وقال حماد بن زيد: قلت لأبي حنيفة: كم الصلاة؟ قال: خمس، قلت: فالوتر فرض؟ قال: لا أدري.
وقد خالف في ذلك المتواتر المعلوم من دين النبي صلى الله عليه وآله أن الصلاة خمس، جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وآله، فسأله عن الإسلام؟ فقال: خمس صلوات في اليوم والليلة، قال: هل علي غيرها؟ قال: لا، إلا أن تتطوع. ثم سأله عن الصدقة؟ فقال: الزكاة، قال: هل علي غيرها؟
قال: لا، إلا أن تتطوع. ثم سأله عن الصوم؟ فقال: شهر رمضان، فقال: هل علي غيرها؟ فقال: لا، إلا أن تتطوع. فأدبر الرجل، وهو يقول: والله، لا أزيد على هذا، ولا أنقص منه، فقال النبي صلى الله عليه وآله أفلح إن صدق (1).
37 - ذهبت الإمامية: إلى أن صلاة الضحى بدعة.
وقال جميع الفقهاء الأربعة: إنها مستحبة (2).
وقد خالفوا في ذلك سنة رسول الله صلى الله عليه وآله، روى الحميدي في الجمع بين الصحيحين، عن مروان العجلي، قال: قلت لابن عمر: تصلي الضحى؟ قال: لا، قلت: فأبو بكر؟ قال: لا، قلت: فالنبي صلى الله عليه وآله؟
قال: لا إخاله (3).
وروى الحميدي في مسند عائشة، قالت: إن النبي صلى الله عليه وآله ما صلى صلاة الضحى (4).
وفيه: عن عبد الله بن عمر، أنه قال في صلاة الضحى: بدعة
____________
(1) التاج الجامع للأصول ج 1 ص 133 وقال: رواه الخمسة إلا الترمذي.
(2) الفقه على المذاهب ج 1 ص 322
(3) ورواه البخاري في صحيحه ج 2 ص 70 وأحمد في مسنده ج 2 ص 23 و 45
(4) ورواه أحمد في مسنده ج 6 ص 30 وموطأ مالك ج 1 ص 167.
وروى أحمد بن حنبل في مسنده: أن أبا بشير الأنصاري، وأبا سعيد ابن نافع رأيا رجلا يصلي صلاة الضحى، فعابا ذلك عليه؟ ونهياه عنها (2).
38 - ذهبت الإمامية: إلى أنه لا يجوز أن يأتم قائم بقاعد.
وجوزه الشافعي، وأبو حنيفة (3).
وقال أحمد: إذا صلى الإمام قاعدا، صلوا خلفه قعودا، مع القدرة على القيام (4).
وخالفوا في ذلك المعقول والمنقول:
فأما المعقول: فلأن القاعد أنقص، ومخل بركن بالقعود.
وأما المنقول: فقول النبي صلى الله عليه وآله: " لا يؤمن أحد بعدي قاعدا بقيام " (5).
ومن العجيب: أن أحمد أسقط فرض القيام، وهو ركن واجب بالمتابعة في القعود، مع القدرة على القيام (6).
وكيف يترك فرض لأجل النفل.
39 - ذهبت الإمامية: إلى أنه لا يجوز إمامة الفاسق، ولا المخالف في الاعتقاد، ولا المبدع، سواء كفر ببدعته أو لا. وقال الشافعي: أكره إمامة الفاسق، والمظهر للبدع، وإن صلي خلفه جاز، وقسم أصحابه المختلفون في المذاهب إلى أقسام.
____________
(1) مسند أحمد ج 2 ص 129 و ج 5 ص 216 وقال الحافظ السيوطي في تنوير الحوالك ج 1 ص 167: وفي الصحيح عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: ما حدثنا أحد أنه رأى النبي صلى الله عليه وآله يصلي الضحى، إلا أم هاني.
(2) تقدم آنفا تحت رقم 1.
(3) كتاب الأم ج 1 ص 151 وبداية المجتهد ج 1 ص 119
(4) كتاب الأم ج 1 ص 151 وبداية المجتهد ج 1 ص 119
(5) رواه الدارقطني والبيهقي.
