الصفحة 109

الباب الرابع والسبعون

في قوله تعالى: * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا) *

من طريق الخاصة وفيه أحد عشر حديثا


الحديث الأول: محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن سلمة بن الخطاب عن الحسن بن عبد الرحمن عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) قوله: * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا) * قال: " ولاية أمير المؤمنين هي الود الذي قال الله "(1).

الحديث الثاني: علي بن إبراهيم في تفسيره قال: حدثنا جعفر بن أحمد عن عبيد الله بن موسى عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن أبيه عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) قوله:

* (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا) * قال: " ولاية أمير المؤمنين هي الود الذي ذكره "(2).

الحديث الثالث: محمد بن العباس في تفسيره قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة عن عون بن سلم عن بشر بن عمارة الخثعمي عن أبي الجارود عن الضحاك عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية في علي (عليه السلام) * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا) * قال: " محبة في قلوب المؤمنين "(3).

الحديث الرابع: محمد بن العباس قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى عن محمد بن زكريا عن يعقوب بن جعفر ابن سليمان عن علي بن عبد الله محمد بن العباس عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله عز وجل: * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا) * قال: " نزلت في علي (عليه السلام) فما من مؤمن إلا وفي قلبه حب لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) "(4).

الحديث الخامس: علي بن إبراهيم قال: قال الصادق (عليه السلام): " كان سبب نزول هذه الآية أن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان جالسا بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال له: قل يا علي اللهم اجعل لي في قلوب

____________

(1) الكافي: 1 / 431 ح 90.

(2) تفسير القمي: 2 / 57.

(3) تأويل الآيات: 1 / 308 ح 17.

(4) تأويل الآيات: 1 / 308 ح 18.


الصفحة 110
المؤمنين ودا فأنزل الله * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا) * "(1).

الحديث السادس: أبو علي الطبرسي في (مجمع البيان) قال في تفسير أبي حمزة الثمالي حدثني أبو جعفر الباقر (عليه السلام) قال: " قال رسول (صلى الله عليه وآله): يا علي قل: اللهم اجعل لي عندك عهدا واجعل لي في قلوب المؤمنين ودا، [ فقالها علي ] فنزلت الآية "(2).

الحديث السابع: الطبرسي أيضا وروى نحوه عن جابر بن عبد الله يعني مثل الحديث السابق(3)

قبله بلا فصل شرف الدين النجفي قال علي بن إبراهيم: روى فضالة بن أيوب عن أبان بن عثمان عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات) * قال:

" * (آمنوا) * بأمير المؤمنين * (وعملوا الصالحات) * بعد المعرفة "(4).

الحديث الثامن: السيد الرضي في (الخصائص) بإسناد مرفوع إلى عبد الله بن عباس (رضي الله عنه) قال:

نزلت هذه الآية في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا) * قال: محبة في قلوب المؤمنين(5).

الحديث التاسع: ابن الفارسي في (روضة الواعظين) قال: قال الباقر: " من جاء بالحسنة فله خير منها ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار (والحسنة) ولاية علي وحبه (والسيئة) عداوة علي وبغضه، ولا يرفع معها عمل قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا) * هو علي * (فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين) * قال: هو علي * (وتنذر به قوما لدا) * قال: بني أمية قوما ظلمه "(6).

الحديث العاشر: محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن سلمة بن الخطاب عن الحسن بن عبد الرحمن عن علي بن أبي حمزة عن أبيه عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): * (فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا) * قال: " إنما يسره الله على لسان نبيه (صلى الله عليه وآله) حين أقام أمير المؤمنين علما فبشر به المؤمنين، وأنذر به الكافرين وهم القوم الذين ذكرهم الله في كتابه * (قوما لدا) * أي: كفارا "(7).

الحديث الحادي عشر: علي بن إبراهيم في تفسيره قال: حدثنا جعفر بن أحمد عن عبيد الله

____________

(1) تفسير القمي: 2 / 56.

