كتاب اختصار الغريبين، للهروي.
وكتاب اختصار مغرب اللغة، للمطرزي.
واختصار كتاب غريب القرآن، لمحمد بن عزيز السجستاني.
وكتاب اختصار جوامع الجامع، للشيخ الطبرسي.
واختصار كتاب تفسير علي بن إبراهيم.
واختصار زبدة البيان مختصر مجمع البيان للطبرسي، للشيخ زين الدين البياضي.
واختصار علل الشرائع، للصدوق.
واختصار القواعد الشهيدية.
واختصار كتاب المجازات النبوية، للسيد الرضي.
واختصار كتاب الحدود والحقائق في تفسير الألفاظ المتداولة في الشرع وتعريفها ...
ثم من مؤلفاته أيضا: كتاب مختصر نزهة الألباء في طبقات الأدباء تأليف كمال الدين عبد الرحمن بن محمد بن سعيد الأنباري.
وله أيضا: اختصار كتاب لسان الحاضر والنديم، انتهى.
وله أيضا شعر كثير وقصائد طوال وأراجيز جيدة وخطب مسجعة.
فله القصيدة البديعية الميمية المشتملة على أنواع المحسنات الشعرية المذكورة في علم البديع اللفظية منها والمعنوية، وقد شرحها شرحا يظهر منه كماله في الأدب، وختمها بخطبة غراء في مدح سيد البرية.
وله قصيدة في مدح أمير المؤمنين عليه السلام تبلغ 190 بيتا أنشدها عند قبره الشريف لما زاره يذكر فيها يوم الغدير.
وله أرجوزة في 130 بيتا في الأيام المستحب صومها.
وله أرجوزة ألفية في مقتل الحسين عليه السلام وأصحابه بأسمائهم وأشعارهم، قال في كتاب فرج الكرب وفرح القلب: لم يصنف مثلها في معناها، مأخوذة من كتب
حول الكتاب
اسم الكتاب:
محاسبة النفس اللوامة وتنبيه الروح النوامة، ولم يذكر.
المصنف صريحا في مقدمة الكتاب، بل أشار إليه بقوله: .... فحق على كل ذي علم، وحتم على كل ذي حزم محاسبة النفس اللوامة وتنبيه الروح النوامة.
وطريقة هذا الكتاب من أحسن طرق محاسبة النفس، أخذها المصنف من الحديث المروي عن أمير المؤمنين عليه السلام كما ذكرناه سابقا.
والمصنف جمع في كتابه هذا آيات التحذير والترغيب وغيرها ونسجها نسجا لطيفا يؤثر في قلب القارئ، واقتبس من بعض الآيات عبارات زادت الكتاب كمالا، وأورد الأحاديث الواردة عن النبي وآله عليهم السلام من التحذير والترغيب والمواعظ والأوامر والنواهي، وجعلها على نسق جميل من دون الإشارة إلى ذكر الحديث إلا قليلا، وضمن كتابه الحكم والأمثال، واللطائف والآثار، و العبارات الأدبية والأشعار اللطيفة التي تناسب المقام.
فخرج كتابه جامعا يستلذ من قراءته كل واحد، ولا يمل من دوام مطالعته، كالعطر كلما كررته يتضوع.
ثم إن شيخنا الكفعمي رضوان الله عليه ألف هذا الكتاب مستقلا - وتاريخ تأليفه للكتاب غير معلوم - وبعد ذلك اختصره وأدرجه في آخر كتابه البلد الأمين والدرع الحصين الذي ألفه عام 868 هـ، وطبع المختصر مع كشف الريبة للشهيد الثاني ومحاسبة النفس لابن طاووس سنة 1390 هـ.
قال العلامة الطهراني: محاسبة النفس اللوامة وتنبيه الروح النوامة للشيخ تقي الدين إبراهيم بن علي بن الحسن بن محمد بن صالح الكفعمي صاحب الجنة
عملنا في الكتاب:
اعتمدت في تحقيق هذا الكتاب على أربع نسخ للمكتبة الرضوية - على صاحبها آلاف التحية والسلام - وهي:
(1) نسخة كاملة تاريخ كتابتها عام 989 جاء في آخرها: علي يد الفقير الحقير حافظ محمد علي أصفهاني سنة 989، وهي نسخة كثيرة الأغلاط وقد أورد الكاتب بعض تعاليق المصنف على الكتاب داخل المتن، فأدرجناها في الهامش، وجعلنا حرف (أ) رمزا لها.
