17 ـ عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث في المتعة، قال: «قلت: أرأيت إن حبلت؟!.
فقال: هو ولده»(2).
18 ـ عن ابن بزيع، قال: «سأل رجل الرضا (عليه السلام) وأنا أسمع: عن الرجل يتزوج المرأة متعة، ويشترط عليها: أن لا يطلب ولدها، فتأتي بعد ذلك بولد، فينكر الولد.
فشدد في ذلك، وقال: يجحد!! إعظاماً لذلك.
قال الرجل: فإن اتهمها؟!
قال: لا ينبغي لك أن تتزوج إلا مأمونة..» وفي نص آخر: «لا ينبغي لك إلا أن تتزوج مؤمنة أو مسلمة»(3).
____________
(1) بحار الأنوار ج 100 ص 311 ومستدرك وسائل الشيعة ج 14 ص 456.
(2) وسائل الشيعة ج 21 ص 69 ط مؤسسة آل البيت (عليهم السلام) والتهذيب ج 7 ص 264 و 269 والإستبصار ج 3 ص 149 و 152.
(3) وسائل الشيعة ج 21 ص 69 ط مؤسسة آل البيت والتهذيب ج 7 ص 269 والإستبصار ج 3 ص 153 و 152 ومن لا يحضره الفقيه ج 3 ص 292 والكافي ج 5 ص 454 و 464 والبحار ج 100 ص 318 ط بيروت.
20 ـ عن الإمام الصادق (عليه السلام) في الأمة: «يتمتع بها بإذن أهلها»(2).
21 ـ محمد بن إسماعيل بن بزيع قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام): «هل يجوز للرجل أن يتمتع من المملوكة بإذن أهلها وله امرأة حرة، قال: نعم، إذا رضيت الحرة الخ..»(3).
22 ـ عن الحارث بن المغيرة: أنه سأل الإمام الصادق (عليه السلام): «هل يجزي في المتعة رجل وامرأتان؟! قال: نعم، ويجزئه رجل واحد. وإنما كان ذلك لمكان البراءة. ولئلا تقول في
____________
(1) مستدرك الوسائل ج 14 ص 458 وفقه الرضا ص 323 و 233 ط مؤسسة آل البيت والبحار ج 100 ص 300 ط بيروت.
(2) بحار الأنوار ج 100 ص 313 وراجع قرب الاسناد ط مؤسسة آل البيت (عليهم السلام) ص 364.
(3) بحار الأنوار ط بيروت ج 100 ص 319 ومستدرك الوسائل ج 14 ص 472 ـ 473.
23 ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام): «فإن اشترطا في الميراث فهما على شرطهما»(2).
24 ـ عن سماعة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: «رجل [إلى أن قال]: إنك لا تدخل فرجك في فرجي، وتلذذ بما شئت.
قال: ليس له منها إلا ما شرط»(3).
25 ـ عن عيسى بن يزيد قال: «كتبت إلى أبي جعفر في رجل تكون في منزله امرأة تخدمه، فيكره النظر إليها، فيتمتع بها، والشرط أن لا يغتصبها؟.
فكتب: لا بأس بالشرط إذا كانت متعة»(4).
____________
(1) مستدرك الوسائل ج 14 ص 469 عن الشيخ المفيد في رسالة المتعة وبحار الأنوار ط بيروت ج 100 ص 308.
(2) مستدرك الوسائل ج 14 ص 470 وكتاب عاصم الحناط ص 31.
(3) بحار الأنوار ط بيروت ج 100 ص 310 ومستدرك الوسائل ج 14 ص 472 و 473.
(4) بحار الأنوار ج 100 ص 310.
قال: إذا كانا مسلمين مأمونين فلا بأس»(2).
27 ـ كان جعفر (عليه السلام) يقول: «نكاح بميراث، ونكاح بغير ميراث. إن اشترطت الميراث كان، وإن لم تشترط لم يكن»(3).
28 ـ عن عمر بن حنظلة: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن شروط المتعة، فقال: «يشارطها على ما يشاء من العطية وشرط الولد، إن أراد»(4).
