الصفحة 300
الله، فقال: هذان الحسن والحسين عمهما جعفر الطيار وعمتهما أم هانئ بنت أبي طالب، ثم قال: اللهم إنك تعلم أن الحسن في الجنة والحسين في الجنة وجدهما في الجنة، وجدتهما في الجنة، وأباهما في الجنة وأمهما في الجنة، وعمهما في الجنة وعمتهما في الجنة، وخالهما في الجنة وخالتهما في الجنة، اللهم إنك تعلم أن من يحبهما في الجنة ومن يبغضهما في النار.

قال المنصور فلما حدثت الشيخ بهذا الحديث قال لي: من أين أنت؟ فقلت: من الكوفة، قال:

عربي أم مولى؟ فقلت: عربي، قال: وأنت تحدث بمثل هذا الحديث وأنت على مثل هذه الحالة؟

ورأى كسائي خليقا فخلع علي وحملني على بغلته وقال: قد أقررت عيني لأرشدنك إلى فتى تقر به عينك، ثم أرشدني إلى باب دار بقربه فأتيت الدار التي وصفها لي فإذا بشاب صبيح الوجه فلما نظر إلي قال: والله إني لأعرف الكسوة والبغلة وما كساك أبو فلان خلعة وحملك على بغلته إلا وأنت تحب الله ورسوله، فأنزلني وحدثته في فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) وقلت له: أخبرني والدي عن جدي عن أبيه قال: كنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات يوم إذ أقبلت فاطمة والحسن والحسين (عليهما السلام) على كتفيها وهي تبكي فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما يبكيك يا فاطمة؟

قالت: يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) نساء قريش عيرنني وقلن لي إن أباك زوجك برجل معدم لا مال له ولا نعم فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما أنا بالذي زوجتك، بل الله عز وجل زوجك من فوق سماواته وأشهد جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فأوحى الله إلي أن أزوجك في أرضه بعلي، وإن الله اطلع على الأرض اطلاعة فاختار منها عليا لك بعلا فزوجك إياه، فعلي أشجع الناس قلبا وأعظم الناس حلما وأعلم الناس علما وأقدم الناس سلما وأسمح الناس كفا، يا فاطمة إني لآخذ مفاتيح الجنة بيدي ولواء الحمد أيضا فادفعهما إلى علي فيكون آدم ومن ولد تحت لوائي، يا فاطمة إني غدا أقيم على حوضي عليا يسقي من عرف من أمتي، يا فاطمة يكسى أبوك حلتين من حلل الجنة، ويكسى علي حلتين من حلل الجنة، ولواء الحمد في يدي وأمتي تحت لوائي فأناوله لعلي إكراما له من الله عز وجل، وينادي مناد: يا محمد نعم الجد جدك إبراهيم، ونعم الأخ أخوك علي، وإذا دعاني رب العالمين دعا عليا معي وإذا دعيت جئ معي وإذا أشفعت شفع معي، وإذا أجبت أجاب معي، وإنه يوم القيامة عوني على مفاتيح الجنة، قومي يا فاطمة فإن عليا وشيعته الفائزون غدا في الجنة.

قال المنصور: فلما حدثت الشاب بهذا الحديث قال لي: ومن أين أنت؟ قلت: من الكوفة قال: عربي أم مولى؟

قلت: عربي، وكساني عشرين ثوبا وأعطاني عشرين ألف درهم وقال: قد أقررت عيني بهذا

الصفحة 301
الحديث ولي إليك حاجة، فقلت: مقضية إن شاء الله تعالى، قال: إذا كان غد فأت مسجد بني فلان كيما ترى أخي الشقي. ثم فارقته وطالت علي ليلتي فلما أصبحت أتيت المسجد الذي وصفه لي وقمت أصلي معهم في الصف الأول، وإذا أنا برجل شاب وهو معتم على رأسه ووجهه فلما ذهب ليركع سقطت العمامة عن رأسه فرأيت رأسه رأس خنزير ووجهه وجه خنزير، فما عقلت ما أقول في صلاتي حتى سلم الإمام فالتفت إليه وقلت له: ما هذا الذي أرى بك؟ فقال لي: لعلك صاحب أخي بالأمس.

