الباب الثامن والأربعون
في قوله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): من فارقك فقد فارقني
الأول: ابن بابويه في أماليه قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان(1) قال: حدثنا مسعود أبو عبد الله الخلادي قال: حدثني تليد عن أبي الحجاف عن أبي إدريس عن مجاهد عن علي (عليه السلام) قال:
قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي من فارقك فقد فارقني ومن فارقني فقد فارق الله عز وجل(2).
الثاني: ابن بابويه قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه) قال: حدثنا عبد الله بن الحسن المؤدب قال: حدثنا أحمد ابن علي الأصفهاني عن إبراهيم بن محمد الثقفي قال: حدثني جعفر بن الحسن عن عبيد الله بن موسى العبسي عن محمد بن علي السلمي عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنه قال: لقد سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول في علي خصالا لو كانت واحدة منها في جميع الناس اكتفوا بها فضلا قوله (عليه السلام): من كنت مولاه فعلي مولاه وقوله: علي مني كهارون من موسى، وقوله (عليه السلام): علي مني وأنا منه، وقوله (عليه السلام): علي مني كنفسي، طاعته طاعتي ومعصيته معصيتي، وقوله (عليه السلام): حرب علي حرب الله وسلم علي سلم الله، وقوله (عليه السلام): ولي علي ولي الله وعدو علي عدو الله، وقوله (عليه السلام): علي حجة الله وخليفته على عباده، وقوله (عليه السلام): حب علي إيمان وبغضه كفر، وقوله (عليه السلام): حزب علي حزب الله وحزب أعدائه حزب الشيطان.
وقوله (عليه السلام): علي مع الحق والحق معه لا يفترقان حتى يردا علي الحوض، وقوله (عليه السلام): علي قسيم الجنة والنار، وقوله (عليه السلام): من فارق عليا فقد فارقني ومن فارقني فقد فارق الله عز وجل وقوله (عليه السلام):
شيعة علي هم الفائزون يوم القيامة(3).
الثالث: ابن بابويه قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور (رحمه الله) قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر بن جامع الحميري عن أبيه عن يعقوب بن يزيد قال: حدثني الحسن بن علي بن فضال عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) [ عن أبيه عن آبائه (عليهم السلام) ] قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): علي مني وأنا
____________
(1) سقط من هنا بعض أسماء الرجال فانظر المصدر.
(2) أمالي الصدوق: 648 / مجلس 872 / ح 8.
(3) أمالي الصدوق: 148 / مجلس 20 / ح 1.
الرابع: الشيخ في أماليه قال: أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مهدي قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن بن عقدة الحافظ قال:
حدثنا عبد الرحمن قال: حدثنا أبي قال: حدثني حبيب بن أبي العالية عن مجاهد عن نبي الله (صلى الله عليه وآله) قال: من فارقني فقد فارق الله، ومن فارق عليا فقد فارقني(2).
____________
(1) أمالي الطوسي: 757 / مجلس 94 / ح 12.
(2) أمالي الطوسي: 267 / مجلس 10 / ح 32.
الباب التاسع والأربعون
في قول النبي (صلى الله عليه وآله): حق علي على هذه الأمة كحق الوالد على ولده
الأول: موفق بن أحمد من أعيان علماء العامة بالإسناد عن ابن مردويه، حدثني جدي، حدثنا محمد بن الحسن حدثنا محمد بن جرير بن يزيد حدثنا سليمان بن الربيع الرحبي(1)، حدثنا كادح ابن رحمة عن زياد بن المنذر عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): حق علي ابن أبي طالب على هذه الأمة كحق الوالد على ولده(2).
الثاني: موفق بن أحمد أيضا قال: أخبرني سيد الحفاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي فيما كتب إلي من همدان، أخبرنا عبدوس بن عبد الله بن عبدوس الهمداني كتابة حدثنا أبو الحسين بن نقور، حدثنا أبو القاسم عيسى بن علي حدثنا أبو الحسين محمد بن نوح الجندي سابوري وأنا أسمع حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي، حدثنا أحمد بن الفضل بن عمر بن العبقري، حدثنا جعفر الأحمر عن أبي رافع، حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن عن أبيه عن عمار بن ياسر وأبي أيوب قالا: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): حق علي على المسلمين حق الوالد على ولده(3).
