والذي بعثني بالحق لقد أمرت أن آمركم ببيعته وطاعته فبايعوه وأطيعوه بعدي ثم تلا هذه الآية:
*(يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)* يعني علي بن أبي طالب (عليه السلام) قالوا: يا رسول الله قد بايعناه وشهد علينا أهل الكهف، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): إن صدقتم فقد أسقيتم ماء غدقا وأكلتم من فوقكم ومن تحت أرجلكم، أو يلبسكم شيعا وتسلكون طريق بني إسرائيل فمن تمسك بولاية علي بن أبي طالب لقيني يوم القيامة وأنا عنه راض، قال سلمان: والقوم ينظر بعضهم إلى بعض فأنزل الله في ذلك اليوم *(ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم ونجواهم وأن الله علام الغيوب)* قال سلمان: فاصفرت وجوههم وينظر كل واحد إلى صاحبه وأنزل الله هذه الآية *(يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور والله يقضي بالحق)* فكان ذهابهم إلى الكهف ومجيئهم من زوال الشمس إلى وقت العصر(1).
الثاني: السيد المرتضى (رضي الله عنه) في كتاب عيون المعجزات عن أبي علي يرفعه إلى الصادق (عليه السلام) عن أبيه عن آبائه (عليهم السلام) قال: جرى بحضرة السيد محمد (صلى الله عليه وآله) ذكر سليمان بن داود (عليه السلام) والبساط وحديث أصحاب الكهف وإنهم موتى أو غير موتى فقال (صلى الله عليه وآله): من أحب منكم أن ينظر باب الكهف ويسلم عليهم؟ فقال أبو بكر وعمر وعثمان: نحن يا رسول الله فصاح يادرحان بن مالك وإذا بشاب قد دخل بثياب عطرة فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): ايتنا ببساط سليمان (عليه السلام)، فذهب ووافى به بعد لحظة ومعه بساط طوله أربعون في أربعين من الشعر الأبيض فألقاه في صحن المسجد وغاب، فقال النبي لبلال وثوبان مولييه أخرجا هذا البساط إلى باب المسجد وابسطاه ففعلا ذلك وقام (صلى الله عليه وآله) وقال لأبي بكر وعثمان وأمير المؤمنين (عليه السلام) وسلمان: قوموا وليقعد كل واحد منكم على طرف من البساط وليقعد أمير المؤمنين (عليه السلام) في وسطه ففعلوا ونادى: يا منشبة وإذا بريح قد دخلت تحت البساط فرفعته حتى وضعته بباب الكهف الذي فيه أصحاب الكهف فقال أمير المؤمنين لأبي بكر: تقدم فسلم عليهم فإنك شيخ قريش فقال: يا علي ما أقول؟
فقال (عليه السلام): قل: السلام عليكم أيها الفتية الذين آمنوا بربهم، السلام عليكم يا نجباء الله في أرضه، فتقدم أبو بكر إلى باب الكهف وهو مسدود فنادى بما قال له أمير المؤمنين (عليه السلام) ثلاث مرات فلم يجبه أحد فجاء وجلس فقال: يا أمير المؤمنين ما أجابوني فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): قم يا عمر ثم قل كما قال صاحبك، فقام وقال مثل قوله ثلاث مرات فلم يجب أحد مقالته فجاء وجلس وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) لعثمان: قم أنت وقل مثل قولهما فقام وقال فلم يكلمه أحد فجاء وجلس فقال أمير
____________
(1) سعد السعود 114 - 116.
