الصفحة 39
ولا تقارنه مع، إنما تحد الأدوات أنفسها، وتشير الآلة إلى نظائرها(1) وفي الأشياء يوجد فعالها(2) منعتها منذ القدمة، وحمتها قد الأزلية، وجبتها لولا التكملة(3) افترقت فدلت على مفرقها، وتباينت فأعربت من مباينها لما تجلى صانعها للعقول(4)

____________

(1) أي إنما يتقيد في الفعل والتأثير بالأدوات أمثالها في المحدودية والجسمانية، و لا يبعد أن يكون (تحد) على صيغة المجهول فلا يفسر أنفسها بأمثالها، وإشارة الآلة كناية عن التناسب أي تناسب الآلة نظائرها وأمثالها في المادية والجسمانية والمحدودية.

(2) أي في الأشياء الممكنة توجد تأثيرات الآلات والأدوات، وأما الحق تعالى فمنزه عن ذلك كله.

(3) منذ وقد ولولا فواعل للأفعال الثلاثة والضمائر مفاعيل أولى لها والقدمة والأزلية والتكملة مفاعيل ثواني، والمعنى أن اتصاف الأشياء بمعاني منذ وقد ولولا وتقيدها بها يمنعها عن الاتصاف بالقدم والأزلية والكمال في ذاتها فإن القديم الكامل في ذاته لا يتقيد بها، والأظهر أن الضمائر المؤنثة من قوله: منعتها إلى قوله: عرفها الاقرار ترجع إلى الأشياء.

(4) لما تجلى متعلق بدلت وأعربت، و (ما) مصدرية، وفي البحار وفي هامش نسخة (و) (بها تجلى صانعها للعقول) فجملة مستقلة.


الصفحة 40
وبها احتجب عن الرؤية، وإليها تحاكم الأوهام، وفيها أثبت غيره(1) ومنها أنيط الدليل(2) وبها عرفها الاقرار، وبالعقول يعتقد التصديق بالله، وبالاقرار يكمل الإيمان به، ولا ديانة إلا بعد المعرفة ولا معرفة إلا بالاخلاص، ولا إخلاص مع التشبيه، ولا نفي مع إثبات الصفات للتشبيه(3) فكل ما في الخلق لا يوجد في خالقه، وكل ما يمكن فيه يمتنع من صانعه، لا تجري عليه الحركة والسكون، وكيف يجري عليه ما هو أجراه، أو يعود إليه ما هو ابتدأه(4) إذا لتفاوتت ذاته، ولتجز أكنهه، ولامتنع من الأزل معناه، ولما كان للبارئ معنى غير المبروء، و لوحد له وراء إذا حد له أمام، ولو التمس له التمام إذا لزمه النقصان، كيف يستحق الأزل من لا يمتنع من الحدث، وكيف ينشئ الأشياء من لا يمتنع من الانشاء، إذا لقامت فيه آية المصنوع، ولتحول دليلا بعد ما كان مدلولا عليه، ليس في محال القول حجة(5) ولا في المسألة عنه جواب، ولا في معناه له تعظيم، ولا في إبانته عن الخلق ضيم، إلا بامتناع الأزلي أن يثنى وما لا بدأ له أن يبدأ(6)، لا إله إلا الله

____________

(1) غيره بفتح الأول وسكون الثاني مصدر بمعنى التغير أي في الأشياء أثبت التغير والاختلاف من عنده تعالى بحسب حدودها الامكانية وباعتبارها، وأما لولا اعتبار الحدود ففيضه الفائض على الأشياء ورحمته الواسعة كل شئ وتوحيده الساري على هياكل الممكنات واحد، ويمكن أن يقرأ بكسر الأول وفتح الثاني بمعنى الأحداث المغيرة لأحوال الشئ أي في الأشياء أثبت ذلك، وفي نسخة (ج) (عزه) بالعين والزاي المشددة.

(2) أنيط بالنون والياء المثناة مجهول أناط بمعنى علق ووصل أي من الأشياء يوصل بالدليل عليه، وفي نسخة (ب) و (د) و (ط) بالنون والباء الموحدة أي من الأشياء انبط و أخرج الدليل عليه وعلى صفاته.

(3) أي لا نفي لتشبيهه تعالى بالمخلوق مع إثبات الصفات الزائدة له.

(4) في نسخة (ط) وفي البحار (أو يعود فيه - الخ).

(5) من إضافة الصفة إلى الموصوف، والقول المحال هو القول المخالف للحق الواقع.

(6) أي ليس في القول بأنه تعالى بائن عن خلقه في ذاته وصفاته وأفعاله ظلم وافتراء إلا أن القديم الأزلي يمتنع عن التركب والأثنينية وأن الذي لا أول له يمتنع أن يكون مبدوءا مخلوقا، وهذا من قبيل تأكيد المدح بما يشبه الذم كما في قول النابغة الذبياني.


