الباب الثالث والثلاثون
في قوله (صلى الله عليه وآله): " أنا دار الحكمة وعلي بابها "
الأول: ابن المغازلي الشافعي قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن أحمد بن عثمان البغدادي قدم علينا واسطا قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن لؤلؤ إذنا قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة قال: حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا أبو جعفر الكوفي عن محمد بن الطفيل عن أبي عبد الله معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " أنا دار الحكمة وعلي بابها، فمن أراد الحكمة فليأت الباب "(1).
الثاني: من كتاب مناقب الصحابة للسمعاني قال عن علي (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " أنا دار الحكمة وعلي بابها "(2).
الثالث: إبراهيم بن محمد الحمويني من علماء العامة قال: أخبرنا شيخنا الإمام أبو عمرو بن الموفق بقراءتي عليه قال أنبأ شيخ الإسلام سعد الحق والدين محمد بن المؤيد الحمويني قدس الله روحه إجازة قال: أنبأنا شيخ الإسلام نجم الدين أحمد بن عمر بن محمد بن عبد الله الجيوقي إجازة إن لم يكن سماعا قال: أنبأنا محمد بن عمر بن علي الطوسي سماعا عليه بقراءتي عليه بنيسابور قال: أنبأنا أبو العباس أحمد بن الفضل السقائي، أنبأنا أبو سعيد محمد بن طلحة الحنابلي، أنبأنا أبو علي أحمد بن عبد الرحمن الدمشقي، أنبأنا أبو بكر يوسف بن القاسم القاضي، أنبأنا أبو عبد الله بن محمد القاضي الكوفي، أنبأنا إسماعيل بن موسى الفراوي، أنبأنا محمد بن عمرو الرومي عن شريك عن سلمة بن كميل الصناعي قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنا دار الحكمة وعلي بابها "(3).
الرابع: ابن المغازلي الشافعي قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن عثمان بن الفرج قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن المظفر بن موسى بن عيسى الحافظ إجازة قال: حدثنا الباغندي محمد بن محمد ابن سليمان قال: حدثنا سويد عن شريك عن سلمة بن كهيل الصالحي عن علي (عليه السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: " أنا دار الحكمة وعلي بابها، فمن أراد الحكمة فليأتها من بابها "(4).
____________
(1) مناقب ابن المغازلي 86 / 128، حلية الأولياء 1: 64.
(2) كنز العمال: 11 / 600 ح 32889، فتح الملك العلي: 45.
(3) فرائد السمطين 1: 99 / 68، دمشق.
(4) مناقب ابن المغازلي 87 / 129.
الباب الرابع والثلاثون
في قوله (صلى الله عليه وآله): " أنا مدينة الحكمة وعلي بابها " " أنا دار الحكمة وعلي مفتاحها "
الأول: ابن بابويه قال: حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه عن جده عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه محمد بن خالد عن غياث بن إبراهيم عن ثابت بن دينار عن سعيد بن طريف عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي بن أبي طالب (عليه السلام): " يا علي أنا مدينة الحكمة وأنت بابها ولن تؤتى المدينة إلا من قبل الباب "(1).
الثاني: ابن بابويه قال: حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم الليثي قال: حدثنا أحمد بن محمد الهمداني قال: حدثنا يعقوب بن يوسف بن زياد قال: حدثنا أحمد بن حماد عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر الباقر عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنا مدينة الحكمة وهي الجنة وأنت يا علي بابها، فكيف يهتدي المهتدي إلى الجنة ولا يهتدي إليها إلا من بابها؟ "(2).
الثالث: ابن بابويه قال: حدثنا الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي قال: حدثنا فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي قال: حدثنا محمد بن ظهير قال: حدثنا عبد الله بن الفضل الهاشمي عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) عن أبيه عن آبائه قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم غدير خم أفضل أعياد أمتي وهو اليوم الذي أمرني الله تعالى ذكره فيه بنصب أخي علي بن أبي طالب علما لأمتي يهتدون به من بعدي، وهو اليوم الذي أكمل فيه الدين وأتم على أمتي فيه النعمة ورضي لهم الإسلام دينا ".
