أبين أن يدعوها أو يغصبوها أهلها وأشفقن منها وحملها الإنسان أي الأول * (إنه كان ظلوما جهولا ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورا رحيما) *(1).(2)
الثامن: عمر بن إبراهيم الأوسي عن صاحب كتاب در الثمين يقول: قوله تعالى * (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها) * الأمانة هي إنكار ولاية علي ابن أبي طالب (عليه السلام)، عرضت على ما ذكرنا فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا وهو الأول، لأي الأشياء؟ ليعذب الله المنافقين والمنافقات، فقد خابوا والله وفاز المؤمنون والمؤمنات(3).
____________
(1) الأحزاب: 73.
(2) تفسير القمي: 2 / 198.
(3) لم نجده في المصادر وله شبيه في تأويل الآيات: 2 / 470 ح 40.
الباب السابع عشر والمائة
في قوله تعالى * (سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع من الله ذي المعارج) *
الأول: إبراهيم بن محمد الحمويني من أعيان علماء العامة قال: أخبرني عماد الدين الحافظ بن بدران بن سبيل المقدسي بمدينة نابلس فيما أجاز لي أن أرويه عنه، عن القاضي جمال الدين عبد القاسم بن عبد الصمد بن محمد الأنصاري إجازة عن عبد الجبار بن محمد الحواري البيهقي إجازة عن الإمام أبي الحسن علي بن أحمد الواسطي.
قال: قرأت على شيخنا الأستاذ أبي إسحاق الثعلبي في تفسيره أن سفيان بن عيينة سئل عن قوله عز وجل * (سأل سائل بعذاب واقع) *(1) فيمن نزلت؟ فقال للسائل: سألتني عن مسألة ما سألني أحد عنها قبلك، حدثني جعفر بن محمد عن آبائه صلوات الله عليهم أجمعين قال: لما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) بغدير خم نادى الناس فاجتمعوا فأخذ بيد علي صلوات الله عليه فقال: " من كنت مولاه فعلي مولاه " فشاع ذلك وطار في البلاد، فبلغ ذلك الحرث بن النعمان الفهري فأتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) على ناقة له حتى أتى الأبطح، فنزل عن ناقته فأناخها، فجاء إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ورسول الله (صلى الله عليه وآله) في ملأ من أصحابه فقال: يا محمد أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلا الله وإنك رسول الله فقبلناه، وأمرتنا أن نصلي خمسا فقبلناه منك، وأمرتنا بالزكاة فقبلنا، وأمرتنا أن نصوم شهرا فقبلناه، وأمرتنا بالحج فقبلناه، ثم لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك ففضلته علينا وقلت: من كنت مولاه فعلي مولاه، فهذا شئ منك أم من الله عز وجل؟ فقال: والذي لا إله إلا هو إن هذا من الله، فولى الحرث بن النعمان يريد راحلته وهو يقول: اللهم إن كان ما يقوله محمد حقا فأمطر علينا حجارة من السماء أو إئتنا بعذاب أليم، فما وصل إليها حتى رماه الله تعالى بحجر فسقط على هامته وخرج من دبره فقتله، وأنزل الله عز وجل * (سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع) *(2).(3)
الثاني: ما رواه الطبرسي أبو علي في مجمع البيان من طريقهم قال: أخبرنا السيد أبو الحمد قال:
____________
(1) المعارج: 1.
(2) المعارج: 1، 2.
(3) فرائد السمطين 1 / 82 ح 63.
____________
(1) المعارج: 1.
(2) مجمع البيان: 10 / 119، وشواهد التنزيل: 2 / 382 ح 1030.
