(العزيز) العزيز معناه أنه لا يعجزه شئ ولا يمتنع عليه شئ أراده فهو قاهر للأشياء، غالب غير مغلوب، وقد يقال في المثل: (من عز بز) أي من غلب سلب، وقوله عز وجل حكاية عن الخصمين: (وعزني في الخطاب)(1) أي غلبني في مجاوبة الكلام(2)، ومعنى ثان: أنه الملك ويقال للملك: عزيز كما قال إخوة يوسف ليوسف عليه السلام: (يا أيها العزيز)(3) والمراد به يا أيها الملك(4).
(الجبار) الجبار معناه القاهر الذي لا ينال، وله التجبر والجبروت أي التعظم والعظمة، ويقال للنخلة التي لا تنال: جبارة، والجبر أن تجبر إنسانا على ما يكرهه قهرا تقول: جبرته على أمر كذا وكذا، وقال الصادق عليه السلام: (لا جبر ولا تفويض بل أمر بين أمرين) عني بذلك: أن الله تبارك وتعالى لم يجبر عباده على المعاصي ولم يفوض إليهم أمر الدين حتى يقولوا فيه بآرائهم ومقائسهم(5) فإنه عز وجل قد حدو وظف وشرع وفرض وسن وأكمل لهم الدين، فلا تفويض مع التحديد والتوظيف والشرع والفرض والسنة وإكمال الدين.
(المتكبر) المتكبر مأخوذ من الكبرياء، وهو اسم للتكبر والتعظم.
(السيد) السيد معناه الملك، ويقال لملك القوم وعظيمهم: سيدهم، و قد سادهم يسودهم. وقيل لقيس بن عاصم: بم سدت قومك؟ قال: ببذل الندى، و
____________
(1) ص: 23.
(2) في نسخة (ط) و (ن) (في محاورة الكلام).
(3) يوسف: 88.
(4) قال المصحح في كلامه هذا نظر.
(5) في البحار وفي نسخة (ب) و (د) (بآرائهم ومقائيسهم).
يا رسول الله ألست سيد العرب؟ فقال: أنا سيد ولد آدم، وعلي سيد العرب، فقالت: يا رسول الله وما السيد؟ قال: من افترضت طاعته كما افترضت طاعتي).
وقد أخرجت هذا الحديث مسندا في كتاب معاني الأخبار، فعلى معنى هذا الحديث السيد هو الملك الواجب الطاعة.
(السبوح)(1) هو اسم مبني على فعول، وليس في كلام العرب فعول إلا سبوح وقدوس، ومعناهما واحد، وسبحان الله تنزيها له عن كل ما لا ينبغي أن يوصف به، ونصبه لأنه في موضع فقل على معنى تسبيحا لله يريد سبحت تسبيحا لله، ويجوز أن يكون نصبا على الظرف، ومعناه نسبح لله وسبحوا لله(2).
(الشهيد) الشهيد معناه الشاهد بكل مكان صانعا ومدبرا على أن المكان مكان لصنعه وتدبيره، لا على أن المكان مكان له، لأنه عز وجل كان ولا مكان.
(الصادق) الصادق معناه أنه صادق في وعده، ولا يبخس ثواب من يفي بعهده.
(الصانع) الصانع معناه أنه صانع كل مصنوع أي خالق كل مخلوق، ومبدع جميع البدائع، وكل ذلك دال على أنه لا يشبهه شئ من خلقه، لأنا لم نجد فيما شاهدنا فعلا يشبه فاعله، لأنهم أجسام وأفعالهم غير أجسام والله تعالى عن أن يشبه أفعاله، وأفعاله لحم وعظم وشعر ودم وعصب وعروق وأعضاء وجوارح وأجزاء ونور وظلمة وأرض وسماء وحجر وشجر وغير ذلك من صنوف الخلق وكل ذلك فعله وصنعه عز وجل، وجميع ذلك دليل على وحدانيته شاهد على انفراده وعلى أنه بخلاف خلقه وأنه لا شريك له.
وقال بعض الحكماء في هذا المعنى وهو يصف النرجس:
____________
(1) في أكثر النسخ: (سبوح) بدون الألف واللام، ولم أفهم وجها لحذفهما عنه بالخصوص.
