الصفحة 93

قال: فرقا بينها وبين ما يذكى ويذكر اسم الله عليه، والميتة قد جمد فيها الدم، وتراجع إلى بدنها، فلحمها ثقيل غير مرئ، لأنها يؤكل لحمها بدمها.

قال: فالسمك ميتة؟

قال: إن السمك ذكاته إخراجه حيا من الماء، ثم يترك حتى يموت من ذات نفسه، وذلك أنه ليس له دم، وكذلك الجراد.

قال: فلم حرم الزنا؟

قال: لما فيه من الفساد، وذهاب المواريث، وانقطاع الأنساب، لا تعلم المرأة في الزنا من أحبلها، ولا المولود يعلم من أبوه، ولا أرحام موصولة، ولا قرابة معروفة.

قال: فلم حرم اللواط؟

قال: من أجل أنه لو كان إتيان الغلام حلالا لاستغنى الرجال عن النساء وكان فيه قطع النسل، وتعطيل الفروج، وكان في إجازة ذلك فساد كثير.

قال: فلم حرم إتيان البهيمة؟

قال: كره أن يضيع الرجل ماءه، ويأتي غير شكله، ولو أباح ذلك لربط كل رجل أتانا يركب ظهرها ويغشى فرجها، وكان يكون في ذلك فساد كثير، فأباح ظهورها، وحرم عليهم فروجها، وخلق للرجال النساء ليأنسوا بهن ويسكنوا إليهن، ويكن مواضع شهواتهم، وأمهات أولادهم.

قال: فما علة الغسل من الجنابة، وأن ما أتى حلالا وليس في الحلال تدنيس؟

قال عليه السلام: إن الجنابة بمنزلة الحيض، وذلك أن النطفة دم لم يستحكم ولا يكون الجماع إلا بحركة شديدة، وشهوة غالبة، فإذا فرغ تنفس البدن، ووجد الرجل من نفسه رائحة كريهة، فوجب الغسل لذلك، وغسل الجنابة مع ذلك أمانة ائتمن الله عليها عبيده ليختبرهم بها.

قال: أيها الحكيم! فما تقول فيمن زعم أن هذا التدبير الذي يظهر في العالم تدبير النجوم السبعة؟


الصفحة 94
قال عليه السلام: يحتاجون إلى دليل، أن هذا العالم الأكبر والعالم الأصغر من تدبير النجوم التي تسبح في الفلك، وتدور حيث دارت، متعبة لا تفتر، وسائرة لا تقف.

ثم قال: وأن لكل نجم منها موكل مدبر، فهي بمنزلة العبيد المأمورين المنهيين فلو كانت قديمة أزلية لم تتغير من حال إلى حال.

قال: فمن قال بالطبايع؟

قال: القدرية، فذلك قول من لم يملك البقاء، ولا صرف الحوادث، وغيرته الأيام والليالي، لا يرد الهرم، ولا يدفع الأجل، وما يدري ما يصنع به.

قال: فأخبرني عمن يزعم أن الخلق لم يزل يتناسلون ويتوالدون، ويذهب قرن ويجئ قرن، وتفنيهم الأمراض والأعراض، وصنوف الآفات، ويخبرك الآخر عن الأول، وينبئك الخلف عن السلف، والقرون عن القرون، أنهم وجدوا الخلق على هذا الوصف بمنزلة الشجر والنبات في كل دهر يخرج منه حكيم عليم بمصلحة الناس، بصير بتأليف الكلام، ويصنف كتابا قد حبره بفطنته، وحسنه بحكمته، قد جعله حاجزا بين الناس، يأمرهم بالخير ويحثهم عليه، وينهاهم عن السوء والفساد، ويزجرهم عنه، لئلا يتهارشوا، ولا يقتل بعضهم بعضا.

قال عليه السلام: ويحك إن من خرج من بطن أمه أمس، ويرحل عن الدنيا غدا لا علم له بما كان قبله، ولا ما يكون بعده، ثم إنه لا يخلو الإنسان من أن يكون خلق نفسه، أو خلقه غيره، أو لم يزل موجودا، فما ليس بشئ ليس يقدر أن يخلق شيئا وهو ليس بشئ، وكذلك ما لم يكن فيكون شيئا، يسئل فلا يعلم كيف كان ابتداؤه، ولو كان الإنسان أزليا لم تحدث فيه الحوادث، لأن الأزلي لا تغيره الأيام، ولا يأتي عليه الفناء، مع أنا لم نجد بناء من غير بان، ولا أثرا من غير مؤثر، ولا تأليفا من غير مؤلف، فمن زعم أن أباه خلقه، قيل: فمن خلق أباه، ولو أن الأب هو الذي خلق ابنه، لخلقه على شهوته، وصوره على محبته، ولملك حياته، ولجاز فيه حكمه، ولكنه إن مرض فلم ينفعه، وإن مات فعجز

الصفحة 95
عن رده، إن من استطاع أن يخلق خلقا وينفخ فيه روحا حتى يمشي على رجليه سويا، يقدر أن يدفع عنه الفساد.

