الصفحة 335

الباب الثامن عشر ومائتان

في قوله تعالى: * (يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا
معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم) *

من طريق الخاصة وفيه أربعة أحاديث


الأول: محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن بريد عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث طويل يذكر فيه أوصاف المجاهدين ومن يجب الجهاد معه إلى أن قال (عليه السلام) في وصف الجهاد ومن يجب معه: ثم ذكر من أذن له في الدعاء إليه بعده وبعد رسوله في كتابه فقال: * (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون) * ثم أخبر عن هذه الأمة وممن هي، وإنها من ذرية إبراهيم ومن ذرية إسماعيل من سكان الحرم ممن لم يعبدوا غير الله قط الذين وجبت لهم الدعوة دعوة إبراهيم وإسماعيل من أهل المسجد الذين أخبر عنهم في كتابه أنه أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، الذين وصفناهم قبل هذا في صفة أمة محمد (صلى الله عليه وآله) الذين عناهم الله تبارك وتعالى في قوله: * (أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني) * يعني أول من اتبعه على الإيمان به والتصديق له بما جاء من عند الله عز وجل من الأمة التي بعث فيها ومنها وإليها قبل الخلق ممن لم يشرك بالله قط ولم يلبس إيمانه بظلم وهو الشرك.

ثم ذكر أتباع نبيه (صلى الله عليه وآله) وأتباع هذه الأمة التي وصفها الله في كتابه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجعلها داعية إليه وأذن لها في الدعاء إليه فقال: * (يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين) * ثم وصف أتباع نبيه (صلى الله عليه وآله) من المؤمنين فقال الله عز وجل: * (محمد رسول الله والذين آمنوا معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل) * فقال: * (يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم) * يعني أولئك المؤمنين وقال: * (قد أفلح المؤمنون) * ثم حلاهم ووصفهم كيلا يطمع في اللحاق بهم إلا من كان منهم فقال فيما حلاهم به ووصفهم: * (الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون) * إلى * (أولئك هم الوارثون

الصفحة 336
الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون) * وقال في صفتهم وحليتهم أيضا: * (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق آثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا) *(1).

الثاني: ابن بابويه قال: حدثنا أبو محمد عمار بن الحسين (رضي الله عنه) قال: حدثنا علي بن محمد بن عصمة قال: حدثنا أحمد بن محمد الطبري بمكة قال: حدثنا الحسن بن ليث الرازي عن سنان بن فروخ الآملي عن همام بن يحيى عن القاسم بن عبد الله بن عقيل عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال:

كنت ذات يوم عند النبي (صلى الله عليه وآله) إذ أقبل بوجهه على علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال: ألا أبشرك يا أبا الحسن؟

قال: بلى يا رسول الله.

قال: هذا جبرئيل يخبرني عن الله جل جلاله أنه قد أعطى شيعتك ومحبيك سبع خصال: الرفق عند الموت، والأنس عند الوحشة، والنور عند الظلمة، والأمن عند الفزع، والقسط عند الميزان، والجواز عند الصراط، ودخول الجنة قبل الناس نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم(2).

الثالث: علي بن إبراهيم في تفسيره قال: وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله * (يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم) * فمن كان له نور يومئذ نجا، وكل مؤمن له نور(3).

الرابع: عن أبي عبد الله في قوله: * (نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم) * قال: نور أئمة المؤمنين يوم القيامة يسعى بين أيدي المؤمنين وبأيمانهم حتى ينزلوا بهم منازلهم في الجنة(4).

____________

(1) الكافي: 5 / 14 ح 1.

(2) الخصال: 403 ح 112.

(3) تفسير القمي: 2 / 377.

(4) المصدر السابق.


الصفحة 337

الباب التاسع عشر ومائتان

في قوله تعالى: * (ومن يشاقق الرسول من بعدما تبين
له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى) *

من طريق العامة وفيه حديث واحد


ابن مردويه في معنى الآية: من بعدما تبين له الهدى في أمر علي(1).