(2) مجمع البيان: 6 / 455 مورد الآية.

(3) مجمع البيان: 6 / 455.

(4) تأويل الآيات: 1 / 308 ح 16.

(5) الخصائص: 71.

(6) روضة الواعظين: 106.

(7) الكافي: 1 / 431 ح 90.


الصفحة 111
ابن موسى عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن أبيه عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال قلت له: * (فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا) * قال: " إنما يسره على لسان نبيه حتى أقام أمير المؤمنين (عليه السلام) علما فبشر به المؤمنين، وأنذر به الكافرين وهم القوم الذين ذكرهم الله قوما لدا كفارا "(1).

____________

(1) تفسير القمي: 2 / 57.


الصفحة 112

الباب الخامس والسبعون

في قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه
فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين) *(1)

من طريق العامة وفيه حديثان


الحديث الأول: الثعلبي في تفسيره في تفسير قوله تعالى: * (فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه) * قال: هو علي بن أبي طالب (عليه السلام)(2).

الحديث الثاني: الثعلبي قال: أخبرنا عبد الله بن حامد بن محمد أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن حدثنا محمد بن يحيى حدثنا محمد بن شيب حدثنا أبي عن يونس عن ابن شهاب عن ابن المسيب عن أبي هريرة أنه كان يحدث أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: " يرد على الحوض يوم القيامة رهط من أصحابي فيحلون عن الحوض فأقول يا رب يا رب أصحابي أصحابي، فيقال: إنك لا علم لك بما أحدثوا إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى "(3).

الباب السادس والسبعون

في قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه
فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه) *

من طريق الخاصة وفيه ثلاثة أحاديث


الأول: أبو علي الطبرسي في تفسيره في (مجمع البيان) في تفسير الآية قيل: هم أمير المؤمنين علي (عليه السلام) وأصحابه حين قاتله من قاتله الناكثين والقاسطين والمارقين قال: وروي ذلك عن عمار وحذيفة وابن عباس، قال: وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليه السلام).

[ وروي عن علي أنه ] قال يوم البصرة: " والله ما قوتل أهل هذه الآية حتى اليوم، وتلا هذه الآية "(4).

____________

(1) المائدة: 54.

(2) العمدة: 288 / 470 عن الثعلبي.

(3) العمدة: 289 / 471 عن الثعلبي.

(4) مجمع البيان: 3 / 359 - 358.


الصفحة 113
الحديث الثاني: محمد بن الحسن الشيباني في تفسيره (نهج البيان) في معنى الآية المروي عن الباقر والصادق (عليهما السلام) أن هذه الآية نزلت في علي (عليه السلام)(1).

الحديث الثالث: علي بن إبراهيم في تفسيره في معنى الآية قال: قال هو مخاطبة لأصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذين غصبوا آل محمد حقهم وارتدوا عن دين الله * (فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه) * نزلت في علي (عليه السلام)(2).

____________

(1) تفسير فرات: 123 / ح 133، والعمدة: 288 / ح 470.

(2) تفسير القمي: 1 / 170 وفيه نزلت في القائم (عليه السلام) وأصحابه.


الصفحة 114

الباب السابع والسبعون

في قوله تعالى: * (وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا) *(1)

من طريق العامة فيه أربعة أحاديث


الأول: الثعلبي في تفسير هذه الآية قال: أخبرني أبو عبد الله القاتبي أخبرنا أبو الحسين النصيبي الفامي أخبرنا أبو بكر السبيعي الحلبي حدثنا علي بن العباس المقانعي حدثنا جعفر بن محمد بن الحسين حدثنا محمد بن عمرو حدثنا الحسين المشقر حدثنا أبو قتيبة التميمي قال: سمعت ابن سيرين في قوله تعالى: * (هو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا) * قال: نزلت في النبي (صلى الله عليه وآله) وعلي بن أبي طالب (عليه السلام) زوج فاطمة عليا وهو ابن عمه وزوج ابنته فكان نسبا وكان صهرا وكان ربك قديرا(2).