الثالث: محمد بن العباس بن ماهيار في تفسيره قال: حدثنا أحمد بن هودة الباهلي عن إبراهيم ابن إسحاق النهاوندي عن عبد الله بن حماد عن عمرو بن شمر قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) أبا بكر وعمر وعليا (عليه السلام) أن يمضوا إلى الكهف والرقيم فيسبغ أبو بكر الوضوء ويصف قدميه ويصلي ركعتين وينادي ثلاثا فإن أجابوه وإلا فليقل مثل ذلك عمر فإن أجابوه وإلا فليقل مثل ذلك علي (عليه السلام)، فمضوا وفعلوا ما أمرهم به رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلم يجيبوا أبا بكر ولا عمر، فقام علي (عليه السلام) وفعل ذلك فأجابوه فقال: لبيك لبيك ثلاثا فقال لهم: ما لكم لم تجيبوا الصوت الأول والثاني وأجبتم الثالث؟ فقالوا: إنما أمرنا أن لا نجيب إلا نبيا أو وصي نبي، ثم انصرفوا إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فسألهم ما فعلوا فأخبروه فأخرج النبي (صلى الله عليه وآله) صحيفة حمراء وقال لهم اكتبوا شهاداتكم بخطوطكم فيها بما رأيتم وسمعتم فأنزل الله عز وجل: *(ستكتب شهادتهم ويسألون يوم القيامة)*(2).
الرابع: ابن شهرآشوب في كتاب المناقب عن كتاب ابن بابويه وأبي القاسم البستي والقاضي أبي عمر بن أحمد عن جابر وأنس أن جماعة نقصوا عليا (عليه السلام) عند عمر فقال سلمان: أوما تذكر يا عمر اليوم الذي كنت وأبو بكر وأنا وأبو ذر عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبسط لنا شملة وأجلس كل واحد منا على طرف وأخذ بيد علي وأجلسه وسطها ثم قال: قم يا أبا بكر وسلم [ على علي ] بالإمامة وخلافة المسلمين، وهكذا كل واحدة منا ثم قال: قم يا علي وسلم على هذا النور يعني الشمس
____________
(1) عيون المعجزات 8، بحار الأنوار: 39 / 146 / ح 11.
(2) بحار الأنوار: 36 / 153 / ح 133.
وعليك السلام يا ولي الله ووصي رسوله ثم رفع رسول الله يده إلى السماء فقال: اللهم إنك أعطيت لأخي سليمان صفيك ملكا وريحا غدوها شهر ورواحها شهر، اللهم أرسل تلك لتحملهم إلى أصحاب الكهف، وأمرنا أن نسلم على أصحاب الكهف فقال علي: يا ريح احملينا فإذا نحن في الهواء فسرنا ما شاء الله ثم قال: يا ريح ضعينا فوضعتنا عند الكهف فقام كل واحد منا وسلم فلم يردوا الجواب فقام علي فقال: السلام عليكم أصحاب الكهف فسمعنا: وعليك السلام يا وصي محمد إنا قوم محبوسون هاهنا من زمن دقيانوس فقال لهم: لم لا تردوا على أصحابي سلاما؟
فقالوا: نحن فتية لا نرد إلا على نبي أو وصي نبي وأنت وصي خاتم النبيين وخليفة رسول رب العالمين ثم قال: خذوا مجالسكم فأخذنا مجالسنا ثم قال: يا ريح احملينا فإذا نحن في الهواء فسرنا ما شاء الله ثم قال: يا ريح ضعينا فوضعتنا ثم ركض برجله الأرض فنبعت عين ماء فتوضأ وتوضأنا ثم قال: ستدركون الصلاة مع النبي (صلى الله عليه وآله) أو بعضها ثم قال: يا ريح احملينا ثم قال: ضعينا فوضعتنا فإذا نحن في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد صلى من الغداة ركعة، والبساط أهداه أهل هربوق، والكهف في بلاد الروم في موضع يقال له اركدى وكان في ملك باهندق(1)، وهو اليوم اسم الضيعة، وفي خبر إن الكساء كان أتى به حظي بن الأشرف أخو كعب، فلما رأى معجزات علي (عليه السلام) أسلم.
