الصفحة 40

هذا الكتاب

يتعرض فيه مصنفه لدلائل ومعجزات وتواريخ الأئمة الهداة (عليهم السلام) وفضائل ومعجزات سيدة النساء فاطمة الزهراء (سلام الله عليها)، والفرق بين هذا الكتاب وبين (نوادر المعجزات) لنفس المؤلف هو أن الدلائل يشمل تواريخ وأحوال الأئمة (عليهم السلام) إضافة إلى دلائلهم وكراماتهم بشكل مفصل، أما (نوادر المعجزات) فقد أفرده - كما يدل عليه عنوانه - للنادر من معاجزهم (عليهم السلام) دون ذكر تواريخهم وأحوالهم المختلفة، والذي ذكره المصنف في مقدمة (نوادر المعجزات) يوضح ذلك بشكل جلي، قال: " حاولت أن أولف مما أظهروه من المعجزات، وأقاموه من الدلائل والبراهين، مما سمعته وقرأته، في كتاب مقصور على ذكر المعجزات والبراهين " أما عن تاريخ تأليف هذا الكتاب فلم يصرح مؤلفه بذلك، وعلى العموم يمكن القول إنه فرغ منه بعد سنة (411 هـ) حيث قال في الحديث (128) من دلائل الإمام الحجة (عجل الله فرجه): " نقلت هذا الخبر من أصل بخط شيخنا أبي عبد الله الحسين الغضائري (رحمه الله) " وتوفي الغضائري سنة (411 هـ) مما يدل على أن النقل عن الشيخ الغضائري بعد سنة (411 هـ) وأن المصنف لما يتم كتابه هذا إلا بعد هذا التاريخ.

ذكرنا في تسمية الكتاب أن هذه النسخة من (دلائل الإمامة) ناقصة، وكانت النسخة التامة منه عند السيد علي بن موسى بن طاوس المتوفى سنة (664 هـ) وبعد عصر السيد ابن طاوس ضاعت تلك النسخة التامة، كما ضاع عنا كثير من الكتب التي كانت مصادر لمصنفات السيد ابن طاوس، والنسخة التي نقل عنها العلامة المجلسي في (بحار الأنوار) وكذا السيد البحراني في (مدينة المعاجز) وغيرهم من المتأخرين هي عين النسخة الناقصة التي وصلتنا، ويدل على هذا النقص ما يلي:

1 - من المشايخ الذين يروي صاحب الدلائل عنهم هو أبو طاهر عبد الله بن أحمد الخازن كما في الحديث (25) من دلائل الإمام زين العابدين (عليه السلام) والحديث (32) من دلائل الإمام القائم (عليه السلام)، ويروي أبو طاهر في كلا الموضعين عن أبي بكر محمد بن عمر بن سالم القاضي الجعابي المتوفى سنة (355 هـ) بينما يبدأ القسم

الصفحة 41
الذي بين أيدينا من الدلائل بقوله:

" أخبرنا القاضي أبو بكر محمد بن عمر الجعابي " والجعابي لم يكن من شيوخ صاحب الدلائل إذ لم يرو عنه في هذا الكتاب إلا بواسطة أبي طاهر، فبقرينة السندين المذكورين في الحديث (25) والحديث (32) يكون السند هكذا " حدثني أبو طاهر عبد الله بن أحمد الخازن، قال: أخبرنا القاضي أبو بكر محمد بن عمر الجعابي " فيظهر أن رواية صاحب الدلائل عن الجعابي بالواسطة في الموضعين المتقدمين دليل على سقوط أول السند فيما وصل إلينا منه.

2 - إن النسخة التامة التي كانت عند السيد ابن طاوس المتوفى سنة (664 هـ) تحتوي على جملة مواضيع ليست في الكتاب الذي بين أيدينا مما يدل على سقوطها منه.

ففي (إقبال الأعمال) قال ابن طاوس: " ورأيت في المجلد الأول من دلائل الإمامة لمحمد بن جرير بن رستم الطبري عند ذكره للإسراء بالنبي (صلى الله عليه وآله) ما هذا لفظه: ولكن أخبركم بعلامات الساعة يشيخ الزمان ويكثر الذهب وتشح الأنفس وتعقم الأرحام وتقطع الأهلة عن كثير من الناس " (1) وهذا يدل على أن الطبري قد ذكر دلائل نبوة وإمامة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) في هذا الكتاب بدلالة قول ابن طاوس: " عند ذكره للإسراء بالنبي (صلى الله عليه وآله) ".

