وعنه، قال: حدثنا علي بن محمد، قال: حدثني إسحاق بن جبرئيل الأهوازي، قال: وكتب من نفس التوقيع.(1)
499 / 103 - وحدثني علي بن السويقاني وإبراهيم بن محمد بن الفرج الرخجي، عن محمد بن إبراهيم بن مهزيار: أنه ورد العراق شاكا مرتابا (2)، فخرج إليه: " قل للمهزياري: قد فهمنا ما حكيته عن موالينا بناحيتكم، فقل لهم: أما سمعتم الله (عز وجل) يقول: * (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) * (3)؟! هل أمروا إلا بما هو كائن إلى يوم القيامة؟! أو لم تروا الله (جل ذكره) جعل لكم معاقل تأوون إليها، وأعلاما تهتدون بها من لدن آدم (عليه السلام) إلى أن ظهر الماضي (صلوات الله عليه)، كلما غاب علم بدا علم، وإذا أفل نجم بدا نجم، فلما قبضه الله إليه ظننتم أن الله (عز وجل) قد قطع السبب بينه وبين خلقه، كلا ما كان ذلك، ولا يكون إلى أن تقوم الساعة، ويظهر أمر الله وهم كارهون.
يا محمد بن إبراهيم، لا يدخلك الشك فيما قدمت له، فإن الله (عز وجل) لا يخلي أرضه من حجة، أليس قال لك الشيخ قبل وفاته: أحضر الساعة من يعير هذه الدنانير التي عندي. فلما أبطئ عليه ذلك، وخاف الشيخ على نفسه الوحا (4)، قال لك:
عيرها على نفسك. فأخرج إليك كيسا كبيرا، وعندك بالحضرة ثلاثة أكياس وصرة فيها دنانير مختلفة النقد، فعيرتها، وختم الشيخ عليها بخاتمه، وقال لك: اختم مع خاتمي، فإن أعيش فأنا أحق بها، وإن أمت فاتق الله في نفسك أولا وفي، وكن عند ظني بك. أخرج يرحمك الله الدنانير التي (5) نقصتها من بين النقدين من حسابه، وهي بضعة عشر دينارا ".(6)
____________
(1) الإمامة والتبصرة: 140 / 162، كمال الدين وتمام النعمة: 486 / 6، الثاقب في المناقب: 597 / 540، مدينة المعاجز: 605 / 58.
(2) في " ط ": مرتادا.
(3) النساء 4: 59.
(4) أي السرعة، والمراد أنه خاف على نفسه سرعة الموت.
(5) في " ع " زيادة: أنت.
(6) كمال الدين وتمام النعمة: 486 / 8، الخرائج والجرائح 3: 1116.
501 / 105 - وعنه، قال: وحدثني أبو حامد المراغي، عن محمد بن شاذان بن نعيم، قال: بعث رجل من أهل بلخ مالا ورقعة ليس فيها كتابة، قد خط بإصبعه كما يدور من غير كتابة، وقال للرسول: احمل هذا المال، فمن أعلمك بقصته وأجابك عن الرقعة، فاحمل إليه هذا المال.
فصار الرجل إلى العسكر، وقصد جعفرا، وأخبره الخبر، فقال له جعفر: تقر بالبداء؟ فقال الرجل: نعم.
فقال له: إن صاحبك قد بدا له، وقد أمرك أن تعطيني المال.
فقال له الرسول: لا يقنعني هذا الجواب، فخرج من عنده، وجعل يدور على أصحابنا، فخرجت إليه رقعة: " هذا مال قد كان عثر به، وكان فوق صندوق، [فدخل اللصوص البيت وأخذوا ما في الصندوق] (2)، وسلم المال " وردت عليه الرقعة وقد كتب فيه: " كما يدور، سألت الدعاء فعل الله بك، وفعل ".(3)
502 / 106 - وقال: حدثني أبو جعفر: قال: ولد لي مولود، فكتبت أستأذن في تطهيره يوم السابع، فورد: " لا " فمات المولود يوم السابع.
