الباب التاسع والعشرون والمائة
في قوله تعالى * (فستعلمون من أصحاب الصراط السوي ومن اهتدى) *.
الأعمش عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى * (فستعلمون من أصحاب الصراط السوي) *(1) والله هو محمد وأهل بيته، ومن اهتدى فهم أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله).(2)
الباب الثلاثون والمائة
في قوله تعالى * (فستعلمون من أصحاب الصراط السوي ومن اهتدى) *.
الأول: علي بن إبراهيم في تفسيره قال: حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن علي بن رباب قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): نحن والله سبيل الله الذي أمر الله باتباعه، ونحن والله الصراط المستقيم، ونحن والله الذين أمر الله العباد بطاعتهم، فمن شاء فليأخذ من هنا، ومن شاء فليأخذ من هناك، لا تجدون والله عنها محيصا.(3)
الثاني: علي بن إبراهيم عن النضر بن سويد عن القاسم بن سليمان عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز وجل * (قل كل متربص) * إلى قوله * (ومن اهتدى) *(4) قال: إلى ولايتنا.(5)
الثالث: محمد بن العباس بن ماهيار الثقة قال: حدثنا علي بن عبد الله بن راشد عن إبراهيم بن محمد الثقفي عن إبراهيم بن محمد بن ميمون عن عبد الكريم بن يعقوب عن جابر قال: سئل محمد بن علي الباقر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل * (فستعلمون من أصحاب الصراط السوي ومن اهتدى) * قال: اهتدى إلى ولايتنا.(6)
الرابع: محمد بن العباس عن علي بن عبد الله عن إبراهيم بن محمد عن إسماعيل بن بشار عن
____________
(1) طه: 135.
(2) بحار الأنوار 24 / 16 ح 21.
(3) تفسير القمي 2 / 67.
(4) طه: 62.
(5) تأويل الآيات: 1 / 322 عن علي بن إبراهيم وليس هو في تفسيره المطبوع.
(6) بحار الأنوار 24 / 150 ح 32.
الخامس: محمد بن العباس قال: حدثنا محمد بن همام عن محمد بن إسماعيل العلوي عن عيسى بن داود النجار عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) قال: سألت أبي عن قول الله عز وجل * (فستعلمون من أصحاب الصراط السوي ومن اهتدى) * قال: الصراط هو القائم، والهدى من اهتدى إلى طاعته ومثلها في كتاب الله عز وجل * (وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى) *(2)
قال: إلى ولايتنا.(3)
السادس: سعد بن عبد الله في كتاب بصائر الدرجات عن المعلى بن محمد البصري قال: حدثنا أبو الفضل المدني عن أبي مريم الأنصاري عن المنهال بن عمرو عن رزين بن حبش عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: سمعته يقول: إذا دخل الرجل حفرته أتاه ملكان اسمهما منكر ونكير، فأول ما يسألانه عن ربه ثم عن نبيه ثم عن وليه، فإن أجاب نجا وإن تحير عذباه، فقال رجل: فما حال من عرف ربه ونبيه ولم يعرف وليه؟ قال: مذبذب لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا، فذلك لا سبيل له، وقد قيل للنبي (صلى الله عليه وآله)، من ولينا يا نبي الله؟ فقال: وليكم في هذا الزمان علي ومن بعده وصيه، لكل زمان عالم يحتج الله به لئلا يكون كما قال الضلال قبلهم حين فارقهم أنبياؤهم: ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى، فما كان من ضلالتهم وهي جهالتهم بالآيات وهم الأوصياء فأجابهم الله عز وجل * (قل تربصوا فستعلمون من أصحاب الصراط السوي ومن اهتدى) *(4) وإنما كان تربصهم أن قالوا: نحن في سعة من معرفة الأوصياء حتى نعرف إماما، فعرفهم الله بذلك، والأوصياء هم أصحاب الصراط وقوفا عليه، لا يدخل الجنة إلا من عرفهم وعرفوه، لا يدخل النار إلا من أنكرهم وأنكروه لأنهم عرفاء الله عرفهم عليهم عند أخذه المواثيق عليهم ووصفهم في كتابه فقال عز وجل * (وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم) *(5)
وهم الشهداء على أوليائهم، والنبي (صلى الله عليه وآله) الشهيد عليهم، وأخذ لهم مواثيق العباد بالطاعة، وأخذ النبي (صلى الله عليه وآله) المواثيق بالطاعة، فجرت نبوته عليهم، وذلك قول الله عز وجل: * (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا) *.(6)
____________
(1) بحار الأنوار 24 / 150 ح 33.
