السابع عشر: ابن شهرآشوب في كتاب المناقب عن كتاب ابن بابويه وأبي القاسم البستي والقاضي أبي عمرو بن أحمد عن جابر وأنس أن جماعة نقصوا عليا (عليه السلام) عند عمر فقال سلمان:
أوما تذكر يا عمر اليوم الذي كنت وأبو بكر وأنا وأبو ذر عند رسول الله وبسط لنا شملة وأجلس كل واحد منا على طرف وأخذ بيد علي وأجلسه وسطها ثم قال: قم يا أبا بكر وسلم على علي بالإمامة وخلافة المسلمين وهكذا كل واحد منا ثم قال: يا علي سلم على هذا النور - يعني الشمس - فقال أمير المؤمنين: أيتها الآية المشرقة السلام عليك فأجابت القرصة وارتعدت وقالت: وعليك السلام يا ولي الله ووصي رسوله(1).
وسيأتي الحديث به بتمامه إن شاء الله تعالى في الباب السادس والتسعين من باب تكليم الشمس عليا (عليه السلام) والسلام عليه من طريق الخاصة وهو الحديث الرابع.
____________
(1) مناقب آل أبي طالب: 2 / 161.
الباب الثالث والتسعون
في تكليم الشمس عليا أمير المؤمنين (عليه السلام) وسلامها عليه
الأول: صدر الأئمة عند المخالفين موفق بن أحمد الخوارزمي الخطيب في كتاب فضائل أمير المؤمنين قال: أنبأني سيد الحفاظ أبو منصور بن شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي فيما كتب إلي من همذان، أخبرنا عبدوس بن عبدوس الهمداني كتابة، حدثنا الشيخ أبو الفرج حمد بن سهل حدثنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن تركان، حدثنا زكريا بن هاني أبو القاسم ببغداد، حدثنا محمد بن زكريا الغلابي، حدثنا الحسن بن موسى بن محمد بن عباد الجزار، حدثنا عبد الرحمن بن القاسم الهمداني، حدثنا أبو حاتم محمد بن محمد الطالقاني أبو مسلم عن الخالص الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عن الناصح علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، عن الثقة محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عن الرضا علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عن الأمين موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عن الصادق جعفر ابن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عن الباقر محمد بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب عن الزكي زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عن البر الحسين بن علي بن أبي طالب عن المرتضى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم السلام) عن المصطفى محمد الأمين سيد المرسلين الأولين والآخرين (صلى الله عليه وآله) أنه قال لعلي بن أبي طالب (رضي الله عنه): يا أبا الحسن كلم الشمس فإنها تكلمك، قال علي (رضي الله عنه): السلام عليك أيها العبد المطيع لله تعالى، فقالت الشمس:
وعليك السلام يا أمير المؤمنين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين، يا علي أنت وشيعتك في الجنة، يا علي أول من تنشق الأرض عنه محمد ثم أنت وأول من يحبى محمد ثم أنت وأول من يكسى محمد ثم أنت، قال: فانكب علي ساجدا وعيناه تذرفان بالدموع فانكب عليه النبي (صلى الله عليه وآله)
الثاني: إبراهيم بن محمد الحمويني من أعيان العامة قال: أنبأني العدل علي بن أنجب بن عبد الله عن الإمام ناصر بن أبي المكارم المطرزي عن الإمام أخطب خوارزم الموفق بن أحمد المكي إجازة، حدثنا وأنبأني العدل صفي الدين بن المليحاني البزاز عن الشيخ موفق الدين داود بن معمر القرشي إجازة قالا: ابنا شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي إجازة قال: أنبأني الشيخ أبو الفرج حمد بن سهل، نبأنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن بركان، نبأنا محمد بن زكريا الغلابي، نبأنا الحسن بن موسى بن محمد بن عباد الخزاز، نبأنا عبد الرحمن بن القاسم الهمداني، نبأنا أبو حاتم محمد بن محمد الطالقاني أبو مسلم عن الخالص الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين عن الناصح علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم عن الثقة محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات لله عليهم عن الرضا علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين عن الأمين الكاظم موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين عن الصادق جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين عن الباقر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عن الزكي زين العابدين علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين عن البر الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) عن المرتضى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه وأولاده أجمعين عن المصطفى محمد الأمين سيد الأولين والآخرين صلى الله عليه وعليهم أجمعين قال لعلي بن أبي طالب (رضي الله عنه): يا أبا الحسن كلم الشمس فإنها تكلمك، قال علي (عليه السلام): السلام عليك أيها العبد المطيع لله ولرسوله فقالت الشمس: وعليك السلام يا أمير المؤمنين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين، يا علي أنت وشيعتك في الجنة، يا علي أول من تنشق عنه الأرض محمد ثم أنت، وأول من يحيى محمد ثم أنت وأول من يكسى محمد ثم أنت، فسجد علي (عليه السلام) لله تعالى وعيناه تذرفان بالدموع فانكب عليه النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يا أخي وحبيبي ارفع رأسك فقد باهى الله بك أهل سبع سماوات(2).