ثم كتبت أخبره بموته، فورد: " سيخلف الله عليك غيره، وغيره، فسمه أحمد، ومن بعد أحمد جعفر ". فجاء ما قال (عليه السلام).(4)
503 / 107 - وعنه، قال: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني (قدس سره)، قال: حدثني
____________
(1) مدينة المعاجز: 605 / 60.
(2) أخذناه من كمال الدين وتمام النعمة، والخرائج والجرائح.
(3) كمال الدين النعمة: 488 / 11، الخرائج والجرائح 3: 1129 / 47، الثاقب في المناقب: 599 / 544.
(4) مدينة المعاجز: 605 / 62.
____________
(1) مدينة المعاجز: 606 / 63.
معرفة
ما ورد من الأخبار في وجوب الغيبة
504 / 108 - أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون، عن أبيه، عن أبي علي محمد بن همام، عن عبد الله بن جعفر، عن الحسن بن علي الزبيري، عن عبد الله بن محمد بن خالد (1) الكوفي، عن منذر بن محمد بن قابوس، عن نصر بن السندي (2)، عن أبي داود، عن ثعلبة بن ميمون، عن مالك الجهني، عن الحارث بن المغيرة، عن الأصبغ بن نباتة، قال: أتيت أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) فوجدته مفكرا، ينكت في الأرض (3)، فقلت: يا أمير المؤمنين، ما لي أراك مفكرا، تنكت في الأرض؟ أرغبة منك فيها؟
____________
(1) في النسخ: خلف، والصحيح ما أثبتناه. انظر رجال الكشي: 566 / 1070، التحرير الطاوسي: 284 / 426.
(2) في " ط ": نضر بن السندي، والظاهر صحة (منصور بن السندي) على ما في الكافي وغيبة النعماني، إذ يروي عنه منذر بن محمد بن قابوس، ويروي عن منذر عبد الله بن محمد بن خالد الكوفي. الكافي 1: 273 / 7، وانظر معجم رجال الحديث 18: 348.
(3) نكت الأرض بقضيب ونحوه: ضربها به فأثر فيها، يفعلون ذلك حال التفكر.
فقلت: يا أمير المؤمنين، وكم تكون تلك الحيرة، وتلك الغيبة؟ قال (عليه السلام): وأني لك ذلك، وكيف لك العلم بهذا الأمر يا أصبغ! أولئك خيار هذه الأمة مع أبرار هذه العترة.(1)
505 / 109 - وعنه، عن أبيه، عن أبي علي محمد بن همام، قال: حدثنا محمد ابن عبد الله الحميري، قال: حدثنا هارون بن مسلم البصري، عن مسعدة بن صدقة الربعي، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (صلوات الله عليهم أجمعين) أنه قال في خطبة له بالكوفة:
" اللهم لا بد لأرضك من حجة لك على خلقك يهديهم إلى دينك ويعلمهم علمك، لئلا تبطل حجتك، ولا يضل أتباع أوليائك، بعد إذ هديتهم به، إما ظاهر ليس بالمطاع، أو مكتتم ليس له دفاع، يترقبه أولياؤك، وينكره أعداؤك، إن غاب شخصه عن الناس لم يغب علمه في أوليائك من علمائهم ".(2)
506 / 110 - حدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا جعفر بن عبد الله العلوي المحمدي، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن زرارة بن أعين، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: للقائم غيبتان، إحداهما أطول من الأخرى.(3)
507 / 111 - أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون، عن أبيه، عن أبي علي محمد بن همام، عن إبراهيم بن هاشم، عن علي بن حسان، عن داود الرقي، قال:
سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن صاحب هذا الأمر، فقال: هو الطريد، الشريد،
____________
(1) كمال الدين وتمام النعمة: 288 / 1، غيبة النعماني: 60 / 4، الاختصاص: 209، غيبة الطوسي: 164 / 127.
(2) كمال الدين وتمام النعمة: 302 / 11.
(3) الفصول العشرة في الغيبة: 18.