قال: فما تقول في علم النجوم؟

قال: هو علم قلت منافعه، وكثرت مضراته، لأنه لا يدفع به المقدور، ولا يتقى به المحذور، إن خبر المنجم بالبلاء لم ينجه التحرز من القضاء، وإن أخبر هو بخير لم يستطع تعجيله، وإن حدث به سوء لم يمكنه صرفه، والمنجم يضاد الله في علمه، بزعمه أن يرد قضاء الله عن خلقه.

قال: فالرسول أفضل أم الملك المرسل إليه؟

قال: بل الرسول أفضل.

قال: فما علة الملائكة الموكلين بعباده، يكتبون عليهم ولهم، والله عالم السر وما هو أخفى، قال: استعبدهم بذلك، وجعلهم شهودا على خلقه، ليكون العباد لملازمتهم إياهم أشد على طاعة الله مواظبة، وعن معصيته أشد انقباضا، وكم من عبد يهم بمعصيته فذكر مكانهما فارعوى وكف، فيقول ربي يراني، وحفظتي علي بذلك تشهد، وأن الله برأفته ولطفه أيضا وكلهم بعباده، يذبون عنهم مردة الشيطان، وهوام الأرض، وآفات كثيرة من حيث لا يرون بإذن الله إلى أن يجئ أمر الله.

قال: فخلق الخلق للرحمة أم للعذاب؟

قال: خلقهم للرحمة، وكان في علمه قبل خلقه إياهم، أن قوما منهم يصيرون إلى عذابه بأعمالهم الردية، وجحدهم به.

قال: يعذب من أنكر فاستوجب عذابه بإنكاره، فبم يعذب من وحده وعرفه؟

قال: يعذب المنكر لإلهيته عذاب الأبد، ويعذب المقر به عذاب عقوبة لمعصيته إياه فيما فرض عليه، ثم يخرج، ولا يظلم ربك أحدا.

قال: فبين الكفر والإيمان منزلة؟

قال عليه السلام: لا.


الصفحة 96
قال: فما الإيمان وما الكفر؟

قال عليه السلام: الإيمان: أن يصدق الله فيما غاب عنه من عظمة الله، كتصديقه بما شاهد من ذلك وعاين، والكفر: الجحود.

قال: فما الشرك وما الشك؟

قال عليه السلام: الشرك هو: أن يضم إلى الواحد الذي ليس كمثله شئ آخر والشك: ما لم يعتقد قلبه شيئا.

قال: أفيكون العالم جاهلا؟

قال عليه السلام: عالم بما يعلم، وجاهل بما يجهل.

قال: فما السعادة وما الشقاوة؟

قال: السعادة: سبب الخير، تمسك به السعيد فيجره إلى النجاة، والشقاوة سبب خذلان، تمسك به الشقي فيجره إلى الهلكة، وكل بعلم الله.

قال: أخبرني عن السراج إذا انطفى أين يذهب نوره؟

قال عليه السلام: يذهب فلا يعود.

قال: فما أنكرت أن يكون الإنسان مثل ذلك إذا مات وفارق الروح البدن، لم يرجع إليه أبدا كما لا يرجع ضوء السراج إليه أبدا إذا انطفى؟

قال: لم تصب القياس، إن النار في الأجسام كامنة، والأجسام قائمة بأعيانها كالحجر والحديد، فإذا ضرب أحدهما بالآخر، سقطت من بينهما بار، تقتبس منها سراج، له ضوء، فالنار ثابت في أجسامها، والضوء ذاهب، والروح: جسم رقيق، قد ألبس قالبا كثيفا، وليس بمنزلة السراج الذي ذكرت، أن الذي خلق في الرحم جنينا من ماء صاف، وركب فيه ضروبا مختلفة: من عروق، وعصب وأسنان، وشعر، وعظام، وغير ذلك، هو يحييه بعد موته، ويعيده بعد فنائه.

قال: فأين الروح؟

قال: في بطن الأرض حيث مصرع البدن إلى وقت البعث.

قال: فمن صلب فأين روحه؟


الصفحة 97
قال: في كف الملك الذي قبضها حتى يودعها الأرض.

قال: فأخبرني عن الروح أغير الدم؟

قال: نعم. الروح على ما وصفت لك: مادتها من الدم، ومن الدم رطوبة الجسم، وصفاء اللون، وحسن الصوت، وكثرة الضحك، فإذا جمد الدم فارق الروح البدن.

قال: فهل يوصف بخفة وثقل ووزن؟

قال: الروح بمنزلة الريح في الزق، إذا نفخت فيه امتلأ الزق منها، فلا يزيد في وزن الزق ولوجها فيه، ولا ينقصها خروجها منه، كذلك الروح ليس لها ثقل ولا وزن.

قال: فأخبرني ما جوهر الريح؟

قال: الريح هواء إذا تحرك يسمى ريحا، فإذا سكن يسمى هواء، وبه قوام الدنيا، ولو كفت الريح ثلاثة أيام لفسد كل شئ على وجه الأرض ونتن، وذلك أن الريح بمنزلة المروحة، تذب وتدفع الفساد عن كل شئ وتطيبه، فهي بمنزلة الروح إذا خرج عن البدن نتن البدن وتغير، وتبارك الله أحسن الخالقين.

