الصفحة 314

الباب الثامن عشر والمائة

حديث الرمانة

من طريق الخاصة


ثاقب المناقب عن عبد الرزاق عن معمر عن الزبير عن سعيد بن المسيب قال: إن السماء طمثت على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليلا، فلما أصبح قال لعلي: انهض بنا إلى العقيق لننظر إلى حسن الماء في حفر الأرض، قال: فاعتمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) على يدي فمضينا، فلما وصلنا إلى العقيق نظر إلى صفاء الماء في حفر الأرض فقال علي لرسول الله (صلى الله عليه وآله): لو أعلمتني من الليل لاتخذت لك سفرة من الطعام، فقال: يا علي إن الذي أخرجنا إليه لا يضيعنا، فبينا نحن وقوف إذا نحن بغمامة قد أظلتنا ببرق ورعد حتى قربت منا، فألقت بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) سفرة عليها رمان لم تر العيون مثله، على كل رمانة ثلاثة أقشار، قشر من اللؤلؤ وقشر من الفضة وقشر من الذهب، فقال لي (عليه السلام): قل: بسم الله وكل، يا علي هذا أطيب من سفرتك، فكسرنا عن الرمان فإذا فيه ثلاثة ألوان من الحب: حب كالياقوت وحب كاللؤلؤ الأبيض وحب كالزمرد الأخضر، فيه طعم كل شئ من اللذة، فلما ذكرت فاطمة والحسن والحسين فضربت يدي بثلاث رمانات فوضعتهن في كمي ثم رفعت السفرة، ثم انقلبنا نريد منازلنا فلقينا رجلان من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال أحدهما: من أين أقبلت يا رسول الله؟

قال: من العقيق. قالا: لو أعلمتنا لاتخذنا لك سفرة تطيب منها، فقال: إن الذي أخرجنا لن يضيعنا(1)، وقال الآخر: يا أبا الحسن إني أجد فيكما رائحة طيبة فهل كان من طعام؟ فضربت بيدي إلى كمي لأعطيهما رمانة، فلم أر في كمي شيئا فاغتممت لذلك، فلما افترقنا ومضى النبي (صلى الله عليه وآله) وقربت من باب فاطمة (عليها السلام) وجدت في كمي خشخشة، فنظرت فإذا الرمان في كمي فدخلت وألقيت رمانة على فاطمة وأخريين إلى الحسن والحسين، ثم خرجت إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فلما رآني قال:

يا أبا الحسن تحدثني أم أحدثك؟ فقلت: تحدثني يا رسول الله فإنه أشفى للغليل، فأخبر بما كان كأنه [ كنت ] معي(2).

____________

(1) في المصدر: لم يضيعنا.

(2) الثاقب في المناقب: 59 ح 30.


الصفحة 315

الباب التاسع عشر والمائة

حديث قميص هارون الذي أهدي لعلي (عليه السلام)

من طريق العامة


أبو الحسن الفقيه بن شاذان في المناقب المائة من طريق العامة بحذف الإسناد عن قنبر مولى أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) على شاطئ الفرات فنزع قميصه ودخل، فجاءت موجة فأخذت القميص فخرج أمير المؤمنين (عليه السلام)، فلم يجد القميص فاغتم لذلك غما شديدا، فإذا بهاتف يهتف: يا أبا الحسن انظر عن يمينك وخذ ما ترى، فإذا بمنديل عن يمينه وفيه قميص مطوي فأخذه ليلبسه فسقطت من جيبه رقعة فيها مكتوب: بسم الله الرحمن الرحيم، هدية من الله العزيز الحكيم إلى علي بن أبي طالب، هذا قميص هارون بن عمران، *(كذلك وأورثناها قوما آخرين)*(1).

____________

(1) مائة منقبة: 70 المنقبة 40.