قلت: نعم، فأخذ بيدي وأقامني وهو يبكي حتى أتينا إلى منزله فقال: أدخل، فدخلت فقال لي:

انظر إلى هذا الدكان فنظرت إلى دكة فقال: كنت مؤدبا أأدب الصبيان على هذه الدكة وكنت ألعن عليا (عليه السلام) بين كل أذان وإقامة ألف مرة، فخرجت يوما من المسجد وأتيت الدار فانطرحت على هذه الدكة نائما، فرأيت في منامي كأنني في الجنة متكئا على هذا الدكان وجماعة جلوس يحدثوني فرحين مسرورين بعضهم ببعض، وكان النبي (صلى الله عليه وآله) قد أقبل وعن يمينه الحسن ومعه إبريق وعن يساره الحسين ومعه كأس فقال للحسن: اسق أباك عليا، فسقاه فشرب ثم قال: اسق الجماعة فسقاهم ثم قال: اسق هذا النائم المتكئ على الدكان، فقال: يا جداه أتأمرني أن أسقيه وهو يلعن أبي في كل وقت أذان ألف مرة، وفي يومنا هذا قد لعنه أربعة آلاف مرة، فرأيت النبي (صلى الله عليه وآله) وقد أقبل إلي وقال لي: ما بالك تلعن أباه وهو مني وأنا منه فعليك غضب الله؟ ثم ضربني برجله وقال: غير الله ما بك من نعمة، فانتبهت ورأسي رأس خنزير ووجهي وجه خنزير.

ثم قال المنصور: يا سليمان، بالله هذان الحديثان عندك؟ فقلت: لا، فقال: يا سليمان حب علي إيمان وبغضه نفاق فقال الأعمش: فقلت يا أمير المؤمنين ما تقول في قاتل الحسين (عليه السلام)؟ قال: في النار، [ قلت: ] وكذلك من قتل ولده؟ فأطرق ثم رفع رأسه وقال: يا سليمان الملك عقيم، حدث في فضائل علي ما شئت(1).

قال هذه الرواية لم يذكر فيها أن أبا بكر وعمر وعثمان كانوا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الجنة بل ذكروا فيها: وجماعة، وهذا يعني أن ذكر الثلاثة في رواية موفق بن أحمد المتقدمة من وضع بعض العامة، على أن الرواية الآتية إن شاء الله تعالى من طريق ابن بابويه لم يذكر فيها الثلاثة ولا جماعة، وابن بابويه روى الحديث من طرق كثيرة.

____________

(1) أنظر: أمالي الصدوق 520 / مجلس 67 / ح 2. والروضة في المعجزات 130، والثاقب في المناقب بتفاوت:

230.


الصفحة 302

الباب الثامن والمائة

في حديث الأعمش مع المنصور

من طريق الخاصة


ابن بابويه في أماليه قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان وعلي بن أحمد بن موسى الدقاق، عن محمد بن أحمد السناني وعبد الله بن محمد الصايغ قالوا: حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان قال: حدثنا أبو محمد بكر بن عبد الله بن حبيب قال: حدثني علي بن محمد قال:

حدثنا الفضل بن عباس قال: حدثنا عبد القدوس الوراق قال: حدثنا محمد بن كثير عن الأعمش وحدثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد المكتب (رضي الله عنه) قال: حدثنا أحمد بن يحيى القطان قال: حدثني بكر بن عبد الله بن حبيب قال: حدثني عبد الله بن محمد باطويه عن محمد بن كثير عن الأعمش وأخبرنا سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي فيما كتب إلينا من أصبهان قال: حدثنا أحمد بن القاسم ابن مساور الجوهري سنة ست وثمانين ومائتين قال: حدثنا الوليد بن الفضل العنزي قال: حدثنا مندل بن علي العنزي عن الأعمش وحدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني قال: حدثنا أبو سعيد الحسن بن علي العدوي قال: حدثنا علي بن عيسى الكوفي قال: حدثنا حريز بن عبد الحميد عن الأعمش، وزاد بعضهم على بعض في اللفظ، وقال بعضهم ما لم يقل بعض، وساق الحديث المندل بن علي العنزي عن الأعمش قال: بعث لي أبو جعفر الدوانيقي في جوف الليل أن أجب قال: فقمت متفكرا فيما بيني وبين نفسي وقلت: ما بعث إلي أمير المؤمنين في هذه الساعة إلا ليسألني عن فضائل علي (عليه السلام) فلعلني إن أخبرته قتلني، فكتبت وصيتي ولبست كفني ودخلت عليه فقال: ادن مني فدنوت وعنده عمرو بن عبيد، فلما رأيته طابت نفسي ثم قال: ادن مني فدنوت حتى كادت تمس ركبتي ركبته قال: فوجد مني رائحة الحنوط فقال: لتصدقني أو لأصلبنك قلت: ما حاجتك يا أمير المؤمنين؟