قال: أفتتلاشى الروح بعد خروجه عن قالبه أم هو باق؟

قال: بل هو باق إلى وقت ينفخ في الصور، فعند ذلك تبطل الأشياء، وتفنى فلا حس ولا محسوس، ثم أعيدت الأشياء كما بدأها مدبرها، وذلك أربعمائة سنة يسبت فيها الخلق، وذلك بين النفختين.

قال: وأنى له بالبعث والبدن قد بلى، والأعضاء قد تفرقت، فعضو ببلدة يأكلها سباعها، وعضو بأخرى تمزقه هوامها، وعضو قد صار ترابا بني به مع الطين حائط؟

قال: إن الذي أنشأه من غير شئ، وصوره على غير مثال كان سبق إليه، قادر أن يعيده كما بدأه.

قال: أوضح لي ذلك!


الصفحة 98
قال: إن الروح مقيمة في مكانها، روح المحسن في ضياء وفسحة، وروح المسئ في ضيق وظلمة، والبدن يصير ترابا كما منه خلق، وما تقذف به السباع والهوام من أجوافها، مما أكلته ومزقته كل ذلك في التراب. محفوظ عند من لا يعزب عنه مثقال ذرة في ظلمات الأرض، ويعلم عدد الأشياء ووزنها، وأن تراب الروحانيين بمنزلة الذهب في التراب، فإذا كان حين البعث مطرت الأرض مطر النشور، فتربو الأرض ثم تمخضوا مخض السقاء، فيصير تراب البشر كمصير الذهب من التراب إذا غسل بالماء، والزبد من اللبن إذا مخض، فيجتمع تراب كل قالب إلى قالبه، فينتقل بإذن الله القادر إلى حيث الروح، فتعود الصور بإذن المصور كهيئتها، وتلج الروح فيها، فإذا قد استوى لا ينكر من نفسه شيئا.

قال: فأخبرني عن الناس يحشرون يوم القيامة عراة؟

قال: بل يحشرون في أكفانهم.

قال: أنى لهم بالأكفان وقد بليت؟!

قال: إن الذي أحيا أبدانهم جدد أكفانهم.

قال: فمن مات بلا كفن؟

قال: يستر الله عورته بما يشاء من عنده.

قال: أفيعرضون صفوفا؟

قال عليه السلام: نعم. هم يومئذ عشرون ومائة ألف صف في عرض الأرض.

قال: أو ليس توزن الأعمال؟

قال: لا إن الأعمال ليست بأجسام، وإنما هي صفة ما عملوا، وإنما يحتاج إلى وزن الشئ من جهل عدد الأشياء، ولا يعرف ثقلها أو خفتها، وأن الله لا يخفى عليه شئ.

قال: فما معنى الميزان؟

قال عليه السلام: العدل.

قال: فما معناه في كتابه: (فمن ثقلت موازينه)؟


الصفحة 99
قال: فمن رجح عمله.

قال: فأخبرني أو ليس في النار مقتنع أن يعذب خلقه بها دون الحيات والعقارب.

قال: إنما يعذب بها قوما زعموا أنها ليست من خلقه، إنما شريكه الذي يخلقه، فيسلط الله عليهم العقارب والحيات في النار ليذيقهم بها وبال ما كذبوا عليه فجحدوا أن يكون صنعه.

قال: فمن أين قالوا: (أن أهل الجنة يأتي الرجل منهم إلى ثمرة يتناولها فإذا أكلها عادت كهيئتها)؟

قال: نعم ذلك على قياس السراج يأتي القابس فيقتبس عنه فلا ينقص من ضوئه شيئا، وقد امتلأت الدنيا منه سراجا.

قال: أليسوا يأكلون ويشربون، وتزعم أنه لا يكون لهم الحاجة؟

قال: بلى. لأن غذائهم رقيق لا ثقل له، بل يخرج من أجسادهم بالعرق.

قال: فكيف تكون الحوراء في جميع ما أتاها زوجها عذراء؟

قال: لأنها خلقت من الطيب لا يعتريها عاهة، ولا يخالط جسمها آفة. ولا يجري في ثقبها شئ، ولا يدنسها حيض، فالرحم ملتزقة ملدم، إذ ليس فيها لسوى الإحليل مجرى.

قال: فهي تلبس سبعين حلة ويرى زوجها مخ ساقها من وراء حللها وبدنها؟

قال: نعم. كما يرى أحدكم الدراهم إذا لقيت في ماء صاف قدره قدر رمح.

قال: فكيف تنعم أهل الجنة بما فيه من النعيم، وما منهم أحد إلا وقد فقد ابنه، وأباه، أو حميمه، أو أمه، فإذا افتقدوهم في الجنة لم يشكوا في مصيرهم إلى النار، فما يصنع بالنعيم من يعلم أن حميمه في النار ويعذب؟

قال عليه السلام: إن أهل العلم قالوا: أنهم ينسون ذكرهم. وقال: بعضهم انتظروا قدومهم، ورجوا أن يكونوا بين الجنة والنار في أصحاب الأعراف.