ولا عيب فيهم غير أن سيوفهمبهن فلول من قراع الكتائب

وفي نسخة (د) و (ب) (ولا بامتناع الأزلي أن يثنى) وهو عطف على ما قبله، أي و ليس في امتناع الأزلي من الاثنينية وامتناع ما لا بدء له من الابتداء ضيم، وفي نسخة (ن) و (و) و (ج) (ولا بامتناع الأزلي أن ينشأ).


الصفحة 41
العلي العظيم، كذب العادلون بالله، وضلوا ضلالا بعيدا، وخسروا خسرانا مبينا، وصلى الله على محمد النبي وآله الطيبين الطاهرين.

3 - حدثنا علي بن أحمد بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق - رحمه الله - قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، وأحمد بن يحيى بن زكريا القطان، عن بكر بن عبد الله ابن حبيب، عن تميم بن بهلول، عن أبيه، عن أبي معاوية، عن الحصين بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن جده عليهم السلام، أن أمير المؤمنين عليه السلام استنهض الناس في حرب معاوية في حرب معاوية في المرة الثانية فلما حشد الناس قام خطيبا فقال: الحمد لله الواحد الأحد الصمد المتفرد، الذي لا من شئ كان، ولا من شئ خلق ما كان، قدرته(1) بان بها من الأشياء، وبانت الأشياء منه، فليست له

____________

(1) في الكافي: (قدرة) بلا إضافة إلى ضميره أي له قدرة أو هو بذاته قدرة، وقرأ المولى صدرا الشيرازي في شرحه للكافي بالفاء الموحدة المكسورة وجعلها اسما لكان وجعل ما الداخلة عليها نافية، والقدرة في اللغة بمعنى القطعة من الشئ، ومعنى الكلام على هذا:

ما كان له تعالى قدرة وجزء بها امتاز عن الأشياء وامتازت الأشياء منه كما هو الشأن في الأشياء المشتركة في تمام الحقيقة أو في بعض الحقيقة إذ ليس له ما به الاشتراك في الحقيقة مع غيره لأنه وجود بحت ونور صرف وغيره ماهيات عرضها الوجود فليست له صفة تنال و لا حد يضرب له الأمثال، وهذا أقرب من جهة التفريع ومن جهة أن القدرة ليست لها خصوصية بها يحصل الامتياز والبينونة له تعالى عن غيره دون سائر الصفات، بل هو تعالى ممتاز من غيره بذاته التي كل من صفاتها عينها.


الصفحة 42
صفة تنال، ولا حد يضرب له الأمثال، كل دون صفاته تعبير اللغات(1) وضل هنالك تصاريف الصفات، وحار في ملكوته عميقات مذاهب التفكير، وانقطع دون الرسوخ في علمه جوامع التفسير، وحال دون غيبه المكنون حجب من الغيوب، وتاهت في أدني أدانيها طامحات العقول في لطيفات الأمور(2) فتبارك الله الذي لا يبلغه بعد الهمم، ولا يناله غوص الفطن، وتعالى الله الذي ليس له وقت معدود، ولا أجل ممدود، ولا نعت محدود، وسبحان الذي ليس له أول مبتدء، ولا غاية منتهى، ولا آخر يفنى، سبحانه، هو كما وصف نفسه، والواصفون لا يبلغون نعته، حد الأشياء كلها عند خلقه إياها إبانة لها من شبهه وإبانة له من شبهها، فلم يحلل فيها فيقال: هو فيها كائن(3) ولم ينأ عنها فيقال: هو منها بائن، ولم يخل منها فيقال له: أين، لكنه سبحانه أحاط بها علمه، وأتقنها صنعه، وأحصاها حفظه، لم يعزب عنه خفيات غيوب الهوى(4) لا غوامض مكنون ظلم الدجى، ولا ما في السماوات العلى والأرضين السفلى، لكل شئ منها حافظ ورقيب، وكل شئ منها بشئ محيط(5) والمحيط بما أحاط منها الله الواحد الأحد الصمد الذي لم تغيره صروف الأزمان ولم يتكاده

____________

(1) في نسخة (ج) و (و) (تحبير اللغات).

(2) أي تحيرت في أدنى أداني الحجب العقول الطامحة المرتفعة في الأمور اللطيفة و العلوم الدقيقة.

(3) فلم يحلل فيها بالحلول المكيف كحلول بعض الأشياء في بعض، فلا ينافي قوله صلوات الله عليه: (داخل في الأشياء لا بالكيفية). وفي موضع آخر: (داخل في الأشياء لا كدخول شئ في شئ). في موضع آخر: (داخل في الأشياء لا بالممازجة.