قال: ما شأنك متحنطا؟ قلت: أتاني رسولك في جوف الليل أن أجب فقلت: عسى أن يكون أمير المؤمنين بعث إلي في هذه الساعة ليسألني عن فضائل علي (عليه السلام) فلعلني إن أخبرته قتلني، وكتبت وصيتي ولبست كفني قال: وكان متكئا فاستوى قاعدا فقال: لا حول ولا قوة إلا بالله، سألتك

الصفحة 303
بالله يا سليمان كم حديث ترويه في فضائل علي؟ فقلت: يسيرا، قال: كم؟

قلت: عشرة آلاف حديث وما زاد، فقال: يا سليمان والله لأحدثنك بحديث في فضائل علي (عليه السلام) تنسى كل حديث سمعته قال: قلت: حدثنا يا أمير المؤمنين، قال: نعم، كنت هاربا من بني أمية لعنهم الله وكنت أتردد في البلدان وأتقرب إلى الناس بفضائل علي (عليه السلام)، وكانوا يطعمونني ويزودونني، ووردت بلاد الشام وإني لفي كساء خلق ما علي غيره، فسمعت الإقامة وأنا جائع فدخلت المسجد لأصلي وفي نفسي أن أكلم الناس في عشاء يعشونني، فلما سلم الإمام دخل المسجد صبيان فالتفت الإمام إليهما وقال: مرحبا بكما ومرحبا بمن اسمكما على اسمهما، فكان إلى جنبي شاب فقلت: يا شاب من الصبيان من الشيخ؟ قال: هو جدهما وليس في المدينة أحد يحب عليا غير هذا الشيخ فلذلك سمى أحدهما الحسن والآخر الحسين، فقمت فرحا فقلت للشيخ: هل لك في حديث أقر به عينك؟

قال: إن أقررت عيني أقررت عينك فقلت: حدثني والدي عن أبيه عن جده قال: كنا قعودا عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذ جاءت فاطمة (عليها السلام) تبكي فقال لها النبي (صلى الله عليه وآله): ما يبكيك يا فاطمة؟ قالت: يا أبت خرج الحسن والحسين فما أدري أين باتا يا أبي، فقال لها النبي (صلى الله عليه وآله): يا فاطمة لا تبكي فالله الذي خلقهما هو ألطف بهما منك، ورفع النبي (صلى الله عليه وآله) يده إلى السماء وقال: اللهم إن كانا أخذا برا أو بحرا فاحفظهما وسلمهما، فنزل جبرئيل (عليه السلام) فقال: يا محمد إن الله يقرؤك السلام ويقول: لا تحزن ولا تغتم لهما فإنهما فاضلان في الدنيا وفاضلان في الآخرة، وأبوهما أفضل منهما، هما نائمان في حظيرة بني النجار وقد وكل الله بهما ملكا، قال: فقام النبي (صلى الله عليه وآله) فرحا ومعه أصحابه حتى أتوا حضيرة بني النجار فإذا هم بالحسن معانقا للحسين (عليهما السلام)، وإذا الملك الموكل بهما قد افترش أحد جناحيه تحتهما وغطاهما بالآخر قال: فمكث النبي عليه الصلاة والسلام يقبلهما حتى انتبها، فلما استيقظا حمل النبي (صلى الله عليه وآله) الحسن، وحمل جبرائيل الحسين فخرج من الحضيرة وهو يقول: والله لأشرفنكما كما شرفكما الله عز وجل فقال له أبو بكر: ناولني أحد الصبيين أخفف عنك فقال: يا أبا بكر نعم الحاملان ونعم الراكبان وأبوهما أفضل منهما، فخرج حتى أتى باب المسجد وقال: يا بلال هلم إلي بالناس فنادى منادي رسول الله (صلى الله عليه وآله) في المدينة فاجتمع الناس عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) في المسجد فقام على قدميه فقال: يا معشر الناس ألا أدلكم على خير الناس جدا وجدة؟

