وأما ما سألت عنه من أمر من يستحل ما في يده من أموالنا ويتصرف فيه تصرفه في ماله من غير أمرنا، فمن فعل ذلك فهو ملعون، ونحن خصماؤه يوم القيامة، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله: (المستحل من عترتي ما حرم الله ملعون على لساني ولسان كل نبي مجاب) فمن ظلمنا كان في جملة الظالمين لنا، وكانت لعنة الله عليه لقوله عز وجل: (ألا لعنة الله على الظالمين) (1).
وأما ما سألت عنه عن أمر المولود الذي نبتت غلفته بعد ما يختن مرة أخرى فإنه يجب أن يقطع غلفته فإن الأرض تضج إلى الله تعالى من بول الأغلف أربعين صباحا.
وأما ما سألت عنه من أمر المصلي والنار والصورة والسراج بين يديه، هل يجوز صلاته؟
فإن الناس قد اختلفوا في ذلك قبلك، فإنه جائز لمن لم يكن من أولاد عبدة الأصنام والنيران أن يصلي والنار والسراج بين يديه، ولا يجوز ذلك لمن كان من أولاد عبدة الأوثان والنيران.
وأما ما سألت عنه عن أمر الضياع التي لناحيتنا، هل يجوز القيام بعمارتها وأداء الخراج منها، وصرف ما يفضل من دخلها إلى الناحية، احتسابا للأجر، وتقربا إليكم؟
فلا يحل لأحد أن يتصرف في مال غيره بغير إذنه، فكيف يحل ذلك في مالنا من فعل ذلك بغير أمرنا فقد استحل منا ما حرم عليه، ومن أكل من أموالنا شيئا فإنما يأكل في بطنه نارا وسيصلى سعيرا.
وأما ما سألت عنه من أمر الرجل الذي يجعل لناحيتنا ضيعة، ويسلمها من قيم يقوم بها ويعمرها، ويؤدي من دخلها خراجها ومؤنتها، ويجعل ما بقي من الدخل لناحيتنا فإن ذلك جائز لمن جعله صاحب الضيعة قيما عليها، إنما لا يجوز ذلك لغيره.
____________
(1) الأعراف - 43.
فإنه يحل له أكله ويحرم عليه حمله.
وعن أبي الحسين الأسدي أيضا قال: ورد علي توقيع من الشيخ أبي جعفر محمد بن عثمان العمري - قدس الله روحه - ابتداء لم يتقدمه سؤال عنه، نسخته:
لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، على من استحل من أموالنا درهما.
قال أبو الحسين الأسدي (ره): فوقع في قلبي أن ذلك فيمن استحل من مال الناحية درهما دون من أكل منه غير مستحل، وقلت في نفسي: أن ذلك في جميع من استحل محرما، فأي فضل في ذلك للحجة عليه السلام على غيره؟!
قال: فوالذي بعث محمدا صلى الله عليه وآله بالحق بشيرا، لقد نظرت بعد ذلك في التوقيع فوجدته قد انقلب إلى ما كان في نفسي:
بسم الله الرحمن الرحيم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين على من أكل من مالنا درهما حراما.
وقال أبو جعفر بن بابويه في الخبر الذي روي فيمن أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا أن عليه ثلاث كفارات فإني أفتي به فيمن أفطر بجماع محرم عليه أو بطعام محرم عليه لوجود ذلك في روايات أبي الحسن الأسدي (ره) فيما ورد عليه من الشيخ أبي جعفر محمد بن عثمان (ره).
وعن عبد الله بن جعفر الحميري (1) قال: خرج التوقيع إلى الشيخ أبي جعفر محمد بن عثمان قدس الله روحه في التعزية بأبيه (ره) في فصل من الكتاب:
____________
(1) قال العلامة في القسم الأول من الخلاصة ص 106: (عبد الله بن جعفر ابن الحسين بن مالك بن جامع الحميري - بالحاء المهملة - أبو العباس القمي شيخ القميين ووجههم، قدم الكوفة سنة نيف وتسعين ومائتين، ثقة من أصحاب أبي محمد الحسن العسكري عليه السلام.
وفي فصل آخر: أجزل الله لك الثواب، وأحسن لك العزاء، رزيت ورزينا وأوحشك فراقه وأوحشنا، فسره الله في منقلبه، كما كان من كمال سعادته أن رزقه الله ولدا مثلك يخلفه من بعده، ويقوم مقامه بأمره، ويترحم عليه، وأقول:
الحمد لله، فإن النفس طيبة بمكانك، وما جعله الله عز وجل فيك وعندك، أعانك الله وقواك، وعضدك ووفقك، وكان لك وليا وحافظا، وراعيا وكافيا.