الباب الثامن عشر والمائة
قوله تعالى * (سأل سائل بعذاب واقع) * إلى * (المعارج) *
الأول: محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن سليمان عن أبيه عن أبي بصير قال: بينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات يوم جالسا إذ أقبل أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال رسول الله:
إن (صلى الله عليه وآله) فيك شبها من عيسى ابن مريم، لولا أن تقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى في عيسى ابن مريم لقلت فيك قولا لا تمر بملأ من الناس إلا أخذوا التراب من تحت قدميك يلتمسون بذلك البركة، قال: فغضب الأعرابيان والمغيرة بن شعبة وعدة من قريش معهم، فقالوا: ما رضي أن يضرب لابن عمه مثلا إلا عيسى ابن مريم فأنزل الله * (ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون وقالوا آلهتنا خير أم هو ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون) *(1) فغضب الحارث بن عمرو الفهري فقال: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك أن بني هاشم يتوارثون هرقلا بعد هرقل فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم، فأنزل الله عليه مقالة الحارث ونزلت هذه الآية * (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون) *(2) ثم قال: يا بن عمرو أما تبت وأما رحلت؟ فقال: يا محمد اجعل لسائر قريش شيئا مما في يدك، فقد ذهبت بنو هاشم بمكرمة العرب والعجم، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله)، ليس ذلك إلي، ذلك إلى الله تبارك وتعالى، فقال: يا محمد قلبي ما يتابعني على التوبة، ولكن أرحل عنك فدعا براحلته فركبها فلما صار بظهر المدينة أتته جندلة فرضت(3) هامته ثم أتى الوحي إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال * (سأل سائل بعذاب واقع للكافرين) * - بولاية علي - * (ليس له دافع من الله ذي المعارج) *(4).
قال: قلت: جعلت فداك إنا لا نقرأها هكذا، فقال: هكذا والله نزل بها جبرائيل على محمد (صلى الله عليه وآله)، وهكذا والله أثبتت في مصحف فاطمة عليها السلام، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لمن حوله من المنافقين:
____________
(1) الزخرف: 57، 58، 59، 60.
(2) الأنفال: 33.
(3) في المصدر: فرضخت، وبهامشه كالأصل، وفرضت أي دقت، وفرضخت: كسرت، والجندلة ما يعمل من الحجارة والهامة وسط الرأس.
(4) المعارج: 1، 2، 3.
الثاني: محمد بن العباس قال: حدثنا علي بن محمد بن مخلد عن الحسن بن القاسم عن عمرو ابن الحسن عن آدم بن حماد عن حسين بن محمد قال: سألت سفيان بن عيينة عن قول الله عز وجل * (سأل سائل بعذاب واقع) * فيمن نزلت فقال: يا بن أخي لقد سألتني عن شئ ما سألني عنه أحد قبلك، لقد سألت جعفر بن محمد (عليه السلام) في مثل الذي قلت فقال: أخبرني أبي عن جدي عن ابن عباس قال: لما كان يوم غدير خم قام رسول الله (صلى الله عليه وآله) خطيبا فأوجز في خطبته، ثم دعا علي بن أبي طالب (عليه السلام) فأخذ بضبعيه ثم رفع بيديه حتى رؤي بياض أبطيهما، وقال للناس: ألم أبلغكم رسالة ربي؟ ألم أنصح لكم؟ قالوا: اللهم نعم، قال: فمن كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله، قال: ففشت هذه في الناس فبلغ ذلك الحارث بن النعمان الفهري، فرحل راحلته ثم استوى عليها، ورسول الله (صلى الله عليه وآله) إذ ذاك بمكة حتى انتهى إلى الأبطح فأناخ ناقته ثم عقلها ثم أتى النبي (صلى الله عليه وآله) قال: يا محمد إنك دعوتنا إلى أن نقول: لا إله إلا الله ففعلنا، ثم دعوتنا إلى أن نقول: إنك رسول الله ففعلنا، والقلب فيه ما فيه، ثم قلت: صلوا فصلينا، ثم قلت لنا: صوموا فصمنا، ثم قلت لنا: حجوا فحججنا، ثم قلت: إذا رزق أحدكم مائتي درهم فليتصدق بخمسه كل سنة ففعلنا، ثم إنك أقمت ابن عمك وقلت لنا: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، فهذا عنك أم عن الله؟ قال: بل عن الله، قال: فقالها ثلاثا، فنهض وإنه لمغضب وإنه ليقول: اللهم إن كان ما يقوله محمد حقا فأمطر علينا حجارة من السماء تكون نقمة في أولنا وآية في آخرنا، وإن كان ما يقوله محمد كذبا فأنزل به نقمتك.
