الصفحة 162
يحيى الصولي قال: حدثني أبو عبد الله محمد بن موسى بن نصر الرازي قال: سمعت أبي يقول: قال رجل للرضا (عليه السلام): والله ما على وجه الأرض رجل أشرف منك آباء، فقال: التقوى شرفهم وطاعة الله أحاطتهم، فقال له آخر: أنت والله خير الناس، قال: لا تحلف يا هذا، خير مني من كان أتقى لله وأطوع له، والله ما نسخت هذه الآية آية * (وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) *(1).(2)

الرابع: علي بن إبراهيم في تفسيره قال: أخبرنا الحسن بن علي عن أبيه عن الحسن بن سعيد بن علوان الكلبي عن علي بن الحسين العبدي عن أبي هارون العبدي عن ربيعة السعدي عن حذيفة ابن اليمان أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أرسل إلى بلال فأمر بأن ينادي بالصلاة قبل وقت كل يوم في رجب، ثم ذكر حديثا في هذه الآية تقدم عن قريب في الباب الثامن والتسعين، يؤخذ من هناك.(3)

____________

(1) الحجرات: 13.

(2) عيون الأخبار 2 / 236.

(3) تفسير القمي: 2 / 346.


الصفحة 163

الباب الحادي والمائة

في قوله تعالى * (ألقيا في جهنم كل كفار عنيد) *

من طريق العامة وفيه ثلاثة أحاديث


الأول: صاحب المناقب الفاخرة في العترة الطاهرة روى عن القاضي الأمين أبي عبد الله محمد ابن علي بن محمد عن علي بن محمد الجلابي المغازلي قال: حدثني أبي رحمه الله قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن الحسن الدباس، عن علي بن محمد بن مخلد عن جعفر بن حفص، عن سواد بن محمد، عن عبد الله بن نجيح عن محمد بن مسلم البطائحي، عن محمد بن يحيى الأنصاري، عن عمه حارثة عن زيد بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال: دخلت يوما على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقلت: يا رسول الله أرني الحق حتى أتبعه، فقال (عليه السلام): يا بن مسعود لج المخدع فانظر ماذا ترى؟ قال: فولجت فرأيت أمير المؤمنين (عليه السلام) راكعا وساجدا وهو يقول عقيب صلواته: اللهم بحرمة محمد عبدك ورسولك اغفر للخاطئين من شيعتي.

قال ابن مسعود: فخرجت لأخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بذلك فوجدته راكعا وساجدا وهو يقول: اللهم بحرمة عبدك علي اغفر للعاصين من أمتي.

قال ابن مسعود: فأخذني الهلع حتى أغشي علي فرفع النبي (صلى الله عليه وآله) رأسي وقال: يا بن مسعود أكفر بعد إيمان؟ فقلت: معاذ الله ولكني رأيت عليا يسأل الله تعالى بك، وأنت تسأل الله تعالى به فقال:

يا بن مسعود إن الله تعالى خلقني وعليا والحسن والحسين من نور عظمته قبل الخلق بألفي عام حين لا تسبيح ولا تقديس، وفتق نوري فخلق منه السماوات والأرض، وأنا أفضل من السماوات والأرض، وفتق نور علي فخلق منه العرش والكرسي، وعلي أجل من العرش والكرسي، وفتق نور الحسن فخلق منه اللوح والقلم، والحسن أجل من اللوح والقلم، وفتق نور الحسين فخلق منه الجنات والحور العين، والحسين أفضل منهما، فأظلمت المشارق والمغارب فشكت الملائكة إلى الله عز وجل الظلمة وقالت: بحق هؤلاء الأشباح التي خلقت إلا ما فرجت عنا هذه الظلمة، فخلق الله عز وجل روحا وقرنها بأخرى فخلق منها نورا، ثم أضاف النور إلى الروح، وأقامها مقام العرش فزهرت المشارق والمغارب فهي فاطمة الزهراء، فمن ذلك سميت الزهراء فأضاء منها المشرق والمغرب.