(2) طه: 82.
(3) بحار الأنوار 24 / 150 ح 34.
(4) طه: 135.
(5) الأعراف: 46.
(6) بصائر الدرجات 498 / 9.
الباب الحادي والثلاثون والمائة
في قوله تعالى * (أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) *(1)
الأول: إبراهيم بن محمد الحمويني قال: أخبرني الشيخ أبو عبد الله علي بن أبي بكر بن الخلال إذنا بدمشق، أخبرتنا الشيخة الأصيلة أم الفضل كريمة بنت عبد الوهاب بن علي بن الخضر القرشي سماعا، أنبأنا الشيخان أبو الخير محمد بن أحمد بن عمر الباغبان، ومسعود بن الحسن بن القاسم الثقفي إجازة قالا: أنبأنا أبو عمرو عبد الوهاب ابن الإمام الحافظ أبي عبد الله محمد بن إسحاق بن مندة قال: أنبأنا [ أبي أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن منده الحافظ قال: أنبأنا ] خيثمة بن سليمان قال: أنبأنا أحمد بن حازم الغفاري قال: أنبأنا عمرو بن حماد قال: أنبأنا أسباط بن نصر قال: حدثنا سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس أن عليا صلوات الله عليه كان يقول في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، إن الله عز وجل يقول * (أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) * والله لا ننقلب على أعقابنا بعد إذ هدانا الله، والله لئن مات أو قتل لأقاتل على ما قاتل عليه حتى أموت، والله إني لأخوه ووليه وابن عمه ووارثه، ومن أحق به مني؟(2)
الثاني: ابن شهرآشوب أورده من طريق العامة بإسناده عن سعد بن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى * (أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين) * يعني بالشاكرين صاحبك علي بن أبي طالب (عليه السلام)، والمرتدين على أعقابهم الذين ارتدوا عنه.(3)
____________
(1) آل عمران: 144.
(2) فرائد السمطين: ج 1 / ص 224 / ب 44 / ح 175.
(3) مناقب آل أبي طالب 1 / 385.
الباب الثاني والثلاثون والمائة
في قوله تعالى * (أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) *
الأول: علي بن إبراهيم في تفسيره قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) خرج يوم أحد وعهد العاهد به على تلك الحال، فجعل الرجل يقول لمن لقاه: إن رسول الله قد قتل، النجا، فلما رجعوا إلى المدينة أنزل الله * (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) *(1) يقول:
إلى الكفر.(2)
الثاني: محمد بن يعقوب بإسناده عن حنان عن أبيه عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان الناس أهل ردة بعد النبي (صلى الله عليه وآله) إلا ثلاثة، فقلت: ومن الثلاثة؟ فقال: المقداد بن الأسود وأبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي رحمة الله وبركاته عليهم، ثم عرف أناسا بعد يسير وقال: هؤلاء الذين دارت عليهم الرحى وأبوا أن يبايعوا حتى جاؤوا بأمير المؤمنين (عليه السلام) مكرها فبايع، وذلك قول الله عز وجل * (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين) *.(3)
الثالث: محمد بن يعقوب بإسناده عن ابن محبوب عن عمرو بن أبي المقدام عن أبيه قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): إن العامة يزعمون أن بيعة أبي بكر حيث اجتمع الناس كانت رضا لله عز ذكره وما كان ليفتن أمة محمد (صلى الله عليه وآله) من بعده فقال أبو جعفر (عليه السلام) أو ما يقرؤون كتاب الله أوليس يقول * (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين) * قال: فقلت له: إنهم يفسرون على وجه آخر، فقال:
أوليس قد أخبر الله عز وجل عن الذين من قبلهم من الأمم أنهم قد اختلفوا * (من بعد ما جائتهم البينات حيث قال وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جائتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا
____________
(1) آل عمران: 144.