وقال العوني:
ومن حملته الريح فوق بساطه | فأسمع أهل الكهف حين تكلما(2) |
الخامس: ابن شهرآشوب قال: وفي رواية أخرى بالإسناد يرفعه إلى سالم بن أبي جعدة قال:
حضرت مجلس أنس بن مالك بالبصرة وهو يحدث فقام إليه رجل من القوم، وقال: يا صاحب رسول الله، ما هذه الشيمة التي أراها بك فإنه حدثني أبي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: البرص والجذام لا يبلى الله به مؤمنا قال: فعند ذلك أطرق أنس بن مالك إلى الأرض وعيناه تذرفان بالدموع ثم رفع رأسه وقال: دعوة العبد الصالح علي بن أبي طالب (عليه السلام) نفذت في، قال: فعند ذلك قام الناس من حواليه وقصدوه وقال: يا أنس، حدثنا ما كان السبب؟ قال لهم: انتهوا عن هذا، قالوا له: لا بد لك أن تخبرنا بذلك، فقال: اقعدوا على مواضعكم واسمعوا مني حديثا كان هو السبب عن علي (عليه السلام)، اعلموا أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان قد أهدي له بساط شعر من قرية كذا وكذا من قرى المشرق يقال لها هندف، فأرسلني رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى أبي بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وسعد وسعيد وعبد
____________
(1) في المصدر: باهتدت.
(2) مناقب آل أبي طالب: 2 / 162.
يا ريح احملينا فقال الإمام علي (عليه السلام): يا ريح احملينا فإذا نحن في الهواء فقال: سيروا على بركة الله قال: فسرنا ما شاء الله ثم قال: يا ريح ضعينا فوضعتنا فقال: أتدرون أين أنتم؟
قلنا: الله ورسوله وعلي أعلم قال: هؤلاء أصحاب الكهف والرقيم الذين كانوا من آيات الله عجبا، قوموا بنا يا أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى تسلموا عليهم، فعند ذلك قام أبو بكر وعمر فقالا:
السلام عليكم يا أصحاب الكهف والرقيم قال: فلم يجبهما أحد، قال: فقام طلحة والزبير فقالا:
السلام عليكم يا أصحاب الكهف والرقيم فلم يجبهما أحد قال أنس: فقمت أنا وعبد الرحمن بن عوف فقلت: أنا أنس خادم رسول الله (صلى الله عليه وآله)، السلام عليكم يا أصحاب الكهف والرقيم فلم يجاوبني أحد، قال: فعند ذلك قام الإمام وقال: السلام عليكم يا أصحاب الكهف والرقيم الذين كانوا من آيات الله عجبا فقالوا: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته يا وصي رسول الله فقال: يا أصحاب الكهف ألا رددتم على أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ فقالوا: يا خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله) إنا فتية آمنوا بربهم وزادهم الله هدى وليس معنا إذن أن نرد السلام إلا على نبي أو وصي نبي، وأنت وصي خاتم النبيين وأنت سيد الوصيين ثم قال: أسمعتم يا أصحاب رسول الله؟
قالوا: نعم يا أمير المؤمنين، قال: فخذوا مواضعكم وقوموا في مجالسكم قال: فقعدنا في مجالسنا، ثم قال (عليه السلام): يا ريح احملينا فحملتنا وسرنا ما شاء الله إلى أن غربت الشمس ثم قال: يا ريح ضعينا فإذا نحن في أرض كالزعفران ليس فيها حسيس ولا أنيس، نباتها الشيع وليس بها ماء فقلنا له: يا أمير المؤمنين وقت الصلاة وليس بها لنا ماء نتوضأ به ثم قام وجاء إلى موضع من تلك الأرض فرفس برجله فنبعت عين ماء عذب فقال: دونكم وما طلبتم ولولا طلبتكم لجاءنا جبرائيل بماء من الجنة قال: فتوضينا وصلينا ووقف يصلي إلى أن انتصف الليل ثم قال (عليه السلام): خذوا مواضعكم ستدركون الصلاة مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) أو بعضها ثم قال: يا ريح احملينا فإذا نحن في الهواء ثم سرنا ما شاء الله فإذا بمسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد صلى من صلاته الغداة ركعة واحدة فقضينا ما كان قد سبقنا بها رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم التفت إلينا فقال لي: يا أنس تحدثني أم أحدثك؟
قلت: بل من فيك أحلى يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: فابتدأ بالحديث من أوله إلى آخره كأنه كان معنا، قال: يا أنس تشهد لابن عمي بها إذا استشهدك؟ فقلت: نعم يا رسول الله، فلما ولي أبو بكر الخلافة أتى علي إلي وكنت حاضرا عند أبي بكر والناس من حوله فقال لي: يا أنس ألست تشهد لي بفضيلة
____________
(1) لم نعثر عليه في مناقب ابن شهرآشوب، ونقله المجلسي عن كتابي الروضة والفضائل. انظر البحار: 41 / 217 / ح 31.