قال عليه السلام: فأخبرني عن الشمس أين تغيب؟

قال: إن بعض العلماء قال: إذا انحدرت أسفل القبة دار بها الفلك إلى بطن

الصفحة 100
السماء صاعدة أبدا، إلى أن تنحط إلى موضع مطلعها يعني: أنها تغيب في عين حامية ثم تخرق الأرض راجعة إلى موضع مطلعها، فتحير تحت العرش حتى يؤذن لها بالطلوع، ويسلب نورها كل يوم، وتجلل نورا آخر.

قال: فالكرسي أكبر أم العرش؟

قال: كل شئ خلقه الله في جوف الكرسي ما خلا عرشه فإنه أعظم من أن يحيط به الكرسي.

قال: فخلق النهار قبل الليل؟

قال: خلق النهار قبل الليل، والشمس قبل القمر، والأرض قبل السماء ووضع الأرض على الحوت، والحوت في الماء، والماء في صخرة مجوفة، والصخرة على عاتق ملك، والملك على الثرى، والثرى على الريح العقيم، والريح على الهواء والهواء تمسكه القدرة، وليس تحت الريح العقيم إلا الهواء والظلمات، ولا وراء ذلك سعة ولا ضيق، ولا شئ يتوهم، ثم خلق الكرسي فحشاه السماوات والأرض والكرسي أكبر من كل شئ خلقه الله، ثم خلق العرش فجعله أكبر من الكرسي وعن أبان بن تغلب أنه قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام، إذ دخل عليه رجل من أهل اليمن، فسلم عليه فرد عليه أبو عبد الله، فقال له: مرحبا يا سعد!

فقال الرجل: بهذا الاسم سمتني أمي، وما أقل من يعرفني به، فقال له أبو عبد الله:

صدقت يا سعد المولى! فقال الرجل: جعلت فدك بهذا اللقب كنت القب. فقال أبو عبد الله عليه السلام: لا خير في اللقب، إن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه: (ولا تتنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان).

ما صناعتك يا سعد؟

قال: جعلت فداك! أنا أهل بيت ننظر في النجوم، لا يقال أن باليمن أحدا أعلم بالنجوم منا.

فقال أبو عبد الله: كم يزيد ضوء الشمس على ضوء القمر درجة؟

فقال اليماني: لا أدري.


الصفحة 101
فقال: صدقت.

فقال: فكم ضوء القمر يزيد على ضوء المشتري درجة؟

قال: اليماني: لا أدري!

فقال أبو عبد الله عليه السلام: صدقت!

قال: فكم يزيد ضوء المشتري على ضوء العطارد درجة؟

قال اليماني: لا أدري!

فقال أبو عبد الله: صدقت!

قال: فكم ضوء عطارد يزيد درجة على ضوء الزهرة؟

قال اليماني: لا أدري!

قال أبو عبد الله: صدقت!

قال: فما اسم النجم الذي إذا طلع هاجت الإبل؟

فقال اليماني: لا أدري!

فقال له أبو عبد الله عليه السلام: صدقت!

قال: فما اسم النجم الذي إذا طلع هاجت البقر؟

فقال اليماني: لا أدري!

فقال له أبو عبد الله: صدقت!

قال: فما اسم النجم الذي إذا طلع هاجت الكلاب؟

فقال اليماني: لا أدري!

فقال له أبو عبد الله: صدقت في قولك لا أدري! فما زحل عندكم في النجوم؟

فقال اليماني: نجم نحس.

فقال أبو عبد الله عليه السلام: لا تقل هذا فإنه نجم أمير المؤمنين صلوات الله عليه وهو نجم الأوصياء عليهم السلام، وهو النجم الثاقب الذي قال الله تعالى في كتابه.

فقال اليماني: فما معنى الثاقب؟

فقال: إن مطلعه في السماء السابعة، فإنه ثقب بضوئه حتى أضاء في السماء

الصفحة 102
الدنيا، فمن ثم سماه الله النجم الثاقب.

ثم قال: يا أخا العرب أعندكم عالم؟

فقال اليماني: جعلت فداك إن باليمن قوما ليسوا كأحد من الناس في علمهم.

فقال أبو عبد الله عليه السلام: وما يبلغ من علم عالمهم؟

فقال اليماني: إن عالمهم ليزجر الطير، ويقفو الأثر في ساعة واحدة مسيرة شهر للراكب المحث.

فقال أبو عبد الله عليه السلام: فإن عالم المدينة أعلم من عالم اليمن.

قال اليماني: وما يبلغ علم عالم المدينة؟

قال: إن علم عالم المدينة ينتهي إلى أن لا يقفو الأثر، ولا يزجر الطير، ويعلم ما في اللحظة الواحدة مسيرة الشمس، تقطع اثني عشر برجا، واثني عشر برا، واثني عشر بحرا، واثني عشر عالما.