ثم قال (عليه السلام): " معاشر الناس أنا من علي وعلي مني، خلق من طينتي، وهو إمام الخلق بعدي يبين لهم ما اختلفوا فيه من سنتي، وهو أمير المؤمنين وقائد الغر المحجلين ويعسوب المؤمنين وخير الوصيين وزوج سيدة نساء العالمين وأبو الأئمة المهديين، معاشر الناس من أحب عليا
____________
(1) أمالي الصدوق 342 / 804.
(2) أمالي الصدوق 472 / 632، أمالي الطوسي 431 / 964، بحار الأنوار 40: 200 / 2.
الرابع: ابن بابويه قال: حدثنا محمد بن الحسن بن متيل الدقاق قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن محمد بن سنان عن أبي الجارود زياد بن المنذر عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام): " قال: سمعت جابر بن عبد الله الأنصاري يقول: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان ذات يوم في منزل أم إبراهيم وعنده نفر من أصحابه إذ أقبل علي بن أبي طالب (عليه السلام) فلما بصر به النبي (صلى الله عليه وآله) قال: يا معشر الناس أقبل إليكم خير الناس بعدي وهو مولاكم، طاعته مفروضة كطاعتي ومعصيته محرمة كمعصيتي، معاشر الناس أنا دار الحكمة وعلى مفتاحها ولن يوصل إلى الدار إلا بالمفتاح، وكذب من زعم أنه يحبني ويبغض عليا "(2).
الخامس: الشيخ في أماليه قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال: حدثنا أحمد بن الحسن بن هارون بن سليمان الصياحي وعلي بن أحمد بن مروان بن قيس المنقري بسر من رأى وأبو ذر محمد بن أحمد بن سليمان الباغنداني بن أبي همام قال: أخبرنا سفيان بن سعيد الثوري عن عبد الله بن عثمان بن خيثم عن عبد الرحمن بن تهمان عن جابر بن عبد الله الأنصاري (رحمه الله): رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) آخذا بيد علي بن أبي طالب (عليه السلام) وهو يقول: " هذا أمير البررة وقاتل الفجرة، منصور من نصره مخذول من خذله، ثم رفع بها صوته وقال: أنا مدينة الحكمة وعلي بابها فمن أراد الحكمة فليأت الباب "(3).
____________
(1) أمالي الصدوق 188 / 197، بحار الأنوار 37: 109 / 2.
(2) أمالي الصدوق 434 / 574، بحار الأنوار 38: 102 / 24.
(3) أمالي الطوسي 483 / 1055.
الباب الخامس والثلاثون
في قول أمير المؤمنين (عليه السلام): " سلوني قبل أن تفقدوني "
الأول: من مسند أحمد بن حنبل: قال روى بعضهم عن ابن عباس (رضي الله عنه) أنه قال: كان علي (عليه السلام) يعرف ألف شئ، وأراه ذكر في هذا الحديث: وكل جماعة كانت في الأرض أو تكون في الأرض ومن كل قرية كانت أو تكون في الأرض قال: وقد روي عن علي (عليه السلام) أنه قال على المنبر: " سلوني قبل أن تفقدوني، سلوني عن كتاب الله وما من آية إلا وأعلم حيث أنزلت بحضيض جبل أو سهل أرض، وسلوني عن الفتن فما من فتنة إلا وقد علمت كسبها ومن يقتل فيها " وروي عنه من نحو هذا كثيرا(1).
الثاني: ومن مسند أحمد بن حنبل أيضا قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن يحيى بن سعيد قال رواه عن سعيد قال: لم يكن أحد من أصحاب النبي يقول: سلوني، إلا علي بن أبي طالب (عليه السلام)(2).
