أبو محمد علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام)
معرفة ولادته:
قال أبو محمد الحسن بن علي الثاني (عليه السلام): ولد (1) في المدينة، في المسجد، في بيت فاطمة (عليها السلام) سنة ثمان وثلاثين من الهجرة، قبل وفاة جده أمير المؤمنين (2)، فأقام مع جده سنتين، ومع عمه الحسن عشر سنين، وبعد وفاة عمه مع أبيه عشر سنين، وبعدما استشهد أبوه خمسا وثلاثين سنة.(3)
فكانت أيام إمامته ملك يزيد بن معاوية، وملك معاوية بن يزيد، وملك مروان ابن الحكم، وملك عبد الملك بن مروان، وملك الوليد بن عبد الملك (4).
وقبض بالمدينة في المحرم في عام خمس وتسعين من الهجرة، وقد كمل عمره سبعا وخمسين سنة (5).
____________
(1) زاد في " ط ": علي.
(2) تاريخ الأئمة: 9، مسار الشيعة: 112، الارشاد: 253، روضة الواعظين 201.
(3) وروي غير ذلك في هذه التواريخ، انظر: روضة الواعظين: 201، مناقب ابن شهرآشوب 4: 175.
(4) إعلام الورى: 257.
(5) روضة الواعظين 201، مناقب ابن شهرآشوب 4: 175، إعلام الورى: 256.
ودفن بالبقيع مع عمه الحسن بن علي (عليه السلام) (2).
نسبه (عليه السلام):
علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (2) بن عبد الملك بن هاشم بن عبد مناف.
ويكنى:
أبا محمد، وأبا الحسن، وأبا بكر، والأول أشهر وأثبت (4).
لقبه (عليه السلام):
ذو الثفنات لأنه كان من طول سجوده وشدة عبادته ونحافة جسمه أثر السجود في جبهته، وهرأ جلدها، فكان يقصه حتى صار كثفنة البعير من جهات الجبهة (5)، والمتهجد، والرهباني، وزين العابدين، وسيد العابدين (6)، والسجاد (7).
____________
(1) مناقب ابن شهرآشوب 4: 176، الصواعق المحرقة: 201.
(2) تاريخ الأئمة: 31، مسار الشيعة: 114، الارشاد: 254، تاريخ مواليد الأئمة: 180.
(3) في " ط ": بن عبد مناف.
(4) تاريخ الأئمة: 29، مسار الشيعة: 111، الارشاد: 253.
(5) في " ع، م ": عبادته نحف جبهته فيقصها.
(6) في " ط ": وسيد العباد.
(7) مسار الشيعة: 112، تاريخ مواليد الأئمة: 180، مناقب ابن شهرآشوب 4: 175.
[نقش خاتمه (عليه السلام)]
وكان له خاتم نقشه: شقي وخزي قاتل الحسين (1).
وبوابه (عليه السلام):
يحيى بن أم الطويل المدفون بواسط، قتله الحجاج (لعنه الله)، ويروى أنه أبو خالد الكابلي والله أعلم. ولما دفن ضربت امرأته على قبره فسطاطا (2).
ويروى أن ناقة تدعى ذرة وكانت ترعى فجاءت حتى ضربت بجرانها (3) الفسطاط، وجعلت تحن، فجاء غلام له (4) فأخذ بمشفرها (5) فاقتادها، وكانت ناقته، فلما كان عشية دفن خرجت حتى صارت إلى القبر.
فأخبر أبو جعفر (عليه السلام)، فقال: خذوها لا يراها الناس، فخرج أبو جعفر (عليه السلام) فردها إلى موضعها، ففعلت ذلك مرارا، ثم إنهم أقاموها فلم تقم، فقال أبو جعفر (عليه السلام): دعوها فإنها مودعة. فلم تلبث إلا هنيهة حتى نفقت (6)، فأمر أبو جعفر (عليه السلام) فحفر لها ودفنت.(7)
ذكر ولده (عليه السلام):
محمد الباقر الإمام (عليه السلام)، وزيد الشهيد بالكوفة، و عبد الله، وعبيد الله،
____________
(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 56، الكافي 6: 473 / 6.