ومما خرج عن صاحب الزمان صلوات الله عليه من جوابات المسائل الفقهية أيضا: ما سأله عنها محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري فيما كتب إليه وهو:
أطال الله بقاك، وأدام الله عزك، وتأييدك، وسعادتك، وسلامتك، وأتم نعمته عليك، وزاد في إحسانه إليك، وجميل مواهبه لديك، وفضله عندك، وجعلني من السوء فداك، وقد مني قبلك الناس يتنافسون في الدرجات، فمن قبلتموه كان مقبولا، ومن دفعتموه كان وضيعا، والخامل من وضعتموه، ونعوذ بالله من ذلك وببلدنا أيدك الله جماعة من الوجوه يتساوون ويتنافسون في المنزلة، وورد أيدك الله كتابك إلى جماعة منهم في أمر أمرتهم به من معاونة ص.
وأخرج علي بن محمد بن الحسين بن الملك المعروف بملك بادوكة (1) وهو ختن ص رحمه الله من بينهم فاغتم بذلك، وسألني أيدك الله أن أعلمك ما ناله من ذلك، فإن كان من ذنب فاستغفر الله منه، وإن يكن غير ذلك عرفته ما تسكن نفسه إليه إن شاء الله.
التوقيع: لم نكاتب إلا من كاتبنا.
وقد عودتني أدام الله عزك من تفضلك ما أنت أهل أن تخبرني على العادة، وقبلك أعزك الله فقهاؤنا قالوا: محتاج إلى أشياء تسأل لي عنها.
____________
(1) لم أعثر له على ترجمة.
فقال: يؤخر ويتقدم بعضهم، ويتم صلاتهم، ويغتسل من مسه.
التوقيع: ليس على من نحاه إلا غسل اليد، وإذا لم يحدث حادثة يقطع الصلاة تمم صلاته مع القوم.
وروي عن العالم عليه السلام: أن من مس ميتا بحرارته غسل يده، ومن مسه وقد برد فعليه الغسل، وهذا الإمام في هذه الحالة لا يكون إلا بحرارة، فالعمل في ذلك على ما هو، ولعله ينحيه بثيابه ولا يمسه، فكيف يجب عليه الغسل؟
التوقيع: إذا مسه على هذه الحال لم يكن عليه إلا غسل يده.
وعن صلاة جعفر: إذا سها في التسبيح في قيام أو قعود، أو ركوع أو سجود وذكره في حالة أخرى قد صار فيها من هذه الصلاة، هل يعيد ما فاته من ذلك التسبيح في الحالة التي ذكرها أم يتجاوز في صلاته؟
التوقيع: إذا سها في حالة من ذلك ثم ذكر في حالة أخرى، قضى ما فاته في الحالة التي ذكره.
وعن المرأة: يموت زوجها، يجوز أن تخرج في جنازته أم لا؟
التوقيع: تخرج في جنازته.
وهل يجوز لها في عدتها أن تزور قبر زوجها أم لا؟
التوقيع: تزور قبر زوجها ولا تبيت عن بيتها.
وهل يجوز لها أن تخرج في قضاء حق يلزمها، أم لا تبرح من بيتها وهي في عدتها.
التوقيع: إذا كان حق خرجت فيه وقضته، وإن كانت لها حاجة ولم يكن لها من ينظر فيها خرجت بها حتى تقضيها، ولا تبيت إلا في بيتها.
وروي في ثواب القرآن في الفرائض وغيرها: أن العالم عليه السلام قال: عجبا لمن لم يقرأ في صلاته: (إنا أنزلناه في ليلة القدر) كيف تقبل صلاته؟
وروي: أن من قرأ في فرائضه (الهمزة) أعطي من الثواب قدر الدنيا، فهل يجوز أن يقرأ (الهمزة) ويدع هذه السور التي ذكرناها، مع ما قد روي: أنه لا تقبل صلاة ولا تزكوها إلا بهما؟
التوقيع: الثواب في السور على ما قد روي، وإذا ترك سورة مما فيها الثواب وقرأ (قل هو الله أحد، وإنا أنزلناه) لفضلهما أعطي ثواب ما قرأ، وثواب السورة التي ترك، ويجوز أن يقرأ غير هاتين السورتين وتكون صلاته تامة، ولكن يكون قد ترك الفضل.
وعن وداع شهر رمضان: متى يكون؟ فقد اختلف فيه أصحابنا، فبعضهم يقول: يقرأ في آخر ليلة منه، وبعضهم يقول: هو في آخر يوم منه إذا رأى هلال شوال؟
التوقيع: العمل في شهر رمضان في لياليه والوداع يقع في آخر ليلة منه، فإذا خاف أن ينقص الشهر جعله في ليلتين.