29 ـ عن الإمام الرضا (عليه السلام)، قال: «المتعة لا
____________
(1) أي: علي بن جعفر.
(2) قرب الإسناد ص 251 ط مؤسسة آل البيت وبحار الأنوار ج 100 ص 312.
(3) قرب الإسناد ص 362 ط مؤسسة آل البيت وبحار الأنوار ج 100 ص 313.
(4) وسائل الشيعة ط مؤسسة آل البيت ج 21 ص 70 وتهذيب الأحكام ج 7 ص 270 والإستبصار ج 3 ص 153 ونوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص 65 والبحار ط بيروت ج 100 ص 317.
30 ـ عن محمد بن الحسن بن شمون، قال: «كتب أبو الحسن (عليه السلام) إلى بعض مواليه: لا تلحوا على المتعة إنما عليكم إقامة السنة، فلا تشتغلوا بها عن فرشكم وحرائركم، فيكفرن، ويتبرين، ويدعين على الآمر بذلك، ويلعنونا»(2).
31 ـ عن أبي مريم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، أنه سئل عن المتعة فقال: «إن المتعة اليوم ليست كما كانت قبل اليوم، إنهن كن يومئذ يؤمنّ، واليوم لا يؤمنّ، فاسألوا عنهنّ»(3).
32 ـ عن أبي سارة، قال: «سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عنها [يعني المتعة] فقال لي: حلال، فلا تتزوج إلا
____________
(1) وسائل الشيعة ط مؤسسة آل البيت ج 21 ص 80 ومن لا يحضره الفقيه ج 3 ص 459 طبعة جامعة المدرسين ـ قم.
(2) وسائل الشيعة ط مؤسسة آل البيت ج 21 ص 23 والكافي ج 5 ص 453 وبحار الأنوار ج 100 ص 310 ط بيروت ومستدرك الوسائل ج 14 ص 455.
(3) وسائل الشيعة ط مؤسسة آل البيت ج 21 ص 23 و 24، والكافي ج 5 ص 453 وتهذيب الأحكام ج 7 ص 251 ومن لا يحضره الفقيه ج 3 ص 292.
33 ـ عن الرضا (عليه السلام) ـ في حديث ـ قال: «لا ينبغي لك أن تتزوج إلا بمأمونة أو مسلمة»(3).
34 ـ علي بن ابراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «سألته عن المرأة ولا يدري ما حالها، أيتزوجها الرجل متعة؟!.
قال: يتعرض لها، فإن أجابته إلى الفجور فلا يفعل»(4).
35 ـ عن الحسن التفليسي قال: سألت الرضا (عليه السلام):
____________
(1) سورة المؤمنين، الآية رقم 5.
(2) وسائل الشيعة ج 21 ص 24 ط مؤسسة آل البيت والكافي ج 5 ص 453 وتهذيب الأحكام ج 7 ص 252، والإستبصار ج 3 ص 142.
(3) وسائل الشيعة ج 21 ص 25 و 24 و 27 ط مؤسسة آل البيت، والكافي ص 454، نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص 66 و87، ومن لا يحضره الفقيه ج 3 ص 292، والتهذيب ج 7 ص 269، والإستبصار ج 3 ص 153 ومستدرك الوسائل ج 14 ص 457 و 471.
(4) الكافي ج 5 ص 454 ووسائل الشيعة ج 21 ص 27 ط مؤسسة آل البيت.
فقال: يتمتع من الحرة المؤمنة أحب إلي، وهي أعظم حرمة منها»(1).
36 ـ عن محمد بن الفيض، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن المتعة، قال: «نعم، إذا كانت عارفة ـ إلى أن قال ـ: وإياكم والكواشف، والدواعي، والبغايا، وذوات الأزواج.
قلت: ما الكواشف؟.
قال: اللواتي يكاشفن وبيوتهن معلومة ويؤتين.
قلت: فالدواعي؟
قال: اللواتي يدعون إلى أنفسهن، وقد عرفن بالفساد.
قلت: فالبغايا؟
قال: المعروفات بالزنا.
قلت: فذوات الأزواج؟.
