أما الأولون فابن آدم الذي قتل أخاه، وفرعون الفراعنة نمرود، والذي حاج إبراهيم في ربه، ورجلان من بني إسرائيل بدلا كتابهم وغير أسنتهم، أما أحدهما فهود اليهود والآخر نصر النصارى (1)، وإبليس سادسهم، والدجال في الآخرين، وهؤلاء الخمسة أصحاب الصحيفة الذين تعاهدوا وتعاقدوا على عداوتك يا أخي والتظاهر عليك بعدي هذا وهذا وهذا حتى عدهم وسماهم.
قال سلمان: فقلنا صدقت نشهد أنا سمعنا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وآله فقال عثمان:
يا أبا الحسن أما عندك وعند أصحابك هؤلاء في حديث؟ فقال: بلى قد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يلعنك ثم لم يستغفر الله لك مذ لعنك فغضب عثمان فقال، ما لي ولك أما تدعني على حالي على عهد رسول الله ولا بعده. فقال الزبير: نعم فأرغم الله أنفك. فقال عثمان، فوالله لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إن الزبير يقتل مرتدا عن الإسلام، قال سلمان: فقال لي علي عليه السلام فيما بيني وبينه صدق عثمان، وذلك أنه يبايعني بعد قتل عثمان ثم ينكث بيعتي فيقتل مرتدا عن الإسلام.
قال سليم: ثم أقبل علي سلمان فقال، إن القوم ارتدوا بعد رسول الله صلى الله عليه وآله إلا من عصمه الله بآل محمد، إن الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله بمنزلة هارون من موسى ومن تبعه وبمنزلة العجل ومن تبعه، فعلي في سنة هارون وعتيق في سنة السامري، وسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول " لتركبن أمتي سنة بني إسرائيل حذو القذة بالقذة وحذو النعل بالنعل شبرا بشبر وذراعا بذراع وباعا بباع ".
وروي عن الصادق عليه السلام أنه قال، لما استخرج أمير المؤمنين عليه السلام من منزله خرجت فاطمة صلوات الله عليها خلفه فما بقيت امرأة هاشمية إلا خرجت معها حتى انتهت قريبا من القبر فقالت لهم: خلوا عن ابن عمي فوالذي بعث محمدا أبي صلى الله عليه وآله بالحق إن لم تخلوا عنه لأنشرن شعري ولأضعن قميص رسول الله صلى الله عليه وآله على رأسي ولأصرخن إلى الله تبارك وتعالى، فما صالح بأكرم على الله من أبي ولا الناقة بأكرم
____________
(1) يعني أحدهما غير دين موسى وحرف كتابه بعده، والآخر غير دين عيسى وحرف كتابه بعده.
وروي عن الباقر عليه السلام أن عمر بن الخطاب قال لأبي بكر: اكتب إلى أسامة ابن زيد يقدم عليك، فإن في قدومه قطع الشنيعة عنا. فكتب أبو بكر إليه:
" من أبي بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أسامة بن زيد. - أما بعد فانظر إذا أتاك كتابي فاقبل إلي أنت ومن معك، فإن المسلمين قد اجتمعوا علي وولوني أمرهم فلا تتخلفن فتعصي ويأتيك مني ما تكره والسلام ".
قال: فكتب أسامة إليه جواب كتابه " من أسامة بن زيد عامل رسول الله صلى الله عليه وآله على غزوة الشام. أما بعد فقد أتاني منك كتاب ينقض أوله آخره، ذكرت في أوله أنك خليفة رسول الله، وذكرت في آخره أن المسلمين قد اجتمعوا عليك فولوك أمرهم ورضوك، فاعلم أني ومن معي من جماعة المسلمين والمهاجرين فلا والله ما رضيناك ولا وليناك أمرنا، وانظر أن تدفع الحق إلى أهله وتخليهم وإياه فإنهم أحق به منك، فقد علمت ما كان من قول رسول الله صلى الله عليه وآله في علي يوم الغدير، فما طال العهد فتنسى، انظر مركزك ولا تخالف فتعصي الله ورسوله وتعصي من استخلفه رسول الله صلى الله عليه وآله عليك وعلى صاحبك، ولم يعزلني حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وأنك وصاحبك رجعتما وعصيتما فأقمتما في المدينة بغير إذن ".