قالوا: بلى يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: الحسن والحسين فإن جدهما محمد وجدتهما خديجة بنت خويلد، يا معشر الناس ألا أدلكم على خير الناس أما وأبا؟ فقالوا: بلى يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: الحسن

الصفحة 304
والحسين، فإن أباهما علي يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله وأمهما فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، يا معشر الناس ألا أدلكم على خير الناس عما وعمة؟ قالوا: بلى يا رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قال: الحسن والحسين فإن عمهما جعفر بن أبي طالب الطيار في الجنة مع الملائكة، وعمتهما أم هانئ بنت أبي طالب، يا معشر الناس ألا أدلكم على خير الناس خالا وخالة؟ قالوا: بلى يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال:

الحسن والحسين فإن خالهما القاسم بن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخالتهما زينب بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم قال بيده: هكذا يحشرنا الله ثم قال: اللهم إنك تعلم أن الحسن في الجنة والحسين في الجنة وجديهما في الجنة وأباهما في الجنة وأمهما في الجنة وعمهما في الجنة وعمتهما في الجنة وخالهما في الجنة وخالتهما في الجنة، اللهم إنك تعلم أن من يحبهما في الجنة ومن يبغضهما في النار.

قال: فلما قلت ذلك للشيخ قال: من أنت يا فتى؟

فقلت: من أهل الكوفة.

قال: عربي أم مولى؟ قال: قلت: بل عربي، قال: فأنت تحدث بهذا الحديث وأنت في هذا الكساء؟ فكساني خلعته وحملني على بغلته فبعثها بمائة دينار فقال: يا شاب أقررت عيني فوالله لأقرن عينك ولأرشدنك إلى شاب يقر عينك اليوم، فقال: قلت: أرشدني، قال: لي أخوان أحدهما إمام والآخر مؤذن أما الإمام فإنه يحب عليا (عليه السلام) منذ خرج من بطن أمه، وأما المؤذن فإنه يبغض عليا منذ خرج من بطن أمه قال: فقلت: ارشدني فأخذ بيدي حتى أتى باب الإمام، فإذا أنا برجل قد خرج إلي فقال: أما البغلة والكسوة فأعرفهما، والله ما كان فلان يحملك ولا يكسوك إلا أنك تحب الله عز وجل ورسوله (صلى الله عليه وآله)، فحدثني بحديث في فضائل علي بن أبي طالب قال: فقلت: أخبرني أبي عن أبيه عن جده قال: كنا قعودا عند النبي (صلى الله عليه وآله) إذ جاءت فاطمة (عليها السلام) تبكي بكاء شديدا فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما يبكيك يا فاطمة؟

فقالت: يا أبت عيرتني نساء قريش وقلن: إن أباك زوجك من معدم لا مال له، فقال لها النبي (صلى الله عليه وآله):

لا تبكي فوالله ما زوجتك حتى زوجك الله من فوق عرشه، وأشهد بذلك جبرئيل وميكائيل، وإن الله عز وجل اطلع على أهل الدنيا فاختار من الخلائق أباك فبعثه نبيا، ثم اطلع الثانية فاختار من الخلائق عليا فزوجك إياه واتخذه وصيا، فعلي أشجع الناس قلبا وأحلم الناس حلما وأسمح الناس كفا وأقدم الناس سلما وأعلم الناس علما، والحسن والحسين ابناه سيدا شباب أهل الجنة، واسمهما في التوراة شبر وشبير لكرامتهما على الله عز وجل، يا فاطمة لا تبكي فوالله إنه إذا كان يوم القيامة يكسى أبوك حلتين وعلي حلتين، ولواء الحمد بيدي فأناوله عليا لكرامته على الله عز وجل،

الصفحة 305
يا فاطمة لا تبكي فإني إذا دعيت إلى رب العالمين يجئ علي معي، وإذا شفعني الله عز وجل شفع علي معي، يا فاطمة لا تبكي، إذا كان يوم القيامة ينادي مناد في أهوال ذلك اليوم: يا محمد نعم الجد جدك إبراهيم خليل الرحمن، ونعم الأخ أخوك علي بن أبي طالب، يا فاطمة علي يعينني على مفاتيح الجنة وشيعته هم الفائزون يوم القيامة غدا في الجنة.

