعموننا فوضع علي (عليه السلام) اللقمة من يده ثم قال:
فاطم يا بنت النبي أحمد | بنت نبي سيد مسود |
قد جائك الأسير ليس يهتد | مكبلا في غله مقيد |
يشكو إلينا الجوع قد تقدد | من يطعم اليوم يجده في غد |
عند العلي الواحد الموحد | ما يزرع الزارع سوف يحصد |
لم يبق مما كان غير صاع | قد دبرت كفي مع الذراع |
شبلاي والله هما جياع | يا رب لا تتركهما ضياع |
أبوهما للخير ذو اصطناع | عبل الذراعين طويل الباع |
وما على رأسي من قناع | إلا عباء نسجها بصاع |
وعمدوا إلى ما كان على الخوان فأعطوه وباتوا جياعا وأصبحوا مفطرين وليس عندهم شئ، قال شعيب في حديثه: وأقبل علي (عليه السلام) بالحسن والحسين (عليهما السلام) نحو رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهما يرتعشان كالفراخ من شدة الجوع فلما بصر بهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: " يا أبا الحسن أشد ما يسؤني ما أرى بكم انطلق إلى ابنتي فاطمة (عليها السلام) " فانطلقوا إليها وهي في محرابها قد لصق بطنها بظهرها من شدة الجوع وغارت عيناها فلما رآها رسول الله (صلى الله عليه وآله) ضمها إليه وقال: " وا غوثاه بالله أنتم منذ ثلاث فيما أرى " فهبط جبرائيل (عليه السلام): فقال: " يا محمد خذ ما هيأ لك في أهل بيتك " فقال: " وما آخذ يا جبرائيل؟
قال: * (هل أتى على الإنسان حين من الدهر) * حتى بلغ * (إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا) *.
وقال الحسن بن مهران في حديثه فوثب النبي (صلى الله عليه وآله) حتى دخل منزل فاطمة (عليها السلام) فرأى ما بهم فجمعهم ثم انكب عليهم يبكي وقال: " أنتم منذ ثلاث فيما أرى وأنا غافل عنكم " فهبط جبرائيل بهذه الآيات * (إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا) * قال: هي عين في دار النبي (صلى الله عليه وآله) تفجر إلى دور الأنبياء والمؤمنين * (يوفون بالنذر) * يعني عليا وفاطمة والحسن والحسين وجاريتهما فضة * (ويخافون يوما كان شره مستطيرا) * عابسا كلوحا * (ويطعمون الطعام على حبه) * يقول على شهوتهم: الطعام وإيثارهم له مسكينا من مساكين المسلمين، ويتيما من يتامى المسلمين، وأسيرا من أسارى المشركين ويقولون: إذا أطعموهم * (إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا) * قال: والله ما قالوا أهذا لهم ولكنهم أضمروه في أنفسهم فأخبر الله بإضمارهم يقولون * (لا نريد منكم جزاء) * تكافوننا به * (ولا شكورا) * تثنون علينا به ولكنا إنما أطعمناكم لوجه الله وطلب ثوابه قال الله تعالى ذكره: * (فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا) * نضرة في الوجوه، وسرورا في القلوب * (وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا) * جنة يسكنونها وحريرا يفرشونه ويكسونه * (متكئين فيها على الأرائك) * والأريكة السرير عليه الحجلة
الحديث الرابع: محمد بن العباس بن ماهيار الثقة في تفسيره قال: حدثنا أحمد بن محمد الكاتب عن الحسن بن عثمان بن أبي شيبة عن وكيع عن المسعودي عن عمرو بن بهرة عن عبد الله ابن الحارث المكتب عن أبي كثير الزبيري عن عبد الله بن العباس (رضي الله عنه) قال: مرض الحسن والحسين (عليهما السلام) فنذر علي وفاطمة (عليهما السلام) والجارية نذرا إن برءا صاموا ثلاثة أيام شكرا لله فبرءا فوفوا بالنذر وصاموا، فلما كان أول يوم قامت الجارية جرشت شعيرا لها فخبزت منه خمسة أقراص لكل واحد منهم قرص، فلما كان وقت الفطور جاءت الجارية بالمائدة فوضعتها بين أيديهم، فلما مدوا أيديهم ليأكلوا وإذا مسكين بالباب، وهو يقول: يا أهل بيت محمد مسكين آل فلان بالباب، فقال علي (عليه السلام): " لا تأكلوا وآثروا المسكين "، فلما كان اليوم الثاني فعلت الجارية كما فعلت في اليوم الأول فلما وضعت المائدة بين أيديهم ليأكلوا فإذا يتيم بالباب، وهو يقول: يا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة يتيم آل فلان بالباب، فقال علي (عليه السلام): " لا تأكلوا شيئا وأطعموا اليتيم " ففعلوا فلما كان في اليوم الثالث ففعلت الجارية كما فعلت في اليومين جاءت الجارية بالمائدة فوضعتها فلما مدوا أيديهم ليأكلوا، وإذا شيخ كبير يصيح بالباب: يا أهل بيت محمد تأسرونا ولا تطعمونا، قال:
فبكى علي بكاء شديدا وقال: " يا بنت محمد إني أحب أن يراك الله وقد آثرت هذا الأسير على نفسك وأشبالك ".
