4 - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن قوما أتوا نبيا فقالوا: ادع لنا ربك يرفع عنا الموت، فدعا لهم، فرفع الله تبارك وتعالى عنهم الموت، وكثروا حتى ضاقت بهم المنازل وكثر النسل، وكان الرجل يصبح فيحتاج أن يطعم أباه وأمه وجده وجد جده ويرضيهم(1) ويتعاهدهم، فشغلوا عن طلب المعاش، فأفتوه فقالوا: سل ربك أن يردنا إلى آجالنا التي كنا عليها، فسأل ربه عز وجل فردهم إلى آجالهم.
5 - حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي (ره) قال حدثنا أبي، عن جده أحمد بن أبي عبد الله، عن الحسن بن علي بن فضال، عن علي بن عقبة، عن أبيه، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله الصادق، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: ضحك رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم حتى بدت نواجذه، ثم قال: ألا تسألوني مم ضحكت، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: عجبت للمرء المسلم أنه ليس من قضاء يقضيه الله عز وجل إلا كان خيرا له في عاقبة أمره.
6 - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه، قال: حدثنا علي بن الحسين السعدآبادي، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن أبي قتادة القمي قال: حدثنا عبد الله بن يحيى، عن أبان الأحمر، عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام قال: والذي بعث جدي صلى الله عليه وآله بالحق نبيا إن الله تبارك وتعالى ليرزق العبد على قدر المروة، وإن المعونة لتنزل من السماء على قدر المؤونة، وإن الصبر لينزل على قدر شدة البلاء.
7 - حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رحمه الله، قال: حدثنا أبي، قال:
حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن المفضل بن
____________
(1) في نسخة (ج) (ويربيهم)، وفي نسخة (و) و (د) و (ه) (يوضيهم).
8 - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه، قال: حدثنا علي بن الحسين السعدآبادي، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن محمد بن أبي الهزهاز، عن علي بن الحسين(2) قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:
إن الله عز وجل جعل أرزاق المؤمنين من حيث لا يحتسبون، وذلك أن العبد إذا لم يعرف وجه رزقه كثر دعاؤه.
9 - حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رضي الله عنه، قال:
حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي، قال:
حدثنا جعفر بن سليمان بن أيوب الخزاز(3) قال: حدثنا عبد الله بن الفضل الهاشمي، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: لأي علة جعل الله تبارك وتعالى الأرواح في الأبدان بعد كونها في ملكوته الأعلى في أرفع محل؟ فقال عليه السلام:
إن الله تبارك وتعالى علم أن الأرواح في شرفها وعلوها متى تركت على حالها نزع أكثرها إلى دعوى الربوبية دونه عز وجل، فجعلها بقدرته في الأبدان التي قدرها لها في ابتداء التقدير نظرا لها ورحمة بها، وأحوج بعضها إلى بعض، وعلق
____________
(1) مر هذا الحديث في الباب الستين بعين السند والمتن.
(2) في نسخة (ب) و (د) (عن علي بن الحسين) وفي حاشية نسخة (و) و (ن) (عن علي بن السري).
(3) في نسخة (ط) (جعفر بن سليمان بن أبي أيوب الخزاز) وفي نسخة (ب) (جعفر ابن سليمان عن أيوب الخزاز) واحتمل أن يكون جعفر بن سليمان عن أبي أيوب الخزاز، وهو إما إبراهيم بن زياد أو إبراهيم بن عثمان. وأما رواية البرمكي عن جعفر بن سليمان فبعيدة. ورواية جعفر بن سليمان عن عبد الله بن الفضل من غير واسطة كثيرة.
10 - حدثنا محمد بن أحمد الشيباني رضي الله عنه، قال: حدثنا محمد بن أبي - عبد الله الكوفي، قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، عن علي بن سالم، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله جعفر الصادق عليه السلام، قال: سألته عن قول الله عز وجل: (ولا يزالون مختلفين * إلا من رحم ربك و لذلك خلقهم(3) قال: خلقهم ليفعلوا ما يستوجبوا به رحمته فيرحمهم.