(2) تاريخ الأئمة: 32، مناقب ابن شهرآشوب 4: 176.
(3) الجران: باطن العنق من البعير وغيره " المعجم الوسيط 1: 119 ".
(4) في " ع، م " لهم.
(5) المشفر: شفة البعير الغليظة " المعجم الوسيط 1: 487 ".
(6) في " ط ": حتى ماتت، وكلاهما بمعنى.
(7) بصائر الدرجات: 503 / 11، الكافي 1: 389 / 3 نحوه، الاختصاص: 301.
خبر أمه والسبب في تزويجها
111 / 1 - أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن محمد بن مخزوم المقرئ (2) مولى بني هاشم قال: حدثنا أبو سعيد (3) عبيد بن كثير بن عبد الواحد العامري التمار بالكوفة، قال:
حدثنا يحيى بن الحسن بن الفرات، قال: حدثنا عمرو بن أبي المقدام، عن سلمة بن كهيل، عن المسيب بن نجبة، قال:
لما ورد سبي الفرس إلى المدينة أراد عمر بن الخطاب بيع النساء، وأن يجعل الرجال عبيدا للعرب، وأن يرسم عليهم، أن يحملوا العليل والضعيف والشيخ الكبير في الطواف على ظهورهم حول الكعبة، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: أكرموا كريم كل قوم.
فقال عمر: قد سمعته يقول: إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه وإن خالفكم.
فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): فمن أين لك أن (4) تفعل بقوم كرماء ما ذكرت، إن (5) هؤلاء قوم قد ألقوا إليكم السلم، ورغبوا في الاسلام والسلام (6)، ولا بد من أن يكون لي منهم ذرية، وأنا أشهد الله وأشهدكم أني قد أعتقت نصيبي منهم لوجه الله.
____________
(1) تاريخ الأئمة: 19، مسار الشيعة: 114، تاريخ مواليد الأئمة: 180.
(2) في " م، ط ": المسفري، وهو تصحيف، انظر تاريخ بغداد 1: 362.
(3) (أبو سعيد) ليس في " ط ".
(4) في " ع ": فمن تفعل ذلك، وفي " م ": فمن ذلك.
(5) في " ع ": كرماء حكما ما ذكرته يا هذا، وفي " م ": كرماء حكما ذكرته يا هذا.
(6) (والسلام) ليس في " ط ".
فقال المهاجرون والأنصار: قد وهبنا حقنا لك يا أخا رسول الله.
فقال: اللهم اشهد أنهم قد وهبوا حقهم وقبلته، واشهد لي بأني قد أعتقتهم لوجهك.
فقال عمر: لم نقضت علي عزمي في الأعاجم؟ وما الذي رغبك عن رأيي فيهم؟
فأعاد عليه ما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في إكرام الكرماء، وما هم عليه من الرغبة في الاسلام، فقال عمر: قد وهبت لله ولك - يا أبا الحسن - ما يخصني وسائر ما لم يوهب لك.
فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): اللهم اشهد على ما قالوه، وعلى عتقي إياهم.
فرغبت جماعة من قريش في أن يستنكحوا النساء، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): هؤلاء لا يكرهن على ذلك ولكن يخيرن، فما اخترنه عمل به.
فأشار جماعة الناس إلى شهربانويه بنت كسرى فخيرت وخوطبت من وراء حجاب، والجمع حضور، فقيل لها: من تختارين من خطابك؟ وهل أنت ممن تريدين بعلا؟ فسكتت.
فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): قد أرادت وبقي الاختيار.
فقال عمر: وما علمك بإرادتها البعل؟
فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان إذا أتته كريمة قوم لا ولي لها وقد خطبت، أمر أن يقال لها: أنت راضية بالبعل؟ فإن استحيت وسكتت جعل إذنها صماتها (3) وأمر بتزويجها، وإن قالت: لا، لم تكره على ما لا تختاره.
وإن شهربانويه أريت الخطاب وأومأت بيدها، وأشارت إلى الحسين بن علي،
____________
(1) في " م ": حصثنا.
(2) في " ع، م ": عتقت ما وهبتمونيه.
(3) في " ط ": رضاها سكوتها.