وفي الباب الخامس والستين والسادس والستين والسابع والستين من كتاب (اليقين) قال ابن طاوس: " فيما نذكره من المجلد الأول من كتاب الدلائل تأليف الشيخ الثقة أبي جعفر محمد بن جرير الطبري بتقديم تسمية مولانا علي (عليه السلام) بأمير المؤمنين... " (2).

وقال أيضا في الحديث الثالث والعشرين من (فرج المهموم): " في احتجاج من قوله حجة في العلوم على صحة علم النجوم، وهو ما رويناه بإسنادنا عن الشيخ

____________

(1) إقبال الأعمال: 6.

(2) اليقين: 50 - 51.


الصفحة 42
السعيد محمد بن رستم بن جرير (1) الطبري الإمامي (رضوان الله عليه) في الجزء الثاني (2) من كتاب دلائل الإمامة... " (3).

وما في (اليقين) و (فرج المهموم) يدل على أن في النسخة التامة من الكتاب قد تعرض المؤلف لدلائل ومعجزات أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وهي من القسم الذي سقط من الكتاب، وقد ألحقناها في أول الكتاب كمستدرك له، كما سقط من الكتاب مقدمته وطرفا من دلائل فاطمة الزهراء (عليها السلام).

ومما يزيد الاطمئنان إلى أن الذي أضفناه في أول الكتاب من نقول السيد ابن طاوس هو من عين هذا الكتاب إضافة إلى تصريحه باسم الكتاب والمؤلف، فإن السيد ابن طاوس نقل في كتبه أيضا عن القسم المتبقي منه، وجميعه يتحد سندا ومتنا مع ما موجود في الدلائل الذي بين أيدينا، وإليك أمثلة من ذلك:

أولا: نقل في (فرج المهموم) من دلائل الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) عن دلائل الإمامة لأبي جعفر محمد بن رستم (4)، وهو موجود في هذه النسخة منه الحديث (20).

ثانيا: نقل في (اللهوف) ما يتعلق بدلائل سيد الشهداء الحسين بن علي (عليه السلام) (5)، وهو موجود في هذه النسخة منه الحديث (3)، وكذا في (فرج المهموم) (6) نقل من دلائله (عليه السلام) ما هو موجود في هذه النسخة الحديث (6).

ثالثا: نقل في (الأمان) من دلائل الإمام علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام) (7)، وهو موجود في هذه النسخة منه الحديث (25)، وكذا في (فرج

____________

(1) سبقت الإشارة إلى مرد هذا الاختلاف في اسم المؤلف وكنيته.

(2) مراده الكراس الثاني، لأن الذي أورده هنا هو من القسم الأول من الكتاب الذي لم يصلنا.

(3) فرج المهموم: 102.

(4) فرج المهموم: 223.

(5) اللهوف: 26.

(6) فرج المهموم: 227.

(7) الأمان: 135.


الصفحة 43
المهموم) (1) نقل من دلائله (عليه السلام) ما هو موجود في هذه النسخة الحديث (20).

رابعا: نقل في (الأمان) من دلائل الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السلام) (2)، وهو موجود في هذه النسخة منه الحديث (26).

خامسا: نقل في (فرج المهموم) ما يتعلق بدلائل الإمام أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) (3)، وهو موجود في هذه النسخة منه الحديث (20).

سادسا: نقل في (فرج المهموم) من دلائل الإمام أبي الحسن موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) (4)، وهو موجود في هذه النسخة منه الحديث (26) والحديث (42).

سابعا: نقل في (فرج المهموم) من دلائل الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) (5)، وهو موجود في هذه النسخة الحديث (11).

ثامنا: نقل في (فرج المهموم) من دلائل الإمام أبي جعفر الثاني (عليه السلام) (6)، وهو موجود في هذه النسخة الحديث (7).

تاسعا: نقل في (فرج المهموم) من دلائل الإمام أبي الحسن الثالث (عليه السلام (7)، وهو موجود في هذه النسخة الحديث (15).

عاشرا: نقل في (إقبال الأعمال) تاريخ وفاة الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السلام) (8)، وهو موجود في أول دلائله (عليه السلام) من هذا الكتاب.

حادي عشر: نقل في (فرج المهموم) من دلائل الإمام صاحب الزمان (عليه السلام) (9)، وهو موجود في هذه النسخة الحديث (129).

____________

(1) فرج المهموم: 228.

(2) الأمان: 66.

(3) فرج المهموم: 229.

(4) فرج المهموم: 230 - 231.

(5) المصدر: 231.

(6) المصدر: 232.

(7) المصدر: 233.

(8) إقبال الأعمال: 598.