11 - حدثنا محمد بن القاسم الأسترآبادي، قال: حدثنا يوسف بن محمد بن زياد وعلي بن محمد بن سيار عن أبويهما، عن الحسن بن علي، عن أبيه، علي بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر
____________
(1) في نسخة (ب) و (د) و (ه) (ليدلهم) بالدال المهملة.
(2) في نسخة (ه) (لا ترى منهم إلا محبا - الخ).
(3) هود: 118.
12 - حدثنا أبي رضي الله عنه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن داود بن كثير الرقي، عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: قال الله جل جلاله:
إن من عبادي المؤمنين لمن يجتهد في عبادتي فيقوم من رقاده ولذيذ وساده فيتهجد في الليالي ويتعب نفسه في عبادتي فأضربه بالنعاس الليلة والليلتين نظرا مني له و
____________
(1) البقرة: 22.
(2) قوله: (وكثير) بالجر عطف على دوركم، وفي نسخة (ط) و (ن) (بالنصب فعطف على ما تنقاد).
13 - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن داود بن فرقد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان فيما أوحى الله عز وجل إلى موسى عليه السلام: أن يا موسى ما خلقت خلقا أحب إلي من عبدي المؤمن، وإنما أبتليه لما هو خير له وأعافيه لما هو خير له، وأنا أعلم بما يصلح عليه أمر عبدي، فليصبر على بلائي وليشكر نعمائي وليرض بقضائي أكتبه في الصديقين عندي إذا عمل برضائي فأطاع أمري(3).
63 - باب الأمر والنهي والوعد والوعيد
1 - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: الناس مأمورون منهيون، و
____________
(1) في نسخة (ط) و (ن) (ليدخله من ذلك العجب إلى الفتنة بأعماله).
(2) في الكافي ج 2 ص 72 عن أبي الحسن موسى عليه السلام أنه قال لبعض ولده: (يا بني عليك بالجد، لا تخرجن نفسك من حد التقصير في عبادة الله عز وجل وطاعته فإن الله لا يعبد حق عبادته) أي يجب على العبد دائما في أي منزلة كان أن يعترف أنه مقصر في ذلك، وفي الدعاء: (اللهم لا تجعلني من المعارين ولا تخرجني عن التقصير) وفي نسخة (ج) (حاز في عبادته حق المتقين).
(3) في نسخة (و) (أطاع أمري).
2 - حدثنا أبي رضي الله عنه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن هشام بن سالم، عن حبيب السجستاني، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: إن في التوراة مكتوبا يا موسى إني خلقتك واصطفيتك وقويتك وأمرتك بطاعتي ونهيتك عن معصيتي، فإن أطعتني أعنتك على طاعتي وإن عصيتني لم أعنك على معصيتي، يا موسى ولي المنة عليك في طاعتك لي، ولي الحجة عليك في معصيتك لي.
3 - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب وأحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن علي بن محمد القاساني، عمن ذكره، عن عبد الله بن القاسم الجعفري، عن أبي عبد الله، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من وعده الله على عمل ثوابا فهو منجزه له، ومن أوعده على عمل عقابا فهو فيه بالخيار.
4 - حدثنا أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي بنيسابور سنة اثنتين وخمسين و ثلاثمائة، قال: أخبرنا محمد بن يحيى الصولي، قال: حدثنا ابن ذكوان(2) قال:
سمعت إبراهيم بن العباس يقول: كنا في مجلس الرضا عليه السلام فتذاكروا الكبائر وقول المعتزلة فيها: إنها لا تغفر، فقال الرضا عليه السلام: قال أبو عبد الله عليه السلام: قد نزل القرآن بخلاف قول المعتزلة، قال الله عز وجل: (وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم)(3) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
5 - حدثنا أحمد بن محمد بن الهيثم العجلي، وأحمد بن الحسن القطان، ومحمد بن أحمد السناني، والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب، وعبد الله بن محمد الصائغ، وعلي بن عبد الله الوراق رضي الله عنهم، قالوا: حدثنا أبو العباس أحمد
____________
(1) في نسخة (ب) و (د) (من كان له عذر - الخ) وفي نسخة (ه) و (ج) (فمن كان له عذر - الخ).
(2) هو عبد الله بن أحمد بن ذكوان كما هو الظاهر.
(3) الرعد: 6.