الباب العشرون ومائتان

في قوله تعالى: * (ومن يشاقق الرسول من بعدما تبين
له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى) *

من طريق الخاصة وفيه حديثان


الأول: العياشي في تفسيره بإسناده عن حريز عن بعض أصحابنا عن أحدهما (عليهما السلام) قال: لما كان أمير المؤمنين في الكوفة أتاه الناس فقالوا: اجعل لنا إماما يؤمنا في رمضان، فقال: لا ونهاهم أن يجتمعوا فيه، فلما أمسوا جعلوا يقولون ابكوا في رمضان وا رمضاناه، فأتاه الحرث الأعور في أناس فقال: يا أمير المؤمنين ضج الناس وكرهوا قولك، فقال عند ذلك: دعوهم وما يريدون ليصلي بهم من شاءوا ثم قال: * (ومن يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وسائت مصيرا) *(2).

الثاني: العياشي أيضا بإسناده عن عمرو بن أبي المقدام عن أبيه عن رجل من الأنصار قال:

خرجت أنا والأشعث الكندي وجرير البجلي حتى إذا كنا بظهر الكوفة بالفرس مر بنا ضب فقال الأشعث وجرير: السلام عليك يا أمير المؤمنين خلافا على علي بن أبي طالب (عليه السلام) فلما خرج الأنصاري قال لعلي (عليه السلام) فقال: دعهما فهو إمامها يوم القيامة أما تسمع إلى الله وهو يقول: * (نوله ما تولى) *(3).

____________

(1) تفسير القمي: 1 / 152، والبرهان: 2 / 415.

(2) تفسير العياشي: 1 / 275 ح 272.

(3) تفسير العياشي: 1 / 275 ح 273.


الصفحة 338

الباب الحادي والعشرون ومائتان

في قوله تعالى: * (فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا والله بما تعملون خبير) *

من طريق العامة وفيه حديث واحد


أسند أبو جعفر الطبري إلى ابن عباس أن النور في الآية: ولاية علي بن أبي طالب(1).

الباب الثاني والعشرون ومائتان

في قوله تعالى: * (فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا والله بما تعملون خبير) *

من طريق الخاصة وفيه ستة أحاديث


الأول: علي بن إبراهيم: والنور الذي أنزلنا، أمير المؤمنين (عليه السلام)(2).

الثاني: محمد بن يعقوب عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن علي بن مرداس قال:

حدثنا صفوان بن يحيى والحسن بن محبوب عن أبي خالد الكابلي قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: * (فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا) * فقال: يا أبا خالد، النور والله الأئمة من آل محمد (صلى الله عليه وآله) إلى يوم القيامة، وهم والله نور الله الذي أنزل، وهم والله نور الله في السماوات والأرض، والله يا أبا خالد لنور الإمام في قلوب المؤمنين أنور من الشمس المضيئة بالنهار، وهم والله ينورون قلوب المؤمنين ويحجب الله عز وجل نورهم عمن يشاء فتظلم قلوبهم، والله يا أبا خالد لا يحبنا عبد ويتولانا حتى يطهر الله قلبه ولا يطهر الله قلب عبد حتى يسلم لنا، ويكون سلما لنا فإذا كان سلما لنا، سلمه الله من شديد الحساب وآمنه من فزع يوم القيامة الأكبر(3).

الثالث: ابن يعقوب - أيضا - عن أحمد بن مهران عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني عن علي ابن أسباط عن حسن بن محبوب عن أبي أيوب عن أبي خالد الكابلي قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: * (فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا) * فقال: يا أبا خالد النور والله الأئمة (عليهم السلام) يا أبا خالد النور الإمام في قلوب المؤمنين أنور من الشمس المضيئة بالنهار وهم الذين ينورون قلوب

____________

(1) لم نجده في تفسير الطبري المطبوع، ويراجع تأويل الآيات: 2 / 696.

(2) تفسير القمي: 1 / 242.

(3) الكافي: 1 / 194 ح 1.


الصفحة 339
المؤمنين ويحجب الله نورهم عمن يشاء فتظلم قلوبهم ويغشاهم بها(1).

الرابع: ابن يعقوب - أيضا - عن أحمد بن إدريس عن الحسين بن عبيد الله عن محمد بن الحسن وموسى بن عمر عن الحسن بن محبوب عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عز وجل: * (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم) * قال يريدون ليطفئوا ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) بأفواههم قلت: قوله: * (والله متم نوره) * قال: يقول والله متم الإمامة والإمامة هي النور وذلك قوله:

* (فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا) * قال: النور هو الإمام(2).