(9) فرج المهموم: 245.


الصفحة 44
فكل هذا يدل على أن الذي نقله السيد ابن طاوس من أواسط الكتاب وأواخره يتحد مع ما موجود في (دلائل الإمامة) الذي بين أيدينا سندا ومتنا، وبالنتيجة فإن الذي نقله عنه من أوائله قد سقط من النسخة المتداولة في عصرنا (1).

منهج التحقيق

أ - النسخ المعتمدة: اعتمدنا في تحقيق هذا الكتاب على نسختين مخطوطتين وعلى مطبوعة له، وهي كما يلي:

1 - النسخة المودعة في المكتبة الرضوية بمشهد المقدسة، رقمها (7655)، مجهولة التاريخ، أولها: " بسم الله الرحمن الرحيم، أخبرنا القاضي أبو بكر محمد بن عمر الجعابي ". وآخرها: " فذكر أصحاب القائم (عليه السلام)، فقال: ثلاثمائة وثلاثة عشر، وكل واحد يرى نفسه في ثلاثمائة " ورمزنا لها ب " م ".

2 - النسخة المودعة في مكتبة السيد المرعشي (رحمه الله) بقم المشرفة، رقمها (2974)، وكتبت بتاريخ 12 ربيع الثاني سنة 1319 هـ على نسخة مكتوبة في شهر صفر من سنة 1092 هـ، أولها: " القاضي أبو بكر محمد بن عمر الجعابي ". وآخرها: " تم المسند بعون الله (تعالى) وحسن توفيقه في سلخ شهر صفر المظفر من شهور سنة 1092.

وجدت هذه النسخة الشريفة في خزانة كتب الحضرة المشرفة الغروية، وهي نسخة عتيقة جدا بخط ضعيف سقيم. أحقر الكتاب محمد تقي البروجردي الحائري وفق الله له. في مؤرخة اثنا وعشر (2) من شهر ربيع الثاني سنة 1319 " ورمزنا لها ب " ع ".

3 - الكتاب المطبوع في المطبعة الحيدرية في النجف الأشرف سنة 1369 هـ، ورمزنا له ب " ط ".

____________

(1) للتوسع في الاطلاع على المصنف والكتاب ينظر النابس في القرن الخامس: 153 - 157، نوابغ الرواة في رابعة المئات 250 - 253، الذريعة 8: 241 - 247، أعيان الشيعة 9: 199.

(2) كذا.


الصفحة 45
ب - عملنا في الكتاب: تم العمل بهذا الكتاب وفق المراحل والخطوات التالية:

1 - مقابلة الكتاب المطبوع مع النسختين المخطوطتين وإثبات الصحيح في المتن مع الإشارة لاختلافات النسخ في الهامش، على أنا قد أهملنا ذكر بعض الاختلافات لاعتقادنا بعدم أهميتها.

2 - تخريج الأحاديث والآثار من المصادر التي سبقت المؤلف أو على الأقل المعاصرة له، وقد حرصنا على ذلك إلا في الموارد التي تعذر علينا إيجادها إلا في المصادر التي نقلت عن المصنف (رحمه الله).

3 - ترجمة الأعلام الواردة في الكتاب ترجمة موجزة جامعة باعتماد أهم المصادر المعتبرة في هذا الباب.

4 - تقويم نص الكتاب وذلك بتخليصه مما ورد فيه من أخطاء النسخ والطباعة وهي كثيرة جدا إذا قيست بكتاب آخر، والمتصفح للكتاب بعد تحقيقه يلمس ذلك بوضوح، وذلك ضبط مفرداته وشرح ألفاظه الصعبة باعتماد أهم المعاجم اللغوية، مضافا إلى تصحيح أسانيده ورجاله بالاعتماد على ما تقدم ويأتي من أسانيد نفس الكتاب، والمعاجم الرجالية المعتبرة.

5 - إلحاق المستدركات التي عثرنا عليها في كتب السيد ابن طاوس في المحل المناسب لها من الكتاب، أي في أوله، وقد أشرنا إلى تفصيل ذلك في وصف الكتاب من المقدمة.

6 - إلحاق فهارس لمطالب الكتاب المختلفة تسهل على الباحث الاستفادة منه.

شكر وتقدير

يسر قسم الدراسات الإسلامية لمؤسسة البعثة بعد الانتهاء من تحقيق الكتاب أن ينوه بالثناء الجميل والشكر الجزيل للإخوة الأفاضل العاملين في هذا القسم والذين ساهموا في إخراج هذا الكتاب محققا، ونخص بالذكر منهم: الأخ علي موسى الكعبي، والأخ صائب عبد الحميد، والأخ شاكر شبع، والأخ عصام البدري، والأخ

الصفحة 46
كريم راضي الواسطي، والشيخ أحمد الأهري، والسيد عبد الحميد الرضوي، والسيد إسماعيل الموسوي، والأخ عبد الله الخزاعي.