حدثنا تميم بن بهلول، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال فيما وصف له من شرائع الدين: إن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها ولا يكلفها فوق طاقتها، وأفعال العباد مخلوقة خلق تقدير لا خلق تكوين(1)، والله خالق كل شئ، ولا نقول بالجبر، ولا بالتفويض، ولا يأخذ الله عز وجل البرئ بالسقيم ولا يعذب الله عز وجل الأطفال بذنوب الآباء، فإنه قال في محكم كتابه: (ولا تزر وازرة وزر أخرى)(2) وقال عز وجل: (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى)(3) ولله عز وجل أن يعفو ويتفضل، وليس له عز وجل أن يظلم، ولا يفرض الله عز وجل على عباده طاعة من يعلم أنه يغويهم ويضلهم، ولا يختار لرسالته ولا يصطفي من عباده من يعلم أنه يكفر به ويعبد الشيطان دونه، ولا يتخذ على خلقه حجة إلا معصوما. والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة، وقد أخرجته بتمامه في كتاب الخصال.
6 - حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، قال: سمعت موسى بن جعفر عليهما السلام يقول: لا يخلد الله في النار إلا أهل الكفر والجحود وأهل الضلال و الشرك. ومن اجتنب الكبائر من المؤمنين لم يسأل عن الصغائر، قال الله تبارك و تعالى: (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما)(4) قال: فقلت له: يا ابن رسول الله فالشفاعة لمن تجب من المذنبين؟ قال:
حدثني أبي، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (إنما شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي، فأما المحسنون منهم فما عليهم من سبيل) قال ابن أبي -
____________
(1) أي مقدرة بأن تقع بإرادتهم، لا مكونة كسائر المكونات من دون دخل إرادة العبد فيها.
(2) الأنعام: 164، والإسراء: 15 وفاطر: 18، والزمر: 7.
(3) النجم: 39.
(4) النساء: 31.
((من سرته حسنته وساءته سيئة فهو مؤمن)(2) فمن لم يندم على ذنب يرتكبه فليس بمؤمن ولم تجب له الشفاعة وكان ظالما، والله تعالى ذكره يقول: (ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع)(3) فقلت له: يا ابن رسول الله وكيف لا يكون مؤمنا من لم يندم على ذنب يرتكبه؟ فقال: يا أبا أحمد ما من أحد يرتكب كبيرة من المعاصي و هو يعلم أنه سيعاقب عليها إلا ندم على ما ارتكب ومتى ندم كان تائبا مستحقا للشفاعة، ومتى لم يندم عليها كان مصرا والمصر لا يغفر له لأنه غير مؤمن بعقوبة ما ارتكب ولو كان مؤمنا بالعقوبة لندم، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله: (لا كبيرة مع الاستغفار ولا صغيرة مع الاصرار) وأما قول الله عز وجل: (ولا يشفعون إلا لمن ارتضى) فإنهم لا يشفعون إلا لمن ارتضى الله دينه، والدين الاقرار بالجزاء على الحسنات والسيئات، فمن ارتضى الله دينه ندم على ما ارتكبه من الذنوب لمعرفته بعاقبته في القيامة.(4)
7 - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه، قال: حدثنا علي بن الحسين السعدآبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن حمزة بن حمران، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة، فإن عملها كتبت له عشر أمثالها، ويضاعف الله لمن يشاء إلى سبعمائة، ومن هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب عليه حتى يعملها، فإن لم يعملها كتبت له حسنة
____________
(1) الأنبياء: 28.
(2) في نسخة (ب) و (ط) (من سرته حسنة وساءته سيئة - الخ).
(3) المؤمن: 18.
(4) الشفاعة مما اختلفت الأمة في أنواعها بعد اتفاقهم في أصلها، والتفصيل في محله.