الخامس: علي بن إبراهيم قال: حدثنا علي بن الحسين عن أحمد بن أبي عبد الله عن الحسن بن محبوب عن أبي أيوب عن أبي خالد الكابلي قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) وذكر مثل الحديث الأول إلى آخره: وآمنه من فزع يوم القيامة الأكبر(3).

السادس: سعد بن عبد الله عن بصائر الدرجات عن أحمد وعبد الله ابني محمد بن عيسى ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحسن بن محبوب عن أبي أيوب الخزاز عن أبي خالد يزيد الكناسي قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: * (فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا) * فقال: يا أبا خالد النور والله الأئمة (عليهم السلام) يا أبا خالد لنور الإمام في قلوب المؤمنين أنور من الشمس المضيئة بالنهار، وساق الحديث إلى وآمنه من الفزع الأكبر ببعض التغيير اليسير(4).

____________

(1) الكافي: 1 / 195 ح 4.

(2) الكافي: 1 / 196 ح 6.

(3) تفسير القمي: 2 / 372.

(4) بصائر الدرجات: 1 / 296.


الصفحة 340

الباب الثالث والعشرون ومائتان

في قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان) *

من طريق العامة وفيه حديث واحد


روى الأصفهاني الأموي في معنى الآية من عدة طرق إلى علي (عليه السلام) ولايتنا أهل البيت(1).

الباب الرابع والعشرون ومائتان

في قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة) *

من طريق الخاصة وفيه اثني عشر حديثا


الأول: محمد بن يعقوب عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الحسن بن علي الوشاء عن مثنى الحناط عن عبد الله بن عجلان عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز وجل: * (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين) * قال: في ولايتنا(2).

الثاني: الشيخ الطوسي في أماليه عن أبي محمد الفحام قال: حدثني محمد بن عيسى بن هارون قال: حدثني أبو عبد الصمد إبراهيم عن أبيه عن جده محمد بن إبراهيم قال سمعت الصادق جعفر ابن محمد (عليه السلام) يقول في قوله تعالى: * (ادخلوا في السلم كافة) * قال: في ولاية علي بن أبي طالب ولا تتبعوا خطوات الشياطين قال: لا تتبعوا غيره(3).

الثالث: سعد بن عبد الله القمي عن علي بن إسماعيل بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن علي ابن النعمان عن محمد بن مروان عن الفضيل بن يسار عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى: * (ادخلوا في السلم كافة) * قال: هي ولايتنا(4).

الرابع: العياشي بإسناده عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: * (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان) * قال: أتدري ما السلم؟ قال: قلت: أنت أعلم، قال: ولاية علي والأئمة الأوصياء من بعده قال: وخطوات الشيطان والله ولاية فلان وفلان(5).

____________

(1) بصائر الدرجات: 1 / 296.

(2) الكافي: 1 / 417 ح 29.

(3) أمالي الطوسي: 299 ح 591.

(4) مختصر بصائر الدرجات: 64.

(5) تفسير العياشي: 1 / 102 ح 294، إثبات الهداة: 3 / 45، بحار الأنوار: 7 / 123.


الصفحة 341
الخامس: العياشي أيضا بإسناده عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) قالوا: سألناهما عن قول الله: * (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة) * قال: أمروا بمعرفتنا(1).

السادس: العياشي بإسناده عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: السلم آل محمد (صلى الله عليه وآله) أمر الله بالدخول فيه(2).

السابع: العياشي بإسناده عن أبي بكر الكلبي عن جعفر عن أبيه (عليهما السلام) في قوله: * (ادخلوا في السلم كافة) * هو ولايتنا(3).

الثامن: العياشي أيضا قال: وروى جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قالوا: السلم يقول آل محمد أمر الله بالدخول فيه وهم حبل الله الذي أمر بالإعتصمام به قال الله: * (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) *(4).

التاسع: العياشي أيضا قال: وفي رواية أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله: * (لا تتبعوا خطوات الشيطان) * قال: هي ولاية الأول والثاني(5).

العاشر: العياشي أيضا عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ألا إن العلم الذي هبط به آدم وجميع ما فضلت به النبيون إلى خاتم النبيين والمرسلين في عترة خاتم النبيين والمرسلين، فأين يتاه بكم وأين تذهبون يا معاشر من نسخ من أصلاب أصحاب السفينة فهذا مثل ما فيكم فكلما نجى في هاتيك منهم من نجى وكذلك ينجو في هذه منكم من نجى ورهن ذمتي، وويل لمن تخلف عنهم إنهم فيكم كأصحاب الكهف ومثلهم باب حطة، وهم باب السلم فادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان(6).