سائلين المولى القدير أن يمن بالتوفيق والسداد على العاملين في خدمة تراث أهل البيت (عليهم السلام).


قسم الدراسات الإسلامية
مؤسسة البعثة     


الصفحة 47

صورة الصفحة الأولى من نسخة " م "

الصفحة 48
صورة الصفحة الأخيرة من نسخة " م "

الصفحة 49
صورة الصفحة الأولى من نسخة " ع "

الصفحة 50
صورة الصفحة الأخيرة من نسخة " ع "

الصفحة 51


المستدرك





الصفحة 52

الصفحة 53

الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)

في تسميته بأمير المؤمنين

1 - (اليقين لابن طاوس): فيما نذكره من المجلد الأول من كتاب (الدلائل) تأليف الشيخ الثقة أبي جعفر محمد بن جرير الطبري، بتقديم تسمية مولانا علي (عليه السلام) بأمير المؤمنين، فقال ما هذا لفظه:

وأخبرني أبو عبد الله الحسين بن عبد الله البزاز، قال: حدثنا أبو الحسن علي ابن محمد بن أحمد بن لؤلؤ البزاز، قال: حدثنا أبو سهل أحمد بن عبد الله بن زياد، قال:

حدثني أبو العباس عيسى بن إسحاق، قال: سألت إبراهيم بن هراسة، عن عمرو ابن شمر (1)، عن جابر الجعفي، قال: قال أبو جعفر محمد بن علي (عليهما السلام): لو علم الناس متى سمي علي أمير المؤمنين ما أنكروا ولايته.

قلت: رحمك الله، متى سمي علي أمير المؤمنين؟

قال: كان ربك (عز وجل) حيث أخذ من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم (2) ومحمد رسولي وعلي أمير المؤمنين (3).

____________

(1) في المصدر: عمرو بن سمرة، تصحيف صحيحه ما أثبتناه من البحار، وعمرو بن شمر من أصحاب الصادق (عليه السلام)، روى عنه وعن جابر الجعفي. انظر معجم رجال الحديث 13: 108.

(2) تضمين من سورة الأعراف 7: 172.

(3) اليقين: 50، الباب الخامس والستون، البحار 37: 306 / 35.


الصفحة 54
2 - وعنه أيضا: فيما نذكره من كتاب (الدلائل) من الجزء الأول برواية أبي جعفر محمد بن جرير الطبري، بما يقتضي أن عليا (عليه السلام) كان يسمى في حياة النبي (صلى الله عليه وآله) أمير المؤمنين نذكره بلفظه لتعلموا أنه رواية من رجالهم.

حدثني القاضي أبو الفرج المعافى، قال: حدثنا محمد بن القاسم بن زكريا المحاربي، قال: حدثنا القاسم بن هشام بن يونس النهشلي، قال (1): قال الحسن بن الحسين، قال: حدثنا معاذ بن مسلم، عن عطاء (2) بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عامر (3)، في (4) قول الله (عز وجل): * (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) * (5).

قال: اجتاز عبد الله بن سلام ورهط معه برسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقالوا: يا رسول الله، بيوتنا قاصية (6) ولا نجد متحدثا دون المسجد، إن قومنا لما رأونا قد صدقنا الله ورسوله وتركنا دينهم أظهروا لنا العداوة والبغضاء وأقسموا أن لا يخالطونا ولا يكلمونا، فشق ذلك علينا.

فبينا هم يشكون إلى النبي (صلى الله عليه وآله) إذ نزلت هذه الآية: * (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) * فلما قرأها عليهم قالوا: قد رضينا بما رضي الله ورسوله، ورضينا بالله ورسوله وبالمؤمنين.

وأذن بلال العصر، وخرج النبي (صلى الله عليه وآله) فدخل والناس يصلون ما بين راكع وساجد وقائم وقاعد، وإذا مسكين يسأله (7)، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): هل أعطاك

____________

(1) (قال) أثبتناها من البحار.

(2) في المصدر: عطارء، تصحيف، وما أثبتناه من البحار.

(3) في البحار: ابن عباس.

(4) في المصدر: عن، وما أثبتناه من البحار.

(5) المائدة 5: 55.

(6) أي بعيدة.

(7) في البحار: يسأل.


الصفحة 55
أحد شيئا؟

فقال: نعم.