(6) ذكره الفضل في المقام.
وقسم يكفرون، وهم المعتزلة فلا يجوز الائتمام بهم (2).
وقسم يفسقون، ولا يكفرون، وهم الذين يسبون السلف، وحكم هؤلاء حكم من يفسق بالزنا، وشرب الخمر، واللواط، وغير ذلك، وهؤلاء يجوز الائتمام بهم على الكراهة، سواء أدمن عليها ولم يتب أو لا (3).
وبهذا قال الفقهاء الأربعة إلا مالكا (4).
وقد خالفوا القرآن، حيث قال الله تعالى: " ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار " (5)، وأي ركون أعظم من الائتمام في الصلاة التي هي عمود الدين، وقال الله تعالى: " إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا " (6)، أوجب التثبت عند إخباره، ومن جملته الطهارة التي هي شرط الصلاة.
40 - ذهبت الإمامية: إلى أن الطريق ليس حائلا بين الإمام والمأموم، وأن الجدار حائل يمنع من الائتمام، إلا للمرأة.
وقال أبو حنيفة: الطريق حائل يمنع من الائتمام، إلا مع اتصال الصفوف، وكذا الماء حائل، والجدار ليس بحائل، فيجوز أن يأتم الإنسان في داره بإمام في المسجد، وبينهما جدار المسجد، والدار (7).
وهذا من أغرب الأشياء وأعجبها، وتكذيب الحس!.
____________
(1) كتاب الأم ج 1 ص 145 و 147 و 148 والفقه على المذاهب ج 1 ص 414 واعترف به الفضل في المقام.
(2) كتاب الأم ج 1 ص 145 و 147 و 148 والفقه على المذاهب ج 1 ص 414 واعترف به الفضل في المقام.
(3) الأم ج 1 ص 147 و 149 والفقه على المذاهب ج 1 ص 429 والهدى ج 1 ص 37 وبداية المجتهد ج 1 ص 113 والفصل لابن حزم ج 4 ص 176
(4) الأم ج 1 ص 147 و 149 والفقه على المذاهب ج 1 ص 429 والهدى ج 1 ص 37 وبداية المجتهد ج 1 ص 113 والفصل لابن حزم ج 4 ص 176
(5) هود: 113
(6) الحجرات: 6
(7) ذكره الفضل في المقام، وعند ابن قدامة الحنبلي في المعنى، على ما رواه السيد في إحقاق الحق.
وقال أبو حنيفة، ومالك: لا يجوز (1).
وهو مخالف للمعقول، والمعهود من قواعد الشريعة، فإن القصر رخصة، والرخص لا تناط بالمعاصي.
42 - ذهبت الإمامية: إلى وجوب القصر في سفر الطاعة.
وقال الشافعي: هو بالخيار بين القصر والاتمام (2).
وقد خالف في ذلك قوله تعالى: " فمن كان منكم مريضا، أو على سفر، فعدة من أيام أخر " (3)، أوجب الأيام الأخر، فيحرم الصوم الأصل، وكل من أوجب القصر في الصوم أوجبه في الصلاة.
وقال عمران بن حصين: حججت مع النبي صلى الله عليه وآله، وكان يصلي ركعتين، حتى ذهب، وكذلك أبو بكر، وعمر حتى ذهبا (4).
وقال ابن عباس: فرض الله الصلاة على لسان نبيكم في السفر ركعتين (5).
وعن عائشة، قالت: فرضت الصلاة ركعتين ركعتين، فأقرت صلاة السفر، وزيد في صلاة الحضر (6).
وقال عمر: صلاة الصبح ركعتان، وصلاة الجمعة ركعتان، وصلاة الفطر ركعتان، وصلاة السفر ركعتان، تمام العمر، قصر على لسان نبيكم (7).