الحادي عشر: ابن شهرآشوب عن زين العابدين وجعفر الصادق (عليهما السلام) قال: * (ادخلوا في السلم كافة) * في ولاية علي * (ولا تتبعوا خطوات الشيطان) * قال: لا تتبعوا غيره(7).

الثاني عشر: عن أبي جعفر (عليه السلام) * (ادخلوا في السلم كافة) * في ولايتنا(8).

____________

(1) تفسير العياشي: 1 / 102 ح 295.

(2) تفسير العياشي: 1 / 102 ح 298.

(3) تفسير العياشي: 1 / 102 ح 297، بحار الأنوار: 7 / 123، الصافي: 1 / 183.

(4) تفسير العياشي: 1 / 194 ح 123 و 298.

(5) تفسير العياشي: 1 / 103 ح 294 - 299.

(6) تفسير العياشي: 1 / 103 ح 300.

(7) مناقب آل أبي طالب: 3 / 116.

(8) مناقب آل أبي طالب: 3 / 116.


الصفحة 342

الباب الخامس والعشرون ومائتان

في قوله تعالى: * (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم) *

من طريق العامة وفيه حديث واحد


أسند أبو جعفر الطبري إلى ابن عباس أن سادات قريش كتبت صحيفة تعاهدوا فيها على قتل علي ودفعوها إلى أبي عبيدة بن الجراح أمين قريش فنزلت * (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم) * الآية فطلبها النبي منه فدفعها إليه فقال: كفرتم بعد إسلامكم فحلفوا بالله إنهم لم يهموا بشئ منه فأنزل الله * (يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا) *(1).

الباب السادس والعشرون ومائتان

في قوله تعالى: * (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم) *

من طريق الخاصة وفيه ثلاثة أحاديث


الأول: محمد بن يعقوب عن علي بن الحسين عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: * (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شئ عليم) * قال: نزلت هذه الآية في فلان وفلان وأبي عبيدة بن الجراح وعبد الرحمن بن عوف وسالم مولى أبي حذيفة والمغيرة بن شعبة حيث كتبوا الكتاب بينهم وتعاهدوا وتوافقوا لئن مضى محمد لا تكون الخلافة في بني هاشم ولا النبوة أبدا فأنزل الله فيهم هذه الآية(2).

الثاني: ابن بابويه قال: حدثنا حمزة بن محمد العلوي (رحمه الله) قال: أخبرنا علي بن إبراهيم عن أبيه عن محمد بن أبي عمير عن عمرو بن أذينة عن أبي عبد الله (عليه السلام) وذكر مثل الحديث الأول(3).

الثالث: علي بن إبراهيم قال: أخبرنا أحمد بن إدريس عن محمد بن علي عن علي بن الحكم

____________

(1) الصراط المستقيم: 1 / 296.

(2) الكافي: 8 / 180 ح 202.

(3) أمالي الصدوق.


الصفحة 343
عن أبي بكر الحضرمي وبكر بن أبي بكر قال: حدثنا سليمان بن خالد قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله: * (إنما النجوى من الشيطان) * قال: الثاني، وقوله: * (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم) * قال فلان وفلان، وابن فلان أمينهم حين اجتمعوا ودخلوا الكعبة، فكتبوا بينهم كتابا إن مات محمد ألا يرجع الأمر فيهم أبدا(1).

____________

(1) تفسير القمي: 2 / 356.


الصفحة 344

الباب السابع والعشرون ومائتان

في قوله تعالى: * (يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة
الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا) *

من طريق العامة وفيه حديثان


الأول: أسند أبو جعفر الطبري إلى ابن عباس أن سادات قريش كتبت صحيفة تعاهدوا على قتل علي فدفعوها إلى أبي عبيدة بن الجراح. وقد تقدم الحديث في الباب الخامس والعشرين ومائتين في قوله تعالى: * (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم) * الآية(1).