الصفحة 164
يا بن مسعود إذا كان يوم القيامة يقول الله عز وجل لي ولعلي: أدخلا الجنة من شئتما وأدخلا النار من شئتما وذلك قوله تعالى * (ألقيا في جهنم كل كفار عنيد) *(1) فالكفار من جحد نبوتي والعنيد من عاند عليا وأهل بيته وشيعته(2).

الثاني: أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي الشاذاني من طريق العامة في المناقب المائة لعلي ابن أبي طالب والأئمة وولده قال: الثالث والعشرون عن الباقر عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسئل عن قوله تعالى * (ألقيا في جهنم كل كفار عنيد) * يا علي إذا جمع الناس يوم القيامة في صعيد واحد كنت أنا وأنت يومئذ عن يمين العرش، فيقول الله تعالى: يا محمد ويا علي، قوما وألقيا من أبغضكما وخالفكما وكذبكما في النار.(3)

الثالث: صاحب الأربعين عن الأربعين وهو الحديث الرابع عشر قال: حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن الحسن الخطيب الدينوري بقراءتي عليه، حدثنا أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد الزيان بسامراء في جمادى الآخرة سنة اثنتين وتسعين قال: حدثنا أحمد بن عبد الله بن مسرور الهاشمي الحلبي، حدثنا علي بن عبد العادل القطان بنصيبين، حدثنا محمد بن تميم الواسطي، حدثنا الحماني عن شريك قال: كنت عند سليمان الأعمش في مرضته التي قبض فيها إذ دخل علينا ابن أبي ليلى وابن شبرمة وأبو حنيفة، فأقبل أبو حنيفة على سليمان الأعمش فقال: يا سليمان اتق الله وحده لا شريك له، واعلم أنك في أول يوم من أيام الآخرة وآخر يوم من أيام الدنيا، وقد كنت تروي في علي بن أبي طالب أحاديث لو سكت عنها لكان أفضل.

فقال سليمان الأعمش: لمثلي يقال هذا؟ أقعدوني، أسندوني، ثم أقبل على أبي حنيفة فقال: يا أبا حنيفة حدثني أبو المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) " إذا كان يوم القيامة يقول الله عز وجل لي ولعلي بن أبي طالب: أدخلا الجنة من أحبكما، والنار من أبغضكما، وهو قول الله عز وجل * (ألقيا في جهنم كل كفار عنيد) *.(4)

قال أبو حنيفة: قوموا بنا لا يأتي بشئ هو أعظم من هذا، قال الفضل: سألت الحسن بن علي (عليه السلام) فقلت: من الكفار؟ فقال: الكافر بجدي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قلت: ومن العنيد؟ قال: الجاحد حق علي ابن أبي طالب.(5)

____________

(1) سورة ق: 22.

(2) بحار الأنوار 36 / 43 ح 81.

(3) مائة منقبة 47 / المنقبة 23.

(4) سورة ق: 24.

(5) بحار الأنوار 43 / 358 ح 66.


الصفحة 165

الباب الثاني والمائة

في قوله تعالى * (ألقيا في جهنم كل كفار عنيد) *.

من طريق الخاصة وفيه سبعة أحاديث


الأول: علي بن إبراهيم قال: حدثنا أبو القاسم الحسني قال: حدثنا فرات بن إبراهيم قال: حدثنا محمد بن أحمد بن حسان قال: حدثنا محمد بن مروان عن عبيد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) في قوله تعالى * (ألقيا في جهنم كل كفار عنيد) * قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا جمع الناس في صعيد واحد كنت أنا وأنت يومئذ عن يمين العرش، ثم يقول تبارك وتعالى لي ولك: قوما وألقيا في جهنم من أبغضكما وكذبكما في النار.(1)

الثاني: الشيخ الطوسي في أماليه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في قول الله عز وجل * (ألقيا في جهنم كل كفار عنيد) * قال: نزلت في وفي علي بن أبي طالب، وذلك أنه إذا كان يوم القيامة شفعني ربي وشفعك يا علي، وكساني وكساك يا علي، ثم قال لي ولك: يا علي ألقيا في جهنم كل من أبغضكما، وأدخلا الجنة كل من أحبكما فإن ذلك هو المؤمن.(2)