الصفحة 316

الباب العشرون والمائة

حديث قميص هارون الذي أهدي لأمير المؤمنين (عليه السلام)

من طريق الخاصة وفيه ثلاثة أحاديث


الأول: السيد الرضي في كتاب الخصائص قال: حدثني هارون بن موسى بن أحمد المعروف بالتلعكبري قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن عبيد الله بن أحمد بن عيسى بن منصور قال:

حدثنا أبو موسى عيسى بن أحمد بن عيسى بن المنصور قال: حدثني أبو محمد الحسن بن علي ابن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، عن أبيه علي بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن موسى عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عليه الصلاة والسلام قال: حدثني قنبر مولى علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: كنت مع أمير المؤمنين (عليه السلام) على شاطئ الفرات فنزع قميصه ونزل إلى الماء، فجاءت موجة فأخذت القميص، فخرج أمير المؤمنين (عليه السلام) فلم يجد القميص فاغتم لذلك فإذا بهاتف يهتف: يا أبا الحسن انظر عن يمينك وخذ ما ترى، فإذا منديل عن يمينه وفيه قميص مطوي فأخذه ولبسه فسقط من جيبه رقعة فيها مكتوب:

" بسم الله الرحمن الرحيم. هدية من الله العزيز الحكيم إلى علي بن أبي طالب، هذا قميص هارون بن عمران، *(كذلك وأورثناها قوما آخرين)* "(1).

الثاني: الشيخ الطوسي في أماليه عن أبي محمد الفحام عن أبيه عن أبي محمد العسكري عن آبائه عن الحسين عن قنبر مثله(2).

الثالث: ابن شهرآشوب في كتاب المناقب عن قنبر قال: كنت مع أمير المؤمنين (عليه السلام) على شاطئ الفرات فنزع قميصه ودخل الماء فجاءت موجة وأخذت القميص فخرج أمير المؤمنين (عليه السلام) فلم يجد القميص، فاغتم [ بذلك غما شديدا ] فإذا بهاتف يهتف: " يا أبا الحسن انظر عن يمينك وخذ

____________

(1) خصائص الأئمة للشريف الرضي: 57 ط. مشهد.

(2) لم نجده في الأمالي، نعم هو في الثاقب في المناقب لابن حمزة الطوسي: 273، ح 237.


الصفحة 317
ما ترى ".

فإذا مئزر عن يمينه وفيه قميص مطوي، فأخذه ولبسه، فسقطت من جيبه رقعة فيها مكتوب " هذه هدية من الله العزيز الحكيم إلى علي بن أبي طالب، وهذا قميص هارون بن عمران *(وأورثناها قوما آخرين)* "(1).

____________

(1) مناقب آل أبي طالب: 2 / 69.


الصفحة 318

الباب الحادي والعشرون والمائة

في الملائكة الذين سلموا على أمير المؤمنين (عليه السلام) ليلة بدر

من طريق العامة وفيه حديثان


الأول: من مسند أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم النهشلي، حدثنا سعد بن الصلت قال: حدثنا أبو الجارود الرحبي عن أبي إسحاق الهمداني عن الحارث عن علي (عليه السلام) قال: لما كانت ليلة بدر قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " من يستسقي لنا من الماء "؟

فأحجم الناس، فقام علي (عليه السلام) فاحتضن قربة ثم أتى بئرا بعيدة القعر مظلمة، فانحدر فيها فأوحى الله عز جل إلى جبرائيل وميكائيل وإسرافيل: تأهبوا لنصر محمد وحزبه، فهبطوا من السماء لهم لغط يذعر من سمعه، فلما حاذوا البئر سلموا على علي (عليه السلام) من عند ربهم عن آخرهم تبجيلا(1).

الثاني: ابن شهرآشوب عن ابن مسعود والفلكي في التفسير بإسناده عن محمد بن الحنفية قال:

بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا في غزوة بدر أن يأتيه بالماء حين سكت أصحابه عن إيراده، فلما أتى القليب وملأ القربة وأخرجها جاءت ريح فأهرقته، ثم عاد إلى القليب فملأها فجاءت ريح فأهرقته وهكذا في الثالثة، فلما كانت الرابعة ملأها فأتى بها النبي (صلى الله عليه وآله) وأخبره بخبره فقال رسول الله: " أما الريح الأولى فجبرائيل في ألف من الملائكة سلموا عليك، والريح الثانية ميكائيل في ألف من الملائكة سلموا عليك، والريح الثالثة إسرافيل في ألف من الملائكة سلموا عليك ".