(2) تفسير القمي 1 / 119.
(3) الكافي 8 / 245 ح 341.
الرابع: الشيخ في أماليه بإسناده عن ابن عباس رحمه الله أن عليا (عليه السلام) كان يقول في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله عز وجل يقول * (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) * والله لا تنقلب على أعقابنا بعد إذ هدانا الله، والله لئن مات أو قتل لأقاتلن على ما قاتل عليه حتى أموت، والله إني لأخوه ووارثه وابن عمه، فمن أحق به مني؟(3)
الخامس: العياشي بإسناده عن حنان بن سدير عن أبيه عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان الناس أهل ردة بعد النبي (صلى الله عليه وآله) إلا ثلاثة، فقلت: ومن الثلاثة؟ قال: المقداد وأبو ذر وسلمان الفارسي، ثم عرف أناسا بعد يسير فقال: هؤلاء الذين دارت عليهم الرحى وأبوا أن يبايعوا حتى جاؤوا بأمير المؤمنين (عليه السلام) مكرها فبايع، وذلك قول الله * (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين) *(4).(5)
السادس: العياشي بإسناده عن المفضل بن يسار عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما قبض صار الناس كلهم أهل جاهلية إلا أربعة: علي والمقداد وسلمان وأبو ذر، فقلت: فعمار؟ فقال:
إن كنت تريد الذين لم يدخلهم شئ فهؤلاء الثلاثة.(6)
السابع: العياشي بإسناده عن الأصبغ بن نباتة قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول في كلام له يوم الجمل: يا أيها الناس إن الله تبارك اسمه وعز جنده لم يقبض نبيا قط حتى يكون له في أمته من يهدي بهداه، ويقصد سيرته، ويدل على معالم سبيل الحق الذي فرض الله على عباده، ثم قرأ * (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل) *(7).
الثامن: العياشي بإسناده عن عمرو بن أبي المقدام عن أبيه قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): إن العامة تزعم أن بيعة أبي بكر حيث اجتمع لها الناس كانت رضا لله، وما كان الله ليفتن أمة محمد من بعده، فقال أبو جعفر (عليه السلام): وما يقرؤون كتاب الله؟ أليس الله يقول * (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) * الآية.
قال: فقلت له: إنهم يفسرون هذا على وجه آخر قال: فقال: أوليس قد أخبر الله عن الذين من قبلهم من الأمم أنهم اختلفوا من بعد ما جاءتهم البينات حين قال * (وآتينا عيسا بن مريم البينات
____________
(1) البقرة: 253.
(2) الكافي 8 / 270 ح 398.
(3) أمالي الطوسي 502 / ح 1099.
(4) آل عمران: 144.
(5) تفسير العياشي 1 / 199 ح 148.
(6) تفسير العياشي 1 / 199 ح 148.
(7) تفسير العياشي 1 / 200 ح 150.
ففي هذا ما يستدل به على أن أصحاب محمد عليه الصلاة والسلام قد اختلفوا من بعده، فمنهم من آمن ومنهم من كفر.(2)
التاسع: العياشي بإسناده عن عبد الصمد بن بشير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: تدرون مات رسول الله (صلى الله عليه وآله) أو قتل، إن الله يقول * (أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) * فسم قبل الموت: إنهما سقتاه، فقلنا: إنهما وأبويهما شر من خلق الله.(3)
العاشر: العياشي بإسناده عن الحسين بن المنذر قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) * (أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) * القتل أو الموت قال: يعني أصحابه الذين فعلوا ما فعلوا.(4)
____________
(1) البقرة: 253.
(2) تفسير العياشي 1 / 200 ح 151.
(3) تفسير العياشي 1 / 200 ح 152.
(4) تفسير العياشي 1 / 200 ح 153.