وعن قول الله عز وجل: (إنه لقول رسول كريم) (1) أرسول الله صلى الله عليه وآله المعني به، (ذي قوة عند ذي العرش مكين) (2) ما هذه القوة؟!
(مطاع ثم أمين) (3) ما هذه الطاعة وأين هي؟ ما خرج لهذه المسألة جواب.
فرأيك أدام الله عزك بالتفضل علي بمسألة من تثق به من الفقهاء عن هذه المسائل فأجبني عنها منعما مع ما تشرحه لي من أمر علي بن محمد بن الحسين بن الملك المقدم ذكره بما يسكن إليه، ويعتد بنعمة الله عنده، وتفضل علي بدعاء جامع لي ولإخواني في الدنيا والآخرة فعلت مثابا إن شاء الله.
التوقيع: جمع الله لك ولاخوانك خير الدنيا والآخرة.
كتاب آخر لمحمد بن عبد الله الحميري (4) أيضا إليه عليه السلام في مثل ذلك:
____________
(1، 2، 3) التكوير - 20 - 23.
(4) محمد بن عبد الله بن جعفر بن الحسين بن جامع بن مالك الحميري، قال العلامة
=>
فإن بعض أصحابنا قال: لا يجب عليه التكبير، ويجزيه أن يقول بحول الله وقوته أقوم وأقعد؟
الجواب: إن فيه حديثين:
أما أحدهما: فإنه إذا انتقل من حالة إلى حالة أخرى فعليه التكبير.
وأما الآخر: فإنه روي: أنه إذا رفع رأسه من السجدة الثانية فكبر ثم جلس ثم قام فليس عليه في القيام بعد القعود تكبير وكذلك في التشهد الأول يجري هذا المجرى، وبأيها أخذت من جهة التسليم كان صوابا.
وعن الفص الخماهن: هل يجوز فيه الصلاة إذا كان في إصبعه؟
الجواب: فيه كراهية أن يصلي فيه، وفيه أيضا إطلاق والعمل على الكراهة.
وعن رجل اشترى هديا لرجل غاب عنه، وسأله أن ينحر عنه هديا بمنى فلما أراد نحر الهدي نسي اسم الرجل ونحر الهدي، ثم ذكره بعد ذلك، أيجزي عن الرجل أم لا؟
الجواب: لا بأس بذلك، وقد أجزأ عن صاحبه.
وعندنا حاكة مجوس، يأكلون الميتة. ولا يغتسلون من الجنابة، وينسجون لنا ثيابا، فهل يجوز الصلاة فيها من قبل أن تغسل؟
الجواب: لا بأس بالصلاة فيها.
وعن المصلي: يكون في صلاة الليل في ظلمة، فإذا سجد يغلط بالسجادة
____________
<=
في القسم الأول من الخلاصة ص 57: (.. أبو جعفر القمي كان ثقة وجها، كاتب
صاحب الأمر عليه السلام وسأله مسائل في أبواب الشريعة.
قال النجاشي: قال لنا أحمد بن الحسين: وقعت هذه المسائل إلي في أصلها
والتوقيعات بين السطور، وكان له أخوة (جعفر، والحسين، وأحمد) كلهم كان لهم مكاتبة.
الجواب: ما لم يستو جالسا فلا شئ عليه في رفع رأسه لطلب الخمرة.
وعن المحرم: يرفع الظلال هل يرفع خشب العمارية أو الكنيسية ويرفع الجناحين أم لا؟
الجواب: لا شئ عليه في ترك رفع الخشب.
وعن المحرم: يستظل من المطر بنطع أو غيره، حذرا على ثيابه وما في محمله أن يبتل، فهل يجوز ذلك؟
الجواب: إذا فعل ذلك في المحمل في طريقه، فعليه دم.
والرجل: يحج عن أحد، هل يحتاج أن يذكر الذي حج عنه عند عقد إحرامه أم لا، وهل يجب أن يذبح عمن حج عنه وعن نفسه أم يجزيه هدي واحد؟
الجواب: قد يجزيه هدي واحد، وإن لم يفصل فلا بأس.
وهل يجوز للرجل أن يحرم في كساء خز أم لا؟
الجواب: لا بأس بذلك، وقد فعله قوم صالحون.
وهل يجوز للرجل أن يصلي في بطيط لا يغطي الكعبين أم لا يجوز؟
الجواب: جائز.
ويصلي الرجل وفي كمه أو سراويله سكين أو مفتاح حديد، هل يجوز ذلك؟
الجواب: جائز.