فقال له اليماني: ما ظننت أن أحدا يعلم هذا، وما يدري ما كنهه!

قال: ثم قام اليماني وخرج.

وعن سعيد بن أبي الخضيب (1) قال: دخلت أنا وابن أبي ليلى المدينة، فبينما نحن في مسجد الرسول صلى الله عليه وآله إذ دخل جعفر بن محمد عليه السلام، فقمنا إليه فسألني عن نفسي وأهلي ثم قال:

من هذا معك؟

فقلت: ابن أبي ليلى قاضي المسلمين!

فقال: نعم. ثم قال له:

أتأخذ مال هذا فتعطيه هذا، وتفرق بين المرء وزوجه، ولا تخاف في هذا أحدا؟

قال: نعم.

قال: فبأي شئ تقضي؟

____________

(1) سعيد ابن أبي الخضيب البجلي: عده الشيخ في رجاله ص 205 من أصحاب الصادق عليه السلام.

الصفحة 103
قال: بما بلغني عن رسول الله صلى الله عليه وآله، وعن أبي بكر، وعمر.

قال: فبلغك أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: (أقضاكم علي بعدي)؟

قال: نعم.

قال: فكيف تقضي بغير قضاء علي عليه السلام، وقد بلغك هذا؟

قال: فاصفر وجه ابن أبي ليلى ثم قال: التمس مثلا لنفسك، فوالله لا أكلمك من رأسي كلمة أبدا.

وعن الحسين بن زيد (1) عن جعفر الصادق عليه السلام أن رسول الله قال لفاطمة:

يا فاطمة إن الله عز وجل يغضب لغضبك، ويرضى لرضاك. (قال) فقال المحدثون بها (قال): فأتاه ابن جريج فقال:

يا أبا عبد الله حدثنا اليوم حديثا استهزأه الناس.

قال: وما هو؟

قال: حديث أن رسول الله قال لفاطمة: (إن الله ليغضب لغضبك، ويرضى لرضاك).

(قال): فقال عليه السلام: إن الله ليغضب فيما تروون لعبده المؤمن، ويرضى لرضاه.

فقال: نعم.

قال عليه السلام: فما تنكر أن تكون ابنة رسول الله صلى الله عليه وآله مؤمنة، يرضى الله لرضاها، ويغضب لغضبها.

قال: صدقت! الله أعلم حيث يجعل رسالاته.

____________

(1) ذكره العلامة في القسم الأول من خلاصته ص 51 فقال: الحسين بن زيد ابن علي بن الحسين عليهم السلام. أبو عبد الله، يلقب ذا الدمعة كان أبو عبد الله تبناه ورباه، وزوجه بنت الأرقط، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن عليهما السلام، وكتابه مختلف الرواية.

الصفحة 104
وعن حفص بن غياث (1) قال: شهدت المسجد الحرام وابن أبي العوجاء (2) يسأل أبا عبد الله عليه السلام عن قوله تعالى: (كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب) ما ذنب الغير؟

قال: ويحك هي هي وهي غيرها!

قال: فمثل لي ذلك شيئا من أمر الدنيا!

قال: نعم أرأيت لو أن رجلا أخذ لبنة فكسرها، ثم ردها في ملبنها، فهي هي وهي غيرها.

وروي أنه سأل الصادق عليه السلام عن قول الله عز وجل في قصة إبراهيم عليه السلام (قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون) قال: ما فعله كبيرهم وما كذب إبراهيم عليه السلام.

قيل: وكيف ذلك؟

فقال: إنما قال إبراهيم: فاسألوهم إن كانوا ينطقون، فإن نطقوا فكبيرهم فعل، وإن لم ينطقوا فكبيرهم لم يفعل شيئا، فما نطقوا، وما كذب إبراهيم عليه السلام

____________

(1) حفص بن غياث: عده الشيخ في رجاله ص 118 من أصحاب الباقر (ع) وذكره في أصحاب الصادق عليه السلام أيضا ص 175 فقال: حفص بن غياث بن طلق ابن معاوية. أبو عمر النخعي القاضي الكوفي أسند عنه، وذكره في باب من لم يرو عن الأئمة عليهم السلام ص 471 والعلامة في القسم الثاني من خلاصته ص 218 وقال: ولي القضاء لهارون وروى عن الصادق (ع) وكان عاميا وله كتاب معتمد.

(2) عبد الكريم بن أبي العوجاء هذا من تلامذة الحسن البصري وقد انحرف عن التوحيد وحبسه محمد بن سليمان عامل الكوفة من جهة المنصور وهو خال معن بن زائدة فكثر شفعاءه بمدينة السلام وألحوا على المنصور حتى كتب إلى محمد بالكف عنه وقبل أن يجئ الكتاب إلى محمد بن سليمان بعث عليه وأمر بضرب عنقه فلما أيقن أنه مقتول قال أما والله لئن قتلتموني لقد وضعت أربعة آلاف حديث أحرم فيها الحلال وأحل بها الحرام ولقد فطرتكم في يوم صومكم وصومتكم في يوم فطركم ثم ضربت عنقه.