____________
(1) وسائل الشيعة ج 21 ص 26 ط مؤسسة آل البيت، والتهذيب ج 7 ص 256 والإستبصار ج 3 ص 145 ومن لا يحضره الفقيه ج 3 ص 293.
37 ـ عن أبي الحسن (عليه السلام) في المرأة الحسناء الفاجرة، هل يجوز للرجل أن يتمتع بها يوماً أو أكثر؟.
قال: «إذا كانت مشهورة بالزنا فلا يتمتع بها ولا ينكحها»(2).
38 ـ وفي آخر يقول: «وأما المتعة فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أحلها ولم يحرمها حتى قبض، فإذا أراد الرجل أن يتمتع بامرأة، فلتكن ديّنة مأمونة، فإنه لا يجوز التمتع بزانية، أو غير مأمونة الخ..»(3).
39 ـ عن أبي سعيد القماط، عمن رواه، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) جارية بكر بين أبويها، تدعوني إلى نفسها
____________
(1) وسائل الشيعة ج 21 ص 28 ط مؤسسة آل البيت، والكافي ج 5 ص 454 وتهذيب الأحكام ج 7 ص 252 والإستبصار ج 3 ص 143 ومن لا يحضره الفقيه ج 3 ص 292 ومعاني الأخبار ص 225 والبحار ج 100 ص 312.
(2) البحار ط بيروت ج 100 ص 309 ومستدرك الوسائل ج 14 ص 457 وراجع ص 458 ونوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص 71.
(3) بحار الأنوار ط بيروت ج 100 ص 320.
قال: نعم، واتق موضع الفرج.
قال: قلت: فإن رضيت بذلك.
قال: وإن رضيت، فإنه عار على الأبكار(1).
40 ـ وفي رواية مطولة يذكر المفضل فيها أن الإمام الصادق (عليه السلام) ذكر شرائط المتعة، فسأله المفضل عنها، فقال:
يا مولاي، فما شرائطها؟ قال: يا مفضل، سبعون شرطاً، من خالف منها شرطاً واحداً ظلم نفسه.
قال: فقلت: يا سيدي، فأعرض عليك ما علمته منكم فيها ـ إلى أن قال ـ فقل: «يا مفضل».
قال: يا مولاي قد أمرتمونا: أن لا نتمتع ببغية، ولا مشهورة بفساد، ولا مجنونة، وأن ندعو المتمتع بها إلى الفاحشة، فإن
____________
(1) وسائل الشيعة ج 21 ص 33 ط مؤسسة آل البيت وتهذيب الأحكام ج 7 ص 254.
والأجرة ما تراضيا عليه، من حلقة خاتم، أو شسع نعل، أو شق تمرة، إلى فوق ذلك من الدراهم، أو عرض ترضى به، فإن وهبت حل له كالصداق الموهوب من النساء المتزوجات، الذين قال الله تعالى فيهن: (فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً)(1).
ورجع القول إلى تمام الخطبة، ثم يقول لها: على أن لا ترثيني ولا أرثك، وعلى أن الماء لي أضعه منك حيث أشاء، وعليك الاستبراء خمسة وأربعين يوماً، أو محيضاً واحداً ما كان من عدد الأيام.
____________
(1) سورة النساء / الآية رقم 4.
وفيه ما رويناه عنكم من قولكم: «لئن أخرجنا فرجاً من حرام إلى حلال، أحب إلينا من تركه على الحرام» ومن قولكم: «فإذا كانت تعقل قولها، فعليها ما تقول من الإخبار عن نفسها، ولا جناح عليك، وقول أمير المؤمنين (عليه السلام): فلولاه ما زنى إلا شقي أو شقية، لأنه كان للمسلمين غناء في المتعة عن الزنى».
وروينا عنكم أنكم قلتم: «إن الفرق بين الزوجة والمتمتع بها أن المتمتع له أن يعزل عن المتعة، وليس للزوج أن يعزل عن الزوجة، لأن الله تعالى يقول: (ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام. وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها، ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد)»(1).