وعن الرجل: يكون معه بعض هؤلاء ويكون متصلا بهم، يحج ويأخذ على الجادة ولا يحرم هؤلاء من المسلخ، فهل يجوز لهذا الرجل أن يؤخر إحرامه إلى ذات عرق فيحرم معهم لما يخاف الشهرة أم لا يجوز إلا أن يحرم من المسلخ؟
الجواب: يحرم من ميقاته ثم يلبس الثياب، ويلبي في نفسه، فإذا بلغ إلى ميقاتهم أظهر.
وعن لبس المعطون، فإن بعض أصحابنا يذكر أن لبسه كريه؟
وعن الرجل: من وكلاء الوقف مستحلا لما في يده، ولا يرع عن أخذ ماله ربما نزلت في قريته وهو فيها، أو أدخل منزله - وقد حضر طعامه - فيدعوني إليه، فإن لم آكل من طعامه، عاداني وقال: فلان لا يستحل أن يأكل من طعامنا فهل يجوز لي أن آكل من طعامه وأتصدق بصدقة؟ وكم مقدار الصدقة؟ وإن أهدى هذا الوكيل هدية إلى رجل آخر فأحضر فيدعوني إلى أن أنال منها، وأنا أعلم أن الوكيل لا يرع عن أخذ ما في يده، فهل علي فيه شئ إن أنا نلت منها؟
الجواب: إن كان لهذه الرجل مال أو معاش غير ما في يده فكل طعامه، واقبل بره، وإلا فلا.
وعن الرجل ممن يقول بالحق ويرى المتعة، ويقول بالرجعة، إلا أن له أهلا موافقة له في جميع أموره، وقد عاهدها: ألا يتزوج عليها، ولا يتمتع، ولا يتسرى وقد فعل هذا منذ تسعة عشر سنة. ووفى بقوله، فربما غاب عن منزله الأشهر فلا يتمتع ولا تتحرك نفسه أيضا لذلك، ويرى أن وقوف من معه من أخ وولد وغلام ووكيل وحاشية مما يقلله في أعينهم، ويجب المقام على ما هو عليه محبة لأهله وميلا إليها، وصيانة لها ولنفسه، لا لتحريم المتعة بل يدين الله بها، فهل عليه في ترك ذلك مأثم أم لا؟
الجواب: يستحب له أن يطيع الله تعالى بالمتعة ليزول عنه الحلف في المعصية ولو مرة.
وفي كتاب آخر لمحمد بن عبد الله الحميري إلى صاحب الزمان عليه السلام من جواب مسائله التي سأله عنها، في سنة سبع وثلاثمائة.
سأل عن المحرم: يجوز أن يشد الميزر من خلفه على عقبه بالطول، ويرفع طرفيه إلى حقويه ويجمعهما في خاصرته ويعقدهما، ويخرج الطرفين الآخرين من بين رجليه ويرفعهما إلى خاصرته، ويشد طرفيه إلى وركيه، فيكون مثل السراويل يستر ما هناك، فإن الميزر الأول كنا نتزر به إذا ركب الرجل جمله
فأجاب عليه السلام: جاز أن يتزر الإنسان كيف شاء إذا لم يحدث في الميزر حدثا بمقراظ ولا إبرة يخرجه به عن حد الميزر، وغزره غزرا ولم يعقده، ولم يشد بعضه ببعض، وإذا غطى سرته وركبتيه كلاهما فإن السنة المجمع عليها بغير خلاف تغطية السرة والركبتين، والأحب إلينا والأفضل لكل أحد شده على السبيل المألوفة المعروفة للناس جميعا إن شاء الله.
وسأل: هل يجوز أن يشد عليه مكان العقد تكة؟
فأجاب: لا يجوز شد الميزر بشئ سواه من تكة ولا غيرها.
وسأل عن التوجه للصلاة أن يقول على ملة إبراهيم ودين محمد صلى الله عليه وآله، فإن بعض أصحابنا ذكر: أنه إذا قال على دين محمد فقد أبدع، لأنا لم نجده في شئ من كتب الصلاة خلا حديثا في كتاب القاسم بن محمد عن جده عن الحسن بن راشد: أن الصادق عليه السلام قال للحسن:
كيف تتوجه؟
فقال: أقول لبيك وسعديك.
فقال له الصادق عليه السلام: ليس عن هذا أسألك. كيف تقول وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا مسلما؟
قال الحسن: أقول.
فقال الصادق عليه السلام: إذا قلت ذلك فقل: على ملة إبراهيم، ودين محمد، ومنهاج علي بن أبي طالب، والايتمام بآل محمد، حنيفا مسلما وما أنا من المشركين.