____________
(1) الهداية ج 1 ص 57 والفقه على المذاهب ج 1 ص 475
(2) بداية المجتهد ج 1 ص 130 وكتاب الأم ج 1 ص 159 والتفسير الكبير ج 7 ص 18
(3) البقرة: 184
(4) مسند أحمد ج 4 ص 430 و 431 و 440 وفي هامشه منتخب كنز العمال ج 3 ص 227 عن ابن عباس: المتمم في السفر، كالمقصر في الحضر. وروى الديلمي عن ابن عمر:
صلاة السفر، ركعتان، من ترك السنة فقد كفر.
(5) صحيح مسلم ج 1 ص 365 ومنتخب كنز العمال في هامش المسند ج 3 ص 229
(6) صحيح مسلم ج 1 ص 265
(7) مسند أحمد ج 1 ص 37.
وقال الفقهاء الأربعة: إن شاء صام، وإن شاء أفطر (1).
وقد خالفوا في ذلك النص، قال الله تعالى: " فمن كان منكم مريضا أو على سفر، فعدة من أيام أخر " (2)، وهو ينافي جواز الصوم إجماعا.
وروى الحميدي، في الجمع بين الصحيحين: أن النبي صلى الله عليه وآله خرج من المدينة، ومعه عشرة آلاف، وذلك على رأس ثمان سنين من مقدمه للمدينة، فسار، ومن معه من المسلمين إلى مكة، يصوم ويصومون، حتى بلغ الكدية أفطر، وأفطر الناس، وهو ما بين عسفان وقديد (3).
وفيه: عن ابن عباس، قال: خرج النبي صلى الله عليه وآله، والناس مختلفون، فصائم ومفطر، فلما استوى على راحلته دعا ماء، فوضعه على راحلته، حتى رآه الناس، ثم شرب، وشرب الناس معه في رمضان (4).
وفيه: عن جابر بن عبد الله: أن النبي صلى الله عليه وآله خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان، فصام حتى بلغ كراع الغميم، فصام الناس، ثم دعا بقدح من ماء، فرفعه حتى نظر الناس، ثم شرب. فقيل له بعد ذلك: إن بعض الناس قد صام؟، فقال: أولئك العصاة، أولئك العصاة (5). وهذا نص في تحريم الصوم.
____________
(1) بداية المجتهد ج 5 ص 76 والتفسير الكبير ج 5 ص 76 والفقه على المذاهب ج 1 ص 471
(2) البقرة: 184
(3) صحيح البخاري ج 3 ص 42 والموطأ ج 1 ص 275 والتاج الجامع للأصول ج 2 ص 74 ومسند أحمد ج 1 ص 219 و 334
(4) ورواه أحمد في المسند ج 3 ص 329 عن جابر، وفي هامشه منتخب كنز العمال، عن ابن عباس ص 244 بلفظ آخر.
(5) صحيح مسلم ج 2 ص 465 وبداية المجتهد ج 1 ص 207 وكتاب اختلاف الحديث ص 493 المطبوع في آخر الأم للشافعي.
وقال صلى الله عليه وآله: الصائم في السفر كالمفطر في الحضر (2).
44 - ذهبت الإمامية: إلى أن المسافر لا يتغير فرضه بالاقتداء بالمقيم خلافا للفقهاء الأربعة (3).
وقد خالفوا عموم القرآن (4)، الدال على وجوب التقصير في المسافر، لأن الزيادة كالنقصان في الإبطال، وكما لا يتغير فرض الحاضر إذا صلى خلف المسافر، وكذا العكس.
45 - ذهبت الإمامية: إلى أن من فاتته صلاته في السفر، فإنه يقضيها في الحضر قصرا، وكذا يقضيها في السفر قصرا، سواء كان ذلك السفر أو غيره.
فقال الشافعي، وأحمد: عليه الاتمام فيهما (5).
وقد خالفا قول النبي صلى الله عليه وآله: من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها (6)، وصلاة الحضر غير صلاة السفر.
46 - ذهبت الإمامية: إلى أن من صلى في السفينة، وتمكن من القيام فيها، وجب عليه أن يصلي قائما.
وقال أبو حنيفة: هو بالخيار بين الصلاة قائما وجالسا (7).