(2) الواو للمعية، أي نسبح لله مع تسبيح الذين سبحوا لله، فحذف ما عدا المصدر واسم الجلالة فصار تسبيح الله، ثم أبدل عنه سبحان الله.
عيون في جفون في فنون | بدت فأجاد صنعتها المليك |
بأبصار التغنج طامحات | كأن حداقها ذهب سبيك |
على غصن الزمرد مخبرات | بأن الله ليس له شريك |
(الطاهر) الطاهر معناه أنه متنزه عن الأشباه والأنداد والأضداد و الأمثال والحدود والزوال والانتقال ومعاني الخلق من الطول والعرض والأقطار والثقل والخفة، والرقة والغلظة، والدخول والخروج، والملازقة والمباينة، و الرائحة والطعم، واللون والمجسة والخشونة واللين، والحرارة والبرودة، و الحركة والسكون، والاجتماع والافتراق، والتمكن في مكان دون مكان، لأن جميع ذلك محدث مخلوق وعاجز ضعيف من جميع الجهات، دليل على محدث أحدثه وصانع صنعه، قادر قوي طاهر من معانيها لا يشبه شيئا منها(1) لأنها دلت من جميع جهاتها على صانع صنعها ومحدث أحدثها وأوجبت على جميع ما غاب عنها من أشباهها وأمثالها أن يكون دالة على صانع صنعها، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
(العدل) العدل معناه الحكم بالعدل والحق، وسمي به توسعا لأنه مصدر والمراد به العادل، والعدل من الناس المرضي قوله وفعله وحكمه.
(العفو) العفو اسم مشتق من العفو على وزن فعول، والعفو: المحو، يقال: عفا الشئ إذا امتحي وذهب ودرس، وعفوته أنا إذا محوته، ومنه قوله عز وجل (عفا الله عنك لم أذنت لهم)(2) أي محا الله عنك إذنك لهم.
(الغفور) الغفور اسم مشتق من المغفرة، وهو الغافر الغفار، وأصله في اللغة التغطية والستر، تقول: غفرت الشئ إذا غطيته، ويقال: هذا أغفر من هذا أي أستر، وغفر الصوف والخز ما علا فوق الثوب منهما كالزئبر، سمي غفرا لأنه ستر الثوب، ويقال لجنة الرأس: مغفر لأنها تستر الرأس، والغفور: الساتر لعبده برحمته.
(الغني) الغني معناه أنه الغني بنفسه عن غيره وعن الاستعانة بالآلات
____________
(1) كذا.
(2) التوبة: 43.
(الغياث) الغياث معناه المغيث سمي به توسعا لأنه مصدر.
(الفاطر) الفاطر معناه الخالق، فطر الخلق أي خلقهم وابتدأ صنعة الأشياء وابتدعها فهو فاطرها أي خالقها ومبدعها.
(الفرد) الفرد معناه أنه المتفرد بالربوبية والأمر دون خلقه، ومعنى ثان: أنه موجود وحده لا موجود معه.
(الفتاح) الفتاح معناه أنه الحاكم ومنه قوله عز وجل: (وأنت خبير الفاتحين)(1) وقوله عز وجل؟ (وهو الفتاح العليم)(2).
(الفالق) الفالق اسم مشتق من الفلق، ومعناه في أصل اللغة الشق، يقال:
سمعت هذا من فلق فيه، وفلقت الفستقة فانفلقت، وخلق الله تبارك وتعالى كل شئ فانفلق عن جميع ما خلق، فلق الأرحام فانفلقت عن الحيوان، وفلق الحب والنوى فانفلقا عن النبات، وفلق الأرض فانفلقت عن كل ما أخرج منها، وهو كقوله عز وجل: (والأرض ذات الصدع)(3) صدعها فانصدعت، وفلق الظلام فانفلق عن الاصباح، وفلق السماء فانفلقت عن القطر، وفلق البحر لموسى عليه السلام فانفلق فكان كل فرق منه كالطود العظيم.
