ثم استقبل القبلة ورفع يديه وقال:
اللهم إني قد نصحت لهم، اللهم إني قد أرشدتهم، اللهم إني قد أخرجت ما وجب علي إخراجه من عنقي، اللهم إني لم أدعهم في ريب ولا في شك، اللهم إني أدين بالتقرب إليك بتقديم علي عليه السلام على الخلق بعد نبيك صلى الله عليه وآله كما أمرنا به رسولك صلواتك وسلامك عليه وآله.
قال: ثم افترقنا، فلم نجتمع بعد ذلك حتى قبض المأمون.
قال محمد بن أحمد بن يحيى الأشعري:
وفي حديث آخر: قال: فسكت القوم، فقال لهم: لم سكتم؟ قالوا: لا ندري ما نقول. قال: يكفيني هذه الحجة عليكم. ثم أمر بإخراجهم. قال: فخرجنا متحيرين خجلين. ثم نظر المأمون إلى الفضل بن سهل، فقال: هذا أقصى ما عند القوم، فلا يظن ظان أن جلالتي منعتهم من النقض علي (1).
(210)
المأمون وبنو العباس
أقول: لما انتهى الكلام إلى هنا، فلا نرى بأسا بنقل كتاب المأمون إلى بني العباس في الاحتجاج عليهم:
عن الطرائف للسيد - رحمه الله تعالى - قال: من الطرائف المشهورة ما بلغ إليه المأمون في مدح أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ومدح أهل بيته عليهم السلام ذكره ابن مسكويه صاحب التاريخ (المسمى ظ) بحوادث الإسلام في كتاب سماه " نديم الفريد " يقول فيه حيث ذكر كتابا كتبه بنو
____________
(1) البحار: ج 49 ص 189 - 208 عن عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 185، والعقد الفريد: ج 5 ص 92 - 110.
فقال المأمون:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد على رغم أنف الراغمين.
أما بعد، عرف المأمون كتابكم وتدبير أمركم، ومخض زبدتكم، وأشرف على صغيركم وكبيركم، وعرفكم مقبلين ومدبرين، وما آل إليه كتابكم قبل كتابكم في مراوضة الباطل وصرف وجوه الحق عن مواضعها، ونبذكم كتاب الله تعالى والآثار وكلما جاءكم به الصادق محمد صلى الله عليه وآله حتى كأنكم من الأمم السالفة التي هلكت بالخسفة والغرق والريح والصيحة والصواعق والرجم.
" أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها "؟ والذي هو أقرب إلى المأمون من حبل الوريد! لولا أن يقول قائل: إن المأمون ترك الجواب عجزا لما أجبتكم من سوء أخلاقكم وقلة أخطاركم وركاكة عقولكم ومن سخافة ما تأوون إليه من آرائكم، فليستمع مستمع، فليبلغ شاهد غائبا.
أما بعد، فإن الله تعالى بعث محمدا صلى الله عليه وآله على فترة من الرسل وقريش في أنفسها وأموالها لا يرون أحدا يساميهم ولا يباريهم، فكان نبينا صلى الله عليه وآله أمينا من أوسطهم بيتا وأقلهم مالا، وكان أول من آمنت به خديجة بنت خويلد، فواسته بمالها، ثم آمن به أمير المؤمنين علي بن أبي طالب سبع سنين، لم يشرك بالله شيئا طرفة عين، ولم يعبد وثنا، ولم يأكل ربا، ولم يشاكل الجاهلية في جهالاتهم، وكانت عمومة رسول الله صلى الله عليه وآله إما مسلم مهين أو كافر معاند، إلا حمزة، فإنه لم يمتنع من الإسلام ولا يمتنع الإسلام منه، فمضى لسبيله على بينة من ربه.
وأما أبو طالب: فإنه كفله ورباه، ولم يزل مدافعا عنه ومانعا منه، فلما
فلم يقم مع رسول الله صلى الله عليه وآله أحد من المهاجرين كقيام علي بن أبي طالب عليه السلام فإنه آزره ووقاه بنفسه ونام في مضجعه، ثم لم يزل بعد متمسكا بأطراف الثغور، وينازل الأبطال، ولا ينكل عن قرن، ولا يولي عن جيش، منيع القلب، يؤمر على الجميع ولا يؤمر عليه أحد، أشد الناس وطأة على المشركين، وأعظمهم جهادا في الله، وأفقههم في دين الله وأقرأهم لكتاب الله، وأعرفهم بالحلال والحرام، وهو صاحب الولاية في حديث غدير خم، وصاحب قوله: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " وصاحب يوم الطائف، وكان أحب الخلق إلى الله تعالى وإلى رسوله صلى الله عليه وآله، وصاحب الباب فتح له وسد أبواب المسجد، وهو صاحب الراية يوم خيبر، وصاحب عمرو بن عبد ود في المبارزة، وأخو رسول الله صلى الله عليه وآله حين آخى بين المسلمين.