الثالث: الشيخ في أماليه قال أبو محمد الفحام: وفي هذا المعنى حدثني أبو الطيب محمد بن الفرحان الدوري قال: حدثنا محمد بن علي بن فرات الدهان قال: حدثنا سفيان بن وكيع عن أبيه عن الأعمش عن ابن المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يقول الله تعالى يوم القيامة لي ولعلي بن أبي طالب: أدخلا الجنة من أحبكما، وأدخلا النار من أبغضكما وذلك قوله * (ألقيا في جهنم كل كفار عنيد) *(3).(4)

الرابع: الشيخ في مجالسه قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال: حدثنا إبراهيم بن حفص عن عمر العسكري بالمصيصة قال: حدثنا عبيد بن الهيثم بن عبيد الله الأنماطي البغدادي بحلب قال: حدثني الحسن بن سعيد النخعي ابن عم شريك قال: حدثني شريك بن عبد الله القاضي قال:

حضرت الأعمش في علته التي قبض فيها، فبينا أنا عنده إذ دخل عليه ابن شبرمة وابن أبي ليلى

____________

(1) تفسير القمي: 2 / 324.

(2) أمالي الطوسي 368 / مجلس 13 / ح 33.

(3) سورة ق: 24.

(4) أمالي الطوسي 290 / مجلس 11 / ح 10.


الصفحة 166
وأبو حنيفة فسألوه عن حاله فذكر ضعفا شديدا، وذكر ما يتخوف من خطيئاته، وأدركته رنة فبكى فأقبل عليه أبو حنيفة فقال: يا أبا محمد اتق الله وانظر نفسك فإنك في آخر يوم من أيام الدنيا وأول يوم من أيام الآخرة، وقد كنت تحدث في علي بن أبي طالب بأحاديث لو رجعت عنها لكان خيرا لك، قال الأعمش: مثل ماذا يا نعمان؟ قال: مثل حديث عباية: أنا قسيم النار، قال: أو لمثلي تقول يا يهودي؟ أقعدوني وسندوني، حدثني - والذي إليه مصيري - موسى بن طريف، ولم أر أسديا كان خيرا منه. قال: سمعت عباية بن ربعي إمام الحي فقال: سمعت عليا أمير المؤمنين (عليه السلام ) يقول: أنا قسيم النار أقول وقولي: هذا وليي دعيه، وهذا عدوي خذيه، وحدثني أبو المتوكل الناجي في إمرة الحجاج وكان يشتم عليا شتما مقذعا يعني الحجاج لعنه الله، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا كان يوم القيامة أمر الله عز وجل، فأقعد أنا وعلي على الصراط ويقال لنا: أدخلا الجنة من آمن بي وأحبكما، وأدخلا النار من كفر بي وأبغضكما.

قال أبو سعيد: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما آمن بالله من لم يؤمن بي، ولم يؤمن بي من لم يتول أو قال: لم يحب عليا وتلا * (ألقيا في جهنم كل كفار عنيد) * قال: فجعل أبو حنيفة إزاره على رأسه وقال:

قوموا بنا لا يجيبنا أبو محمد بأطم من هذا.

قال الحسن بن سعيد قال: لي شريك بن عبد الله: فما أمسى - يعني الأعمش - حتى فارق الدنيا.(1)

