فقال جابر: فقال أبو جعفر: قال النبي (صلى الله عليه وآله): إني كنت أنظر في الإبل والغنم وأنا أرعاها وليس من نبي إلا وقد رعى، وكنت أنظر إليها قبل النبوة وهي متمكنة في المكينة، ما حولها شئ يهيجها حتى تذعر فتطير: فأقول: ما هذا؟ وأعجب حتى حدثني جبرئيل (عليه السلام) أن الكافر يضرب ضربة ما خلق الله شيئا إلا سمعها ويذعر لها إلا الثقلين، فقلت: ذلك لضربة الكافر، فنعوذ بالله من عذاب القبر.(1)
وروى هذا الحديث علي بن إبراهيم عن أبيه عن علي بن مهزيار عن عمرو بن عثمان عن جابر عن إبراهيم بن أبي العلا عن سويد بن غفلة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) إلا أن في رواية محمد بن يعقوب زيادة من آخر الحديث.(2)
وروى أيضا هذا الحديث الشيخ في أماليه بإسناده عن جابر عن إبراهيم بن عبد الأعلى عن سويد بن غفلة ذكر أن علي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس ذكرا أن ابن آدم إذا كان في آخر يوم من الدنيا وأول يوم من الآخرة، وساق الحديث إلى آخره.(3)
الرابع: الشيخ في أماليه عن الحفارة قال: حدثنا إسماعيل قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أخي دعبل قال: حدثنا شعبة بن الحجاج عن علقمة بن يزيد عن سعد بن عبيدة عن البراء بن عازب عن النبي (صلى الله عليه وآله) في قوله تعالى * (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) *(4)
قال: في القبر إذا سئل الموتى(5).
الخامس: العياشي في تفسيره بإسناده عن صفوان بن مهران عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الشيطان ليأتي الرجل من أوليائنا فيأتيه عند موته، ويأتيه عن يمينه وعن يساره ليصده عما هو عليه، فيأبى الله له ذلك، وكذلك قال الله: * (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) *.(6)
السادس: العياشي بإسناده عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليه السلام) قالا: إذا وضع الرجل في قبره أتاه ملكان، ملك عن يمينه وملك عن شماله، وأقيم الشيطان، بين يديه عيناه من نحاس فيقال له: ما تقول في هذا الرجل الذي خرج من بين ظهرانيكم يزعم أنه رسول الله؟ فيفزع لذلك فزعة فيقول إن كان مؤمنا: محمد رسول الله، فيقال له عند ذلك: نم نومة لا حلم فيها، ويفسح له في قبره تسعة أذرع، ويرى مقعده من الجنة، وهو قول
____________
(1) الكافي 3 / 231 - 233 ح 1.
(2) تفسير القمي 1 / 370.
(3) أمالي الطوسي 348 / ح 719.
(4) إبراهيم: 27.
(5) أمالي الطوسي 377 / ح 807.
(6) تفسير العياشي 2 / 225 ح 16.
السابع: العياشي بإسناده عن أبي بصير عنه (عليه السلام): إن الميت إذا أخرج من بيته شيعته الملائكة إلى قبره، يترحمون عليه حتى إذا انتهى إلى قبره قالت الأرض له: مرحبا بك وأهلا وسهلا، والله لقد كنت أحب أن يمشي علي مثلك، لا جرم لترى ما أصنع بك، فيوسع له مد بصره، ويدخل عليه في قبره قعيدا القبر منكر ونكير، فيلقى فيه الروح إلى حقويه، فيقعدانه فيسألانه فيقولان له: من ربك؟
فيقول: الله، فيقولان: وما دينك؟ فيقول: الإسلام، فيقولان: ومن نبيك؟ فيقول: محمد، فيقولان:
ومن إمامك؟ فيقول: علي، فينادي مناد من السماء: صدق عبدي، أفرشوا له في القبر من الجنة، وألبسوه من ثياب الجنة، وافتحوا له في قبره بابا إلى الجنة حتى يأتينا، وما عندنا خير له، فيقولان له: نم نومة العروس، نم نومة لا حلم فيها.
وإن كان كافرا أخرجت له ملائكة يشيعونه إلى قبره يلعنونه حتى إذا انتهى إلى الأرض قالت الأرض: لا مرحبا بك ولا أهلا، أما والله لقد كنت أبغض أن يمشي علي مثلك، لا جرم لترين ما أصنع بك اليوم، فتضايق عليه حتى تلتقي جوانحه، ويدخل عليه ملكا القبر وهما قعيدا القبر منكر ونكير.