الباب الثالث والثلاثون والمائة
في قوله تعالى * (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) *
الأول: إبراهيم بن محمد الحموني قال: أخبرني عبد الصمد بن أحمد بن عبد القادر إجازة عن علي بن أبي طالب بن عبد السميع الواسطي إجازة، عن شاذان القمي قراءة عليه، عن محمد بن عبد العزيز عن محمد بن أحمد بن علي النطنزي، قال: أنبأنا محمد بن الفضل بن محمد الغراوي قال: أنبأنا أبو بكر بن ريذة قال: أنبأنا الطبراني قال: أنبأنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: أنبأنا عمي القاسم قال: أنبأنا يحيى بن يعلى عن سلمان بن قرم عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال لعلي (عليه السلام): ناولني كفا من الحصباء، فناوله فرمى به وجوه القوم، فما بقي أحد منهم إلا امتلأت عيناه من الحصى فنزلت * (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) *(1) الآية(2).
الثاني: عن الثعلبي عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس في قوله تعالى * (وما رميت إذ رميت) * أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال لعلي: ناولني كفا من حصى، فناوله فرمى به وجوه القوم، فما بقي أحد إلا امتلأت عيناه من الحصى، وفي رواية غيره: وأفواههم ومناخرهم.
قال أنس: رمى بثلاث حصيات في الميمنة والميسرة والقلب و * (ليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا) * يعني وهزم الكفار ليعم النبي والوصي(3).
____________
(1) الأنفال: 17.
(2) فرائد السمطين: 1 / 232 / ب 45 / ح 181.
(3) مناقب آل أبي طالب بتفاوت: 1 / 164.
الباب الرابع والثلاثون والمائة
في قوله تعالى * (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) *.
الأول: العياشي في تفسيره بإسناده عن محمد بن كليب الأسدي عن أبيه قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله * (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) * قال: علي ناول رسول الله (صلى الله عليه وآله) القبضة التي رمى بها، وفي خبر آخر أن عليا (عليه السلام) ناوله قبضة من تراب فرمى بها.(1)
الثاني: العياشي بإسناده عن عمرو بن أبي المقدام عن علي بن الحسين (عليه السلام) قال: ناول رسول الله (صلى الله عليه وآله) علي بن أبي طالب قبضة من تراب التي رمى بها في وجوه المشركين فقال الله * (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) *(2).(3)
الثالث: الطبرسي في الاحتجاج عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في قوله تعالى * (فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) * سمى فعل النبي (صلى الله عليه وآله) فعلا له تأويله على غير تنزيله.(4)
____________
(1) تفسير العياشي 2 / 52 ح 32 و 33.
(2) الأنفال: 17.
(3) تفسير العياشي 2 / 52 ح 34.
(4) الإحتجاج 1 / 372.
الباب الخامس والثلاثون والمائة
في قوله تعالى * (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) *(1).
الأول: أبو علي الطبرسي أورده من طريق العامة عن الحاكم الحسكاني قال: حدثني محمد بن القاسم بن أحمد قال: حدثنا أبو سعيد محمد بن الفضيل بن محمد قال: حدثنا محمد بن صالح العرزمي قال: حدثنا عبد الرحمن أبي حاتم قال: حدثنا أبو سعيد الأشج عن أبي خلف الأحمر عن إبراهيم بن طهمان عن سعيد بن عروبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية * (واتقوا فتنة) * قال النبي (صلى الله عليه وآله): من ظلم عليا مقعدي هذا بعد وفاتي فكأنما جحد نبوتي ونبوة الأنبياء قبلي(2).
الثاني: ما رواه أبو عبد الله محمد بن علي السراج يرفعه إلى عبد الله بن مسعود قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): يا بن مسعود إنه قد نزلت في علي آية * (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) * وأنا مستودعكها ومسلم لك خاصة الظلمة، فكن لما أقول واعيا، وعني له مؤديا، من ظلم عليا مجلسي هذا كان كمن جحد نبوتي ونبوة من كان قبلي، ثم ذكر حديثا، هذا زبدته.(3)
وفي كتاب صراط المستقيم قال: أورد الحاكم أبو القاسم الحسكاني الأعور في كتاب شواهد التنزيل، وقد ادعى إجماع المسلمين عليه في رواية ابن عباس لما نزل قوله تعالى * (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) * قال النبي (صلى الله عليه وآله): من ظلم عليا مقعده هذا بعدي فكأنما جحد نبوتي ونبوة الأنبياء من قبلي، وأسنده ابن السراج في كتابه إلى أبي مسعود حتى قيل له: كيف وليت الظالمين.