وجعلت أمير المؤمنين (عليه السلام) وليها. وتكلم (1) حذيفة بالخطبة، فقال: أمير المؤمنين (عليه السلام): ما اسمك؟
قالت: شاه زنان (2).
قال: نه شاه زنان نيست، مگر دختر (3) محمد (صلى الله عليه وآله) وهي سيدة نساء، أنت شهربانويه وأختك مرواريد بنت كسرى.
قالت: آريه (4).
وروي أن شهربانويه وأختها مرواريد خيرتا، فاختارت شهربانويه الحسين (عليه السلام)، ومرواريد الحسن (عليه السلام).
وقال علي الرافعي: كان لعلي بن الحسين (عليهما السلام) ناقة حج عليها ثلاثين حجة، أو أربعا وعشرين حجة، ما قرعها قرعة قط (5).
وقيل له - وقد كان بين الفضل -: ما بالك إذا سافرت كتمت نسبك أهل الرفقة؟
فقال: أكره أن آخذ برسول الله ما لا أعطي مثله (6).
رجع الحديث
قال: وقال إبليس (لعنه الله) يا رب، إني قد رأيت العابدين لك من عبادك من أول الدهر إلى عهد علي بن الحسين فلم أر فيهم أعبد لك ولا أخشع منه، فأذن لي - يا إلهي - أن أكيده لأعلم صبره. فنهاه الله عن ذلك فلم ينته، فتصور لعلي بن
____________
(1) في " ط ": فخطب.
(2) معناها: سيدة النساء.
(3) معناها: لا، ليس سيدة النساء إلا ابنة.
(4) معناها: نعم، العدد القوية: 57 / 74.
(5) نحوه في الكافي 1: 389 / 1، ومناقب ابن شهرآشوب 4: 155، وألقاب الرسول وعترته: 253.
(6) الكامل للمبرد 2: 138، مناقب ابن شهرآشوب 4: 161، كشف الغمة 2: 108.
فلم يلبث إبليس حتى انقض عليه شهاب محرق من السماء، فلما أحس به إبليس صرخ وقام إلى جانب علي بن الحسين (عليهما السلام) في صورته الأولى، وقال: يا علي، أنت سيد العابدين كما سميت، وأنا إبليس، والله لقد شاهدت من عبادة النبيين والمرسلين من لدن آدم إلى زمنك (2)، فما رأيت مثل عبادتك، ولوددت أنك استغفرت لي، فإن الله كان يغفر لي. ثم تركه وولى، وهو في صلاته لا يشغله كلامه حتى قضى صلاته على تمامها (3).
وروي أنه كان قائما في صلاته حتى زحف ابنه محمد، وهو طفل، إلى بئر كانت في داره (4) بعيدة القعر، فسقط فيها، فنظرت إليه أمه فصرخت، وأقبلت تضرب نفسها من حوالي البئر، وتستغيث به وتقول له: يا بن رسول الله، غرق والله ابنك محمد. وكل ذلك لا يسمع قولها، ولا ينثني عن صلاته، وهي تسمع اضطراب ابنها في قعر البئر في الماء.
فلما طال عليها ذلك قالت له جزعا على ابنها ما أقسى قلوبكم يا أهل بيت النبوة! فأقبل على صلاته ولم يخرج عنها إلا بعد كمالها وتمامها، ثم أقبل عليها فجلس على رأس البئر، ومد يده إلى قعرها، وكانت لا تنال إلا برشاء (5) طويل فأخرج ابنه محمدا بيده وهو يناغيه ويضحك، ولم يبل له ثوب ولا جسد بالماء.
____________
(1) أي يعضها " لسان العرب - كدم - 12: 509 ".
(2) في " ع، م ": آدم أبوك وإليك.
(3) نوادر المعجزات: 112 / 1، حلية الأبرار 2: 9، مدينة المعاجز: 293 / 1.
(4) في " ع، م ": فازة.
(5) الرشاء: حبل الدلو " المعجم الوسيط - رشا - 1: 348 ".