وهو منيع جزيل، وهو صاحب آية " ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا " وهو زوج فاطمة سيدة نساء العالمين وسيدة نساء أهل الجنة، وهو ختن خديجة عليها السلام، وهو ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله رباه وكفله، وهو ابن أبي طالب عليه السلام في نصرته وجهاده، وهو نفس رسول الله صلى الله عليه وآله في يوم المباهلة، وهو الذي لم يكن أبو بكر وعمر ينفذان حكما حتى يسألانه عنه، فما رأى إنفاذه أنفذاه وما لم يره رداه، وهو داخل من بني هاشم في الشورى.
ولعمري! لو قدر أصحابه على دفعه عنه عليه السلام كما دفع العباس
فأما تقديمكم العباس عليه: فإن الله تعالى يقول: " أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله " والله! لو كان ما في أمير المؤمنين من المناقب والفضائل والآي المفسرة في القرآن خلة واحدة في رجل واحد من رجالكم أو غيره لكان مستأهلا متأهلا للخلافة مقدما على أصحاب رسول الله بتلك الخلة.
ثم لم يزل الأمور تتراقى به إلى أن ولي أمور المسلمين، فلم يعن بأحد من بني هاشم إلا بعد الله بن عباس تعظيما لحقه وصلة لرحمه وثقة به، فكان من أمره الذي يغفر الله له. ثم نحن وهم يد واحدة كما زعمتم، حتى قضى الله تعالى بالأمر إلينا، فأخفناهم وضيقنا عليهم وقتلناهم أكثر من قتل بني أمية إياهم!
ويحكم! إن بني أمية إنما قتلوا منهم من سل سيفا، وإنا معاشر بني العباس قتلناهم جملا! فتسألن أعظم الهاشمية بأي ذنب قتلت؟ ولتسألن نفوس ألقيت في دجلة والفرات ونفوس دفنت ببغداد والكوفة أحياء، هيهات! إنه من يعمل مثال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره.
وأما ما وصفتم من أمر المخلوع وما كان فيه من لبس فلعمري! ما لبس عليه أحد غيركم، إذ هويتم عليه النكث وزينتم له الغدر، وقلتم له: ما عسى أن يكون من أمر أخيك هو رجل مغرب ومعك الأموال والرجال، نبعث إليه فيؤتى به، فكذبتم ودبرتم ونسيتم قول الله تعالى: " ومن بغي عليه لينصرنه الله " وأما ما ذكرتم من استبصار المأمون في البيعة لأبي الحسن الرضا عليه السلام فما بايع له المأمون إلا مستبصرا في أمره، عالما بأنه لم يبق أحد على ظهرها أبين فضلا ولا أظهر عفة ولا أورع ورعا ولا أزهد زهدا في الدنيا ولا أطلق نفسا ولا أرضى في الخاصة والعامة ولا أشد في ذات الله منه، وأن
وأما ما ذكرتم ما مسكم من الجفاء في ولايتي: فلعمري! ما كان ذلك إلا منكم بمظافرتكم عليه وممايلتكم إياه، فلما قتلته وتفرقتم عباديد، فطورا أتباعا لابن أبي خالد، وطورا أتباعا لا عرابي، وطورا أتباعا لابن شكله، ثم لكل من سل سيفا علي. ولو لا أن شيمتي العفو وطبيعتي التجاوز ما تركت على وجهها منكم أحدا، فكلكم حلال الدم محل بنفسه.
وأما ما سألتم من البيعة للعباس ابني: أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير؟ ويلكم! إن العباس غلام حدث السن ولم يونس رشده ولم يمهل وحده ولم تحكمه التجارب، تدبره النساء تكفله الإماء، ثم لم يتفقه في الدين، ولم يعرف حلالا من حرام إلا معرفة لا تأتي به رعية ولا تقوم به حجة، ولو كان مستأهلا قد أحكمته التجارب وتفقه في الدين وبلغ مبلغ أمير العدل في الزهد في الدنيا وصرف النفس عنها ما كان له عندي في الخلافة إلا ما كان لرجل من عك وحمير، فلا تكثروا في هذا المقال، فإن لساني لم يزل مخزونا عن أمور وأنباء كراهية أن تخنث النفوس عند ما تنكشف، علما بأن الله بالغ أمره ومظهر قضاه يوما.