فلما قلت ذلك قال: يا بني ممن أنت؟ قلت: من أهل الكوفة قال: أعربي أنت أم مولى؟ قلت:

بل عربي قال: فكساني ثلاثين ثوبا وأعطاني عشرة آلاف درهم، ثم قال الشاب: أقررت عيني ولي إليك حاجة، قلت: قضيت إن شاء الله، فإذا كان غد فائت مسجد آل فلان كيما ترى أخي المبغض لعلي (عليه السلام)، قال: فطالت علي تلك الليلة.

فلما أصبحت أتيت المسجد الذي وصف لي، فقمت في الصف الأول وإلى جنبي شاب متعمم، فذهب ليركع فسقطت عمامته فنظرت في وجهه فإذا رأسه رأس خنزير ووجهه وجه خنزير، فوالله ما علمت ما تكلمت به في صلاتي حتى سلم الإمام فقلت: ويلك ما الذي أرى بك، فبكى وقال لي: انظر إلى هذه الدار فنظرت فقال لي: أدخل فدخلت فقال لي: كنت مؤذنا لآل فلان، كلما أصبحت لعنت عليا ألف مرة في الأذان والإقامة، وكلما كان يوم الجمعة لعنته أربعة آلاف مرة، فخرجت من منزلي فأتيت داري فاتكأت على هذا الدكان الذي ترى، فرأيت في منامي كأني في الجنة وفيها رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي (عليه السلام) فرحين، ورأيت كأن النبي (صلى الله عليه وآله) عن يمينه الحسن وعن يساره الحسين ومعه كأس فقال: يا حسن اسقني فسقاه، فقال له: اسق الجماعة فشربوا، ثم رأيته كأنه قال:

اسق المتكئ على هذا الدكان، فقال له الحسن (عليه السلام): يا جداه تأمرني أن أسقي هذا وهو يلعن والدي في كل يوم ألف مرة بين الأذان والإقامة، ولقد لعنه في هذا اليوم أربعة آلاف مرة، فأتاني النبي (صلى الله عليه وآله) فقال لي: ما لك عليك لعنة الله تلعن عليا وعلي مني، وتشتم عليا وعلي مني، ورأيته كأنه تفل في وجهي وضربني برجله وقال: قم غير الله ما بك من نعمة، فانتبهت من نومي فإذا رأسي رأس خنزير ووجهي وجه خنزير.

ثم قال لي أبو جعفر أمير المؤمنين: أهذان الحديثان في يدك؟ فقلت: لا، فقال: يا سلمان حب علي إيمان وبغضه نفاق، والله لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق، قال: قلت: الأمان يا أمير المؤمنين قال: لك الأمان قال: فما تقول في قاتل الحسين؟ قال: إلى النار وفي النار قلت: وكذلك من قتل ولد رسول الله إلى النار وفي النار، قال: الملك عقيم يا سليمان، أخرج فحدث بما سمعت(1).

____________

(1) أمالي الصدوق 520 / مجلس 67 / ح 2. بحار الأنوار: 37 / ح 55.


الصفحة 306

الباب التاسع والمائة

في حديث اللوزة

من طريق العامة


أبو الحسن بن المغازلي في كتاب المناقب قال: أخبرنا أبو نصر بن الطحان إجازة عن القاضي أبي الفرج الخيوطي، حدثنا عمر بن الفتح البغدادي، حدثنا أبو عمارة المستملي، حدثنا ابن أبي الزعزاع الرقي عن عبد الكريم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه قال: جاع النبي (صلى الله عليه وآله) جوعا شديدا فأتى الكعبة فأخذ بأستارها وقال: اللهم لا تجع محمدا أكثر مما أجعته، قال: فهبط عليه جبرائيل (عليه السلام) ومعه لوزة فقال: إن الله تبارك وتعالى يقرأ عليك السلام ويقول لك: فك عنها، ففككت عنها فإذا فيها ورقة خضراء مكتوب عليها: لا إله إلا الله محمد رسول الله، أيدته بعلي ونصرته به، ما أنصف الله من نفسه من اتهمه في قضائه واستبطأه في رزقه(1).