الصفحة 105
فسئل عن قوله في سورة يوسف: (أيتها العير أنكم لسارقون)؟.

قال: إنهم سرقوا يوسف من أبيه، ألا ترى إنه قال لهم حين قالوا: (ماذا تفقدون قالوا نفقد صواع الملك) ولم يقل سرقتم صواع الملك، إنما سرقوا يوسف من أبيه، فسئل عن قول إبراهيم: (فنظر نظرة في النجوم فقال إني سقيم).

قال: ما كان إبراهيم سقيما، وما كذب إنما عنى سقيما في دينه أي مرتادا.

وعن عبد المؤمن الأنصاري (1) قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أن قوما رووا: أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: (اختلاف أمتي رحمة)؟.

فقال: صدقوا.

قلت: إن كان اختلافهم رحمة، فاجتماعهم عذاب؟

قال: ليس حيث تذهب وذهبوا، إنما أراد قول الله عز وجل: (فلو لا نفر من كل فرقة طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) أمرهم أن ينفروا إلى رسول الله، ويختلفوا إليه، ويتعلموا، ثم يرجعوا إلى قومهم فيعلموهم، إنما أراد اختلافهم في البلدان، لا اختلافا في الدين، إنما الدين واحد.

وروي عنه صلوات الله عليه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: ما وجدتم في كتاب الله عز وجل فالعمل لكم به، ولا عذر لكم في تركه، وما لم يكن في كتاب الله عز وجل وكانت في سنة مني فلا عذر لكم في ترك سنتي، وما لم يكن فيه سنة مني فما قال أصحابي فقولوا، إنما مثل أصحابي فيكم كمثل النجوم، بأيها أخذ اهتدي، وبأي أقاويل أصحابي أخذتم اهتديتم، واختلاف أصحابي لكم رحمة.

____________

(1) ذكره الشيخ في أصحاب علي بن الحسين (ع) ص 99 من رجاله وفي أصحاب الباقر (ع) ص 131 وعده في أصحاب الصادق عليه السلام ص 236 وذكره العلامة في القسم أول من خلاصته ص 131 فقال: (عبد المؤمن بن القاسم بن قيس ابن قهد - بفتح القاف وإسكان الهاء - الأنصاري روى عن أبي عبد الله وأبي جعفر عليهما السلام ثقة وهو أخو أبي مريم عبد الغفار بن القاسم، وقيس بن فهد صحابي).

الصفحة 106
قيل: يا رسول الله من أصحابك؟ قال: أهل بيتي.

قال محمد بن الحسين بن بابويه القمي رضي الله عنه: إن أهل البيت لا يختلفون ولكن يفتون الشيعة بمر الحق، وربما أفتوهم بالتقية، فما يختلف من قولهم فهو للتقية، والتقية رحمة للشيعة، ويؤيد. تأويله رضي الله عنه، أخبار كثيرة.

منها: ما رواه محمد بن سنان، عن نصر الخثعمي (1) قال: سمعت أبا عبد الله يقول: من عرف من أمرنا أن لا نقول إلا حقا فليكتف بما يعلم منا، فإن سمع منا خلاف ما يعلم فليعلم أن ذلك منا دفاع واختيار له.

وعن عمر بن حنظلة: (2) قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام: عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث، فتحا كما إلى السلطان أو إلى القضاة أيحل ذلك؟

قال عليه السلام: من تحاكم إليهم في حق أو باطل فإنما تحاكم إلى الجبت والطاغوت المنهي عنه، وما حكم له به فإنما يأخذ سحتا وإن كان حقه ثابتا له لأنه أخذه بحكم الطاغوت، ومن أمر الله عز وجل أن يكفر به، قال الله عز وجل:

(يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به).

قلت: فكيف يصنعان وقد اختلفا؟

قال: ينظران من كان منكم ممن قد روى حديثنا، ونظر في حلالنا وحرامنا، وعرف أحكامنا، فليرضيا به حكما، فإني قد جعلته عليكم حاكما، فإذا حكم بحكم ولم يقبله منه فإنما بحكم الله استخف، وعلينا رد، والراد علينا كافر وراد على الله، وهو على حد من الشرك بالله.

____________

(1) نصر الخثعمي: لم أعثر فيما بين يدي من كتب الرجال على ترجمة لصاحب هذا الاسم. ولعله نصير الخثعمي الذي ذكره الأردبيلي في جامع الرواة ج 2 ص 292 فقال: نصير أبو الحكم الخثعمي. محمد بن سنان عنه عن أبي عبد الله في محاسن البرقي في باب أن المؤمن صنفان.

(2) عمر بن حنظلة العجلي البكري الكوفي: عده الشيخ في رجاله ص 251 من أصحاب الصادق عليه السلام.

الصفحة 107
قلت. فإن كان كل واحد منهما اختار رجلا من أصحابنا، فرضيا أن يكونا الناظرين في حقهما فيما حكما، فإن الحكمين اختلفا في حديثكم؟.