(2) رجال الكشي 45 / ح 95.
الباب السابع والتسعون
في السطل والمنديل والقدس
الأول: ابن المغازلي الشافعي قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن المظفر بن أحمد العطار الشافعي بقراءتي عليه فأقر به قلت: أخبركم أبو محمد عبد الله بن محمد بن عثمان الملقب بابن السقاء الحافظ الواسطي، قال: حدثنا أبو الحسن أحمد بن عيسى الرازي بالبصرة قال: حدثنا محمد بن منده الأصفهاني قال: حدثنا محمد بن حميد الرازي قال: حدثنا جرير بن عبد الحميد عن الأعمش عن أبي سفيان عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأبي بكر وعمر: إمضيا إلى علي حتى يحدثكما ما كان منه في ليلته، وأنا على أثركما، قال أنس: فمضينا ومضيت معهما فاستأذن أبو بكر وعمر على علي فخرج إليهما فقال: يا أبا بكر حدث شئ؟ قال: لا وما يحدث إلا خيرا، قال لي النبي (صلى الله عليه وآله) ولعمر أيضا: إمضيا إلى علي يحدثكما ما كان منه في ليلته وجاء النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يا علي حدثهما ما كان منك في ليلتك فقال: أستحي يا رسول الله فقال: حدثهما إن الله لا يستحيي من الحق فقال علي (عليه السلام): أردت الماء للطهارة وأصبحت وخفت أن تفوتني الصلاة فوجهت الحسن في طريق والحسين في طريق في طلب الماء فأبطئا علي، فأحزنني ذلك فرأيت السقف قد انشق ونزل علي منه سطل مغطى بمنديل فلما صار في الأرض نحيت المنديل عنه فإذا فيه ماء فتطهرت للصلاة واغتسلت وصليت ثم ارتفع السطل والمنديل والتأم السقف، فقال النبي (صلى الله عليه وآله) لعلي: أما السطل فمن الجنة وأما الماء فمن نهر الكوثر، وأما المنديل فمن إستبرق الجنة، فمن مثلك يا علي في ليلته وجبرئيل يخدمه(1)؟.
الثاني: صاحب كتاب المناقب الفاخرة في العترة الطاهرة قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن المظفر بن أحمد العطار الفقيه الشافعي بقراءتي عليه فأقر به، قلت له: أخبركم عبد الله بن محمد بن عثمان الملقب بابن السقاء الحافظ الواسطي قال: حدثنا أبو الحسن أحمد بن عيسى الرازي البصري عن محمد بن عبيدة الأصفهاني عن محمد بن حميد الرازي عن حريز بن عبد الحميد عن
____________
(1) مناقب ابن المغازلي / 79 / ح 139.