الحديث الثاني: إبراهيم بن محمد الحمويني بإسناده المتصل إلى حسين الأشقر قال: سمعت ابن سيرين يقول في قوله تعالى: * (وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا) * قال: نزلت في النبي (صلى الله عليه وآله) وعلي بن أبي طالب (عليه السلام) زوج فاطمة عليا وهو ابن عمه وزوج ابنته فكان نسبا وكان صهرا * (وكان ربك قديرا) *(3).

الحديث الثالث: ابن شهرآشوب من طريق الخاصة والعامة روى ذلك عن ابن عباس وابن مسعود وجابر والبراء وأنس وأم سلمة والسدي وابن سيرين والباقر (عليه السلام) في قوله تعالى: * (وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا) * قال: " هو محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) " وفي رواية " البشر الرسول والنسب فاطمة والصهر علي "(4).

الحديث الرابع: المالكي في (الفصول المهمة) عن محمد بن سيرين في قوله تعالى: * (وهو الذي خلق من الماء بشرا) * الآية، أنها نزلت في النبي وعلي بن أبي طالب (رضي الله عنه) ابن عم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وزوج ابنته فاطمة فكان نسبا وصهرا(5).

____________

(1) الفرقان: 54.

(2) العمدة: 288 / 469 عن الثعلبي.

(3) فرائد السمطين: 1 / 370 / ب 68 / ح 301.

(4) مناقب آل أبي طالب: 2 / 29.

(5) الفصول المهمة: 28، والعمدة عن الثعلبي: 288 ح 469.


الصفحة 115

الباب الثامن والسبعون

في قوله تعالى: * (وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا) *

من طريق الخاصة وفيه أربعة أحاديث


الحديث الأول: ابن بابويه قال: حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رضي الله عنه) قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى بالبصرة قال حدثني المغيرة بن محمد قال: حدثنا رجا بن سلمة عن عمرو بن شمر عن جابر الجعفي عن أبي جعفر محمد بن علي (عليه السلام) قال خطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بالكوفة منصرفه من النهروان وبلغه أن معاوية يسبه ويعيبه ويقتل أصحابه فقام خطيبا وذكر الخطبة وذكر أسمائه (عليه السلام) في القرآن إلى أن قال فيها (عليه السلام): " وأنا الصهر يقول الله عز وجل:

* (وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا) * "(1).

الحديث الثاني: الشيخ في أماليه قال: حدثنا محمد بن علي بن خشيش قال: حدثنا أبو الحسن علي بن القاسم بن يعقوب بن عيسى بن الحسين بن جعفر بن إبراهيم القيسي الخراز إملاء في منزله قال: حدثنا أبو زيد محمد بن الحسين بن مطاع المسلي إملاء قال: حدثنا أبو العباس أحمد ابن جبر القواس خال ابن كردي قال: حدثنا محمد بن سلمة الواسطي قال: حدثنا يزيد بن هارون قال:

حدثنا ثابت عن أنس ابن مالك قال: ركب رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات يوم بغلته فانطلق إلى جبل آل فلان وقال: " يا أنس خذ البغلة وانطلق إلى موضع كذا وكذا تجد عليا جالسا يسبح بالحصى فأقرأه مني السلام واحمله على البغلة وائت به إلي " قال أنس: فذهبت فوجدت عليا (عليه السلام) كما قال رسول الله فحملته على البغلة فأتيت به إليه، فلما أن نظر(2) به رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: " السلام عليك يا رسول الله " قال: " وعليك السلام يا أبا الحسن اجلس فإن هذا موضع قد جلس فيه سبعون نبيا مرسلا، ما جلس فيه أحد من الأنبياء إلا وأنا خير منه، وقد جلس في موضع كل نبي أخ له ما جلس فيه من الأخوة أحد إلا وأنت خير منه " قال أنس: فنظرت إلى سحابة قد أظلتهما ودنت من رؤوسهما فمد النبي (صلى الله عليه وآله) يده إلى السحابة فتناول عنقود عنب فجعله بينه وبين علي، وقال: " كل يا أخي فهذه هدية من الله إلي ثم إليك ". قال أنس: علي أخوك؟ قال: نعم. قلت: يا رسول الله صف كيف علي