وهذا الحديث هو الأول وذكرناهما حديثين لاختلاف السند.
____________
(1) المناقب 113 / ح 123.
(2) فرائد السمطين: 1 / 184 / ب 38 / ح 147.
السلام عليك أيتها العبد الذائب في طاعة ربه، فأجابته الشمس وهي تقول: وعليك السلام يا أخا رسول الله ووصيه وحجته على خلقه، وانكب علي ساجدا شكرا لله تعالى وأخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) برأسه يقيمه ويمسح وجهه ويقول: قم حبيبي فقد أبكيت أهل السماء من بكائك وباهى الله بك حملة العرش ثم قال: الحمد لله الذي فضلني على سائر الأنبياء وأيدني بوصيي سيد الأوصياء ثم قرأ *(وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا)* الآية(1).
____________
(1) مناقب آل أبي طالب: 2 / 149.
الباب الرابع والتسعون
في تكليم الشمس عليا (عليه السلام)
الأول: محمد بن العباس بن علي بن مروان بن ماهيار ثقة ثقة المعروف بابن الحجام بضم الجيم في تفسيره ما نزل في أهل البيت من القرآن عن محمد بن سهل العطار عن أحمد بن محمد عن أبي زرعة عبد الله بن عبد الكريم عن قبيصة بن عقبة عن سفيان بن يحيى عن جابر بن عبد الله قال: لقيت عمارا في بعض سكك المدينة فسألته عن النبي (صلى الله عليه وآله)، فأخبر أنه في مسجده في ملأ من قومه وأنه لما صلى الغداة أقبل علينا فبينما نحن كذلك وقد بزغت الشمس إذ أقبل علي (عليه السلام) فقام إليه النبي (صلى الله عليه وآله) وقبل ما بين عينيه وأجلسه إلى جنبه حتى مست ركبتاه ركبتيه ثم قال: يا علي قم للشمس فكلمها فإنها تكلمك فقام أهل المسجد فقالوا: أترى عين الشمس تكلم عليا؟ وقال بعضهم: لا يزال يرفع حسيسة ابن عمه وينوه باسمه إذ خرج علي (عليه السلام) فقال للشمس: كيف أصبحت يا خلق الله؟
فقالت: بخير يا أخا رسول الله، يا أول يا آخر يا ظاهر يا باطن يا من هو بكل شئ عليم، فرجع علي (عليه السلام) إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يا علي تخبرني أو أخبرك؟ فقال: منك أحسن يا رسول الله، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أما قولها لك: يا أول فأنت أول من آمن بالله، وقولها لك: يا آخر فأنت آخر من يعاينني على مغسلي، وقولها: يا ظاهر فأنت أول من يظهر على مخزون سري، وقولها: يا باطن فأنت المستبطن لعلمي، وأما العليم بكل شئ فما أنزل الله علما من الحلال والحرام والفرائض والأحكام والتنزيل والتأويل والناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه والمشكل إلا وأنت به عليم، ولولا أن تقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى في عيسى لقلت فيك مقالا لا تمر بملأ إلا أخذوا التراب من تحت قدميك يستشفون به، قال جابر: فلما فرغ عمار من حديثه أقبل سلمان فقال عمار: وهذا سلمان كان معنا، فحدثني سلمان كما حدثني عمار(1).
الثاني: محمد بن العباس هذا عن عبد العزيز بن يحيى عن محمد بن زكريا عن علي بن حكيم عن الربيع بن عبد الله عن عبد الله بن الحسن عن أبي جعفر محمد بن علي (عليه السلام) قال: بينما النبي ذات
____________
(1) نقله عنه المجلسي في البحار: 41 / 181 / ح 17.
يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فكيف أسلم عليها؟ فقال: قل: السلام عليك يا خلق الله، فقام علي (عليه السلام) وقال: السلام عليك يا خلق الله فقالت: عليك السلام يا أول يا آخر يا ظاهر يا باطن، يا من ينجي محبيه ويوبق مبغضيه فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): ما ردت عليك الشمس، فكان علي كاتما عنه فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): قل ما قالت لك الشمس، فقال له ما قالت، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): إن الشمس قد صدقت، وعن أمر الله نطقت أنت أول المؤمنين إيمانا وأنت آخر الوصيين، ليس بعدي نبي ولا بعدك وصي، وأنت الظاهر على أعدائك، وأنت الباطن في العلم الظاهر عليه ولا فوقك فيه أحد، أنت عيبة علمي وخزانة وحي ربي وأولادك خير الأولاد، وشيعتك هم النجباء(1).
الثالث: السيد المرتضى في عيون المعجزات قال: حدثني ابن عباس الجوهري قال: حدثني أبو طالب عبيد الله بن محمد الأنباري قال: حدثني أبو الحسين محمد بن زيد التستري قال: حدثني أبو سمينة محمد بن علي الصيرفي قال: حدثني إبراهيم بن عمر اليماني عن حماد بن عيسى الجهني المعروف بغريق الجحفة قال: حدثني عمر بن أذينة عن أبان ابن أبي عياش عن سليم بن قيس الهلالي قال: سمعت أبا ذر جندب بن جنادة الغفاري قال: رأيت السيد محمدا (صلى الله عليه وآله) وقد قال لأمير المؤمنين ذات ليلة: إذا كان غدا اقصد إلى جبال البقيع وقف على نشز من الأرض، فإذا بزغت الشمس فسلم عليها فإن الله تعالى قد أمرها أن تجيبك بما فيك، فلما كان من الغد خرج أمير المؤمنين (عليه السلام) ومعه أبو بكر وعمر وجماعة من المهاجرين والأنصار حتى وافى البقيع ووقف على نشز من الأرض، فلما طلعت الشمس قال (عليه السلام): السلام عليك يا خلق الله الجديد المطيع له، فسمعوا دويا من السماء وجواب قائل يقول: وعليك السلام يا أول يا آخر يا ظاهر يا باطن، يا من هو بكل شئ عليم، فلما سمع أبو بكر وعمر والمهاجرون والأنصار كلام الشمس صعقوا ثم أفاقوا بعد ساعات وقد انصرف أمير المؤمنين عن المكان، فوافوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) مع الجماعة وقالوا: أنت تقول إن عليا بشر مثلنا وقد خاطبته الشمس بما خاطب البارئ به نفسه، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): وما سمعتموه منها؟ فقالوا: سمعناها تقول: السلام عليك يا أول، قال: صدقت، هو أول من آمن بي، فقالوا:
سمعناها تقول: يا آخر قال: صدقت، هو آخر الناس عهدا بي يغسلني ويكفنني ويدخلني قبري
____________
(1) بحار الأنوار: 41 / 181 / ح 18.
صدقت، بطن سري كله، قالوا: سمعناها تقول يا من هو بكل شئ عليم قال: صدقت هو عالم بالحلال والحرام والفرائض والسنن وما شاكل ذلك، فقاموا كلهم وقالوا: لقد وقعنا محمد في طخياء، وخرجوا من باب المسجد(1).
الرابع: صاحب ثاقب المناقب يرفعه إلى عبد الله بن مسعود قال: كنا مع النبي (صلى الله عليه وآله) إذ دخل علي ابن أبي طالب (عليه السلام) فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا أبا الحسن أتحب أن نريك كرامتك على الله؟ قال: نعم بأبي أنت وأمي يا رسول الله، قال: فإذا كان غدا فانطلق إلى الشمس معي فإنها ستكلمك بإذن الله تعالى، قال: فماجت قريش والأنصار بأجمعهم، فلما أصبح صلى الغداة وأخذ بيد علي بن أبي طالب وانطلقا ثم جلسا ينتظران طلوع الشمس، فلما طلعت قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي كلمها فإنها مأمورة وإنها ستكلمك، فقال (عليه السلام): السلام عليك ورحمة الله وبركاته أيها الخلق السامع المطيع فقالت الشمس: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته يا خير الأوصياء، لقد أعطيت في الدنيا والآخرة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، فقال علي (عليه السلام): ماذا أعطيت؟ فقالت: لم يؤذن لي أن أخبرك فيفتتن الناس ولكن هنيئا لك العلم والحكمة في الدنيا والآخرة، وأما في الآخرة فأنت ممن قال الله *(فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون)* وأنت ممن قال الله تعالى فيه: *(أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون)* فأنت المؤمن الذي خصك الله بالإيمان.