الثاني: الزمخشري في " الكشاف " في تفسير قوله تعالى: * (لقد ابتغوا الفتنة من قبل وقلبوا لك الأمور) * رفعه ابن جريح قال: وقفوا لرسول الله (صلى الله عليه وآله) على الثنية ليلة العقبة وهم اثنا عشر رجلا ليفتكوا به(2). وقال الزمخشري أيضا في تفسير قوله تعالى: * (وهموا بما لم ينالوا وما نقموا) * وهو الفتك برسول الله، وذلك عند مرجعه من تبوك، توافق خمسة عشر منهم على أن يدفعوه عن راحلته إلى الوادي إذا تسنم العقبة بالليل، فأخذ عمار بن ياسر بخطام ناقته يقودها وحذيفة خلفه يسوقها فبينما هما كذلك إذ سمع حذيفة وقع أخفاف الإبل وقعقعة السلاح فإذا هم قوم متلثمون، فقال: إليكم إليكم يا أعداء الله، فهربوا(3).

____________

(1) الصراط المستقيم: 1 / 296.

(2) تفسير الكشاف: 2 / 155، ضمن تفسير الآية 48 من سورة التوبة.

(3) تفسير الكشاف: 2 / 163، ضمن تفسير الآية 74 من سورة التوبة.


الصفحة 345

الباب الثامن والعشرون ومائتان

في قوله تعالى: * (يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة
الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا) *

من طريق الخاصة وفيه سبعة أحاديث


الأول: العياشي بإسناده عن جابر بن أرقم قال: بينا نحن في مجلس لنا وأخو زيد بن أرقم يحدثنا إذ أقبل رجل على فرسه عليه هيئة السفر فسلم علينا ثم وقف فقال: أفيكم زيد بن أرقم؟ فقال زيد:

أنا زيد بن أرقم فما تريد، فقال الرجل: أتدري من أين جئت؟ قال: لا، قال: من فسطاط مضر لأسألك عن حديث بلغني عنك تذكره عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال له زيد: وما هو؟ قال: حديث غدير خم في ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال: يا بن أخي إن قبل غدير خم ما أحدثك به إن جبرئيل الروح الأمين صلوات الله عليه نزل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) بولاية علي بن أبي طالب فدعا قوما أنا فيهم فاستشارهم في ذلك ليقوم به في الموسم فلم ندر ما نقول وبكى (صلى الله عليه وآله) فقال له جبرئيل: ما لك يا محمد أجزعت من أمر الله؟ فقال: كلا يا جبرئيل ولكن قد علم ربي ما لقيت من قريش إذ لم يقروا إلي بالرسالة حتى أمرني بجهادي وأهبط إلي جنودا من السماء فنصروني فكيف يقروا إلي لعلي من بعدي فانصرف عنه جبرئيل (عليه السلام) ثم نزل عليه * (فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك) * فلما نزلنا الجحفة راجعين وضربنا أخبيتنا نزل جبرائيل بهذه الآية: * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) * فبينا نحن كذلك إذ سمعنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو ينادي: يا أيها الناس أجيبوا داعي الله أنا رسول الله، فأتينا مسرعين في شدة الحر فإذا هو واضع بعض ثوبه على رأسه وبعضه على قدميه من الحر وأمر بقم ما تحت الدوح، فقم ما كان ثمة من الشوك والحجارة، فقال رجل: ما دعاه إلى قم هذا المكان وهو يريد أن يرحل من ساعته ليأتينكم اليوم بداهية، فلما فرغوا من ألقم أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يؤتى بأحلاس دوابنا وأذواد الماء وجفاتها(1) فوضعنا بعضها على بعض ثم ألقينا عليها ثوبا وصعد عليها رسول الله (صلى الله عليه وآله) فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس إنه نزل علي عشية عرفة أمر ضقت به ذرعا مخافة تكذيب أهل

____________

(1) في المصدر: بأحلاس دوابنا وأثاث إبلنا وحقائبها.


الصفحة 346
الأفك حتى جائني في هذا الموضع وعيد من ربي إن لم أفعل ألا وإني غير هائب لقوم ولا محاب لقرابتي أيها الناس من أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: الله ورسوله، قال: اللهم اشهد وأنت يا جبرائيل فاشهد حتى قالها ثلاثا، ثم أخذ بيد علي صلوات الله عليه فرفعه إليه ثم قال: اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله قالها ثلاثا ثم قال:

هل سمعتم؟

فقالوا: اللهم بلى، قال: فأقررتم، فقالوا: اللهم نعم، قال: اللهم اشهد وأنت يا جبرائيل فاشهد، ثم نزل فانصرفنا إلى رحالنا وكان إلى جانب خبائي خباء لنفر من قريش وهم ثلاثة ومعي حذيفة بن اليمان فسمعت أحد الثلاثة وهو يقول: والله إن محمدا لأحمق إن كان يرى أن الأمر ليستقيم لعلي من بعده وقال آخرون: أتجعله أحمق ألم تعلم أنه مجنون قد كاد أن يصرع عند امرأة ابن أبي كبشة.