(2) نسخة كاملة أيضا إلا ورقتين سقطت من وسط الكتاب والمناجاة من آخره، وهي بدون تاريخ، سيئة الخط، وجعلنا حرف (ب) رمزا لها.
(3) نسخة مختصرة ملحقة بالبلد الأمين، تاريخ كتابتها عام 1082، وهي نسخة جيدة الخط قليلة الأخطاء، وجعلنا حرف (ج) رمزا لها.
(4) نسخة مختصرة أيضا ملحقة بالبلد الأمين، جيدة الخط أيضا قليلة الأخطاء، وهي بدون تاريخ، وجعلنا حرف (د) رمزا لها.
فضبطت الكتاب على هذه النسخ الأربع مع الإشارة إلى الاختلافات التي لها وجه في الهامش، وتخريج الآيات القرآنية، وشرح الكلمات التي يعسر على العرف العام فهمها من كتب اللغة، وشكل بعض الكلمات التي تحتاج إلى إعراب، ولم أخرج الأحاديث لما أشرت إليه قبل قليل من أن أكثر عبارات الكتاب هي نصوص الأحاديث نسجها المصنف في كتابه من دون الإشارة إلى ذكر الحديث، وما أشار إليه قليل جدا، علما بأن بعض الكلمات لم نستطع قراءتها فتركنا في محلها بياضا، وبعض
وفي الختام أتقدم بجزيل الشكر والثناء إلى كل من ساعدني في تحقيق هذا الكتاب ونشره، وأخص بالذكر الأستاذ المحقق الشيخ أسد مولوي، لمراجعته الكتاب من أوله إلى آخره، وإبداء ملاحظاته القيمة حوله.
سائلا المولى الجليل أن يوفق كل العاملين لخدمة مذهب أهل البيت عليهم السلام.
مؤسسة قائم آل محمد (عج)
حرم أهل البيت - قم
15 شعبان المعظم - 1408 هـ
ذكرى مولد قائم آل محمد المهدي
فارس تبريزيان
محاسبة النفس
الحمد لله السريع حسابه، الأليم عقابه.
وأشهد أن لا إله إلا الله، شهادة تؤمن صاحبها من عظائم الجرائم وجرائم العظائم، ولا يخاف في الله لومة لائم (1).
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، الذي جعله الله على كافة أمته شهيدا (يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا) (2).
وبعد: فإنه قد أجمعت (3) الأنبياء والمرسلون، والأئمة الراشدون، أنه تعالى لجميع العباد بالمرصاد (4)، وأنهم سيناقشون يوم المعاد، وبطالبون بمثاقيل
____________
(1) اقتباس من قوله تعالى (يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم) المائدة 5: 54.
(2) آل عمران 3: 30.
(3) في أ، ب: اجتمعت، وفي د: جمعت، وما أثبتناه من ج، وهو الأنسب.
(4) إشارة إلى قوله تعالى: (إن ربك لبالمرصاد) الفجر 89: 14.
فمن حاسب نفسه قبل أن يحاسب خف في القيامة (3) حسابه، وحضر عند السؤال جوابه، وعظم يوم القيامة ثوابه (4)، وحسن منقلبه وما به (5).
ومن لم يحاسب نفسه، وأضاع يومه وأمسه، وتلفع (6) بملاءة الهوى، وتعرى من لباس التقوى، وجب أن يطول في عرصات القيامة مقامه، وتدوم في مواقف يوم الطامة آلامه.
فحق على كل ذي علم، وحتم على كل ذي حزم:
محاسبة النفس اللوامة وتنبيه الروح النوامة
فإن النفس بالطبع متمردة عن الطاعات، مستعصية عن العبادات، فكن لها من الواعظين (وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين) (7).
ففي الخبر: لا يكون الرجل من المتقين حتى يحاسب نفسه، فيعلم طعامه وشرابه ولبسه.
وعنه عليه السلام: قيدوا أنفسكم بمحاسبتها، واملكوها بمخالفتها، تأمنوا من الله الرهب، وتدركوا عنده الرغب، فإن الحازم من قيد نفسه
____________
(1) الزلزلة 99: 7 و 8.
(2) في ب: إلا بمحاسبة.
(3) في ب: يوم القيامة.
(4) جملة: وعظم يوم القيامة ثوابه، لم ترد في أ، ب.
(5) أي: مرجعه. اللسان 1: 218 أوب.
(6) أي: التحف، والالتفاع والتلفع: الالتحاف بالثوب، وهو أن يشتمل به حتى يجلل جسده. اللسان 8: 320 لفع.