وروي أن الشمس كلمته ثلاث مرات(2).
الخامس: ابن بابويه في أماليه قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال: حدثنا القاسم بن عباس قال: حدثنا أحمد بن يحيى الكوفي قال: حدثنا أبو قتادة الحراني عن جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران عن زاذان عن ابن عباس قال: لما فتح الله عز وجل مكة خرجنا ونحن ثمانية آلاف رجل فلما أمسينا صرنا عشرة آلاف من المسلمين فرفع رسول الله (صلى الله عليه وآله) الهجرة وقال: لا هجرة بعد فتح مكة ثم انتهينا إلى هوازن فقال النبي (صلى الله عليه وآله) لعلي بن أبي طالب: يا علي قم فانظر كرامتك على الله عز وجل كلم الشمس إذا طلعت قال ابن عباس: والله ما حسدت أحدا إلا علي بن أبي طلب ذلك اليوم وقلت للفضل: قم ننظر كيف يكلم علي بن أبي طالب الشمس، فلما طلعت الشمس قام علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال: السلام عليك أيها العبد الصالح المطيع الدائب في طاعة ربه فأجابته الشمس وهي
____________
(1) بحار الأنوار: 41 / 181 / ح 16. كتاب سليم بن قيس 453. عيون المعجزات 4.
(2) الثاقب في المناقب 255 / ح 3.
السادس: الشيخ علي بن يونس النباطي العاملي في كتاب الصراط المستقيم قال: روى محمد ابن مسلم عن الباقر عن جابر أن الشمس كلمت عليا سبع مرات: الأول قالت: يا أمير المؤمنين اشفع لي عند ربي لا يعذبني، الثاني: مرني بأن أحرق مبغضيك، الثالث: لما قال لها ببابل ارجعي قالت: لبيك، الرابع: قال لها: هل تعرفين لي خطيئة؟ قالت: وعزة ربي لو خلق الله الخلق مثلك لم يخلق النار، الخامس: لما اختلفوا في الصلاة في عهد أبي بكر فخالفوا عليا فقالت: الحق له وبيده ومعه، وسمعها قريش ومن حضر، السادس: لما جاءته بالسطل فتوضأ وقال: من أنت؟ قالت:
الشمس المضيئة، السابع: لما دنت وفاته جاءته فسلمت عليه وعهد إليها وعهدت إليه(2).
____________
(1) أمالي الصدوق 685 / مجلس 86 / ح 14.
(2) الصراط المستقيم: 1 / 204.
الباب الخامس والتسعون
في تكليم أصحاب الكهف عليا (عليه السلام)
الأول: أبو الحسن الفقيه ابن المغازلي الشافعي في كتاب مناقب أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن علي بن محمد البيع البغدادي، قدم علينا واسطا قال: أخبرنا أبو عبد الله أحمد ابن محمد بن عبد الله بن خالد الكاتب، أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن محمد بن سلم الختلي قال: حدثنا عمر بن أحمد قال: حدثنا الحسن بن إدريس بن أبي الربيع الجرجاني قال: حدثنا عبد الرزاق بن همام الصنعاني قال: حدثنا معمر عن أبان عن أنس بن مالك قال: أهدي لرسول الله (صلى الله عليه وآله) بساط من بهندف فقال لي: يا أنس ابسطه فبسطته ثم قال: ادع العشرة فدعوتهم فلما دخلوا أمرهم بالجلوس على البساط، ثم دعا عليا فناجاه طويلا ثم رجع علي فجلس على البساط ثم قال: يا ريح احملينا فحملتنا الريح قال: فإذا البساط يدف بنا دفا ثم قال: يا ريح ضعينا ثم قال: تدرون في أي مكان أنتم؟ قلنا: لا قال: هذا موضع الكهف والرقيم قوموا فسلموا على إخوانكم، فقمنا رجل رجل فسلما عليهم فلم يردوا علينا، فقام علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال: السلام عليكم معاشر الصديقين والشهداء قال: فقالوا: عليك السلام ورحمة الله وبركاته قال: فقلنا: ما بالهم ردوا عليك ولم يردوا علينا؟ قال: فقال: ما بالكم لم تردوا على إخواني؟ فقالوا: إنا معاشر الصديقين والشهداء لا نكلم بعد الموت إلا نبيا أو وصيا، قال: يا ريح احملينا فحملتنا يدف بنا دفا ثم قال: يا ريح ضعينا فوضعتنا فإذا نحن بالحرة قال: فقال علي: ندرك النبي (صلى الله عليه وآله) في آخر ركعة فطوينا وأتينا وإذا النبي (صلى الله عليه وآله) يقرأ في آخر ركعة *(أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا)*(1).