الخامس: علي بن بابويه القمي أبو عبيد الله في الأحاديث الأربعين عن أربعين شيخا عن أربعين صحابيا قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أبي طالب هموسة الفرزادي المقري قال: حدثنا أبو الحسين يحيى بن الحسين بن إسماعيل الحسيني الحافظ إملاء، أنا أبو نصر أحمد بن مروان بن عبد الوهاب المقري المعروف بالخباز بقراءتي عليه، حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله الطبري المقري العدل قراءة عليه وأنا أسمع، حدثنا القاضي أبو الحسين عمر بن الحسن بن مالك الشيباني، حدثنا إسحاق بن محمد بن أبان النخعي [ حدثنا يحيى ابن عبد الحميد الحماني، نا شريك بن عبد الله النخعي ](2) قال: كنا عند الأعمش في المرض الذي مات فيه فدخل عليه أبو حنيفة وابن أبي ليلى، فالتفت أبو حنيفة وكان أكبرهم وقال له: يا محمد اتق الله فإنك في أول يوم من أيام الآخرة وآخر يوم من أيام الدنيا، وقد كنت تحدث في علي بن أبي طالب بأحاديث لو سكت عنها لكان خيرا لك.

____________

(1) أمالي الطوسي 628 / مجلس 30 / ح 7.

(2) زيادة من المصدر.


الصفحة 167
قال: فقال الأعمش: لمثلي يقال هذا؟ أسندوني، حدثني أبو المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا كان يوم القيامة قال الله عز وجل لي ولعلي بن أبي طالب:

أدخلا النار من أبغضكما، وأدخلا الجنة من أحبكما، وذلك قوله تعالى * (ألقيا في جهنم في كفار عنيد) *(1) قال: فقام أبو حنيفة وقال: قوموا لا يأتي بأطم من هذا.

قال: فوالله ما جزنا بابه حتى مات الأعمش رحمه الله(2).

السادس: شرف الدين النجفي قال: ذكر الشيخ في أماليه بإسناده عن رجاله عن الرضا عن آبائه عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في قوله عز وجل ألقيا * (في جهنم كل كفار عنيد) * قال: نزلت في وفي علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وذلك أنه إذا كان يوم القيامة شفعني ربي وشفعك يا علي، وكساني وكساك يا علي، ثم قال لي ولك يا علي: ألقيا في جهنم كل من أبغضكما، وأدخلا الجنة من أحبكما فإن ذلك هو المؤمن.(3)

السابع: شرف الدين النجفي قال روي بحذف الإسناد عن محمد بن حمران قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوله * (ألقيا في جهنم كل كفار عنيد) * فقال: إذا كان يوم القيامة وقف محمد وعلي صلوات الله عليهما وآلهما على الصراط، فلا يجوز عليه إلا من كان معه براءة، قلت: وما براءة؟

قال: ولاية علي بن أبي طالب والأئمة من ولده عليهم السلام، وينادي مناد: يا محمد ويا علي ألقيا في جهنم كل كفار عنيد لعلي بن أبي طالب والأئمة من ولده.(4)

____________

(1) سورة ق: 24.

(2) الأربعون حديثا: 52 ح 23 ط. قم، وشواهد التنزيل: 2 / 261 ح 895 بسند مغاير،.

(3) تأويل الآيات 2 / 609 ح 4.

(4) تأويل الآيات 2 / 610 ح 5.


الصفحة 168

الباب الثالث والمائة

في قوله تعالى * (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض
ولا فسادا والعاقبة للمتقين) *.(1)

من طريق العامة وفيه حديث واحد


أبو الحسن الفقيه ابن المغازلي الشافعي في مناقبه قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال:

حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله [ ابن أيوب ] المخرمي إملاء من كتابه.

قال: حدثنا صالح بن مالك قال: حدثنا عبد الغفور قال: حدثنا أبو هاشم الرماني عن زاذان قال:

رأيت عليا (عليه السلام) يمسك الشسوع بيده ثم يمر في الأسواق، فيناول الرجل الشسع ويرشد الضال ويعين الحمال على الحمولة ويقرأ هذه الآية * (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين) *(2) ثم يقول: هذه الآية نزلت في الولاة وذوي القدرة من الناس.(3)

الباب الرابع والمائة

في قوله تعالى * (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض
ولا فسادا والعاقبة للمتقين) *.