وسمعته من رسول الله الله عليه وآله فقال: حلت عقوبته علي لأني لم أستأذن إمامي كما استأذنه جندب وعمار وسلمان، وأنا أستغفر الله وأتوب إليه.(4)
____________
(1) الأنفال: 25.
(2) مجمع البيان: 4 / 453، والشواهد: 1 / 271.
(3) بحار الأنوار 32 / 123 ح 66.
(4) الصراط المستقيم: 2 / 27.
الباب السادس والثلاثون والمائة
في قوله تعالى * (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) *
الأول: العياشي في تفسيره بإسناده عن عبد الرحمن بن سالم عن الصادق (عليه السلام) في قوله * (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) *(1) قال: أصابت الناس فتنة بعد ما قبض الله نبيه (صلى الله عليه وآله) حتى تركوا عليا وبايعوا غيره، وهي الفتنة التي فتنوا بها وقد أمرهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) باتباع علي (عليه السلام) والأوصياء من آل محمد (عليهم السلام).(2)
الثاني: العياشي بإسناده عن إسماعيل السري عنه (عليه السلام) * (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) * قال: أخبرت أنهم أصحاب الجمل.(3)
الثالث: محمد بن يعقوب بإسناده عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال في بعض كتابه * (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) * في * (إنا أنزلناه في ليلة القدر) *(4) وقال في بعض كتابه * (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين) *(5) يقول في الآية الأولى: إن محمدا حين يموت يقول أهل الخلاف لأمر الله عز وجل: مضت ليلة القدر مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فهذه فتنة أصابتهم خاصة وبها ارتدوا على أعقابهم، لأنهم إن قالوا: لم تذهب فلا بد أن يكون لله عز وجل فيها أمر، وإن أقروا بالأمر لم يكن لهم من صاحب بد.(6)
الرابع: علي بن إبراهيم في تفسيره قال: نزلت في الزبير وطلحة لما حاربا أمير المؤمنين (عليه السلام) وظلماه.(7)
____________
(1) الأنفال: 25.
(2) تفسير العياشي 2 / 53 ح 40.
(3) تفسير العياشي 2 / 53 ح 41.
(4) القدر: 1.
(5) آل عمران: 144.
(6) الكافي 1 / 248 ح 4.
(7) تفسير القمي / 271.
الباب السابع والثلاثون والمائة
في قوله تعالى * (الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح) *
إلى * (أجر عظيم) *(1).
الأول: ابن شهرآشوب من طريق العامة قال: ذكر الفلكي المفسر عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس وعن أبي رافع إنها نزلت في علي (عليه السلام) وذلك إنه (عليه السلام) نادى يوم الثاني من أحد في المسلمين فأجابوه، وتقدم علي (عليه السلام) براية المهاجرين في سبعين رجلا حتى انتهى إلى حمراء الأسد ليرهب العدو، وهي سوق على ثلاثة أميال من المدينة، ثم رجع إلى المدينة يوم الجمعة.
وخرج أبو سفيان حتى انتهى إلى الروحاء فلقي معبد الخزاعي فقال وما وراءك فأنشده:
كانت تهد من الأصوات راحلتي | إذ سألت الأرض بالجرد الأبابيل |
تروى(2) بأسد كرام لا ننابله | عند اللقاء ولا خرق معاذيل |
فقال أبو سفيان لركب من عبد القيس: أبلغوا محمدا أني قتلت صناديدكم وأردت الرجعة لأستأصلكم، فقال النبي: حسبنا الله ونعم الوكيل، ورجع إلى المدينة يوم الجمعة.(3)
الثاني: ذكر ابن شهرآشوب أيضا مع التزامه الرواية عن العامة قال: روى عن أبي رافع بطرق كثيرة أنه لما انصرف المشركون يوم أحد بلغوا الروحاء قالوا: لا للكواعب أردفتم، ولا محمدا قتلتم، ارجعوا، فبلغ ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) فبعث في آثارهم عليا (عليه السلام) في نفر من الخزرج، فجعل لا يرتحل المشركون من منزل إلا نزله علي، فأنزل الله * (الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح) * وفي خبر أبي رافع: إن النبي (عليه السلام) تفل على جراحه ودعا له وبعثه خلف المشركين، فنزلت فيه الآية.(4)
الثالث: ومن طريق العامة أيضا أن النبي (صلى الله عليه وآله) وجه عليا (عليه السلام) في نفر معه في طلب أبي سفيان فلقيهم أعرابي من خزاعة فقال: إن القوم قد جمعوا لكم * (فاخشوهم) * يعني أبا سفيان وأصحابه
____________
(1) آل عمران: 172.