قال: إن الحكم ما حكم به أعدلهما، وأفقههما، وأصدقهما في الحديث، وأورعهما، ولا يلتفت إلى ما حكم به الآخر.

قلت: فإنهما عدلان مرضيان، عرفا بذلك لا يفضل أحدهما صاحبه؟

قال: ينظر الآن إلى ما كان من روايتهما عنا في ذلك الذي حكما، المجمع عليه بين أصحابك، فيؤخذ به من حكمهما ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك، فإن المجمع عليه لا ريب فيه، وإنما الأمور ثلاث: أمر بين رشده فيتبع، وأمر بين غيه فيجتنب، وأمر مشكل يرد حكمه إلى الله عز وجل وإلى رسوله، حلال بين، وحرام بين، وشبهات تتردد بين ذلك، فمن ترك الشبهات نجا من المحرمات، ومن أخذ بالشبهات ارتكب المحرمات، وهلك من حيث لا يعلم.

قلت: فإن كان الخبران عنكما مشهورين قد رواهما الثقات عنكم؟.

قال ينظر ما وافق حكمه حكم الكتاب والسنة وخالف العامة فيؤخذ به، ويترك ما خالف حكمه حكم الكتاب والسنة ووافق العامة.

قلت: جعلت فداك أرأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب والسنة، ثم وجدنا أحد الخبرين يوافق العامة، والآخر يخالف بأيهما تأخذ من الخبرين؟.

قال: ينظر إلى ما هم إليه يميلون، فإن ما خالف العامة ففيه الرشاد.

قلت جعلت فداك فإن وافقهم الخبران جميعا؟.

قال: انظروا إلى ما تميل إليه حكامهم وقضاتهم، فاتركوا جانبا وخذوا بغيره.

قلت: فإن وافق حكامهم الخبرين جميعا؟.

قال: إذا كان كذلك فارجه وقف عنده، حتى تلقي إمامك، فإن الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات، والله هو المرشد.


الصفحة 108
جاء هذا الخبر على سبيل التقدير، لأنه قل ما يتفق في الأثر أن يرد خبران مختلفان في حكم من الأحكام، موافقين للكتاب والسنة، وذلك مثل غسل الوجه واليدين في الوضوء لأن الأخبار جاءت بغسلهما مرة مرة وغسلهما مرتين مرتين، فظاهر القرآن لا يقتضي خلاف ذلك، بل يحتمل كلتا الروايتين، ومثل ذلك يؤخذ في أحكام الشرع.

وأما قوله عليه السلام للسائل ارجه وقف عنده حتى تلقي إمامك، أمره بذلك عند تمكنه من الوصول إلى الإمام، فأما إذا كان غائبا ولا يتمكن من الوصول إليه، والأصحاب كلهم مجمعون على الخبرين، ولم يكن هناك رجحان لروايات أحدهما على الآخر بالكثرة والعدالة، كان الحكم بهما من باب التخيير.

يدل على ما قلنا: ما روي عن الحسن بن الجهم (1) عن الرضا عليه السلام: قال: قلت للرضا عليه السلام: تجيئنا الأحاديث عنكم مختلفة؟.

قال: ما جاءك عنا فقسه على كتاب الله عز وجل وأحاديثنا، فإن كان يشبهما فهو منا وإن لم يشبهما فليس منا.

قلت: يجيئنا الرجلان وكلاهما ثقة، بحديثين مختلفين، فلا نعلم أيهما الحق.

فقال: إذا لم تعلم فموسع عليك بأيهما أخذت.

وما رواه الحرث بن المغيرة (2) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا سمعت

____________

(1) الحسن بن الجهم بن بكير بن أعين: أبو محمد الشيباني ثقة روى عن أبي الحسن موسى والرضا عليهما السلام ذكره العلامة في القسم الأول من خلاصته ص 43 والنجاشي في رجاله ص 40 والشيخ في أصحاب الكاظم ص 347 من رجاله.

(2) قال العلامة في القسم الأول من خلاصته ص 55: الحرث بن المغيرة النصري - بالنون والصاد غير المعجمة - روى الكشي عن محمد بن قولويه قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن عبد الله بن محمد الحجال عن يونس ابن يعقوب قال: كنا عند أبي عبد الله (ع) فقال: ما لكم من مفزع أما لكم من مستراح تستريحون إليه ما يمنعكم من الحرث بن المغيرة النصري وروى حديثا في

=>


الصفحة 109
من أصحابك الحديث وكلهم ثقة، فموسع عليك حتى ترى القائم فترده عليه.

وروى سماعة بن مهران (1) قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام قلت: يرد علينا حديثان، واحد يأمرنا بالأخذ به، والآخر به ينهانا عنه؟.

قال: لا تعمل بواحد منهما حتى تلقي صاحبك فتسأله عنه.

قال: قلت: لا بد من أن نعمل بأحدهما.