من طريق الخاصة وفيه حديث واحد


سعد بن عبد الله القمي في بصاير الدرجات قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى عن أحمد ابن محمد بن أبي نصر عن هشام بن سالم عن سعد بن طريف عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كنا عنده ثمانية رجال فذكرنا رمضان فقال: لا تقولوا هذا رمضان ولا جاء رمضان وذهب رمضان، فإن رمضان اسم من أسماء الله، لا يجئ ولا يذهب، وإنما يجئ ويذهب الزائل، ولكن قولوا: شهر رمضان فالشهر المضاف إلى الاسم والاسم اسم الله، وهو الشهر الذي أنزل فيه القرآن، جعله مثلا في هذا

____________

(1) القصص: 83.

(2) القصص: 83.

(3) فضائل الصحابة لأحمد: 2 / 622 ح 1064، والعمدة: 308 ح 512.


الصفحة 169
المكان في الأصل لا يفعل الخروج في شهر رمضان لزيارة الأئمة صلوات الله عليهم وعيدا، ألا ومن خرج في شهر رمضان من بيته في سبيل الله، ونحن سبيل الله الذي من دخل فيه يطاف بالحصن، والحصن هو الإمام فيكبر عند رؤيته، كانت له يوم القيامة صخرة في ميزانه أثقل من السماوات السبع والأرضين السبع وما فيهن وما بينهن وما تحتهن، قلت: يا أبا جعفر وما الميزان؟

فقال: إنك قد ازددت قوة ونظرا، يا سعد، رسول الله (صلى الله عليه وآله) الصخرة ونحن الميزان، وذلك قول الله عز وجل في الإمام ليقوم الناس بالقسط قال: ومن كبر بين يدي الإمام وقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له كتب الله له رضوانه الأكبر ومن كتب له رضوانه الأكبر يجب أن يجمع بينه وبين إبراهيم ومحمد عليهما السلام والمرسلين في دار الجلال، قلت: وما دار الجلال؟ قال: نحن الدار وذلك قول الله عز وجل * (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين) * نحن العاقبة يا سعد، وأما مودتنا للمتقين فقول الله عز وجل * (تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام) *(1) فنحن جلال الله وكرامته التي أكرم الله تبارك وتعالى العباد بطاعتنا(2).

____________

(1) الرحمن: 78.

(2) بصائر الدرجات 312 / 12.


الصفحة 170

الباب الخامس والمائة

في قوله تعالى * (طوبى لهم وحسن مآب) *(1)

من طريق العامة وفيه خمسة أحاديث


الأول: الثعلبي في تفسير قوله تعالى: (الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب) قال: روى معاوية بن قرة عن أبيه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): طوبى شجرة غرسها الله بيده ونفخ فيها من روحه، تنبت بالحلي والحلل، وإن أغصانها لترى من وراء سور الجنة.(2)

الثاني: الثعلبي قال: قال غندر بن عمير: هي شجرة في جنة عدن أصلها في دار النبي (صلى الله عليه وآله)، وفي كل دار وغرفة غصن منها، لم يخلق الله لونا ولا زهرة إلا وفيها منها إلا السواد، ولم يخلق الله فاكهة ولا ثمرة إلا وفيها منها، ينبع من أصلها عينان: الكافور والسلسبيل، وبه قال مقاتل، كل ورقة [ منها ] تظل أمة، عليها ملك يسبح بأنواع التسبيح.(3)

الثالث: الثعلبي قال: أخبرني عبد الله بن محمد بن عبد الله بن محمد، حدثنا محمد بن عثمان ابن الحسن، حدثنا محمد بن الحسين بن صالح قال: حدثنا علي بن محمد الدهان والحسين بن إبراهيم الجصاص قالا: حدثنا الحسين بن الحكم، حدثنا حسن بن حسين عن حيان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس: طوبى لهم، قال: شجرة أصلها في دار علي (عليه السلام) في الجنة، وفي كل دار مؤمن منها غصن يقال له طوبى، وحسن مآب حسن المرجع.(4)