وأتى في كتاب الكفارات عنكم: «أنه من عزل نطفة عن رحم مزوجة فدية النطفة عشرة دنانير كفارة، وأن من شرط
____________
(1) سورة البقرة / الآية 204 و 205.
إلى أن تقول الرواية:
قال المفضل: «يا مولاي.. وذكر قصة عبد الله بن العباس مع عبد الله بن الزبير، وساق إلى قوله لابن الزبير، وأنت أول مولود ولد في الإسلام من متعة، وقال النبي (صلى الله عليه وآله): «ولد المتعة حرام».
فقال الصادق: «والله يا مفضل، لقد صدق في قوله لعبد الله بن الزبير».
قال المفضل: قلت: يا مولاي، وقد روى بعض شيعتكم أنكم قلتم،: «إن حدود المتعة أشهر من دابة البيطار»، وأنكم قلتم لأهل المدينة: «هبوا لنا التمتع في المدينة، وتمتعوا حيث شئتم، لأنا خفنا عليهم من شيعة ابن الخطاب أن يضربوا جنوبهم بالسياط».
ختام:
تلك كانت طائفة من الأحاديث المروية عن أهل البيت (عليهم السلام) حول تشريع زواج المتعة، واستمرار هذا التشريع وهي أربعون رواية، وما هي إلا غيض من فيض مما ورد في كتب الحديث والفقه، فراجع:
الوسائل، أبواب النكاح، ومستدرك الوسائل، والبحار ج 103، ط إيران، والوافي والكافي، وغيرها من المجاميع الفقهية والحديثية..
أهل البيت (عليهم السلام) يحرمون المتعة:
وقد ذكر بعضهم: روايات اعتقد هو أنها تفيد النهي عن المتعة وتحريمها من قبل أئمة أهل البيت (عليهم السلام). وقال: إنها مروية في كتب الشيعة الإمامية وهي:
ما روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) في المتعة: ما يفعله عندنا إلا الفواجر(1).
____________
(1) السرائر ص 483 وعن البحار ج100 ص318 وعن الوسائل ج14 ص456.
وعن المفضل: أن الإمام الصادق (عليه السلام) قال في المتعة: دعوها، أما يستحي أحدكم أن يرى في موضع العورة، فيحمل ذلك على صالحي اخوانه وأصحابه؟!(2).
وسأل علي بن يقطين الإمام الكاظم (عليه السلام) عنها فقال: ما أنت وذاك قد أغناك الله عنها(3).
وقال الإمام الصادق (عليه السلام) لعمار ولسليمان بن خالد: قد حرمت عليكما المتعة(4).
وعن ابن شمون أن أبا الحسن (عليه السلام) كتب إلى بعض مواليه: لا تلحوا علي في المتعة، إنما عليكم إقامة السنة، فلا تشتغلوا بها عن فرشكم وحرائركم، فيكفرن، ويتبرين منا،
____________
(1) عن الوسائل ج14 ص15.
(2) الكافي ج5 ص 453 والبحار ج100 ص103 و311 ومستدرك الوسائل ج14 ص 455 وعن الوسائل ج14 ص 450.
(3) عن الوسائل ج 14 ص 449.
(4) راجع الوسائل.
ولا مجال لحمل هذه الروايات على التقية، فقد قال الإمام جعفر الصادق (عليه السلام): «ثلاث لا أتقي فيهن أحداً: متعة الحج، ومتعة النساء، والمسح على الخفين»(2).
ونقول:
إن الاستدلال بذلك كله لا يصح، وذلك لما يلي:
1 ـ بالنسبة للرواية الأخيرة: ثلاث لا أتقي فيهن أحداً: متعة الحج، ومتعة النساء الخ..
نقول:
المراد: أنه لا يتقي في الإعلان بحلية ذلك، وجوازه وتشريعه. لا أنه يتقي في المنع منه، وذلك بقرينة جعله إلى جانب المسح على الخفين ومتعة الحج. الذي هو جائز ومشرّع.
ويشبه هذا موقفهم (عليهم السلام) من أمر الإمامة، فلم يكونوا يتقون أحداً في بيان أنهم هم الأحق بها، وأن غيرهم
____________
(1) تقدم هذا الخبر مع مصادره برقم 30.