الباب العاشر والمائة

حديث اللوزة

من طريق الخاصة


ابن بابويه قال: حدثنا أبي (رحمه الله) قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الثقفي قال: حدثنا أبو يوسف يعقوب بن محمد البصري قال: حدثنا ابن عمارة قال: حدثنا علي بن [ أبي ] الزعزاع البرقي قال: حدثنا أبو ثابت الجزري عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس قال: جاع النبي (صلى الله عليه وآله) جوعا شديدا فأتى الكعبة فتعلق بأستارها فقال: رب محمد لا تجع محمدا أكثر مما أجعته، فهبط جبرائيل (عليه السلام) ومعه لوزة فقال: يا محمد إن الله جل جلاله يقرأ عليك السلام، فقال: يا جبرائيل الله السلام وإليه يعود السلام، فقال: إن الله يأمرك أن تفك هذه اللوزة، ففك عنها فإذا فيها ورقة خضراء نضرة مكتوب عليها: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، أيدت محمدا بعلي ونصرته به، ما أنصف الله من نفسه من اتهم الله في قضائه واستبطأه في رزقه(2).

____________

(1) مناقب ابن المغازلي / 142 / ح 239.

(2) أمالي الصدوق 648 / مجلس 82 / ح 9.


الصفحة 307

الباب الحادي عشر والمائة

حديث التفاحة

من طريق العامة


ابن شاذان في المناقب المائة من طريق العامة بحذف الإسناد عن ابن عباس قال: كنت جالسا بين يدي النبي (صلى الله عليه وآله) ذات يوم وبين يديه علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) إذ هبط جبرائيل (عليه السلام) ومعه تفاحة، فحيا بها النبي (صلى الله عليه وآله) فتحيا بها النبي (صلى الله عليه وآله)، وحيا بها علي بن أبي طالب فتحيا بها علي وقبلها وردها إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فتحيا بها فحياها الحسن وقبلها وردها إلى رسول الله، فتحيا بها رسول الله وحياها الحسين فتحياها الحسين وقبلها وردها إلى رسول الله، فتحيا بها وحيا بها فاطمة (عليها السلام) فتحيت بها وقبلتها وردتها إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فتحيا بها الرابعة وحيا بها علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فلما هم أن يردها إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) سقطت التفاحة من بين أنامله فانفلقت بنصفين، فسطع منها نور حتى بلغ عنان السماء فإذا عليها سطران مكتوبان: بسم الله الرحمن الرحيم، تحية من الله تعالى إلى محمد المصطفى وعلي المرتضى وفاطمة الزهراء والحسن والحسين سبطي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أمان لمحبيهما يوم القيامة من النار(1).

____________

(1) مائة منقبة 27 / المنقبة 8.


الصفحة 308

الباب الثاني عشر والمائة

حديث التفاحة

من طريق الخاصة


ابن بابويه في أماليه قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد الحسني قال: حدثني فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي قال: حدثني الحسن بن الحسين بن محمد قال: أخبرني علي بن أحمد بن الحسين بن سليمان القطان قال: حدثنا الحسن بن جبرائيل الهمداني قال: أخبرنا إبراهيم بن جبرائيل قال: حدثنا أبو عبد الله الجرجاني عن نعيم النخعي عن الضحاك عن ابن عباس قال: كنت جالسا بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات يوم وبين يديه علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) إذ هبط عليه جبرائيل (عليه السلام) بتفاحة، فحيا بها النبي (صلى الله عليه وآله) وحيا بها عليا (عليه السلام) وردها إلى النبي (صلى الله عليه وآله)، وحيا بها فاطمة (عليها السلام) فقبلتها وردتها إلى النبي (صلى الله عليه وآله)، فتحيا بعلي (عليه السلام) ثانية، فلما هم أن يردها إلى النبي (صلى الله عليه وآله) سقطت التفاحة من أطراف أنامله فانفلقت بنصفين، فسطع منها نور حتى بلغ سماء الدنيا وإذا عليه سطران مكتوبان: بسم الله الرحمن الرحيم، تحية من الله عز وجل إلى محمد المصطفى وعلي المرتضى وفاطمة الزهراء والحسن والحسين سبطي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأمان لمحبهم يوم القيامة من النار(1).

____________

(1) أمالي الصدوق / 692 / مجلس 87 / ح 3، وأنقص منه المصنف (رحمه الله) تحية الحسن والحسين (عليهما السلام).