8 - حدثنا محمد بن محمد بن الغالب الشافعي، قال: أخبرنا أبو محمد مجاهد بن أعين بن داود، قال: أخبرنا عيسى بن أحمد العسقلاني، قال: أخبرنا النضر بن شميل، قال: أخبرنا إسرافيل(1) قال: أخبرنا ثوير، عن أبيه أن عليا عليه السلام قال: ما في القرآن آية أحب إلي من قوله عز وجل: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء).(2)
9 - حدثنا أبو نصر محمد بن أحمد بن تميم السرخسي بسرخس، قال: حدثنا أبو لبيد محمد بن إدريس الشامي، قال: حدثني إسحاق بن إسرائيل، قال: حدثنا حريز، عن عبد العزيز(3) عن زيد بن وهب، عن أبي ذر رحمه الله، قال:
خرجت ليلة من الليالي فإذا رسول الله صلى الله عليه وآله يمشي وحده وليس معه إنسان، فظننت أنه يكره أن يمشي معه أحد، قال: فجعلت أمشي في ظل القمر، فالتفت فرآني فقال: من هذا؟ فقلت: أبو ذر جعلني الله فداك، قال: يا أبا ذر تعال، قال:
فمشيت معه ساعة، فقال: إن المكثرين هم الأقلون يوم القيامة إلا من أعطاه الله خيرا فنفح منه بيمينه وشماله وبين يديه ووراءه وعمل فيه خيرا، قال: فمشيت معه ساعة، فقال لي: اجلس ههنا، وأجلسني في قاع حوله حجارة، فقال لي: اجلس حتى أرجع إليك، قال: فانطلق في الحرة حتى لم أره وتوارى عني، فأطال اللبث، ثم إني سمعته عليه السلام وهو مقبل وهو يقول: وإن زنى وإن سرق، قال:
____________
(1) في نسخة (و) و (ط) و (ن) (أخبرنا إسرائيل).
(2) النساء: 48 و 116.
(3) قد مر هذا الحديث في الباب الأول بعين السند والمتن، وفي بعض النسخ هنا أو هناك: (جرير أو حريز عن عبد العزيز - الخ)، وفي بعضها: (جرير أو حريز بن عبد العزيز) وفي صحيح البخاري (عن حريز عن زيد - الخ) والظاهر تصحيف (بن) بعن لكن لم أجد حريز بن عبد العزيز أو جرير بن عبد العزيز في كتب الرجال.
قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله: يعني بذلك أنه يوفق للتوبة حتى يدخل الجنة.
10 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن معاذ الجوهري، عن الصادق جعفر بن محمد، عن آبائه صلوات الله عليهم، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، عن جبرئيل عليه السلام، قال: قال الله جل جلاله: من أذنب ذنبا صغيرا أو كبيرا وهو لا يعلم أن لي أن أعذبه به أو أعفو عنه لا غفرت له ذلك الذنب أبدا، ومن أذنب ذنبا صغيرا كان أو كبيرا وهو يعلم أن لي أن أعذبه وأن أعفو عنه عفوت عنه.
64 - باب التعريف والبيان والحجة والهداية
1 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن أبي عمير، عن محمد بن حكيم، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: المعرفة صنع من هي؟ قال: من صنع الله عز وجل: ليس للعباد فيها صنع.
2 - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه، قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن ابن الطيار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله عز وجل احتج على الناس بما آتاهم وما عرفهم.
3 - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رحمه الله، عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن
4 - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رحمه الله، عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن ابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن حمزة بن الطيار، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله الله عز وجل: (وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هديهم حتى يبين لهم ما يتقون)(2) قال: حتى يعرفهم ما يرضيه وما يسخطه، وقال:
(فألهمها فجورها وتقويها)(3) قال: بين لها ما تأتي وما تترك، وقال: (إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا)(4) قال: عرفناه إما آخذا وإما تاركا وفي قوله عز وجل: (وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى)(5) قال:
عرفناهم فاستحبوا العمى على الهدى وهم يعرفون.
5 - حدثنا أحمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم رحمه الله، عن أبيه، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن ابن بكير، عن حمزة بن محمد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن قول الله عز وجل: (وهديناه النجدين)(6) قال: نجد الخير والشر.
6 - حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رحمه الله، عن أبيه، عن محمد بن أحمد ابن يحيى، عن موسى بن جعفر البغدادي، عن عبيد الله الدهقان، عن درست، عمن حدثه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ستة أشياء ليس للعباد فيها صنع: المعرفة
____________
(1) هذا الحديث المتحد مع ما قبله في المتن ومع ما بعده في السند ليس إلا في نسخة (ط).