وقال الثالث: دعوه إن شاء يكون أحمقا وإن شاء يكون مجنونا والله ما يكون ما يقول أبدا.

فغضب حذيفة من مقالتهم فرفع جانب الخباء، فأدخل رأسه إليهم وقال: فعلتموها ورسول الله بين أظهركم ووحي الله ينزل عليكم والله لأخبره بكرة بمقالتكم فقالوا له: يا أبا عبد الله وإنك لهاهنا وقد سمعت ما قلنا اكتم علينا فإن لكل جار أمانة فقال لهم: ما هذا من جوار الأمانة ولا من مجالسها ما نصحت لله ورسوله إن أنا طويت عنه هذا الحديث، فقالوا: يا أبا عبد الله فاصنع ما شئت فوالله ليحلفن إنا لم نقل وإنك قد كذبت علينا افتراه يصدقك ويكذبنا ونحن ثلاثة فقال لهم: أما أنا فلا أبالي إذا أنا أديت النصيحة إلى الله وإلى رسوله فقولوا ما شئتم أن تقولوا ثم مضى حتى أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي (عليه السلام) جانبه محتب بحمائل سيفه فأخبره بمقالة القوم فبعث إليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأتوه فقال: ماذا قلتم؟ فقالوا: والله ما قلنا شيئا فإن كنت أبلغت عنا شيئا فمكذوب علينا فهبط جبرائيل (عليه السلام) بهذه الآية * (يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم) * قال علي (عليه السلام) عند ذلك ليقولوا ما شاؤوا والله إن قلبي بين أضلاعي وإن سيفي لفي عنقي ولئن هموا لأهمن فقال جبرائيل للنبي (صلى الله عليه وآله): اصبر للأمر الذي هو كائن فأخبر النبي (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام) بما أخبره به جبرائيل (عليه السلام) فقال: إذا أصبر للمقادير، قال أبو عبد الله: وقال رجل من الملأ شيخ لئن كنا بين أقوامنا كما يقولون هذا لنحن أشر من الحمير، فقال آخر شاب إلى جنبه: لئن كنت صادقا لنحن أشر من الحمير(1).

____________

(1) تفسير العياشي: 2 / 99 ح 89.


الصفحة 347
الثاني: العياشي عن جعفر بن محمد الخزاعي عن أبيه قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: لما قال النبي (صلى الله عليه وآله) ما قال في غدير خم وصار بالأخبية، مر المقداد بجماعة منهم وهم يقولون والله إن كنا وقيصر لكنا في الخز والوشي هو نقش على الثوب. والديباج والنساجات وأنا معه في الأخشنين نأكل الخشن ونلبس الخشن حتى إذا دنا موته وفنيت أيامه وحضر أجله أراد أن يوليها عليا من بعده أما والله ليعلمن! قال: فمضى المقداد فأخبر النبي فقال: الصلاة جامعة، قال: فقالوا: قد رمانا المقداد فقوموا نحلف عليه فجاؤوا حتى جثوا بين يديه فقالوا: بآبائنا وأمهاتنا يا رسول الله والذي بعثك بالحق والذي أكرمك بالنبوة ما قلنا ما بلغك لا والذي اصطفاك على البشر قال: فقال النبي بسم الله الرحمن الرحيم * (يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا) * بك يا محمد ليلة العقبة وما نقموا إلا أن أغناهم الله من فضله كان أحدهم يبيع الروث وآخر يبيع الكراع ونقل القرامل فأغناهم الله برسوله ثم جعلوا حدهم وحديدهم عليه(1).

الثالث: العياشي بإسناده عن أبان بن تغلب عنه (عليه السلام): لما نصب رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا يوم غدير خم فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، فهم رجلان من قريش رؤسهما وقالا: والله لا نسلم له ما قال أبدا.

فأخبر النبي (صلى الله عليه وآله) فسألهما عما قالا، فكذبا وحلفا بالله ما قالا شيئا، فنزل جبرئيل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) * (يحلفون بالله ما قالوا) * الآية قال أبو عبد الله (عليه السلام) لقد توليا وما تابا(2).