الصفحة 309

الباب الثالث عشر والمائة

حديث الأترجة

من طريق العامة وفيه ثلاثة أحاديث


الأول: ابن شيرويه الديلمي في كتاب الفردوس قال: حدثنا عبد الرزاق قال: حدثني معمر عن الزهري عن عرفة بن الزبير عن ابن عباس (رضي الله عنه) قال: لما قتل علي بن أبي طالب (عليه السلام) عمرو بن عبد ود العامري دخل على النبي (صلى الله عليه وآله) وسيفه يقطر دما، فلما رآه رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: اللهم أعط عليا فضيلة لم تعطها أحدا قبله ولا تعطها أحدا بعده، فهبط جبرئيل (عليه السلام) ومعه الأترجة من أترج الجنة فقال له:

إن الله عز وجل يقرئك السلام ويقول: حي بهذه علي بن أبي طالب فدفعها إليه، فانفلقت في يده فلقتين فإذا فيها حريرة خضراء مكتوب فيها سطران بخضرة تحفة: من الطالب الغالب إلى علي بن أبي طالب.

الثاني: ابن شهرآشوب من طريق العامة قال: من كتاب الخطيب الخوارزمي عن ابن عباس أنه هبط جبرئيل (عليه السلام) ومعه أترجة فقال: إن الله يقرئك السلام ويقول لك: هذه هدية لعلي بن أبي طالب، فدعاه النبي (صلى الله عليه وآله) فدفعها إليه، فلما صارت في كفه انفلقت الأترجة فإذا فيها حريرة خضراء مكتوب فيها سطران: هدية من الطالب الغالب إلى علي بن أبي طالب، ويقال كان ذلك لما قتل عمرا(1).

الثالث: صاحب كتاب روضة الفضائل قال: لما حضرت الجامع بواسط يوم الجمعة سابع عشر ذي القعدة سنة إحدى وخمسين وستمائة وتاج الدين نقيب الهاشميين يخطب بالناس على أعواده فقال بعد حمد الله والثناء عليه وذكر الخلفاء بعد الرسول قال في حق علي (عليه السلام): إن جبرئيل نزل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبيده أترجة فقال: يا رسول الله (صلى الله عليه وآله)، الحق يقرئك السلام ويقول لك: قد أتحفت ابن عمك بهذه التحفة، فسلمها إلى علي (عليه السلام)، فأخذها بيده وشقها نصفين فطلع في نصف منها حريرة من سندس من الجنة مكتوب [ عليها ]: تحفة الطالب الغالب لعلي بن أبي طالب(2).

____________

(1) مناقب آل أبي طالب: 2 / 69.

(2) الروضة في المعجزات والفضائل 118.


الصفحة 310

الباب الرابع عشر والمائة

حديث الأترجة

من طريق الخاصة


صاحب ثاقب المناقب عن سالم بن [ أبي ] الجعد عن جابر بن عبد الله قال: أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بفاكهة من الجنة وفيها أترجة فقال جبرئيل (عليه السلام): يا محمد ناولها عليا فناولها، فبينا هو يشمها إذ انفلقت فخرج من وسطها رق مكتوب فيه: من الطالب الغالب إلى علي بن أبي طالب(1).

____________

(1) الثاقب في المناقب 61 / ح 12.


الصفحة 311

الباب الخامس عشر والمائة

حديث السفرجلة

من طريق العامة وفيه حديثان


الأول: موفق بن أحمد من أكابر علماء العامة في كتاب فضائل أمير المؤمنين قال: أخبرني الشيخ الثقة العدل الحافظ أبو بكر محمد بن عبد الله بن نصر الزاغوني، حدثنا أبو الحسين محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن مخلد الباقرجي، حدثنا أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن العلي بن بندار حدثنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن محمد بن شاذان، حدثنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد ابن عامر الطائي قال: حدثنا أبي أحمد بن عامر بن سليمان، حدثنا أبو الحسن علي بن موسى الرضا قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: حدثني أبي جعفر بن محمد قال: حدثني أبي محمد ابن علي، حدثني أبي علي بن الحسين، حدثني أبي الحسين بن علي، حدثني أبي علي بن أبي طالب عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: لما أسري بي إلى السماء أخذ جبرئيل (عليه السلام) بيدي وأقعدني على درنوك من درانيك الجنة وناولني سفرجلة [ منها، فبينا ] أنا أقلبها إذ انفلقت فخرجت منها جارية حوراء لم أر أحسن منها فقالت: السلام عليك يا محمد، قلت: من أنت؟ قالت: أنا الراضية المرضية خلقني الجبار من ثلاثة أصناف: أسفلي مسك ووسطي كافور وأعلاي من عنبر، عجني من ماء الحيوان ثم قال لي الجبار: كوني فكنت، خلقني لأخيك وابن عمك علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)(1).