الرابع: الثعلبي عن أبي صالح، أخبرنا عبد الله بن سواد، حدثنا جندل بن والق النعماني، حدثنا إسماعيل بن أمية القرشي عن داود بن عبد الجبار عن جابر بن أبي جعفر قال: سئل رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن قوله * (طوبى لهم وحسن مآب) *(5) فقال: شجرة في الجنة أصلها في داري وفرعها على أهل الجنة، فقيل له: يا رسول الله سألناك عنها فقلت شجرة في الجنة أصلها في دار علي وفرعها على أهل الجنة فقال: إن داري ودار علي واحدة غدا في مكان واحد.(6)

الخامس: محمد بن سيرين في قوله تعالى * (طوبى لهم) * قال: هي شجرة في الجنة أصلها في حجرة علي، وليس في الجنة حجرة إلا وفيها غصن من أغصانها.(7)

____________

(1) الرعد: 29.

(2) الدر المنثور 4 / 59.

(3) العمدة: 351 ح 674 عن الثعلبي.

(4) بحار الأنوار 8 / 88 عن الثعلبي، والطرائف: 10 ح 143.

(5) الرعد: 29.

(6) بحار الأنوار 8 / 88 عن الثعلبي.

(7) الدر المنثور 4 / 59.


الصفحة 171

الباب السادس والمائة

في قوله تعالى * (طوبى لهم وحسن مآب) *.

من طريق الخاصة وفيه أحد عشر حديثا


الأول: علي بن إبراهيم عن أبيه عن محمد بن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله في (عليه السلام) حديث الإسراء بالنبي (صلى الله عليه وآله): قال: فيما رأى ليلة الإسراء قال: فإذا شجرة لو أرسل طائر في أصلها ما دارها تسعمائة سنة، وليس في الجنة منزل إلا وفيه غصن منها، فقلت: ما هذه يا جبرائيل؟ فقال: هذه شجرة طوبى، قال الله تعالى * (طوبى لهم وحسن مآب) *.(1)

الثاني: ابن بابويه قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي رضي الله عنه قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود عن أبيه محمد بن مسعود العياشي عن جعفر بن أحمد عن العمركي البوفكي عن الحسن بن علي بن فضال عن مروان بن سالم عن أبي بصير قال: قال الصادق (عليه السلام):

طوبى لمن تمسك بأمرنا في غيبة قائمنا، ولم يزغ قلبه بعد الهداية، فقلت له: جعلت فداك وما طوبى؟ قال: شجرة في الجنة أصلها في دار علي بن أبي طالب وليس من مؤمن إلا وفي داره غصن من أغصانها وذلك قول الله عز وجل * (طوبى لهم وحسن مآب) *(2).(3)

الثالث: محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن عبد الله بن القاسم عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن لأهل الدين علامات يعرفون بها: صدق الحديث وأداء الأمانة ووفاء العهد وصلة الأرحام ورحمة الضعفاء وقلة المراقبة للنساء، أو قال قلة المواتاة للنساء، وبذل المعروف وحسن الخلق وسعة الخلق واتباع العلم وما يقرب إلى الله عز وجل زلفى.

* (طوبى لهم وحسن مآب) * وطوبى شجرة في الجنة أصلها في دار النبي (صلى الله عليه وآله)، وليس من مؤمن إلا وفي داره غصن منها، لا يخطر على قلبه شهوة إلا أتاه به ذلك، فلو أن راكبا مجدا سار في ظلها مائة عام ما خرج منه، ولو طار من أسفلها غراب ما بلغ أعلاها حتى يسقط هرما، ألا ففي هذا فارغبوا، إن المؤمن من نفسه في شغل والناس منه في راحة، إذا جن عليه الليل افترش وجهه

____________

(1) تفسير القمي: 2 / 11.

(2) الرعد: 29.

(3) معاني الأخبار 112 / 1.