الثالث: موفق بن أحمد قال: أنبأني مهذب الأئمة، أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن علي ابن أبي عثمان الدقاق، حدثنا أبو المظفر هناد بن إبراهيم النسفي، حدثنا أبو الحسن علي بن يوسف بن محمد بن الحجاج الطبري بسارية طبرستان، حدثنا أبو عبد الله الحسين بن جعفر بن محمد الجرجاني، حدثنا أبو عيسى إسماعيل [ بن إسحاق ] بن سليمان النصيبي، حدثنا محمد بن علي الكفرتوثي، حدثنا حميد الطويل عن أنس بن مالك قال: صلى بنا النبي (صلى الله عليه وآله) صلاة العصر وأبطأ في ركوعه في الركعة الأولى حتى ظننا أنه قد سها وغفل ثم رفع رأسه وقال: سمع الله لمن حمده ثم أوجز في صلاته وسلم ثم أقبل علينا بوجهه كأنه القمر ليلة البدر في وسط النجوم، ثم جثا على ركبتيه وبسط قامته حتى تلألأ المسجد بنور وجهه صلوات الله عليه، ثم رمى بطرفه إلى الصف الأول يتفقد أصحابه رجلا رجلا، ثم رمى بطرفه إلى الصف الثاني، ثم رمى بطرفه إلى الصف الثالث يتفقدهم رجلا رجلا، ثم كثرت الصفوف على رسول الله، ثم قال ما لي لا أرى علي بن أبي طالب، يا بن عمي، فأجابه علي كرم الله وجهه من آخر الصفوف وهو يقول: لبيك لبيك يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فنادى النبي بأعلى صوته: يا علي ادن مني قال: فما زال يتخطى الصفوف وأعناق المهاجرين والأنصار ممتدة إليه حتى دنا المرتضى من المصطفى فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): ما الذي خلفك عن الصف الأول؟
قال: شككت أني على غير طهور فأتيت منزل فاطمة فناديت يا حسن ويا حسين يا فضة فلم
____________
(1) مناقب ابن المغازلي 92 / ح.
الرابع: الفقيه أبو الحسن بن شاذان في مناقب المائة من طريق العامة عن ابن عباس قال: صلى بنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) صلاة العصر ثم قام على قدميه فقال: من يحببني ويحب أهل بيتي فليتبعني، فاتبعناه بأجمعنا حتى أتى منزل فاطمة (عليها السلام) فقرع الباب قرعا خفيفا فخرج إليه علي بن أبي طالب وعليه شملة ويده ملطخة بالطين فقال له: حدث الناس بما رأيت أمس، فقال علي (عليه السلام): نعم فداك أبي وأمي يا رسول الله، بينا أنا في وقت الظهر أردت الطهور فلم يكن عندي الماء فوجهت الحسن والحسين في طلب الماء فأبطيا علي فإذا بهاتف يهتف: يا أبا الحسن أقبل على يمينك، فالتفت فإذا أنا بقدس من ذهب معلق فيه ماء أشد بياضا من الثلج وأحلى من العسل، فوجدت فيه رائحة الورد فتوضأت منه وشربت جرعات ثم قطرت على رأسي قطرة وجدت بردها على فؤادي، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): هل تدري من أين ذلك القدس؟ قال: الله ورسوله أعلم قال: القدس من أقداس الجنة والماء من شجرة طوبى - أو قال: من نهر الكوثر - وأما القطرة من تحت العرش، ثم ضمه إلى صدره وقبل بين عينيه ثم قال: حبيبي من كان خادمه جبرئيل بالأمس(2).
____________
(1) المناقب 304 / ح 300.
(2) مائة منقبة 74 / المنقبة 42.