قال: قلت له: جعلت فداك يدخلان على المؤمن والكافر في صورة واحدة فقال: لا، قال:
فيقعدانه فيقولان له: من ربك؟ فيقول: سمعت الناس يقولون، ويتلجلج لسانه فيقولان: لا دريت، فما دينك؟ فيقول: سمعت الناس يقولون، ويتلجلج لسانه فيقولان، لا دريت فمن نبيك؟ فيقول:
سمعت الناس، ويتلجلج لسانه فيقولان: لا دريت، فينادي مناد من السماء: كذب عبدي، افرشوا له في قبره من النار وألبسوه من ثياب النار، وافتحوا له بابا إلى النار حتى يأتينا، فما له عندنا شر له.
قال: ثم يضربانه بمرزبة معهما ثلاث ضربات ليس منها ضربة إلا تطاير قبره نارا، ولو ضربت تلك الضربة على جبال تهامة لكانت رميما.
قال أبو عبد الله (عليه السلام)، ويسلط الله عليه الحيات والعقارب فتنهشه نهشا، والشياطين تغمه غما، يسمع عذابه من خلق الله إلا الجن والإنس، وإنه ليسمع خفق نعالهم ونفض أيديهم، وهو قول الله * (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا) *(2) قال عند موته * (وفي الآخرة) * قال: في
____________
(1) تفسير العياشي 2 / 225 ح 17.
(2) إبراهيم: 27.
الثامن: العياشي بإسناده عن سويد بن غفلة عن علي بن أبي طالب صلوات الله عليه قال: إن ابن آدم إذا كان في آخر يوم من الدنيا وأول يوم من الآخرة مثل له ماله وولده وعمله، فيلتفت إلى ماله فيقول: والله إني كنت عليك لحريصا شحيحا، فما عندك؟ فيقول: خذ مني كفنك، فيلتفت إلى ولده فيقول إني والله كنت لكم محبا، وإني كنت عليكم لمحاميا، فماذا عندكم؟ فيقولون: نؤديك إلى حفرتك ونواريك فيها، فيلتفت إلى عمله فيقول: والله إني كنت فيك لزاهدا، وإن كنت علي لثقيلا فما عندك؟ فيقول: أنا قرينك في قبرك ويوم نشرك حين أعرض أنا وأنت على ربك، فإن كان لله وليا أتاه أطيب الناس ريحا وأحسنهم رياشا، فيقول: أبشر بروح وريحان وجنة نعيم، قدمت خير مقدم، فيقول: من أنت؟ فيقول: أنا عملك الصالح، ارتحل من الدنيا إلى الجنة، وإنه ليعرف غاسله ويناشد حامله أن يعجله، فإذا أدخل قبره أتاه اثنان هما فتانا القبر يجران أشعارهما، ويبحثان الأرض بأنيابهما، أصواتهما كالرعد العاصف وأبصارهما كالبرق الخاطف، ثم يقولان: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ فيقول: الله ربي، وديني الإسلام، ونبيي محمد، فيقولان: ثبتك الله فيما تحب وترضى، وهو قول الله * (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) *(2) ثم يفسحان له في قبره مد بصره، ثم يفتحان له بابا إلى الجنة، ثم يقولان له: نم قرير العين نوم الشاب الناعم، فإنه يقول الله * (أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا) *.
وأما إن كان لربه عدوا فإنه يأتيه أقبح من خلق الله رياشا وأنتنهم ريحا فيقول: أبشر بنزل من حميم وتصلية جحيم، وإنه ليعرف غاسله ويناشد حامله أن يحبسه، فإذا أدخل في قبره أتاه ممتحنا القبر، فألقيا أكفانه ثم قالا له: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ فيقول: ما أدري، فيقولان: لا دريت ولا هديت، فيضربان يافوخه بمزربة ضربة ما خلق الله من دابة إلا تذعر لها ما خلا الثقلين، ثم يفتح له بابا إلى النار، ثم يقولان له: نم بشر حال، فإنه من الضيق مثل ما في القناة من الزج(3) حتى إن دماغه ليخرج ما بين ظفره ولحمه، ويسلط الله عليه حياة الأرض وعقاربها وهوامها فتنهشه حتى يبعثه الله من قبره، وإنه ليتمنى قيام الساعة مما هو فيه من الشر(4).