____________
(1) بداية المجتهد ج 1 ص 206 والتاج الجامع للأصول ج 2 ص 75 وقال: رواه الخمسة، ومسند أحمد ج 3 ص 299، 317
(2) أحكام القرآن للجصاص ج 1 ص 214 والدر المنثور ج 1 ص 191 ومنتخب كنز العمال في هامش المسند ج 3 ص 342
(3) الفقه على المذاهب ج 1 ص 477
(4) قال تعالى: " وإذا ضربتم في الأرض، فليس عليكم جناح أن تقصروا " النساء: 101
(5) الفقه على المذاهب ج 1 ص 492 والأم ج 1 ص 145
(6) راجع ما تقدم في الهامش ص 434.
(7) الهدى ج 1 ص 54 وراجع أيضا المحلى لابن حزم.
47 - ذهبت الإمامية: إلى أن العاصي بسفره كالخارج لقطع الطريق، أو للسعاية في قتل مسلم، أو لطلب لا يجوز، وشبهه، لا يجوز له التقصير في الصلاة، ولا في الصوم.
وقال أبو حنيفة، وأصحابه، والثوري، والأوزاعي: لا فرق بين سفر الطاعة والمعصية (1). وقد خالفوا المعقول والمنقول.
أما المعقول: فلأن القصر رخصة، فلا يناط بالمعاصي.
وأما المنقول: فقوله تعالى: " فمن اضطر غير باغ ولا عاد " (2)، حرم على العادي الرخصة، والقصر كذلك.
48 - ذهبت الإمامية: إلى جواز الجمع بين الظهرين، والعشاءين، سفرا وحضرا، من غير عذر، في وقت الأولى والثانية.
وقال الشافعي: كل من جاز له التقصير جاز له الجمع (3).
وبه قال مالك، وأحمد، وإسحاق (4).
وقال أبو حنيفة: لا يجوز الجمع بحال لأجل السفر، ولكن يجوز الجمع بينهما في النسك، فكل من أحرم بالحج قبل الزوال من يوم عرفة.
فإذا زالت جمع الظهرين، وجمع بين العشاءين بمزدلفة (5).
وقد خالفوا بذلك قوله تعالى: " أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل " (6).
____________
(1) الهدى ج 1 ص 57 وبداية المجتهد ج 1 ص 132 والفقه على المذاهب ج 1 ص 474 و 574
(2) البقرة 123
(3) بداية المجتهد ج 1 ص 134 والفقه على المذاهب ج 1 ص 485 و 486 و 487
(4) بداية المجتهد ج 1 ص 134 والفقه على المذاهب ج 1 ص 485 و 486 و 487
(5) بداية المجتهد ج 1 ص 134 والفقه على المذاهب ج 1 ص 485 و 486 و 487
(6) الإسراء: 78.
وقال ابن عباس: أراد أن لا يحرج أمته.
وفي صحيح مسلم: من غير خوف ولا مطر (2).
49 - ذهبت الإمامية: إلى وجوب تقديم الظهر على العصر حالة الجمع.
وجوز الشافعي: البدأة بالعصر (3).
وقد خالف في ذلك الاجماع، وفعل النبي صلى الله عليه وآله، وأمر الله تعالى من وجوب تقديم الظهر على العصر.
50 - ذهبت الإمامية: إلى أن المقيم في بلدة لتجارة، أو طلب علم وغير ذلك، إذا نوى مقام عشرة أيام ينعقد به الجمعة.
وخالف المالكية، والشافعية فيه (4).. وقد خالفوا بوجوب صلاة الجمعة.
51 - ذهبت الإمامية: إلى وجوب الجمعة على أهل السواد، كوجوبها على أهل المدن.
وقال أبو حنيفة: لا جمعة لأهل السواد (5).
وخالف في ذلك القرآن، حيث قال: " إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله " (6).
____________
(1) رواه مسلم في صحيحه ج 1 ص 271 بأسناد متعددة، والموطأ ج 1 ص 160 وشرحه:
تنوير الحوالك للحافظ السيوطي، والتاج الجامع للأصول ج 1 ص 148 و 298 ومسند أحمد ج 1 ص 217 و 360 وفي هامشه منتخب كنز العمال ج 3 ص 230 بأسناد متعددة.