فقالت: " سبحان الله ما أعجب ما نحن فيه معك ألا ترجع إلى الله في هؤلاء الصبية الذين صنعت بهم ما صنعت وهؤلاء إلى متى يصبرون صبرنا ".
فقال لها علي (عليه السلام): " فالله يصبرك ويصبرهم ويأجرنا إن شاء الله تعالى وبه نستعين وعليه نتوكل وهو حسبنا ونعم الوكيل، اللهم بدلنا بما فاتنا من طعامنا هذا ما هو خير منه، واشكر لنا صبرنا ولا تنسه لنا إنك رحيم كريم " فأعطوه الطعام وبكر إليهم النبي (صلى الله عليه وآله) في اليوم الرابع فقال: " ما كان من خبركم في أيامكم هذه " فأخبرته فاطمة (عليها السلام) بما كان فحمد الله وشكره وأثنى عليه وضحك إليهم
____________
(1) أمالي الصدوق: 329 - 333 / 390.
قال: وضحك النبي (صلى الله عليه وآله) وقال: " إن الله قد أعطاكم نعيما لا ينفد، وقرة عين أبد الآبدين هنيئا يا بيت النبي بالقرب من الرحمن يسكنكم معه في دار الجلال والجمال، ويكسوكم من السندس والإستبرق والأرجوان، ويسقيكم الرحيق المختوم من الولدان فأنتم أقرب الخلق من الرحمن تأمنون إذا فزع الناس وتفرحون إذا حزن الناس وتسعدون إذا شقي الناس، فأنتم في روح وريحان وفي جوار الرب العزيز الجبار هو راض عنكم غير غضبان قد أمنتم العقاب ورضيتم الثواب.
تسألون فتعطون وتخفون فترضون وتشفعون فتشفعون طوبى لمن كان معكم وطوبى لمن أعزكم إن خذلكم الناس، وأعانكم إذا جفاكم الناس وآواكم إذا طردكم الناس، ونصركم إذا قتلكم الناس الويل لكم من أمتي والويل لأمتي من الله " ثم قبل فاطمة وبكى وقبل جبهة علي وبكى وضم الحسن والحسين إلى صدره وبكى وقال: " الله خليفتي عليكم في المحيا والممات وأستودعكم الله وهو خير مستودع حفظ الله من حفظكم ووصل الله من وصلكم وأعان الله من أعانكم وخذل الله من خذلكم وأخافكم، وأنا لكم سلف وأنتم لي عن قليل بي لاحقون والمصير إلى الله والوقوف بين يدي الله عز وجل والحساب على الله * (ليجزي الذين أساؤا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى) * "(1).
____________
(1) تأويل الآيات: 2 / 750 - 752 ح 6.
الباب الثالث والسبعون
في قوله تعالى: * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا) *(1)
الأول: الثعلبي في تفسير في تفسير الآية قال: أخبرنا عبد الخالق بن علي بن عبد الخالق أخبرنا أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن الصواف ببغداد وحدثنا أبو جعفر الحسن بن علي الفارسي حدثنا إسحاق بن بشر الكوفي حدثنا خالد بن يزيد عن حمزة عن أبي إسحاق السبيعي عن البراء ابن عازب قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي بن أبي طالب (عليه السلام): " يا علي قل: اللهم اجعل لي عندك عهدا واجعل لي في قلوب المؤمنين مودة " فأنزل الله عز وجل: * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا) *(2).
الحديث الثاني: إبراهيم بن محمد الحمويني قال: قال الواحدي: أنبأنا سعيد بن محمد بن إبراهيم الحرثي قال أبو بكر محمد بن أحمد الجرجرائي، أنبأنا أبو محمد الحسن بن عبد الله العبيدي، أنبأنا عبد الله بن مسلمة، أنبأنا مالك بن أنس عن زيد بن أسلم عن عطاء عن ابن عباس في قوله تعالى: * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا) * قال: نزلت في علي بن أبي طالب، ما من مسلم إلا ولعلي (عليه السلام) في قلبه محبته(3).
الحديث الثالث: الحمويني هذا قال: قال الواحدي، أنبأنا إسماعيل بن إبراهيم بن محموية، أنبأنا يحيى بن محمد العلوي، أنبأنا أبو علي الصواف ببغداد، أنبأنا الحسن بن علي بن الوليد بن النعمان الفارسي، أنبأنا إسحاق بن بشر عن خالد بن يزيد بن حمزة الزيات عن أبي إسحاق عن البراء قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): " يا علي، قل: اللهم اجعل لي عندك عهدا، واجعل لي في صدور المؤمنين مودة " فأنزل الله تعالى * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا) * قال: نزل في علي بن أبي طالب (عليه السلام)(4).