(7) الذاريات 55: 51.
وعنه عليه السلام: الكيس من دان نفسه، أي: حاسبها، وعمل لما بعد الموت وطالبها.
فحاسب نفسك قبل أن تحاسب، وطالبها قبل أن تطالب، وقل لها (3):
يا نفس:
احزمي (4) أمرك، فما لك بضاعة إلا عمرك، فلا تفنيه في مآربك (5)، ولذاتك ومطالبك، لأنه إذا فني رأس المال حصلت الخسارة، ووقع اليأس عن التجارة.
شعر:
إذ كنت أعلم علما يقينا | بأن جميع حياتي كساعة |
فلم لا أكون ضنينا (6) بها | واجعلها في صلاح وطاعة |
____________
(1) في أ: من انقاد.
(2) في ب: حقوقها.
(3) في ب: يا نفس: فحاسبي نفسك قبل أن تحاسبي، وطالبيها قبل أن تطالبي، وقولي لها: ...
(4) من الحزم، وهو: ضبط الرجل أمره والحذر من فواته. مجمع البحرين 6: 39 حزم.
وفي أ: احرضي، وفي ج، د: اجزمي، وما أثبتناه من ب، وهو الأنسب.
(5) أي: حاجاتك. اللسان 1: 208 أرب.
(6) أي: شحيحا. مجمع البحرين 6: 275 ضنن.
يا نفس:
وهذا يوم جديد، وهو عليك شهيد، فاعملي فيه لله بطاعته، وإياك إياك من إضاعته، فإن كل نفس من الأنفاس، وحاسة من الحواس، جوهرة عظيمة، ليس لها من قيمة.
شعر:
أولى الذخائر في الحماية | والرعاية والحراسة |
عمر الفتى فهو النهاية | في الجلالة والنفاسة |
وحذار من تضييعه | إن كنت من أهل الكياسة |
يا نفس:
إن اليوم والليلة أربع وعشرون ساعة، فاشتغلي فيها بالطاعة، فقد ورد في الخبر، عن سيد البشر:
أنه ينشر (1) للعبد كل يوم أربع وعشرون خزانة، بعضها فارغة وبعضها ملآنة:
فإذا فتحت له خزانة الحسنات، والمراضي والمثوبات، ناله من الفرح والسرور، والبهجة والحبور، بمشاهدة تلك الأنوار، التي هي وسيلة عند الملك الجبار، ما لو وزع على أهل النار، لأدهشهم ذلك الفرح عن ألم السعار (2).
____________
(1) في ب: ينثر.
(2) في أ: السعار بالضم: حر النار وشدة الجوع أيضا، وسعرناهم بالنبل: أحرقناهم، قاله الجوهري.
الصحاح 2: 684 سعر.
وإن فتحت الفارغة من الأعمال، الموصوفة بالتكاسل والاهمال، لحقه (2) الحزن العظيم، على خلوها من الثواب الدائم المقيم.
يا نفس:
فاملئي تلك الساعات من الحسنات، واشحنيها بما شق من العبادات والقربات، ولا تميلي إلى الكسل والاستراحة، فما ملأ الراحة من استوطأ الراحة (3).
وهب كنت مسيئة قد عفي عن جريرتك، وستر (4) على سريرتك، أليس قد فاتك ثواب المحسنين، ودرجات الأبرار في عليين؟!
يا نفس:
إن كنت في معصية الله ممن يعلم اطلاعه، فلقد اجترأت على أمر عظيم الشناعة، لجعلك إياه أهون الناظرين، وأخف المطلعين، وإن كنت تظنين أنه
____________
(1) في أ: لبغض، وفي ب: لنقص، والمثبت من ج، د، وهو الأنسب.
(2) في ج: لحفه.
(3) قيل: الراحة الأولى بمعنى الكف والجمع الراح، والثانية من الاستراحة.
وفي ب: ما ملأ الراحة من استواطأ الزاحة.
(4) في أ: وسر.
يا نفس:
أترين لو أن أحدا من جلسائك، أو عبيدك وإمائك، واجهك بما تمقتينه، أو عاملك بما تكرهينه، لقلمت منه الأظفار، وأحللت به دار البوار فبأي جسارة تتعرضين لمقت الله وعذابه، وشدة نكاله وعقابه؟ وقربي إصبعك من الحميم، إن ألفاك البطر عن النظر في عقابه الأليم.