الثالث: موفق بن أحمد قال: أخبرنا الشيخ الزاهد الحافظ أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي الخوارزمي أخبرنا شيخ القضاة إسماعيل بن أحمد الواعظ، حدثني والدي أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدوري، حدثنا يحيى بن معين، حدثنا سفيان بن عيينة عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال: ما كان في أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) أحد يقول: سلوني، غير علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)(3).
الرابع: موفق بن أحمد من العامة بإسناده السابق عن أحمد بن الحسين هذا أخبرنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ، حدثنا أبو محمد أحمد بن عبد الله المزني إملاء، حدثنا أحمد بن محمد بن حرب، حدثنا أبو طاهر أحمد بن عيسى بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، حدثنا يحيى بن عبد الله العلوي خال جعفر بن محمد، حدثنا محمد، حدثنا نوح بن قيس
____________
(1) مسند أحمد 1: 83 ط. مصر، والبحار: 39 / 346.
(2) فضائل الصحابة لأحمد: 2 / 646 ح 1098، والاستيعاب 3 / 1103، ومناقب الخوارزمي: 91.
(3) مناقب الخوارزمي 91 / 83.
الخامس: إبراهيم بن محمد الحمويني هذا بإسناده المتصل إلى السبيعي قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن محمد العلوي عن الحسين بن الحكم، أنبأنا إسماعيل بن صبيح، أنبأنا أبو الجارود عن حبيب بن يسار عن زادان قال: سمعت عليا (عليه السلام) يقول: " والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لو كسرت لي وسادة - يقول: ثنيت - فأجلست عليها لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم، وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم، وبين أهل الزبور بزبورهم، وبين أهل الفرقان بفرقانهم، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما من رجل من قريش جرت عليه المواسي إلا وأنا أعرف آية تسوقه إلى جنة أو تقوده إلى نار " فقام رجل فقال: فأنت أي شئ نزل عليك؟ فقال علي صلوات الله عليه وآله: " * (أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه) * فرسول الله (صلى الله عليه وآله) على بينة من ربه، ويتلوه أنا شاهد منه "(2).
السادس: من طريق العامة أيضا روي عن علي (عليه السلام) أنه قال على المنبر: " سلوني قبل أن تفقدوني، سلوني عن كتاب الله، وما من آية إلا وأعلم حيث أنزلت بحضيض جبل أو سهل أرض، وسلوني عن الفتن فما من فتنة إلا وقد علمت كبشها ومن يقتل فيها " قال وقد روي من نحو هذا كثير من صحيح مسلم(3).
السابع: ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة: أجمع الناس كلهم على أنه لم يقل أحد من الصحابة ولا أحد من العلماء: سلوني، غير علي بن أبي طالب (عليه السلام) ذكر ذلك ابن عبد البر المحدث في كتاب الإستيعاب(4).
____________
(1) مناقب الخوارزمي 91 / 85، فرائد السمطين 1: 340 / 263.
(2) فرائد السمطين 1: 341 / 263.
(3) صحيح مسلم: 5 / 181 كتاب الجهاد، والعمدة 336.
(4) شرح النهج: 13 / 106، والاستيعاب: 3 / 1103 ترجمة الأمير.