فإذا أبيتم إلا كشف الغطاء وقشر العظاء، فالرشيد أخبرني عن آبائه وعما وجد في كتاب الدولة غيرها: أن السابع من ولد العباس لا تقوم لبني العباس بعده قائمة ولا تزال النعمة متعلقة عليهم بحياته، فإذا أودعت فودعاها، وإذا فقدتم شخصي فاطلبوا لأنفسكم معقلا، وهيهات! ما لكم إلا السيف!
يأتيكم الحسني الثائر البائر فيحصدكم حصدا، أو السفياني المرغم، والقائم
وأما ما كنت أردته من البيعة لعلي بن موسى بعد استحقاق منه لها في نفسه واختيار مني له: فما كان ذلك مني إلا أن أكون الحاقن لدمائكم والذائد عنكم باستدامته المودة بيننا وبينهم وهي الطريق أسلكها في إكرام آل أبي طالب ومواساتهم في الفيئ بيسير ما يصيبهم منه.
وإن تزعموا أني أردت أن يؤول إليهم عاقبة ومنفعة، فإني في تدبيركم والنظر لكم ولعقبكم وأبنائكم من بعدكم، وأنتم ساهون لاهون تائهون في غمرة تعمهون، لا تعلمون ما يراد بكم وما أظللتم عليه من النقمة وابتزاز النعمة، همة أحدكم أن يمسي مركوبا ويصبح مخمورا، تباهون بالمعاصي وتبتهجون بها وآلهتكم البرابط، مخنثون مؤنثون، لا يتفكر متفكر منكم في إصلاح معيشة ولا استدامة نعمة ولا اصطناع مكرمة ولا كسب حسنة يمد بها عنقه يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
أضعتم الصلاة، واتبعتم الشهوات، وأكببتم على اللذات [ عن النغمات ] (1)، فسوف تلقون غيا.
وأيم الله! لربما أفكر في أمركم فلا أجد أمة من الأمم استحقوا العذاب حتى نزل بهم لخلة من الخلال إلا أصيب تلك الخلة بعينها فيكم مع خلال كثيرة، لم أكن أظن أن إبليس اهتدى إليها ولا أمر بالعمل عليها! وقد أخبر الله تعالى في كتابه العزيز عن قوم صالح أنه كان فيهم تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون، فأيكم ليس معه تسعة وتسعون من المفسدين في الأرض؟ قد اتخذتموهم شعارا ودثارا، استخفافا بالمعاد وقلة يقين بالحساب، وأيكم له رأي يتبع وروية تنفع؟ فشاهت الوجوه وعفرت الخدود!
____________
(1) ما بين المعقوفتين عن البحار.
وأما قولكم: إني سفهت آراء آبائكم وأحلام أسلافكم: فكذلك قال مشركو قريش: " إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون " ويلكم! إن الدين لا يؤخذ إلا من الأنبياء، فافقهوا وما أراكم تعقلون!
وأما تعبيركم إياي بسياسة المجوس إياكم: فما أذهبكم الآنفة عن ذلك!
ولو ساستكم القردة والخنازير ما أردتم إلا أمير المؤمنين، ولعمري! لقد كانوا مجوسا فأسلموا كآبائنا وأمهاتنا في القديم، فهم المجوس الذين أسلموا، وأنتم المسلمون الذين ارتدوا، فمجوسي أسلم خير من مسلم ارتد، فهم يتناهون عن المنكر، ويأمرون بالمعروف، ويتقربون من الخير، ويتباعدون من الشر، ويذبون عن حرم المسلمين، يتباهجون بما نال الشرك وأهله من النكر، ويتباشرون بما نال الإسلام وأهله من الخير " منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ".
وليس منكم إلا لاعب بنفسه مأفون في عقله وتدبيره، إما مغن أو ضارب دف أو زامر، والله! لو أن بني أمية الذين قتلتموهم بالأمس نشروا، فقيل لهم: لا تأنفوا في معائب تنالونهم بها، لما زادوا على ما صيرتموه لكم شعارا ودثارا وصناعة وأخلاقا.
ليس فيكم إلا من إذا مسه الشر جزع وإذا مسه الخير منع، ولا تأنفون ولا ترجعون إلا خشية، وكيف يأنف من يبيت مركوبا ويصبح باثمه معجبا؟ كأنه قد اكتسب حمدا! غايته بطنه وفرجه، لا يبالي أن ينال شهوته
(211)
ضرار بن ضمرة ومعاوية
لم أجد هذا الرجل في كتب الرجال والتراجم، إلا في قصة له وقعت في مجلس معاوية، رواها العلماء من الفريقين في كتبهم، وفي مروج الذهب: أنه " كان من خواص علي عليه السلام ".