508 / 112 - وروي عن محمد بن عبد الحميد و عبد الصمد بن محمد جميعا، عن حنان بن سدير، عن علي بن الحزور، عن الأصبغ بن نباتة، قال: سمعت أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) يقول: صاحب هذا الأمر الشريد، الطريد، الوحيد (2).
509 / 113 - وروى الحسن بن محمد بن سماعة الصيرفي، قال: حدثنا الحسين ابن مثنى الحناط (3)، عن عبيد الله بن زرارة، (4)، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول:
يفقد الناس إمامهم، يشهد الموسم يراهم ولا يرونه.(5)
510 / 114 - أخبرني أبو الحسن علي بن هبة الله، قال: حدثنا أبو جعفر، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن خالد البرقي، عن أبيه، عن فضالة بن أيوب، عن سدير، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن في القائم سنة من يوسف.
قلت: كأنك تذكر خبره (6) وغيبته.
قال: وما تنكر من ذلك، هذه الأمة أشباه الخنازير، إن إخوة يوسف كانوا أسباطا أولاد أنبياء، تاجروا يوسف وبايعوه، وخاطبوه وهم إخوته وهو أخوهم فلم يعرفوه، حتى قال لهم: أنا يوسف. فما تنكر هذه الأمة الملعونة أن يكون الله في الأوقات يريد أن يستر عنهم حجته.
لقد كان يوسف (عليه السلام) إليه ملك مصر، وكان بينه وبين والده مسيرة ثمانية عشر يوما، فلو أراد أن يعلم مكانه لقدر على ذلك، والله لقد سار يعقوب وولده عند البشارة تسعة أيام من بدوهم إلى مصر، فما تنكر هذه الأمة أن يكون الله يفعل بحجته
____________
(1) تقدمت تخريجاته في الحديث (88).
(2) كمال الدين وتمام النعمة: 303 / 13.
(3) في " ط ": العطار.
(4) عده البرقي في رجاله: 23 من أصحاب الصادق (عليه السلام)، وتقدم في الحديث (81) بعنوان عبيد بن زرارة.
(5) تقدمت تخريجاته في الحديث (81).
(6) في " ط " حياته.
511 / 115 - وحدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة، قال: حدثنا يحيى بن زكريا، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن زيد الكناسي، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: صاحب هذا الأمر فيه سنة من يوسف، وسنة من موسى، وسنة من عيسى، وسنة من محمد (صلى الله عليه وآله).
وأما شبهه من يوسف، فإن إخوته يبايعونه ويخاطبونه وهم لا يعرفونه، وأما شبهه من موسى، فخائف، وأما شبهه من عيسى، فالسياحة، وأما شبهه من محمد، فالسيف.(2)
512 / 116 - وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون، عن أبيه، عن أبي علي محمد بن همام، عن عبد الله بن جعفر، عن عبد الله بن عامر، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عمرو بن مساور، عن مفضل الجعفي، قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إياكم والتنويه. ثم قال: أما والله، ليغيبن سنينا من دهركم، ولتمخضن (3)، حتى يقال: مات، وأي واد سلك، ولتدمعن عليه عيون المؤمنين، ولتكفأن كما تكفأ السفن في أمواج البحر، فلا ينجو إلا من أخذ الله ميثاقه، وكتب في قلبه الإيمان، وأيده بروح منه، ولترفعن اثنتا عشرة راية مشتبهة، لا يدرى أي من أي.
قال: فبكيت، ثم قلت: كيف نصنع؟
قال: فقال: يا أبا عبد الله، ثم نظر إلى الشمس داخلة في الصفة (4) فقال: يا أبا
____________
(1) كمال الدين وتمام النعمة: 144 / 11.
(2) تقدمت تخريجاته في الحديث (64).
(3) أي إن الله (تعالى) يتدبر عواقبكم بابتلائكم بأنواع الفتن، وفي غيبة النعماني، وليخملن، والظاهر صوابه.
(4) اسم يطلق على البيت الصيفي، وما له ثلاث حوائط، والموضع المظلل من المسجد.