الباب السادس والثلاثون
في قول أمير المؤمنين (عليه السلام): " سلوني قبل أن تفقدوني "
الأول: ابن بابويه في أماليه قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان وعلي بن أحمد بن موسى الدقاق ومحمد بن أحمد السناني (رحمه الله) قالوا، حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان قال:
حدثنا محمد بن العباس قال: حدثني محمد بن السري قال: حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس عن سعد بن طريف الكناني عن الأصبغ بن نباته قال: لما جلس علي (عليه السلام) في الخلافة وبايعه الناس خرج إلى المسجد متعمما بعمامة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، لابسا بردة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، منتعلا نعل رسول الله (صلى الله عليه وآله)، متقلدا سيف رسول الله (صلى الله عليه وآله) فصعد المنبر فجلس عليه متمكنا ثم شبك بين أصابعه فوضعها أسفل بطنه ثم قال: " يا معاشر الناس، سلوني قبل أن تفقدوني، وهذا سفط العلم، هذا لعاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، هذا ما زقني رسول الله (صلى الله عليه وآله) زقا زقا، سلوني فإن عندي علم الأولين والآخرين، أما والله لو ثنيت لي الوسادة فجلست عليها لأفتيت أهل التوراة بتوراتهم حتى ينطق التوراة فيقول: صدق علي ما كذب لقد أفتاكم بما أنزل الله في، وأفتيت أهل الإنجيل بإنجيلهم حتى ينطق [ الإنجيل فيقول: صدق علي ما كذب، لقد أفتاكم بما أنزل الله، وأفتيت أهل القرآن بقرآنهم حتى ينطق ] القرآن فيقول: صدق علي ما كذب لقد أفتاكم بما أنزل الله في وأنتم تتلون القرآن ليلا ونهارا، فهل فيكم أحد يعلم ما نزل فيه؟ ولولا آية في كتاب الله لأخبرتك بما كان وبما هو كائن إلى يوم القيامة وهي هذه الآية: * (يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) *(1).
ثم قال: سلوني قبل أن تفقدوني فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة لو سألتموني عن آية آية في ليل أنزلت أو في نهار أنزلت، مكيها ومدنيها، سفريها وحضريها، ناسخها ومنسوخها، محكمها ومتشابهها، تأويلها وتنزيلها لأخبرتكم ".
فقام إليه رجل يقال له دعلب وكان ذرب اللسان، بليغا في الخطب، شجاع القلب فقال: لقد ارتقى ابن أبي طالب مرقاة صعبة لأخجلنه اليوم لكم في مسألتي إياه فقال: يا أمير المؤمنين، هل
____________
(1) الرعد: 39.
فقال: " ويلك يا دعلب لم أكن بالذي أعبد ربا لم أره ".
فقال: كيف رأيته؟ صفه لنا.
قال: " ويلك لم تره العيون بمشاهدة الأبصار ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان، ويلك يا دعلب إن ربي لا يوصف بالبعد ولا بالحركة ولا بالسكون، ولا بقيام قيام انتصاب، ولا بجيئة وذهاب لطيف اللطافة ولا يوصف باللطف، عظيم العظمة لا يوصف بالعظم كبير الكبر أما لا يوصف بالكبر، جليل الجلالة لا يوصف بالغلظ رؤوف الرحمة لا يوصف بالرقة، مؤمن لا بعبادة، مدرك لا بمجسة، قايل لا بلفظ، هو في الأشياء على غير ممازجة، خارج عنها على غير مباينة، فوق كل شئ ولا يقال له شئ فوقه، أمام كل شئ ولا يقال له أمام، دخل في الأشياء لا كشئ في شئ داخل، وخارج منها لا كشئ خارج ".
فخر دعلب مغشيا عليه، ثم قال: تالله ما سمعت بمثل هذا الجواب، والله لا عدت إلى مثلها أبدا.
ثم قال (عليه السلام): " سلوني قبل أن تفقدوني " فقام إليه رجل من أقصى المسجد متوكئا على عكازة فلم يتخط الناس حتى دنا منه فقال: يا أمير المؤمنين دلني على عمل إذا أنا عملته نجاني الله من النار، فقال له: " إسمع يا هذا ثم افهم ثم استيقن، قامت الدنيا بثلاثة: بعالم ناطق مستعمل بعمله، وبغني لا يبخل بماله عن أهل دين الله عز وجل، وبفقير صابر، فإذا كتم العالم علمه وبخل الغني ولم يصبر الفقير، فعندها الويل والثبور وعندها يعرف العارفون بالله أن الدار قد رجعت إلى يديها أي إلى الكفر بعد الإيمان.