وقال: كان علي بن الحسين (عليه السلام) حسن الصلاة يصلي في كل يوم وليلة ألف ركعة (3) سوى الفريضة، فقيل له: أين هذا العمل من عمل علي أمير المؤمنين جدك؟
فقال (4): مه إنني نظرت في عمل علي يوما واحدا، فما استطعت أن أعدله (5) من الحول إلى الحول (6).
ذكر (7) معجزاته (عليه السلام)
112 / 2 - قال أبو جعفر: حدثنا عبد الله بن محمد البلوي، قال: سمعت عمارة ابن زيد، قال: حدثني إبراهيم بن سعد، قال:
لما كانت واقعة الحرة وأغار الجيش على المدينة وأباحها (8) ثلاثا، وجه بردعة الحمار صاحب يزيد بن معاوية (لعنه الله) في طلب علي بن الحسين (عليهما السلام) ليقتله، أو
____________
(1) في " ط ": فبكت لما نالت منه في جزعها فقال.
(2) الهداية الكبرى: 215، عيون المعجزات: 73، مناقب ابن شهرآشوب 4: 135، مدينة المعاجز:
293.
(3) الارشاد: 256، عيون المعجزات: 71، روضة الواعظين: 197، ألقاب الرسول وعترته: 253، إعلام الورى: 260، تهذيب التهذيب 7: 306، إسعاف الراغبين المطبوع بهامش نور الأبصار: 237، تذكرة الحفاظ 1: 75، الفصول المهمة: 201، الصواعق المحرقة: 200، نور الأبصار: 281.
(4) زاد في " ط ": للمتكلم.
(5) في " ع، م ": واحدا فعدلت.
(6) حلية الأبرار 1: 321، مدينة المعاجز: 293.
(7) في " ط " زيادة: شئ من.
(8) في " ع، م " الحرة وأغير على المدينة.
ما أردت إلا إكرامك والاحسان إليك. ثم نزل عن السحاب، فجلس بين يديه، فقرب إليه أقداحا فيها ماء ولبن وعسل، فاختار علي بن الحسين لبنا وعسلا، ثم غاب من بين يديه حيث لا يعلم (3).
113 / 3 - قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد سفيان بن وكيع، عن أبيه، عن الأعمش، عن قدامة بن عاصم، قال:
كان علي بن الحسين (عليهما السلام) رجلا أسمر ضخما من الرجال، وكان ينظر إلى صريمة فيها ظباء فيسبق أوائلها ويردها على أواخرها (4).
114 / 4 - قال أبو جعفر: حدثنا عبد الله بن محمد، عن عمارة بن زيد، عن أبي إسحاق إبراهيم بن غندر، قال:
جاء مال من خراسان إلى مكة، فقال محمد بن الحنفية: هذا المال لي وأنا أحق به. فقال له علي بن الحسين (عليه السلام): بيني وبينك الصخرة. فأتيا الصخرة، فكلم محمد ابن الحنفية الصخرة فلم تنطق، فكلمها علي بن الحسين فنطقت وقالت: المال لك، المال لك، وأنت الوصي وابن الوصي، والإمام وابن الإمام. فبكى محمد وقال: يا بن أخي، لقد ظلمتك إذ غصبتك حقك (5).
115 / 5 - قال أبو جعفر: حدثنا أبو محمد عبد الله، قال: حدثنا محمد بن سعيد، عن سالم بن قبيصة، قال: شهدت علي بن الحسين (عليه السلام) وهو يقول: أنا أول من خلق الأرض، وأنا آخر من يهلكها.
فقلت له: يا بن رسول الله، وما آية ذلك؟
قال: آية ذلك أن أرد الشمس من مغربها إلى مشرقها، ومن مشرقها إلى مغربها.
____________
(1) في " ط ": دخلوا عليه جاءه سحاب فوقف على رأسه فنزل منه ملك فقام بين يديه.
(2) في " ط ": تبتلعهم فقال: ماكل هذا.
(3) نوادر المعجزات: 113 / 2، إثبات الهداة 5: 254 / 55، مدينة المعاجز: 293.
(4) إثبات الهداة 5: 255 / 56، مدينة المعاجز: 293 / 4.
(5) نوادر المعجزات: 114 / 3، إثبات الهداة 5: 255 / 57، مدينة المعاجز: 293 / 5.