فأراد أبو بكر أن يخلعها من عنقه قال: فقال له عمر لا تفعل قميص قمصك الله لا تخلعه فتندم ولكن ألح عليه بالكتب والرسائل ومر فلانا وفلانا أن يكتبوا إلى أسامة أن لا يفرق جماعة المسلمين وأن يدخل معهم فيما صنعوا.
قال: فكتب إليه أبو بكر وكتب إليه الناس من المنافقين " أن ارض بما اجتمعنا عليه وإياك أن تشتمل المسلمين فتنة من قبلك فإنهم حديثو عهد بالكفر ".
وروي أن أبا قحافة كان بالطائف لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وبويع لأبي بكر، فكتب ابنه إليه كتابا عنوانه " من خليفة رسول الله إلى أبي قحافة. أما بعد فإن الناس قد تراضوا بي، فإني اليوم خليفة الله، فلو قدمت علينا كان أقر لعينك " قال: فلما قرأ أبو قحافة الكتاب قال للرسول: ما منعكم من علي؟ قال:
هو حدث السن وقد أكثر القتل في قريش وغيرها وأبو بكر أسن منه. قال أبو قحافة: إن كان الأمر في ذلك بالسن فأنا أحق من أبي بكر، لقد ظلموا عليا حقه وقد بايع له النبي صلى الله عليه وآله وأمرنا ببيعته.
ثم كتب إليه " من أبي قحافة إلى ابنه أبي بكر. أما بعد فقد أتاني كتابك فوجدته كتاب أحمق ينقض بعضه بعضا، مرة تقول خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله ومرة تقول خليفة الله ومرة تقول تراضى بي الناس، وهو أمر ملتبس فلا تدخلن في أمر يصعب عليك الخروج منه غدا ويكون عقباك منه إلى النار والندامة وملامة النفس اللوامة لدى الحساب بيوم القيامة، فإن للأمور مداخل ومخارج وأنت تعرف من هو أولى بها منك، فراقب الله كأنك تراه ولا تدعن صاحبها، فإن تركها اليوم أخف عليك وأسلم لك ".
وعن عامر الشعبي عن عروة بن الزبير بن العوام قال، لما قال المنافقون إن أبا بكر تقدم عليا وهو يقول أنا أولى بالمكان منه قام أبو بكر خطيبا فقال: صبرا على من ليس يؤول إلى دين ولا يحتجب برعاية ولا يرعوي لولاية، أظهر الإيمان ذلة وأسر النفاق غلة، هؤلاء عصبة الشيطان وجمع الطغيان يزعمون أني أقول إني
وعن محمد بن عمر بن علي عن أبيه عن أبي رافع قال، إني لعند أبي بكر إذ طلع علي والعباس يتدافعان ويختصمان في ميراث النبي صلى الله عليه وآله، فقال أبو بكر: يكفيكم القصير الطويل - يعني بالقصير عليا وبالطويل العباس - فقال العباس: أنا عم النبي صلى الله عليه وآله ووارثه، وقد حال علي بيني وبين تركته.
فقال أبو بكر: فأين كنت يا عباس حين جمع النبي صلى الله عليه وآله بني عبد المطلب
فقال العباس: فما أقعدك في مجلسك هذا تقدمته وتأمرت عليه؟ قال أبو بكر: أعذروني يا بني عبد المطلب.
وروى رافع بن أبي رافع الطائي عن أبي بكر وقد صحبه في سفر قال، قلت له: يا أبا بكر علمني شيئا ينفعني الله به. قال: قد كنت فاعلا ولو لم يسألني لا تشرك بالله شيئا، واقم الصلاة، وآت الزكاة، وصم شهر رمضان، وحج البيت واعتمر، ولا تأمرن على اثنين من المسلمين. قال: قلت له أما ما أمرتني به من الإيمان والصلاة والزكاة والصوم والحج والعمرة فأنا أفعله، وأما الإمارة فإني رأيت الناس لا يصيبون هذا الشرف وهذا الغنى والعز والمنزلة عند رسول الله إلا بها. قال: إنك استنصحتني فأجهدت نفسي لك.
فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وآله واستخلف أبو بكر جئته وقلت له: يا أبا بكر ألم تنهني أن أتأمر على اثنين؟ قال بلى. قلت: فما بالك تأمرت على أمة محمد صلى الله عليه وآله قال اختلف الناس وخفت عليهم الضلالة ودعوني فلم أجد من ذلك بدا.
وروى أن أبا بكر وعمر بعثا إلى خالد بن الوليد فواعداه وفارقاه على قتل علي عليه السلام وضمن ذلك لهما، فسمعت ذلك الخبر أسماء بنت عميس امرأة أبي بكر في خدرها، فأرسلت خادمة لها، وقالت ترددي في دار علي وقولي له " الملأ يأتمرون بك ليقتلوك " (1) ففعلت الجارية وسمعها علي عليه السلام، فقال رحمها الله قولي لمولاتك فمن يقتل الناكثين والمارقين والقاسطين؟
ووقعت المواعدة لصلاة الفجر إذ كان أخفى، واختيرت للسدفة (2) والشبهة [ فإنهم كانوا يغسلون (3) بالصلاة حتى لا تعرف المرأة من الرجل ] ولكن الله
____________
(1) القصص: 20.
(2) السدفة: ظلمة فيها ضوء من أول النهار وآخره.
(3) الغلس: ظلمة آخر الليل، يغلسون بالصلاة: يصلون في الغلس
وفي رواية أخرى لأبي ذر رحمه الله أن أمير المؤمنين عليه السلام أخذ خالدا بأصبعيه السبابة والوسطى في ذلك الوقت، فعصره عصرا فصاح خالد صيحة منكرة، ففزع الناس وهمتهم أنفسهم وأحدث خالد في ثيابه وجعل يضرب برجليه الأرض ولا يتكلم. فقال أبو بكر لعمر: هذه مشورتك المنكوسة، كأني كنت أنظر إلى هذا وأحمد الله على سلامتنا، وكلما دنى أحد ليخلصه من يده لحظة تنحى عنه رعبا فبعث أبو بكر وعمر إلى العباس فجاء وتشفع إليه وأقسم عليه فقال: بحق هذا القبر ومن فيه وبحق ولديه وأمهما إلا تركته، ففعل ذلك وقبل العباس بين عينيه.
____________
(1) يريد الرأس لأنه أكثر الأعضاء. شعرا.
احتجاج أمير المؤمنين (ع) على أبي بكر وعمر لما منعا فاطمة الزهراء (ع) فدك بالكتاب والسنة.
عن حماد بن عثمان (1) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما بويع أبو بكر واستقام له الأمر على جميع المهاجرين والأنصار بعث إلى فدك (2) من أخرج وكيل
____________
(1) قال العلامة الحلي في خلاصته: حماد بن عثمان بن عمرو بن خالد الفزاري مولاهم كوفي وكان يسكن عرزم فذهب إليها وأخوة عبد الله ثقتان رويا عن أبي عبد الله عليه السلام وروي حماد عن أبي الحسن الرضا (ع) ومات حماد بالكوفة رحمه الله سنة تسعين ومائة ذكرهما أبو العباس في كتابه. وسبقه بذكر حماد بن عثمان الناب مولى غني وعده من أصحاب الكاظم والرضا عليهما السلام.