(القديم) القديم معناه أنه المتقدم للأشياء كلها، وكل متقدم لشئ يسمى قديما إذا بولغ في الوصف، ولكنه سبحانه قديم لنفسه بلا أول ولا نهاية، و سائر الأشياء لها أول ونهاية، ولم يكن لها هذا الاسم في بدئها، فهي قديمة من وجه و محدثه من وجه، وقد قيل: إن القديم معناه أنه الموجود لم يزل، وإذا قيل لغيره عز وجل: إنه قديم كان على المجاز لأن غيره محدث ليس بقديم.
(الملك) الملك هو مالك الملك قد ملك كل شئ، والملكوت ملك الله عز وجل
____________
(1) الأعراف: 89.
(2) سبأ: 26.
(3) الطارق: 12.
(القدوس) القدوس معناه الطاهر، والتقديس التطهير والتنزيه، وقوله عز وجل حكاية عن الملائكة: (ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك)(1) أي ننسبك إلى الطهارة، ونسبحك ونقدس لك بمعنى واحد(2)، وحظيرة القدس موضع الطهارة من الأدناس التي تكون في الدنيا والأوصاب والأوجاع وأشباه ذلك، وقد قيل: إن القدوس من أسماء الله عز وجل في الكتب.
(القوي) القوي معناه معروف وهو القوي بلا معاناة ولا استعانة.
(القريب) القريب معناه المجيب، ويؤيد ذلك قول عز وجل (فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان)(3) ومعنى ثان: أنه عالم بوساوس القلوب لا حجاب بينه وبينها ولا مسافة، ويؤيد هذا المعنى قوله عز وجل: (ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد)(4). فهو قريب بغير مماسة، بائن من خلقه بغير طريق ولا مسافة، بل هو على المفارقة لهم في المخالطة، والمخالفة لهم في المشابهة، وكذلك التقرب إليه ليس من جهة الطرق والمسائف، إنما هو من جهة الطاعة وحسن العبادة، فالله تبارك وتعالى قريب دان دنوه من غير سفل، لأنه ليس باقتطاع المسائف يدنو، ولا باجتياز الهواء يعلو، كيف وقد كان قبل السفل والعلو وقبل أن يوصف بالعلو والدنو.
(القيوم) القيوم والقيام هما فيعول وفيعال من قمت بالشئ إذا وليته بنفسك وتوليت حفظه وإصلاحه وتقديره، ونظيره قولهم: ما فيها من ديور ولا ديار.
(القابض) القابض اسم مشتق من القبض، وللقبض معان، منها: الملك يقال: فلان في قبضي، هذه الضيعة في قبضي، ومنه قوله عز وجل: (والأرض
____________
(1) البقرة: 30.
(2) في نسخة (ب) و (د)، (ونسبحك ونسبح لك بمعنى واحد).
(3) البقرة: 186.
(4) ق: 16.
(الباسط) الباسط معناه المنعم المفضل، قد بسط على عباده فضله وإحسانه، و أسبغ عليهم نعمه.
(قاضي الحاجات) القاضي اسم مشتق من القضاء، ومعنى القضاء من الله عز وجل على ثلاثة أوجه: فوجه منها هو الحكم والالزام، يقال: قضي القاضي على فلان بكذا أي حكم عليه به وألزمه إياه، ومنه قوله عز وجل: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه)(7) ووجه منها هو الخبر، ومنه قوله عز وجل: (وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب)(8) أي أخبرناهم بذلك على لسان النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ووجه منها هو الاتمام، ومنه قوله عز وجل: (فقضيهن سبع سماوات في يومين)(9) ومنه
____________
(1) الزمر: 67.
(2) الأنعام: 73.
(3) الانفطار: 19.
(4) الفاتحة: 4.
(5) الفرقان: 46.
(6) البقرة: 245.
(7) الإسراء: 23.
(8) الإسراء: 4.
(9) فصلت: 12.
(المجيد) المجيد معناه الكريم العزيز، ومنه قوله عز وجل: (بل هو قرآن مجيد)(1) أي كريم عزيز. والمجد في اللغة نيل الشرف، ومجد الرجل وأمجد لغتان وأمجده كرم فعاله، ومعنى ثان: أنه مجيد ممجد، مجده خلقه أي عظموه.