قالوا: دخل ضرار بن ضمرة على معاوية، فقال له معاوية: صف لي عليا. فقال: أو تعفيني يا أمير المؤمنين؟ قل: لا أعفيك.
قال: أما إذ لا بد، فإنه كان والله بعيد المدى شديد القوى، يقول فصلا ويحكم عدلا، يتفجر العلم من جوانبه، وتنطق الحكمة من نواحيه، يستوحش من الدنيا وزهرتها، ويستأنس بالليل وظلمته، وكان والله غزير العبرة، طويل الفكرة، يقلب كفه، ويخاطب نفسه، يعجبه من اللباس ما قصر، ومن الطعام ما جشب.
كان والله كأحدنا، يدنينا إذا أتيناه، ويجيبنا إذا سألناه، وكان مع تقربه إلينا وقربه منا لا نكلمه هيبة له، فإن تبسم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم،
____________
(1) البحار: ج 49 ص 208. وراجع قاموس الرجال: ج 10 / 356. وحياه الإمام الرضا عليه السلام: ص 453 عن الطرائف (الترجمة الفارسية) ص 131 نقلا عن كتاب نديم الفريد لابن مسكويه والبحار والقاموس. والينابيع: ص 484 مختصرا. والغدير عن العبقات: ج 1 ص 147.
فأشهد بالله! لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله وغرات نجومه، يميل في محرابه، قابضا على لحيته، يتململ تململ السليم، ويبكي بكاء الحزين، فكأني أسمعه الآن وهو يقول: يا ربنا يا ربنا، يتضرع إليه، ثم يقول للدنيا: إلي تغررت إلي تشوقت؟ هيهات! هيهات! غري غيري، قد تبتك ثلاثا: فعمرك قصير ومجلسك حقير وخطرك يسير، آه آه! من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق.
فوكفت دموع معاوية على لحيته ما يملكها، وجعل ينشفها بكمه، وقد اختنق القوم بالبكاء فقال: كذا كان أبو الحسن - رحمه الله - كيف وجدك عليه يا ضرار؟ قال: وجد من ذبح واحدها في حجرها، لا ترقأ دمعتها ولا يسكن حزنها. ثم قال وخرج (1).
____________
(1) رواه حلية الأولياء: ج 1 ص 84. وأمالي الصدوق - رحمه الله -: ص 371 المجلس 91 بأسانيده. والاستيعاب هاشم الإصابة: ج 3 ص 440 في ترجمة أمير المؤمنين - عليه السلام - وكشف الغمة ص 23 الحجرية. والمناقب لابن شهرآشوب: ج 1 ص 309. وزهر الآداب للقيرواني: ص 40 هامش العقد الفريد. وتذكرة الخواص: ص 127. وينابيع المودة: ص 144 - 219. وتهذيب ابن عساكر: ج 7 ص 35. ومطالب السؤول: ص 23. وصفوة الصفوة: ج 1 ص 122. والبحار: ج 87 ص 156. ونور الأبصار: ص 109. والفصول المهمة لابن صباغ: ص 128. وابن أبي الحديد ج 18 ص 225. ونهج البلاغة: 77 من القصار. والإرشاد للديلمي: ص 11. والبحار: ج 8 ص 532 - 538 الحجرية وج 41 الجديدة ص 14 - 23 - 120 والغدير: ج 2 ص 319 وج 7 ص 114. وكنز الفوائد للكراجكي: ص 271.
ومروج الذهب في آخر تاريخ أمير المؤمنين عليه السلام وزاد: فقال معاوية: زدني شيئا من كلامه.
فقال ضرار: كان يقول: أعجب ما في الإنسان قلبه، وله مواد من الحكمة وأضداد من خلافها، فإن سنح له الرجاء أماله الطمع، وإن مال به الطمع أهلكه الحرص، وإن ملكه القنوط قتله الأسف، وإن عرض له الغضب اشتد به الغيظ، وإن أسعده الرضا نسي التحفظ، وإن ناله الخوف فضحه
=>
(212)
تلامذة الصادق عليه السلام مع الشامي
عن يونس بن يعقوب، قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فورد عليه رجل من أهل الشام فقال: إني رجل صاحب كلام وفقه وفرائض،
____________
<=
الجزع، وإن أفاد مالا أطغاه الغنى، وإن عضته فاقة فضحه الفقر، وإن أجهده الجوع أقعده الضعف،
وإن أفرط به الشبع كظته البطنة، فكل تقصير به مضر، وكل إفراط له مفسد.