الثاني: الثعلبي قد ذكر خبر البساط وزاد فيه قال: فصاروا إلى رقدتهم إلى آخر الزمان عند خروج القائم المهدي (عليه السلام) يسلم عليهم فيحييهم الله تعالى له ثم يرجعون إلى رقدتهم فلا يقومون إلى يوم القيامة(2).
الثالث: مجاهد عن ابن عباس أنه قال: دعا النبي (صلى الله عليه وآله) علي بن أبي طالب (عليه السلام) ذات يوم فقال: يا
____________
(1) مناقب ابن المغازلي / 155 / ح 280.
(2) نقله عنه المجلسي في البحار: 39 / 150.
السلام عليكم يا أصحاب الكهف، أفتية آمنتم بربكم، فلم يجبه أحد فانصرف أبو بكر وجلس مجلسه، فقام عمر هكذا وعمار وسلمان على هذا الرسم، ثم قام علي المرتضى (عليه السلام) ودنا إلى الكهف وأصغى بإذنه فسمع من أهل الكهف همهمة شديدة فقال: السلام عليكم يا أصحاب الكهف، فتية آمنتم بربكم فقالوا: عليك السلام يا وصي رسول الله، إنا أمرنا أن لا نجيب داعيا إلا لنبي أو وصي نبي فعليك السلام، اقرأ محمدا منا السلام، فانصرف علي وجلس مجلسه ثم رفع يده إلى السماء فقال: اللهم استجب دعوة نبيك ودعا بدعوات فجاءت ريح غير مؤذية فردت البساط إلى المدينة حتى وضعته بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال علي بن أبي طالب (عليه السلام): يا رسول الله إنهم يقرؤونك السلام ويقولون: إنا أمرنا أن لا نجيب داعيا إلا لنبي أو وصي نبي فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
أبشر يا علي فوالذي بعثني بالحق نبيا لقد فضلك الله وكرمك على جميع الأمة(1).
الرابع: أبو القاسم علي بن موسى بن طاووس في كتاب سعد السعود نقله من طريق العامة قال:
ومن تفسير تأليف أبي إسحاق إبراهيم بن أحمد القزويني من تفسير سورة الكهف بإسناده عن محمد بن أبي يعقوب الجوال الدينوري قال: حدثني جعفر بن نصر بحمص قال: حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن ثابت عن أنس بن مالك قال: أهدي لرسول الله (صلى الله عليه وآله) بساط من قرية يقال لها الجندب(2)
فقعد عليه علي (عليه السلام) وأبو بكر وعمر وعثمان والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد فقال النبي (صلى الله عليه وآله):
يا علي قل: يا ريح احملينا فقال علي (عليه السلام): يا ريح احملينا فحملتهم حتى أتوا أصحاب الكهف فسلم أبو بكر وعمر فلم يردوا عليهما السلام، ثم قام علي فسلم فردوا عليه السلام فقال أبو بكر: يا علي ما بالهم ردوا عليك وما ردوا علينا؟ فقال لهم علي فقالوا: إنا لا نرد بعد الموت إلا على نبي أو وصي
____________
(1) لم نجده في المصادر.
(2) في المصدر: بهبدت.
فقص القصة كأنه معنا(1).