أيها السائل لا تغترن بكثرة المساجد وجماعة أقوام، أجسادهم مجتمعة وقلوبهم شتى، أيها الناس إنما الناس ثلاثة: زاهد وراغب وصابر، فأما الزاهد فلا يفرح بشئ من الدنيا ولا يحزن على شئ منها فاته، وأما الصابر فيتمناها بقلبه فإن أدرك منها شيئا صرف عنها نفسه لما يعلم من سوء عاقبتها، وأما الراغب فلا يبالي من حل أصابها أم من حرام " قال: يا أمير المؤمنين فما علامة المؤمن في ذلك الزمان قال: " ينظر إلى ما أوجب الله عليه من حق فيتولاه وينظر إلى ما خالفه فيتبرأ منها وإن كان حبيبا قريبا " قال: صدقت والله يا أمير المؤمنين، ثم غاب الرجل فلم يره فطلبه الناس فلم يجدوه فتبسم (عليه السلام) على المنبر ثم قال: " ما لكم؟ هذا أخي الخضر (عليه السلام) " ثم قال (عليه السلام): " سلوني قبل أن تفقدوني " فلم يقم إليه أحد، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على نبيه (صلى الله عليه وآله) ثم قال
الثاني: ابن بابويه قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه) قال: حدثنا علي بن موسى بن جعفر بن أبي جعفر الكميداني قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي نجران عن جعفر بن محمد الكوفي عن عبيد الله السمين عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة قال: بينا أمير المؤمنين (عليه السلام) يخطب الناس وهو يقول: " سلوني قبل أن تفقدوني فوالله، لا تسألوني عن شئ مضى ولا شئ يكون إلا نبأتكم به " فقام إليه سعد بن أبي وقاص فقال له: يا أمير المؤمنين أخبرني كم في رأسي ولحيتي من شعرة فقال له: " والله لقد سألتني عن مسألة، حدثني خليلي رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنك تسألني عنها، وما في رأسك ولحيتك من شعرة إلا وفي أصلها شيطان جالس، وإن في بيتك لسخلا يقتل ابني الحسين "، وعمر بن سعد يومئذ يدرج بين يديه(2).
الثالث: محمد بن العباس بن مروان الثقة في تفسيره وقد ذكر نحوا من ستة وعشرين طريقا في قوله تفسير أولئك خير البرية بذكره منها طريقا واحدا قال: حدثنا أحمد بن محمد المحدور قال:
حدثنا الحسين بن عبيد بن عبد الرحمن الكندي قال: حدثني محمد بن سليمان قال: حدثني خالد بن السري الأزدي قال: حدثني النظر بن السابق قال: حدثني عامر بن واثلة قال: خطبنا أمير المؤمنين (عليه السلام) على منبر الكوفة وهو اجيرات مجصص فحمد الله وأثنى عليه وذكر الله كما هو أهله
____________
(1) أمالي الصدوق 422 / 560، التوحيد: 304 / 1، الإختصاص: 235 بحار الأنوار 10 / 117 / 1.
(2) أمالي الصدوق 196 / 207، كامل الزيارات: 74 / 12، بحار الأنوار 42: 146 / 6 و 44: 256 / 5.
فسكت أمير المؤمنين فأعادها عليه ابن الكوا، فسكت فأعادها الثالثة فقال علي (عليه السلام) ورفع صوته: " ويحك يا بن الكوا أولئك نحن وأتباعنا يوم القيامة غرا محجلين رواء مرويين يعرفون بسيماهم "(2).