قال (1): ماذا؟

قال: خاتم فضة.

قال: من أعطاك؟

قال: ذاك الرجل القائم.

قال النبي (صلى الله عليه وآله): على أي حال أعطاكه؟

قال: أعطانيه وهو راكع، فنظرنا فإذا هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام).(2)

3 - وعنه أيضا: فيما نذكره من كتاب (الدلائل) لمحمد بن جرير الطبري، في تسمية جبرئيل (عليه السلام) لمولانا علي (عليه السلام) في حياة النبي (صلى الله عليه وآله) أمير المؤمنين وسيد الوصيين، فقال ما هذا لفظه:

حدثنا أبو الفضل (3) محمد بن عبد الله، قال: حدثنا عمران بن محسن بن محمد ابن عمران بن طاوس مولى الصادق (عليه السلام)، قال: حدثنا يونس بن زياد الحناط الكفربوتي (4) قال: حدثنا الربيع بن كامل ابن عم الفضل بن الربيع، عن الفضل ابن الربيع: أن المنصور كان قبل الدولة كالمنقطع إلى جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال:

سألت جعفر بن محمد بن علي (عليهم السلام) على عهد مروان الحمار عن سجدة الشكر التي سجدها أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، ما كان سببها؟

فحدثني عن أبيه محمد بن علي قال: حدثني أبي علي بن الحسين، عن أبيه

____________

(1) (قال) أثبتناها من البحار.

(2) اليقين: 51، الباب السادس والستون، البحار 35: 186 / 6.

(3) في المصدر: أبو الفضل، وهو أبو المفضل محمد بن عبد الله بن محمد الشيباني من شيوخ صاحب الدلائل، ومر بيانه في المقدمة.

(4) كذا في المصدر والظاهر أنه تصحيف (الكفرتوثي) نسبة إلى كفرتوثا: قرية من أعمال الجزيرة، وقرية من قرى فلسطين، انظر أنساب السمعاني 5: 82، مراصد الاطلاع 3: 1169.


الصفحة 56
الحسين، عن أبيه (1) علي بن أبي طالب (عليهم السلام): أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وجهه في أمر من أموره فحسن فيه بلاؤه وعظم عناؤه، فلما قدم من وجهه ذلك أقبل إلى المسجد ورسول الله (صلى الله عليه وآله) قد خرج يصلي الصلاة، فصلى معه، فلما انصرف من الصلاة أقبل على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فاعتنقه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم سأله عن مسيره ذلك وما صنع فيه، فجعل علي (عليه السلام) يحدثه وأسارير (2) رسول الله (صلى الله عليه وآله) تلمع سرورا بما حدثه.

فلما أتى (صلوات الله عليه) على حديثه. قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): ألا أبشرك يا أبا الحسن؟

قال: فداك أبي وأمي، فكم من خير بشرت به.

قال: إن جبرئيل (عليه السلام) هبط علي في وقت الزوال فقال لي: يا محمد، هذا ابن عمك علي وارد عليك، وإن الله (عز وجل) أبلى المسلمين به بلاء حسنا، وإنه كان من صنعه كذا وكذا، فحدثني بما أنبأتني به، فقال لي:

يا محمد، إنه نجا من ذرية آدم من تولى شيت (3) بن آدم وصي أبيه آدم بشيت، ونجا شيت بأبيه آدم، ونجا آدم بالله.

يا محمد، ونجا من تولى سام بن نوح وصي أبيه نوح بسام، ونجا سام بنوح، ونجا نوح بالله.

يا محمد، ونجا من تولى إسماعيل بن إبراهيم خليل الرحمن وصي أبيه إبراهيم بإسماعيل، ونجا إسماعيل بإبراهيم، ونجا إبراهيم بالله.

يا محمد، ونجا من تولى يوشع بن نون وصي موسى بيوشع، ونجا يوشع بموسى، ونجا موسى بالله.

يا محمد، ونجا من تولى شمعون الصفا وصي عيسى بشمعون، ونجا شمعون

____________

(1) (الحسين عن أبيه) أثبتناه من البحار.

(2) الأسارير: محاسن الوجه، وتطلق على الخدين والوجنتين.

(3) في البحار: شيث، في كل المواضع.


الصفحة 57
بعيسى، ونجا عيسى بالله.

يا محمد، ونجا من تولى علينا وزيرك في حياتك ووصيك عند وفاتك بعلي، ونجا علي بك، ونجوت أنت بالله (عز وجل).