(2) عن أصل الشيعة وأصولها ص 100 والذي ذكر هذه الروايات واستدل بها هو المحمدي في كتابه: تحريم المتعة في الكتاب والسنة ص 155/156.
ولكنهم كانوا يتقون في مسألة التدبير لإسقاط الحاكم، وجمع الناس والأموال للخروج عليه..
2 ـ إن رواية ابن شمون إنما تدل على حلية المتعة، وإنه إنما ينهى بعض مواليه عن الالحاح فيها والإكثار منها إلى درجة أنها تشغلهم عن نسائهم بحيث يخلق ذلك لهن عقدة تؤدي بهن إلى الخروج عن دائرة العدل والاتزان..
بل هو قد أمرهم بالاكتفاء من المتعة بإقامة السنة، وحفظ التشريع وعدم إبطاله بالإهمال له، والتحاشي عنه. وهذا ضد ما يريد المستدل إثباته.
3 ـ إن تحريم المتعة على عمار، وسليمان بن خالد ليس لأجل حرمتها في ذاتها بل هو من موقع ولايته وحكومته عليهما، من حيث هو إمام وحاكم. ولأجل ذلك نسب فيها التحريم إلى نفسه، فقال: حرمت ولم يذكره على أنه حكم الله الثابت لموضوعه..
ولعله تحريم لسبب خاص اقتضى منع هذين الرجلين من ممارسة ما هو حلال لهما. وقد يكون هو انشغالهما بها عن
4 ـ بل، إن تقرير الفقهاء القائلين بتحريم زواج المتعة التعزير لفاعلها، واعتبارها زنا، لا بد من محاربته. ثم تشدُّد السلطة في المنع من ذلك، وأخذ فاعليه والتنكيل والتشهير بهم ـ إن ذلك ـ يؤكد على لزوم ممارسة التقية في فعل المتعة. وإن كانوا يجهرون بحليتها، ويصرون على تشريعها في مناقشاتهم العلمية مع مخالفيهم..
5 ـ أما بالنسبة لرواية ابن يقطين، فهي أيضاً لا تدل على التحريم بل تدل على أن عليه أن لا يمارسها ما دام أنه ليس بحاجة إليها.. ولو أنه كان بحاجة إليها لأمكنه ممارستها، لأنها حلال.. لا سيما وان ابن يقطين كان وزيراً للرشيد، وكان يحتاج إلى المداراة في بعض الأمور، التي قد تسبب له مشكلة مع الرشيد في موقعه الذي هو فيه..
وكلنا جميعاً نعرف قصة أمر الإمام (عليه السلام) له
6 ـ أما رواية المفضل، ورواية ابن سنان ـ لو صحتا ـ فإنهما تشيران إلى أن هذا الأمر قد أصبح أمراً منبوذاً، يشنعون به على فاعله، ويعيرونه به. ولعل ذلك بسبب الحملة الاعلامية المعادية من قبل القائلين بالتحريم الذين يعتبرونها من الزنا والفجور.
هذا.. ولا ندري لماذا نظر إلى خصوص هذه الروايات النادرة ولم ينظر إلى العشرات الأخرى التي تقرر خلاف ما يسعى إلى تقريره وإثباته.
7 ـ وأما رواية: ما يفعله عندنا إلا الفواجر. فإنها لا تدل على التحريم، بل تدل على انصراف الناس عن ممارسة هذا
____________
(1) راجع قاموس الرجال ج7 ص 90/91 عن الإرشاد.
ومن المعلوم أن سوء الاستفادة من التشريع لا تعني لزوم رفع اليد عنه، وإلا للزم رفع اليد عن وجوب الصلاة فضلاً عما سواها حين يساء الاستفادة منها، وتستخدم وسيلة لخداع الناس.
الفهم المعكوس:
ويقول بعض من ذهب إلى تحريم زواج المتعة:
إن روايات أئمتهم تقول وتؤكد أن الله تعالى هو الذي حرم المتعة وليس عمر. وذلك حسب رواياتهم الصادرة كما يزعمون عن أهل البيت، فإن أهل البيت أدرى بما فيه كما يزعمون، ونحن نلزمهم بروايات أهل البيت (عليهم السلام)!!