الخامس: صاحب ثاقب المناقب من طريق العامة قال: حدث معمر عن الزهري عن قتادة عن أنس قال: كنا جلوسا في المسجد عند النبي (صلى الله عليه وآله) وقد كان أهدي إليه بساط فقال: ادع علي بن أبي طالب (عليه السلام) فدعوته ثم أمرني أن أدعو أبا بكر وعمر وجميع الصحابة فدعوتهم كما أمرني نبي الله وأمرني أن أبسط البساط فبسطته، ثم أقبل على علي (عليه السلام) فأمره بالجلوس على البساط وأمر أبا بكر وعمر وعثمان بالجلوس مع أمير المؤمنين وجلست مع من جلس فلما استقر بنا المجلس أقبل على علي (عليه السلام) وقال: يا أبا الحسن قل: يا ريح الصبا احمليني، والله خليفتي عليك وهو حسبي ونعم الوكيل.
قال أنس: فنادى أمير المؤمنين (عليه السلام) كما أمره النبي (صلى الله عليه وآله) فوالذي بعث محمدا بالحق نبيا ما كان إلا هنيئة حتى صرنا في الهواء ثم نادى: يا ريح الصبا ضعيني فإذا نحن في الأرض، فأقبل علي علينا وقال: يا معاشر الناس أتدرون أين أنتم؟ وبمن قد حللتم؟ فقلنا: لا، فقال أمير المؤمنين علي (عليه السلام):
أنتم عند أصحاب الكهف والرقيم الذين كانوا من آياتنا عجبا فمن أحب أن يسلم على القوم فليقم، فأول من قام أبو بكر فسلم على القوم فلم يردوا عليه الجواب، ثم قام عمر فسلم عليهم فلم يردوا عليه الجواب فلم يزل القوم يقومون واحدا بعد واحد ويسلمون ولم يردوا عليهم الجواب إلى أن قام أمير المؤمنين (عليه السلام) فنادى: السلام عليكم أيها الفتية، فتية أهل الكهف والرقيم الذين كانوا من آياتنا عجبا فقالوا: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته أيها الإمام وأخا سيد الأنام محمد، فلما سمع القوم كلامهم لأمير المؤمنين قالوا: يا أبا الحسن بحق ابن عمك محمد (صلى الله عليه وآله) سل القوم ما بالهم سلمنا عليهم فلم يردوا علينا السلام؟ فقال (عليه السلام): أيتها الفتية ما بالكم لم تردوا السلام على أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟
قالوا: يا أبا الحسن قد أمرنا أن لا نسلم إلا على نبي أو وصي نبي، وأنت خير الوصيين وابن عم خير النبيين وأنت أبو الأئمة المهديين وزوج فاطمة سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين
____________
(1) سعد السعود 112.
____________
(1) الثاقب في المناقب 176 / ح 4.
الباب السادس والتسعون
في تكليم أصحاب الكهف عليا (عليه السلام)
الأول: ابن طاووس عقيب ذكره الحديث السابق(1) قال: فصل فيما نذكره من مجلد آخر من ترجمة كتاب فيه ذكر الآيات التي نزلت في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) وتفسير معانيها من القرآن العظيم، وأوله خطبة أولها الحمد لله المستحق للحمد بآلائه ولم يذكر اسم مصنفه فنذكر منه حديث البساط برواية وجدناها في هذا الكتاب فيحتمل أن يكون رواية واحدة فرواها أنس بن مالك مختصرة ورواها جابر بن عبد الله مشروحة، ويحتمل أن يكون حمل البساط لهم دفعتين روى كل واحد ما رآه، وهو من الوجهة الثانية من القائمة السادسة من الكراس السادس منه بلفظة، حدثنا أحمد بن محمد(2) قال: حدثنا أحمد بن الحسين قال: حدثنا الحسن بن دينار عن عبد الله بن موسى عن أبيه عن جده جعفر بن محمد الصادق عن أبيه محمد بن علي عن أبيه (عليهما السلام) عن جابر بن عبد الله الأنصاري رحمة الله عليه قال: خرج علينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوما ونحن في مسجده فقال: من هاهنا؟
فقلت: أنا يا رسول الله وسلمان الفارسي فقال: يا سلمان اذهب فادع مولاك علي بن أبي طالب.
قال جابر: فذهب سلمان ينتدب به حتى استخرج عليا من منزله، فلما دنا من رسول الله (صلى الله عليه وآله) قام إليه فخلا به وأطال مناجاته ورسول الله (صلى الله عليه وآله) يقطر عرقا كهيئة اللؤلؤ ويتهلهل حسنا ثم انصرف رسول الله (صلى الله عليه وآله) من مناجاته فجلس فقال له: أسمعت يا علي ووعيت؟ قال: نعم يا رسول الله.