____________

(1) معاني الأخبار: 59 / 9، ومناقب آل أبي طالب: 2 / 29، والعمدة: 288 / ح 469.

(2) بصر.


الصفحة 116
أخوك قال: " إن الله عز وجل خلق ماء تحت العرش قبل أن يخلق آدم بثلاثة آلاف عام وأسكنه في لؤلؤة خضراء في غامض علمه إلى أن خلق آدم فلما خلق آدم نقل ذلك الماء من اللؤلؤة فأجراه في صلب آدم إلى أن قبضه الله، ثم نقله في صلب شيث، فلم يزل ذلك الماء ينتقل من ظهر إلى ظهر حتى صار في عبد المطلب ثم شقه الله عز وجل نصفين نصف في أبي عبد الله بن عبد المطلب ونصف في أبي طالب، فأنا من نصف الماء وعلي من النصف الآخر، فعلي أخي في الدنيا والآخرة " ثم قرأ رسول الله (صلى الله عليه وآله) * (وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا) *(1).

الحديث الثالث: محمد بن العباس قال: حدثنا علي بن عبد الله بن أسد عن إبراهيم بن محمد الثقفي عن أحمد بن معمر الأسدي عن الحسن بن محمد الأسدي من الحكم بن ظهير عن السدي عن أبي مالك عن ابن عباس قال: قوله عز وجل: * (وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا) * نزلت في النبي (صلى الله عليه وآله) وعلي (عليه السلام) زوج النبي (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام) ابنته وهو ابن عمه فكان له نسبا وصهرا(2).

الحديث الرابع: محمد بن العباس قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى قال: حدثنا المغيرة بن محمد عن رجا بن سلمة عن نابل بن نجيح عن عمرو بن شمر عن جابر الجعفي عن عكرمة عن ابن عباس في قول الله عز وجل: * (وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا) * قال: لما خلق الله آدم وخلق نطفة من الماء فمزجها بنوره ثم أودعها آدم (عليه السلام) ثم أودعها ابنه شيث ثم أنوش ثم قينان ثم أبا فأبا حتى أودعها إبراهيم (عليه السلام) ثم أودعها إسماعيل (عليه السلام)، ثم أما فأما وأبا فأبا من طاهر الأصلاب إلى مطهرات الأرحام حتى صارت إلى عبد المطلب ففرق ذلك النور فرقتين فرقة إلى عبد الله فولد محمدا (صلى الله عليه وآله) وفرقة إلى أبي طالب فولد عليا (عليه السلام)، ثم ألف الله النكاح بينهما فزوج الله عليا بفاطمة (عليها السلام) فذلك قوله عز وجل: * (وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا) *(3).

____________

(1) أمالي الطوسي: 312 - 313 ح 637.

(2) تأويل الآيات: 1 / 377 ح 13.

(3) تأويل الآيات: 1 / 377 ح 14، وبحار الأنوار: 31 / 361 ح 4.


الصفحة 117

الباب التاسع والسبعون

في قوله تعالى: * (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم
في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم) * إلى قوله * (لا يشركون به شيئا) *

من طريق العامة وفيه حديث واحد


ابن شهرآشوب من تفسير أبي عبيدة وعلي بن حرب الطائي، قال عبد الله بن مسعود: الخلفاء أربعة آدم * (إني جاعل في الأرض خليفة) * وداود * (يا داود إنا جعلناك خليفة) * يعني بيت المقدس، وهارون، قال موسى: * (اخلفني في قومي) * وعلي * (وعد الله الذين آمنوا منكم) * يعني علي بن أبي طالب * (ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم) * آدم وداود وهارون * (وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم) * يعني الإسلام * (وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا) * يعني أهل مكة * (يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك) * بولاية علي بن أبي طالب * (أولئك هم الفاسقون) * يعني العاصين لله ولرسوله وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): " من لم يقل إني رابع الخلفاء فعليه لعنة الله " ثم ذكر نحو هذا المعنى(1).