قال: خذ بما فيه خلاف العامة، فقد أمر عليه السلام بترك ما وافق العامة، لأنه يحتمل أن يكون قد ورد مورد التقية، وما خالفهم لا يحتمل ذلك.

وروي عنهم عليهم السلام أيضا أنهم قالوا: إذا اختلف أحاديثنا عليكم فخذوا بما اجتمعت عليه شيعتنا، فإنه لا ريب فيه، وأمثال هذه الأخبار كثيرة لا يحتمل ذكرها هنا، وما أردناه عارض ليس هنا موضعه.

____________

<=

طريقه سجادة: أنه من أهل الجنة.

وقال النجاشي: حارث بن المغيرة النصري من بني نصر بن معاوية بصري عربي روى عن أبي جعفر الباقر والصادق والكاظم (ع) وعن زيد بن علي عليه السلام ثقة ثقة.

(1) قال النجاشي ص 146 من رجاله: (سماعة بن مهران بن عبد الرحمن الحضرمي مولى عبد بن وايل بن حجر الحضرمي يكنى: أبا ناشرة وقيل: أبا محمد كان يتجر في القز ويخرج به إلى حران ونزل من الكوفة كندة روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن (ع) ومات بالمدينة ثقة ثقة. وله بالكوفة مسجد بحضر موت وهو مسجد زرعة ابن محمد الحضرمي بعده وذكره أحمد بن الحسين رحمه الله وأنه وجد في بعض الكتب أنه مات سنة خمس وأربعين وماءة في حياة أبي عبد الله، وذلك أن أبا عبد الله (ع) قال: إن رجعت لم ترجع إلينا فأقام عنده فمات في تلك السنة وكان عمره نحوا من ستين سنة وليس أعلم كيف هذه الحكاية لأن سماعة روى عن أبي الحسن وهذه الحكاية يتضمن أنه مات في حياة أبي عبد الله (ع) والله أعلم. له كتاب يرويه عنه جماعة كثيرة (الخ) وذكره الشيخ في أصحاب الصادق ص 24 وفي أصحاب الكاظم ص 315.

الصفحة 110
وعن بشير بن يحيى العامري (1) عن ابن أبي ليلى (2) قال: دخلت أنا

____________

(1) بشير بن يحيى العامري: لم أعثر له على ترجمة فيما بين يدي من كتب الرجال.

(2) في سفينة البحار ج 2 ص 520 أقول (ابن أبي ليلى هو محمد بن عبد الرحمن القاضي الكوفي عده الشيخ من أصحاب الصادق (ع). كان بينه وبين أبي حنيفة منافرات توفي سنة 148 وكان أبوه من أكابر تابعي الكوفة، وجده أبو ليلى من الصحابة قال ابن النديم: واسم أبي ليلى يسار من ولد أحيحة بن الجلاح وقال: ولي ابن أبي ليلى القضاء لبني أمية وولد العباس وكان يفتي بالرأي قبل أبي حنيفة، وذكره في الخلاصة القسم الأول ونقل عن أبي عقدة أنه روى عن ابن نمير أنه كان صدوقا مأمونا ولكنه سئ الحفظ جدا. وقال ابن داود: أنه ممدوح وقال المولى محمد صالح:

أنه ممدوح مشكور صدوق مأمون. وفي التعليقة روى ابن أبي عمير عنه عن أبيه وقد أغرب أبو علي في رجاله وقال: إن نصب الرجل أشهر من كفر إبليس، وهو من مشاهير المنحرفين وتولى القضاء لبني أمية ثم لبني العباس برهة من السنين كما ذكره غير واحد من المؤرخين ورده شهادة جملة من أجلاء أصحاب الصادق (ع) لأنهم رافضة مشهور وفي كتب الحديث مذكور من ذلك ما ذكره الكشي في ترجمة محمد بن مسلم فلاحظ ومن ذلك في ترجمة عمار الدهني ويجب ذكره في الضعفاء كما فعله الفاضل. قال شيخنا في المستدرك بعد نقل هذا الكلام من أبي علي: قلت: المدعى صدقه وأمانته ووثاقته في الحديث ومجرد القضاء والعامية لا ينافي ذلك. وقال صدر المحققين العاملي في حواشيه على رجاله وفي تضاعيف الأخبار ما يدل على أن ابن أبي ليلى لم يكن على ما ذكره المؤلف من النصب بل يظهر من الروايات ميله لآل محمد عليهم السلام. وروايات رد الشهادة تشهد بذلك لأنه قبل شهادتهم بعد ردها. وفي صدر الوقوف من الكافي أن ابن أبي ليلى حكم في قضية بحكم فقال له محمد بن مسلم: أن عليا عليه السلام قضى بخلاف ذلك وروى ذلك له عن الباقر (ع) فقال ابن أبي ليلى: هذا عندك؟ قال: نعم. قال: فارسل وأتني به. قال له محمد بن مسلم: على أن لا تنظر في الكتاب إلا في ذلك الحديث ثم أراه الحديث عن الباقر (ع) فرد قضيته. ونقضه للقضاء بعد الحكم دليل على عدم التعصب

=>