وعده الشيخ في رجاله تارة من أصحاب الصادق (ع) وأخرى من أصحاب الكاظم (ع) وثالثة من أصحاب الرضا (ع) وسماه ذو الناب ولم يتعرض لذكر حماد الفزاري. ولعله إنما لم يتعرض لذكره لاعتقاده باتحادهما فقد اعتقد ذلك بعض أصحاب الرجال واستدلوا على ما ذهبوا إليه باتحاد سنة الوفاة واتحاد عشيرتيهما. ونقل المامقاني بتفصيل أقوال الرجاليين فيهما وقال في تنقيح المقال أقول: " الأظهر اتحاد الرجلين فإن غنيا حي من غطفان، وفزارة أبو قبيلة من غطفان " انتهى.
أقول: وهذا لا يكفي بل إن دليل التعدد ظاهر والاختلاف بينهما واضح بين لاختلاف اسم الجد والأخوة فحماد ذو الناب هو: حماد بن عثمان بن زياد، والفزاري هو: حماد بن عثمان بن عمرو بن خالد والأول أخواه حسين وجعفر، والثاني أخوه عبد الله وعليه فيكون المراد هنا حمادا الفزاري لأنه يروي عن الصادق (ع) وذو الناب يروي عن الكاظم والرضا فقط كما في الخلاصة.
راجع رجال الطوسي، رجال الكشي، رجال المامقاني، الخلاصة للعلامة. فهرست الشيخ الطوسي، أعيان الشيعة، قاموس الرجال.
(2) " فدك ": قرية في الحجاز، بينها وبين المدينة يومان، وقيل ثلاثة وهي أرض يهودية، كان يسكنها طائفة من اليهود حتى السنة السابعة حيث قذف الله بالرعب في قلوب أهليها فصالحوا رسول الله صلى الله عليه وآله على النصف من فدك، وروى أنه صالحهم
=>
____________
<=
عليها كلها. فصارت ملكا لرسول الله صلى الله عليه وآله خاصة، لأنها لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب
ثم قدمها لابنته الزهراء (ع) وكانت بيدها في عهد أبيها وبعد وفاته صلى الله عليه وآله وكانت
وضعت عليها وكيلا عنها فانتزعها الخليفة الأول وطرد وكيلها ولما تولى عمر الخلافة
ردها إلى ورثة رسول الله صلى الله عليه وآله فلما ولي عثمان بن عفان أقطعها مروان بن الحكم فلما
صار الأمر إلى معاوية بن أبي سفيان أقطع مروان ثلثها، وعمر بن عثمان ثلثا، ويزيد
ابنه ثلثها الآخر، فلم يزالوا يتداولونها حتى خلصت لمروان بن الحكم أيام ملكه ثم صفت
لعمر بن عبد العزيز بن مروان، فلما ولي الأمر ردها لولد فاطمة (ع)، ثم انتزعها يزيد
ابن عبد الملك من أولاد فاطمة وظلت في أيدي بني مروان حتى انقرضت دولتهم.
فلما تقلد الخلافة أبو العباس السفاح ردها على عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن
الحسن بن علي (ع) ثم قبضها أبو جعفر المنصور في خلافته من بني الحسن، وردها
المهدي بن المنصور على الفاطميين، ثم انتزعها موسى بن المهدي من أيديهم، ثم ردها
المأمون عليهم سنة مائتين وعشرة ولما بويع المتوكل انتزعها منهم وأقطعها عبد الله بن
عمر البازيار من أهل طبرستان. وردها المعتضد، وحازها المكتفي، وقيل إن المقتدر
ردها عليهم وكان فيها بضعة عشر نخلة غرسها رسول الله بيده. قال ابن أبي الحديد: -
في شرح النهج - وقلت لمتكلم من متكلمي الإمامية يعرف بعلي بن تقي من بلدة النيل.