____________

(1) مناقب آل أبي طالب: 2 / 262.


الصفحة 118

الباب الثمانون

في قوله تعالى * (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض
كما استخلف الذين من قبلهم) * إلى قوله: * (لا يشركون بي شيئا) *

من طريق الخاصة وفيه عشرة أحاديث


الأول: محمد بن يعقوب عن الحسين بن محمد بن معلى بن محمد بن الوشا عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله جل جلاله: * (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم) * قال: " هم الأئمة "(1).

الثاني: ابن يعقوب عن الحسين بن محمد الأشعري عن معلى بن محمد عن أحمد بن محمد عن أبي مسعود عن الجعفري قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " الأئمة خلفاء الله عز وجل في أرضه "(2).

الثالث: محمد بن إبراهيم النعماني قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة قال: حدثني أحمد بن يوسف بن يعقوب الجعفي من كتابه قال: حدثنا إسماعيل بن مروان قال: حدثنا علي بن أبي حمزة عن أبيه عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله: * (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا) *(3) قال: " القائم وأصحابه "(4).

الرابع: محمد بن إبراهيم النعماني عن محمد بن همام قال: حدثني جعفر بن محمد بن مالك الفزاري الكوفي قال: حدثني محمد بن أحمد عن محمد بن سنان عن يونس بن ظبيان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " إذا كان ليلة الجمعة أهبط الرب تبارك وتعالى ملكا إلى سماء الدنيا فإذا طلع الفجر جلس ذلك الملك على العرش فوق البيت المعمور ونصب لمحمد وعلي والحسن والحسين منابر من نور، فيصعدون عليها ويجمع لهم الملائكة والنبيون والمؤمنون، ويفتح أبواب السماء فإذا زالت الشمس قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا رب ميعادك الذي أوعدته في كتابك وهو هذه الآية * (وعد

____________

(1) الكافي: 1 / 194 ح 3.

(2) الكافي: 1 / 193 ح 1.

(3) النور: 55.

(4) كتاب الغيبة: 240.


الصفحة 119
الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم) * الآية، ويقول الملائكة والنبيون مثل ذلك ثم يخر محمد وعلي والحسن والحسين سجدا ثم يقولون: يا رب اغضب، يا رب اغضب، يا رب اغضب، فإنه انتهك حريمك وقتل أصفياؤك وأذل عبادك الصالحون "(1).

الخامس: محمد بن العباس عن الحسين بن محمد بن معلى بن محمد عن الوشا عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: * (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم) * قال: " نزلت في علي بن أبي طالب والأئمة من ولده (عليهم السلام) " * (وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا) * قال:

" عنى به ظهور القائم (عليه السلام) "(2).

السادس: ابن بابويه قال: حدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني (رحمه الله) قال:

حدثنا أبو مزاحم موسى بن عبد الله بن يحيى بن خاقان المقرئ ببغداد قال: حدثنا أبو بكر محمد ابن عبد الله بن إبراهيم الشافعي قال: حدثنا محمد بن حماد بن هامان الدباغ أبو جعفر قال: حدثنا عيسى بن إبراهيم قال: حدثنا الحرث بن تيهان قال: حدثنا عقبة بن يقطان عن أبي سعيد عن مكحول عن واثلة بن الأصقع بن قرضاب عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: دخل جندب بن جنادة بن جبير على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله أخبرني عما ليس لله، وعما ليس عند الله، وعما لا يعلمه الله، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (أما ما ليس لله فليس له شريك وأما ما ليس عند الله فليس عند الله ظلم العباد، وأما ما لا يعلمه الله فذلك قولكم يا معشر اليهود: عزير ابن الله، والله لا يعلم له ولدا " فقال جندل: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك محمد رسول الله حقا.

