والثامن الفعل وهو قوله عز وجل: (فاقض ما أنت قاض)(1) أي افعل ما أنت فاعل.
والتاسع الاتمام وهو قوله عز وجل: (فلما قضى موسى الأجل) وقوله عز وجل حكاية عن موسى: (أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي والله على ما نقول وكيل)(2) أي أتممت.
والعاشر الفراغ من الشئ وهو قوله عز وجل: (قضي الأمر الذي فيه تستفتيان)(3) يعني فرغ لكما منه، وقوله القائل: قد قضيت لك حاجتك، يعني فرغت لك منها، فيجوز أن يقال: إن الأشياء كلها بقضاء الله وقدره تبارك وتعال بمعنى أن الله عز وجل قد علمها وعلم مقاديرها، وله عز وجل في جميعها حكم من خير أو شر، فما كان من خير فقد قضاه بمعنى أنه أمر به وحتمه وجعله حقا وعلم مبلغة ومقداره، وما كان من شر فلم يأمر به ولم يرضه ولكنه عز وجل قد قضاه وقدره بمعنى أنه علمه بمقداره ومبلغه وحكم فيه بحكمه.
والفتنة على عشرة أوجه فوجه منها الضلال.
والثاني الاختبار وهو قول الله عز وجل: (وفتناك فتونا)(4) يعني اختبرناك اختبارا، وقوله عز وجل: (ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون)(5) أي لا يختبرون.
والثالث الحجة وهو قوله عز وجل: (ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين)(6).
والرابع الشرك وهو قوله عز وجل: (والفتنة أشد من القتل)(7).
____________
(1) طه: 72.
(2) القصص: 28.
(3) يوسف: 41.
(4) طه: 40.
(5) العنكبوت: 2.
(6) الأنعام: 23.
(7) البقرة 191.
والسادس الاحراق بالنار وهو قوله عز وجل: (إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات - الآية)(2) يعني أحرقوا.
والسابع وهو قوله عز وجل: (يوم هم على النار يفتنون)(3) يعني يعذبون، وقوله عز وجل: (ذوقوا فتنتكم هذا الذي كنتم به تكذبون)(4) يعني عذابكم، وقوله عز وجل: (ومن يرد الله فتنته (يعني عذابه) فلن تملك له من الله شيئا)(5).
والثامن القتل وهو قوله عز وجل: (إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا)(6) يعني إن خفتم أن يقتلوكم، وقوله عز وجل: (فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه على خوف من فرعون وملأهم أن يفتنهم)(7) يعني أن يقتلهم.
والتاسع الصد وهو قوله عز وجل: (وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك)(8) يعني ليصدونك.
والعاشر شدة المحنة وهو قوله عز وجل: (ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا)(9) وقوله عز وجل: (ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين)(10) أي محنة فيفتنوا بذلك ويقولوا في أنفسهم: لم يقتلهم إلا دينهم الباطل وديننا الحق(11) فيكون ذلك داعيا لهم إلى النار على ما هم عليه من الكفر والظلم(12).
قد زاد علي بن إبراهيم بن هاشم على هذه الوجوه العشرة وجها آخر فقال:
____________
(1) التوبة: 49.
(2) البروج: 10.
(3) الذاريات: 13.
(4) الذاريات: 14. وفي المصحف (به تستعجلون) (5) المائدة: 41.
(6) النساء: 101.
(7) يونس: 83.
(8) الإسراء: 73.
(9) الممتحنة: 5.
(10) يونس: 85.
(11) في نسخه (و) (لم نقتلهم إلا ودينهم الباطل وديننا الحق).
(12) في نسخة (ه) (داعيا لهم إلى الثبات على - الخ).
وتصديق ذلك قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم (الولد مجهلة محنة مبخلة)(2) وقد أخرجت هذا الحديث مسندا في كتاب مقتل الحسين بن علي صلى الله عليهما.
33 - حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن غياث بن إبراهيم، عن جعفر بن محمد بن، عن أبيه، عن جده عليهم السلام، قال: مر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالمحتكرين فأمر بحكرتهم أن يخرج إلى بطون الأسواق وحيث تنظر الأبصار إليها، فقيل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لو قومت عليهم، فغضب عليه السلام حتى عرف الغضب في وجهه وقال: أنا أقوم عليهم؟!