فأجاب عليه السلام: التوجه كله ليس بفريضة، والسنة المؤكدة فيه التي هي كالإجماع الذي لا خلاف فيه: وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض، حنيفا مسلما على ملة إبراهيم ودين محمد وهدي أمير المؤمنين، وما أنا من المشركين. إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين. اللهم اجعلني من المسلمين، أعوذ بالله السميع العليم، من الشيطان الرجيم
وسأله: عن القنوت في الفريضة إذا فرغ من دعائه، يجوز أن يرد يديه على وجهه وصدره للحديث الذي روي: (أن الله عز وجل أجل من أن يرد يدي عبده صفرا بل يملأها من رحمته) أم لا يجوز؟ فإن بعض أصحابنا ذكر أنه عمل في الصلاة.
فأجاب عليه السلام: رد اليدين من القنوت على الرأس والوجه غير جايز في الفرائض والذي عليه العمل فيه، إذا رجع يده في قنوت الفريضة وفرغ من الدعاء، أن يرد بطن راحتيه مع صدره تلقاء ركبتيه على تمهل، ويكبر ويركع، والخبر صحيح وهو في نوافل النهار والليل دون الفرائض، والعمل به فيها أفضل.
وسأل: عن سجدة الشكر بعد الفريضة، فإن بعض أصحابنا ذكر أنها (بدعة) فهل يجوز أن يسجدها الرجل بعد الفريضة؟ وإن جاز ففي صلاة المغرب هي بعد الفريضة أو بعد الأربع ركعات النافلة؟
فأجاب عليه السلام: سجدة الشكر من ألزم السنن وأوجبها، ولم يقل أن هذه السجدة بدعة إلا من أراد أن يحدث بدعة في دين الله.
فأما الخبر المروي فيها بعد صلاة المغرب والاختلاف في أنها بعد الثلاث أو بعد الأربع فإن فضل الدعاء والتسبيح بعد الفرائض على الدعاء بعقيب النوافل كفضل الفرائض على النوافل، والسجدة دعاء وتسبيح فالأفضل أن تكون بعد الفرض فإن جعلت بعد النوافل أيضا جاز.
وسأل: أن لبعض إخواننا من نعرفه ضيعة جديدة بجنب ضيعة خراب، للسلطان فيها حصة وأكرته ربما زرعوا حدودها وتوذيهم عمال السلطان ويتعرضون في الكل من غلات ضيعته، وليس لها قيمة لخرابها وإنما هي بائرة منذ عشرين سنة، وهو يتحرج من شرائها لأنه يقال أن هذه الحصة من هذه الضيعة كانت قبضت عن الوقف قديما
فأجاب: الضيعة لا يجوز ابتياعها إلا من مالكها أو بأمره أو رضاء منه وسأل: عن رجل استحل امرأة خارجة من حجابها، وكان يحترز من أن يقع ولد فجاءت بابن، فتحرج الرجل ألا يقبله فقبله وهو شاك فيه، وجعل يجري النفقة على أمه وعليه حتى ماتت الأم، وهو ذا يجري عليه غير أنه شاك فيه ليس يخلطه بنفسه، فإن كان ممن يجب أن يخلط بنفسه ويجعله كساير ولده فعل ذلك وإن جاز أن يجعل له شيئا من ماله دون حقه فعل؟
فأجاب عليه السلام الاستحلال بالمرأة يقع على وجوه، والجواب يختلف فيها فليذكر الوجه الذي وقع الاستحلال به مشروحا ليعرف الجواب فيما يسأل عنه من أمر الولد إن شاء الله.
وسأله الدعاء له فخرج الجواب:
جاد الله عليه بما هو جل وتعالى أهله، إيجابنا لحقه، ورعايتنا لأبيه رحمه الله وقربه منا، وقد رضينا بما علمناه من جميل نيته، ووقفنا عليه من مخاطبته، المقر له من الله التي يرضى الله عز وجل ورسوله وأولياؤه عليهم السلام والرحمة بما بدأنا، نسأل الله بمسألته ما أمله من كل خير عاجل وآجل، وأن يصلح له من أمر دينه ودنياه ما يجب صلاحه، إنه ولي قدير.
وكتب إليه صلوات الله عليه أيضا في سنة ثمان وثلاثمائة كتابا سأله فيه عن مسائل أخرى كتب:
أطال الله بقاك وأدام عزك وكرامتك وسعادتك وسلامتك، وأتم نعمته عليك وزاد في إحسانه إليك، وجميل مواهبه لديك، وفضله عليك، وجزيل قسمه لك، وجعلني من السوء كله فداك، وقدمني قبلك.