الثالث: أبو الحسن الفقيه ابن المغازلي الشافعي قال: أخبرني أبو الحسن علي بن الحسين بن الطيب إجازة قال: حدثني عبيد الله بن أحمد المقري قال: حدثني محمد بن إسماعيل الوراق قال:
حدثني أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الحافظ قال: حدثني جعفر(4) بن عبد الله المحمدي من ولد يحيى(5) بن محمد بن عمر بن علي قال: حدثني أبي عن أبيه عن جده عن علي (عليه السلام) قال: قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): حق علي على المسلمين كحق الوالد على ولده(6).
الرابع: من الجزء الأول من كتاب الفردوس في باب الحاء بالإسناد قال: عن جابر بن عبد الله (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): حق علي بن أبي طالب على هذه الأمة كحق الوالد على ولده.
الخامس: إبراهيم بن محمد الحمويني من العامة قال: أنبأني الشهابان أبو يعلى حيدرة بن عبد
____________
(1) في المصدر: البرجمي.
(2) المناقب: 309 / ح 306.
(3) المناقب: 320 / ح 327.
(4) في المصدر: عيسى.
(5) في المصدر: علي.
(6) مناقب ابن المغازلي: 49 / ح 70.
السادس: الحمويني هذا قال: أنبأني الشيخ عبد الصمد بن أحمد بن عبد القادر، أنبأنا الشريف شرف الدين عبد الرحمن بن عبد السميع إجازة، نبأ شاذان القمي بقراءتي عليه، أنبأنا محمد بن عبد العزيز، أنبأنا محمد بن أحمد بن علي قال: أنبأنا أبو نعيم عبد الله بن الحسين بن أحمد بن الحسن الحداد قال: أنبأنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن أحمد الواحدي قال: أنبأنا أبو محمد عبد الله بن يوسف بن بامويه الأصفهاني قال: نبأ أبو رجاء عبد الله بن عبد الرحمن البغدادي بمكة قال: نبأ يوسف بن محمد بن خالد القاضي باليمن قال: نبأ حجاج بن نصر الفسطاطي قال: نبأ بشر بن زياد عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): حق علي بن أبي طالب على هذه الأمة كحق الوالد على ولده(2).
____________
(1) فرائد السمطين: 1 / 269 / ب 55 / ح 234.
(2) فرائد السمطين: 1 / 297 / ب 55 / ح 235.
الباب الخمسون
في قوله (صلى الله عليه وآله): حق علي على هذه الأمة كحق الوالد على الولد
الأول: الشيخ في أماليه قال: أخبرنا محمد بن محمد يعني المفيد قال: حدثنا أبو الطيب الحسين بن علي بن محمد قال: حدثنا علي بن ماهان قال: حدثنا أبو منصور نصر بن الليث قال:
حدثنا مخول قال: حدثنا يحيى بن سالم عن أبي الجارود زياد بن المنذر عن أبي الزبير المكي عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): حق علي على هذه الأمة كحق الوالد على الولد(1).
الثاني: الشيخ في أماليه قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الصلت قال: أخبرنا أحمد بن محمد قال: حدثنا جعفر بن محمد المحمدي قال: حدثنا إسماعيل بن مزيد مولى بني هاشم قال: حدثنا عيسى بن عبد الله قال: حدثني أبي عن أبيه عن جده عن علي (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): حق علي على المسلمين كحق الوالد على ولده(2).
الثالث: الشيخ في أماليه قال: أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مهدي قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن بن عقدة الحافظ قال:
حدثنا جعفر بن عبد الله المحمدي قال: حدثنا إسماعيل بن مرثد عن جده عن علي (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) حق علي على الناس حق الوالد على ولده(3).
____________
(1) أمالي الطوسي: 54 / مجلس 2 / ح 41.
(2) أمالي الطوسي: 334 / مجلس 12 / ح 13.