الباب الثامن والتسعون
في حديث السطل والإبريق
الأول: ابن بابويه قال: حدثنا صالح بن عيسى العجلي قال: حدثنا محمد بن علي قال: حدثنا محمد بن منده الأصفهاني قال: حدثنا محمد بن حميد قال: حدثنا جرير عن الأعمش عن أبي سفيان عن أنس قال: كنت عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) ورجلان من أصحابه في ليلة مظلمة مكفهرة إذ قال لنا رسول الله (صلى الله عليه وآله): إئتوا باب علي، فأتينا باب علي (عليه السلام) فنقر أحدنا الباب نقرا خفيفا إذ خرج إلينا علي بن أبي طالب (عليه السلام) متزرا بإزار من صوف مرتديا بمثله، في كفه سيف رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال لنا: أحدث حدث؟ قلنا: خير، أمرنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن نأتي بابك وهو بالأثر إذ أقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا علي، قال: لبيك، قال: أخبر أصحابي بما أصابك البارحة؟ قال علي (عليه السلام): يا رسول الله إني لأستحيي فقال النبي (صلى الله عليه وآله): إن الله لا يستحيي من الحق، قال علي: يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) أصابتني جنابة البارحة من فاطمة بنت رسول الله فطلبت في البيت ماء فلم أجد الماء، فبعثت الحسن كذا والحسين كذا فأبطئا علي فاستلقيت على قفاي فإذا أنا بهاتف من سواد البيت: قم يا علي خذ السطل واغتسل فإذا أنا بسطل من ماء مملوء، عليه منديل من سندس فأخذت السطل واغتسلت ومسحت بدني بالمنديل ورددت المنديل على رأس السطل فقام السطل في الهواء فسقط من السطل جرعة فأصابت هامتي فوجدت بردها على فؤادي، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): بخ بخ يا بن أبي طالب أصبحت وخادمك جبرائيل، أما الماء فمن الكوثر وأما السطل والمنديل فمن الجنة، كذا أخبرني جبرائيل، كذا أخبرني جبرائيل، كذا أخبرني جبرائيل(1).
الثاني: الشيخ البرسي أن أمير المؤمنين (عليه السلام) [ كان ] في بعض غزواته وقد دنت الفريضة ولم يجد ماء يسبغ به الوضوء فرمق بطرفه إلى السماء والناس قيام ينظرون فنزل جبرائيل وميكائيل (عليهما السلام) ومع جبرائيل سطل فيه ماء ومع ميكائيل منديل، فوضع السطل والمنديل بين يدي أمير المؤمنين (عليه السلام) فأسبغ وضوءه من ذلك الماء ومسح وجهه الكريم بالمنديل، فعند ذلك عرجا إلى السماء والخلق
____________
(1) أمالي الصدوق 296 / مجلس 40 / ح 4.
الثالث: ثاقب المناقب عن عاصم بن شريك عن أبي البختري عن أبي عبد الله الصادق عن آبائه (عليهم السلام) قال: أتى أمير المؤمنين منزل عائشة فنادى: يا فضة ايتنا بشئ من ماء نتوضأ، فلم يجبه أحد فولى عن الباب يريد منزل الموفقة السعيدة الحوراء الإنسية فاطمة (عليها السلام) فإذا هو بهاتف يهتف ويقول: يا أبا الحسن دونك الماء فتوضأ به فإذا هو بإبريق من ذهب مملوء ماء عن يمينه فتوضأ ثم عاد الإبريق إلى مكانه فلما نظر إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: يا علي ما هذا الماء الذي أراه يقطر كأنه الجمان؟ قلت: بأبي وأمي أتيت منزل عائشة فدعوت فضة تأتينا بماء للوضوء ثلاثا فلم يجبني أحد فوليت فإذا بهاتف يهتف وهو يقول: يا علي دونك الماء فالتفت فإذا أنا بإبريق من ذهب مملوء ماء فقال: يا علي تدري من الهاتف؟ ومن أين كان الإبريق؟ فقلت: الله ورسوله أعلم، فقال: أما الهاتف فحبيبي جبرئيل، وأما الإبريق فمن الجنة، وأما الماء فثلث من المشرق وثلث من المغرب وثلث من الجنة، وهبط جبرائيل (عليه السلام) فقال: يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) الله يقرئك السلام ويقول لك: اقرأ عليا السلام وقل: إن فضة كانت حائضا فقال النبي (صلى الله عليه وآله): منه السلام وإليه يعود مرد السلام وإليه طيب الكلام، ثم التفت إلى علي فقال: حبيبي علي هذا جبرئيل أتانا من عند رب العالمين وهو يقرئك السلام ويقول: إن فضة كانت حائضا فقال علي: اللهم بارك لنا في فضتنا(2).