قال جابر قال أبو جعفر: قال النبي (صلى الله عليه وآله): إني كنت لأنظر إلى الغنم والإبل وأنا أرعاها وليس من نبي إلا وقد رعى، فكنت أنظر إليها قبل النبوة وهي متمكنة في المكينة ما حولها شئ ينشرها حي،
____________
(1) تفسير العياشي 2 / 226 ح 18.
(2) إبراهيم: 27.
(3) الزج: بالضم، الحديدة التي في أسفل الرمح.
(4) تفسير العياشي 2 / 227 ح 20.
التاسع: العياشي بإسناده عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إذا وضع الرجل في قبره أتاه ملكان، ملك عن يمينه وملك عن شماله، وأقيم الشيطان بين يديه، عيناه من نحاس فيقال له:
كيف تقول في هذا الرجل الذي خرج بين ظهرانيكم؟ قال: فيفزع لذلك فيقول إن كان مؤمنا: عن محمد تسألاني؟ فيقولان له عند ذلك: نم نومة لا حلم فيها، ويفسح له في قبره سبعة أذرع، ويرى مقعده من الجنة، وإن كان كافرا قيل له: ما تقول في هذا الرجل الذي خرج بين ظهرانيكم؟ فيقول:
ما أدري ويخلى بينه وبين الشيطان، ويضرب بمرزبة من حديد يسمع صوته كل شئ، وهو قول الله * (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء) *(2).(3)
____________
(1) تفسير العياشي 2 / 228 ح 21.
(2) إبراهيم: 27.
(3) تفسير العياشي 2 / 227 ح 19.
الباب الثالث والعشرون والمائة
في قوله تعالى * (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض) *.(1)
أنس بن مالك قال: لما نزلت الآيات الخمس في طس * (أم من جعل الأرض قرارا وجعل لها أنهارا) * الآيات انتفض علي انتفاض العصفور، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما لك يا علي؟ قال: عجبت يا رسول الله من كفرهم وحلم الله عنهم، فمسحه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيده، ثم قال: أبشر فإنه لا يبغضك مؤمن ولا يحبك منافق، ولولا أنت لم يعرف حزب الله.(2)
الباب الرابع والعشرون والمائة
في قوله تعالى * (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض) *
الأول: الشيخ المفيد في أماليه قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مروان قال: حدثني أبي قال:
حدثنا إبراهيم ابن الحكم عن المسعودي قال: حدثنا الحرث بن حصين عن عمران بن الحصين قال: كنت أنا وعمر بن الخطاب جالسين عند النبي (صلى الله عليه وآله)، وعلي جالس إلى جنبه إذ قرأ رسول الله (صلى الله عليه وآله) * (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أأله مع الله قليلا ما تذكرون) * قال: فانتفض علي (عليه السلام) انتفاضة العصفور، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): ما شأنك تجزع؟ فقال: ما لي لا أجزع والله يقول إنه يجعلنا خلفاء الأرض؟ فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): لا تجزع، فوالله لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق، ورواه الشيخ الطوسي في أماليه.(3)
قال: أخبرنا محمد بن محمد يعني المفيد قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي وساق السند والمتن سواء.(4)
____________
(1) النحل: 62.
(2) مناقب آل أبي طالب 1 / 390.
(3) أمالي المفيد 308 / ح 5.
(4) أمالي الطوسي 77 / ح 112.
فانتفض علي (عليه السلام) انتفاض العصفور، فقال له النبي: لم تجزع يا علي؟ فقال: لم لا أجزع وأنت تقول: ويجعلكم خلفاء الأرض؟ فقال: لا تجزع، فوالله لا يبغضك مؤمن ولا يحبك كافر.(2)
الثالث: محمد بن العباس عن أحمد بن محمد بن العباس عن عثمان بن هاشم بن الفضل عن كثير عن الحرث بن حصين عن أبي داود السبيعي عن عمران بن حصين، قال: كنت جالسا عند النبي (صلى الله عليه وآله) وعلي (عليه السلام) جالس إلى جنبه إذ قرأ النبي (صلى الله عليه وآله) * (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض) * قال: فارتعد علي (عليه السلام)، فضرب النبي (صلى الله عليه وآله) بيده على كتفه وقال: ما لك يا علي؟ فقال: يا رسول الله قرأت هذه الآية فخشيت أن نبتلى بها فأصابني ما رأيت، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق إلى يوم القيامة.(3)
الرابع: محمد بن العباس عن حميد بن زياد عن الحسن بن محمد بن سماعة عن إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن القائم إذا خرج دخل المسجد الحرام، فيستقبل القبلة ويجعل ظهره إلى المقام، ثم يصلي ركعتين، ثم يقوم فيقول: يا أيها الناس أنا أولى الناس بآدم، يا أيها الناس أنا أولى الناس بإبراهيم، يا أيها الناس أنا أولى الناس بإسماعيل، يا أيها الناس أنا أولى الناس بمحمد (صلى الله عليه وآله)، ثم يرفع يديه إلى السماء فيدعو ويتضرع حتى يقع على وجهه، وهو قول الله عز وجل * (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلا ما تذكرون) *.