يا محمد، إن الله جعلك سيد الأنبياء، وجعل عليا سيد الأوصياء وخيرهم، وجعل الأئمة من ذريتكما إلى أن يرث الأرض ومن عليها. فسجد علي (صلوات الله عليه)، وجعل يقبل الأرض شكرا لله (تعالى).

وإن الله (جل اسمه) خلق محمدا وعليا وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) أشباحا، يسبحونه ويمجدونه ويهللونه بين يدي عرشه قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام، فجعلهم نورا ينقلهم في ظهور الأخيار من الرجال وأرحام الخيرات المطهرات والمهذبات من النساء من عصر إلى عصر.

فلما أراد الله (عز وجل) أن يبين لنا فضلهم ويعرفنا منزلتهم ويوجب علينا حقهم أخذ ذلك النور وقسمه قسمين: جعل قسما في عبد الله بن عبد المطلب فكان منه محمد سيد النبيين وخاتم المرسلين وجعل فيه النبوة، وجعل القسم الثاني في عبد مناف وهو أبو طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف (1) فكان منه علي أمير المؤمنين وسيد الوصيين، وجعله رسول الله (صلى الله عليه وآله) وليه ووصيه وخليفته، وزوج ابنته، وقاضي دينه، وكاشف كربته، ومنجز وعده، وناصر دينه.(2)

من معجزاته (عليه السلام)

4 - (فرج المهموم لابن طاوس): في احتجاج من قوله حجة في العلوم على صحة علم النجوم وهو ما رويناه بإسنادنا عن الشيخ السعيد محمد بن رستم بن جرير

____________

(1) في المصدر: وهو أبو طالب بن عبد مناف، وما أثبتناه من البحار.

(2) اليقين: 51، الباب السابع والستون، البحار 35: 26 / 22.


الصفحة 58
الطبري (1) الإمامي (رضوان الله عليه) في الجزء الثاني (2) من كتاب (دلائل الإمامة) قال:

أخبرني أبو عبد الله الحسين بن عبد الله الحرمي (3) وأبو الحسين محمد بن هارون بن موسى بن أحمد التلعكبري، قالا: حدثنا أبو محمد هارون بن موسى بن أحمد التلعكبري (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن مخزوم المقرئ مولى بني هاشم، قال: حدثنا أحمد بن القاسم البري (4)، قال: حدثنا يحيى بن عبد الرحمن، عن علي بن صالح بن حي (5) الكوفي، عن زياد بن المنذر، عن قيس بن سعد، قال:

كنت أساير أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) كثيرا إذا سار إلى وجه من الوجوه، فلما قصد أهل النهروان وصرنا بالمدائن وكنت يومئذ مسايرا له، إذ خرج إلينا قوم من أهل المدائن من دهاقينهم (6) معهم براذين (7) قد جاءوا بها هدية إليه فقبلها، وكان فيمن تلقاه دهقان من دهاقين المدائن يدعى سرسفيل، وكانت الفرس تحكم برأيه فيما مضى (8)، وترجع إلى قوله فيما سلف، فلما بصر بأمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، قال: يا أمير المؤمنين، تناحست النجوم الطوالع، فنحس أصحاب السعود وسعد أصحاب النحوس، ولزم الحكيم في مثل هذا اليوم الاختفاء والجلوس، وإن يومك هذا يوم مميت، قد اقترن فيه كوكبان قتالان، وشرف فيه بهرام (9) في برج الميزان، واتقدت من برجك النيران،

____________

(1) سبقت الإشارة إلى مرد هذا الاختلاف في المقدمة في اسم المؤلف وكنيته، وقد عنونه السيد ابن طاوس في بقية الموارد من هذا الكتاب بمحمد بن جرير بن رستم الطبري.

(2) مراده الكراس الثاني منه، لأن الذي أورده هنا هو من الجزء الأول من الكتاب الذي لم يصلنا.

(3) في المصدر: الحربي، وهو الحسين بن عبد الله، أبو عبد الله الحرمي، ترجم له الشيخ الطهراني في نوابغ الرواة في رابعة المئات: 113.

(4) كذا في المصدر، والظاهر أنه أحمد بن القاسم البزي مقرئ أهل مكة. انظر أنساب السمعاني 1: 345، سير أعلام النبلاء 12: 50.

(5) في المصدر: علي بن حي بن صالح، وما أثبتناه من البحار، وهو علي بن صالح بن صالح بن حي الهمداني الكوفي أبو محمد. انظر تقريب التهذيب 2: 38.

(6) الدهاقين: جمع دهقان، بالكسر والضم، وهو رئيس القرية أو الإقليم، ويطلق على التاجر أيضا.