الرابع: ابن شهرآشوب في المناقب عن ابن عباس وحميد الطويل عن أنس بن مالك قال: صلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلما ركع أبطأ في ركوعه حتى ظننا أنه نزل عليه وحي فلما سلم واستند بالمحراب نادى: أين علي بن أبي طالب، وكان في آخر الصف يصلي فأتاه فقال: يا علي ألحقت الجماعة فقال: يا نبي الله عجل بلال الإقامة فناديت الحسن بوضوء فلم أر أحدا فإذا بهاتف يهتف: يا أبا الحسن أقبل عن يمينك فالتفت فإذا أنا بقدس من الذهب مغطى بمنديل أخضر معلقا فرأيت ماء أشد بياضا من الثلج وأحلى من العسل وألين من الزبد وأطيب ريحا من المسك، فتوضأت وشربت وقطرت على رأسي قطرة وجدت بردها على فؤادي فمسحت وجهي بالمنديل بعدما كان الماء يصب على يدي ولم أر شخصا ثم جئت نبي الله ولحقت الجماعة فقال النبي: القدس من أقداس الجنة والماء من الكوثر والقطرة من تحت العرش والمنديل لمن الوسيلة، والذي جاء به جبرائيل، والذي ناولك المنديل ميكائيل، وما زال جبرائيل واضعا يده على ركبتي يقول: يا محمد قف قليلا
____________
(1) أنظر الفضائل لشاذان بن جبرائيل القمي 111.
(2) الثاقب في المناقب 280 / ح 12.
والأحاديث في معاجز أمير المؤمنين (عليه السلام) في أنواع المعاجز لا تحصى من طريق العامة والخاصة، وكذا معاجز بنيه الأئمة الأحد عشر (عليهم السلام) من أراد الوقوف على كثير منها فعليه بكتابنا الموسوم بمدينة المعاجز فإن فيه كفاية للطالب مما لا مزيد عليه، ولكثرتها تركنا ذكرها في هذا الكتاب لأنه يطول بذكرها الكتاب.
____________
(1) مناقب آل أبي طالب: 2 / 81.
الباب التاسع والتسعون
في سد الأبواب من المسجد إلا باب علي (عليه السلام)
الأول: مسند أحمد بن حنبل روى عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا عوف عن ميمون بن عبد الله عن زيد بن أرقم قال: كان لنفر من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) أبواب شارعة في المسجد فقال يوما: سدوا هذه الأبواب إلا باب علي قال: فتكلم في ذلك أناس، قال: فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله) فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإني أمرت بسد هذه الأبواب غير باب علي (عليه السلام) فقال فيه قائلكم، والله ما سددت شيئا ولا فتحته ولكني أمرت بشئ فاتبعته(1).
الثاني: عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثنا علي بن طيفور قال: حدثنا قتيبة قال: حدثنا يعقوب بن سهيل بن أبي صالح عن أبيه أن عمر بن الخطاب قال: لقد أوتي علي بن أبي طالب ثلاثا لئن أكون أوتيتها أحب إلي من أن أعطى حمر النعم: جوار رسول الله (صلى الله عليه وآله) في المسجد والراية يوم خيبر والثالثة نسيها سهيل(2).
الثالث: عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع عن هشام بن سعد عن عمر بن أسيد عن ابن عمر قال: كنا نقول: خير الناس أبو بكر ولقد أوتي ابن أبي طالب ثلاث خصال لئن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم: زوجه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ابنته وولدت له وسد الأبواب إلا بابه في المسجد وإعطاء الراية يوم خيبر(3).