قال: فقال: والله لأمرنا أبين من هذه الشمس.(1)
513 / 117 - وروى محمد بن عيسى والحسن بن طريف جميعا، عن حماد بن عيسى، عن معروف بن خربوذ (2)، عن أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) أنه قال: نحن بني (3) هاشم كنجوم السماء، كلما غاب نجم بدا نجم، حتى إذا أشرتم إليه بأيديكم، وأومأتم بحواجبكم، ومددتم إليه رقابكم جاء ملك الموت، فيغيب من بين أظهركم، فلبثتم سنين من دهركم لا تدرون أيا من أي، واستوت بنو عبد المطلب، وكانوا كأسنان المشط، فإذا أطلع الله لكم نوركم فاحمدوا الله واشكروه.(4)
514 / 188 - أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون، عن أبيه، عن أبي القاسم جعفر بن محمد العلوي، عن عبد الله بن أحمد بن نهيك - أبو العباس النخعي، الشيخ الصالح - عن محمد بن أبي عمير، عن الحسين بن موسى، عن يعقوب بن شعيب، قال:
سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن الناس ما يمدون أعناقهم إلى أحد من ولد عبد المطلب إلا هلك، حتى يستوي ولد عبد المطلب، لا يدرون أيا من أي، فيمكثون بذلك سنين من دهرهم، ثم يبعث لهم صاحب هذا الأمر.(5)
515 / 119 - وروى يعقوب بن يزيد، عن سليمان بن الحسن، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): أخبرني عنكم.
قال: نحن بمنزلة هذه النجوم، إذا خفي (6) نجم بدا نجم منا، بأمن وإيمان،
____________
(1) إثبات الوصية: 224، كمال الدين وتمام النعمة: 347 / 35، غيبة النعماني: 152 / 10، غيبة الطوسي: 337 / 285.
(2) كذا، وفي سند الحديث سقط أو إرسال، لأن ابن خربوذ لا يروي عن أمير المؤمنين، بل يروي عن علي بن الحسين والباقر والصادق (عليهم السلام) وفي المصدر: معروف بن خربوذ، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)، الحديث.
(3) منصوب على الاختصاص.
(4) غيبة النعماني: 155 / 15 و 16 و 156 / 17 " نحوه ".
(5) رسالة في الغيبة للمفيد: 400 " نحوه ".
(6) في " ط ": أخفي.
قلت: جعلت فداك فأيهما يختار؟
قال: الصعبة على الذلة.(1)
516 / 120 - وروى أبو محمد الحسن بن عيسى، عن أبيه عيسى بن محمد ابن علي، عن أبيه محمد بن علي بن جعفر (2)، قال: قال: يا بني، إذا فقد الخامس من ولد السابع من الأئمة (عليه السلام)، فالله الله في أديانكم، فإنه لا بد لصاحب هذا الأمر من غيبة يغيبها، حتى يرجع عن هذا الأمر من كان يقول به.
يا بني، إنما هي محنة من الله (عز وجل) يمتحن بها خلقه، ولو علم آباؤكم أصح من هذا الدين لاتبعوه.
قال أبو الحسن: فقلت له: يا سيدي، من الخامس من ولد السابع؟
فقال: يا بني، عقولكم تصغر عن هذا، وأحلامكم تضيق عن حمله، ولكن إياكم أن تفشوا بذكره.(3)
517 / 121 - أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون، عن أبيه، عن أبي علي محمد بن همام، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الحميري، قال: حدثنا إسحاق بن محمد ابن سميع المعروف بابن أبي بيان، عن عبيد بن خارجة، عن علي بن عثمان بن جرير، قال: حدثني أبو هاشم، عن فرات بن أحنف، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) وذكر
____________
(1) كمال الدين وتمام النعمة: 329 / 13.
(2) في المصادر بزيادة: عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام).
(3) إثبات الوصية: 224، كمال الدين وتمام النعمة: 359 / 1، كفاية الأثر: 264، غيبة الطوسي:
166 / 128، إعلام الورى: 433، إثبات الهداة 6: 416 / 164.