ثم ركب ناقته واستوى عليها، فلما خرج من الأبطح رماه الله تعالى بحجر على رأسه فسقط ميتا، فأنزل الله تبارك وتعالى * (سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع من الله ذي المعارج) *(3).(4)
الثالث: محمد بن العباس قال: حدثنا أحمد بن القاسم عن أحمد بن محمد السياري عن محمد ابن خالد عن محمد بن سليمان عن أبيه عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه تلا * (سأل سائل بعذاب واقع للكافرين) * بولاية علي * (ليس له دافع) * ثم قال: هكذا والله نزل بها جبرئيل (عليه السلام) على النبي (صلى الله عليه وآله)، وهكذا أثبت في مصحف فاطمة عليها السلام.(5)
____________
(1) إبراهيم: 15.
(2) الكافي 8 / 58 ح 18.
(3) المعارج: 1، 2، 3.
(4) بحار الأنوار 33 / 176 ح 62.
(5) بحار الأنوار 33 / 176 ح 63.
حدثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي قال: حدثنا عبد الله بن حماد الأنصاري عن عمرو بن شمر عن جابر قال أبو جعفر (عليه السلام): كيف تقرؤون هذه السورة؟ قال: قلت: وأي سورة؟ قال: * (سأل سائل بعذاب واقع) * فقال: ليس هو * (سأل سائل بعذاب واقع) * وإنما هو سال سيل، وهي نار تقع في الثوية ثم تمضي إلى كناسة بني أسد ثم تمضي إلى ثقيف، فلا تدع وترا لآل محمد إلا أحرقته.(1)
الخامس: محمد بن العباس عن محمد بن همام قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك قال:
حدثني محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحسن بن علي بن صالح بن سهل عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل * (سأل سائل بعذاب واقع) * فقال: تأويلها فيما يأتي عذاب يقع في الثوية يعني نارا، حتى تنتهي إلى كناسة بني أسد حتى تمر بثقيف، لا تدع وترا لآل محمد إلا أحرقته، وذلك قبل خروج القائم (عليه السلام).(2)
السادس: شرف الدين النجفي في تأويل الآيات الباهرة في العترة الطاهرة عن محمد البرقي بإسناده يرفعه إلى محمد بن سليمان عن أبيه عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله عز وجل * (سأل سائل بعذاب واقع للكافرين) * بولاية علي (عليه السلام) * (ليس له دافع) * ثم قال: هكذا والله نزل بها جبرائيل (عليه السلام) على النبي (صلى الله عليه وآله)، وهكذا هو مثبت في مصحف فاطمة عليها السلام.(3)
____________
(1) الغيبة 273 / ح 49.
(2) بحار الأنوار 48 / 242 ح 115، الغيبة للنعماني 272 / ح 48.
(3) تأويل الآيات 2 / 723 ح 3.