(المولى) المولى معناه الناصر ينصر المؤمنين ويتولى نصرهم على عدوهم و يتولى ثوابهم وكرامتهم، وولي الطفل هو الذي يتولى إصلاح شأنه، والله ولي المؤمنين وهو مولاهم وناصرهم، والمولى في وجه آخر هو الأولى، ومنه قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (من كنت مولاه فعلي مولاه) وذلك على إثر كلام قد تقدمه وهو أن قال: (ألست أولى بكم منكم بأنفسكم(2)، قالوا: بلى يا رسول الله، قال من كنت مولاه أي من كنت أولى به منه بنفسه فعلي مولاه) أي أولى به منه بنفسه.
(المنان) المنان معناه المعطي المنعم، ومنه قوله عز وجل: (فامنن أو أمسك بغير حساب(3)) وقوله عز وجل: (ولا تمنن تستكثر)(4).
(المحيط) المحيط معناه أنه محيط بالأشياء عالم بها كلها، وكل من أخذ شيئا كله أو بلغ علمه أقصاه فقد أحاط به، وهذا على التوسع لأن الإحاطة في الحقيقة إحاطة الجسم الكبير بالجسم الصغير من جوانبه كإحاطة البيت بما فيه و إحاطة السور بالمدن، ولهذا المعنى سمي الحائط حائطا، ومعنى ثان يحتمل أن يكون نصبا على الظرف، معناه مستوليا مقتدرا، كقوله عز وجل: (وظنوا أنهم أحيط بهم(5)) فسماه إحاطة لهم لأن القوم إذا أحاطوا بعدوهم لم يقدر العدو على التخلص منهم.
____________
(1) البروج: 21.
(2) في نسخة (ج) (ألست أولى منكم بأنفسكم)، وفي البحار وفي البحار وفي نسخة (ط) و (ن) (ألست أولى بكم من أنفسكم).
(3) ص: 39.
(4) المدثر: 6.
(5) يونس: 22.
(المقيت) المقيت معناه الحافظ الرقيب، ويقال: بل هو القدير.
(المصور) المصور هو اسم مشتق من التصوير، يصور الصور في الأرحام كيف يشاء، فهو مصور كل صورة، وخالق كل مصور في رحم ومدرك ببصر وممثل في نفس، وليس الله تبارك وتعالى بالصور والجوارح يوصف، ولا بالحدود والأبعاض يعرف، ولا في سعة الهواء بالأوهام يطلب، ولكن بالآيات يعرف، وبالعلامات و الدلالات يحقق، وبها يوقن، وبالقدرة والعظمة والجلال والكبرياء يوصف، لأنه ليس له في خلقه شبيه ولا في بريته عديل.
(الكريم) الكريم معناه العزيز، يقال: فلان أكرم علي من فلان أي أعز منه، ومنه قوله عز وجل: (إنه لقرآن كريم)(1) وكذلك قوله عز وجل:
(ذق إنك أنت العزيز الكريم)(2)، ومعنى ثان: أنه الجواد المفضل، يقال: رجل كريم أي جواد، وقوم كرام أي أجواد، وكريم وكرم مثل أديم وأدم.
(الكبير) الكبير السيد، يقال لسيد القوم: كبيرهم، والكبرياء اسم التكبر والتعظم.
(الكافي) الكافي اسم مشتق من الكفاية، وكل من توكل عليه كفاه ولا يلجئه إلى غيره.
(كاشف الضر) الكاشف معناه المفرج يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء، والكشف في اللغة رفعك شيئا عما يواريه ويغطيه.
(الوتر) الوتر الفرد، وكل شئ كان فردا قيل: وتر.
(النور) النور معناه المنير، ومنه قوله عز وجل: (الله نور السماوات و الأرض)(3) أي منير لهم وآمرهم وهاديهم، فهم يهتدون به في مصالحهم كما يهتدون
____________
(1) الواقعة: 77.
(2) الدخان: 49.
(3) النور: 35.