وروى لهم بعض أصحابنا: أن صومه معصية؟
فأجاب عليه السلام: قال الفقيه: يصوم منه أياما إلى خمسة عشر يوما، إلا أن يصومه عن الثلاثة الأيام الفائتة، للحديث: (إن نعم شهر القضاء رجب).
وسأل: عن رجل يكون في محمله والثلج كثير بقامة رجل، فيتخوف إن نزل الغوص فيه، وربما يسقط الثلج وهو على تلك الحال ولا يستوي له أن يلبد شيئا منه لكثرته وتهافته، هل يجوز أن يصلي في المحمل الفريضة؟ فقد فعلنا ذلك أياما فهل علينا في ذلك إعادة أم لا؟
فأجاب: لا بأس به عند الضرورة والشدة.
وسأل: عن الرجل يلحق الإمام وهو راكع فيركع معه ويحتسب تلك الركعة. فإن بعض أصحابنا قال: إن لم يسمع تكبيرة الركوع فليس له أن يعتد بتلك الركعة؟
فأجاب: إذا لحق مع الإمام من تسبيح الركوع تسبيحة واحدة اعتد بتلك الركعة وإن لم يسمع تكبيرة الركوع.
وسأل: عن رجل صلى الظهر ودخل في صلاة العصر، فلما إن صلى من صلاة العصر ركعتين استيقن أنه صلى الظهر ركعتين، كيف يصنع؟
فأجاب: إن كان أحدث بين الصلاتين حادثة يقطع بها الصلاة أعاد الصلاتين وإن لم يكن أحدث حادثة جعل الركعتين الآخرتين تتمة لصلاة الظهر، وصلى العصر بعد ذلك.
وسأل: عن أهل الجنة هل يتوالدون إذا دخلوها أم لا؟
فأجاب: إن الجنة لا حمل فيها للنساء ولا ولادة، ولا طمث ولا نفاس، ولا شقاء بالطفولية. وفيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين، كما قال سبحانه، فإذا اشتهى المؤمن ولدا خلقه الله بغير حمل ولا ولادة على الصورة التي يريد كما خلق آدم عبرة.
فأجاب: يستقبل حيضة غير تلك الحيضة، لأن أقل تلك العدة حيضة وطهرة تامة.
وسأل: عن الأبرص والمجذوم وصاحب الفالج هل يجوز شهادتهم، فقد روي لنا: أنهم لا يأمون الأصحاء.
فأجاب: إن كان ما بهم حادثا جازت شهادتم، وإن كان ولادة لم يجز.
وسأل: هل يجوز للرجل أن يتزوج ابنة امرأته؟
فأجاب: إن كانت ربيت في حجره فلا يجوز، وإن لم تكن ربيت في حجره وكانت أمها في غير عياله فقد روي: أنه جائز.
وسأل: هل يجوز أن يتزوج بنت ابنة امرأة ثم يتزوج جدتها بعد ذلك؟
فأجاب: قد نهي عن ذلك.
وسأل: عن رجل ادعى على رجل ألف درهم وأقام به البينة العادلة، وادعى عليه أيضا خمسمائة درهم في صك آخر، وله بذلك بينة عادلة، وادعى عليه أيضا ثلاثمائة درهم في صك آخر، ومائتي درهم في صك آخر، وله بذلك كله بينة عادلة، ويزعم المدعى عليه أن هذه الصكاك كلها قد دخلت في الصك الذي بألف درهم، والمدعي منكر أن يكون كما زعم، فهل يجب الألف الدرهم مرة واحدة أو يجب عليه كلما يقيم البينة به؟ وليس في الصكاك استثناء إنما هي صكاك على وجهها.
فأجاب: يؤخذ من المدعى عليه ألف درهم مرة وهي التي لا شبهة فيها، ويرد اليمين في الألف الباقي على المدعي فإن نكل فلا حق له.
وسأل عن طين القبر: يوضع مع الميت في قبره هل يجوز ذلك أم لا؟
فأجاب: يوضع مع الميت في قبره، ويخلط بخيوطه إن شاء الله.
وسأل فقال: روي لنا عن الصادق عليه السلام: أنه كتب على أزار ابنه إسماعيل
فأجاب: يجوز ذلك.
وسأل: هل يجوز أن يسبح الرجل بطين القبر، وهل فيه فضل؟
فأجاب: يسبح الرجل به فما من شئ من السبح أفضل منه، ومن فضله أن الرجل ينسى التسبيح ويدير السبحة فيكتب له التسبيح.
وسأل: عن السجدة على لوح من طين القبر، وهل فيه فضل؟
فأجاب: يجوز ذلك وفيه الفضل.