الباب التاسع عشر والمائة
في قوله تعالى * (ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين) *.(1)
الأول: من مسند أحمد بن حنبل قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار الصوفي قال: حدثنا أبو علي حسين بن محمد الزراع قال: حدثنا عبد المؤمن بن عباد قال: حدثنا يزيد بن معن عن عبد الله بن شرحبيل عن يزيد بن أبي أوفى قال: دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) مسجده فذكر قصة مواخاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين أصحابه، فقال علي (عليه السلام) يعني للنبي (صلى الله عليه وآله): لقد ذهبت روحي وانقطع ظهري حين رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلت غيري فإن كان هذا من سخط علي فلك العتبى والكرامة، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): والذي بعثني بالحق نبيا ما أخرتك إلا لنفسي، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، وأنت أخي ووارثي، قال: وما أرث منك يا رسول الله؟ قال: ما ورث الأنبياء من قبلي، قال: وما ورث الأنبياء من قبلك؟ قال: كتاب الله وسنة نبيهم، وأنت معي في قصري في الجنة مع ابنتي فاطمة، وأنت أخي ورفيقي، ثم تلا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسلم * (إخوانا على سرر متقابلين) * المتحابون في الله ينظر بعضهم إلى بعض.(2)
الثاني: أبو الحسن الفقيه بن المغازلي الشافعي في كتاب المناقب قال: أخبرنا أبو الحسن علي ابن عمر بن عبد الله بن شوذب قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن الحسين الزعفراني قال:
حدثني أحمد بن أبي خيثمة، حدثني نصر بن علي، حدثني عبد المؤمن بن عبادة عن عمار بن عمر قال: حدثني زيدان بن أرقم قال: دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسلم فقال: إني مواخ بينكم كما آخى الله بين الملائكة، ثم قال لعلي: أنت أخي ورفيقي، ثم تلا هذه الآية * (إخوانا على سرر متقابلين) * الأخلاء في الله ينظر بعضهم إلى بعض.(3)
الثالث: عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثنا أبي قال: حدثني سفيان عن أبي موسى عن الحسين بن علي (عليه السلام) قال: فينا نزلت * (ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر
____________
(1) الحجر: 47.
(2) فضائل الصحابة 2 / 666 ح 1137، كنز العمال 9 / 167 ح 25554 عن ابن حنبل.
(3) العمدة: 170 ح 263 وليس هو في المناقب المطبوع، وكشف الغمة: 1 / 335.
الرابع: أبو نعيم الحافظ عن رجاله عن أبي هريرة قال: قال علي بن أبي طالب (عليه السلام): يا رسول الله أيما أحب إليك أنا أم فاطمة؟
قال: فاطمة أحب إلي منك، وأنت أعز علي منها، وكأني بك وأنت على حوضي تذود عنه الناس، وإن عليه لأباريق مثل عدد نجوم السماء، وأنت والحسن والحسين وحمزة وجعفر في الجنة إخوانا على سرر متقابلين، أنت معي وشيعتك في الجنة، ثم قرأ رسول الله (صلى الله عليه وآله) * (ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين) *(3).(4)
الخامس: إبراهيم بن محمد الحمويني من أعيان علماء العامة بحذف الإسناد بطوله وكثرة رواته عن زيد بن أرقم قال: دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) مسجد المدينة فجعل يقول: أين فلان بن فلان؟ ولم يزل يتفقدهم ويبعث خلفهم حتى اجتمعوا عدة، ثم ذكر حديث المواخاة إلى أن قال:
فقال علي (عليه السلام): يا رسول الله ذهبت روحي وانقطع ظهري حين رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلت غيري، فإن كان من سخطك علي فلك العتبى والكرامة، قال: والذي بعثني بالحق نبيا ما أخرتك إلا لنفسي، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي، وأنت أخي ووارثي، قلت:
يا رسول الله ما أرث منك؟ قال: ما أورثت الأنبياء قبلي، قال: ما أورثت الأنبياء قبلك؟ قال: كتاب الله وسنة رسوله، وأنت معي في قصري في الجنة مع ابنتي فاطمة، وأنت أخي ورفيقي، ثم تلا رسول الله (صلى الله عليه وآله) هذه الآية * (إخوانا على سرر متقابلين) * الأخلاء في الله ينظر بعضهم إلى بعض، الحديث على رواية الحافظ أبي نصر.(5)
____________
(1) الحجر: 47.
(2) بحار الأنوار 32 / 72 ذيل ح 22 عن مسند أحمد.
(3) الحجر: 47.
(4) بحار الأنوار 32 / 72 ح 21.
(5) فرائد السمطين: 1 / 118 ك ب 21 / ح 83.
الباب العشرون والمائة
في قوله تعالى * (ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين) *.
الأول: محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن سليمان عن أبيه قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فدخل عليه أبو بصير وذكر حديثا، قال له (عليه السلام): يا أبا محمد لقد ذكركم الله في كتابه فقال: * (إخوانا على سرر متقابلين) * والله ما أراد بهذا غيركم.