(3) أمالي الطوسي: 270 / مجلس 10 / ح 41.
الباب الحادي والخمسون
في أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعليا (عليه السلام) أبوا هذه الأمة
الشيخ الفقيه أبو الحسن محمد بن أحمد بن شاذان في المناقب المائة من طريق العامة بحذف الإسناد عن علي بن الحسين عن أبيه عن أمير المؤمنين (عليه السلام) [ قال: ] قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله قد فرض عليكم طاعتي ونهاكم عن معصيتي، وأوجب عليكم اتباع أمري وفرض من طاعة علي بن أبي طالب بعدي كما فرض عليكم من طاعتي، ونهاكم عن معصيته كما نهاكم عن معصيتي، وجعله أخي ووزيري ووصيي ووارثي، وهو مني وأنا منه، حبه إيمان وبغضه كفر، محبه محبي ومبغضه مبغضي، وهو مولى من أنا مولاه، وأنا مولى كل مسلم ومسلمة، وأنا وهو أبوا هذه الأمة(1).
____________
(1) مائة منقبة: 46 / منقبة 23.
الباب الثاني والخمسون
في أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعليا (عليه السلام) أبوا هذه الأمة
الأول: محمد بن يعقوب عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن بسطام بن مرة عن إسحاق بن حسان عن الهيثم بن واقد عن علي بن الحسين العبدي عن سعد الإسكاف عن الأصبغ ابن نباتة قال: سئل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن قوله تعالى: * (أن أشكر لي ولوالديك إلي المصير) * فقال:
الوالدن اللذان أوجب الله لهما الشكر هما اللذان ولدا العلم وورثا الحكم وأمر الناس بطاعتهما، ثم قال الله: إلي المصير، فمصير العباد إلى الله والدليل على ذلك الوالدان، ثم عطف القول على ابن حنتمة وصاحبه فقال في الخاص والعام: وإن جاهداك على أن تشرك بي، يقول في الوصية:
وتعدل عن من أمرت بطاعته، فلا تطعهما ولا تسمع قولهما، ثم عطف القول على الوالدين فقال:
* (وصاحبهما في الدنيا معروفا) * يقول: عرف الناس فضلهما وادع إلى سبيلهما وذلك قوله: * (واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم) * فقال: إلى الله ثم إلينا، فاتقوا الله ولا تعصوا الوالدين فإن رضاهما رضا الله وسخطهما سخط الله(1).
الثاني: محمد بن العباس قال: حدثنا محمد بن إدريس عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيوب عن أبان بن عثمان عن عبد الله بن سليمان عن جابر الجعفي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعليا (عليه السلام) الوالدان، قال عبد الله بن سليمان: وسمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: منا الذي أحل له الخمس، ومنا الذي جاء بالصدق ومنا الذي صدق به، ولنا المودة في كتاب الله عز وجل، ورسول الله وعلي الوالدان، وأمر الله ذريتهما بالشكر لهما(2).
الثالث: محمد بن العباس قال: حدثنا أحمد بن درست عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن ابن مسكان عن زرارة عن عبد الواحد ابن مختار قال: دخلت على أبي جعفر (عليه السلام) فقال: أما علمت أن عليا أحد الوالدين اللذين قال الله عز وجل: * (أن اشكر لي ولوالديك) * قال زرارة: فكنت لا أدري أي آية هي؟ التي في بني إسرائيل أو
____________
(1) الكافي: 1 / 427 / ح 79.
(2) بحار الأنوار: 36 / 12 / ح 14.
فقال: التي في لقمان(1).
الرابع: محمد بن العباس قال: حدثنا أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد عن الحسن بن محبوب عن عمرو بن شمر عن المفضل عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سمعته يقول: * (ووصينا الإنسان بوالديه) * رسول الله وعلي صلوات الله عليهما(2).
الخامس: محمد بن العباس عن ابن إدريس عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيوب عن أبان بن عثمان عن بشير الدهان أنه سمع أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: رسول الله (صلى الله عليه وآله) أحد الوالدين، قال: قلت: والآخر؟ قال: هو علي بن أبي طالب(3).