(2) في المصدر: تردى.
(3) مناقب آل أبي طالب 1 / 168.
(4) مناقب آل أبي طالب: 2 / 316.
الباب الثامن والثلاثون والمائة
في قوله تعالى * (الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح) *
إلى * (أجر عظيم) *(2).
الأول: العياشي بإسناده عن سالم بن أبي مريم قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعث عليا (عليه السلام) في عشرة * (استجابوا لله والرسول من بعدما أصابهم القرح) * إلى * (أجر عظيم) * إنما نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام)(3).
الثاني: العياشي بإسناده عن جابر عن محمد بن علي عليهما السلام قال: لما وجه النبي (صلى الله عليه وآله) أمير المؤمنين وعمار بن ياسر إلى أهل مكة، قالوا: بعث هذا الصبي ولو بعث غيره إلى أهل مكة وفي مكة صناديد قريش ورجالها، والله الكفر أولى بنا مما نحن فيه، فساروا وقالوا لهما وخوفوهما بأهل مكة، وغلظوا عليهما الأمر، فقال علي (عليه السلام): حسبنا الله ونعم الوكيل ومضيا، فلما دخلا مكة أخبر الله نبيه (صلى الله عليه وآله) بقولهم لعلي (عليه السلام) وبقول علي لهم، فأنزل الله بأسمائهم في كتابه وذلك قول الله * (ألم تر إلى الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم) *(4) وإنما نزلت ألم تر إلى فلان وفلان، لقيا عليا وعمارا فقالا: إن أبا سفيان وعبد الله بن عامر وأهل مكة قد جمعوا لكم فاخشوهم، فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل.(5)
____________
(1) تفسير ابن كثير: 1 / 440 مورد الآية، والبحار: 36 / 182.
(2) آل عمران: 172.
(3) تفسير العياشي 1 / 206 ح 153.
(4) آل عمران: 173.
(5) تفسير العياشي 1 / 206 ح 154.
الباب التاسع والثلاثون والمائة
في قوله تعالى * (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون) *
السيد الفاضل الحسن بن مساعد في كتابه قال من طريق المخالفين: إن الآية نزلت في رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي وحمزة.(1)
الباب الأربعون والمائة
في قوله تعالى * (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا) *(2)
الأول: محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن عبد الرحمن بن أبي نجران عن حماد بن عيسى عن أبي السفاتج عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل * (اصبروا وصابروا ورابطوا) * قال: اصبروا على الفرائض، وصابروا على المصائب، ورابطوا على الأئمة عليهم السلام.(3)
الثاني: ابن بابويه قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد قال: حدثني محمد بن الحسن الصفار وقال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن علي بن أسباط عن أبي حمزة عن أبي بصير قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن قول الله عز وجل * (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا) * فقال: اصبروا على المصائب وصابروهم على التقية ورابطوا على من تقتدون به واتقوا الله لعلكم تفلحون.(4)
الثالث: محمد بن إبراهيم النعماني في كتاب الغيبة.
قال: أخبرنا علي بن أحمد البندنيجي عن عبيد الله بن موسى العلوي العباس عن هارون بن
____________
(1) شواهد التنزيل: 1 / 174 ح 186.
(2) آل عمران: 200.
(3) الكافي 2 / 81 ح 3.
(4) معاني الأخبار 369 / 1.