فروى صدوقهم عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله قال: إن الله تبارك وتعالى حرم على شيعتنا المسكر من كل شراب وعوضهم من ذلك المتعة..
وروى ثقتهم الكليني في الروضة عن محمد بن مسلم، قال:
وروى صدوقهم: قيل لأبي عبد الله: لم جعل في الزنا أربعة من الشهود وفي القتل شاهدين؟ قال: إن الله أحل لكم المتعة وعلم أنها ستنكر عليكم فجعل الشهود اربعة احتياطاً عليكم(2).
وروى أيضاً: قال الصادق (عليه السلام): «ليس منا من لم يؤمن بكرتنا، ويستحل متعتنا»(3).
ونقول:
إننا لم نقرأ أغرب ولا أعجب من هذا.. فكيف اصبح دليل الحلية دليلاً على الحرمة، فإن مراده (عليه السلام) في الرواية الأولى هو: أن الله قد جعل المتعة لهم حلالاً عوضاً عن الخمر التي حرمها عليهم.
____________
(1) أنظر الحر العاملي في وسائله 14/438.
(2) في الفقيه ج2 ص 150 وفي العلل ص 173 وفي المحاسن للبرقي ص 320.
(3) الوسائل من ابواب المتعة ج14 ص 438.
وراجع في هذه الاعتراضات: تحريم المتعة للمحمدي ص 185 وقد تكرر الكلام في صفحات أخرى من الكتاب المذكور.
والحديث الرابع صريح بحلية المتعة أيضاً.
وكذا الحديث الثالث فإنه صريح بأن الله قد حلل المتعة، وأن ثمة من ينكر حليتها على المعتقدين بهذه الحلية.. ولولا أن الله ألزم بأربعة شهود في ثبوت الزنا، لكان المجرمون الحاقدون يجعلون ذلك ذريعة للتنكيل بالمؤمنين، حيث يتهمون القائلين بالتحليل بأنهم يرتكبون الزنا، ويحكمون عليهم بالرجم فيها.. أو الجلد..
ولا نرى أية غضاضة إذا قلنا هنا: (إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي هي في الصدور).
الفصل الثالث
النصوص والآثار في مصادر أهل السنة
روايات التحريم دليل على التحليل:
وبعد..
فإن جميع النصوص التي تدعي نسخ تشريع زواج المتعة، فهي إنما تقرر أولاً تشريعه، ثم تدعي نسخ هذا التشريع، وقد تقدم: أن دعوى النسخ لا يمكن أن تصح، فيبقى أصل التشريع ثابتاً كما كان..
النصوص الصريحة:
ونحن نقدم في هذا الفصل طائفة كبيرة من النصوص والآثار الدالة على بقاء حلية الزواج المؤقت «المتعة» وقد أوردها أهل السنة المصرون على التحريم، في مختلف الكتب المعتبرة عندهم..
وهي بمجموعها تفوق حد التواتر إن لم نقل: إن بعض
هذا بالإضافة إلى أن عشرات منها قد وردت بطرق صحيحة ومعتبرة، وقسم منها ورد في كتب الصحاح بالذات..
ولا ندعي: أننا استقصينا جميع الروايات والنصوص الدالة على ذلك.. فإن ذلك يحتاج إلى توفر تام، وجهد كبير، لسنا قادرين على توفيرهما في الوقت الحاضر، وإنما نقول: هذا ما تيسّر لنا، نقدمه إلى القارئ الكريم، على أمل أن يجد فيه ما يشفي الغليل، ويبل الصدى..
وقبل إيراد ما نريد إيراده نود التذكير بالحقيقة التالية:
قاعدة الإلزام:
إن البحث فيما تثبته الروايات أو تنفيه يتوقف على تحديد ضوابط الأخذ بالروايات او المصادر، وما هو المعتمد منها وغير المعتمد، والمقبول، وغير المقبول، فلا بد من حسم ذلك بالإقرار بأن ما يروى عن طريق غير أهل البيت (عليهم السلام) معتمد
هذا بالإضافة إلى أن لا يكون من المتحاملين على أهل البيت (عليهم السلام) جاهداً في إطفاء نور الله فيهم..