السادس: ابن شهرآشوب عن أبان بن تغلب عن الصادق (عليه السلام) في قوله تعالى: * (وبالوالدين إحسانا) * قال: الوالدن رسول الله وعلي (عليهما السلام)(4).
السابع: عن سلام الجعفي عن أبي جعفر وأبان بن تغلب عن أبي عبد الله (عليه السلام) نزلت في رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي، وروي مثل ذلك في حديث ابن جبلة وروى عن بعض الأئمة (عليهم السلام) في قوله تعالى:
* (أن اشكر لي ولوالديك) * أنه نزل فيهما(5).
الثامن: السيد المرتضى في الخصائص بإسناد عن سهل بن كهيل عن أبيه في قول الله عز وجل:
* (ووصينا الإنسان بوالديه حسنا) * قال: أحد الوالدين علي بن أبي طالب(6).
التاسع: وعن النبي (عليه السلام): أنا وعلي أبوا هذه الأمة(7).
العاشر: وروي عنه (عليه السلام): أنا وعلي أبوا هذه الأمة أنا وعلي مولى هذه الأمة(8).
الحادي عشر: وروي عنه (عليه السلام): أنا وعلي أبوا هذه الأمة فعلى عاق والديه لعنة الله(9).
الثاني عشر: الشيخ في أماليه قال: أخبرنا محمد بن محمد قال: أخبرنا محمد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني قال: حدثنا أبو عوانة موسى بن يوسف القطان الكوفي قال: حدثنا محمد بن سليمان المقرئ الكندي عن عبد الصمد بن علي النوفلي عن
____________
(1) بحار الأنوار: 36 / 12 / ح 15.
(2) بحار الأنوار: 36 / 13 / ح 16.
(3) المصدر السابق: ذيل الحديث السابق.
(4) مناقب آل أبي طالب: 2 / 300.
(5) مناقب آل أبي طالب: 2 / 300.
(6) خصائص الأئمة للشريف الرضي: 70، ومناقب آل أبي طالب: 3 / 105.
(7) مائة منقبة: 46.
(8) نهج الإيمان لابن جبر: 629 ط. مشهد.
(9) العمدة لابن البطريق: 345.
انصرفوا إلى منازلكم، فانصرف القوم غيري، فاشتد البكاء من منزله فبكيت فخرج الحسن (عليه السلام) فقال:
ألم أقل لكم انصرفوا؟ فقلت: لا والله يا بن رسول الله ما تتابعني نفسي، ولا تحملني رجلي أن انصرف حتى أرى أمير المؤمنين (عليه السلام).
قال: وبكيت فدخل، فلم يلبث أن خرج فقال لي: أدخل فدخلت على أمير المؤمنين (عليه السلام) فإذا هو مستند، معصوب الرأس بعمامة صفراء قد نزف واصفر وجهه ما أدري أوجهه أصفر أم العمامة فأكببت عليه وقبلته وبكيت فقال لي: لا تبك يا أصبغ فإنها والله الجنة فقلت له: جعلت فداك إني أعلم والله إنك تصير إلى الجنة وإنما أبكي لفقداني إياك يا أمير المؤمنين، جعلت فداك حدثني بحديث سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فإني أراك لا أسمع منك حديثا بعد يومي هذا أبدا، قال: نعم يا أصبغ، دعاني رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوما فقال لي: يا علي انطلق حتى تأتي مسجدي ثم تصعد منبري ثم تدعو الناس إليك فتحمد الله وتثني عليه وتصلي علي صلاة كثيرة ثم تقول: أيها الناس إني رسول رسول الله إليكم وهو يقول لكم: إن لعنة الله ولعنة ملائكته المقربين وأنبيائه المرسلين ولعنتي على من انتمى إلى غير أبيه وادعى إلى غير مواليه أو ظلم أجيرا أجره.