إنما السعر إلى الله عز وجل(3) يرفعه إذا شاء ويخفضه إذا شاء. وقيل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لو أسعرت لنا سعرا فإن الأسعار تزيد وتنقص، فقال عليه السلام: ما كنت لألقى الله عز وجل ببدعة لم يحدث لي فيها شيئا(4) فدعوا عباد الله يأكل بعضهم من بعض.
34 - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله، قال: حدثنا محمد بن
____________
(1) الأنفال: 28، والتغابن: 15.
(2) أي يوجب الولد لأبيه الجهل والامتحان والبخل، وفي البحار باب القضاء و القدر وفي نسخة (و) (مجبنة)) من الجبن مكان محنة، وقال المجلسي رحمه الله هناك ذيل كلام المصنف: أقول: هذه الوجوه من القضاء والفتنة المذكورة في تفسير النعماني فيما رواه عن أمير المؤمنين عليه السلام وقد أثبتناه بإسناده في كتاب القرآن انتهى.
ثم اعلم أن هذا الخبر رواه أبو يعلى في مسنده بإسناده عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وآله هكذا (الولد ثمرة القلب وأنه مجبنة مبخلة محزنة).
(3) في نسخة (و) (إنما السعر على الله عز وجل).
(4) في نسخة (و) و (ج) و (ه) (لم يحدث إلى فيها شيئا)، والبدعة هنا بمعناها اللغوي.
وما علي من غلائه، إن غلا فهو عليه، وإن رخص فهو عليه.
قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه: الغلاء هو الزيادة في أسعار الأشياء حتى يباع الشئ بأكثر مما كان يباع في ذلك الموضع، والرخص هو النقصان في ذلك، فما كان من الرخص والغلاء عن سعة الأشياء وقلتها فإن ذلك من الله عز وجل ويجب الرضا بذلك والتسليم له، وما كان من الغلاء والرخص بما يؤخذ الناس به لغير قلة الأشياء وكثرتها من غير رضى منهم به أو كان من جهة شراء واحد من الناس جميع طعام بلد فيغلو الطعام لذلك فذلك من المسعر والمتعدي بشرى طعام المصر كله(1) كما فعله حيكم بن حزام، كان إذا دخل الطعام المدينة اشتراه كله فمر عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا حكيم بن حزام إياك أن تحتكر.
35 - حدثنا بذلك أبي رحمه الله، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد عن صفوان بن يحيى، عن سلمة الحناط، عن أبي عبد الله عليه السلام متى كان في المصر طعام غير ما يشتريه الواحد من الناس فجائز له أن يلتمس بسلعته الفضل لأنه إذا كان في المصر طعام غيره يسع الناس لم يغل الطعام لأجله، وإنما يغلو إذا اشترى الواحد من الناس جميع ما يدخل المدينة.
36 - حدثنا أبي رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد وعبد الله ابني محمد بن عيسى، عن محمد بن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن عبد الله بن علي الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سئل عن الحكرة فقال: إنما الحكرة أن تشتري طعاما
____________
(1) هذا قول غير الأشاعرة، وأما هم فعلى أن الرخص والغلاء ليسا إلا من الله بناء على أصلهم، وقوله: (لغير قلة الأشياء - الخ) عطف بيان لقوله: (بما يؤخذ الناس به) أي وما كان من الغلاء والرخص بسبب عمل الناس الذي صح مؤاخذتهم عليه وهو غير قلة الأشياء وكثرتها من الله تعالى من دون وجوب الرضى على الناس به أو كان من جهة - الخ.
61 - باب الأطفال وعدل الله عز وجل فيهم
1 - حدثنا الحسين بن يحيى بن ضريس البجلي(5) قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن عمارة السكري السرياني، قال: حدثنا إبراهيم بن عاصم بقزوين، قال: حدثنا عبد الله بن هارون الكرخي، قال: حدثنا أبو جعفر أحمد بن عبد الله بن يزيد بن سلام بن عبيد الله قال: حدثني أبي عبد الله بن يزيد، قال حدثني أبي يزيد بن سلام، عن أبيه سلام بن عبيد الله، عن عبد الله بن سلام مولى
____________
(1) في حاشية نسخة (ه) (طعام أو بياع غيره).