وهل كانت فدك إلا نخلا يسيرا وعقارا ليس بذلك الخطير؟ فقال لي ليس الأمر كذلك
بل كانت جليلة جدا وكان فيها من النخل نحو ما بالكوفة الآن من النخل وما قصد أبو
بكر وعمر بمنع فاطمة عنها إلا أن لا يتقوى على بحاصلها وغلتها على المنازعة في الخلافة الخ
وقال أيضا: وسألت علي بن الفارقي مدرس المدرسة الغربية ببغداد فقلت له:
أكانت فاطمة صادقة؟ قال نعم قلت: فلم لم يدفع إليها أبو بكر فدكا وهي عنده صادقة فتبسم
ثم قال: كلاما لطيفا مستحسنا مع ناموسه وحرمته وقلة دعابته قال لو أعطاها اليوم فدكا
بمجرد دعواها لجاءت إليه غدا وادعت لزوجها الخلافة وزحزحته عن مقامه ولم يكن
يمكنه الاعتذار بشئ لأنه يكون قد سجل على نفسه بأنها صادقة فيما تدعي
راجع: معجم البلدان لياقوت الحموي، أعيان الشيعة للسيد الأمين، فدك في
التاريخ للسيد الصدر، فتوح البلدان للبلاذري، شرح النهج لابن أبي الحديد.
فقال: هاتي على ذلك بشهود. فجاءت بأم أيمن، فقالت له أم أيمن: لا أشهد يا أبا بكر حتى احتج عليك بما قال رسول الله صلى الله عليه وآله، أنشدك بالله ألست تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال " أم أيمن امرأة من أهل الجنة (1) " فقال: بلى. قالت " فأشهد: أن الله عز وجل أوحى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله " وآت ذا القربى حقه " (2)
____________
(1) أم أيمن: مولاة النبي صلى الله عليه وآله وحاضنته.. اسمها بركة بنت ثعلبة ابن عمرو بن حصن بن مالك بن سلمة بن عمرو بن النعمان، مهاجرة جليلة هاجرت الهجرتين إلى أرض الحبشة، وإلى المدينة، وشهدت حنينا واحدا وخيبرا وكانت في أحد تسقي الماء وتداوي الجرحى. وكان النبي صلى الله عليه وآله يخاطبها يا أمه ويقول: " هي أمي بعد أمي " وكان إذا نظر إليها يقول " هذه بقية أهل بيتي ".
قال ابن حجر في تهذيب التهذيب: " روت عن النبي صلى الله عليه وآله وعنها أنس بن مالك وحنش بن عبد الله الصنعاني وأبو يزيد المدني ".
وكنيت بابنها أيمن بن عبيد وهي أم أسامة بن زيد بن حارثة تزوجها زيد بعد عبيد الحبشي.
قيل كانت لعبد الله بن عبد المطلب (ع) فصارت للنبي صلى الله عليه وآله ميراثا وقيل أنها كانت لأمه صلى الله عليه وآله وروي أنها كانت لأخت خديجة فوهبتها للنبي صلى الله عليه وآله فلما تزوج من خديجة (ع) أعتقها.
وفي الإصابة: أن النبي صلى الله عليه وآله قال: " من سره أن يتزوج امرأة من أهل الجنة فليتزوج أم أيمن ".. وتوفيت في أوائل عهد عثمان وروى البخاري أنها توفيت بعد النبي بخمسة أشهر.
راجع الإصابة، تهذيب التهذيب، أعلام النساء، طبقات ابن سعد، البخاري قاموس الرجال، أعيان الشيعة.
(1) قال الطبرسي في مجمع البيان: " وأخبرنا السيد أبو الحمد مهدي بن نزار الحسيني قراءة قال حدثنا أبو القاسم عبيد الله بن الحسكاني قال حدثنا الحاكم الوالد أبو محمد
=>
" إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " (2) فيمن
____________
<=
قال حدثنا عبد الله عن عمر بن عثمان ببغداد شفاها قال: أخبرني عمر بن الحسن بن
علي بن مالك قال: حدثنا جعفر بن محمد الأحمسي قال: حدثنا حسن بن حسين قال: حدثنا
أبو معمر سعيد بن خثيم وعلى بن القاسم الكندي ويحيى بن يعلى وعلي بن مسهر عن
فضل بن مرزوق عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري قال: لما نزل قوله: (آت ذا
القربى حقه " أعطى رسول الله صلى الله عليه وآله فاطمة فدكا. قال عبد الرحمن بن صالح كتب
المأمون إلى عبد الله بن موسى يسأله عن قصة فدك فكتب عبد الله بهذا الحديث رواه
الفضل بن مرزوق عن عطية فرد المأمون فدكا إلى ولد فاطمة انتهى.