رواه ابن بابويه في كتاب بشارات الشيعة.(1)
الثاني: محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن عمر ابن أبي المقدام قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام): يقول خرجت أنا وأبي حتى إذا كنا بين القبر والمنبر إذ هو بأناس من الشيعة، فسلم عليهم ثم قال: إني والله لأحب رياحكم وأرواحكم فأعينوني على ذلك بورع واجتهاد، واعلموا أن ولايتنا لا تنال إلا بالورع والاجتهاد، من ائتم منكم بعبد فليعمل بعلمه.
أنتم شيعة الله، وأنتم أنصار الله، وأنتم السابقون الأولون والسابقون الآخرون، والسابقون في الدنيا والسابقون في الآخرة إلى الجنة، قد ضمنا لكم الجنة بضمان الله عز وجل وضمان رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والله ما على درجة الجنة أكثر أرواحا منكم، فتنافسوا في فضائل الدرجات.
أنتم الطيبون ونساؤكم الطيبات، كل مؤمنة حوراء عيناء وكل مؤمن صديق، ولقد قال أمير المؤمنين (عليه السلام) لقنبر: يا قنبر أبشر وبشر واستبشر، فوالله لقد مات رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو على أمته ساخط إلا الشيعة، ألا وإن لكل شئ عزا وعز الإسلام الشيعة، ألا وإن لكل شئ دعامة ودعامة الإسلام الشيعة، ألا وإن لكل شئ ذروة وذروة الإسلام الشيعة، ألا وإن لكل شئ شرفا وشرف الإسلام الشيعة، ألا وإن لكل شئ سيدا وسيد المجالس مجلس الشيعة، ألا وإن لكل شئ إماما وإمام الأرض أرض تسكنها الشيعة، والله لولا ما في الأرض منكم ما رأيت بعين عشيبا أبدا، والله لولا ما في الأرض منكم ما أنعم الله على أهل خلافكم، ولا أصابوا الطيبات، ما لهم في
____________
(1) الكافي 8 / 35 ح 6.
وشيعتنا ينطقون بأمر الله عز وجل، ومن يخالفهم ينطقون بتفلت، والله ما من عبد من شيعتنا ينام إلا أصعد الله عز وجل روحه إلى السماء فيبارك عليها، وإن كان قد أتى عليها أجلها جعلها في كنوز من رحمته وفي رياض جنته وفي ظل عرشه، وإن كان أجلها متأخرا بعث بها مع أمنته من الملائكة ليرددها إلى الجسد الذي خرجت منه لتسكن فيه، والله إن حاجكم وعماركم لخاصة الله عز وجل، وأن فقراءكم لأهل الغنى وإن أغنيائكم لأهل القناعة، وإنكم كلكم لأهل دعوته وأهل إجابته.(2)
الثالث: ابن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن الحسن بن شمون عن عبد الله بن عبد الرحمن عن عبد الله بن القاسم عن عمر بن أبي المقدام عن أبي عبد الله (عليه السلام) مثل الحديث السابق، وزاد فيه: ألا وإن لكل شئ جوهرا وجوهر ولد آدم محمد (صلى الله عليه وآله)، ونحن، وشيعتنا بعدنا، حبذا شيعتنا ما أقربهم من عرش الله عز وجل! وأحسن صنع الله إليهم يوم القيامة! والله لولا أن يتعاظم الناس ذلك أو يدخلهم زهو لسلمت عليهم الملائكة قبلا، والله ما من عبد من شيعتنا يتلو القرآن في صلاته قائما إلا وله بكل حرف مائة حسنة، ولا قرأ في صلاته جالسا إلا وله بكل حرف خمسون حسنة، ولا في غير الصلاة إلا وله بكل حرف عشر حسنات، وإن للصامت من شيعتنا لأجر من قرأ القرآن ممن خالفه.
أنتم والله على فرشكم نيام، لكم أجر المجاهدين، وأنتم والله في صلاتكم لكم أجر الصافين في سبيله، وأنتم والله الذين قال الله عز وجل * (ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين) *(3).