الرابع: ابن المغازلي الفقيه الشافعي في كتابه المناقب قال: أخبرنا أحمد بن محمد إجازة قال:
أخبرنا عمر بن شوذب قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن ميمون قال: حدثنا علي بن عياش عن الحارث بن حصيرة عن عدي بن ثابت قال: خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى المسجد فقال: إن الله أوحى إلى نبيه موسى أن ابن لي مسجدا طاهرا لا يسكنه إلا موسى وهارون وابنا هارون، وإن الله أوحى
____________
(1) مسند أحمد: 4 / 369.
(2) فضائل الصحابة لابن حنبل: 2 / 659 / ح 1123.
(3) مسند أحمد 2 / 12.
الخامس: ابن المغازلي أيضا قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن عثمان قال: حدثنا أبو الحسين محمد بن المظفر بن موسى بن عيسى الحافظ قال: حدثنا محمد بن الحسين بن حميد بن الربيع قال: حدثنا جعفر بن عبد الله بن محمد أبو عبد الله قال: حدثنا إسماعيل بن أبان قال: حدثنا سلام ابن أبي عمرة عن معروف بن خربوذ عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال: لما قدم أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) لم يكن لهم بيوت يبيتون فيها فكانوا يبيتون في المسجد فقال لهم النبي (صلى الله عليه وآله): لا تبيتوا في المسجد فتحتلموا، ثم إن القوم بنوا بيوتا حول المسجد وجعلوا أبوابها إلى المسجد وإن النبي (صلى الله عليه وآله) بعث إليهم معاذ بن جبل فنادى أبا بكر فقال: إن الله تعالى أمرك أن تخرج من المسجد فقال: سمعا وطاعة فسد بابه طاعة وخرج من المسجد، ثم أرسل إلى عمر فقال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يأمرك أن تسد بابك في المسجد وتخرج منه فقال: سمعا وطاعة لله ولرسوله غير أني أرغب إلى الله في خوخة إلى المسجد فأبلغه معاذ ما قال عمر، ثم أرسل إلى عثمان وعنده رقية فقال: سمعا وطاعة لله ولرسوله (صلى الله عليه وآله)، فسد بابه وخرج من المسجد، ثم أرسل إلى حمزة فسد بابه وقال: سمعا وطاعة، وعلي على ذلك يتردد لا يدري ما هو فيمن يقيم أو فيمن يخرج، وكان النبي (صلى الله عليه وآله) قد بنى له بيتا في المسجد بين أبياته فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): اسكن طاهرا مطهرا، فبلغ حمزة قول النبي (صلى الله عليه وآله) لعلي فقال: يا محمد تخرجنا وتمسك غلمان بني عبد المطلب، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): لو كان الأمر إلي ما جعلت من دونكم من أحد، والله ما أعطاه إياه إلا الله وإنك لعلى خير من الله ورسوله أبشر، فبشره النبي (صلى الله عليه وآله) فقتل يوم أحد شهيدا، ومعه من ذلك رجال على علي فوجدوا في أنفسهم وتبيين فضله عليهم وعلى غيرهم من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) فبلغ ذلك النبي (صلى الله عليه وآله) فقام خطيبا فقال: إن رجالا لا يجدون في أنفسهم في أن أسكن عليا في المسجد، والله ما أخرجتهم ولا أسكنته، إن الله عز وجل أوحى إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة، وأمر موسى أن لا يسكن مسجده ولا ينكح فيه ولا يدخله إلا هارون وذريته، وإن عليا بمنزلة هارون من موسى، وهو أخي دون أهلي ولا يحل مسجدي لأحد ينكح فيه النساء إلا علي وذريته، فمن شاء فهاهنا، وأومأ بيده نحو الشام(2).
السادس: ابن المغازلي الشافعي قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن عثمان بن الفرج الأزهري قال:
حدثنا أبو الحسن محمد بن المظفر بن موسى بن عيسى الحافظ قال: أخبرنا أبو القاسم عمرو بن
____________
(1) مناقب ابن المغازلي / 164 / ح 301.
(2) مناقب ابن المغازلي / 167 / ح 303.