ثم قال: يا رسول الله إني رأيت البارحة في النوم موسى بن عمران فقال لي: يا جندل أسلم على يد محمد واستمسك بالأوصياء من بعده، فقد أسلمت ورزقني الله ذلك فأخبرني عن الأوصياء من بعدك لأتمسك بهم فقال: " يا جندل أوصيائي من بعدي بعدد نقباء بني إسرائيل " فقال: يا رسول الله أنهم كانوا اثني عشر هكذا وجدناهم في التوراة قال: " نعم، الأئمة بعدي اثنا عشر " قال: يا رسول الله كلهم في زمن واحد قال: (لا، ولكن خلف بعد خلف وإنك لن تدرك منهم إلا ثلاثة، أولهم سيد الأوصياء أبو الأئمة علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ثم ابناه الحسن والحسين فاستمسك بهم من بعدي ولا يغرنك جهل الجاهلين، فإذا كانت وقت ولادة ابنه علي بن الحسين سيد العابدين يقضي الله

____________

(1) كتاب الغيبة: 376.

(2) تأويل الآيات: 1 / 369 ح 21.


الصفحة 120
عليك، ويكون آخر زادك من الدنيا شربة من لبن تشربه ".

فقال: يا رسول الله هكذا وجدت في التوراة: إليا يقطوا شبرا وشبيرا، فلم عرف أسماءهم، فكم من الحسين (عليه السلام) من الأوصياء وما أسماؤهم؟ فقال: " تسعة من صلب الحسين والمهدي منهم، فإذا انقضت مدة الحسين قام بالأمر علي ابنه ويلقب زين العابدين، فإذا انقضت مدة علي قام بالأمر من بعده محمد ابنه يدعى الباقر، فإذا انقضت مدة محمد قام بالأمر بعده جعفر ويدعى بالصادق، فإذا انقضت مدة جعفر قام بالأمر بعده موسى ويدعى بالكاظم، ثم إذا انقضت مدة موسى قام بالأمر من بعده ابنه علي ويدعى بالرضا، فإذا انقضت مدة علي قام بالأمر بعده محمد ابنه ويدعى بالزكي، فإذا انقضت مدة محمد قام بالأمر بعده علي ابنه ويدعى بالنقي، فإذا انقضت مدة علي قام بالأمر من بعده ابنه الحسن ويدعى بالأمين، ثم يغيب عنهم إمامهم.

قال: يا رسول الله هو الحسن يغيب عنهم؟

قال " لا، ولكن ابنه " قال: يا رسول الله فما اسمه؟ قال: " لا يسمى حتى يظهر ".

فقال جندل: يا رسول الله وجدنا ذكرهم في التوراة وقد بشرنا موسى بن عمران بك وبالأوصياء من ذريتك، ثم تلا رسول الله (صلى الله عليه وآله) * (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا) *(1) فقال جندل: يا رسول الله فما خوفهم؟

قال: يا جندل في زمن كل واحد منهم سلطان يعتريه ويؤذيه، فإذا عجل الله خروج قائمنا يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ما ملئت جورا وظلما. ثم قال (عليه السلام): طوبى للصابرين في غيبته طوبى للمقيمين على محبتهم، أولئك من وصفهم الله في كتابه فقال * (الذين يؤمنون بالغيب) *(2) ثم قال:

* (أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم الغالبون) *(3).

قال ابن الأصقع: ثم عاش جندل إلى أيام الحسين بن علي ثم خرج إلى الطائف، فحدثني نعيم ابن أبي قيس قال: دخلت عليه بالطائف وهو عليل ثم إنه دعا بشربة من لبن فشربه فقال: هكذا عهد لي رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يكون آخر زادي من الدنيا شربة من لبن، ثم مات ودفن بالطائف بالموضع المعروف بالكورارة(4).