وقال علي بن الحسين (صلوات الله عليه): سألت ربي ثلاثا فأعطاني، سألته أن يحل في ما حل في سميي من قبل ففعل، وأن يرزقني العبادة ففعل، وأن يلهمني التقوى ففعل (1).
116 / 6 - قال أبو جعفر: حدثنا سفيان بن وكيع، عن أبيه وكيع، عن الأعمش، قال: قال إبراهيم بن الأسود التيمي (2):
رأيت علي بن الحسين (عليه السلام) وقد أوتي بطفل مكفوف، فمسح عينيه فاستوى بصره، وجاءوا إليه بأبكم فكلمه فأجابه، وجاءوا إليه بمقعد فمسح عليه (3) فسعى ومشى (4).
117 / 7 - قال أبو جعفر: حدثنا أحمد بن سليمان بن أيوب الهاشمي، قال:
حدثنا محمد بن كثير، قال: أخبرنا سليمان بن عيسى، قال:
لقيت علي بن الحسين (عليه السلام) فقلت له: يا بن رسول الله، إني معدم، فأعطاني درهما ورغيفا، فأكلت أنا وعيالي من الرغيف والدرهم أربعين سنة (5).
118 / 8 - قال أبو جعفر: حدثنا أحمد بن عبيد بن ناصح، عن محمد بن إسحاق، قال:
لقيت علي بن الحسين (عليه السلام) وقد انبثق شق في نهر سورا وبريه (6) وتر بنا حتى ذهب بغلتيهما - خمسمائة (7) ألف درهم - وكان ذلك دأبه في كل سنة، فسألته فأعطاني خاتم رصاص، فألقيته في ذلك النهر، فوقف الماء بصيفه وشتائه ومده ونقصه فلم يضر الغلة (8).
____________
(1) نوادر المعجزات: 114 / 4، قطعة منه، مدينة المعاجز: 293 / 6.
(2) في " ط ": التميمي.
(3) في " ع، م ": فمسحه.
(4) نوادر المعجزات: 115 / 5، إثبات الهداة 5: 255 / 58، مدينة المعاجز: 293 / 7.
(5) نوادر المعجزات: 115 / 6، إثبات الهداة 5: 255 / 59، مدينة المعاجز: 293 / 8.
(6) نهر سورا ويقال سوراء: من نواحي الكوفة. ونهر بريه: بالبصرة شرق دجلة.
(7) في " ع، م ": شقا في نهر متورا ونرية وترينا حتى ذهب غلاتها بخمسمائة.
(8) إثبات الهداة 5: 256 / 60.
كنت مع علي بن الحسين (عليه السلام) عندما انصرف من الشام إلى المدينة، فكنت أحسن إلى نسائه وأتوارى عنهم عند قضاء حوائجهم (1)، فلما نزلوا المدينة بعثوا إلي بشئ من حليهن فلم آخذه، وقلت: فعلت هذا لله (عز وجل) (2).
فأخذ علي بن الحسين (عليه السلام) حجرا أسود صما فطبعه بخاتمه، ثم قال: خذه وسل كل حاجة لك منه.
فوالله الذي بعث محمدا بالحق، لقد كنت أسأله الضوء في البيت فينسرج في الظلماء، وأضعه على الأقفال فتفتح لي، وآخذه بيدي وأقف بين يدي السلاطين فلا أرى إلا ما أحب (3).
120 / 10 - قال أبو جعفر: حدثنا عبد الله بن منير قال: أخبرنا محمد بن إسحاق الصاعدي (4) وأبو محمد ثابت بن ثابت، قالا: حدثنا جمهور بن حكيم، قال:
رأيت علي بن الحسين (عليه السلام) وقد نبت له أجنحة وريش، فطار ثم نزل، فقال:
رأيت الساعة جعفر بن أبي طالب في أعلى عليين.
فقلت: وهل تستطيع أن تصعد؟
فقال: نحن صنعناها فكيف لا نقدر أن نصعد إلى ما صنعناه؟! نحن حملة العرش، ونحن على العرش، والعرش والكرسي لنا.
ثم أعطاني طلعا في غير أوانه (5).