(1) إذ أنها عليها السلام كانت صاحبة اليد والمسلمون يمثلون دور المدعي.
(2) روى محب الدين الطبري في ذخائر العقبى: عن عمر بن أبي سلمة ربيب رسول
=>
قال: ثم دخلت فاطمة المسجد، وطافت بقبر أبيها، وهي تقول:
____________
<=
الله صلى الله عليه وآله قال نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وآله " إنما يريد الله ليذهب عنكم
الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا - سورة الأحزاب آية: 33 " في بيت أم سلمة رضي
الله عنها فدعى النبي صلى الله عليه وآله فاطمة وحسنا وحسينا فجللهم بكساء وعلي خلف ظهره ثم
قال: " اللهم هؤلاء أهل بيتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ". قالت أم سلمة وأنا
معهم يا رسول الله قال: " أنت على مكانك وأنت على خير ".
(1) في كشف الغمة " ثم التفتت إلى قبر أبيها متمثلة بقول هند ابنة أثانة:
إنا فقدناك فقد الأرض وابلها * واختل قومك لما غبت وانقلبوا
قال: فرجع أبو بكر وعمر إلى منزلهما، وبعث أبو بكر إلى عمر فدعاه ثم قال: له أما رأيت مجلس علي منا في هذا اليوم؟ والله لئن قعد مقعدا آخر مثله ليفسدن علينا أمرنا، فما الرأي؟ فقال عمر: الرأي أن تأمر بقتله، قال: فمن يقتله؟ قال: " خالد بن الوليد " (1).
____________
(1) خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم القرشي المخزومي.
قال ابن حجر: - في الإصابة - " وشهد مع كفار قريش الحروب إلى غزوة الحديبية، كما ثبت في الصحيح: أنه كان على خيل قريش طليعة، ثم أسلم في سنة سبع بعد خيبر وقيل قبلها، ووهم من زعم أن أسلم سنة خمسة ".
وقال ابن الأثير - في أسد الغابة -: " ولا يصح لخالد مشهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله قبل فتح مكة. ولما فتح رسول الله صلى الله عليه وآله مكة بعثه إلى بني جذيمة من بني عامر بن لؤي فقتل منهم من لم يجز قتله. فقال النبي صلى الله عليه وآله: " اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد ".
فأرسل مالا مع علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فودى القتلى وأعطاهم ثمن ما أخذ منهم حتى ثمن ميلغة الكلب، وفضل معه فضلة من المال فقسمها فيهم فلما أخبر رسول الله صلى الله عليه وآله بذلك استحسنه. "..
و (قال) فيه أيضا: " ثم إن أبا بكر أمره بعد رسول الله صلى الله عليه وآله على قتال المرتدين منهم مسيلمة الحنفي في اليمامة، وله في قتالهم الأثر العظيم، و (منهم): مالك ابن نويرة من بني يربوع من تميم وغيرهم إلا أن الناس اختلفوا في قتل مالك بن نويرة فقيل: (إنه قتل مسلما) لظن ظنه خالد به، وكلام سمعه منه، وأنكر عليه أبو قتادة وأقسم أنه لا يقاتل تحت رايته، وأنكر عليه ذلك عمر بن الخطاب.. ".
و (قال) في أسد الغابة أيضا: - في ترجمة مالك بن نويرة - " فلما فرغ خالد من بني أسد وغطفان، سار إلى مالك وقدم البطاح فلم يجد به أحدا كان مالك قد فرقهم ونهاهم عن الاجتماع فلما قدم خالد البطاح بث سرايا فأتى بمالك بن نويرة ونفر من قومه فاختلف السرية فيهم، وكان فيهم أبو قتادة وكان فيمن شهد أنهم أذنوا وأقاموا وصلوا فحبسهم في ليلة باردة، وأمر خالد فنادى: أدفئوا أسراكم - وهي في لغة كنانة: القتل - فقتلوهم
=>
احملاني على ما شئتما، ولو على قتل علي بن أبي طالب، قالا: فهو ذلك، قال خالد: متى أقتله؟ قال أبو بكر: احضر المسجد وقم بجنبه في الصلاة، فإذا سلمت فقم إليه واضرب عنقه، قال: نعم.