السابع: ابن بابويه قال: حدثنا محمد بن علي بن حاتم المعروف بالكرماني قال: حدثنا أبو

____________

(1) التوبة: 55.

(2) البقرة: 3.

(3) الحديد: 22.

(4) كفاية الأثر: 58 - 59، والتوحيد: 377 / 23، وبحار الأنوار 32 / 307.


الصفحة 121
العباس أحمد بن عيسى الوشاء البغدادي قال أحمد بن طاهر: قال: حدثنا محمد بن يحيى(1)

بن سهل الشيباني، قال: أخبرنا علي بن الحارث عن سعيد بن منصور الجواشيني، قال: أخبرنا أحمد ابن علي البديلي، قال: أخبرني أبي عن سدير الصيرفي، قال: دخلت أنا والمفضل بن عمر وأبو بصير وأبان بن تغلب على مولانا أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام) فرأيناه جالسا على التراب وعليه مسح خيبري مطوق، بلا جيب مقصر الكمين وهو يبكي بكاء الواله الثكلى ذات الكبد الحرى، قد نال الحزن من وجنتيه، وشاع التغيير في عارضيه، وأبلى الدموع محجريه وهو يقول:

سيدي غيبتك نفت رقادي، وضيقت علي مهادي، وابتزت مني راحة فؤادي، سيدي غيبتك وصلت مصابي بفجايع الأبد، وفقد الواحد بعد الواحد يفني الجمع والعدد، فما أحس بدمعة ترقى من عيني وأنين يفتر من صدري عن دوارج الرزايا وسوالف البلايا إلا مثل ما بعيني عن غوابر أعظمها وأفظعها، وبواقي أشدها وأنكرها ونوايب مخلوطة بغضبك ونوازل معجونة بسخطك.

قال سدير: فاستطالت عقولنا ولها، وتصدعت قلوبنا جزعا من ذلك الخطب الهايل والحادث الغايل، وظننا أنه سمت لمكروهة قارعة، أو حلت من الدهر به تابعة، فقلنا: لا أبكى الله يا بن خير الورى عينيك، من أي حادثة تشرق دمعتك وتستمطر عبرتك؟ وأية حالة عليك حتمك هذا المأتم؟

قال: فزفر الصادق (عليه السلام) زفرة انتفخ منها جوفه واشتد منها خوفه وقال: ويلكم، نظرت في كتاب الجفر صبيحة هذا اليوم وهو الكتاب المشتمل على علم المنايا والبلايا وعلم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة الذي خص الله به محمدا والأئمة من بعده (عليهم السلام)، وتأملت فيه مولد غائبنا وغيبته وإبطاءه وطول عمره وبلوى المؤمنين في ذلك الزمان، وتولد الشكوك في قلوبهم من طول غيبته، وارتداد أكثرهم عن دينهم، وخلعهم ربقة الإسلام عن أعناقهم الذي قال الله جل ذكره * (وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه) *(2) يعني الولاية، فأخذتني الرقة واستولت علي الأحزان، فقلنا: يا بن رسول الله كرمنا وفضلنا بإشراكك إيانا في بعض ما أنت تعلمه من علم ذلك.

قال: إن الله تبارك وتعالى أدار في القائم منا ثلاثة، أدارها في ثلاثة من الرسل: قدر مولده تقدير مولد موسى، وقدر غيبته تقدير غيبة عيسى (عليه السلام)، وقدر إبطائه إبطاء نوح (عليه السلام)، وجعل له من بعد ذلك عمر العبد الصالح الخضر (عليه السلام) دليلا على عمره، فقلنا: اكشف لنا يا بن رسول الله عن وجوه هذه المعاني؟ قال (عليه السلام): أما مولد موسى (عليه السلام) فإن فرعون لما وقف على أن زوال ملكه على يده أمر بإحضار الكهنة ودلوه على نسبه وأنه يكون من بني إسرائيل، ولم يزل يأمر أصحابه بشق

____________

(1) في المصدر: بحر.