121 / 11 - قال أبو جعفر: حدثنا عبد الله بن محمد، قال: حدثنا عمارة بن زيد، قال: حدثنا ثابت، عن أنس بن مالك.
____________
(1) في " ط ": عنهم إذا نزلوا وأبعد عنهم إذا رحلوا، وفي النوادر: وأقضي حوائجه.
(2) في " ط ": ولرسوله.
(3) نوادر المعجزات: 116 / 7، إثبات الهداة 5: 256 / 61، مدينة المعاجز: 294 / 9.
(4) في " ع ": الساعدي.
(5) نوادر المعجزات: 116 / 8، إثبات الهداة 5: 256 / 62، مدينة المعاجز: 294 / 10.
يا بن رسول الله، لو (3) ركبت. فقال: ها هنا ما هو أيسر، فانظر. فحملته الريح، وحفت بن الطير من كل جانب، فما رأيت مرأى (4) أحسن من ذلك كانت الطير (5) لتناغيه، والريح تكلمه (6).
122 / 12 - وروى عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال:
بينا علي بن الحسين (عليه السلام) جالس مع أصحابه إذ أقبلت ظبية من الصحراء حتى قامت بين يديه، فضربت بذنبها وهمهمت، فقال بعض القوم: يا بن رسول الله ما تقول الظبية؟ قال: تذكر أن فلان بن فلان القرشي أخذ خشفها بالأمس ولم ترضعه منذ أمس.
قال: فوقع في قلب الرجل ما شاء الله.
قال: فأرسل إلى القرشي وقال له: هذه الظبية تشكوك.
قال: وما تقول؟
قال: تزعم أنك أخذت خشفها أمس في وقت كذا وكذا، وأنه لم يرضع منذ أمس شيئا، وقد سألتني أن أسألك أن تبعث به إليها حتى ترضعه وترده إليك.
قال: والذي بعث محمدا بالرسالة، لقد صدقت علي. فقال له: أرسل إلي بالخشف.
فلما رأته همهمت وضربت بذنبها، فرضع منها فقال: بحقي عليك - يا فلان - إلا وهبته لي. فوهبه لعلي بن الحسين (عليه السلام)، ووهبه علي بن الحسين لها، وكلمها بمثل كلامها، فهمهمت وضربت بذنبها وانطلقت مع الخشف، فقالوا: يا بن رسول الله، ما قالت؟
____________
(1) ينبع قرية غناء على يمين رضوي لمن كان منحدرا من أهل المدينة إلى البحر. مراصد الاطلاع 3: 1485.
(2) (ماشيا) ليس في " ع، م ".
(3) في " ع، م ": إن.
(4) في " ع، م ": مرقوما.
(5) في " ع، م " أحسن منه يرفد إلى الطير.
(6) نوادر المعجزات: 117 / 9، إثبات الهداة 5: 256 / 63، مدينة المعاجز: 294 / 11.
123 / 13 - وروى الحسين بن أبي العلاء وأبو المغرا وحميد بن المثنى جميعا، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: جاء محمد بن الحنفية إلى علي بن الحسين (عليهما السلام) فقال: يا علي، ألست تقر بأني إمام عليك؟
قال: يا عم، لو علمت ذلك ما خالفتك، و (3) إن طاعتي عليك وعلى الخلائق مفروضة. وقال: يا عم، أما علمت أني وصي وابن وصي. وأنبه فتشاجرا ساعة، فقال علي بن الحسين (عليه السلام): بمن ترضى يكون بيننا حكما؟
فقال محمد: من شئت.
قال: أترتضي أن يكون بيننا الحجر الأسود؟
فقال محمد: سبحان الله! أدعوك إلى الناس وتدعوني إلى حجر لا يتكلم!
فقال علي (عليه السلام): يتكلم، أما علمت - يا عم - أنه يأتي يوم القيامة وله عينان ولسان وشفتان، فيشهد لمن وافاه بالموافاة، فندنو أنا وأنت منه، فندعو الله أن ينطقه لنا أينا حجة الله على خلقه.
فانطلقا وصليا عند مقام إبراهيم (عليه السلام) ودنوا من الحجر الأسود، وقد كان ابن الحنفية قال: لئن لم أجبك إلى ما دعوتني إليه، إني إذن لمن الظالمين.