(2) الظاهر أن قوله: (ولو كان الغلاء في هذا الموضع - الخ) من الصدوق رحمه الله كما يظهر من الفقيه.
(3) أي ما يفعله الله، وفي نسخة (و) (على ما لا يفعله) أي ما لا يفعله العبد.
(4) في نسخة (و) و (ن) (قبل خلق الخلق).
(5) في نسخة (و) و (ه) و (ب) و (د) (الحسن بن يحيى - الخ) وفي نسخة (و) بزيادة (رحمه الله).
____________
(1) في البحار في الباب الثالث عشر من الجزء الخامس وفي تفسير البرهان ذيل الآية المذكورة وفي نسخة (و) و (ج) بعد قوله: (حدثني أبي يزيد بن سلام) هكذا: (عن أبيه سلام بن عبيد الله أخي عبد الله بن سلام عن عبد الله بن سلام مولى رسول الله صلى الله عليه و آله) وفي نسخة (ن) و (و) و (ج) (سلام بن عبد الله) مكبرا، وكون سلام بن عبيد الله أخا لعبد الله بن سلام مع اختلاف الأب يصححه كونهما أخوين للأم فقط.
2 - حدثنا أحمد بن زياد جعفر الهمداني رحمه الله، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن عبد السلام بن صالح الهروي، عن الرضا عليه السلام قال: قلت له: لأي علة أغرق الله عز وجل الدنيا كلها في زمن نوح عليه السلام وفيهم الأطفال ومن لا ذنب له؟ فقال: ما كان فيهم الأطفال لأن الله عز وجل أعقم أصلاب قوم نوح وأرحام نسائهم أربعين عاما فانقطع نسلهم فغرقوا ولا طفل فيهم، وما كان الله عز وجل ليهلك بعذابه من لا ذنب له، وأما الباقون من قوم نوح عليه السلام فأغرقوا لتكذيبهم لنبي الله نوح عليه السلام وسائرهم أغرقوا برضاهم بتكذيب المكذبين، ومن غاب عن أمر فرضي به كان كمن شهده وأتاه.
3 - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن محمد بن سنان، عن طلحة بن زيد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام، قال: إن أولاد المسلمين هم موسومون عند الله عز وجل شافع ومشفع(2) فإذا بلغوا اثنتي عشرة سنة كتبت لهم الحسنات، وإذا بلغوا الحلم كتبت عليهم السيئات.
4 - حدثنا أبي ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمهما الله، قالا: حدثنا محمد بن يحيى العطار وأحمد بن إدريس جميعا، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري، عن علي بن إسماعيل، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: إذا كان يوم القيامة احتج الله عز وجل على سبعة:
على الطفل، والذي مات بين النبيين، والشيخ الكبير الذي أدرك النبي وهو لا يعقل،
____________
(1) هود: 108.
(2) أي معلومون عنده تعالى، وفي حاشية نسخة (ن) (مسوفون) أي مرجون مؤخرون في أمرهم إلى يوم القيامة، وقوله: (شافع مشفع) أي كل منهم، ولا استبعاد فيه كما ورد في حديث المحبنطئ على باب الجنة.
5 - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن فضل بن عامر، عن موسى بن القاسم البجلي، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة بن أعين، قال: رأيت أبا جعفر عليه السلام صلى على ابن لجعفر عليه السلام صغير فكبر عليه، ثم قال: يا زرارة إن هذا وشبهه لا يصلى عليه، ولولا أن يقول الناس: إن بني هاشم لا يصلون على الصغار ما صليت عليه، قال زرارة: فقلت:
فهل سئل عنهم رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قال: نعم قد سئل عنهم فقال: الله أعلم بما كانوا عاملين، ثم قال: يا زرارة أتدري ما قوله: الله أعلم بما كانوا عاملين؟ قال: فقلت:
لا والله، فقال: لله عز وجل فيهم المشية، أنه إذا كان يوم القيامة احتج الله تبارك وتعالى على سبعة: على الطفل، وعلى الذي مات بين النبي والنبي، وعلى الشيخ الكبير الذي يدرك النبي وهو لا يعقل، والأبله، والمجنون الذي لا يعقل، والأصم، والأبكم، فكل هؤلاء يحتج الله عز وجل عليهم يوم القيامة، فيبعث الله إليهم رسولا ويخرج إليهم نارا فيقول لهم: إن ربكم يأمركم أن تثبوا في هذه النار، فمن وثب فيها كانت عليه براد وسلاما، ومن عصاه سيق إلى النار.