(2) تقدم آنفا تحت رقم 1.
(3) بداية المجتهد ج 1 ص 135
(4) الفقه على المذاهب ج 1 ص 380 و 388 وبداية المجتهد ج 1 ص 125
(5) الهدى ج 1 ص 57 وبداية المجتهد ج 1 ص 129 والفقه على المذاهب ج 1 ص 379 وأحكام القرآن ج 1 ص 445
(6) الجمعة: 9.
وقال أبو حنيفة: إن كان خارج البلد لا يجب عليه الحضور، إذا كانوا أقل من العدد، وإن كانوا على قرب (1)، قال محمد: قلت لأبي حنيفة:
يجب الجمعة على أهل الزورة الكوفة؟ قال: لا، وبين الزورة والكوفة الخندق، وهي قرية قرب الكوفة.
وقال الشافعي: لا يجب الحضور، إلا إذا كانوا في مكان يسمعون الأذان (2).
وقد خالفوا في ذلك القرآن، وهو قوله: " فاسعوا إلى ذكر الله ".
53 - ذهبت الإمامية: إلى وجوب الجمعة على خمسة نفر، أحدهم الإمام.
وقال الشافعي، وأحمد، وإسحاق: لا يجب على أقل من أربعين (3).
وقد خالفوا في ذلك عموم القرآن.
54 - ذهبت الإمامية: إلى أن العدد شرط في الابتداء، لا في الاستدامة، فلو انفضوا بعد التكبير أتمها جمعة.
وخالفوا فيه الفقهاء الأربعة (4).
وقد خالفوا بذلك نص القرآن، وقول النبي صلى الله عليه وآله: الصلاة على ما افتتحت عليه.
____________
(1) بداية المجتهد ج 1 ص 129 والفقه على المذاهب ج 1 ص 378 و 380 والهدى ج 1 ص 57
(2) الفقه على المذاهب ج 1 ص 383 والأم ج 1 ص 170 ومختصر المزني ص 130
(3) الفقه على المذاهب ج 1 ص 388 وبداية المجتهد ج 1 ص 124 والأم ج 1 ص 169
(4) الأم ج 1 ص 170 والفقه على المذاهب ج 1 ص 388.
وقال أبو حنيفة، والشافعي: إنه شرط (1).
وقد خالفا بذلك كلام الله تعالى، وكلام رسوله صلى الله عليه وآله (2).
56 - ذهبت الإمامية: إلى أن الواجب الجمعة. فإن صلى الظهر فلا تصح، ووجب عليه فعلها، إن أدرك الجمعة، وإلا أعاد الظهر.
وقال أبو حنيفة: وإن صلى الظهر أجزأه (3).
وخالف في ذلك القرآن (4).
57 - ذهبت الإمامية: إلى تحريم السفر بعد الزوال، قبل صلاة الجمعة.
وخالف فيه الحنفية، فجوزوا السفر قبلها (5).
وقد خالف في ذلك القرآن (6).
58 - ذهبت الإمامية: إلى وجوب القيام حال الخطبة.. وقال أبو حنيفة: لا يجب (7).
وقد خالف قول النبي صلى الله عليه وآله، وفعله، لأنه لم يخطب إلا قائما، وقال: صلوا كما رأيتموني أصلي ".
____________
(1) الفقه على المذاهب ج 1 ص 376
(2) قال تعالى: " فاسعوا إلى ذكر الله ": وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من ترك الجمعة من غير ضرورة كتب منافقا في كتاب لا يمحى ولا يبدل "، رواه الشافعي، وقال صلى الله عليه وآله:
" الجمعة حق واجب على كل مسلم ".
(3) الفقه على المذاهب ج 1 ص 401
(4) لأنه خلاف السعي المأمور به في الآية الكريمة آية 9 من سورة الجمعة.
(5) الفقه على المذاهب ج 1 ص 400 وتفسير الخازن ج 4 ص 488
(6) وهو خلاف المأمور به في الآية الشريفة.
(7) الهداية ج 1 ص 58.