وبالإسناد عن ابن عبد الحميد عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز وجل * (أمن يجيب إذا دعاه) * قال: نزلت في القائم (عليه السلام) إذا خرج تعمم وصلى عند المقام وتضرع إلى ربه فلا ترد له راية أبدا.(4)
الخامس: علي بن إبراهيم قال: حدثني أبي عن الحسن بن علي بن فضال عن صالح بن عقبة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: نزلت في القائم من آل محمد عليهم السلام، هو والله المضطر، إذا صلى في المقام ركعتين ودعا الله فأجابه ويكشف السوء ويجعله خليفة في الأرض، وهذا مما ذكرنا
____________
(1) النحل: 62.
(2) بحار الأنوار 35 / 266 ذيل ح 39.
(3) بحار الأنوار 35 / 286 ح 79.
(4) بحار الأنوار 47 / 59 ح 56.
السادس: محمد بن إبراهيم النعماني قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن محمد بن سعيد قال:
حدثني محمد بن علي التيملي عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، وحدثني غير واحد عن منصور ابن يونس بن برح عن إسماعيل بن جابر عن أبي جعفر محمد بن علي (عليه السلام) أنه قال: يكون لصاحب هذا الأمر غيبة في بعض هذه الشعاب، وأومى بيده إلى ناحية ذي طوى حتى إذا كان قبل خروجه أتى الولي الذي معه حتى يلقى بعض أصحابه فيقول: كم أنتم ها هنا؟ فيقولون: نحو من أربعين رجلا، فيقول: كيف أنتم إذا رأيتم صاحبكم؟ فيقولون: والله لو ناوي بنا الجبال لناويناها معه، ثم يأتيهم من القابلة فيقول: أشيروا إلى رؤسائكم أو خياركم عشرة، فيشيرون إليهم فينطلق بهم حتى يلقوا صاحبهم، ويعدهم الليلة التي تليها، ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): والله لكأني أنظر إليه وقد أسند ظهره إلى الحجر فينشد الله حقه، ثم يقول: يا أيها الناس من يحاجني في الله فأنا أولى الناس بالله؟ أيها الناس من يحاجني في آدم فأنا أولى الناس بآدم؟ أيها الناس من يحاجني في نوح فأنا أولى الناس بنوح؟ أيها الناس من يحاجني في إبراهيم فأنا أولى الناس بإبراهيم؟ أيها الناس من يحاجني في موسى فأنا أولى الناس بموسى؟ أيها الناس من يحاجني بعيسى فأنا أولى الناس بعيسى؟ أيها الناس من يحاجني بمحمد فأنا أولى الناس بمحمد؟ أيها الناس من يحاجني بكتاب الله فأنا أولى الناس بكتاب الله؟ ثم ينتهي إلى المقام فيصلي عنده ركعتين وينشد الله حقه، ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): هو والله المضطر الذي يقول الله فيه * (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض) *(2) فيه نزلت وله(3).
____________
(1) تفسير القمي 2 / 129.
(2) النحل: 62.
(3) كتاب الغيبة 182 / ح 30.