6 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: إن الله تبارك وتعالى كفل إبراهيم عليه السلام وسارة أطفال المؤمنين
____________
(1) كاحتجاج أولاد المشركين عليه تعالى المذكور في الحديث الأول.
(2) في نسخة (ط) و (ن) (فيؤجج إليهم نارا).
(3) في نسخة (ب) و (د) (أن تقيموا فيها).
7 - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رحمه الله، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: (والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم)(3) قال: قصرت الأبناء عن عمل الآباء فألحق الله عز وجل الأبناء بالآباء ليقر بذلك أعينهم.
8 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن أبي زكريا، عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إذا مات طفل من أطفال المؤمنين نادى مناد في ملكوت السماوات والأرض: ألا إن فلان بن فلان قد مات، فإن كان قد مات والداه أو أحدهما أو بعض أهل بيته من المؤمنين دفع إليه يغذوه، وإلا دفع إلى فاطمة صلوات الله عليها تغذوه حتى يقدم أبواه أو أحدهما أو بعض أهل بيته من المؤمنين فتدفعه إليه.(4)
9 - حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رحمه الله، عن أبيه، عن محمد بن أحمد بن يحيى، قال: حدثنا محمد بن حسان، عن الحسين بن محمد النوفلي من ولد نوفل بن
____________
(1) هكذا في النسخ، والقاعدة تقتضي يغذوانهم كما في البحار عن الفقيه.
(2) في حاشية نسخة (ط) كلمة (زريعة) بدلا عن (در)، وهي كل شئ ناعم.
(3) الطور: 21.
(4) لا تنافي بين هذا والحديث السادس، إذ يمكن الجمع باختصاصها عليها السلام بأطفال المؤمنين من ذريتها، أو التبعيض على نحو آخر أو يغذوانهم بأمرها، أو التبعيض في التغذية، مع أنه لا تزاحم في العمل في تلك الدار.
10 - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن عبد الأعلى مولى آل سام، عن أبي عبد الله عليه السلام. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
تزوجوا الأبكار فإنهم أطيب شئ أفواها وأدر شئ أخلافا وأفتح شئ أرحاما، أما علمتم أني أباهي بكم الأمم يوم القيامة حتى بالسقط يظل محبنطئا على باب الجنة فيقول الله عز وجل له: أدخل الجنة، فيقول: لا حتى يدخل أبواي قبلي، فيقول الله عز وجل لملك من الملائكة: ايتني بأبويه، فيأمر بهما إلى الجنة، فيقول:
هذا بفضل رحمتي لك.
11 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد ابن يحيى، قال: حدثنا محمد بن الوليد، عن حماد بن عثمان، عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن أطفال الأنبياء عليهم السلام فقال: ليسوا كأطفال سائر الناس، قال: وسألته عن إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وآله لو بقي كان صديقا؟ قال: لو بقي كان على منهاج أبيه صلى الله عليه وآله.
12 - وبهذا الإسناد، عن حماد بن عثمان، عن عامر بن عبد الله، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: كان على قبر إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وآله عذق يظله عن الشمس، فلما يبس العذق ذهب أثر القبر فلم يعلم مكانه، وقال عليه السلام: مات إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وكان له ثمانية عشر شهرا فأتم الله عز وجل رضاعه في الجنة.
قال مصنف هذا الكتاب في الأطفال وأحوالهم: إن الوجه في معرفة العدل والجور والطريق إلى تميزهما ليس هو ميل الطباع إلى الشئ ونفورها عنه وأنه استحسان العقل له واستقباحه إياه، فليس يجوز لذلك أن نقطع بقبح فعل من الأفعال لجهلنا بعلله. ولا أن نعمل في إخراجه عن حد العدل على ظاهر صورته، بل الوجه
____________
(1) في نسخة (ج) وحاشية نسخة (ط) (ووضح بالبرهان - الخ).