إنما شيعتنا أصحاب الأربعة الأعين: عينان في الرأس وعينان في القلب، ألا وإن الخلائق كلهم كذلك إلا أن الله عز وجل فتح أبصاركم وأعمى أبصارهم.(4)
الرابع: العياشي في تفسيره بإسناده عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله * (إخوانا على سرر متقابلين) * قال: والله ما عنى غيركم.(5)
الخامس: العياشي في تفسيره بإسناده أيضا عن عمرو بن أبي المقدام عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
____________
(1) الغاشية: 3، 4.
(2) الكافي 8 / 214 ح 259.
(3) الحجر: 47.
(4) الكافي 8 / 214 ح 260.
(5) تفسير العياشي 2 / 244 ح 22.
إنما شيعتنا أصحاب الأربعة الأعين: عينين في الرأس وعينين في القلب، ألا والخلائق كلهم كذلك إلا أن الله فتح أبصاركم وأعمى أبصارهم.
السادس: العياشي بإسناده عن محمد بن مروان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ليس منكم رجل ولا امرأة إلا وملائكة الله يأتونه بالسلام، وأنتم الذين قال الله * (ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين) *.(2)
____________
(1) تفسير العياشي 2 / 244 ح 23.
(2) تفسير العياشي 2 / 244 ح 24.
الباب الحادي والعشرون والمائة
في قوله تعالى * (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) *(1).
الحبري عن ابن عباس في قوله * (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت) * قال: بولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)(2).
الباب الثاني والعشرون والمائة
في قوله تعالى * (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) *
الأول: محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن عبد الرحمن بن أبي نجران عن عاصم بن حميد عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إذا وضع الرجل في قبره أتاه ملكان، ملك عن يمينه وملك عن يساره، وأقيم الشيطان بين عينيه، عيناه من نحاس فيقال له: كيف تقول في الرجل الذي كان بين ظهرانيكم قال له: فيفزع فزعة فيقول إذا كان مؤمنا: أعن محمد (صلى الله عليه وآله) رسول الله تسألاني؟ فيقولان له: نم نومته لا حلم فيها، ويفسح له في قبره تسعة أذرع، ويرى مقعده من الجنة، وهو قول الله عز وجل * (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) *، وإذا كان كافرا قالا له: من هذا الرجل الذي خرج بين ظهرانيكم فيقول: لا أدري فيخليان بينه وبين الشيطان.(3)
وروى هذا الحديث الحسين بن سعيد في كتاب الزهد قال: حدثنا النضر بن سويد عن عاصم ابن حميد عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إذا وضع الرجل في قبره، وساق الحديث إلى آخره.(4)
الثاني: ابن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد
____________
(1) إبراهيم: 27.
(2) رواه الحبري في تفسيره مسندا: 288 ح 42، ورواه الحسكاني عنه في الشواهد ح 434.
(3) الكافي 3 / 238 ح 10.
(4) كتاب الزهد: 86 ح 231 باب 16.
الإسلام فيقولان: ومن نبيك؟ فيقول محمد، فيقولان: ومن إمامك؟ فيقول: فلان، قال: فينادي مناد من السماء: صدق عبدي، افرشوا له في قبره من الجنة، وافتحوا له في قبره بابا إلى الجنة، وألبسوه من ثياب الجنة حتى يأتينا، وما عندنا خير له، ثم يقال له نم نومة العروس لا حلم فيها.
قال: وإن كان كافرا خرجت الملائكة تشيعه إلى قبره يلعنونه حتى إذا انتهي به إلى قبره قالت له الأرض لا مرحبا بك ولا أهلا أما والله لقد كنت أبغض أن يمشي علي مثلك لا جرم لترين ما أصنع بك اليوم، فتضيق عليه حتى تلتقي جوانحه، قال: ثم يدخل عليه ملكا القبر وهما قعيدا القبر منكر ونكير.
قال أبو بصير: جعلت فداك يدخلان على المؤمن والكافر في صورة واحدة، فقال: لا.