فأتيت مسجده (صلى الله عليه وآله) وصعدت منبره، فلما رأتني قريش ومن كان في المسجد أقبلوا نحوي، فحمدت الله وأثنيت عليه وصليت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) صلاة كثيرة ثم قلت: أيها الناس إني رسول رسول الله إليكم وهو يقول لكم: ألا أن لعنة الله ولعنة ملائكته المقربين وأنبيائه المرسلين ولعنتي على من انتمى إلى غير أبيه ودعي إلى غير مواليه أو ظلم أجيرا أجره، قال: فلم يتكلم أحد من القوم إلا عمر بن الخطاب فإنه قال: قد أبلغت يا أبا الحسن ولكنك جئت بكلام غير مفسر فقلت:
أبلغ ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) فرجعت إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فأخبرته الخبر فقال: ارجع إلى مسجدي حتى تصعد منبري فاحمد الله واثن عليه وصل علي، ثم قال: أيها الناس ما كنا لنجيئكم بشئ إلا وعندنا تأويله وتفسيره، ألا وإني أنا أبوكم، ألا وإني أنا مولاكم، ألا وإني أنا أجيركم(1).
الثالث عشر: الإمام أبو محمد العسكري (عليه السلام) في تفسيره في قوله تعالى: * (وبالوالدين إحسانا) * قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أفضل والديكم وأحقهما بشكركم محمد وعلي، وقال علي بن أبي
____________
(1) أمالي الطوسي: 122 / مجلس 5 / ح 4.
وقال محمد بن علي (عليهما السلام): من أراد أن يعلم كيف قدره عند الله فلينظر كيف قدر أبويه الأفضل عنده محمد وعلي، وقال جعفر بن محمد (عليهما السلام): من رعى حق أبويه الأفضل محمد وعلي لم يضره بما ضاع من حق أبوي نفسه وسائر عباد الله، فإنهما يرضيانهما بشفاعتهما(1) وقال موسى بن جعفر (عليهما السلام): يعظم ثواب الصلاة على قدر تعظيم المصلي أبويه الأفضل محمد وعلي، وقال علي بن موسى (عليهما السلام): أما يكره أحدكم أن ينفى عن أبيه وأمه الذين ولدهما.
قالوا: بلى والله.
قال: فليجتهد لأن لا ينفى عن أبيه وأمه هما أبواه أفضل من أبوي نفسه، وقال محمد بن علي (عليهما السلام): قال رجل بحضرته: إني لأحب محمدا وعليا حتى لو قطعت إربا إربا أو قرضت لم أزل عنه، قال محمد بن علي: لا جرم أن محمدا وعليا يعطيانك من أنفسهما ما تعطيهما أنت من نفسك، إنهما ليستدعيان لك في يوم فصل القضاء ما لا يفي به ما بذلته لهما بجزء من مائة ألف ألف جزء من ذلك، وقال علي ابن محمد (عليهما السلام): من لم يكن والدا دينه محمد وعلي أكرم عليه من والدي نسبه فليس من الله في حل ولا حرام ولا قليل ولا كثير، وقال الحسن بن علي (عليهما السلام): من آثر طاعة أبوي دينه محمد وعلي على طاعة أبوي نفسه قال الله عز وجل: لأوثرنك كما آثرتني ولأشرفنك بحضرة أبوي دينك كما شرفت نفسك بإيثار حبهما على حب أبوي نسبك(2).
____________
(1) في المصدر: بسعيهما.