(الوهاب) الوهاب معروف وهو من الهبة يهب لعباده ما يشاء ويمن عليهم بما يشاء، ومنه قوله عز وجل: (يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور)(2).
(الناصر) الناصر والنصير بمعنى واحد، والنصرة حسن المعونة.
(الواسع) الواسع الغني، والسعة الغنى، يقال: فلان يعطي من سعة أي من غنى، والوسع جدة الرجل وقدرة ذات يده، ويقال: أنفق على قدر وسعك.
(الودود) الودود فعول بمعنى مفعول كما يقال: هيوب بمعنى مهيب، يراد به، أنه مودود ومحبوب، ويقال:
بل فعول بمعنى فاعل كقولك: غفور بمعنى غافر أي يود عباده الصالحين ويحبهم، والود والوداد مصدر المودة، فلان ودك ووديدك أي حبك وحبيبك.
(الهادي) الهادي معناه أنه عز وجل يهديهم للحق، والهدى من الله عز وجل على ثلاثة أوجه: فوجه هو الدلالة قد دلهم جميعا على الدين، والثاني هو الإيمان والإيمان هدى من الله عز وجل كما أنه نعمة من الله عز وجل، والثالث هو النجاة وقد بين الله عز وجل، أنه سيهدي المؤمنين بعد وفاتهم فقال: (والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم سيهديهم ويصلح بالهم)(3) ولا يكون الهدى بعد الموت والقتل إلا الثواب والنجاة، وكذلك قوله عز وجل: (إن الذين آمنوا و عملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم ((4) وهو ضد الضلال الذي هو عقوبة الكافر، وقال الله عز وجل: (ويضل الله الظالمين)(5) أي يهلكهم ويعاقبهم، وهو كقوله عز وجل:
____________
(1) في نسخة (ج) (كما يهتدون بالنور - الخ).
(2) الشورى: 49.
(3) محمد صلى الله عليه وآله: 5.
(4) يونس: 9.
(5) إبراهيم عليه السلام: 27.
(الوفي) الوفي معناه أنه يفي بعهدهم ويوفي بعهده، يقال: رجل وفي و موف، وقد وفيت بعهدك وأوفيت لغتان.
(الوكيل) الوكيل معناه المتولي أي القائم بحفظنا، وهذا هو معنى الوكيل على المال منا، ومعنى ثان أنه المعتمد والملجأ، والتوكل الاعتماد عليه و الالتجاء إليه.
(الوارث) الوارث معناه أن كل من ملكه الله شيئا يموت ويبقى ما كان في ملكه ولا يملكه إلا الله تبارك وتعالى.
(البر) البر معناه الصادق، يقال: صدق فلان وبر، ويقال: برت يمين فلان إذا صدقت، وأبرها الله أي أمضاها على الصدق.
(الباعث) الباعث معناه أنه يبعث من في القبور ويحييهم وينشرهم للجزاء والبقاء.
(التواب) التواب معناه أنه يقبل التوبة ويعفو عن الحوبة إذا تاب منها العبد، يقال: تاب العبد إلى الله عز وجل فهو تائب إليه(2) وتاب الله عليه أي قبل توبته فهو تواب عليه، والتوب التوبة، ويقال: اتأب فلان من كذا - مهموزا - إذا استحيى منه، ويقال: ما طعامك بطعام تؤبة أي لا يحتشم منه ولا يستحيى(3).
(الجليل) الجليل معناه السيد، يقال لسيد القوم: جليلهم وعظيمهم، و جل جلال الله فهو الجليل ذو الجلال والاكرام، ويقال جل فلان في عيني أي عظم، وأجللته أي عظمته(4).
(الجواد) الجواد معناه المحسن المنعم الكثير الإنعام والاحسان، يقال:
____________
(1) محمد صلى الله عليه وآله وسلم: 1.
(2) في البحار وفي نسخة (ب) و (د) فهو ((تائب تواب إليه).
(3) التاء في المواضع الثلاثة مبدلة من الواو، فيطلب في اللغة في مادة (وأب).
(4) في نسخة (ب) و (و) (أي أعظمته).
وسمي السخي سخيا للينه عند الحوائج إليه.