فقال له معاوية: زدني كلما وعيته من كلامه.
فقال: هيهات أن آتي على جميع ما سمعته منه. ثم قال: سمعته يوصي كميل بن زياد [ ذات يوم
فقال له ] يا كميل! ذب عن المؤمن، فإن ظهره حمى الله، ونفسه كريمة على الله، وظالمه خصم الله،
وأحذركم من ليس له ناصر إلا الله. قال: وسمعته يقول ذات يوم: إن هذه الدنيا إذا أقبلت على
قوم أعرتهم محاسن غيرهم، وإذا أدبرت عنهم سلبتهم محاسن أنفسهم. قال وسمعته يقول: بطر الغنى
يمنع من عز الصبر. قال: وسمعته يقول: ينبغي للمؤمن أن يكون نظره عبرة، وسكوته فكرة، وكلامه
حكمة.
ورواه (يعني ما تقدم من كلام ضرار في وصف أمير المؤمنين عليه السلام) في ملحقات الاحقاق:
ج 8 ص 598 عن أمالي القالي، وربيع الأبرار: ص 15، والتطريز: ص 122، ودر بحر المناقب: ص 9،
ونهاية الأدب: ج 3 ص 173، ونظم درر السمطين: ص 134، والرياض النضرة: ج 2 ص 212،
وذخائر العقبى: ص 100، والمستطرف: ج 2 ص 127، والأرجوزة: ص 300، والكواكب الدرية:
ص 44، وأخبار الدول: ص 37، والإتحاف: ص 7، والروضة الندية: ص 13، والشرف المؤبد:
ص 59. والطبقات المالكية: ص 72، وبعض المصادر المتقدمة.
نسخ هذه القصة مختلفة، فمن أراد فليراجع المصادر التي ذكرناها.
ونسبه البيهقي في المحاسن والسماوي إلى ابن عباس راجع ص 45 وفي نسخة ج 1 ص 72، وإلى
عدي بن حاتم كما في ص 46.
وراجع ربيع الأبرار للزمخشري: ج 1 ص 97 - 835. وشرح النهج لابن أبي الحديد: ج 18 ص 225 -
226 وقاموس الرجال: ج 5 ص 149. ونهج الصباغة: ج 3 ص 182 وج 12 ص 124، والمروج،
وخصائص السيد الرضي - رحمه الله - وأمالي ابن بابويه، والاستيعاب. وزهر الربيع: ج 1 ص 197 وج 2
ص 23. الكنى والألقاب: ج 2 ص 105.
فقال أبو عبد الله عليه السلام: كلامك من كلام رسول الله صلى الله عليه وآله أو من عندك؟ فقال: من كلام رسول الله صلى الله عليه وآله ومن عندي، فقال أبو عبد الله عليه السلام: فأنت إذا شريك رسول الله صلى الله عليه وآله؟! قال: لا. قال: فسمعت الوحي عن الله عز وجل يخبرك؟
قال: لا. قال: فتجب طاعتك كما تجب طاعة رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قال: لا.
فالتفت أبو عبد الله عليه السلام إلي، فقال: يا يونس بن يعقوب! هذا قد خصم نفسه قبل أن يتكلم. ثم قال: يا يونس! لو كنت تحسن الكلام كلمته. قال: يونس: فيا لها من حسرة! فقلت: جعلت فداك! إني سمعتك تنهى عن الكلام وتقول: ويل لأصحاب الكلام! يقولون: هذا ينقاد وهذا لا ينقاد، وهذا ينساق وهذا لا ينساق، وهذا نعقله وهذا لا نعقله. فقال أبو عبد الله عليه السلام: إنما قلت: فويل لهم إن تركوا ما أقول وذهبوا إلى ما يريدون.
ثم قال لي: أخرج إلى الباب فانظر من ترى من المتكلمين فأدخله.
قال: فأدخلت حمران بن أعين وكان يحسن الكلام، وأدخلت الأحول وكان يحسن الكلام، وأدخلت هشام بن سالم وكان يحسن الكلام، وأدخلت قيس الماصر وكان عندي أحسنهم كلاما وكان قد تعلم الكلام من علي بن الحسين عليهما السلام.
فلما استقر بنا المجلس - وكان أبو عبد الله عليه السلام قبل الحج يستقر أياما في جبل في طرف الحرم في فازة له مضروبة - قال: فأخرج أبو عبد الله عليه السلام رأسه من فازته فإذا هو ببعير يخب، فقال: هشام ورب الكعبة!
قال: فظننا أن هشاما رجل من ولد عقيل كان شديد المحبة له.