(4) أي لم يعزب عنه خفيات الأهواء الغائبة عن الادراك في صدور العالمين فإنه عليم بذات الصدور، وفي الكافي (غيوب الهواء) بالمد وهو الجو المحيط والذي فيه مما يستنشقه الحيوان.

(5) إحاطة التأثير والعلية لا الجسمية كما هو مقتضى وحده السياق لأن إحاطة الحق تعالى بالمحيط بالكل ليست جسمية، وضمير منها محتمل الرجوع إلى الأشياء وإلى السماوات والأرضين.


الصفحة 43
صنع شئ كان، إنما قال لما شاء أن يكون: كن فكان، ابتدع ما خلق بلا مثال سبق، ولا تعب ولا نصب، وكل صانع شئ فمن شئ صنع، والله لا من شئ صنع ما خلق، وكل عالم فمن بعد جهل تعلم، والله لم يجهل ولم يتعلم، أحاط بالأشياء علما قبل كونها فلم يزدد بكونها علما، علمه بها قبل أن يكونها كعلمه بعد تكوينها، لم يكونها لشدة سلطان، ولا خوف من زوال ولا نقصان، ولا استعانة على ضد مثاور(1) ولا ند مكاثر، ولا شريك مكائد(2) لكن خلائق مربوبون، وعباد داخرون، فسبحان الذي لا يؤده خلق ما ابتدأ، ولا تدبير ما برأ، ولا من عجز ولا من فترة بما خلق اكتفى، علم ما خلق وخلق ما علم لا بالتفكر، ولا بعلم حادث أصاب ما خلق، ولا شبهة دخلت عليه فيما لم يخلق، لكن قضاء مبرم، وعلم محكم، وأمر متقن، توحد بالربوبية، وخص نفسه بالوحدانية، واستخلص المجد والثناء، فتمجد بالتمجيد، وتحمد بالتحميد، وعلا عن اتخاذ الأبناء، وتطهر وتقدس عن ملامسة النساء(3) وعز وجل عن مجاورة الشركاء، فليس له فيما خلق ضد، ولا فيما ملك ند، ولم يشرك في ملكه أحد(4) الواحد الأحد الصمد المبيد للأبد، و الوارث، للأمد(5) الذي لم يزل ولا يزال وحدانيا أزليا قبل بدء الدهور وبعد

____________

(1) المثاورة من الثورة، وفي البحار بالسين وهو بمعناه، وفي نسخة (د) (مشارد) والمشاردة بمعنى المطاردة، وفي نسخة (ط) و (ن): مشاور " بالشين المعجمة وهو من خطأ النساخ، وفي الكافي " ضد مناو " أي معاد (2) في نسخة (ب) و (ن) " شريك مكابد " بالباء الموحدة والدال، وفي الكافي " مكابر " بالباء الموحدة والراء.

(3) في نسخة (ب) و (د) " عن ملابسة النساء " وهو مأخوذ من الآية الكنائية.

(4) في نسخة (ب) " ولم يشرك في حكمه أحد ".

(5) أي المهلك المفني للأبد والدهر فإن الدهر والزمان ليس في جنب أزليته وسرمديته إلا كان. وهو الوارث الباقي بعد فناء الغايات ووصول النهايات، وفي نسخة (ج) " المؤبد للأبد " وفي نسخة (ط) و (ن) ليس الأبد والأمد مصدرين بلام التقوية، وقوله: " الذي - إلى قوله: - صرف الأمور " تفسير لهذا الذي قبله.


الصفحة 44
صرف الأمور، الذي لا يبيد ولا يفقد(1) بذلك أصف ربي، فلا إله إلا الله من عظيم ما أعظمه، وجليل ما أجله، وعزيز ما أعزه، وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا.

وحدثنا بهذه الخطبة أحمد بن محمد بن الصقر الصائغ، قال: حدثنا محمد بن العباس بن بسام، قال: حدثني أبو زيد سعيد بن محمد البصري، قال: حدثتني عمرة بنت أوس(2) قالت: حدثني جدي الحصين بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي - عبد الله جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده عليهم السلام، أن أمير المؤمنين عليه السلام خطب بهذه الخطبة لما استنهض الناس في حرب معاوية في المرة الثانية.

4 - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه، قال: حدثنا محمد ابن الحسن الصفار، وسعد بن عبد الله جميعا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، والهيثم بن أبي مسروق النهدي، ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب كلهم، عن الحسن بن محبوب، عن عمرو بن أبي المقدام، عن إسحاق بن غالب، عن أبي عبد الله، عن أبيه عليهما السلام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله في بعض خطبه:

الحمد لله الذي كان في أوليته وحدانيا، وفي أزليته متعظما بالإلهية، متكبرا بكبريائه وجبروته(3) ابتدأ ما ابتدع، وأنشأ ما خلق على غير مثال كان سبق بشئ مما خلق، ربنا القديم بلط ف ربوبيته وبعلم خبره فتق(4) وبإحكام قدرته خلق جميع ما خلق، وبنور الاصباح فلق، فلا مبدل لخلقه، ولا مغير لصنعه، ولا معقب لحكمه، ولا راد لأمره، ولا مستراح عن دعوته(5) ولا زوال لملكه،

____________

(1) في الكافي (الذي لا يبيد ولا ينفد).