518 / 122 - وحدثني أبو عبد الله الحسين بن عبد الله الحرمي، قال: حدثنا أبو محمد هارون بن موسى بن أحمد، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام، قال: حدثنا جعفر ابن محمد بن مالك، قال: حدثني إسحاق بن محمد، عن أيوب بن نوح، عن صفوان بن يحيى، عن أبي بكير، عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: للقائم غيبة قبل قيامه.
قلت: ولم ذاك؟
قال: يخاف على نفسه. يعني الذبح.(2)
519 / 123 - وأخبرني أبو الحسن علي بن هبة الله، قال: حدثنا أبو جعفر محمد ابن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لصاحب هذا الأمر غيبتان، إحداهما أطول من الأخرى:
الأولى أربعين يوما، والأخرى ستة أشهر، ونحو ذلك.
520 / 124 - وأخبرني أبو الحسن محمد بن هارون، قال: حدثني أبي، قال:
حدثنا أبو علي الحسن بن محمد النهاوندي، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد القاساني، عن زيد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن إبراهيم بن الحارث، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): كان أبو جعفر (عليه السلام) يقول: لقائم آل محمد غيبتان، إحداهما أطول من الأخرى قال (عليه السلام): نعم.(3)
____________
(1) إثبات الوصية: 224، كمال الدين وتمام النعمة: 302 / 9، غيبة النعماني: 141، غيبة الطوسي:
340 / 290، إعلام الورى: 426.
(2) كمال الدين وتمام النعمة: 481 / 10، حلية الأبرار 2: 589.
(3) غيبة النعماني: 172 / 7.
معرفة
من شاهد صاحب الزمان (عليه السلام)
في حال الغيبة وعرفه من أصحابنا
521 / 125 - روى عبد الله بن علي (1) المطلبي، قال: حدثني أبو الحسن محمد ابن علي السمري، قال: حدثني أبو الحسن المحمودي، قال: حدثني أبو علي محمد بن أحمد المحمودي، قال: حججت نيفا وعشرين سنة، كنت في جميعها أتعلق بأستار الكعبة، وأقف على الحطيم، والحجر الأسود، ومقام إبراهيم، وأديم الدعاء في هذه المواضع، وأقف بالموقف، وأجعل جل دعائي أن يريني مولاي صاحب الزمان (صلوات الله عليه).
فإنني في بعض السنين قد وقفت بمكة على أن ابتاع حاجة، ومعي غلام في يده مشربة حليج (2) ملمعة، فدفعت إلى الغلام الثمن، وأخذت المشربة من يده، وتشاغل
____________
(1) في " م، ط " زيادة: بن.
(2) المشربة: الإناء يشرب فيه والحليج: اللبن الذي ينقع فيه التمر ثم يماث. وفي " ط ": الحلج.
فإنني يوم من الأيام أصلي بباب الصفا بمكة، فسجدت وجعلت مرفقي في صدري، فحركني محرك برجله، فرفعت رأسي، فقال لي: افتح منكبك عن صدرك.
ففتحت عيني، فإذا الرجل الذي سألني عن المشربة، ولحقني من هيبته ما حار بصري، فغاب عن عيني.
وأقمت علي رجائي ويقيني، ومضت مدة وأنا أحج، وأديم الدعاء في الموقف.