الباب الخامس والعشرون والمائة
في قوله * (ألم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون) *
الأول: محمد بن العباس من طريق العامة قال: حدثنا محمد بن الحسين القبيطي عن عيسى بن مهران عن الحسن بن الحسين الغزلي عن علي بن أحمد بن حاتم عن حسن بن عبد الواحد عن حسن بن حسين عن يحيى بن علي بن أسباط عن السدي في قوله * (ألم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا) * قال: علي وأصحابه * (وليعلمن الكاذبين) *(1) أعداءه.(2)
الثاني: محمد بن العباس أيضا قال: حدثنا عبد العزيز عن محمد بن زكريا عن أيوب بن سليمان عن محمد بن مروان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال: قوله عز وجل * (أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون) *(3) نزلت في عتبة وشيبة والوليد بن عتبة وهم الذين بارزوا عليا وحمزة وعبيدة ونزلت فيهم * (من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت وهو السميع العليم ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه) *(4) قال في علي وصاحبيه.(5)
الثالث: ابن شهرآشوب عن أبي طالب الهروي بإسناده عن علقمة وأبي أيوب أنه لما نزل * (ألم * أحسب الناس) * الآيات قال النبي (صلى الله عليه وآله) لعمار: إنه سيكون من بعدي هناة حتى يختلف السيف فيما بينهم، وحتى يقتل بعضهم بعضا، وحتى يتبرأ بعضهم من بعض، فإذا رأيت ذلك فعليك بهذا الأصلع عن يميني علي بن أبي طالب، فإن سلك الناس كلهم واديا فاسلك وادي علي وخل عن الناس، يا عمار إن عليا لا يردك عن هدى ولا يردك إلى ردى، يا عمار وطاعة علي طاعتي وطاعتي طاعة الله.(6)
الرابع: من طريق العامة أيضا في قوله تعالى * (ألم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون) * قال علي (عليه السلام): قلت: يا رسول ما هذه الفتنة؟
____________
(1) العنكبوت: 1، 2، 3.
(2) بحار الأنوار 24 / 228 ح 26.
(3) العنكبوت: 4.
(4) العنكبوت: 5.
(5) بحار الأنوار 24 / 317 ح 22.
(6) مناقب آل أبي طالب 3 / 7.
الباب السادس والعشرون والمائة
في قوله تعالى * (ألم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون) *
الأول: علي بن إبراهيم في تفسيره قال: حدثني أبي عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن قال (عليه السلام): جاء العباس إلى أمير المؤمنين فقال: انطلق نبايع لك الناس، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام):
أتراهم فاعلين؟ قال: نعم، قال: فأين قوله * (ألم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم) *(3) أي اختبرناهم * (فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا) * أي يفوتونا * (ساء ما يحكمون) * * (من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت) *(4) قال: من أحب لقاء الله جاءه الأجل * (ومن جاهد) * آمال نفسه عن اللذات والشهوات والمعاصي * (فإنما يجاهد لنفسه إن الله لغني عن العالمين) *.(5)
الثاني: محمد بن العباس قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد عن أحمد بن الحسين عن أبيه عن حسين بن مخارق عن عبيد الله بن الحسين عن أبيه عن جده عن الحسين بن علي عن أبيه صلوات الله عليهم أجمعين، قال: لما نزلت * (ألم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون) * قال: قلت: يا رسول الله ما هذه الفتنة؟ قال: يا علي إنك مبتلى بك وأنت مخاصم فأعد للخصومة.(6)
الثالث: محمد بن العباس قال: حدثنا جعفر بن محمد الحسني عن إدريس بن زياد عن الحسن ابن محبوب عن عمرو بن ثابت عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قلت له: فسر لي قوله عز وجل لنبيه (صلى الله عليه وآله) * (ليس لك من الأمر شئ) * فقال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان حريصا على أن يكون علي بن أبي طالب (عليه السلام) من بعده على الناس، وكان عند الله خلاف ذلك فقال: وعنى بذلك قوله عز وجل * (ألم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين
____________
(1) بحار الأنوار 24 / 227 ح 26.
(2) بحار الأنوار 32 / 181 ح 175.
(3) العنكبوت: 1، 2، 3.
(4) العنكبوت: 5.
(5) تفسير القمي: 2 / 148.
(6) بحار الأنوار 24 / 227 ح 26.
الرابع: محمد بن العباس قال: حدثنا أحمد بن هودة عن إبراهيم بن إسحاق عن عبد الله بن حماد عن سماعة بن مهران قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات ليلة في المسجد فلما كان قرب الصبح دخل أمير المؤمنين (عليه السلام) فناداه رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا علي، قال: لبيك، قال: هلم إلي، فلما دنا منه قال: يا علي بت الليلة حيث تراني، وقد سألت ربي ألف حاجة فقضاها لي، وسألت لك مثلها فقضاها، وسألك لك ربي أن يجمع لك أمتي من بعدي فأبى علي ربي فقال: * (ألم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون) *(2).(3)
الخامس: الحسين بن علي (عليه السلام) عن أبيه قال: لما نزلت * (ألم * أحسب الناس) * فقلت: يا رسول الله ما هذه الفتنة؟ قال: يا علي إنك مبتلى ومبتلى بك، وإنك مخاصم فأعد للخصومة.(4)
____________
(1) بحار الأنوار 28 / 82 ح 42.