(2) في نسخة (ط) و (ن) (بنت أويس).

(3) أي وكان في أزليته متعظما بالإلهية، متكبرا بكبريائه وجبروته، ولا يبعد عطف في أزليته على في أوليته وكون متعظما خبرا بعد خبر وكذا متكبرا.

(4) في نسخة (ب) و (و) (وبعلم جبره فتق) بالجيم أي بعلمه الجبروتي الفعلي المتقدم على فتق الأمور وتقديرها.

(5) مصدر ميمي أو اسم مكان وزمان، وفي نسخة (ب) و (ج) (ولا مستزاح من دعوته) بالزاي المعجمة والاستزاحة استفعال من الرواح بمعنى الذهاب.


الصفحة 45
ولا انقطاع لمدته، وهو الكينون أولا(1) والديموم أبدا، المحتجب بنوره دون خلقه في الأفق الطامح، والعز الشامخ والملك الباذخ، فوق كل شئ علا، و من كل شئ دنا، فتجلى لخلقه من غير أن يكون يرى. وهو بالمنظر الأعلى، فأحب الاختصاص بالتوحيد إذ احتجب بنوره، وسما في علوه، واستتر عن خلقه، و بعث إليهم الرسل لتكون له الحجة البالغة على خلقه ويكون رسله إليهم شهداء عليهم، وابتعث فيهم النبيين مبشرين ومنذرين ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة، وليعقل العباد عن ربهم ما جهلوه فيعرفوه بربوبيته، بعد ما أنكروا ويوحدوه بالإلهية بعد ما عضدوا(2).

5 - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، وأحمد بن إدريس جميعا، قالا: حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى، عن بعض أصحابنا رفعه، قال: جاء رجل إلى الحسن بن علي عليهما السلام فقال له: يا ابن رسول الله صف لي ربك حتى كأني أنظر إليه، فأطرق الحسن بن علي عليهما السلام مليا، ثم رفع رأسه، فقال: الحمد لله الذي لم يكن له أول معلوم(3) ولا آخر متناه، ولا قبل مدرك، ولا بعد محدود، ولا أمد بحتى(4) ولا شخص فيتجزأ، ولا اختلاف صفة فيتناهى(5) فلا تدرك العقول وأوهامها، ولا الفكر وخطراتها، و

____________

(1) في نسخة (ن) (وهو الكينون أزلا).

(2) هو ثلاثي من العضد بمعنى القطع، أو مزيد من التعضيد بمعنى الذهاب يمينا و شمالا، وفي البحار في باب جوامع التوحيد وفي نسخة (ج) و (ن) وحاشية نسخة (و) و (ب) (بعد ما عندوا).

(3) هذه الصفة والثلاثة التي بعدها توضيحية.

(4) أي ليس له نهاية بحتى فالتقييد توضيح، وفي نسخة (و) (فيحتى) بالفاء والفعل المجهول من التحتية المجعولة المأخوذة من حتى أي ليس له نهاية فيقال له: أنه ينتهي إلى تلك النهاية.

(5) المراد بالاختلاف إما اختلاف حقائق الصفات كما يقول به الأشعرية أو توارد الصفات المتضادة، وكل منهما مستلزم للامكان المستلزم للتناهي.


الصفحة 46
لا الألباب وأذهانها صفته فتقول: متى؟(1) ولا بدئ مما، ولا ظاهر على ما، ولا باطن فيما، ولا تارك فهلا(2) خلق الخلق فكان بديئا بديعا، ابتدأ ما ابتدع، و ابتدع ما ابتدأ، وفعل ما أراد وأراد ما استزاد، ذلكم الله رب العالمين.

6 - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه، قال: حدثنا محمد ابن الحسن الصفار، عن عباد بن سليمان، عن سعد بن سعد، قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن التوحيد، فقال: هو الذي أنتم عليه(3).

7 - أبي رحمه الله، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن إبراهيم بن هاشم، و يعقوب بن يزيد جميعا، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن زرارة، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: سمعته يقول في قوله عز وجل: (وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها)(4) قال: هو توحيدهم لله عز وجل.