أما ما يرويه من لا يلتزمون خطهم، ولا يأخذون عنهم، ومن له مواقف سلبية منهم، فلا بد من دراسته بحذر وبموضوعية، وبأناة، لتمييز الزائف منه عن غيره..
وعلى هذا الأساس، فلا يصح الاحتجاج بروايات البخاري ومسلم وغيرهما من كتب يراها السنة صحاحاً على من لا يرى لها هذه الدرجة من الصحة.
وإذا رأينا: أتباع أهل البيت (عليهم السلام) يستدلون على أهل السنة بتلك الصحاح، فإنما ذلك على قاعدة الإلزام: «ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم» مع التأكيد أن الموضوعية
وعلى هذا الأساس: فإننا إذا احتججنا على أهل السنة بما في البخاري ومسلم، فلا يصح احتجاج أهل السنة بها علينا ما دمنا لا نعتقد فيها ما يعتقده فيها أهل السنة.
أما إذا أراد البعض: أن لا يلتزم حتى بما هو مروي وثابت عنده فتلك هي المهزلة الحقيقية، ومجانبة الحق، والابتعاد عن الموضوعية، ورفض السير على جادة الصواب والإنصاف..
تذكير لا بد منه:
1 ـ يلاحظ القارئ الكريم لهذا الفصل: أننا قد أوردنا فيه ما يناهز المائة وعشر روايات، مروية عن اعداد وفيرة من الصحابه والتابعين.
2 ـ سوف نجد: أن محاولات توجيه بعض الرويات وتأويلها قد فشلت، ولم تُجدِ نفعاً، وحتى لو صح ذلك في
3 ـ إننا قد أوردنا لبعضهم نصوصاً عديدة، كما هو الحال بالنسبة للروايات عن جابر بن عبد الله الأنصاري.
والسبب في ذلك.. هو أن اختلاف النص، ووجود زيادات فيه، يشير إلى أن جابراً قد تحدث عن هذا الأمر أكثر من مرة، وفي أكثر من مناسبة.. فكان يوجز تارة ويفصل أخرى.. ويتحدث عن قضية هنا، ثم يتحدث عن قضية غيرها هناك.. فلأجل ذلك وجدنا أنفسنا ملزمين بإيراد القضيتين، وذكر الروايتين على حد سواء.
النصوص والآثار:
هذه طائفة من النصوص التي وردت في المصادر المعتبرة لدى كل القائلين بالتحريم، وسوف نقتصر على المصادر التي تهيأ لنا الاطلاع عليها في هذه العجالة، فنقول:
إن المروي عن جابر بن عبد الله، قد اختلفت أسانيده ونصوصه، ونبدأ بهذه النصوص بالذات، فنقول:
ورواه سعيد، عن هشيم عن عبد الملك، عن عطاء، عن جابر بن عبد الله، قال: «كانوا يتمتعون في النساء حتى نهى عمر»(2). سنده صحيح.
2 ـ حدثني محمد بن رافع، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج، أخبرني أبو الزبير: «قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: كنا نستمتع بالقبضة من التمر، والدقيق، الأيام على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأبي بكر حتى نهى عنه عمر في شأن عمرو بن حريث».
____________
(1) مسند أحمد ج 3 ص 304، وراجع الوسائل ج 14 ص 441، وفي هامشه عن رسالة المتعة للمفيد باختلاف يسير، وهي مروية عن أبي نضرة عن جابر.
(2) سنن سعيد بن منصور ج 1 ص 218، وكنز العمال ج 6 ص 20 عن الطبري.
3 ـ حدثنا عبد الوارث بن سفيان، قال: حدثنا قاسم بن أصبغ قال: حدثنا محمد بن عبد السلام، قال: حدثنا محمد بن بشار قال: أخبرنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة، عن عمرو بن دينار. قال: أخبرني من سمع جابر بن عبد الله يقول: «تمتعنا إلى النصف من خلافة عمر يعني متعة النساء»(2).