وفي رواية " وما أتوك إلا ليحفظوك " وقد رواه عبد الرحمن بن صالح بإسناده عن الليث: وكان يقول: لعلي في ليلة واحدة ثلاثة آلاف منقبة وثلاث مناقب، ثم يروي هذا الخبر، قال الحميري:


وسلم جبريل وميكال ليلةعليه وإسرافيل حياه معربا
أحاطوا به في ردءه جاء يستقيوكان على ألف بها قد تحزبا
ثلاثة آلاف ملائك سلمواعليه فأدناهم وحيا ورحبا(2).

____________

(1) فضائل الصحابة لابن حنبل: 2 / 613 / 10494.

(2) مناقب آل أبي طالب: 2 / 80.


الصفحة 319

الباب الثاني والعشرون والمائة

في الملائكة الذين سلموا على أمير المؤمنين (عليه السلام) ليلة بدر

من طريق الخاصة وفيه أربعة أحاديث


الأول: عبد الله بن جعفر الحميري في كتاب قرب الإسناد عن جعفر الصادق (عليه السلام) عن أبيه عن ابن عباس قال: " انتدب رسول الله (صلى الله عليه وآله) الناس ليلة بدر إلى الماء فانتدب عليا فخرج، وكانت ليلة باردة ذات ريح وظلمة، فخرج بقربته، فلما كان على القليب لم يجد دلوا فنزل في الجب تلك الساعة، فملأ قربته ثم أقبل فاستقبلته ريح شديدة فجلس حتى مضت، ثم قام ثم مرت به أخرى فجلس حتى مضت، ثم قام ثم مرت به أخرى فجلس حتى مضت، ثم قام فلما جاء قال النبي: ما حبسك يا أبا الحسن؟

قال: لقيت ريحا ثم ريحا ثم ريحا شديدة وأصابني قشعريرة.

فقال (صلى الله عليه وآله): أتدري ما كان ذلك يا علي؟

قال: لا.

قال (صلى الله عليه وآله): جبرائيل في ألف ملك من الملائكة وقد سلم عليك وسلموا، ثم مر ميكائيل في ألف من الملائكة فسلم عليك ثم سلموا، ثم مر إسرافيل في ألف من الملائكة فسلم عليك وسلموا "(1).

الثاني: الشيخ الطوسي في المجالس قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال: حدثنا الحسن بن علي بن زكريا العاصمي قال: حدثنا أحمد بن عبيد الله العدلي قال: حدثنا الربيع بن سيار قال:

حدثنا الأعمش عن سالم بن أبي الجعد يرفعه إلى أبي ذر (رضي الله عنه) إن عليا (عليه السلام) وعثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي قاص أمرهم عمر بن الخطاب أن يدخلوا بيتا ويغلقوا عليهم بابه ويتشاوروا في أمرهم، وأجلهم ثلاثة أيام فإن توافق الخمسة على قول واحد وأبى رجل منهم قتل ذلك الرجل، وإن توافق أربعة وأبى اثنان قتل الاثنان، فلما توافقوا جميعا على رأي واحد قال لهم علي بن أبي طالب: " إني أحب أن تسمعوا مني ما أقول لكم فإن يكن حقا فاقبلوه وإن يكن باطلا فأنكروه " قالوا: قل ثم ساق الحديث بذكر فضائله وهم يقولون في ذلك: اللهم نعم، وقال في ذلك: " فهل فيكم من سلم عليه في ساعة واحدة ثلاثة آلاف من الملائكة وفيهم جبرائيل

____________

(1) قرب الإسناد: 111 / خ 387.


الصفحة 320
وميكائيل وإسرافيل ليلة القليب لما جئت بالماء إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ".

قالوا: لا(1).