8 - أبي رحمه الله، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن الحسين عن محمد بن سنان، عن إسحاق بن الحارث، عن أبي بصير، قال: أخرج أبو عبد الله عليه السلام حقا، فأخرج منه ورقة، فإذا فيها: سبحان الواحد الذي لا إله غيره، القديم المبدئ الذي لا بدئ له(5) الدائم الذي لا نفاد له، الحي الذي لا يموت، الخالق ما يرى، وما لا يرى، العالم كل شئ بغير تعليم، ذلك الله الذي

____________

(1) أي فتقول أنت أو فتقول العقول: متى وجد، والفقرات الثلاث بعدها عطف عليها والتقدير ولا تدرك العقول الخ صفته فتقول مما بدئ وعلى ما ظهر وفيما بطن، ويحتمل أن تكون جملات مستقلة بتقدير المبتدأ و (ما) بمعنى الشئ لا الاستفهامية أي ولا هو بدئ من شئ ولا ظاهر على شئ ولا باطن في شئ.

(2) أي ولا هو تارك ما ينبغي خلقه فيقال: هلا تركه.

(3) لأن ولاية أهل البيت عليهم السلام من شروط التوحيد كما مر في حديث الرضا عليه السلام في الباب الأول فإذا انتفى الشرط انتفى المشروط.

(4) آل عمران: 83.

(5) على وزان المصدر أو على بناء الصفة المشبهة.


الصفحة 47
لا شريك له.

9 - حدثنا محمد بن القاسم المفسر رحمه الله، قال: حدثنا يوسف بن محمد بن زياد، وعلي بن محمد بن سيار، عن أبويهما، عن الحسن بن علي بن محمد بن علي الرضا، عن أبيه، عن جده عليهم السلام، قال: قام رجل إلى الرضا عليه السلام فقال له:

يا ابن رسول الله صف لنا ربك فإن من قبلنا قد اختلفوا علينا، فقال الرضا عليه السلام:

إنه من يصف ربه بالقياس لا يزال الدهر في الالتباس، مائلا عن المنهاج(1) ظاعنا في الاعوجاج، ضالا عن السبيل، قائلا غير الجميل، أعرفه بما عرف به نفسه من غير رؤية، وأصفه بما وصف به نفسه من غير صورة، لا يدرك بالحواس، ولا يقاس بالناس، معروف بغير تشبيه، ومتدان في بعده لا بنظير، لا يمثل بخليقته، ولا يجور في قضيته، الخلق إلى ما علم منقادون، وعلى ما سطر في المكنون من كتابه ماضون، ولا يعملون خلاف ما علم منهم، ولا غيره يريدون، فهو قريب غير ملتزق وبعيد غير متقص، يحقق ولا يمثل، ويوحد ولا يبعض، يعرف بالآيات، ويثبت بالعلامات، فلا إله غيره، الكبير المتعال.

10 - ثم قال عليه السلام: بعد كلام آخر تكلم به: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن أبيه عليهم السلام، عن رسول الله صلى الله عليه وآله، أنه قال: ما عرف الله من شبهه بخلقه، ولا وصفه بالعدل من نسب إليه ذنوب عباده.(2) والحديث طويل، أخذنا منه موضع الحاجة، وقد أخرجته بتمامه في تفسير القرآن.

11 - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه، عن محمد بن يحيى العطار عن محمد بن أحمد، عن عبد الله بن محمد، عن علي بن مهزيار، قال: كتب أبو جعفر عليه السلام إلى رجل بخطه وقرأته في دعاء كتب به أن يقول: (يا ذا الذي كان قبل كل

____________

(1) في حاشية نسخة (ب) (نائما عن المنهاج).

(2) أتى بهذا الحديث دفعا لما يتوهم من معنى الجبر في كلامه عليه السلام، وهذا توهم باطل إذ قد تبين في محله أن كل ما يقع في الوجود يقع طبقا لعلمه السابق ولا يلزم من ذلك الجبر في شئ.


الصفحة 48
شئ، ثم خلق كل شئ، ثم يبقى ويفنى كل شئ، ويا ذا الذي ليس في السماوات العلى ولا في الأرضين السفلى ولا فوقهن ولا بينهن ولا تحتهن إله يعبد غيره)(1).

12 - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رحمه الله، عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن محمد بن عيسى اليقطيني، عن سليمان بن راشد.

عن أبيه، عن المفضل بن عمر، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: الحمد لله الذي لم يلد فيورث، ولم يولد فيشارك.

13 - حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رحمه الله، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي(2) قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي، قال: حدثني علي بن العباس، قال: حدثني إسماعيل بن مهران الكوفي، عن إسماعيل بن إسحاق الجهني، عن فرج بن فروة، عن مسعدة بن صدقة، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: بينما أمير المؤمنين عليه السلام يخطب على المنبر بالكوفة إذ قام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين صف لنا ربك تبارك وتعالى لنزداد له حبا وبه معرفة، فغضب أمير المؤمنين عليه السلام، ونادى الصلاة جامعة(3) فاجتمع الناس حتى غص المسجد بأهله، ثم قام متغير اللون فقال:

____________

(1) لأن ما يعبد غيره ليس باله، فإن المراد بالإله ههنا ليس المعبود بل الذي له الخلق والأمر المستحق بذلك للعبادة، ولهذا الدعاء تمام: (لك الحمد حمدا لا يقوى على إحصائه إلا أنت فصل على محمد وآل محمد صلاة لا يقوى على إحصائها إلا أنت) والدعاء بتمامه مذكور في أعمال أيام شهر رمضان.