فقال علي (عليه السلام) لمحمد: تقدم يا عم إليه، فإنك أسن مني، فقال محمد للحجر: أسألك بحرمة الله، وبحرمة رسوله، وبحرمة كل مؤمن إن كنت تعلم أني حجة الله على علي ابن الحسين إلا نطقت بالحق، وبينت ذلك لنا. فلم يجبه.
ثم قال محمد لعلي (عليه السلام): تقدم فاسأله، فتقدم علي (عليه السلام) فتكلم بكلام خفي لا يفهم، ثم قال: أسألك بحرمة الله، وبحرمة رسوله، وبحرمة علي أمير المؤمنين، وبحرمة فاطمة،
____________
(1) في " ع، م ": لله.
(1) بصائر الدرجات: 370 / 10، الهداية الكبرى: 216، الاختصاص: 299، الخرائج والجرائح 1: 259 / 4، مناقب ابن شهرآشوب 4: 140، الثاقب في المناقب: 359 / 297، كشف الغمة 2: 109، الصراط المستقيم 2: 180 / 4 (3) في " ط " زيادة: لكني أعلم.
فقال الحجر بلسان عربي مبين: يا محمد بن علي، اسمع وأطع لعلي بن الحسين، فإنه حجة الله على خلقه.
فقال ابن الحنفية بعد ذلك: سمعت وأطعت وسلمت (1).
124 / 14 - وروى الحسين بن سعيد، عن القاسم، [عن سليمان] (2) بن محمد ابن دينار، عن عبد الله بن عطاء التميمي، قال: كنت مع علي بن الحسين (عليه السلام) في المسجد فمر عمر بن عبد العزيز وعليه نعلان شراكهما فضة، وكان من أمجن الناس، وهو شاب، فنظر إليه علي بن الحسين (عليه السلام) فقال: يا عبد الله بن عطاء، ترى هذا المترف، إنه لا يموت حتى يلي الناس.
قلت: إنا لله، هذا الفاسق!
قال: نعم، ولا يلبث عليهم إلا يسيرا حتى يموت، فإذا مات لعنه أهل السماء، وبكى. عليه أهل الأرض (3).
125 / 15 - وروى الحسين بن سعيد والبرقي، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبي (4)، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: أتي بعلي بن الحسين (عليهما السلام) إلى يزيد بن معاوية ومن معه من النساء أسرى فجعلوهم في بيت، ووكلوا بهم قوما من العجم لا يفهمون العربية.
فقال بعض لبعض: إنما جعلنا في هذا البيت ليهدم علينا فيقتلنا فيه.
فقال علي بن الحسين (عليه السلام) للحرس بالرطانة: تدرون ما يقول هؤلاء
____________
(1) الهداية الكبرى: 220، الخرائج والجرائح 1: 257 نحوه، الثاقب في المناقب: 349 / 291، وقطعة منه في عيون المعجزات: 71، وألقاب الرسول وعترته: 254.
(2) أضفناه من بصائر الدرجات، وانظر معجم رجال الحديث 10: 256.
(3) بصائر الدرجات: 190 / 1، الخرائج والجرائح 2: 584 / 4، الثاقب في المناقب: 360 / 298.
(4) زاد في البصائر: عن محمد بن علي الحلبي، وكلاهما معدود في أصحاب أبي عبد الله (عليه السلام) والرواة عنه، انظر رجال النجاشي: 444 / 1199 ومعجم رجال الحديث 16: 303.
فقال الحرس: قد قالوا أنكم تخرجون غدا وتقتلون. فقال علي بن الحسين (عليه السلام): كلا، يأبى الله ذلك. ثم أقبل عليهم يعلمهم بلسانهم.
والرطانة عند أهل المدينة اللغة (1) الفارسية (2).
126 / 16 - وروى يعقوب بن يزيد، عن الوشاء عمن روى (3) عن المثنى، عن علي بن منصور (4)، عن أبي حمزة الثمالي، قال: كنت مع علي بن الحسين (عليه السلام) في داره وفيها عصافير وهي تصوت، فقال لي: أتدري ما يقلن هؤلاء العصافير؟
فقلت: لا أدري.