59 - ذهبت الإمامية: إلى وجوب أربعة أشياء في الخطبة: الحمد لله، والثناء عليه، والصلاة على النبي وآله عليهم السلام، والوعظ، وقراءة شئ من القرآن.
وقال أبو حنيفة: يجب في الخطبة كلمة واحدة: الحمد لله، والله أكبر، وسبحان الله، ولا إله إلا الله، أو غير ذلك (2).
وقد خالف في ذلك فعل النبي صلى الله عليه وآله، وفعل الصحابة بأسرهم (3) 60 - ذهبت الإمامية: إلى استحباب أن يقرأ في الأولى مع الحمد الجمعة، وفي الثانية المنافقين.
وقال أبو حنيفة: ليس في القرآن شئ معين، يقرأ ما شاء (4).
وقد خالف في ذلك فعل النبي صلى الله عليه وآله، فقد روى الحميدي في الجمع بين الصحيحين، قال: إن النبي صلى الله عليه وآله كان يقرأ في صلاة الجمعة الجمعة والمنافقين. وكذا في مسند أحمد (4).
61 - ذهبت الإمامية: إلى أن الجمعة يجب إدراك ركعة لا بدونها.
وقال عمر بن الخطاب: إن لم يدرك الخطبتين، والركعتين معا لم يدرك الجمعة، وبه قال عطاء، وطاوس، ومجاهد.
وقال أبو حنيفة: يدركها بإدراك الميسر، ولو بسجود السهو بعد التسليم (6).
____________
(1) بداية المجتهد ج 1 ص 125 والتاج الجامع للأصول ج 1 ص 282 وقال: رواه الخمسة، ومنتخب كنز العمال ج 3 ص 294.
(2) الهداية ج 1 ص 58 والفقه على المذاهب ج 1 ص 390
(3) التاج الجامع للأصول ج 1 ص 286
(4) بداية المجتهد ج 1 ص 128
(5) التاج الجامع للأصول ج 1 ص 285 ومسند أحمد ج 1 ص 226
(6) الهداية ج 1 ص 59 والفقه على المذاهب ج 1 ص 403.
" من أدرك من الصلاة ركعة (مع الإمام) فقد أدرك الصلاة " (1). دل على عدم إدراكها بعدم إدراك الركعة، وعدم اشتراط الأزيد.
62 - ذهبت الإمامية: إلى أن من لا يجب عليه الجمعة، لا يحرم عليه البيع، كالعبد.
وقال مالك: يحرم (2).. وقد خالف بذلك عموم القرآن، وهو قوله تعالى: " أحل الله البيع " (3)، والمقتضي للتحريم هو الصلاة، كما قال الله تعالى: " فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع " (4)، ليس ثابتا في حقه.
63 - ذهبت الإمامية: إلى تسويغ صلاة شدة الخوف بحسب الامكان، ماشيا وراكبا.
وقال أبو حنيفة: لا يجوز أن يصلي ماشيا، بل يؤخر الصلاة حتى ينقضي القتال (5).
وقد خالف قوله تعالى: " فإن خفتم فرجالا أو ركبانا " (6).
64 - ذهبت الإمامية: إلى أن الجمعة يجوز فعلها في الصحراء مطلقا.
وقال أبو حنيفة: لا يجوز إلا في نفس المصر، أو في موضع يصلى فيه العيد (7).
وقال مالك: لا تصح الجمعة إلا في الجامع (8).. وقد خالفا عموم
____________
(1) الموطأ ج 1 ص 127 ومنتخب كنز العمال ج 3 ص 255 عن مسلم، وأحمد بن حنبل، والتاج الجامع للأصول ج 1 ص 260
(2) أحكام القرآن للجصاص ج 3 ص 448 وذكره الفضل في المقام.
(3) البقرة: 275
(4) الجمعة: 9
(5) التفسير الكبير ج 6 ص 154 وتفسير الخازن ج 1 ص 182
(6) البقرة: 239
(7) الفقه على المذاهب ج 1 ص 387 والهداية ج 1 ص 57
(8) الفقه على المذاهب ج 1 ص 387 والهداية ج 1 ص 57.