(7) البراذين: جمع برذون، يطلق على غير العربي من الخيل والبغال.

(8) في المصدر: فيما يعني، وما أثبتناه من البحار.

(9) بهرام: المريخ، فارسية، وهو أحد الكواكب في المجموعة الشمسية.


الصفحة 59
وليس لك الحرب بمكان.

فتبسم أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، ثم قال: أيها الدهقان، المنبئ بالأخبار، والمحذر من الأقدار، أتدري ما نزل البارحة في آخر الميزان، وأي نجم حل في السرطان (1)؟

قال: سأنظر ذلك. وأخرج من كمه أسطرلابا (2) وتقويما، فقال له أمير المؤمنين (صلوات الله عليه): أنت مسير الجاريات؟ قال: لا.

قال: أفتقضي على الثابتات؟ قال: لا.

قال: فأخبرني عن طول الأسد (3) وتباعده عن المطالع (4) والمراجع؟ وما الزهرة (5) من التوابع والجوامع؟ قال: لا علم لي بذلك.

قال: فما بين السواري (6) إلى الدراري، وما بين الساعات إلى الفجرات (7)، وكم قدر شعاع المدرات (8)، وكم تحصيل (9) الفجر في الغدوات (10)؟ قال: لا علم لي بذلك قال: هل علمت يا دهقان أن الملك اليوم انتقل من بيت إلى بيت في الصين،

____________

(1) في المصدر: حل السرطان، وما أثبتناه من البحار، والسرطان: برج في السماء.

(2) الأسطرلاب: جهاز استعمله المتقدمون في تعيين ارتفاعات الأجرام السماوية ومعرفة الوقت والجهات الأصلية.

(3) الأسد: أحد بروج السماء.

(4) المطالع: جمع مطلع، بفتح اللام وكسرها، يطلق على مكان الطلوع وزمانه، ومطلع الشمس: مشرقها.

(5) الزهرة: أحد كواكب المجموعة الشمسية، ثاني كوكب في البعد عن الشمس، يقع بين عطارد والأرض، وهو ألمع جرم سماوي باستثناء الشمس والقمر.

(6) في البحار: السراري.

(7) في البحار: المعجرات.

(8) في البحار: المبدرات.

(9) في البحار: تحصل.

(10) قال العلامة المجلسي: يحتمل أن يكون المراد به زمان ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، فإن ذلك يختلف في الفصول.


الصفحة 60
وانقلب (1) برج ماجين، واحترقت دور بالزنج (2)، وطفح جب سرنديب (3)، وتهدم حصن الأندلس، وهاج نمل السيح (4)، وانهزم مراق الهند (5)، وفقد ربان اليهود بأيلة (6)، وجذم بطريق (7) الروم برومية (8)، وعمي راهب عمورية (9)، وسقطت شرافات (10) القسطنطينية (11)، أفعالم أنت بهذه الحوادث، وما الذي أحدثها شرقيها أو غربيها (12) من الفلك؟ قال: لا علم لي بذلك.

قال: فبأي الكواكب تقضي في أعلى القطب، وبأيها تنحس من تنحس، قال:

لا علم لي بذلك.

قال: فهل علمت أنه سعد اليوم اثنان وسبعون عالما في كل عالم سبعون عالما، منهم في البر، ومنهم في البحر، وبعض في الجبال، وبعض في الغياض (13)، وبعض في

____________

(1) في المصدر: وتغلب، وما أثبتناه من البحار.

(2) الزنج: من قرى نيسابور. مراصد الاطلاع 2: 672.

(3) سرنديب: هو الاسم القديم لجزيرة سيلان الواقعة جنوب الهند. وطفح جب سرنديب: أي امتلأ وارتفع بئرها.

(4) السيح: واد باليمامة. مراصد الاطلاع 2: 764.

(5) في البحار: الهندي.

(6) أيلة: مدينة على ساحل بحر القلزم - البحر الأحمر - مما يلي الشام. مراصد الاطلاع 1: 138. والربان:

رئيس الملاحين.

(7) البطريق: القائد من قادة الروم.

(8) رومية: تطلق على مدينتين، إحداهما ببلاد الروم، والأخرى بلد بالمدائن خرب، والمراد الأول. مراصد الاطلاع 2: 642.

(9) عمورية: بلد ببلاد الروم. مراصد الاطلاع 2: 963.

(10) الشرافات: جمع شرافة، زوائد توضع في أطراف الشئ تحلية له، وفي البحار: الشرفات، جمع شرفة، مثلثات تبنى متقاربة في أعلى القصر أو السور.