(2) التوبة: 115.
(3) الشمس: 8.
(4) الإنسان: 3.
(5) فصلت: 17.
(6) البلد: 10.
7 - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن الحسين، عن أبي شعيب المحاملي، عن درست بن أبي منصور عن بريد بن معاوية العجلي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ليس لله على خلقه أن يعرفوا قبل أن يعرفهم، وللخلق على الله أن يعرفهم، ولله على الخلق إذا عرفهم أن يقبلوه(2).
8 - حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد ابن محمد بن عيسى، عن الحجال، عن ثعلبة بن ميمون، عن عبد الأعلى بن أعين قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عمن لم يعرف شيئا هل عليه شئ؟ قال: لا(3).
____________
(1) إن للإنسان أحوالا قلبية كالمعرفة والجهل والشك والظن والإيمان وغيرها، و صفات نفسية كالسخاء والشجاعة والحسد والاهتداء والضلال وغيرها، وأمورا ترد عليه كالغضب والدهشة والرضا والنوم واليقظة والمرض والصحة وغيرها، وحركات فكرية أو جارحية، و ليس له صنع إلا في الأخيرة، أي ليست باختياره إلا هي، نعم قد يتعلق بها حبه، ويكون بعض هذه الأخيرة جزء سبب لها كالعكس، والعمدة في السببية للأحوال القلبية التفكر و التعقل وعدمهما.
(2) إن على الإنسان في هذا الباب أمرين: التفكر في البينات التي تأتيه من عند الله تعالى حتى يحصل له الاستيقان والقبول القلبي لما هو الحق المتيقن بحيث يحصل له حالة الخضوع والتسليم، والثاني هو الإيمان حقيقة، وآفة الأول والمانع منه الإتراف والانهماك في اللذات المادية والتوغل في الأمور الدنيوية، وآفة الثاني والمانع منه العلو والاستكبار وحب الرئاسة والجاه والحمية والعصبية، فعلى الله نصب الآيات والبينات، وعلى العبد رفع المانعين، فعندئذ يقذف الله النور في قلبه فيزهر كما يزهر المصباح فيكون عارفا مؤمنا حقا، وبهذا يجمع بين الصنفين من الأخبار الناطق بأن المعرفة من صنع الله والأمر بتحصيل المعرفة.
(3) هذا لا يدل على معذورية الجاهل مطلقا، بل من لم يعرف شيئا لعدم قدرته على الرجوع إلى ما يوجب المعرفة.
10 - حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي (ره) عن أبيه عن جده أحمد بن أبي عبد الله، عن علي بن الحكم، عن أبان الأحمر، عن حمزة بن الطيار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال لي: أكتب فأملى علي: أن من قولنا إن الله عز وجل يحتج على العباد بما آتاهم وما عرفهم، ثم أرسل إليهم رسولا، وأنزل عليه الكتاب، فأمر فيه ونهى، أمر فيه الصلاة والصوم، فأنام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الصلاة(1) فقال: أنا أنيمك وأنا أوقظك، فاذهب فصل ليعلموا إذا أصابهم ذلك كيف يصنعون، ليس كما يقولون: إذا نام عنها هلك، وكذلك الصيام، أنا أمرضك وأنا أصححك فإذا شفيتك فاقضه، ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: وكذلك إذا نظرت إلى جميع الأشياء لم تجد أحدا في ضيق، ولم تجد أحدا إلا ولله عليه الحجة وله فيه المشية ولا أقول: إنهم ما شاؤوا صنعوا، ثم قال: إن الله يهدي ويضل، وقال:
وما أمروا إلا بدون سعتهم، وكل شئ أمر الناس به فهم يسعون له، وكل شئ لا يسعون له فهو موضوع عنهم، ولكن أكثر الناس لا خير فيهم، ثم قال: (ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله (فوضع عنهم) ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم * ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم - الآية)(2) فوضع عنهم لأنهم لا يجدون.
قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه: قوله عليه السلام: إن الله يهدي ويضل معناه أنه عز وجل يهدي المؤمنين في القيامة إلى الجنة ويضل الظالمين في القيامة عن الجنة(3)
____________
(1) كذا في نسخة (ط) و (ن) وفي غيرهما (فنام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - الخ).