قال جابر: ثم التفت إلي وقال: يا جابر ادع لي أبا بكر وعمر وعبد الرحمن بن عوف الزهري فذهبت مسرعا فدعوتهم فلما حضروا قال: يا سلمان اذهب إلى منزل أمك أم سلمة وايتني ببساط الشعر الخيبري قال جابر: فذهب سلمان فلم يلبث أن جاء بالبساط فأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) سلمان فبسطه ثم قال لأبي بكر وعمر وعبد الرحمن: اجلسوا، كل واحد منكم على زاوية من البساط فجلسوا كما أمرهم ثم خلا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بسلمان فناجاه فأسر إليه شيئا ثم قال له: اجلس في الزاوية الرابعة فجلس سلمان ثم أمر عليا أن يجلس في وسطه ثم قال له: قل ما أمرتك فوالذي
____________
(1) وهو الحديث الرابع في الباب السابق.
(2) في المصدر: محمد بن أحمد.
قال: والله ما شعرنا بشئ حتى انقض بنا البساط في ذروة جبل شاهق وصرنا إلى باب كهف، قال سلمان: فقمت وقلت لأبي بكر: يا أبا بكر قد أمرني رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن تصرخ في هذا الكهف بالفتية الذين ذكرهم الله في كتابه، فقام أبو بكر وصرخ بهم بأعلى صوته فلم يجبه أحد، ثم قلت لعمر: قم واصرخ بهم في هذا الكهف كما صرخ أبو بكر فصرخ عمر فلم يجبه أحد، ثم قلت لعبد الرحمن: قم واصرخ كما صرخ أبو بكر وعمر فصرخ فلم يجبه منهم أحد، ثم قمت أنا فصرخت بأعلى صوتي فلم يجبني أحد، ثم قلت لعلي بن أبي طالب: قم يا أبا الحسن واصرخ في هذا الكهف فإنه أمرني رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن آمرك كما أمرتهم فقام علي (عليه السلام) فصاح بهم بصوت خفي فانفتح باب الكهف ونظرنا إلى داخله يتوقد نورا ويتألق إشراقا وسمعنا ضجة ووجبة شديدة وملئنا رعبا وولى القوم هاربين فناديتهم: مهلا يا قوم فارجعوا، فرجعوا فقالوا: ما هذا يا سلمان؟ قلت: هذا الكهف الذي ذكره الله عز وجل في كتابه، والذين رأيتم هم الفتية الذين ذكرهم الله عز وجل الفتية المؤمنون، وعلي (عليه السلام) واقف يكلمهم فعادوا إلى موضعهم.
قال سلمان: وأعاد علي (عليه السلام) عليهم السلام فقالوا كلهم: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، وعلى محمد رسول الله خاتم النبوة منا السلام أبلغه منا وقل له: قد شهدنا لك بالنبوة التي أمرنا الله قبل وقت مبعثك بأعوام كثيرة ولك يا علي بالوصية، فأعاد علي (عليه السلام) سلامه عليهم فقالوا كلهم: وعليك وعلى محمد منا السلام، نشهد بأنك مولانا ومولى كل من آمن بمحمد (صلى الله عليه وآله)، قال سلمان: فلما سمع القوم أخذوا بالبكاء والنحيب وفزعوا واعتذروا إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) وقاموا كلهم إليه يقبلون رأسه ويقولون: قد علمنا ما أراد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومدوا أيديهم وبايعوه بإمرة المؤمنين وشهدوا له بالولاية بعد محمد (صلى الله عليه وآله)، فجلس كل واحد مكانه من البساط وجلس علي (عليه السلام) في وسطه ثم حرك شفتيه فاختلج البساط فلم نشعر كيف مر بنا أفي البر أم في البحر حتى انفض بنا على باب مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فخرج إلينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: كيف رأيتم يا أبا بكر؟
قالوا: نشهد يا رسول الله كما شهد أهل الكهف ونؤمن كما آمنوا، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الله أكبر لا تقولوا سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون ولا تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين، والله لئن فعلتم لتهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين وإن لم تفعلوا تختلفوا، ومن وفى وفى الله له، ومن يكتم ما سمعه فعلى عقبه ينقلب فلن يضر الله شيئا، أفبعد الحجة والبينة والمعرفة خلف؟