يا نفس:
ويحك بل ويلك من العذاب، كأنك لا تؤمنين بيوم الحساب، أتظنين أنك إذا مت انفلت، وإذا حشرت رددت؟! هيهات هيهات، كل ما توعدين لآت (1).
شعر:
ولو أنا إذا متنا تركنا | لكان الموت راحة كل حي |
ولكنا إذا متنا بعثنا | ونسأل بعده عن كل شئ |
يا نفس:
إنك تقدمين على ما قدمت، وتجازين على ما أسلفت، فلا تخد عنك دنيا دنية، عن مراتب جنات علية، فإن لكل حسنة ثوابا، ولكل سيئة عقابا، وإنه
____________
(1) اقتباس من قوله تعالى: (إن ما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين) الأنعام 6: 134.
شعر:
أترجى نجاة من حياة سقيمة | وسهم المنايا للخليقة راشق |
فمن حسنت أفعاله فهو فائز | ومن قبحت أفعاله (1) فهو زاهق |
لقد شقيت نفس تخالف ربها | وتعرض عن إرشادها وتشاقق |
يا نفس:
ما هذه الحيرة والسبيل واضح، وما هذه الغفلة والمشير ناصح، إلى كم تجمعين ولا تقنعين، ولوارثك تودعين؟!
شعر:
وأنت كمن يبني (2) بناء وغيره | يعالجه في هدمه ويسابق |
وينسج آمالا طوالا بعيدة | ويعلم أن الدهر للنسج خارق |
يا نفس:
أتفرحين بنعيم زائل، وسرور راحل؟! غفلت وأغفلت، وعلمت فأهملت، إلى كم مواظبتك على الذنوب، وأنت بعين علام الغيوب؟ فجمعك في هذه
____________
(1) في ب: أعماله.
(2) في أ: أبنى.
شعر:
أترجى نجاة بعد سبعين حجة | ولا بد من يوم تعقك العوائق (2) |
ومن طرقته الغاديات بويلها | فلا بد ما يأتيه فيها (3) الصواعق |
وليس أبناء السبعين، بأحق بالحذر من أبناء العشرين، لأن طالبها وهو الموت واحد، وليس عن (4) الطلب براقد، واعملي لما أمامك من الهول، ودعي عنك زخرف القول.
يا نفس:
أما رأيك فعازب، وأما رشدك فغائب، داؤك لا يرجى له دواء، وأملك ليس له انتهاء، قد فتنت بعملك، وخضت في بحار زللك، فقدمي التوبة، قبل أن تبلغك النوبة، واعملي للخلاص، قبل الأخذ بالنواص.
شعر:
إذا نصب الميزان للفصل والقضا | وأبلس (5) محجاج وأخرس ناطق |
____________
(1) في ب: وسعيك.
(2) قال الجوهري في الصحاح 4: 1534 عوق: عاقه عن كذا عوقا واعتاقه أي: حبسه وصرفه عنه، وعوائق الدهر: الشواغل من أحداثه.
(3) في ب: فلا بد ما بلته فيه.
(4) في ب: وليس عند.
(5) أبلس: سكت. اللسان 6: 29 بلس.
وأججت النيران واشتد غيظها | وقد فتحت (1) أبوابها والمغالق |
وقطعت الأسباب من كل ظالم | وقامت به أسراره والعلائق |
يا نفس:
لا جرم أنه تعالى (2) تكفل في الدنيا بإصلاح أحوالك، فعلام كذبتيه بأفعالك؟ وأصبحت تتكالبين (3) على طلب (4) الدنيا تكالب المدهوش المستهتر، وأعرضت عن الآخرة إعراض المغرور المستحقر (5)، ما هذا من علامات من يتبع السنة، أو يبتغي الجنة.
شعر (6):
فحبك هذا من أدل دلالة | على أنك في غمرة الجهل تسبحي |
تروحي وتغدي في غرور وغفلة | وأنت بغير الحق في الأرض تمرحي |
فعاصي هواك واتق الله وحده | عساكي في يوم القيامة تفلحي |
____________
(1) في ب: وفتحت.
(2) في ب: أن الله تعالى.
(3) قال الجوهري في الصحاح 1: 215 كلب: والمكالبة: المشارة وكذلك التكالب، تقول منه: هم يتكالبون على كذا أي: يتواثبون عليه.
وفي ج، د: تكالبين.
(4) في ب: في طلب.
(5) في ب: المستهتر.
(6) في أ: الكفعمي شعر.