الثالث: ابن بابويه في أماليه قال: حدثنا علي بن محمد بن موسى (رضي الله عنه) قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب قال: حدثنا عبد الرحيم بن علي بن سعيد الجبلي قال: حدثنا الحسن بن نصر الخزاز قال: حدثنا عمر بن طلحة عن إسباط بن نصر عن سماك بن حرب عن سعيد بن جبير قال: أتيت عبد الله بن عباس فقلت: يا بن عم رسول الله، إني جئتك أسألك عن علي بن أبي طالب واختلاف الناس فيه فقال ابن عباس: يا بن جبير جئتني تسألني عن خير خلق الله من الأمة بعد محمد نبي الله، جئتني تسألني عن رجل كانت له ثلاثة آلاف منقبة في ليلة واحدة، وهي ليلة القربة. يا بن جبير، جئتني تسألني عن وصي رسول الله (صلى الله عليه وآله) ووزيره وخليفته وصاحب حوضه ولوائه وشفاعته، والذي نفس ابن عباس بيده لو كانت بحار الدنيا مدادا وأشجارها أقلاما وأهلها كتابا فكتبوا مناقب علي بن أبي طالب وفضائله من يوم خلق الله عز وجل الدنيا إلى أن يفنيها ما بلغوا معشار ما آتاه الله تبارك وتعالى(2).

الرابع: المفيد في كتاب الإختصاص في حديث طويل يذكر فيه فضائل علي (عليه السلام) وما خص به، وفي الحديث هكذا: ثم القرآن وما يوجد فيه من مغازي النبي (صلى الله عليه وآله) مما نزل في القرآن وفضائله، وما تحدث الناس مما قال به رسول الله (صلى الله عليه وآله) من مناقبه التي لا تحصى، ثم أجمعوا أنه لم يرد على رسول الله (صلى الله عليه وآله) كلمة قط، ولم يكع عن موضع بعثه، وكان يخدمه في أسفاره ويملأ رواياه وقربه، ويضرب خباه، ويقوم على رأسه بالسيف حتى يأمره بالقعود والانصراف، وقد بعث غير واحد في استعذاب ماء من الجحفة وغلظ عليه الماء فانصرفوا ولم يأتوا بشئ، ثم توجه هو بالروايا فأتاه بماء مثل الزلال واستقبله أرواح فأعلم بذلك النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: " ذلك جبرائيل في ألف وميكائيل في ألف وإسرافيل في ألف " فقال السيد الشاعر:


ذاك الذي سلم في ليلةعليه ميكال وجبريل
ميكال في ألف وجبريل فيألف ويتلوهم سرافيل

عني الذي سلم في ليلة عليه جبرائيل (عليه السلام) في ألف وميكائيل (عليه السلام) في ألف ويتلوهم إسرافيل (عليه السلام).

جئتني تسألني عن رجل كانت له ثلاثة آلاف منقبة في ليلة واحدة وهي ليلة القربة يا بن جبير(3).

____________

(1) أمالي الطوسي: 545 / مجلس 20 / ح 4.

(2) أمالي الصدوق: 652 / مجلس 82 / ح 15.

(3) الإختصاص: 159.


الصفحة 321

الباب الثالث والعشرون والمائة

في المنادي يوم بدر: " لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي "

من طريق العامة، وفيه ثلاثة أحاديث


الأول: الفقيه ابن المغازلي الشافعي قال: حدثنا أبو موسى عيس بن خلف بن الربيع الأندلسي قدم علينا واسطا سنة أربع وثلاثين وأربعمائة قال: حدثنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران المعدل قال: قرأ على أبي إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الصفار النحوي قال: حدثني الحسن بن عرفة قال: حدثني عمار بن محمد بن الأشعث بن محمد عن سعد بن طريف عن أبي جعفر محمد بن علي قال: " نادى ملك من السماء يوم بدر يقال له رضوان: لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي "(1).

الثاني: ابن المغازلي هذا قال: أخبرنا أبو القاسم الفضل بن محمد بن عبد الله الأصفهاني، قدم علينا واسطا في شهر رمضان من سنة أربع وثلاثين وأربعمائة إملاء في جامع واسط قال: أخبرنا محمد بن علي قال: أخبرنا محمد بن عبد الله قال: حدثنا الهيثم بن خلف قال: حدثنا علي بن المنذر قال: حدثنا ابن فضل قال: حدثنا عمر بن ثابت عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع قال:

نادى يوم أحد: " لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي "(2).

الثالث: السمعاني في كتاب (فضائل الصحابة) بالإسناد، قال عن طريف الحنظلي، عن أبي جعفر محمد بن علي، قال: " نادى ملك من السماء يقال له: رضوان، لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي ".

____________

(1) مناقب ابن المغازلي / 140 / ح 235.

(2) مناقب ابن المغازلي / 140 / ح 234.