الرابع: علي بن إبراهيم في تفسيره قال: قال نزلت في الذين تخالفوا في الكعبة لا يردوا هذا الأمر في بني هاشم وهي كلمة الكفر، ثم قعدوا لرسول الله (صلى الله عليه وآله) في العقبة وهموا بقتله وهو قول الله تعالى: * (وهموا بما لم ينالوا) *(3).

الخامس: ابن بابويه قال: حدثنا أحمد بن محمد بن الهيثم العجلي (رضي الله عنه) قال: حدثنا أحمد بن يحيى ابن زكريا القطان قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب قال: حدثنا تميم بن بهلول عن أبيه عن عبد الله بن الفضل الهاشمي عن أبيه عن زياد بن المنذر قال: حدثني جماعة من المشيخة عن حذيفة بن اليمان أنه قال: الذين نفروا برسول الله (صلى الله عليه وآله) ناقته في منصرفه من تبوك أربعة عشر أبو الشرور وأبو الدواهي وأبو المعازف وأبوه وطلحة وسعد بن أبي وقاص وأبو عبيدة وأبو الأعور والمغيرة وسالم مولى أبي حذيفة وخالد بن الوليد وعمرو بن العاص وأبو موسى الأشعري وعبد الرحمن بن عوف وهم الذين أنزل الله عز وجل فيهم * (وهموا بما لم ينالوا) *(4).

____________

(1) تفسير العياشي: 2 / 100 ح 90.

(2) تفسير العياشي: 2 / 100 ح 91.

(3) تفسير القمي: 1 / 301.

(4) الخصال: 499 ح 6.


الصفحة 348
السادس: العلامة الحلي في الكشكول عن أحمد بن عبد الرحمن الناوري يوم الجمعة في شهر رمضان سنة عشرين وثلاثمائة قال: قال الحسين والعباس عن المفضل الكرماني قال: حدثني محمد بن صدقة قال محمد بن سنان عن المفضل بن عمر الجعفي عن الصادق (عليه السلام) في قصة النظر ابن الحرث الفهري مع جماعة المنافقين الذين اجتمعوا عند عمر بن الخطاب ليلا وذكر الحديث وقال فيه: فلما رأوه - يعني النظر الفهري - بظهر المدينة ميتا بحجرة من طين انتحبوا وبكوا وقالوا:

من أبغض عليا وأظهر بغضه قتله بسيفه، ومن خرج من المدينة بغضا لعلي فأنزل الله عليه ما ترى، لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل من شيعة علي مثل سلمان وأبي ذر والمقداد وعمار وأشباههم من ضعفاء الشيعة. فأوحى الله إلى نبيه ما قالوا، فلما انصرفوا إلى المدينة أعلمهم رسول الله فحلفوا بالله كاذبين إنهم لم يقولوا فأنزل الله فيهم: * (يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم) * بظاهر القول لرسول الله إنا قد آمنا وأسلمنا لله وللرسول فيما أمرنا به من طاعة علي وهموا بما لم ينالوا من قتل محمد ليلة العقبة وإخراج ضعفاء الشيعة من المدينة بغضا لعلي وما نقموا منهم إلا أن أغناهم الله من فضله بسيف علي في حروب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفتوحه * (فإن يتوبوا يكن خيرا لهم وإن يتولوا يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا والآخرة وما لهم في الأرض من ولي ولا نصير) * والحديث طويل ذكرناه بطوله في قوله تعالى: * (قل فلله الحجة البالغة) * من كتاب البرهان في تفسير القرآن(1).

السابع: ابن شهرآشوب قال: روي أن النبي (صلى الله عليه وآله) لما فرغ من غدير خم ونفر الناس، اجتمع نفر من قريش يتساقون على ما جرى، فمر بهم ضب فقال بعضهم: ليت محمدا أمر هذا الضب دون علي، فسمع ذلك أبو ذر فحكى ذلك لرسول الله (صلى الله عليه وآله) فبعث إليهم وأحضرهم وعرض عليهم مقالتهم فأنكروا وحلفوا فأنزل الله تعالى: * (يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا) * الآية فقال النبي (صلى الله عليه وآله): ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر(2).

____________

(1) مدينة المعاجز: 2 / 276.

(2) مناقب آل أبي طالب: 2 / 242.