قال: فيقعدانه فيلقيان فيه الروح إلى حقويه، فيقولان له: من ربك؟ فيتلجلج ويقول: قد سمعت الناس يقولون: فيقولان له: لا دريت، ويقولان له: ما دينك؟ فيتلجلج، فيقولان له: لا دريت ويقولان له: من نبيك؟ فيقول: قد سمعت الناس يقولون: فيقولان له: لا دريت، ويسألانه عن إمام زمانه، قال: فينادي مناد من السماء: كذب عبدي، افرشوا له في قبره من النار وألبسوه من ثياب النار وافتحوا له بابا إلى النار حتى يأتينا، وما عندنا شر له، فيضربانه بمرزبة ثلاث ضربات ليس منها ضربة إلا يتطاير قبره نارا، لو ضرب ضربة بتلك المرزبة جبال تهامة لكانت رميما.
وقال أبو عبد الله (عليه السلام): يسلط الله عليه في قبره الحيات تنهشه نهشا، والشيطان يغمه غما، قال:
ويسمع عذابه من خلق الله إلا الجن والإنس.
قال: وإنه ليسمع خفق نعالهم ونفض أيديهم وهو قول الله عز وجل * (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا ويضل الله الظالمين) *.(1)
الثالث: ابن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن عمرو بن عثمان وعدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر والحسن بن علي جميعا، عن أبي جميلة مفضل بن
____________
(1) الكافي 3 / 239 - 240 ح 12.
قال: فيلتفت إلى ولده فيقول: والله إني كنت لكم محبا وإني كنت عليكم محاميا، فماذا لي عندكم؟ فيقولون: نؤديك إلى حفرتك نواريك فيها.
قال: فيلتفت إلى عمله فيقول: والله إني كنت فيك لزاهدا وإن كنت علي لثقيلا، فما لي عندك؟
فيقول: أنا قرينك في قبرك ويوم نشرك حتى أعرض أنا وأنت على ربك، قال: فإن كان لله وليا أتاه أطيب الناس ريحا وأحسنهم منظرا وأحسنهم رياشا فيقال له: أبشر بروح وريحان وجنة نعيم، ومقدمك خير مقدم فيقول له: من أنت؟ فيقول: أنا عملك الصالح، ارتحل من الدنيا إلى الجنة، وإنه ليعرف غاسله ويناشد حامله أن يعجله، فإذا دخل قبره أتاه ملكا القبر يجران أشعارهما ويخدان الأرض بأقدامهما وأصواتهما كالرعد العاصف، أبصارهما كالبرق الخاطف فيقولان له:
من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ فيقول: الله ربي، وديني الإسلام، ونبيي محمد (صلى الله عليه وآله)، فيقولان له:
ثبتك الله فيما يحب ويرضى، وهو قول الله عز وجل * (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) * ثم يفسحان له في قبره مد بصره، ثم يفتحان له بابا إلى الجنة، ثم يقولان له: نم قرير العين نوم الشاب الناعم، فإن الله عز وجل يقول * (أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا) *(1).
قال: وإن كان لربه عدوا فإنه يأتيه أقبح من خلق الله زيا ورؤيا، وأنتن ريحا فيقول له: أبشر بنزل من حميم وتصلية جحيم، وإنه ليعرف غاسله وينشد حملته أن يحبسوه، فإذا دخل القبر أتاه ممتحنا القبر، فألقيا عنه أكفانه، ثم يقولان له: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ فيقول: لا أدري، فيقولان: لا دريت ولا هديت، فيضربان يافوخه بمرزبة معهما ضربة، فما خلق الله عز وجل من دابة إلا وتذعر لها ما خلا الثقلين، ثم يفتحان له بابا إلى النار، ثم يقولان له، نم بشر حال فيه من الضيق مثل ما في القنا من الزج حتى إن دماغه ليخرج من بين ظفره ولحمه، ويسلط الله عليه حياة الأرض وعقاربها وهوامها فتنهشه حتى يبعثه الله من قبره، وإنه ليتمنى قيام الساعة فيما هو فيه من الشر.
____________
(1) الفرقان: 24.