(2) الإسراء: 13.


الصفحة 122
بطون الحوامل من نساء بني إسرائيل حتى قتل في طلبه نيفا وعشرين ألف مولود، وتعذر إليه الوصول إلى قتل موسى (عليه السلام) بحفظ الله تبارك وتعالى إياه، وكذلك بنو أمية وبنو العباس لما وقفوا على أن زوال ملكهم وملك الأمراء والجبابرة منهم على يد القائم منا ناصبونا العداوة ووضعوا سيوفهم في قتل آل الرسول (صلى الله عليه وآله) وإبادة نسله طمعا منهم في الوصول إلى قتل القائم ويأبى الله عز وجل أن يكشف أمره لواحد من الظلمة إلا أن يتم نوره ولو كره المشركون.

وأما غيبة عيسى (عليه السلام) فإن اليهود والنصارى اتفقت على أنه قتل، فكذبهم الله جل ذكره بقوله عز وجل * (وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم) *(1) كذلك غيبة القائم (عليه السلام) فإن الأمة ستنكرها لطولها، فمن قائل لغير هدى بأنه لم يولد، وقائل يقول: إنه ولد ومات، وقائل يفر بقوله إن حادي عشرنا كان عقيما، وقائل يمرق بقوله إنه يتعدى إلى ثالث عشر وصاعدا، وقائل يعصي الله عز وجل بقوله: إن روح القائم ينطق في هيكل غيره.

وأما إبطاء نوح (عليه السلام) فإنه لما استنزل العقوبة على قومه من السماء بعث الله تبارك وتعالى جبرائيل الروح الأمين معه بسبع نوايات فقال: يا نبي الله إن الله تبارك وتعالى يقول لك: إن هؤلاء خلائقي وعبادي، لست أبيدهم بصاعقة من صواعقي إلا بعد تأكيد الدعوة وإلزام الحجة، فعاود اجتهادك في الدعوة لقومك فإني مثيبك عليه، وأغرس هذا النوى لأن لك في نباتها وبلوغها وإدراكها إذا أثمرت الفرج والخلاص، فبشر بذلك من اتبعك من المؤمنين، فلما نبتت الأشجار وتأزرت وتسوقت وتغصنت وأثمرت وزها التمر عليها بعد زمن طويل استنجز من الله سبحانه وتعالى العدة فأمره الله تبارك وتعالى أن يغرس نوى تلك الأشجار ويعاود الصبر والاجتهاد ويؤكد الحجة على قومه، فأخبر بذلك الطوائف التي آمنت به فارتد منهم ثلاثمائة رجل وقالوا:

لو كان ما يدعيه نوح حقا لما وقع في وعد ربه خلف، ثم إن الله تبارك وتعالى لم يزل يأمره عند كل مرة بأن يغرسها مرة بعد أخرى إلى أن غرسها سبع مرات، فما زالت تلك الطوائف من المؤمنين ترتد منهم طائفة بعد طائفة إلى أن عاد إلى نيف وسبعين رجلا، فأوحى الله تبارك وتعالى عند ذلك إليه وقال: يا نوح الآن أسفر الصبح عن الليل بعينك حين صرح الحق عن محضه وصفا من الكدر بارتداد من كانت طينته خبيثة، فلو أني أهلكت الكفار وأبقيت من قد ارتد من الطوائف التي كانت آمنت بك لما كنت صدقت وعدي السابق للمؤمنين الذين أخلصوا التوحيد واعتصموا بحبل نبوتك، فإني استخلفهم في الأرض وأمكن لهم دينهم وأبدل خوفهم بالأمن لكي تخلص العبادة لي بذهاب الشرك من قلوبهم، وكيف يكون الاستخلاف والتمكين وبدل

____________

(1) النساء: 157.