قال: يسبحن ربهن ويهللن، ويسألنه قوت يومهن.
ثم قال: يا أبا حمزة، علمنا منطق الطير، وأوتينا من كل شئ (5).
127 / 17 - وروى العباس بن معروف، عن أبي الحسن الكرخي، عن الحسن [ابن محمد] بن عمران (6)، عن زرعة، عن سماعة، عن أبي بصير، [عن عبد العزيز] (7)، قال:
خرجت مع علي بن الحسين (عليه السلام) إلى مكة فبلغنا الأبواء، فإذا غنم ونعجة قد تخلفت عن القطيع، وهي تثغو ثغاء شديدا وتنقلب إلى سخلتها تثغو وتشتد في طلبها فكلما قامت السخلة ثغت النعجة فتتبعها.
فقال: يا عبد العزيز، تدري ما تقول النعجة لسخلتها؟ فقلت: لا والله ما أدري،
____________
(1) في " ع، م ": الدرية.
(2) بصائر الدرجات: 357 / 1 " نحوه "، مدينة المعاجز: 294.
(3) في " م ": عمن رواه.
(4) في البصائر: الميثمي، عن منصور، وفي الاختصاص: علي بن إسماعيل الميثمي، عن منصور بن يونس، وكلاهما يرويان عن أبي حمزة الثمالي، انظر معجم رجال الحديث 21: 133.
(5) بصائر الدرجات: 361 / 1، الاختصاص: 292، ونحوه في الهداية الكبرى: 217، وحلية الأولياء 3:
140، مناقب ابن شهرآشوب 4: 133.
(6) في النسخ: الحسن بن عمران، وما أثبتناه من جامع الرواة 1: 329، معجم رجال الحديث 7: 258.
(7) أثبتناه من الخرائج والجرائح ومناقب ابن شهرآشوب.
128 / 18 - وروى محمد بن إبراهيم، قال: حدثني بشر بن محمد (2)، عن حمران ابن أعين، قال: كنت قاعدا عند علي بن الحسين (عليه السلام) ومعه (3) جماعة من أصحابه، فجاءت ظبية فتبصبصت وضربت بذنبها، فقال: هل تدرون ما تقول هذه الظبية؟ قلنا:
ما ندري.
فقال: تزعم أن رجلا اصطاد خشفا لها وهي تسألني أن أكلمه أن يرده عليها.
فقام وقمنا معه حتى جاء إلى باب الرجل، فخرج إليه والظبية معنا، فقال له علي بن الحسين (عليه السلام): إن هذه الظبية زعمت كذا وكذا، وأنا أسألك أن ترد عليها، فدخل الرجل مسرعا داره، وأخرج إليه الخشف وسيبه، فمضت الظبية والخشف معها، وأقبلت تحرك ذنبها، فقال علي بن الحسين (عليه السلام): هل تدرون ما تقول؟ فقلنا: ما ندري.
فقال: إنها تقول: رد الله عليكم كل حق غصبتم عليه، وكل غائب، وكل سبب ترجونه، وغفر لعلي بن الحسين كما رد علي ولدي (4).
129 / 19 - أخبرني أبو الحسن علي بن هبة الله، قال: حدثنا أبو جعفر محمد ابن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه، قال: حدثنا الحسين بن أحمد، قال: حدثنا أبي، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي عبيدة وزرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال:
لما قتل الحسين بن علي (صلوات الله عليه) أرسل محمد بن الحنفية إلى علي بن الحسين فجاءه، فقال (5) له: يا بن أخي، قد علمت أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) جعل الوصية
____________
(1) بصائر الدرجات: 367 / 2، الاختصاص: 294، الخرائج والجرائح 2: 833 / 48، مناقب ابن شهرآشوب 4: 139.
(2) في البصائر والاختصاص: بشر [بشير] وإبراهيم ابنا محمد، عن أبيهما.
(3) في " ط ": ومعي.
(4) بصائر الدرجات: 372 / 14، الاختصاص: 297.
(5) في " ع، م ": فجاء به وقال، ولعلها تصحيف: فخلا به، كما في بعض المصادر.