الصفحة 172
وسجد لله عز وجل بمكارم بدنه، يناجي الذي خلقه في فكاك رقبته، ألا فهكذا كونوا.(1)

الرابع: ابن بابويه في أماليه قال: حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس قال: حدثنا أبي عن أحمد ابن محمد بن عيسى عن أبيه عن عبد الله بن القاسم عن أبيه عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن آبائه قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام)، مثل الحديث السابق إلا أن فيه: وقلة مواتاة النساء، وساق الحديث بتغيير يسير في بعض الألفاظ مما يحضرني من نسخة الكتاب، وهو في المجلس التاسع والثلاثين.(2)

الخامس: العياشي بإسناده عن أبي حمزة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال طوبى هي شجرة في الجنة غرسها ربنا بيده.(3)

السادس: العياشي بإسناده عن أبي قتيبة تميم بن ثابت عن ابن سيرين في قوله طوبى لهم وحسن مآب قال: طوبى شجرة في الجنة، أصلها في حجرة علي، وليس في الجنة حجرة إلا فيها غصن من أغصانها.(4)

السابع: العياشي بإسناده عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن المؤمن إذا لقي أخاه وتصافحا لم تزل الذنوب تتحات عنهما ما داما متصافحين كحتات الورق عن الشجر، فإذا افترقا قال ملكاهما: جزاكما الله خيرا عن أنفسكما، فإذا التزم كل واحد منهما صاحبه نادى مناد: طوبى لكما وحسن مآب، وطوبى شجرة في الجنة أصلها في دار أمير المؤمنين وفرعها في منازل أهل الجنة، فإذا افترقا ناداهما ملكان كريمان: أبشرا يا وليي الله بكرامة الله والجنة من ورائكما.(5)

الثامن: العياشي عن أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: إن لأهل التقوى علامات يعرفون بها: صدق الحديث وأداء الأمانة والوفاء بالعهد وقلة العجز والبخل وصلة الأرحام ورحمة الضعفاء وقلة المواتات للنساء وبذل المعروف وحسن الخلق وسعة الحلم واتباع العلم فيما يقرب إلى الله زلفى لهم، وطوبى لهم وحسن مآب.

وطوبى شجرة في الجنة أصلها في دار رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فليس من مؤمن إلا وفي داره غصن من أغصانها، لا ينوي في قلبه شيئا إلا أتاه ذلك الغصن، ولو أن راكبا مجدا سار في ظلها مائة عام ما خرج منها، ولو أن غرابا طار من أصلها ما بلغ أعلاها حتى يبياض هرما، ألا ففي هذا فارغبوا، إن

____________

(1) الكافي 2 / 239 ح 30.

(2) أمالي الصدوق 290 / مجلس 39 / ح 7.

(3) تفسير العياشي 2 / 212 ح 47.

(4) تفسير العياشي 2 / 212 ح 48.

(5) تفسير العياشي 2 / 213 ح 49.


الصفحة 173
للمؤمن في نفسه شغلا، والناس منه في راحة، إذا جن عليه الليل فرش وجهه وسجد لله بمكارم بدنه يناجي الذي خلقه في فكاك رقبته، ألا فهكذا فكونوا.(1)

التاسع: في كتاب صفة الجنة والنار بالإسناد عن عوف عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) عن النبي في قول الله تبارك وتعالى * (طوبى لهم وحسن مآب) *(2) يعني وحسن مرجع، فأما طوبى فإنها شجرة في الجنة ساقها في دار محمد (صلى الله عليه وآله)، ولو أن طائرا طار من ساقها لم يبلغ فرعها حتى يقتله الهرم، على كل ورقة منها ملك يذكر الله، وليس في الجنة دار إلا وفيها غصن من أغصانها، وإن أغصانها لترى من وراء سور الجنة، يحمل لهم ما يشاؤون من حليها وحللها وثمارها، لا يؤخذ منها شئ إلا أعاده الله كما كان بأنهم كسبوا طيبا وأنفقوا قصدا وقدموا فضلا، فقد أفلحوا وأنجحوا.(3)

العاشر: ابن بابويه بإسناده عن الأصبغ بن نباتة قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) وذكر حروف تفسير أبجد إلى آخرها.