(2) تفسير الإمام العسكري (عليه السلام): 330
الباب الثالث والخمسون
في أن المهاجرين والأنصار لا يشكون أن صاحب الأمر بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)
هو أمير المؤمنين علي وأن أبا بكر وعمر وعثمان ومعاوية يعلمون ذلك
وإتيان أبي بكر وعمر ليبايعا عليا (عليه السلام) بعد موت رسول الله (صلى الله عليه وآله)
وقول أبي بكر: أقيلوني... الحديث
الأول: ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة وهو من أعيان علماء العامة من المعتزلة قال: روى الزبير بن بكار قال محمد بن إسحاق: إن أبا بكر لما بويع افتخرت بنو مرة قال: وكان عامة المهاجرين وجل الأنصار لا يشكون في أن عليا (عليه السلام) هو صاحب الأمر بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال الفضل بن العباس: يا معشر قريش وخصوصا بني تيم إنكم إنما أخذتم الخلافة بالنبوة ونحن أهلها دونكم، ولو طلبنا هذا الأمر الذي نحن أهله لكانت كراهية الناس لنا أعظم من كراهيتهم لغيرنا حسدا منهم لنا وحقدا علينا، وإنا لنعلم أن عند صاحبنا عهدا وهو ينتهي إليه، وقال بعض ولد أبي لهب بن عبد المطلب بن هاشم:
ما كنت أحسب هذا الأمر منصرفا | عن هاشم ثم منها عن أبي حسن |
أليس أول من صلى لقبلتكم | وأعلم الناس بالقرآن والسنن |
وأقرب الناس عهدا بالنبي ومن | جبريل عون له في الغسل والكفن |
ما فيه ما فيهم لا تمترون به | وليس في القوم ما فيه من الحسن |
ماذا الذي ردهم عنه فنعلمه ها | إن ذا غبننا من أعظم الغبن |
قال الزبير: فبعث إليه علي (عليه السلام) فنهاه وأمره أن لا يعود، وقال: سلامة الدين أحب إلينا من غيرها(1).
الثاني: ابن أبي الحديد في الشرح قال: روى أبو بكر أحمد بن عبد العزيز في كتاب السقيفة قال:
أخبرني أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أحمد بن سيار قال: حدثنا سعيد بن كثير عن عفير الأنصاري
____________
(1) شرح نهج البلاغة: 6 / 21.
انطلقوا فبايعوا، فأبوا - يعني من كان في بيت فاطمة - وخرج إليهم الزبير بسيفه فقال عمر: عليكم الكلب فوثب عليه سلمة بن أسلم، فأخذ السيف من يده فضرب به الجدار ثم انطلقوا به وبعلي ومعهما بنو هاشم، وعلي (عليه السلام) يقول: أنا عبد الله وأخو رسوله حتى انتهوا به إلى أبي بكر فقيل له:
بايع، فقال: أنا أحق بهذا الأمر منكم، لا أبايعكم وأنتم أولى بالبيعة لي، أخذتم هذا الأمر من الأنصار واحتججتم عليهم بالقرابة من رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأعطوكم المقادة وسلموا إليكم الإمارة، وأنا أحتج عليكم بمثل ما احتججتم به على الأنصار، فانصفونا إن كنتم تخافون الله من أنفسكم، واعرفوا لنا من الأمر مثل ما عرفت الأنصار لكم ولا فبوءوا بالظلم لنا وأنتم تعلمون.
فقال عمر: أنك لست متروكا حتى تبايع، فقال له علي (عليه السلام): إحلب يا عمر حلبا لك شطره، أشدد له اليوم أمره ليرده عليك غدا، ألا والله ولا أقبل قولك ولا أبايعه، فقال له أبو بكر: فإن لم تبايعني لم أكرهك، فقال له أبو عبيدة: يا أبا الحسن أنك حديث السن وهؤلاء مشيخة قريش قومك، ليس لك مثل تجربتهم ومعرفتهم بالأمور، ولا أرى أبا بكر إلا أقوى على هذا الأمر منك وأشد احتمالا له واضطلاعا به، فسلم له هذا الأمر وارض به، فإنك إن تعش ويطل عمرك فأنت لهذا الأمر خليق وبه حقيق في فضلك وقرابتك وسابقتك وجهادك فقال: يا معشر المهاجرين، الله الله لا تخرجوا سلطان محمد من بيته وداره إلى بيوتكم ودوركم، ولا تدفعوا أهله عن مقامه في الناس وحقه، فوالله يا معشر المهاجرين لنحن أهل البيت أحق بهذا الأمر منكم، أما كان فينا القارئ لكتاب الله، الفقيه في دين الله، العالم بالسنة، المضطلع بأمر الرعية، والله إنه لفينا فلا تتبعوا الهوى فتزدادوا من الحق بعدا، فقال بشر بن سعد: لو كان هذا الكلام سمعته منك الأنصار يا علي قبل بيعتهم لأبي بكر ما اختلف عليك اثنان ولكنهم قد بايعوا، وانصرف علي إلى منزله ولم يبايع ولزم بيته حتى ماتت فاطمة، فلما ماتت فاطمة خرج فبايع(1).