وسأل: عن الرجل يزور قبور الأئمة عليه السلام، هل يجوز أن يسجد على القبر أم لا؟ وهل يجوز لمن صلى عند بعض قبورهم عليهم السلام أن يقوم وراء القبر ويجعل القبر قبلة، ويقوم عند رأسه ورجليه؟ وهل يجوز أن يتقدم القبر ويصلي ويجعل القبر خلفه أم لا؟
فأجاب: أما السجود على القبر، فلا يجوز في نافلة ولا فريضة ولا زيارة والذي عليه العمل: أن يضع خده الأيمن على القبر.
وأما الصلاة فإنها خلفه، ويجعل القبر أمامه، ولا يجوز أن يصلي بين يديه ولا عن يمينه ولا عن يساره، لأن الإمام صلى الله عليه وآله لا يتقدم ولا يساوى.
وسأل فقال: يجوز للرجل إذا صلى الفريضة أو النافلة وبيده السبحة أن يديرها وهو في الصلاة؟
فأجاب: يجوز ذلك إذا خاف السهو والغلط.
وسأل: هل يجوز أن يدير السبحة بيده اليسار إذا سبح، أو لا يجوز؟
فأجاب: يجوز ذلك والحمد لله رب العالمين.
وسأل فقال: روي عن الفقيه في بيع الوقف خبر مأثور: إذا كان الوقف على قوم بأعيانهم وأعقباهم، فاجتمع أهل الوقف على بيعه وكان ذلك أصلح لهم أن يبيعوه، فهل يجوز أن يشترى من بعضهم إن لم يجتمعوا كلهم على البيع، أم لا يجوز إلا أن يجتمعوا كلهم على ذلك؟ وعن الوقف الذي لا يجوز بيعه؟
وسأل: هل يجوز للمحرم أن يصير على إبطه المرتك والتوتيا لريح العرق أم لا يجوز؟
فأجاب: يجوز ذلك وبالله التوفيق.
وسأل: عن الضرير إذا شهد في حال صحته على شهادة، ثم كف بصره ولا يرى خطه فيعرفه، هل يجوز شهادته أم لا؟ وإن ذكر هذا الضرير الشهادة، هل يجوز أن يشهد على شهادته أم لا يجوز؟
فأجاب: إذا حفظ الشهادة وحفظ الوقت، جازت شهادته.
وسأل: عن الرجل يوقف ضيعة أو دابة ويشهد على نفسه باسم بعض وكلاء الوقف، ثم يموت هذا الوكيل أو يتغير أمره ويتولى غيره، هل يجوز أن يشهد الشاهد لهذا الذي أقيم مقامه إذا كان أصل الوقف لرجل واحد أم لا يجوز ذلك؟
فأجاب: لا يجوز ذلك، لأن الشهادة لم تقم للوكيل وإنما قامت للمالك، وقد قال الله: (وأقيموا الشهادة لله) (1).
وسأل: عن الركعتين الأخراوين قد كثرت فيها الروايات فبعض يروي:
أن قراءة الحمد وحدها أفضل، وبعض يروي: أن التسبيح فيهما أفضل، فالفضل لأيهما لنستعمله؟
فأجاب: قد نسخت قراءة أم الكتاب في هاتين الركعتين التسبيح والذي نسخ التسبيح قول العالم عليه السلام: كل صلاة لا قراءة فيها فهو خداج إلا للعليل، أو يكثر عليه السهو فيتخوف بطلان الصلاة عليه.
وسأل فقال: يتخذ عندنا رب الجوز لوجع الحلق والبحبحة، يؤخذ الجوز الرطب من قبل أن ينعقد ويدق دقا ناعما، ويعصر ماؤه ويصفى ويطبخ على النصف ويترك يوما وليلة ثم ينصب على النار، ويلقى على كل ستة أرطال منه رطل عسل
____________
(1) الطلاق - 2.
فأجاب: إذا كان كثيره يسكر أو يغير، فقليله وكثيره حرام، وإن كان لا يسكر فهو حلال.
وسأل: عن الرجل يعرض له الحاجة مما لا يدري أن يفعلها أم لا، فيأخذ خاتمين فيكتب في أحدهما: (نعم إفعل) وفي الآخر: (لا تفعل) فيستخير الله مرارا، ثم يرى فيهما، فيخرج أحدهما فيعمل بما يخرج، فهل يجوز ذلك أم لا؟
والعامل به والتارك له أهو مثل الاستخارة أم هو سوى ذلك؟
فأجاب: الذي سنة العالم عليه السلام في هذه الاستخارة بالرقاع والصلاة.