13 - حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رحمه الله، قال: حدثنا علي ابن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان الخزاز، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: قلت لأبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام،: يا ابن رسول الله إنا نرى من الأطفال من يولد ميتا، ومنهم من يسقط غير تام، ومنهم من يولد أعمى أو أخرس أو أصم، ومنهم من يموت من ساعته إذا سقط على الأرض، ومنهم من يبقى إلى الاحتلام، ومنهم من يعمر حتى يصير شيخا، فكيف ذلك وما وجهه؟ فقال عليه السلام: إن الله تبارك وتعالى أولى بما يدبره من أمر خلقه منهم، وهو الخالق والمالك لهم، فمن منعه التعمير فإنما منعه ما ليس له، ومن عمره فإنما أعطاه ما ليس له، فهو المتفضل بما أعطاه وعادل فيما منع، ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون، قال جابر: فقلت له: يا ابن رسول الله وكيف لا يسأل عما يفعل؟.
قال: لأنه لا يفعل إلا ما كان حكمه وصوابا، وهو المتكبر الجبار والواحد القهار فمن وجد في نفسه حرجا في شئ مما قضى الله فقد كفر، ومن أنكر شيئا من أفعاله جحد.(1)
____________
(1) في نسخة (و) و (ه) بعد الحديث الثالث عشر في آخر الباب هذا الحديث:
(حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثني محمد بن أبي بشير، قال: حدثني الحسين بن أبي الهيثم، قال:
حدثنا سليمان بن داود، عن حفص بن غياث، قال: حدثني خير الجعافر جعفر بن محمد، قال: حدثني باقر علوم الأولين والآخرين محمد بن علي، قال: حدثني سيد العابدين علي ابن الحسين، قال: حدثني سيد الشهداء الحسين بن علي، قال: حدثني سيد الأوصياء علي ابن أبي طالب عليهم السلام، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم جالسا في مسجده إذ دخل عليه رجل من اليهود فقال: يا محمد إلى ما تدعو؟ قال: إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، قال: يا محمد أخبرني عن هذا الرب الذي تدعو إلى وحدانيته وتزعم أنك رسوله كيف هو، قال: يا يهودي إن ربي لا يوصف بالكيف لأن الكيف مخلوق وهو مكيفه، قال: فأين هو؟ قال: إن ربي لا يوصف بالأين لأن الأين مخلوق وهو أينه، قال: فهل رأيته يا محمد؟ قال: إنه لا يرى بالأبصار ولا يدرك بالأوهام، قال: فبأي شئ نعلم أنه موجود؟ قال: بآياته وأعلامه، قال: فهل يحمل العرش أم العرش يحمله؟
فقال: يا يهودي إن ربي ليس بحال ولا محل، قال: فكيف خروج الأمر منه؟ قال:
باحداث الخطاب في المحال، قال: يا محمد أليس الخلق كله له؟! قال: بلى، قال:
فبأي شئ اصطفى منهم قوما لرسالته؟ قال: بسبقهم إلى الاقرار بربوبيته، قال: فلم زعمت إنك أفضلهم؟ قال: لأني أسبقهم إلى الاقرار بربي عز وجل، قال: فأخبرني عن ربك هل يفعل الظلم؟ قال: لا، قال: ولم؟ قال: لعلمه بقبحه واستغنائه عنه، قال: فهل أنزل عليك في ذلك قرآنا يتلى؟ قال: نعم، أنه يقول عز وجل: (وما ربك بظلام للعبيد)، ويقول: (إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون) ويقول: (وما الله يريد ظلما للعالمين) ويقول: (وما الله يريد ظلما للعباد) قال اليهودي: يا محمد فإن زعمت أن ربك لا يظلم فكيف أغرق قوم نوح عليه السلام وفيهم الأطفال؟ فقال: يا يهودي إن الله عز وجل أعقم أرحام نساء قوم نوح أربعين عاما فأغرقهم حين أغرقهم ولا طفل فيهم، وما كان الله ليهلك الذرية بذنوب آبائهم، تعالى عن الظلم والجور علوا كبيرا، قال اليهودي: فإن كان ربك لا يظلم فكيف يخلد في النار أبد الآبدين من لم يعصه إلا أياما معدودة؟ قال: يخلده على نيته، فمن علم الله نيته أنه لو بقي في الدنيا إلى انقضائها كان يعصي الله عز وجل خلده في ناره على نيته، ونيته في ذلك شر من عمله، وكذلك يخلد من يخلد في الجنة بأنه ينوي أنه لو بقي في الدنيا أيامها لأطاع الله أبدا، ونيته خير من عمله، فبالنيات يخلد أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار، والله عز وجل يقول: (قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا) قال اليهودي: يا محمد إني أجد في التوراة أنه لم يكن لله عز وجل نبي إلا كان له وصي من أمته فمن وصيك؟ قال: يا يهودي وصيي علي بن أبي طالب عليه السلام، واسمه في التوراة أليا وفي الإنجيل حيدار، وهو أفضل أمتي وأعلمهم بربي، وهو مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، وأنه لسيد الأوصياء كما أني سيد الأنبياء، فقال اليهودي:
أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله وأن علي بن أبي طالب وصيك حقا، والله أني لأجد في التوراة كل ما ذكرت في جواب مسائلي، وإني لأجد فيها صفتك وصفة وصيك، وأنه المظلوم ومحتوم له بالشهادة، وأنه أبو سبطيك وولديك شبرا وشبيرا سيدي شباب أهل الجنة).
62 - باب إن الله تعالى لا يفعل بعباده إلا الأصلح لهم
1 - أخبرني أبو الحسين طاهر بن محمد بن يونس بن حياة(1) الفقيه ببلخ، قال:
____________
(1) في نسخة (و) خيرة: وفي نسخة (ه) خيوة.
____________
(1) في نسخة (و) و (ب) و (د) (الحسن بن الحسن بن مهاجر).
(2) في نسخة (ج) (الحسين بن يحيى الحنفي) والظاهر أنه الحسن بن يحيى الخشني الدمشقي الذي مات بعد التسعين كما في التقريب وهو والراوي والمروي عند كلهم من رجال العامة.
(3) في نسخة (ج) و (ط) و (ن) (حدثنا صدقة بن عبد الله بن هشام عن أنس - الخ).
(4) في نسخة (ج) و (ه) (كما ترددت في قبض نفس المؤمن) وفي نسخة (و) و (ب) و (د) (وما ترددت عن شئ أنا فاعله ما ترددت في قبض نفس المؤمن) وليس التردد في حقه تعالى كما فينا، بل إطلاقه عليه تعالى باعتبار مبدئه فقط وهو تعارض المحبوبين أو تبادل المكروهين اللازمين لفعل شئ وتركه كما هنا، والمكروهان مساءة المؤمن وبقاؤه في الدنيا وإن كان هو يكره الانتقال إلى الدار الآخرة ولكنه تعالى لا يكره ذلك.
2 - حدثنا أبو أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الكريم، قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن البرقي، قال:
حدثنا عمرو بن أبي سلمة، قال: قرأت على أبي عمر الصنعاني(2) عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال وسلم: رب أشعث أغبر ذي طمرين مدفع بالأبواب(3) لو أقسم على الله عز وجل لأبره.
3 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن محمد بن المنكدر، قال: مرض عون ابن عبد الله بن مسعود فأتيته أعوده فقال: ألا أحدثك بحديث عن عبد الله بن مسعود قلت: بلى، قال: قال عبد الله: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وآله إذ تبسم، فقلت له
____________
(1) في نسخة (ب) و (ط) و (ن) (ولو صححت جسده - الخ).
(2) في نسخة (ب) (حدثنا عمر بن أبي سلمة قال: قرأت على عمر الصنعاني - الخ).
(3) في نسخة (و) (مرقع بالأثواب) وفي نسخة (ط) (يدفع بالأبواب) وفي نسخة (ج) (مدفع بالأبواب مرقع للأثواب).