(2) التوبة: 62.
(3) إن للهداية ست مراحل، ولكل مرحة ضلالة بحسبها، وكل مرحلة من الهداية متوقفة على ما قبلها، وكلها من الله، وضلالة العبد في كل مرحلة من عدم هداية الله إياه في تلك المرحلة، وعدم الهداية لفسوق العبد عما عليه في تلك المرحلة، وما ذكره المصنف هو المرحلة الأخيرة، وتفصيل الكلام يقتضي رسالة مفردة.
11 - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس ابن عبد الرحمن، عن حماد، عن عبد الأعلى(4) قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام:
أصلحك الله هل جعل في الناس أداة ينالون بها المعرفة؟ قال: فقال: لا، قلت: فهل كلفوا المعرفة؟ قال: لا، على الله البيان (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها. ولا يكلف الله نفسا إلا ما آتيها) قال: وسألته عن قول الله عز وجل: (وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هديهم حتى يبين لهم ما يتقون)(5) قال: حتى يعرفهم ما يرضيه وما يسخطه.
12 - وبهذا الإسناد، عن يونس بن عبد الرحمن، عن سعدان يرفعه إلى أبي - عبد الله عليه السلام قال: إن الله عز وجل لم ينعم على عبد بنعمة إلا وقد ألزمه فيها الحجة من الله عز وجل، فمن من الله عليه فجعله قويا فحجته عليه القيام بما كلفه واحتمال من هو دونه ممن هو أضعف منه، ومن من الله عليه فجعله موسعا عليه فحجته ماله، يجب عليه فيه تعاهد الفقراء بنوافله، ومن من الله عليه فجعله شريفا في نسبه(6) جميلا في صورته، فحجته عليه أن يحمد الله على ذلك وألا يتطاول على غيره فيمنع حقوق الضعفاء لحال شرفه وجماله.
13 - أبي رحمه الله، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد عن ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن أبيه، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:
____________
(1) في نسخة (و) و (ه) (كما قال عز وجل - الخ).
(2) يونس: 9.
(3) إبراهيم: 27.
(4) في أكثر النسخ: (عن حماد بن عبد الأعلى). وهو تصحيف.
(5) التوبة: 115.
(6) في نسخة (و) و (ه) (شريفا في بيته).
(أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين))(2) ذروا الناس فإن الناس أخذوا عن الناس وإنكم أخذتم عن رسول الله صلى الله عليه وآله، إني سمعت أبي عليه السلام يقول: إن الله عز وجل إذا كتب على عبد أن يدخل في هذا الأمر كان أسرع إليه من الطير إلى وكره(3).
14 - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن محمد بن حمران، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال: إن الله تبارك وتعالى إذا أراد بعبد خيرا نكت في قلبه نكتة من نور وفتح مسامع قلبه ووكل به ملكا يسدده، وإذا أراد بعبد سوءا نكت في قلبه نكتة سوداء وسد مسامع قلبه ووكل به شيطانا يضله، ثم تلا هذه الآية (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء)(4).
قال مصنف هذا الكتاب: إن الله عز وجل إنما يريد بعبد سوءا لذنب يرتكبه فيستوجب به أن يطبع على قلبه ويوكل به شيطانا يضله، ولا يفعل ذلك به إلا باستحقاق وقد يوكل عز وجل بعبده ملكا يسدده باستحقاق أو تفضل ويختص برحمته من
____________
(1) القصص: 56.
(2) يونس: 99.
(3) المراد منع الأصحاب عن المراء والجدال الباطل وضيق الذرع وظهور الغضب عند إنكار الخصم للحق، لا المنع عن إتيان الحكمة والبرهان والموعظة والبيان والجدال بالتي هي أحسن، وفي ذيل الرواية إشارة إلى أن من كان قلبه مقبلا إلى الحق خاضعا له وهو الذي كتب الله في قلبه الإيمان وأيده بروح منه يأتي لا محالة إلى الحق، فاجعلوا اهتمامكم في الارشاد لهؤلاء، لا للذين قلوبهم منكرة للحق ونفوسهم مستكبرة له. فإن سعيكم في الارشاد ضايع فيهم.
(4) الأنعام 125.