(الخبير) الخبير معناه العالم، والخبر والخبير في اللغة واحد، والخبر علمك بالشئ، يقال: لي به خبر أي علم.
(الخالق) الخالق معناه الخلاق، خلق الخلائق خلقا وخليقة، والخليقة:
الخلق، والجمع الخلائق، والخلق في اللغة تقديرك الشئ، يقال في المثل:
إني إذا خلقت فريت لا كمن يخلق ولا يفري، وفي قول أئمتنا عليهم السلام: إن أفعال العباد مخلوقة خلق تقدير لا خلق تكوين، وخلق عيسى عليه السلام من الطين كهيئة الطير هو خلق تقدير أيضا، ومكون الطير وخالقه في الحقيقة هو الله عز وجل.
(خير الناصرين) خير الناصرين وخير الراحمين معناه أن فاعل الخير إذا كثر ذلك منه سمي خيرا توسعا.
(الديان) الديان هو الذي يدين العباد ويجزيهم بأعمالهم، والدين الجزاء، ولا يجمع لأنه مصدر، يقال: دان يدين دينا، ويقال في المثل: (كما تدين تدان) أي كما تجزي تجزى، قال الشاعر:
كما يدين الفتى يوما يدان به | من يزرع الثوم لا يقلعه ريحانا |
(الشكور) الشكور والشاكر معناهما أنه يشكر للعبد عمله، وهذا توسع لأن الشكر في اللغة عرفان الاحسان، وهو المحسن إلى عباده المنعم عليهم، لكنه سبحانه لما كان مجازيا للمطيعين على طاعاتهم جعل مجازاته شكرا لهم على المجاز كما سميت مكافأة المنعم شكرا.
(العظيم) العظيم معناه السيد، وسيد القوم عظيمهم وجليلهم، ومعنى ثان:
أنه يوصف بالعظمة لغلبته على الأشياء وقدرته عليها ولذلك كان الواصف بذلك معظما، ومعنى ثالث: أنه عظيم لأن ما سواه كله له ذليل خاضع فهو عظيم السلطان، عظيم
الأمر العظيم، والعظمة من التجبر، وليس معنى العظيم ضخم طويل عريض ثقيل لأن هذه المعاني معاني الخلق وآيات الصنع والحدث وهي عن الله تبارك وتعالى منفية، وقد روي في الخبر أنه سمي العظيم لأنه خالق الخلق العظيم ورب العرش العظيم وخالقه.
(اللطيف) اللطيف معناه أنه لطيف بعباده فهو لطيف بهم، بار بهم، منعم عليهم واللطف البر والتكرمة، يقال: فلان لطيف بالناس بار بهم يبرهم ويلطفهم إلطافا، ومعنى ثان أنه لطيف في تدبيره وفعله يقال: فلان لطيف العمل، وقد روي في الخبر أن معنى اللطيف هو أنه الخالق للخلق اللطيف كما أنه سمي العظيم لأنه الخالق للخلق العظيم.
(الشافي) الشافي معناه معروف وهو من الشفاء كما قال الله عز وجل حكاية عن إبراهيم عليه السلام: (وإذا مرضت فهو يشفين)(1) فجملة هذه الأسماء الحسنى تسعة و تسعون اسما.
وأما (تبارك)(2) فهو من البركة وهو عز وجل ذو بركة وهو فاعل البركة وخالقها وجاعلها في خلقه، وتبارك وتعالى عن الولد والصاحبة والشريك وعما يقول الظالمون علوا كبيرا، وقد قيل: إن معنى قول الله عز وجل: (تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا)(3) إنما عنى به أن الله الذي يدوم بقاؤه وتبقى نعمه ويصير ذكره بركة على عباده واستدامة لنعم الله عندهم (هو الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا) والفرقان هو القرآن وإنما سماه فرقانا لأن الله عز وجل فرق به بين الحق والباطل، وعبده الذي أنزل عليه ذلك هو محمد صلى الله عليه وآله وسلم وسماه عبدا لئلا يتخذ ربا معبودا، وهذا رد على من يغلو فيه، وبين عز وجل أنه نزل عليه ذلك لينذر به العالمين وليخوفهم به من معاصي الله وأليم.