فإنني في آخر سنة جالس في ظهر الكعبة ومعي يمان بن الفتح بن دينار، ومحمد بن القاسم العلوي، وعلان الكليني، ونحن نتحدث إذا أنا برجل في الطواف، فأشرت بالنظر إليه، وقمت أسعى لاتبعه، فطاف حتى إذا بلغ إلى الحجر رأى سائلا واقفا على الحجر، ويستحلف (2) ويسأل الناس بالله (عز وجل) أن يتصدق عليه، فإذا بالرجل قد طلع، فلما نظر إلى السائل انكب إلى الأرض وأخذ منها شيئا، ودفعه إلى السائل، وجاز، فعدلت إلى السائل فسألته عما وهب له، فأبى أن يعلمني، فوهبت له دينارا، وقلت:
أرني ما في يدك. ففتح يده، فقدرت أن فيها عشرين دينارا، فوقع في قلبي اليقين أنه مولاي (عليه السلام)، ورجعت إلى مجلسي الذي كنت فيه، وعيني ممدودة إلى الطواف، حتى إذا فرغ من طوافه عدل إلينا، فلحقنا له رهبة شديدة، وحارت أبصارنا جميعا، قمنا إليه فجلس، فقلنا له: ممن الرجل؟
فقال: من العرب.
فقلت: من أي العرب؟
فقال: من بني هاشم.
فقلنا: من أي بني هاشم؟
____________
(1) المماكسة في البيع: استنقاص الثمن حتى يصل البائع والمشتري إلى ما يتراضيان عليه.
(2) في " ط ": ويستخلف.
قال: كان يقول " يا كريم مسكينك بفنائك، يا كريم فقيرك زائرك، حقيرك ببابك يا كريم " ثم انصرف عنا، ووقفنا نموج ونتذكر، ونتفكر، ولم نتحقق.
ولما كان من الغد رأيناه في الطواف، فامتدت عيوننا إليه، فلما فرغ من طوافه خرج إلينا، وجلس عندنا، فأنس وتحدث، ثم قال: أتدرون ما كان يقول زين العابدين (عليه السلام) في دعائه عقب الصلاة: قلنا: تعلمنا.
قال: كان (عليه السلام) يقول: " اللهم إني أسألك باسمك الذي به تقوم السماء والأرض، وباسمك الذي به تجمع المتفرق، وتفرق المجتمع، وباسمك الذي تفرق به بين الحق والباطل، وباسمك الذي تعلم به كيل البحار، وعدد الرمال، ووزن الجبال، أن تفعل بي كذا وكذا ".
وأقبل علي حتى إذا صرنا بعرفات، وأدمت الدعاء، فلما أفضنا منها إلى المزدلفة، وبتنا فيها (1)، رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال لي: هل بلغت حاجتك؟
فقلت: وما هي يا رسول الله؟
فقال: الرجل صاحبك. فتيقنت عندها.(2)
522 / 126 - وروى أبو عبد الله محمد بن سهل الجلودي، قال: حدثنا أبو الخير أحمد بن محمد بن جعفر الطائي الكوفي في مسجد أبي إبراهيم موسى بن جعفر (عليه السلام)، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن يحيى الحارثي، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن مهزيار الأهوازي، قال: خرجت في بعض السنين حاجا إذ دخلت المدينة وأقمت بها أياما، أسأل واستبحث عن صاحب الزمان (عليه السلام)، فما عرفت له خبرا، ولا وقعت لي عليه عين، فاغتممت غما شديدا وخشيت أن يفوتني ما أملته من طلب
____________
(1) في " ع، م ": أفضنا وصرنا إلى مزدلفة وبتنا بها.
(2) مدينة المعاجز: 606 / 66، تبصرة الولي: 140 / 45.
قلت: من العراق.
قال: من أي العراق؟
قلت: من الأهواز.
فقال: أتعرف الخصيبي (2).
قلت: نعم.
قال: رحمه الله، فما كان أطول ليله، وأكثر نيله، وأغزر دمعته!
قال: فابن المهزيار.
قلت: أنا هو.
قال: حياك الله بالسلام أبا الحسن. ثم صافحني وعانقني، وقال: يا أبا الحسن، ما فعلت العلامة التي بينك وبين الماضي أبي محمد نضر الله وجهه؟
قلت: معي. وأدخلت يدي إلى جيبي (3) وأخرجت خاتما عليه " محمد وعلي " فلما قرأه استعبر حتى بل طمره (4) الذي كان على يده، وقال: يرحمك الله أبا محمد، فإنك زين الأمة، شرفك الله بالإمامة، وتوجك بتاج العلم والمعرفة، فإنا إليكم صائرون. ثم صافحني وعانقني، ثم قال: ما الذي تريد يا أبا الحسن؟
قلت: الإمام المحجوب عن العالم.