(2) محمد بن أبي عبد الله الكوفي هو محمد بن جعفر بن محمد بن عون الأسدي الكوفي كما يشهد به إسناد الكليني - رحمه الله - كالحديث الثالث من باب حدوث العالم وغيره في الكافي.

(3) الصلاة منصوب بفعل مقدار أي احضروها، وجامعة منصوب على الحال من الصلاة، وهذه الكلمة كانت تستعمل لدعوة الناس إلى التجمع وإن لم يكن لإقامة الصلاة، وهذه الخطبة مسماة في نهج البلاغة بخطبة الأشباح مذكورة فيه مع اختلافات وزيادات.


الصفحة 49
الحمد لله الذي لا يفره المنع، ولا يكديه الاعطاء(1) إذ كل معط منتقص سواه، الملئ بفوائد النعم وعوائد المزيد، وبجوده ضمن عيالة الخلق، فأنهج سبيل الطلب للراغبين إليه، فليس بما سئل أجود منه بما لم يسأل، وما اختلف عليه دهر فيختلف منه الحال، ولو وهب ما تنفست عنه معادن الجبال وضحكت عنه أصداف البحار من فلذ اللجين(2) وسبائك العقيان ونضائد المرجان لبعض عبيده، لما أثر ذلك في وجوده ولا أنفد سعة ما عنده، ولكان عنده من ذخائر الافضال ما لا ينفذه مطالب السؤال(3) ولا يخطر لكثرته على بال، لأنه الجواد الذي لا تنقصه المواهب، ولا ينحله إلحاح الملحين(4) (وإنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون)(5)

____________

(1) وفريفر كوعد يعد من الوفور بمعنى الكثرة أي لا يوجب المنع كثرة في خزائنه، وفي نسخة (ب) و (و) و (د) و (ج) (لا يغيره المنع). والإكداء بمعنى الإفقار والتقليل أي لا يوجب الاعطاء فقرا وقلة فيها.

(2) الفلذ بكسر الفاء وسكون اللام آخره الذال كبد البعير جمعه الأفلاذ، وأفلاذ الأرض كنوزها، أو بكسر الأول وفتح الثاني جمع الفلذة بمعنى الذهب والفضة، وفي نسخة (د) و (ب) وفي البحار بالزاي المشددة في آخر الكلمة وهو اسم جامع لجواهر الأرض كلها، واللجين مصغرا بمعنى الفضة.

(3) السؤال كالتجار جمع السائل.

(4) ينحله من الانحال أو التنحيل بمعنى الاعطاء أي لا يعطيه إلحاح الملحين شيئا يؤثر فيه، بل يعطي مسألة السائلين أو يمنعها حسب المصلحة، وهذا نظير ما في آخر دعاء الجوشن الكبير: (يا من لا يبرمه إلحاح الملحين) وإن كان الالحاح في السؤال لله تعالى ممدوح كما ورد في الحديث، وفي البحار باب جوامع التوحيد وفي نسخة (ب) و (ج) بالباء الموحدة والخاء المعجمة من البخل على بناء التفعيل أي لا يصيره بخيلا أو على بناء الأفعال أي لا يجده بخيلا.

(5) في حديث رواه في آخر الباب التاسع (أن موسى على نبينا وآله وعليه السلام سأل ربه فقال: يا رب أرني خزائنك، فقال تعالى: يا موسى إنما خزائني إذا أردت شيئا أن أقول له كن فيكون).


الصفحة 50
الذي عجزت الملائكة على قربهم من كرسي كرامته، وطول ولههم إليه وتعظيم جلال عزه، وقربهم من غيب ملكوته أن يعلموا من أمره إلا ما أعلمهم، وهم من ملكوت القدس بحيث هم من معرفته على ما فطرهم عليه أن قالوا: (سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم)(1).