فقال: فأما الطاء فطوبى لهم وحسن مآب، وهي شجرة غرسها الله عز وجل ونفخ فيها من روحه، وإن أغصانها لترى من وراء سور الجنة تنبت الحلي والحلل متدلية على أفواههم.(4)

الحادي عشر: ابن الفارسي في روضة الواعظين قال: قال ابن عباس: طوبى لهم وحسن مآب، طوبى شجرة في الجنة في دار علي، ما في الجنة دار إلا وفيها غصن من أغصانها، ما خلق الله من شئ إلا وهو تحت طوبى، وتحتها مجمع أهل الجنة يذكرون نعمة الله عليهم، لما تحت طوبى من كثبان المسك أكثر مما تحت شجر الدنيا من الرمل.(5)

____________

(1) تفسير العياشي 2 / 213 ح 50.

(2) الرعد: 29.

(3) الإختصاص / 358.

(4) التوحيد 237 / 2.

(5) روضة الواعظين: 105.


الصفحة 174

الباب السابع والمائة

في قوله تعالى * (فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه) *(1)

من طريق العامة وفيه ثلاثة أحاديث


الأول: ابن المغازلي الشافعي في مناقبه قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الوهاب إجازة، أخبرنا أبو أحمد عمر بن عبيد الله بن شوذب، أخبرنا محمد بن عثمان قال: حدثني محمد بن سليمان بن الحارث قال: حدثنا محمد بن علي بن خلف العطار قال: حدثنا حسين الأشقر قال:

حدثنا عمرو بن أبي المقدام عن أبيه عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس قال: سئل النبي (صلى الله عليه وآله) عن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه قال: سأله بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلا ما تبت علي، فتاب عليه.(2)

الثاني: النطنزي في الخصائص أنه قال ابن عباس: لما خلق الله آدم ونفخ فيه من روحه عطس فقال: الحمد لله، فقال له ربه: يرحمك ربك، فلما أسجد له الملائكة تداخله العجب فقال: يا رب خلقت خلقا هو أحب إليك مني، قال: نعم، ولولاهم ما خلقتك قال: يا رب فأرنيهم، فأوحى الله عز وجل إلى ملائكة الحجب أن ارفعوا الحجب، فلما رفعت إذا آدم بخمسة أشباح قدام العرش قال: يا رب من هؤلاء؟ قال: يا آدم هذا محمد نبيي، وهذا علي أمير المؤمنين ابن عم نبيي ووصيه، وهذه فاطمة بنت نبيي، وهذان الحسن والحسين ابنا علي وولدا نبيي.

ثم قال: يا آدم هم ولدك، ففرح بذلك، فلما اقترف الخطيئة قال: يا رب أسألك بمحمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين لما غفرت لي، فغفر الله له بهذا، فهذا الذي قال الله تعالى * (فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه) *(3) إن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه: اللهم بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلا تبت علي، فتاب الله عليه.(4)

الثالث: القاضي أبو عمر عثمان بن أحمد أحد شيوخ السنة يرفعه إلى ابن عباس عن النبي (صلى الله عليه وآله):

لما شملت آدم الخطيئة نظر إلى أشباح تضئ حول العرش فقال: يا رب إني أرى أشباحا تشبه

____________

(1) البقرة: 37.

(2) مناقب ابن المغازلي / 59 / ح 89.

(3) البقرة: 37.

(4) اليقين عن الخصائص: 174.


الصفحة 175
خلقي فما هي؟ قال: هذه الأنوار أشباح اثنين من ولدك، اسم أحدهما محمد أبدأ النبوة بك وأختمها به، والآخر أخوه وابن أخي أبيه اسمه علي أؤيد محمدا به وأنصره على يده، والأنوار التي حولهما أنوار ذرية هذا النبي من أخيه هذا، يزوجه ابنته تكون له زوجة، يتصل بها أول الخلق إيمانا به وتصديقا له، أجعلها سيدة النسوان وأفطمها وذريتها من النيران، تنقطع الأسباب والأنساب يوم القيامة إلا سببه ونسبه، فسجد آدم شكرا لله أن جعل ذلك في ذريته، فعوضه الله عن ذلك السجود أن أسجد له ملائكته.(1)

____________

(1) لم نجده في المصادر.