____________
(1) في " ط ": فبينما.
(2) في " ط " الحضيني.
(3) في " ط ": جنبي (4) الطمر: الكساء البالي.
فطابت نفسي وتيقنت أن الله فضلني، فما زلت أرقب الوقت حتى حان، وخرجت إلى مطيتي، واستويت على رحلي، واستويت على ظهرها، فإذا أنا بصاحبي ينادي إلي: يا أبا الحسن. فخرجت فلحقت به، فحياني بالسلام، وقال: سر بنا يا أخ.
فما زال يهبط واديا ويرقى ذروة جبل إلى أن علقنا على الطائف، فقال: يا أبا الحسن انزل بنا نصلي باقي صلاة الليل. فنزلت فصلى بنا الفجر ركعتين، قلت: فالركعتين الأوليين؟ قال: هما من صلاة الليل، وأوتر فيها، والقنوت في كل صلاة جائز.
وقال: سر بنا يا أخ. فلم يزل يهبط بي واديا ويرقى بي ذروة جبل حتى أشرفنا على واد عظيم مثل الكافور، فأمد عيني فإذا ببيت من الشعر يتوقد نورا، قال: المح هل ترى شيئا؟
قلت: أرى بيتا من الشعر.
فقال: الأمل. وانحط في الوادي واتبعت الأثر حتى إذا صرنا بوسط الوادي نزل عن راحلته وخلاها، ونزلت عن مطيتي، وقال لي: دعها.
قلت: فإن تاهت؟
قال: هذا واد لا يدخله إلا مؤمن ولا يخرج منه إلا مؤمن. ثم سبقني ودخل الخباء وخرج إلي مسرعا، وقال: أبشر، فقد أذن لك بالدخول. فدخلت فإذا البيت يسطع من جانبه النور، فسلمت عليه بالإمامة، فقال لي: يا أبا الحسن، قد كنا نتوقعك ليلا ونهارا، فما الذي أبطأ بك علينا؟
قلت: يا سيدي، لم أجد من يدلني إلى الآن.
____________
(1) في " ط ": جنه، وكلاهما بمعنى.
(2) في " م، ط ": زيادة: سر.
فقلت: التوبة التوبة، الإقالة الإقالة.
ثم قال: يا ابن المهزيار، لولا استغفار بعضكم لبعض لهلك من عليها إلا خواص الشيعة الذين تشبه أقوالهم أفعالهم.
ثم قال: يا ابن المهزيار - ومد يده - ألا أنبئك الخبر أنه إذا قعد الصبي، وتحرك المغربي، وسار العماني، وبويع السفياني يأذن لولي الله، فأخرج بين الصفا والمروة في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا سواء، فأجئ إلى الكوفة وأهدم مسجدها وأبنيه على بنائه الأول، وأهدم ما حوله من بناء الجبابرة، وأحج بالناس حجة الاسلام، واجئ إلى يثرب فأهدم الحجرة، وأخرج من بها وهما طريان، فأمر بهما تجاه البقيع، وآمر بخشبتين يصلبان عليهما، فتورق من تحتهما، فيفتتن الناس بهما أشد من الفتنة الأولى، فينادي مناد من السماء: " يا سماء أبيدي، ويا أرض خذي " فيومئذ لا يبقى على وجه الأرض إلا مؤمن قد أخلص قلبه للإيمان.
قلت: يا سيدي، ما يكون بعد ذلك.
قال: الكرة الكرة، الرجعة الرجعة، ثم تلا هذه الآية: * (ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا) * (2).
523 / 127 - أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون، عن أبيه، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الفزاري الكوفي، قال: حدثنا محمد بن جعفر بن عبد الله، قال: حدثني إبراهيم بن محمد بن أحمد الأنصاري، قال:
كنت حاضرا عند المستجار بمكة وجماعة يطوفون، وهم زهاء ثلاثين رجلا، لم يكن فيهم
____________
(1) في " ط ": ألم.