الرابع: الشيخ في أماليه قال: حدثنا محمد بن محمد يعني المفيد قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رحمه الله) قال: حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار قال: حدثنا أحمد بن عبد الله البرقي عن أبيه عن خلف بن حماد الأزدي عن أبي الحسن العبدي عن الأعمش عن عباية بن ربعي قال: كان علي أمير المؤمنين (عليه السلام) كثيرا ما يقول:
" سلوني قبل أن تفقدوني، فوالله ما من أرض مخصبة ولا مجدبة، ولا فئة تضل مائة أو تهدي مائة إلا وأنا أعلم قايدها وسايقها وناعقها إلى يوم القيامة "(3).
الخامس: محمد بن الحسن الصفار في بصائر الدرجات عن محمد بن الحسين عن عبد الرحمن بن أبي هاشم عن عنبسة العابد عن مغيرة مولى عبد المؤمن الأنصاري عن سعد عن الأصبغ قال: سمعت عليا (عليه السلام) يقول على هذا المنبر: " سلوني قبل أن تفقدوني، والله ما أرض مخصبة ولا مجدبة وكل فئة تضل مائة أو تهدي مائة إلا وقد عرفت قائدها وسايقها، وقد أحبرت بهذا رجلا من أهل بيتي يخبر بها كبيرهم لصغيرهم إلى أن تقوم القيامة "(4).
السادس: الصفار هذا عن محمد بن الحسين عن جعفر بن بشير عن المعلى عن سلم قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إنا نروي أحاديثكم لا نجد عند أحد من أهل بيتك فيها شيئا قال: " ما هي؟ " قال:
يروون أن عليا (عليه السلام) كان يخطب الناس: " يا أيها الناس سلوني فإنكم لم تسألوني عن شئ فيما بيني وبين الساعة لا عن أرض مجدبة ولا عن أرض مخصبة ولا عن فرقة تضل مائة وتهدي مائة
____________
(1) البينة: 7.
(2) رواه عنه ابن طاووس في سعد السعود: 109، بحار الأنوار 32 / 190 / 192.
(3) أمالي الطوسي 58 / 85.
(4) بصائر الدرجات 296 / 1.
السابع: الشيخ المفيد في أماليه قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن بلال المهلبي قال: حدثنا علي بن عبد الله بن أسد الأصفهاني قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الثقفي قال: حدثنا النقاد قال:
حدثنا علي بن هاشم عن أبيه عن سعيد بن المسيب قال: سمعت يحيى بن أم الطويل يقول:
سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) يقول: " ما بين لوحي المصحف من آية إلا وقد علمت فيمن نزلت وأين نزلت، في سهل أو جبل، وإن بين جوانحي لعلما جما، فسلوني قبل أن تفقدوني فإنكم إن فقدتموني لم تجدوا من يحدثكم مثل حديثي "(2).
____________
(1) بصائر الدرجات 296 / 2.
(2) أمالي المفيد 152 / 3.
الباب السابع والثلاثون
في المناجاة يوم الطائف
الأول: ابن المغازلي الشافعي في كتاب المناقب قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن المظفر بن أحمد العطار الفقيه الشافعي بقراءتي عليه فأقر به سنة أربع وثلاثين وأربعمائة قلت له: أخبركم أبو محمد بن عمار والملقب بابن السقاء الحافظ الواسطي قال: حدثنا أبو عبد الله محمود بن محمد ويعقوب بن إسحاق بن عباد بن العوام الرياحي الواسطيان قالا: حدثنا وهب بن بقية قال: أخبرنا خالد بن عبد الله عن الأجلح عن أبي الزبير عن جابر قال انتجى رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا يوم الطائف فطالت مناجاته إياه فقيل له: لقد طالت مناجاتك اليوم عليا فقال: " ما أنا ناجيته ولكن الله ناجاه "(1).
الثاني: ابن المغازلي أيضا قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن أحمد بن عثمان بن الأزهر المعروف بابن الذبابي الصيرفي قدم علينا واسطا، قلت له: أخبركم أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن شاذان البزاز وأذن لكم في روايته عنه قال: حدثنا عبد الجبار بن العباس، حدثنا عمار الدهني عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال: ناجى رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا يوم الطائف فأطال نجواه فقال رجل:
لقد أطال نجوى ابن عمه، فبلغ ذلك النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: " ما أنا انتجيته هو ولكن الله انتجاه "(2).