ثم قال: يا حمران كلم الرجل، فكلمه فظهر عليه حمران. ثم قال: يا طاقي كلمه، فكلمه، فظهر عليه الأحول. ثم قال: يا هشام بن سالم كلمه، فتعارفا. ثم قال أبو عبد الله عليه السلام لقيس الماصر كلمه، فكلمه. فأقبل أبو عبد الله عليه السلام يضحك من كلامهما مما قد أصاب الشامي.
فقال للشامي: كلم هذا الغلام - يعني هشام بن الحكم - فقال: نعم.
فقال لهشام: يا غلام! سلني في إمامة هذا. فغضب هشام حتى ارتعد، ثم قال للشامي: يا هذا! أربك أنظر لخلقه أم خلقه لأنفسهم؟ فقال الشامي:
بل ربي أنظر لخلقه. قال: ففعل بنظره لهم ماذا؟ قال: أقام لهم حجة ودليلا كي لا يتشتتوا أو يختلفوا، يتألفهم ويقيم أودهم ويخبرهم بفرض ربهم.
قال: فمن هو؟ قال: رسول الله صلى الله عليه وآله - قال هشام: فبعد رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قال: الكتاب والسنة. قال هشام: فهل نفعنا اليوم الكتاب والسنة في رفع الاختلاف عنا؟ قال الشامي: نعم.
قال: فلم اختلفنا أنا وأنت وصرت إلينا من الشام في مخالفتنا إياك؟ قال:
فسكت الشامي!
فقال أبو عبد الله عليه السلام للشامي: ما لك لا تتكلم؟ قال الشامي:
إن قلت: لم نختلف كذبت، وإن قلت: إن الكتاب والسنة يرفعان عنا الاختلاف أبطلت لأنهما يحتملان الوجوه، وإن قلت: قد اختلفنا وكل واحد منا يدعي الحق فلم ينفعنا إذن الكتاب والسنة، إلا أن لي عليه هذه الحجة.
فقال أبو عبد الله عليه السلام: سله تجده مليا.
فقال الشامي: يا هذا! من أنظر للخلق أربهم أو أنفسهم؟ فقال هشام:
فقال أبو عبد الله عليه السلام: يا شامي أخبرك كيف كان سفرك وكيف كان طريقك؟ كان كذا وكذا! فأقبل الشامي يقول: صدقت أسلمت لله الساعة. فقال أبو عبد الله عليه السلام: بل آمنت بالله الساعة، إن الإسلام قبل الإيمان وعليه يتوارثون ويتناكحون، والإيمان عليه يثابون.
فقال الشامي: صدقت! فأنا الساعة أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله وأنك وصي الأوصياء.
ثم التفت أبو عبد الله عليه إسلام إلى حمران فقال: تجري الكلام على الأثر فتصيب. والتفت إلى هشام بن سالم، فقال: تريد الأثر ولا تعرفه. ثم التفت إلى الأحول، فقال: قياس رواغ تكسر باطلا بباطل، إلا أن باطلك أظهر. ثم التفت إلى قيس الماصر، فقال: تتكلم وأقرب ما تكون من الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وآله أبعد ما تكون منه، تمزج الحق مع الباطل، وقليل الحق يكفي عن كثير الباطل، أنت والأحول لقفازان حاذقان.
قال يونس: فظننت والله! إنه يقول لهشام قريبا مما قال لهما. ثم قال:
يا هشام! لا تكاد تقع تلوي رجليك إذا هممت بالأرض طرت! مثلك فليكلم
(213)
أسعد بن أبي روح مع بعض المالكية
قال ابن حجر في لسان الميزان (2) في ترجمة أسعد بن أبي روح أبي الفضل الرافضي قاضي طرابلس ما لفظه باختصار منا:
كان جليل القدر، يرجع إليه أهل عقيدته، وكان عظيم الصلاة والتهجد، لا ينام إلا بعض الليل، وكان صمته أكثر من كلامه.
وحكى الراشدي تلميذه، قال: جمع ابن عمار بين أبي الفضل وبين بعض الفقهاء المالكية فناظره في تحريم الفقاع، وكان فصيحا، فنطق بالحجة فانزعج المالكي، فقال له: كلني! فقال في الحال: ما أنا على مذهبك! يريد أن مذهبه جواز أكل الكلب.
وقال له ابن عمار: ما الدليل على حدوث القرآن؟ قال: النسخ، والقديم لا يتبدل ولا يدخله زيادة ولا نقص.