(11) القسطنطينية: هي بيزنطا القديمة، عاصمة الإمبراطورية البيزنطية، وهي اليوم في تركيا، وتسمى أيضا الآستانة. المنجد في الأعلام: 40.

(12) في المصدر: شرقها وغربها، وما أثبتناه من البحار، وعلق العلامة المجلسي على قوله: " وما الذي أحدثها " أي بزعمك، وعلى قوله: " شرقيها أو غربيها " أي الكواكب.

(13) الغياض: جمع غيضة، الأجمة، والموضع الذي يكثر فيه الشجر ويلتف.


الصفحة 61
العمران فما الذي أسعدهم؟ قال: لا علم لي بذلك.

قال يا دهقان، أظنك حكمت على اقتران المشتري (1) وزحل (2) لما استنارا لك في الغسق، وظهر تلألؤ المريخ وتشريفه في السحر، وقد سار فاتصل جرمه بنجوم (3) تربيع القمر، وذلك دليل على استخلاف (4) ألف ألف من البشر، كلهم يولدون اليوم والليلة، ويموت مثلهم ويموت هذا فإنه منهم (5) - وأشار إلى جاسوس في عسكره لمعاوية - فلما قال ذلك ظن الرجل أنه قال خذوه، فأخذه شئ في قلبه وتكسرت نفسه في صدره فمات لوقته.

فقال (عليه السلام) للدهقان: ألم أرك عين التقدير (6) في غاية التصوير؟ قال: بلى يا أمير المؤمنين.

فقال: يا دهقان، أنا مخبرك أني وصحبي هؤلاء لا شرقيون ولا غربيون، إنما نحن ناشئة القطب، وما زعمت البارحة أنه انقدح من برج الميزان فقد كان يجب أن تحكم معه لي، لأن نوره وضياءه عندي، فلهبه ذاهب (7) عني.

يا دهقان: هذه قضية عيص (8)، فأحسبها وولدها إن كنت عالما بالأكوار والأدوار، ولو علمت ذلك لعلمت أنك تحصي عقود القصب في هذه الأجمة.

ومضى أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، فهزم أهل النهروان وقتلهم فعاد بالغنيمة والظفر، فقال الدهقان: ليس هذا العلم بأيدي أهل زماننا، هذا علم مادته من السماء.(9)

____________

(1) المشتري: أكبر الكواكب السيارة.

(2) زحل: أبعد الكواكب السيارة في النظام الشمسي.

(3) في البحار: بجرم.

(4) في البحار: استحقاق.

(5) (فإنه منهم) أضفناها من البحار.

(6) في البحار: غير التقدير، قال العلامة المجلسي: أي التغيرات الناشئة من تقديرات الله (تعالى)، وعين التقدير:

أي أصله.

(7) في المصدر: ذهب، وما أثبتناه من البحار.

(8) العيص: الأجمة، أي الشجر الكثير الملتف، كأنه كنى بها عن تشابكها وصعوبتها، والعيص أيضا: الأصل، وقال في البحار: وفي بعض النسخ " عويصة " أي صعبة شديدة.

(9) فرج المهموم: 102 / 23، البحار 58: 229 / 13.


الصفحة 62

ملحق:

ومما يلحق بهذا المستدرك الخبر الذي نقله العلامة المجلسي في البحار - الطبع الحجري 8: 220 - قال:

أجاز لي بعض الأفاضل في مكة - زاد الله شرفها - رواية هذا الخبر، وأخبرني أنه أخرجه من الجزء الثاني من كتاب (دلائل الإمامة) وهذه صورته:

حدثنا أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى التلعكبري، قال: حدثنا أبي رضي الله عنه، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الفزاري الكوفي، قال: حدثني عبد الرحمن بن سنان الصيرفي، عن جعفر بن علي الحوار، عن الحسن بن مسكان، عن المفضل بن عمر الجعفي، عن جابر الجعفي، عن سعيد بن المسيب، قال: الخبر، وهو طويل يتضمن ذكر واقعة الطف، وأثرها في أهل المدينة، وورود عبد الله بن عمر بن الخطاب دمشق صارخا، لاطما وجهه، شاقا جيبه، معترضا على يزيد، محرضا عليه، فأقنعه يزيد بأن أخرج إليه صحيفة تحتوي على عهد كتبه عمر بن الخطاب - وقيل: عثمان بن عفان - إلى معاوية بن أبي سفيان.

وقد أشرنا إلى هذا الخبر لكونه من الجزء المفقود من كتابنا هذا، تاركين التعرض لتفاصيله، محيلين القارئ الكريم إلى مظانه.