الصفحة 322

الباب الرابع والعشرون والمائة

في المنادي يوم بدر: " لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي "

من طريق الخاصة وفيه حديثان


الأول: ابن بابويه في أماليه قال: حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس (رحمه الله) قال: حدثني أبي عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ويعقوب بن يزيد ومحمد بن أبي الصهبان عن محمد بن أبي عمير عن آبان بن عثمان، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) عن أبيه، عن جده قال: " إن أعرابيا أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فخرج إليه برداء ممشق فقال: يا محمد لقد خرجت إلي كأنك فتى، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): نعم يا أعرابي أنا الفتى بن الفتى وأخو الفتى، فقال الأعرابي: أما الفتى فنعم، فكيف ابن الفتى وأخو الفتى؟

فقال (صلى الله عليه وآله): أما سمعت الله عز وجل يقول: *(قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم)*(1) فأنا ابن إبراهيم، وأما أخو الفتى فإن مناديا ينادي يوم أحد: لا فتى إلا علي ولا سيف إلا ذو الفقار، فعلي أخي وأنا أخوه "(2).

الثاني: ابن الفارسي في روضة الواعظين قال: قال جعفر بن محمد (عليه السلام): " نادى ملك من السماء يوم بدر يقال له: الرضوان، لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي "(3).

____________

(1) الأنبياء: 60.

(2) أمالي الصدوق: 267 / مجلس 36 / ح 13.

(3) روضة الواعظين: 128.


الصفحة 323

الباب الخامس والعشرون والمائة

في معرفة الملائكة لأمير المؤمنين (عليه السلام) في السماوات

من طريق العامة وفيه خمسة أحاديث


الأول: ابن شهرآشوب من طريق العامة عن الأعمش عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى: *(ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون)*(1) قال: " كان جبرائيل (عليه السلام) جالسا عند النبي (صلى الله عليه وآله) على يمينه إذ أقبل علي بن أبي طالب، فضحك جبرائيل فقال: يا محمد هذا علي بن أبي طالب قد أقبل فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا جبرائيل، وأهل السماوات يعرفونه؟

قال: يا محمد والذي بعثك بالحق نبيا إن أهل السماوات لأشد معرفة له من أهل الأرض، ما كبر تكبيرة في غزوة إلا كبرنا معه، ولا حمل حملة إلا حملنا معه، ولا ضرب بسيف إلا ضربنا معه، إن اشتقت إلى وجه عيسى وعبادته وزهد يحيى وطاعته وملك سليمان وسخاوته فانظر إلى وجه علي ابن أبي طالب، وأنزل الله: *(ولما ضرب ابن مريم مثلا)* يعني شبها لعلي بن أبي طالب، وعلي بن أبي طالب شبها لعيسى ابن مريم *(إذا قومك منه يصدون)*(2) يعني يضجون ويعجبون "(3).

الثاني: من مسند أحمد بن حنبل روى عبد الله بن أحمد بن حنبل عن عبد الله بن الحسن الحراني، حدثنا سويد بن سعيد عن حسن عن ابن عباس قال: ذكر عنده علي بن أبي طالب فقال:

إنكم لتذكرون رجلا كان يسمع وطء جبرائيل فوق بيته(4).

الثالث: يحيى بن عبد الحميد بإسناده عن ابن عباس أنه سئل عن علي بن أبي طالب فقال: ما تسألون عن رجل طالما يسمع وقع جبرائيل فوق بيته؟

وروى نحوا منه أحمد في الفضايل وقد خدمه جبرائيل (عليه السلام) في عدة مواضع.

الرابع: كتاب الفتح المبين في كشف اليقين في شرح دوحة المعارف تصنيف أبي عبد الله محمد ابن علي بن الحكيم الترمذي من رجال العامة نقله عن صاحب بحر المعارف قال (صلى الله عليه وآله): " أول

____________

(1) الزخرف: 57.

(2) الزخرف: 57.

(3) مناقب آل أبي طالب: 2 / 74.

(4) فضائل الصحابة لابن حنبل: 2 / / 653 / ح 1112.