____________
(1) الشعراء: 80.
(2) المذكور في صدر الحديث.
(3) الفرقان: 1.
10 حدثنا غير واحد، قالوا: حدثنا محمد بن همام، عن علي بن الحسين(2).
____________
(1) نحب فلان في عمله جد، ونحب العمل فلانا أجهده، ونحب فلان أمرا نذره و أوجبه على نفسه، وفي نسخة (ب) و (د) و (و) (ولا على تنحيت) بالتاء المثناة في آخره.
وهو انضاء العمل العامل بسبب كثرته أو مشقته، وعلى هذه النسخة يقرء الفعل الآتي مجهولا كما يقرء مجهولا على المعنى الثاني.
(2) في نسخة (ط) و (ن) (علي بن الحسن).
11 - حدثنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن أحمد الإصبهاني الأسواري قال:
حدثنا مكي بن أحمد بن سعدويه البرذعي، قال: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الرحمن القرشي بدمشق وأنا أسمع، قال: حدثنا أبو عامر موسى بن عامر المري(2) قال: حدثنا الوليد بن مسلم، قال: حدثنا زهير بن محمد، عن موسى بن عقبة، عن الأعرج، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إن لله تبارك وتعالى تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا، إنه وتر يحب الوتر، من أحصاها دخل الجنة، فبلغنا أن غير واحد من أهل العلم قال: إن أولها يفتتح بلا إله إلا الله الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، بيده الخير، وهو على كل شي قدير، لا إله إلا الله له الأسماء الحسنى، الله، الواحد، الصمد، الأول، الآخر، الظاهر، الباطن، الخالق، البارئ، المصور، الملك، القدوس، السلام، المؤمن، المهيمن، العزيز،
____________
(1) آه يقال وجعا أو أسفا أو حسرة أو ندامة على عمل أو ترحما على أحد أو حزنا على حادثة، وقد اشتق منه الفعل والوصف، منه قوله تعالى: (إن إبراهيم لأواه حليم) و أما كونه اسما له تعالى فإما هو من غير المشهور من أسمائه كرمضان الذي ورد في الحديث أنه من أسمائه وكآمين كذلك، وإما هو اسم له تعالى بالعبرانية أو السريانية نظير (ياه) المذكور في الزبور الموجود اليوم، و (يهواه) المذكور فيه أيضا، و (آهيا شراحيا) المذكور في دعاء الحرز للباقر عليه السلام في كتاب الدعاء من البحار، وإما لا ذاك ولا ذاك، بل المؤمن إذ يقوله متوجها إليه تعالى سائلا منه فهو بمنزلة اسم من أسمائه، وقيل: فيه أربع عشرة لغة.
(2) قال الذهبي في الميزان: موسى بن عامر المري أبو عامر الدمشقي صاحب الوليد بن مسلم صدوق صحيح الكتب. تكلم فيه بغير حجة ولا ينكر له تفرده عن الوليد فإنه أكثر عنه - الخ.
12 - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن غير واحد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من عبد الله بالتوهم فقد كفر، ومن عبد الاسم ولم يعبد المعنى فقد كفر، ومن عبد الاسم والمعنى فقد أشرك، ومن عبد المعنى بإيقاع الأسماء عليه بصفاته التي وصف بها نفسه(2) فعقد عليه قلبه و نطق به لسانه في سرائره وعلانيته فأولئك أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام. وفي حديث آخر: (أولئك هم المؤمنون حقا).
13 - حدثنا محمد بن محمد بن عصام الكليني، وعلي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رحمهما الله، قالا: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن هشام بن الحكم أنه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن أسماء الله
____________
(1) بعض ما في هذا الحديث من الأسماء يغير بعض ما في الحديث التاسع، وقد شرح هذه الأسماء المحدث الفيض في كتاب علم اليقين والسبزواري في شرح الأسماء والكفعمي في المصباح وابن فهد الحلي في العدة.
(2) في نسخة (ط) (باتباع الأسماء بصفاته التي - الخ).