الثاني: الزمخشري في كتاب ربيع الأبرار مثله(2).

____________

(1) المناقب 295 / ح 288، ومسند زيد: 454.

(2) ربيع الأبرار: 1 / 286 الباب الثامن.


الصفحة 312

الباب السادس عشر والمائة

حديث السفرجلة

من طريق الخاصة وفيه حديثان


الأول: ابن بابويه في أماليه قال: حدثنا أحمد بن محمد بن حمدان المكتب قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن الصفار قال: حدثنا محمد بن محمد بن عيسى الدامغاني قال: حدثنا يحيى بن المغيرة قال: حدثنا جرير عن الأعمش عن عطية عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ليلة أسري بي إلى السماء أخذ جبرئيل بيدي فأدخلني الجنة وأجلسني على درنوك من درانيك الجنة فناولني سفرجلة فانفلقت بنصفين فخرجت منها حوراء كأن أشفار عينيها مقاديم النسور، فقالت: السلام عليك يا أحمد، السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا محمد، فقلت: من أنت يرحمك الله؟ قالت: أنا الراضية المرضية، خلقني الجبار من ثلاثة أنواع: أسفلي من المسك وأعلاي من الكافور ووسطي من العنبر، وعجنت بماء الحيوان قال الجليل: كوني، فكنت، خلقت لابن عمك ووصيك ووزيرك علي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام(1).

الثاني: ابن بابويه في عيون أخبار الرضا بإسناده عن داود بن سليمان الفراء، عن الرضا (عليه السلام) نحو رواية موفق بن أحمد وقد تقدمت(2).

____________

(1) أمالي الصدوق 249 / مجلس 34 / ح 12.

(2) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 1 / 29 / ح 7.


الصفحة 313

الباب السابع عشر والمائة

في حديث الرمانة

من طريق العامة


من كتاب المناقب الفاخرة في العترة الطاهرة عن عبد الله بن عمر يرويه عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: جاء بالمدينة غيث فقال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): قم يا أبا الحسن لتنظر إلى آثار رحمة الله تعالى فقلت: يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ألا أصنع طعاما يكون معنا فقال: الذي نحن في ضيافته أكرم، ثم نهض وأنا معه حتى جئنا إلى وادي العقيق، فوافينا ربوة فما استوينا للجلوس حتى أظلنا غمام أبيض له رائحة كالكافور والأذفر، وإذا بطبق بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فإذا فيه رمان فأخذ رمانة وأخذت رمانة فاكتفينا بهما، قال أمير المؤمنين (عليه السلام): فوقع في نفسي ولداي وزوجتي، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): كأني بك يا علي وأنت تريد لولديك وزوجتك، خذ ثلاثا، فأخذت ثلاث رمانات وارتفع الطبق، فلما عدنا إلى المدينة لقينا أبو بكر فقال: أين كنتم يا رسول الله؟

قال: كنا بوادي العقيق ننظر إلى آثار رحمة الله تعالى فقال: ألا أعلمتماني حتى كنت أصنع لكما طعاما؟ فقال النبي (صلى الله عليه وآله): الذي كنا في ضيافته أكرم، قال أمير المؤمنين: فنظر أبو بكر إلى ثقل كمي والرمان فيه، فاستحييت ومددت إليه بكمي ليتناول منه رمانة، فلم أجد شيئا في كمي فنفضت كمي ليرى أبو بكر ذلك، فافترقنا وأنا متعجب من ذلك، فلما وصلت إلى باب فاطمة (عليها السلام) وجدت في كمي ثقلا فإذا هو الرمان، فلما دخلت ناولتها إياه وعدوت إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلما نظر إلي تبسم فقال: كأني بك يا علي قد عدت إلي تحدثني بما كان رجع منك والرمان، يا علي لما هممت أن تناوله لأبي بكر لم تجد شيئا، إن جبرئيل (عليه السلام) أخذه، فلما وصلت إلى دارك أعاده إلى كمك، يا علي إن فاكهة الجنة لا يأكل منها في الدنيا إلا النبيون والأوصياء وأولادهم(1).

____________

(1) مدينة المعاجز: 1 / 341 ح 219، و 3 / 321 ح 908.