وسأل: عن صلاة جعفر بن أبي طالب (ره) في أي أوقاتها أفضل أن تصلي فيه، وهل فيها قنوت؟ وإن كان ففي أي ركعة منها؟
فأجاب: أفضل أوقاتها صدر النهار من يوم الجمعة، ثم في أي الأيام شئت وأي وقت صليتها من ليل أو نهار فهو جائز، والقنوت فيها مرتان: في الثانية قبل الركوع، وفي الرابعة بعد الركوع.
وسأل: عن الرجل ينوي إخراج شئ من ماله وأن يدفعه إلى رجل من إخوانه ثم يجد في أقربائه محتاجا، أيصرف ذلك عمن نواه له أو إلى قرابته؟
فأجاب: يصرفه إلى أدناهما وأقربهما من مذهبه، فإن ذهب إلى قول العالم عليه السلام:
(لا يقبل الله الصدقة وذو رحم محتاج) فليقسم بين القرابة وبين الذي نوى حتى يكون قد أخذ بالفضل كله.
وسأل: فقال: اختلفت أصحابنا في مهر المرأة.
فقال بعضهم: إذا دخل بها سقط المهر ولا شئ لها.
وقال بعضهم: هو لازم في الدنيا والآخرة، فكيف ذلك؟ وما الذي يجب فيه؟
فأجاب: إن كان عليه بالمهر كتاب فيه ذكر دين فهو لازم له في الدنيا
وسأل فقال: روي لنا عن صاحب العسكر عليه السلام أنه سئل عن الصلاة في الخز الذي يغش بوبر الأرانب فوقع: يجوز، وروي عنه أيضا: أنه لا يجوز. فأي الخبرين يعمل به؟
فأجاب: إنما حرم في هذه الأوبار والجلود، فأما الأوبار وحدها فكل حلال.
وقد سأل بعض العلماء عن معنى قول الصادق عليه السلام: لا يصلى في الثعلب ولا في الأرنب، ولا في الثوب الذي يليه، فقال: إنما عنى الجلود دون غيرها.
وسأل فقال: يتخذ بأصفهان ثياب عتابية على عمل الوشا من قز أو إبريسم هل يجوز الصلاة فيها أم لا؟
فأجاب: لا يجوز الصلاة إلا في ثوب سداه أو لحمته قطن أو كتان.
وسأل: عن المسح على الرجلين وبأيهما يبدأ باليمين أو يمسح عليهما جميعا معا؟
فأجاب عليه السلام: يمسح عليهما معا فإن بدأ بإحداهما قبل الأخرى فلا يبتدئ إلا باليمين.
وسأل: عن صلاة جعفر في السفر هل يجوز أن يصلي أم لا؟
فأجاب عليه السلام: يجوز ذلك.
وسأل: عن تسبيح فاطمة عليها السلام: من سهى فجاز التكبير أكثر من أربع وثلاثين هل يرجع إلى أربع وثلاثين أو يستأنف؟ وإذا سبح تمام سبعة وستين هل يرجع إلى ستة وستين أو يستأنف؟ وما الذي يجب في ذلك؟
فأجاب: إذا سها في التكبير حتى يجوز أربعة وثلاثين عاد إلى ثلاثة وثلاثين وبنى عليها، وإذا سها في التسبيح فتجاوز سبعا وستين تسبيحة عاد إلى ستة وستين وبنى عليها، فإذا جاوز التحميد مائة فلا شئ عليه.
وعن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري أنه قال: خرج التوقيع من الناحية
لا لأمره تعقلون، حكمة بالغة فما تغني النذر عن قوم لا يؤمنون.
السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.
إذا أردتم التوجه بنا إلى الله وإلينا، فقولوا كما قال الله تعالى:
(سلام على آل يس) (1).
السلام عليك يا داعي الله ورباني آياته.
السلام عليك يا باب الله وديان دينه.
السلام عليك يا خليفة الله وناصر خلقه.
السلام عليك يا حجة الله ودليل إرادته.
السلام عليك يا تالي كتاب الله وترجمانه.
السلام عليك يا بقية الله في أرضه.
السلام عليك يا ميثاق الله الذي أخذه ووكده.
السلام عليك يا وعد الله الذي ضمنه.
السلام عليك أيها العلم المنصوب، والعلم المصبوب، والغوث والرحمة الواسعة وعدا غير مكذوب.
السلام عليك حين تقعد السلام عليك حين تقوم.
السلام عليك حين تقرأ وتبين.
السلام عليك حين تصلي وتقنت.
السلام عليك حين تركع وتسجد.
السلام عليك حين تكبر وتهلل.
السلام عليك حين تحمد وتستغفر.
السلام عليك حين تمسي وتصبح.
____________