وقد ظهر من هذه المسائل للعاقل المنصف، أن الإمامية أكثر إيجابا للجمعة من الجمهور، ومع ذلك يشنعون عليهم تركها، حيث إنهم لم يجوزوا الائتمام بالفاسق، ومرتكب الكبائر، والمخالف في العقيدة الصحيحة (2)، وأنهم لا يجوزون الزيادة في الخطبة التي خطبها النبي صلى الله عليه وآله، وأصحابه، والتابعون (3)، إلى زمن المنصور (4).
65 - ذهبت الإمامية: إلى وجوب صلاة العيدين على من يجب عليه صلاة الجمعة.
وقال الفقهاء إلا أبا حنيفة: إنها مستحبة (5).
وقد خالفوا في ذلك قوله تعالى: " قد أفلح من تزكى، وذكر اسم ربه فصلى " (6)، أراد صلاة العيد، وهو يدل على عدم الفلاح بتركها.
وخالفوا مداومة النبي صلى الله عليه وآله عليها (7).
66 - ذهبت الإمامية: إلى وجوب صلاة الكسوف.
وقال الفقهاء الأربعة: إنها سنة (8).
وقد خالفوا في ذلك قول النبي صلى الله عليه وآله، لما كسفت الشمس والقمر:
آيتان من آيات الله، لا يكسفان لموت أحد، ولا لحياته، فإذا رأيتموهما،
____________
(1) وهو قوله تعالى: " إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة، فاسعوا إلى ذكر الله "
(2) أنظر ما تقدم.
(3) التاج الجامع للأصول ج 1 ص 282
(4) راجع: تاريخ الخلفاء ص 263 والفقه على المذاهب ج 1 ص 394 وزادوا في زمن المنصور الدعاء للولاة، وذكر فضائلهم.
(5) الفقه على المذاهب ج 1 ص 344
(6) الأعلى: 14، 15
(7) الهداية ج 1 ص 60
(8) بداية المجتهد ج 1 ص 166 والفقه على المذاهب الأربعة ج 1 ص 363.
67 - ذهبت الإمامية: إلى استحباب صلاة الاستسقاء.
وقال أبو حنيفة: لا صلاة لها (2).
وقد خالف بذلك فعل النبي صلى الله عليه وآله.
وروى أبو هريرة قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله يوما يستسقي، فصلى بنا ركعتين (3).
وروى ابن عباس: أنه صلى ركعتين كما صلى في العيدين (4).
وفعل ذلك أبو بكر، وعمر (5).
68 - ذهبت الإمامية: إلى أن السنة تسطيح القبور، وبه قال الشافعي، وأصحابه (6)، إلا أنهم قالوا: المستحب التسطيح لكن لما صار شعار الرافضة عدلنا عنه إلى التسنيم، قاله الغزالي.
وهل يحل لمن يؤمن بالله واليوم الآخر: أن يغير الشرع لأجل عمل بعض المسلمين به؟.
وهلا تركوا الصلاة، لأن الرافضة يفعلونها؟.
69 - ذهبت الإمامية: إلى أن الشهيد يصلى عليه.
____________
(1) مسند أحمد ج 4 ص 244 وصحيح البخاري ج 2 ص 40 وصحيح مسلم ج 1 ص 194 وموطأ مالك ج 1 ص 170
(2) بداية المجتهد ج 1 ص 170 والفقه على المذاهب ج 1 ص 359 و 361.
(3) بداية المجتهد ج 1 ص 170 وصحيح البخاري ج 2 ص 33 و 37
(4) منتخب كنز العمال ج 3 ص 223 و 224 وبداية المجتهد ج 1 ص 170
(5) منتخب كنز العمال ج 3 ص 223 و 224 وبداية المجتهد ج 1 ص 170
(6) الفقه على المذاهب ج 1 ص 535 وما ذهب إليه بعضهم (أعني قول الفقهاء الثلاثة، ولعل دليلهم ما قاله الغزالي) لأنه مخالف لقول النبي صلى الله عليه وآله وفعله، راجع: التاج الجامع للأصول ج 1 ص 371 وصحيح مسلم ج 2 ص 384 مسندا له عن علي بن أبي طالب، ومصابيح السنة ج 1 ص 83 وغيرها من الكتب المعتبرة عند القوم.