يا نفس:
أتحسبين أن تتركي سدى، ألم تكوني نطفة من مني يمنى، ثم كنت علقة فخلق فسوى، أليس ذلك بقادر [ على ] أن يحيي الموتى (1)؟!.
فما لك لا تعرفين قدرك، ولا تأخذين حذرك؟ فإن كنت قد أمنت في الحشر بسؤالك، وعرفت جميع ذلك هنالك، فما بالك تسوفين بالعمل (2)، وقد دنى الأجل، ولعله يختطفك من غير مهل؟!
شعر:
وكانا الموت ركب مخبون (3) | سراع لمنهل مورود |
يا نفس:
لو عزمت (4) على سفر، لقضاء الوطر، ترتجين فيه نيل الظفر، والأمن من الضرر، فلقيت (5) في طريقك شخصا، أخبرك أنه رأى أمامك لصا، يأخذ الأقفال، ويستبيح النفس والمال، لرجعت عن ذلك الطريق المخوف (6)، حذرا
____________
(1) إشارة إلى قوله تعالى: (أيحسب الانسان أن يترك سدى * ألم يك نطفة من منى يمنى * ثم كان علقة فخلق فسوى * فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى * أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى) القيامة 75: 36 - 40.
(2) في أ: العمل.
(3) في ب: مخنون، وفي ج، د: مجنون، وما أثبتناه من أ، هو الأنسب.
(4) في ب: لو عرضت.
(5) في أ: فلقيك.
(6) في أ: يقال طريق مخوف، لأنه لا يخيف بل يخيف فيه قاطع الطريق، قاله الجوهري.
الصحاح 4: 1359 خوف.
أفكان قول التوراة والإنجيل، والزبور والتنزيل، بإخبارهم بأخاويف القيامة، وأهاويل يوم الطامة، أقل من مخبرك صدقا، وأنذر منه حقا؟! ولعل المخبر غير صادق، بل أكذب من بارق!! (2).
يا نفس:
لو أن طبيبا يهوديا، أو حكيما نصرانيا، أخبرك في ألذ أطعمتك بدائه، وعدم دوائه، ثم أمرك بالاحتماء، عن بعض الغذاء، لصبرت عنه وتركته، وجاهدت نفسك فيه.
أفكان قول القرآن المبين، والأنبياء والمرسلين، أقل تأثيرا من قول يهودي يخبر عن تخمين، أو نصراني ينبئ عن غير يقين؟!.
والعجب لمن (3) يحتمي عن الطعام لأذيته، كيف لا يحتمي عن الذنب لأليم عقوبته؟!
شعر:
جسمك بالحمية وقيته | مخافة البارد والحار (4) |
____________
(1) العسوف: الظلوم. الصحاح 4: 1403 عسف.
(2) في أ: في أمثالهم: أكذب من بارق، وهو: السحاب الذي يكون فيه البرق ولا ماء فيه، قال: بلوته أكذب من يلمع أو بارق يلمع في خلب، ويلمع يحتمل أن يراد به السراب لأن اسمه يلمع، ويحتمل أن يراد به البرق الذي لا مطر معه لأن اسمه يلمع أيضا، وإنما قيل للسراب يلمع لأنه يسير إلى المطر ولا مطر معه.
(3) في ب: يا نفس والعجب.
(4) في ب: مخافة الضار.
قد كان أولى بك أن تحتمي | عن المعاصي حذر النار |
يا نفس:
ومن العجب أنه لو أخبرك طفل: بأن عقربا في جيبك لرميت بثوبك، أو حية في إزارك لرميت بأطمارك (1).
أفكان قول الأنبياء والأبدال، أقل عندك من قول الأطفال؟! أم صار حر نار جهنم وزقومها، أحقر عندك من العقرب وسمومها؟! ولا جرم فلو انكشف للبهائم علانيتك وسريرتك، لضحكوا من غفلة سيرتك.
يا نفس:
من لا يطعم الدابة إلا في الحضيض (2) لا يقدر على قطع العقبة؟! ومن لا يملك قيراطا من المال كيف يفك الرقبة؟! (3) وكيف بك إذا أمرت بالصعود، على عقبة كؤود (4)، وطرسك (5) موفور من السيئات، وظهرك موقور (6) من التبعات، وأنت مع ذلك عارية (7) عطشانة، حافية غرثانة؟! (8) فلا شك هنالك
____________
(1) قال الجوهري في الصحاح 2: 726 طمر: والطمر: الثوب الخلق، والجمع الأطهار.