(214)
هشام بن الحكم مع بعض الخوارج
قال بعض الخوارج لهشام بن الحكم: العجم تتزوج في العرب؟ قال:
نعم. قال: فالعرب تتزوج في قريش؟ قال: نعم. قال فقريش تتزوج في بني هاشم؟ قال: نعم. فجاء الخارجي إلى الصادق عليه السلام فقص عليه، ثم قال: أسمعه منك؟ فقال عليه السلام: نعم قد قلت ذاك. قال الخارجي:
____________
(1) أصول الكافي: ج 1 ص 171 - 173، والبحار: ج 47 ص 157 مختصرا منه عنه وعن المناقب وج 48 ص 203 عن الإرشاد وأعلام الورى. وج 23 ص 9 عن الاحتجاج. وراجع قاموس الرجال: ج 9 ص 335. وبهج الصباغة ج 3 ص 9. والاحتجاج: ج 2 ص 123.
(2) لسان الميزان: ج 1 ص 386 / 387.
(215)
هشام مع ابن أبي العوجاء
سأل ابن أبي العوجاء هشام بن الحكم، فقال له: أليس الله حكيما؟
قال: بلى هو أحكم الحاكمين. قال: فأخبرني عن قول الله عز وجل:
" فأنكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة " أليس هذا فرض؟ قال: بلى قال: فأخبرني عن قوله عز وجل:
" ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل " أي حكيم يتكلم بهذا؟
فلم يكن عنده جواب، فرحل إلى المدينة إلى أبي عبد الله عليه السلام فقال: يا هشام! في غير وقت حج ولا عمرة! قال: نعم جعلت فداك لأمر أهمني، إن ابن أبي العوجاء سألني عن مسألة لم يكن عندي فيها شئ، قال:
وما هي؟ قال: فأخبره بالقصة.
فقال له أبو عبد الله عليه السلام، أما قوله عز وجل: " فأنكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة " يعني في النفقة.
وأما قوله: " ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا
____________
(1) البحار: ج 47 ص 219 عن المناقب.
قال: فلما قدم عليه هشام بهذا الجواب وأخبره قال: والله ما هذا من عندك (1)!
(216)
مؤمن الطاق مع الخوارج
اجتمعت الشيعة والمحكمة عند أبي نعيم النخعي بالكوفة، وأبو جعفر محمد بن النعمان مؤمن الطاق حاضر، فقال ابن أبي خدرة: أنا أقرر معكم أيتها الشيعة أن أبا بكر أفضل من علي وجميع أصحاب النبي صلى الله عليه وآله بأربع خصال لا يقدر على دفعها أحد من الناس:
هو ثان مع رسول الله صلى الله عليه وآله في بيته مدفون، وهو ثاني اثني معه في الغار، وهو ثاني اثنين صلى بالناس آخر صلاة قبض بعدها رسول الله صلى الله عليه وآله وهو ثاني اثنين الصديق من الأمة.
قال أبو جعفر مؤمن الطاق رحمة الله عليه: يا ابن أبي خدرة! وأنا أقرر معك أن عليا عليه السلام أفضل من أبي بكر وجميع أصحاب النبي صلى الله عليه وآله بهذه الخصال التي وصفتها وأنا مثلبة لصاحبك، وألزمك طاعة علي عليه السلام من ثلاث جهات: من القرآن وصفا، ومن خبر رسول الله صلى الله عليه وآله نصا، ومن حجة العقل اعتبارا، ووقع الاتفاق على إبراهيم النخعي، وعلى أبي إسحاق السبيعي، وعلى سليمان بن مهران الأعمش.
فقال أبو جعفر مؤمن الطاق: أخبرني يا ابن أبي خدرة عن النبي صلى الله عليه وآله أترك بيوته التي أضافها الله إليه ونهى الناس عن دخولها إلا
____________
(1) البحار: ج 47 ص 225 عن الكافي: ج 5 ص 362.
فانقطع ابن أبي خدرة لما أورد عليه ذلك وعرف خطأ ما فيه.
فقال أبو جعفر مؤمن الطاق: إن تركها ميراثا لولده وأزواجه فإنه قبض عن تسع نسوة، وإنما لعائشة بنت أبي بكر تسع ثمن هذا البيت الذي دفن فيه صاحبك، ولم يصبها من البيت ذراع في ذراع، وإن كان صدقة فالبلية أطم وأعظم! فإنه لم يصب له من البيت إلا مالأدنى رجل من المسلمين، فدخول بيت النبي صلى الله عليه وآله بغير إذنه في حياته وبعد وفاته معصية إلا لعلي بن أبي طالب عليه السلام وولده، فإن الله أحل لهم ما أحل للنبي صلى الله عليه وآله.