الثالث: ابن المغازلي قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الوهاب قال: أخبرنا الحسين بن محمد بن الحسين العلوي العدل قال: حدثنا أبو الأحوص محمد بن الهيثم القاضي قال: حدثنا أبو عفير قال: حدثنا بكار بن زكريا الأشجعي عن الأشجعي عن الأجلح عن أبي الزبير عن جابر أن النبي (صلى الله عليه وآله) دعا عليا وهو محاصر الطائف فقال أناس من أصحابه: لقد طالت مناجاتك(3) منذ اليوم فسمع النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: " ما أنا انتجيته ولكن الله انتجاه "(4).
الرابع: ابن المغازلي قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الوهاب قال: أخبرنا أبو عبد الله
____________
(1) مناقب ابن المغازلي 124 / 162، صحيح الترمذي، البداية والنهاية 7: 356.
(2) مناقب ابن المغازلي 125 / 163.
(3) في المصدر: مناجاته.
(4) مناقب ابن المغازلي 126 / 165، مسند أحمد.
الخامس: ابن المغازلي قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن أحمد بن عثمان قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن حسين بن شاذان إذنا قال: حدثنا محمد بن أحمد اللخمي قال: حدثني أبي قال: حدثنا محمود بن إبراهيم قال: حدثنا عبد الجبار بن العباس قال: حدثنا عمار الذهني عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال: ناجى رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا يوم الطائف فأطال نجواه فقال رجل: لقد طال نجواه لابن عمه فبلغ ذلك النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: " ما أنا انتجيته ولكن الله انتجاه "(2).
السادس: موفق بن أحمد قال: أخبرنا الشيخ الصالح الأوحد أبو الفتح عبد الملك بن أبي القاسم بن أبي سهل الكرخي والهروي عن مشايخ الثلاثة القاضي أبي عامر محمود بن القاسم الأزدي وأبي نصر عبد العزيز محمد الترياقي وأبي بكر أحمد بن عبد الصمد الفروجي ثلاثتهم عن أبي محمد عبد الجبار بن محمد الخراجي عن أبي العباس محمد بن أحمد المجنوني عن الإمام الحافظ عن أبي عيسى محمد بن عيسى الترمذي، حدثنا علي بن المنذر، حدثنا محمد بن الفضيل عن الأجلح عن أبي الزبير قال: دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا يوم الطائف وانتجاه فقال الناس: لقد طال نجواه مع ابن عمه فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " ما أنا انتجيته ولكن الله انتجاه "(3).
السابع: كتاب فضائل الصحابة للسمعاني بالإسناد قال عن أبي الزبير عن جابر (رضي الله عنه) قال: لما كان يوم الطائف دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام) فناجاه طويلا، فقال بعض أصحابه: لقد طال مناجاة ابن عمه قال: " ما انتجيته ولكن الله انتجاه "(4).
الثامن: ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة وهو من أعيان علماء العامة من المعتزلة قال: ذكر أحمد بن حنبل في مسنده قال: دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا في غزاة الطائف فانتجاه وأطال نجواه حتى كره القوم من الصحابة ذلك فجمع منهم قوما ثم قال: " إن قائلا قال: لقد أطال اليوم نجوى ابن عمه، أما إني ما انتجيته ولكن الله انتجاه "(5).
____________
(1) مناقب ابن المغازلي 126 / 166.
(2) مناقب ابن المغازلي 126 / 163.
(3) مناقب الخوارزمي 138 / 157.
(4) رواه عنه ابن شهرآشوب في المناقب 2: 222.
(5) شرح نهج البلاغة 9: 173.