الصفحة 324
من اتخذ علي بن أبي طالب أخا من أهل السماء إسرافيل ثم ميكائيل ثم جبرائيل، وأول من أحبه منهم حملة العرش، ثم رضوان خازن الجنة ثم ملك الموت، يترحم على محبي علي بن أبي طالب، كما يترحم على الأنبياء "(1).

الخامس: الترمذي في كتابه هذا قال: في التفسير المنسوب إلى الإمام الحسن العسكري (رضي الله عنه) وعن آبائه الكرام وأجداده العظام: " بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) جيشا ذات يوم لغزاة، وأمر عليا (رضي الله عنه) عليهم، وما بعث جيشا فيهم علي إلا جعله أميرهم، فلما غنموا رغب علي (عليه السلام) أن يشتري من جملة الغنيمة جارية، فجعل ثمنها في جملة الغنائم، وكايده فيها حاطب بن أبي بلتعة وبريدة الأسلمي وزايداه، فلما نظر إليهما يكايدانه نظر إليهما إلى أن بلغت قيمتها قيمة عدل في يومها فأخذها بذلك، فلما رجعوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقف بريدة قدام رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال: يا رسول الله ألم تر أن ابن أبي طالب أخذ جارية من المغنم دون المسلمين، فأعرض عنه رسول الله (صلى الله عليه وآله) فجاء عن يمينه فقالها، فأعرض عنه رسول الله (صلى الله عليه وآله) فجاء عن يساره فقالها فغضب رسول الله (صلى الله عليه وآله) غضبا شديدا لم ير قبله ولا بعده غضب مثله، وتغير لونه وانتفخت أوداجه وارتعدت أعضاؤه وقال: " مالك يا بريدة آذيت رسول الله أما سمعت الله عز وجل: *(إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا)*(2) " الآية قال بريدة: يا رسول الله ما علمت إني قصدتك بأذى، قال رسول الله: " أوتظن يا بريدة أنه لا يؤذيني إلا من قصد ذات نفسي؟ أما علمت أن عليا مني وأنا منه، وإن من آذى عليا فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله فحق على الله أن يؤذيه بأليم عذابه في نار جهنم، أنت أعلم أم الله عز وجل؟

أنت أعلم أم قراء اللوح المحفوظ؟

أنت أعلم أم ملك الأرحام "؟

قال بريدة: بل الله أعلم، [ قال: أنت أعلم أم ] قراء اللوح المحفوظ أعلم؟ [ أنت أعلم أم ] ملك الأرحام أعلم؟!.

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " فأنت أعلم يا بريدة أم حفظة علي بن أبي طالب "؟

قال: بل حفظة علي بن أبي طالب.

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " فكيف تخطئه وتلومه وتوبخه وتشنع عليه في فعله وهذا جبرائيل أخبرني عن حفظة علي أنهم ما كتبوا عليه خطيئة منذ ولد، وهذا ملك الأرحام حدثني أنهم كتبوا قبل أن

____________

(1) أنظر: المناقب للموافق الخوارزمي: 72 ح 49.

(2) الأحزاب: 57.


الصفحة 325
يولد حين استحكم في بطن أمه أنه لا يكون له خطيئة أبدا، وهؤلاء قراء اللوح المحفوظ أخبروني ليلة أسري بي أنهم وجدوا في اللوح المحفوظ: علي المعصوم من كل خطأ وزلة، فكيف تخطئه أنت يا بريدة وقد صوبه رب العالمين والملائكة من المقربين، يا بريدة لا تعرض لعلي بخلاف الحسن الجميل فإنه أمير المؤمنين وسيد الوصيين وقائد الغر المحجلين " إلى أن قال: " هيهات إن قدر علي (عليه السلام) عند الله أعظم من قدره عندكم "(1).

____________

(1) تفسير الإمام العسكري (عليه السلام): 136 / ح 70.


الصفحة 326

الباب السادس والعشرون والمائة

في معرفة الملائكة أمير المؤمنين (عليه السلام) في السماوات

من طريق الخاصة وفيه حديث واحد


محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " قال: ما تروي هذه الناصبة "؟

فقلت: جعلت فداك في ماذا؟

فقال: " أذانهم وركوعهم وسجودهم ".

فقلت: إنهم يقولون إن أبي بن كعب رآه في النوم.

فقال: " كذبوا، إن دين الله - عز وجل - أعز من أن يرى في النوم ".