الحديث الرابع: أبو نعيم الأصفهاني بإسناده عن أبي إسحاق عن الحارث قال: قال علي (عليه السلام):
____________
(1) مريم: 97.
(2) العمدة: 289 / 472 عن الثعلبي.
(3) فرائد السمطين: 1 / 79 / ب 14 / ح 50.
(4) فرائد السمطين: 1 / 80 / ب 14 / ح 51.
الحديث الخامس: الحافظ أبو نعيم بإسناده عن البراء بن عازب قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي بن أبي طالب (عليه السلام): " يا علي قل: اللهم اجعل لي عندك عهدا، واجعل لي عندك ودا، واجعل لي في صدور المؤمنين مودة " فنزلت على رسول الله * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا) *(2).
الحديث السادس: أبو نعيم الأصفهاني بإسناده عن ابن عباس أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال لعلي: " إرفع رأسك وأدع ربك وسله يعطك " فرفع يديه وقال: " اللهم اجعل [ لي عندك عهدا واجعل ] لي عندك ودا " فنزلت هذه الآية إلى قوله: * (وتنذر به قوما لدا) *(3).
الحديث السابع: ابن شهرآشوب رواه من طريق العامة قال: قال أبو روق عن الضحاك وشعبة عن الحكم عن عكرمة والأعمش عن سعد بن جبير والعزيزي السجستاني في غريب القرآن عن عمر كلهم عن ابن عباس أنه سئل عن قوله تعالى: * (سيجعل لهم الرحمن ودا) * قال: نزلت في علي، لأنه ما من مسلم إلا ولعلي في قلبه محبة(4).
الحديث الثامن: إبراهيم الأصفهاني وأبو المفضل الشيباني وابن بطة العكبري بالإسناد عن محمد بن الحنفية وعن الباقر (عليه السلام) وفي الخبر قال: " لا تلقى مؤمنا إلا وفي قلبه ود لعلي بن أبي طالب ولأهل بيته "(5).
الحديث التاسع: زيد بن علي أن عليا (عليه السلام) أخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال له رجل: إني أحبك في الله فقال: " لعلك يا علي اصطنعت إليه معروفا؟ " قال: " لا والله ما اصطنعت إليه معروفا " فقال:
" الحمد لله الذي جعل قلوب المؤمنين تتوق إليك بالمودة " فنزلت هذه الآيات(6).
الحديث العاشر: موفق بن أحمد في كتاب (فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام)) قال: قوله تعالى: * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا) * قال ابن عباس: هو علي بن أبي طالب(7).
____________
(1) خصائص الوحي المبين: 225 / ح 174 عن أبي نعيم.
(2) خصائص الوحي: 133 / ح 77 عنه.
(3) البحار: 35 / 359 ح 11 عن أبي نعيم، والدر المنثور: 4 / 287.
(4) مناقب آل أبي طالب: 2 / 289.
(5) ذخائر العقبى: 89، وشواهد التنزيل: 1 / 464.
(6) شواهد التنزيل: 1 / 477 ح 509.
(7) مناقب الخوارزمي: 278 / 268.
الحديث الثاني عشر: ابن المغازلي الشافعي في (المناقب) يرفعه إلى ابن عباس قال: أخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيدي وأخذ بيد علي فصلى أربع ركعات ثم رفع يده إلى السماء فقال: " اللهم سألك موسى بن عمران، وأنا محمد أسألك أن تشرح لي صدري وتسير لي أمري وتحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي، واجعل لي وزيرا من أهلي عليا أشدد به أزري وأشركه في أمري ".
قال ابن عباس فسمعت مناديا ينادي: " يا أحمد قد أعطيت ما سألت " فقال النبي (صلى الله عليه وآله): " يا أبا الحسن إرفع يدك إلى السماء وأدع ربك وأسأله يعطيك فرفع علي يده إلى السماء وهو يقول اللهم اجعل لي عندك عهدا واجعل لي عندك ودا " فأنزل الله تعالى على نبيه * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا) * فتلاها النبي (صلى الله عليه وآله) على أصحابه فتعجبوا من ذلك عجبا شديدا فقال النبي: " مم تعجبون إن القرآن أربعة أرباع فربع فينا أهل البيت خاصة، وربع في أعدائنا، وربع حلال وربع حرام، وربع فضائل وأحكام، والله أنزل في علي كرائم القرآن "(2).
الحديث الثالث عشر: ابن المغازلي الشافعي في مناقبه يرفعه إلى البراء بن عازب قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي: " يا علي قل: اللهم اجعل لي عندك عهدا، واجعل لي عندك ودا، واجعل لي في صدور المؤمنين مودة " فنزلت * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا) * نزلت في علي بن أبي طالب(3).
الحديث الرابع عشر: الجبري عن ابن عباس أنها نزلت في علي خاصة.
____________
(1) مناقب الخوارزمي: 278 / 269.
(2) مناقب ابن المغازلي: 202 / ح 375.
(3) مناقب ابن المغازلي: 201 / ح 374.