وهو مخالف لفعل النبي صلى الله عليه وآله، لأنه صلى على حمزة، وعلى شهداء أحد (2).
70 - ذهبت الإمامية: إلى أن المشي خلف الجنازة، أو عن أحد جانبيها أفضل.
وقال الشافعي، ومالك، وأحمد: المشي قدامها أفضل (3).
وقد خالفوا في ذلك النص، فإن المستحب هو التشييع.
وروى الحميدي في الجمع بين الصحيحين، قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله باتباع الجنازة (4).
71 - ذهبت الإمامية: إلى أن القيام شرط في صلاة الجنازة.
وقال أبو حنيفة: يجوز الصلاة قاعدا مع القدرة (5).
وقد خالف فعل النبي صلى الله عليه وآله، والصحابة، والتابعين من بعدهم، فإن أحدا لم يصل قاعدا (6).
72 - ذهبت الإمامية: إلى وجوب التكبير خمسا. (7) وخالف فيه الفقهاء الأربعة.. وقد خالفوا في ذلك فعل النبي صلى الله عليه وآله.
روى الحميدي في الجمع بين الصحيحين، قال: كان زيد بن أرقم
____________
(1) الفقه على المذاهب ج 1 ص 528 و 529 و 530
(2) تاريخ الكامل ج 2 ص 113 وتاريخ الخميس ج 1 ص 442 والسيرة الحلبية ج 2 ص 248 وفي هامشها سيرة زيني دحلان ص 55
(3) بداية المجتهد ج 1 ص 185 والفقه على المذاهب ج 1 ص 532
(4) التاج الجامع للأصول ج 1 ص 267 ومسند أحمد ج 4 ص 287
(5) وقد ذكر ذلك في مطولات فقه أبو حنيفة، فراجع.
(6) بداية المجتهد ج 1 ص 188 والتاج الجامع للأصول ج 1 ص 362
(7) الفقه على المذاهب ج 1 ص 519.
كان رسول الله صلى الله عليه وآله يكبرها (1).
وكبر أمير المؤمنين علي (ع) على سهل بن حنيف خمسا. (2).
وروى الخطيب في تاريخه، وابن شيرويه الديلمي: أن النبي صلى الله عليه وآله كان يصلي على الميت بخمس تكبيرات (3).
73 - ذهبت الإمامية: إلى استحباب وضع الجريدتين في الكفن.
وخالف فيه الفقهاء الأربعة (4).
روى الحميدي في الجمع بين الصحيحين: عن النبي صلى الله عليه وآله: أنه مر بقبرين يعذبان، فقال: إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يتنزه من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة...
ثم أخذ جريدة رطبة، فشقها نصفين، ثم غرز في كل قبر واحدة، فقالوا: يا رسول الله، لم صنعت هذا؟ فقال: لعله أن يخفف عنهما ما لم ييبسا (5).
وفي حديث سفيان الثوري، قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال للأنصار:
حصروا أصحابكم، فما أقل المحصرين يوم القيامة، قالوا: وما التحصير؟
قال: جريدتان خضراوان، يوضعان من أصل اليدين إلى الترقوة (6).
____________
(1) بداية المجتهد ج 1 ص 186 رواه عن صحيح مسلم.
(2) الإصابة ج 2 ص 87
(3) وروي في تعليقه صحيح مسلم ج 2 ص 378 ومنتخب كنز العمال ج 6 ص 252 عن أبي وائل.
(4) أنظر: الفقه على المذاهب ج 1 ص 534 حكم دفن الميت، وما يتعلق به.
(5) صحيح البخاري ج 2 ص 114 وقال: وأوصى بريدة الأسلمي أن يجعل في قبره جريدتان، والفتاوى الكبرى لابن تيمية ج 5 ص 447 راجع الأصول ج 11 ص 449
(6) الفقه على المذاهب ج 1 ص 598.