فقال له سدير الصيرفي: جعلت فداك فأحدث لنا منه ذكرا.

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): " إن الله عز وجل لما عرج بنبيه (صلى الله عليه وآله) إلى سماواته السبع، أما أولهن فبارك عليه، وأما الثانية علمه فرضه، والثالث فأنزل الله محملا من نور فيه أربعون نوعا من أنواع النور كانت محدقة بعرش الله تغشى أبصار الناظرين.

أما واحد منها فأصفر فمن أجل ذلك اصفرت الصفرة، وواحد منها أحمر فمن أجل ذلك احمرت الحمرة، وواحد منها أبيض فمن أجل ذلك ابيض البياض والباقي على سائر عدد خلق الله من النور والألوان، في ذلك المحمل حلق وسلاسل من فضة فجلس فيه.

ثم عرج به إلى السماء الدنيا فنفرت الملائكة إلى أطراف السماء وخرت سجدا وقالت:

سبوح قدوس، ربنا رب الملائكة والروح، ما أشبه هذا النور بنور ربنا.

فقال جبرائيل: الله أكبر، الله أكبر، فسكتت الملائكة، وفتحت أبواب السماء واجتمعت الملائكة فسلمت على النبي (صلى الله عليه وآله) أفواجا.

وقالت: يا محمد كيف أخوك(1)؟ إذا نزلت فأقرئه السلام.

فقال النبي (صلى الله عليه وآله): أفتعرفونه(2)؟

____________

(1) في نسخة: " قال: بخير، قالت: فإذا أدركته ".

(2) في نسخة " أفتعرفوه ".


الصفحة 327
فقالوا: وكيف لا(1) نعرفه وقد أخذ الله عز وجل ميثاقك وميثاقه منا وميثاق شيعته إلى يوم القيامة علينا، وإنا لنتصفح وجوه شيعته في كل يوم وليلة خمسا، - يعنون في وقت كل صلاة -.

وإنا لنصلي عليك وعليه.

ثم زادني ربي أربعين نوعا من أنواع النور(2) لا يشبه النور الأول وزادني حلقا وسلاسل، ثم عرج بي إلى السماء الثانية فلما قربت من باب السماء الثانية نفرت الملائكة إلى أطراف السماء وخرت سجدا وقالت: سبوح قدوس رب الملائكة والروح، ما أشبه هذا النور بنور ربنا! فقال جبرئيل (عليه السلام): أشهد أن لا إله إلا الله، فاجتمعت الملائكة وفتحت أبواب السماء وقالت: يا جبرئيل من هذا معك؟

فقال: هذا محمد (صلى الله عليه وآله).

قالوا: وقد بعث؟

قال: نعم.

قال النبي (صلى الله عليه وآله): فخرجوا إلي شبه المعانيق فسلموا علي.

وقالوا: اقرأ أخاك السلام.

قلت: أتعرفونه؟

قالوا: وكيف لا نعرفه وقد أخذ ميثاقك وميثاقه(3) وميثاق شيعته إلى يوم القيامة علينا وإنا لنتصفح وجوه شيعته في كل يوم وليلة خمسا - يعنون في وقت الصلاة -.

قال: ثم زادني ربي أربعين نوعا من أنواع النور لا تشبه الأنوار الأولى.

ثم عرج بي إلى السماء الثالثة، فتفرقت الملائكة وخرت سجدا، وقالت: سبوح، قدوس، رب الملائكة والروح، ما هذا النور الذي يشبه نور ربنا؟

فقال جبرئيل (عليه السلام): أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله، فاجتمعت الملائكة، وقالت: مرحبا بالأول، ومرحبا بالآخر، ومرحبا بالحاشر، ومرحبا بالناشر، محمد خير النبيين، وعلي خير الوصيين.

ثم سلموا علي وسألوني عن أخي، قلت: هو في الأرض خليفتي(4) أفتعرفونه؟

قالوا: وكيف لا نعرفه وقد نحج البيت المعمور في كل سنة وعليه رق أبيض فيه اسم

____________

(1) وفي نسخة " لم ".

(2) في نسخة: " من ذلك النور ".

(3) يمكن أن داره سؤالهم لزيادة الاطمئنان.

(4) خليفتي ليست في المصدر.