فما ظنك أيها السائل بمن هو هكذا، سبحانه وبحمده، لم يحدث فيمكن فيه التغير والانتقال، ولم يتصرف في ذاته بكرور الأحوال(2) ولم يختلف عليه حقب الليالي والأيام(3) الذي ابتدع الخلق على غير مثال امتثله ولا مقدار احتذى عليه من معبود كان قبله(4) ولم تحط به الصفات فيكون بإدراكها إياه بالحدود متناهيا، وما زال - ليس كمثله شئ - عن صفة المخلوقين متعاليا(5) وانحسرت الأبصار عن أن تناله فيكون بالعيان موصوفا(6) وبالذات التي لا يعلمها إلا هو عند خلقه معروفا، وفات لعلوه على أعلى الأشياء مواقع رجم المتوهمين(7) وارتفع عن أن تحوي كنه عظمته فهاهة(8) رويات المتفكرين، فليس له مثل فيكون ما يخلق مشبها

____________

(1) قوله: (إن قالوا) بتقدير المضاف خبر لضمير الجمع بعد حيث، وتقدير الكلام:

وهم من ملكوت القدس بحيث أنهم من جهة معرفتهم به على ما فطرهم عليه من الروحانية المحضة في منزلة أن قالوا - الخ، وهي منزلة إظهار العجز والجهل بحضرة الربوبية.

(2) أي لم يقع التغير والتحول في ذاته تعالى بسبب تكرر الأحوال المختلفة الحادثة في الأشياء.

(3) أي ولم يتردد عليه الزمان الذي يتجزأ بالليالي والأيام، والحقب كالقفل بمعنى الدهر والزمان ويأتي بمعان أخر، ومر نظير هذا الكلام في صدر الخطبة.

(4) أي لم يمتثل في صنعه على مثال ولم يحتذ على مقدار مأخوذين مستفادين من معبود كان قبله تعالى.

(5) ليس كمثله شئ معترضة بين زال وخبره.

(6) في نسخة (ط) و (ن) (وانحصرت الأبصار - الخ).

(7) لا يبعد أن يكون (فات تصحيف فاق) وفي نسخة (ب) و (د) (مواقع وهم المتوهمين).

(8) الفهاهة: العى.


الصفحة 51
به(1) وما زال عند أهل المعرفة به عن الأشباه والأضداد منزها، كذب العادلون بالله إذ شبهوه بمثل أصنافهم(2) وحلوه حلية المخلوقين بأوهامهم، وجزوه بتقدير منتج خواطرهم(3) وقدروه على الخلق المختلفة القوى بقرائح عقولهم(4) وكيف يكون من لا يقدر قدره مقدرا في رويات الأوهام، وقد ضلت في إدراك كنهه هواجس الأحلام لأنه أجل من أن يحده ألباب البشر بالتفكير، أو يحيط به الملائكة على قربهم من ملكوت عزته بتقدير، تعالى عن أن يكون له كفو فيشبه به لأنه اللطيف الذي إذا أرادت الأوهام أن تقع عليه في عميقات غيوب ملكه، وحاولت الفكر المبرأة من خطر الوسواس إدراك علم ذاته(5) وتولهت القلوب إليه لتحوي منه مكيفا في صفاته(6) وغمضت مداخل العقول من حيث لا تبلغه الصفات لتنال علم إلهيته(7) ردعت خاسئة وهي تجوب مهاوي سدف الغيوب متخلصة إليه سبحانه، رجعت إذ جبهت

____________

(1) لأن ما عداه كائنا ما كان مخلوق له ويمتنع أن يكون المخلوق مشبها بالخالق.

(2) في نسخة (ج) (بمثل أصنامهم).

(3) جزوه من الجز بمعنى القطع، ومنتج على بناء المفعول من باب الأفعال بمعنى النتيجة، وفي البحار وفي نسخة (و) و (ب) (وجزوه بتقدير منتج من خواطر هممهم) وفي نسخة (د) (وحدوه بتقدير منتج من خواطر هممهم).

(4) الخلق بكسر الأول وفتح الثاني جمع الخلقة، ولا يبعد أن يكون بفتح الأول وسكون الثاني والمختلفة فارغ الضمير، والقوى بالرفع فاعله واللام في قوى بدلا عن الضمير الراجع إلى الخلق، وفي النهج (على الخلقة المختلفة القوى).

(5) الفكر جمع الفكرة، وفي النهج (وحاول الفكر المبرأ) وفي نسخة (ج) (وحاولت الفكرة المبرأة). والخطر بالفتح فالسكون مصدر بمعنى الخطور.

(6) مكيفا مصدر ميمي بمعنى التكييف والكيفية، مفعول لتحوي، أو على بناء المفعول صفة لمحذوف أي لتحوي منه تعالى شيئا مكيفا في صفاته، أو حال من الضمير، و في النهج (وتولهت القلوب إليه لتجري في كيفية صفاته).

(7) أي لطفت ودقت طرق تفكير العقول بحيث يمتنع وصفه أي وصف لطف الطرق وغموضها، أو الضمير المنصوب يرجع إليه تعالى فالحيثية تعليل، وفي النهج وفي نسخة (ج) (في حيث - الخ)، وفي نسخة (ب) و (د) (لتناول علم إلهيته) وفي النهج (لتناول علم ذاته).