(2) الحضيض: القرار من الأرض عند منقطع الجبل. الصحاح 3: 1071 حضض.
(3) في ج: لا يفك الرقبة.
(4) عقبة كؤود: شاقة المصعد صعبة المرتقى. اللسان 3: 374 كأد.
(5) الطرس: الصحيفة. الصحاح 3: 943 طرس.
(6) أي: محمول. الصحاح 2: 848 وقر.
وفي أ: موفور.
(7) في أ: عادية.
(8) من الغرث وهو الجوع. الصحاح 1: 288 غرث.
يا نفس:
ما المانع لك من المبادرة إلى صالح الأعمال، وما الباعث لك على التسويف والاهمال، وهل سببه إلا عجزك عن مخالفة شهوتك، وضعفك عن مؤالفة أئمتك؟ وهب أن الجهد في آخر العمر نافع، وأنه مرق إلى أسعد المطالع، فلعل اليوم آخر عمرك، ونهاية دهرك.
شعر:
ولا ترج فعل الصالحات إلى غد | لعل غدا يأتي وأنت فقيد |
يا نفس:
غالبي الشهوة قبل قوة طراوتها (2)، فإنها إن قويت لم تقدري على مقاومتها، ومثل ذلك: أن الشهوة كالشجرة النابتة، والصخرة الثابتة، التي تعبد العبد بقلعها أو أمر (3) بنزعها، فمن ترك قلعها وعجز عن نزعها، كان كمن
____________
(1) قال الجوهري في الصحاح 1: 388 طلح: وطلح البعير: أعيى، فهو طليح ... وناقة طليح أسفار: إذا جهدها السير وهزلها.
(2) قال الجوهري في الصحاح 6: 2412 طرا: شئ طري أي: غض بين الطراوة.
وفي أ: ضراوتها، وفي ب: ضر أوقاتها، وما أثبتناه من ج، د، وهو الأنسب.
(3) في أ: وأمر.
وبالجملة: ما لا يقدر عليه في الشباب لا يقدر عليه في المشيب، لكن من التعذيب تهذيب الذيب.
شعر:
أتروض عرسك بعد ما هرمت | ومن العناء رياضة الهرم |
يا نفس:
ما قولك في مريض غمره الأسقام، أشير عليه بترك الماء البارد ثلاثة أيام، ليصح ويتهنأ بشربه مدى الشهور والأعوام، فما مقتضى العقل في افتعال أمر الصبوة (3)، وقضاء حق الشهوة، أيصبر الثلاثة أيام (4) ليتنعم طول عمره؟
أم يقضي في الحال شهوة وطره؟! (5).
وليت شعري أألم الصبر عن الشهوات، وكظم الغيظ عن العقوبات، أعظم شدة، وأطول مدة، أم ألم النار، وغضب الجبار؟!.
____________
(1) الأمة: الحين. المحاح 5: 1864 أمم.
(2) اللمة بالكسر: الشعر يجاوز شحمة الأذن. الصحاح 5: 2032 لمم.
(3) الصبوة: جهلة الفتوة واللهو من الغزل. العين 7: 168 صبو.
(4) في ب: أيصبر في ثلاثة أيام.
(5) الوطر: كل حاجة كان لصاحبها فيها همة. اللسان 5: 285 وطر.
يا نفس:
من لا يطيق الصبر عن قضاء الوطر، كيف يصبر يوم العرض على حر سقر؟! (1).
يا نفس (2):
ولرب شهوة ساعة قد أورثت حزنا طويلا، فكم من أمنية جلبت منية.
شعر (3):
من نال من دنياه أمنية | أسقطت الأيام منها الألف (4) |
وإياك إياك أن ترضي غير الله وتعرضي عنه، فإنه مانعك من الغير ولا يمنعك الغير منه، والعجب منك كيف تذنبين والشاهد عليك الملك الجبار؟!
وتضحكين ولعل أكفانك قد خرجت من عند القصار؟! (5).
____________
(1) سقر: اسم علم لجهنم، قال تعالى: (سأصليه سقر * وما أدرك ما سقر * لا تبقي ولا تذر * لواحة للبشر * عليها تسعة عشر) المدثر 74: 26 - 30، المفردات: 235 سقر.
(2) في ب: شعر.
(3) في ب: يا نفس.
(4) فتصير الأمنية منية.
(5) القصار والمقصر: المحور للثياب، لأنه يدقها بالقصرة التي هي القطعة من الخشب. اللسان 5: 104 قصر.