4 ـ عن جابر، وأبو سعيد الخدري: «تمتعنا إلى نصف
____________
(1) صحيح مسلم مشكول سنة 1234 ج 4 ص 131، والمنتقى ج 2 هامش ص 519، وتحريم نكاح المتعة ص 104 و 105، ونصب الراية ج 3 ص 181، والمصنف لعبد الرزاق ج 7 ص 500، ومسند أحمد ج1 ص52 وج 6 ص 405، وكنز العمال ج 22 ص 96 ط الهند وج 16 ص 522 ط مؤسسة الرسالة وسنن البيهقي ج 7 ص 237 و 238، باب ما يجوز أن يكون مهراً، وتهذيب التهذيب ج 10 ص 371 ترجمة موسى بن مسلم، والطرائف لابن طاووس ص 458 عن الحميدي في الجمع بين الصحيحين والجواهر ج 3 ص 145، ودلائل الصدق ج 3 ص 99، وفتح الباري ج 9 ص 149، وتيسير الوصول ط الهند ج 2 ص 329، وزاد المعاد ج 2 ص 184، والإيضاح ص 435، والغدير ج 6 ص 205 عن بعض من تقدم، وجامع الأصول لابن الأثير ج12 ص135، والمسند الجامع ج 4 ص 100، والتمهيد ج 9 ص 112، ونفحات اللاهوت ص 100 عن الجمع بين الصحيحين، ونيل الأوطار ج 6 ص 274.
(1) التمهيد ج 9 ص 112.
5 ـ عبد الله عن أبيه، عن عبد الصمد، عن حماد، عن عاصم، عن أبي نضرة، عن جابر: «متعتان كانتا على عهد النبي (صلى الله عليه وآله): فنهانا عنهما عمر، فانتهينا»(2).
6 ـ عبد الله، حدثني أبي، حدثنا يونس، حدثنا حماد ـ يعني ابن سلمة ـ عن علي بن زيد، عن عاصم الأحول، عن أبي نضرة، عن جابر بن عبد الله، قال: «تمتعنا متعتين على عهد النبي (صلى الله عليه وآله): الحج والنساء، فنهانا عمر عنهما، فانتهينا»(3)..
ورواه عبد الله قال: حدثني أبي، حدثنا عفان، حدثنا حماد، أنبأنا علي بن زيد وعاصم الأحول، عن أبي نضرة
____________
(1) عمدة القارئ ج 17 ص 346.
(2) مسند أحمد ج 3 ص 325.
(3) مسند أحمد ج 3 ص 356 و 363، والغدير ج 6 ص 210، وكنز العمال ج 22 ص 94 و 93 ط الهند وج 16 ص 520 ط مؤسسة الرسالة عن الطبري، والسيوطي عن الطبري أيضاً..
ورواه عبد الله عن أبيه عبد الصمد، عن حماد عن عاصم، بسند صحيح عن عاصم. سنده صحيح.
7 ـ وعن أبي نضرة، عن جابر، أنه سئل عن المتعة، فقال: «فعلناها مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)»(1).
أي فهو يستدل لحليتها بأنهم فعلوها مع رسول الله (صلى الله عليه وآله).
8 ـ عبد الرزاق، عن ابن جريج، قال: أخبرني أبو الزبير، قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: «استمتعنا أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)، حتى نهى عمر في شأن عمرو بن حريث.
قال: وقال جابر: إذا انقضى الأجل، فبدا لهما أن يتعاودا فليمهرها مهراً آخر.
قال: وسأله بعضنا: كم تعتدّ؟
قال: حيضة واحدة كي تعتدونها للمستمتع منهم»(2).
____________
(1) فتح الباري ج 9 ص 149 عن مسلم، وأوجز المسالك ج 9 ص 404.
(2) المصنف لعبد الرزاق ج 7 ص 499، وراجع الإيضاح ص 441، فتح الباري ج 9 ص 149، والغدير للأميني ج 6 ص 207 عنه.