ثم قال: إنكم تعلمون أن النبي صلى الله عليه وآله أمر بسد أبواب جميع الناس التي كانت مشرعة إلى المسجد ما خلا باب علي عليه السلام، فسأله أبو بكر أن يترك له كوة لينظر منها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فأبى عليه، وغضب عمه العباس من ذلك، فخطب النبي صلى الله عليه وآله خطبة وقال: إن الله تبارك وتعالى أمر لموسى وهارون أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا، وأمر هما أن لا يبيت في مسجد هما جنب ولا يقرب فيه النساء إلا موسى وهارون وذريتهما، وإن عليا مني هو بمنزلة هارون من موسى وذريته كذرية هارون، ولا يحل لأحد أن يقرب النساء في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله ولا يبيت فيه جنبا، إلا علي وذريته عليهم السلام، فقالوا بأجمعهم: كذلك كان.
قال أبو جعفر: ذهب ربع دينك يا ابن أبي خدرة! وهذه منقبة لصاحبي ليس لأحد مثلها، ومثلبة لصاحبك.
وأما قولك: ثاني اثنين إذ هما في الغار، أخبرني هل أنزل الله سكينته على رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى المؤمنين في غير الغار؟ قال ابن أبي
وأما قولك: ثاني اثنين الصديق من الأمة، أوجب الله على صاحبك الاستغفار لعلي بن أبي طالب عليه السلام في قوله عز وجل: " والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان " إلى آخر الآية. والذي ادعيت إنما هو شئ سماه الناس، ومن سماه القرآن وشهد له بالصدق والتصديق أولى به ممن سماه الناس، وقد قال علي عليه السلام على منبر البصرة: " أنا الصديق الأكبر آمنت قبل أن آمن أبو بكر وصدقت قبله " قال الناس: صدقت.
قال أبو جعفر مؤمن الطاق: يا ابن أبي خدرة! ذهب ثلاث أرباع دينك.
وأما قولك في الصلاة بالناس: كنت ادعيت لصاحبك فضيلة لم تقم له، وإنها إلى التهمة أقرب منها إلى الفضيلة، فلو كان ذلك بأمر رسول الله صلى الله عليه وآله لما عزله عن تلك الصلاة بعينها، أما علمت أنه لما تقدم أبو بكر ليصلي بالناس خرج رسول الله صلى الله عليه وآله فتقدم وصلى بالناس وعزله عنها؟ ولا تخلو هذه الصلاة من أحد وجهين: إما أن تكون حيلة وقعت منه فلما حس النبي صلى الله عليه وآله بذلك خرج مبادرا مع علته فنحاه عنها لكي لا يحتج بعد على أمته فيكونوا في ذلك معذورين، وإما أن يكون هو الذي أمره بذلك وكان ذلك مفوضا إليه كما في قصة تبليغ براءة فنزل جبرئيل عليه السلام وقال: لا يؤديها إلا أنت أو رجل منك، فبعث عليا عليه السلام في طلبه وأخذها منه وعزله عنها وعن تبليغها؟
قال أبو جعفر مؤمن الطاق: يا ابن أبي خدرة! ذهب دينك كله، وفضحت حيث مدحت، فقال الناس لأبي جعفر: هات حجتك فيما ادعيت من طاعة علي عليه السلام، فقال أبو جعفر مؤمن الطاق:
أما من القرآن وصفا، فقوله: عز وجل: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين " فوجدنا عليا عليه السلام بهذه الصفة في القرآن في قوله عز وجل: " والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس " يعني في الحرب والتعب " أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون " فوقع الإجماع من الأمة بأن عليا عليه السلام أولى بهذا الأمر من غيره، لأنه لم يفر عن زحف قط كما فر غيره في غير موضع، فقال الناس: صدقت.
وأما الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وآله نصا، فقال: " إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض " وقوله صلى الله عليه وآله:
" مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنا غرق، ومن تقدمها مرق، ومن لزمها لحق " فالمتمسك بأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله هاد مهتد بشهادة من الرسول صلى الله عليه وآله والمتمسك بغيرهم ضال مضل، قال الناس: صدقت يا أبا جعفر.
وأما من حجة العقل: فإن الناس كلهم يستعبدون بطاعة العالم ووجدنا
الإجماع قد وقع على علي عليه السلام أنه كان أعلم أصحاب رسول الله صلى
الله عليه وآله وكان جميع الناس يسألونه ويحتاجون إليه، وكان علي
عليه السلام مستغنيا عنهم، هذا من الشاهد، والدليل عليه من القرآن قوله عز