الصفحة 52
معترفة بأنه لا ينال بجوب الاعتساف كنه معرفته(1) ولا يخطر ببال أولي الرويات خاطرة من تقدير جلال عزته لبعده من أن يكون في قوى المحدودين لأنه خلاف خلقه، فلا شبه له من المخلوقين(2) وإنما يشبه الشئ بعديله، فأما ما لا عديل له فكيف يشبه بغير مثاله، وهو البدئ الذي لم يكن شئ قبله، والآخر الذي ليس شئ بعده، لا تناله الأبصار من مجد جبروته إذ حجبها بحجب لا تنفذ في ثخن كثافته(3) ولا تخرق إلى ذي العرش متانة خصائص ستراته(4) الذي صدرت الأمور عن مشيته، وتصاغرت عزة المتجبرين دون جلال عظمته، وخضعت له الرقاب، وعنت الوجوه من مخافته(5) وظهرت في بدائع الذي أحدثها آثار حكمته(6) وصار

____________

(1) ردعت جواب إذا، ورجعت عطف بيان له أو بدل، وفي النهج ونسخة (و) معطوفة عليه بالفاء، والجواب قطع البلاد والسير فيها، وسدف جمع سدفة بضم الأول بمعنى الباب أو بفتحة بمعنى الظلمة، وفي نسخة (ط) و (ج) و (ب) (محاوى سدف الغيوب) بالحاء أي مجامعها، وفي نسخة (ن) (بجور الاعتساف).

(2) في نسخة (و) و (ج) و (ب) و (د) (في المخلوقين)).

(3) أي لا تنفذ الأبصار في ثخن كثافة الحجب، هكذا في النسخ، ومقتضى القاعدة كثافتها، وفي حاشية نسخة (ب) (إذ حجبها بحجاب - الخ).

(4) أي ولا تخرق الأبصار متوجهة إلى الله ذي العرش ستراته المتينة الخصيصة به حتى تراه.

(5) في البحار وفي نسخة (د) وحاشية نسخة (ب) (وعنت له الوجوه من مخافته).

(6) أي في بدائع الله الذي أحدث الأمور، والضمير المنصوب بأحدث لا يرجع إلى بدائع لأن الصلة لا تعمل في ما أضيف إلى الموصول لأن المضاف حينئذ يصير تعريفه بالموصول دوريا. وفي حاشية نسخة (ب) (وظهرت في البدائع التي أحدثها آثار حكمته) فيستقيم الكلام ويرجع الضمير إلى البدائع، وفي النهج (وظهرت في البدائع التي أحدثها آثار صنعته وأعلام حكمته).


الصفحة 53
كل شئ خلق حجة له ومنتسبا إليه(1) فإن كان خلقا صامتها فحجته بالتدبير ناطقة فيه، فقدر ما خلق، فأحكم تقديره، ووضع كل شئ بلطف تدبيره موضعه، ووجهه بجهة(2) فلم يبلغ منه شئ حدود منزلته(3) ولم يقصر دون الانتهاء إلى مشيته، ولم يستعصب إذ أمره بالمضي إلى أرادته، بلا معاناة للغوب مسه(4) ولا مكائدة لمخالف له على أمره(5) فتم خلقه، وأذعن لطاعته، ووافى الوقت الذي أخرجه إليه إجابة لم يعترض دونها ريث المبطئ ولا أناة المتلكئ(6) فأقام من

____________

(1) في نسخة (ب) و (و) و (د) فصار كل شئ - الخ).

(2) في النهج (ووجهه لوجهته).

(3) أي فلم يبلغ مما خلق شئ حدود منزلة الحق تعالى، وفي البحار وفي نسخة (ب) و (و) و (ج) (فلم يبلغ منه شئ محدود منزلته) وفي النهج (فلم يتعد حدود منزلته) أي فلم يتعد شئ حدود منزلته التي وضعها الله تعالى له، وما في النهج أنسب بالفقرات السابقة.

(4) قوله. (بلا معاناة) متعلق بقوله: (فقدر ما خلق - الخ).

(5) في نسخة (ب) (ولا مكابدة) بالباء الموحدة والدال. وفي نسخة (ط) ولا مكابرة بالباء الموحدة والراء.

(6) أي ووافى كل شئ الوقت الذي أخرج ذلك الشئ إليه إجابة لأمره التكويني كإجابة السماء والأرض في قوله تعالى: (ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها و للأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين) قوله: (لم يعترض - الخ) صفه لإجابة، واعترض دون الشئ أي حال دونه، والمعنى إجابة لم يعترض دونها بطئ المبطئ ولا تأني المتوقف المتعلل، وفي نسخة (و) و (د) وفي حاشية نسخة (ب) (ولا أناة المتكلئ) وهو بمعنى المتأخر، وهذا الكلام كناية عن عدم تأخر مراده تعالى عن إرادته فإنه إذا أراد شيئا فإنما يقول له كن فيكون.