(2) مدينة المعاجز 606 / 67، المحجة للبحراني: 123، والآية من سورة الإسراء 17: 6.
فقلنا: وما كان يقول؟
قال: كان (عليه السلام) يقول " اللهم أني أسألك باسمك الذي تقوم به السماء، وبه تقوم الأرض، وبه تفرق بين الحق والباطل، وبه تجمع بين المتفرق، وبه تفرق بين المجتمع، وقد أحصيت به عدد الرمال وزنة الجبال وكيل البحار، أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تجعل لي من أمري فرجا " ثم نهض ودخل الطواف، فقمنا لقيامه حتى انصرف، وأنسينا (2) أن نذكر أمره، وأن نقول من هو، وأي شئ هو؟ فلما كان من الغد في ذلك الوقت خرج علينا من الطواف، فقمنا له كقيامنا بالأمس، وجلس في مجلسه منبسطا، ونظر يمينا وشمالا، وقال: أتدرون ما كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول في الدعاء بعد الصلاة الفريضة؟
قلنا: وما كان يقول؟
قال: كان (عليه السلام) يقول: " إليك رفعت الأصوات، ولك عنت الوجوه، ولك خضعت الرقاب، وإليك التحاكم في الأعمال، يا خير من سئل، وخير من أعطى، يا صادق، يا بارئ، يا من لا يخلف الميعاد، يا من أمر بالدعاء ووعد الإجابة، يا من قال:
* (ادعوني أستجب لكم) * (3)، يا من قال: * (إذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون) * (4)، ويا
____________
(1) في " ع ": وأصبح محرما.
(2) في " ط ": ونسينا.
(3) غافر 40: 60.
(4) البقرة 2: 186.
ثم نظر يمينا وشمالا بعد هذا الدعاء، فقال: أتدرون ما كان أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) يقول في سجدة الشكر؟
قلنا: وما كان يقول؟
قال: كان (عليه السلام) يقول: " يا من لا يزيده إلحاح الملحين إلا كرما وجودا، يا من لا يزيده كثرة الدعاء إلا سعة وعطاء، يا من لا تنفد خزائنه، يا من له خزائن السماوات والأرض، يا من له ما دق وجل، لا يمنعك إساءتي من إحسانك، أن تفعل بي الذي أنت أهله، فأنت أهل الجود والكرم والتجاوز، يا رب يا الله لا تفعل بي الذي أنا أهله، فإني أهل العقوبة ولا حجة لي ولا عذر لي عندك، أبوء إليك بذنوبي كلها كي تعفو عني، وأنت أعلم بها مني، أبوء إليك بكل ذنب أذنبته، وكك خطيئة احتملتها، وكل سيئة عملتها، رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم، إنك أنت الأعز الأجل الأكرم ".
وقام فدخل الطواف، فقمنا لقيامه، وعاد من الغد في ذلك الوقت، وقمنا لاستقباله كفعلنا فيما مضى، فجلس متوسطا (3)، ونظر يمينا وشمالا، وقال: كان علي ابن الحسين (عليه السلام) يقول في سجوده في هذا الموضع - وأشار بيده إلى الحجر تحت الميزاب -: " عبيدك بفنائك، مسكينك بفنائك، سائلك بفنائك، يسألك ما لا يقدر عليه غيرك ".
ثم نظر يمينا وشمالا، ونظر إلى محمد بن القاسم من بيننا، فقال: يا محمد بن القاسم، أنت على خير إن شاء الله (تعالى). وكان محمد بن القاسم يقول بهذا الأمر.
وقام فدخل الطواف، فما بقي أحد إلا وقد الهم ما ذكر من الدعاء، وأنسينا أن نذكره إلا في آخر يوم، فقال: بعضنا: يا قوم، أتعرفون هذا؟
____________
(1 و 2) الزمر 39: 53.
(3) في " ط ": مستوطنا.