فسمعت أسماء بنت عميس (1) وكانت تحت أبي بكر. فقالت: لجاريتها
____________
<=
فسمع خالد الواعية، فخرج وقد قتلوا، فتزوج خالد امرأته، فقال عمر لأبي بكر: سيف
خالد فيه رهق وأكثر عليه فقال أبو بكر: تأول فاخطأ ولا اشيم سيفا سله الله على
المشركين، وودى مالكا، وقدم خالد على أبي بكر، فقال له عمر: يا عدو الله قتلت امرأ
مسلما ثم نزوت على امرأته لأرجمنك ".
(قال): " وقيل إن المسلمين لما غشوا مالكا وأصحابه ليلا، أخذوا السلاح
فقالوا: نحن المسلمون، فقال أصحاب مالك: ونحن المسلمون، فقالوا لهم: ضعوا السلاح
فوضعوه وصلوا. وكان خالد يعتذر في قتله، أن مالكا قال: ما أخال صاحبكم إلا قال كذا فقال
أو ما تعده لك صاحبا؟ فقتله. فقدم متمم على أبي بكر، يطلب بدم أخيه وأن يرد
عليهم سبيهم فأمر أبو بكر برد السبي، وودى مالكا من بيت المال، فهذا جميعه ذكره
الطبري وغيره من الأئمة ويدل على أنه لم يرتد. " انتهى.
وجعله أبو بكر واليا من قبله على الشام فلما ولي عمر الخلافة عزله ومات فيها بحمص
في خلافة عمر.
راجع (الإصابة لابن حجر، أسد الغابة لابن الأثير، ابن أبي الحديد ج 4 من
شرح النهج، الإستيعاب).
(1) أسماء بنت عميس الخثعمية: هي أخت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وآله واخت
لبابة زوج العباس بن عبد المطلب وأم الفضل وعبد الله.
هاجرت مع زوجها جعفر بن أبي طالب (ع) إلى الحبشة.
ذكر ابن الأثير في (أسد الغابة): " أن عمر بن الخطاب قال لها: نعم القوم
لولا أننا سبقناكم إلى الهجرة، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وآله فقال: بل لكم هجرتان: إلى
أرض الحبشة وإلى المدينة " وأعقبت أسماء من جعفر بن أبي طالب الطيار
=>
ثم قام وتهيأ للصلاة، وحضر المسجد، وصلى خلف أبي بكر، وخالد بن الوليد يصلي بجنبه، ومعه السيف، فلما جلس أبو بكر في التشهد، ندم على ما قال وخاف الفتنة، وعرف شدة علي وبأسه، فلم يزل متفكرا لا يجسر أن يسلم، حتى ظن الناس أنه قد سهى.
____________
<=
في الجنان (ع) ثمانية بنين. وهم
عبد الله، وعون، ومحمد الأكبر، ومحمد الأصغر، وعبد الله الأكبر، وعبد الله
الأصغر، وحميد، وحسين.
أما (محمد الأكبر) فقتل مع عمه أمير المؤمنين (ع) بصفين.
وأما (عون) و (محمد الأصغر) فقتلا مع ابن عمهما الحسين عليه السلام يوم الطف
وأما (عبد الله الأكبر) فهو أحد أجواد بني هاشم الأربعة وهم: (الحسن والحسين
وعبد الله بن العباس وهو الرابع " ع ").
ولم يبايع رسول الله صلى الله عليه وآله طفلا غير هؤلاء الأربعة.
ولد بأرض الحبشة. وله في الجود أخبار كثيرة حتى لقب بقطب السخاء، حضر
مع عمه صفين، وعقد له يوم الجمل على عشرة آلاف، وليس لجعفر عقب إلا منه.