(2) العنكبوت: 2.
(3) بحار الأنوار 24 / 228 ح 27.
(4) مناقب آل أبي طالب 3 / 7.
الباب السابع والعشرون والمائة
في قوله تعالى * (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى) *
عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى * (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا) * أي من ترك ولاية علي أعماه الله وأصمه عن الهدى.(1)
الباب الثامن والعشرون والمائة
في قوله تعالى * (ومن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكري
فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى) *(2).
الأول: محمد بن يعقوب عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن السياري عن علي بن عبد الله قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل * (فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى) * قال: من قال بالأئمة واتبع أمرهم ولم يجز طاعتهم.(3)
الثاني: ابن يعقوب أيضا عن محمد بن يحيى عن سلمة بن الخطاب عن الحسين عبد الرحمن عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل * (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا) * يعني به ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) قلت * (ونحشره يوم القيامة أعمى) * قال: يعني أعمى البصر في الآخرة، أعمى القلب في الدنيا عن ولاية أمير المؤمنين، قال: وهو متحير في القيامة يقول: رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال * (كذلك أتتك آياتي فنسيتها) * قال الآيات الأئمة (عليهم السلام) فنسيتها * (وكذلك اليوم تنسى) *(4) يعني تركتها وكذلك اليوم تترك في النار كما تركت الأئمة عليهم السلام ولم تطع أمرهم ولا تسمع قولهم قلت * (وكذلك نجزي من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب الآخرة أشد وأبقى) *(5) قال: يعني من أشرك بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) غيره
____________
(1) بحار الأنوار 31 / 403 ح 19.
(2) طه: 123، 124.
(3) الكافي 1 / 414 ح 10.
(4) طه: 126.
(5) طه: 127.
الثالث: محمد بن العباس قال: حدثنا محمد بن همام عن محمد بن إسماعيل العلوي عن داود النجار عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) أنه سأل أباه عن قول الله عز وجل * (فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى) *(2) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا أيها الناس اتبعوا هدى الله تهتدوا وترشدوا وهو هداي، وهداي هدى علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فمن اتبع هداه في حياتي وبعد موتي فقد اتبع هداي، ومن اتبع هداي فقد اتبع هدى الله، ومن اتبع هدى الله * (فلا يضل ولا يشقى) * قال: * (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى وكذلك نجزي من أسرف) * في عداوة آل محمد (عليهم السلام) * (ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب الآخرة أشد وأبقى) *(3) ثم قال الله عز وجل * (أفلم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات لأولي النهى) * وهم الأئمة من آل محمد، وما كان في القرآن مثلها.(4)
الرابع: العياشي في تفسيره بإسناده عن الحسين بن سعيد المكفوف كتب إليه في كتاب له:
جعلت فداك يا سيدي قوله (فمن اتبع هداي ومن أعرض عن ذكري) قال: أما قوله (فمن اتبع هداي)، من قال بالأئمة واتبع أمرهم بحسن طاعتهم(5).
الخامس: سعد بن عبد الله في بصائر الدرجات عن أحمد بن محمد بن عيسى عن عمر بن عبد العزيز عن رجل عن ابن الميثمي قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): يقول الله عز وجل * (فإن له معيشة ضنكا) * فقال: هي والله في النصاب، قلت: فقد رأيناهم في دهرهم الأطول في كفاية حتى ماتوا، فقال: ذلك والله في الرجعة يأكلون العذرة.(6)
السادس: علي بن إبراهيم قال: أخبرنا أحمد بن إدريس قال: حدثنا أحمد بن محمد عن عمر بن عبد العزيز عن إبراهيم بن المستنير عن معاوية بن عمار قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) قوله: إن له معيشة ضنكا قال: هي والله للنصاب قال: جعلت فداك قد رأيتهم دهرهم الأطول في كفاية حتى ماتوا، قال: ذلك والله في الرجعة يأكلون العذرة.(7)
____________
(1) الكافي 1 / 436 ح 92.
(2) طه: 123.
(3) طه: 123، 124، 125، 126، 127.
(4) بحار الأنوار 24 / 149 ح 30.
(5) تفسير العياشي 2 / 206 ح 21.
(6) مختصر البصائر: 18.
(7) تفسير القمي 2 / 65.