الثالث: ابن أبي الحديد قال أبو بكر أحمد بن عبد العزيز: وحدثنا أحمد قال: حدثني سعيد بن كثير قال: حدثني ابن لهيعة أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما مات وأبو ذر غائب فقدم وقد ولي أبو بكر وقال:
أصبتم قناعه وتركتم قرامه، لو جعلتم هذا الأمر في أهل بيت نبيكم ما اختلف عليكم اثنان، قال أبو بكر: وأخبرنا أبو زيد عمر بن شبه قال: حدثنا أبو قبيصة محمد بن حرب قال: لما توفي النبي (صلى الله عليه وآله) وجرى في السقيفة ما جرى تمثل علي (عليه السلام):
____________
(1) شرح بهج البلاغة: 6 / 5.
وأصبح أقوام يقولون ما اشتهوا | ويطغون لما غال زيدا غوائله(1) |
وقال: وروى الزبير بن بكار في الموفقيات لما بايع بشير بن سعد أبا بكر وازدحم الناس على أبي بكر فبايعوه مر أبو سفيان بن حرب بالبيت الذي فيه علي بن أبي طالب (عليه السلام) فوقف وأنشد:
بني هاشم لا تطمعوا الناس فيكم | ولا سيما تيم بن مرة أو عدي |
فما الأمر إلا فيكم وإليكم | وليس لها إلا أبو حسن علي |
أبا حسن فاشدد بها كف حازم | فإنك بالأمر الذي يرتجى ملي |
وأي امرئ يرمى قصيا ورأيها | منيع الحمى والبأس من غالب قصي(2) |
الرابع: ابن أبي الحديد قال الزبير: لما بويع أبو بكر أقبلت الجماعة التي بايعته تزفه زفا إلى مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلما كان في آخر النهار افترقوا إلى منازلهم واجتمع قوم من الأنصار وقوم من المهاجرين، فتعاتبوا فيما بينهم وقال عبد الرحمن بن عوف: يا معشر الأنصار إنكم وإن كنتم أولي فضل ونصر وسابقة ولكن ليس فيكم مثل أبي بكر ولا عمر ولا علي ولا أبي عبيدة، فقال زيد بن أرقم: إنا لا ننكر فضل من ذكرت يا عبد الرحمن، وإن منا لسيد الأنصار سعد بن عبادة ومن أمر الله رسوله عليه السلام أن يقرئه السلام، وأن يأخذ عنه القرآن أبي بن كعب ومن يجئ يوم القيامة أمام العلماء معاذ بن جبل، ومن أمضى رسول الله (صلى الله عليه وآله) شهادته بشهادة رجلين خزيمة بن ثابت، وإنا لنعلم أن ممن سميت من قريش من لو طلب هذا الأمر لم ينازعه فيه أحد علي بن أبي طالب قال الزبير:
فلما كان من الغد قام أبو بكر وخطب الناس فقال: أيها الناس إني وليتكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني، فإن لي شيطانا يعتريني، فإياكم وإياي إذا غضبت لا أؤثر في أشعاركم وأبشاركم، الصدق أمانة والكذب خيانة، والضعيف منكم قوي حتى أرد إليه حقه، والقوي ضعيف حتى آخذ الحق منه، أنه لا يدع قوم الجهاد إلا ضربهم الله بالذل، ولا تشيع في قوم الفاحشة إلا عمهم البلاء، أطيعوني ما أطعت الله فإذا عصيته فلا طاعة لي عليكم، فقوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله(3).
الخامس: ابن أبي الحديد قال الزبير: قال: حدثنا محمد بن موسى الأنصاري المعروف بابن مخرمة قال: حدثني إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري قال: لما بويع أبو بكر واستقر أمره ندم قوم كثير من الأنصار على بيعته ولام بعضهم بعضا وذكروا علي بن أبي طالب
____________
(1) شرح نهج البلاغة: 6 / 13.
(2) شرح نهج البلاغة: 6 / 17.
(3) شرح نهج البلاغة: 6 / 19.