فلما قتل جعفر بن أبي طالب (ع) تزوجها أبو بكر فأولدت له محمدا حبيب
على وربيب حجره وواليه على مصر، قتله معاوية بن أبي سفيان وللأمام (ع) عند
قتل محمد بن أبي بكر خطبة موجودة في النهج ولما مات أبو بكر، تزوجها أمير المؤمنين ع
فأولدت له يحيى بإجماع، واختلف في عون بن علي بن أبي طالب فقيل إنه منها.
وروي أنها كانت تحت حمزة بن عبد المطلب فأولدت له بنتا اسمها أمامة.
في كشف الغمة: (عن أسماء بنت عميس قالت: أوصتني فاطمة " ع " أن لا يغسلها
إلا أنا وعلي فغسلتها أنا وعلي (ع) راجع: الإصابة، أسد الغابة، أعلام النساء
ريحانة الأدب، شرح النهج لابن أبي الحديد، كشف الغمة للإربلي، أعيان الشيعة.
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: يا خالد ما الذي أمرك به؟ فقال أمرني بضرب عنقك، قال: أو كنت فاعلا؟ قال: إي والله، لولا أنه قال لي لا تقتله قبل التسليم لقتلتك.
قال: فأخذه علي عليه السلام فجلد به الأرض، فاجتمع الناس عليه، فقال عمر يقتله ورب الكعبة، فقال الناس، يا أبا الحسن الله الله، بحق صاحب القبر، فخلى عنه، ثم التفت إلى عمر، فأخذ بتلابيبه وقال: يا بن صهاك والله لولا عهد من رسول الله، وكتاب من الله سبق، لعلمت أينا أضعف ناصرا وأقل عددا ودخل منزله.
رسالة لأمير المؤمنين (ع) إلى أبي بكر لما بلغه عنه كلام بعد منع الزهراء (ع) فدك.
شقوا متلاطمات أمواج الفتن بحيازيم سفن النجاة، وحطوا تيجان أهل الفخر بجميع أهل الغدر، واستضاؤا بنور الأنوار، واقتسموا مواريث الطاهرات الأبرار، واحتقبوا (1) ثقل الأوزار، بغصبهم نحلة النبي المختار، فكأني بكم تترددون في العمى، كما يتردد البعير في الطاحونة أما والله لو أذن لي بما ليس لكم به علم لحصدت رؤسكم عن أجسادكم كحب الحصيد، بقواضب من حديد، ولقلعت من جماجم شجعانكم ما اقرح به اماقكم، وأوحش به محالكم، فإني - مذ عرفت - مردي العساكر، ومفني الجحافل، ومبيد خضرائكم، ومخمل ضوضائكم، وجرار الدوارين إذ أنتم في بيوتكم معتكفون، وإني لصاحبكم بالأمس، لعمر أبي وأمي لن تحبوا أن يكون فينا الخلافة والنبوة، وأنتم تذكرون أحقاد بدر، وثارات أحد، أما والله لو قلت ما سبق الله فيكم، لتداخلت أضلاعكم في أجوافكم،
____________
(1) احتقبوا: حملوا على ظهورهم.
فلما أن قرأ أبو بكر الكتاب رعب من ذلك رعبا شديدا، وقال: يا سبحان الله ما أجرأه علي وأنكله عن غيري.
معاشر المهاجرين والأنصار تعلمون أني شاورتكم في ضياع فدك بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، فقلتم: إن الأنبياء لا يورثون، وإن هذه أموال يجب أن تضاف إلى
____________
(1) غطامط: عظيم الأمواج والغمرات جمع غمرة وهي: الشدة وغمرة الشئ شدته ومزدحمه
(2) هبلت فلانا أمه: ثكلته فهي هابل.
(3) الأرشية جمع رشاء: وهو حبل الدلو. والطوى السقاء الذي يجعلون فيها الماء.
(4) القسطل: الغبار الساطع في الحرب.