الصفحة 224

قالت: ثم أرسل إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله فدعاهم، فلما جاءهم رسوله اجتمعوا، ثم قال بعضهم لبعض: ما تقولون للرجل إذا جئتموه؟

قالوا: والله ما علمناه وما أمرنا به نبينا صلى الله عليه وآله كائنا [ في ذلك ] ما هو كائن.

فلما جاءوه - وقد دعا النجاشي أساقفته - فنشروا مصاحفهم حوله سألهم فقال لهم: ما هذا الدين الذي فارقتم فيه قومكم، ولم تدخلوا في ديني ولا في دين أحد من هذه الملل؟

قالت أم سلمة: وكان الذي كلمه جعفر بن أبي طالب فقال له:

أيها الملك! إنا كنا قوما في جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام ونسئ الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله عز وجل علينا رسولا منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا عليه نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وحسن التجاور والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن سائر الفواحش وقول الزور وأكل مال اليتيم وقذف المحصنة، وأمرنا أن نعبد الله لا نشرك به شيئا، وبالصلاة وبالزكاة والصيام (قالت: فعدد عليه أمور الإسلام كلها) فصدقناه وآمنا به واتبعناه على ما جاء به من الله، فعبدنا الله وحده فلم نشرك به شيئا وحرمنا ما حرم علينا واحللنا ما أحل لنا، فعدا علينا قومنا فعذبونا وفتنونا عن ديننا ليردونا إلى عبادة الأصنام والأوثان عن عبادة الله، وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث، فلما قهرونا وظلمونا وضيقوا علينا وحالوا بيننا وبين ديننا، خرجنا إلى بلدك واخترناك على من سواك ورغبنا في جوارك، ورجونا ألا نظلم عندك أيها الملك.

فقال له النجاشي: فهل معك مما جاء به صاحبكم عن الله شئ؟ فقال

الصفحة 225
جعفر: نعم، فقال: اقرأه علي، فقرأ عليه صدرا من " كهيعص " فبكى حتى اخضلت لحيته وبكت أساقفته حتى اخضلوا لحاهم.

ثم قال النجاشي: والله إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة والله لا أسلمكم إليهم.

قالت أم سلمة:

فلما خرج القوم من عنده، قال عمرو بن العاص: والله لأعيبهم غدا عنده بما يستأصل به خضراءهم، فقال له عبد الله بن أبي ربيعة - وكان أتقى الرجلين -: لا تفعل فإن لهم أرحاما، وإن كانوا قد خالفوا قال: والله لأخبرنه غدا إنهم يقولون في عيسى بن مريم: إنه عبد.

ثم غدا عليه من الغد فقال: أيها الملك! إن هؤلاء يقولون في عيسى بن مريم قولا عظيما! فأرسل إليهم فسألهم عما يقولون فيه، فأرسل إليهم قالت أم سلمة:

فما نزل بنا مثلها، واجتمع المسلمون وقال بعضهم لبعض: ما تقولون في عيسى إذا سألكم عنه؟ فقال جعفر بن أبي طالب: نقول فيه والله ما قال عز وجل وما جاء به نبينا عليه السلام كائنا في ذلك ما هو كائن.

فلما دخلوا عليه قال لهم: ما تقولون في عيسى بن مريم؟ فقال جعفر نقول:

إنه عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول.

قالت: فضرب النجاشي يديه على الأرض، وأخذ منها عودا وقال: ما عدا عيسى بن مريم ما قال هذا العود.

قالت: فقد كانت بطارقته تفاخرت حوله حين قال جعفر ما قال، فقال لهم النجاشي: وإن تفاخرتم!

ثم قال للمسلمين: إذهبوا فأنتم سيوم بأرضي - أي آمنون - من سبكم غرم، ثم من سبكم غرم، ثم من سبكم غرم، ما أحب أن لي دبرا ذهبا وأني آذيت

الصفحة 226
رجلا منكم - والدبر بلسان الحبشة الجبل - ردوا عليهما هداياهما، فلا حاجة لي فيها، فوالله ما أخذ الله مني الرشوة حتى ردني إلى ملكي فآخذ الرشوة فيه، وما أطاع الناس في أفأطيعهم فيه؟ الخ (1).

(436)
عبد الله بن عباس وبسر بن أرطاة

روى أبو الحسن المدائني، قال: اجتمع عبد الله بن عباس وبسر بن أرطاة يوما عند معاوية - بعد صلح الحسن عليه السلام - فقال له ابن عباس: أنت أمرت اللعين السئ الفدم أن يقتل ابني؟!

فقال: ما أمرته بذلك ولوددت أنه لم يكن قتلهما.

فغضب بسر ونزع سيفه فألقاه، وقال لمعاوية: اقبض سيفك، قلدتنيه وأمرتني أن أخبط به الناس ففعلت، حتى إذا بلغت ما أردت قلت: لم أهو ولم آمر!

فقال: خذ سيفك إليك، فلعمري إنك ضعيف مائق حين تلقي السيف بين يدي رجل من بني عبد مناف قد قتلت أمس ابنيه.

فقال له عبيد الله: أتحسبني يا معاوية قاتلا بسرا بأحد ابني؟ هو أحقر وألام من ذلك! ولكني والله لا أرى لي مقنعا ولا أدرك ثارا إلا أن أصيب بهما يزيد وعبد الله!

فتبسم معاوية وقال: وما ذنب معاوية وابني معاوية؟ والله ما علمت ولا أمرت ولا رضيت ولا هويت! واحتملها منه لشرفه وسؤدده (2).

____________

(1) شرح النهج لابن أبي الحديد: ج 6 ص 307، وراجع قاموس الرجال: ج 2 ص 371.

(2) شرح النهج لابن أبي الحديد: ج 2 ص 17 - 18 وقد مر برواية أخرى

الصفحة 227

(437)
الأشتر وسعيد

قال:... ثم اتفق أن الوليد بن عقبة لما كان عامله - أي عثمان - على الكوفة وشهد عليه بشرب الخمر صرفه وولى سعيد بن العاص مكانه، فقدم سعيد الكوفة واستخلص من أهلها قوما يسمرون عنده.

فقال سعيد يوما: إن السواد بستان لقريش وبني أمية.

فقال الأشتر النخعي: وتزعم أن السواد الذي أفاءه الله على المسلمين بأسيافنا بستان لك ولقومك؟

فقال صاحب شرطته: أترد على الأمير مقالته وأغلظ له.

فقال الأشتر لمن كان حوله من النخع وغيرهم من أشراف الكوفة: ألا تسمعون؟ فوثبوا عليه بحضرة سعيد فوطؤوه وطئ عنيفا وجروا برجله، فغلظ ذلك على سعيد وأبعد سماره فلم يأذن بعد لهم، فجعلوا يشتمون سعيدا في مجالسهم ثم تعدوا ذلك إلى شتم عثمان، واجتمع إليهم ناس كثير حتى غلظ أمرهم، فكتب سعيد إلى عثمان في أمرهم.

فكتب إليه: أن يسيرهم إلى الشام لئلا يفسدوا أهل الكوفة، وكتب إلى معاوية - وهو والي الشام - أن نفرا من أهل الكوفة قد هموا بإثارة الفتنة وقد سيرتهم إليك، فانههم، فإن آنست منهم رشدا، فأحسن إليهم وارددهم إلى بلادهم.

فلما قدموا على معاوية - وكانوا: الأشتر مالك بن كعب الأرحبي، والأسود ابن يزيد النخعي، وعلقمة بن قيس النخعي، وصعصعة بن صوحان العبدي، وغيرهم - جمعهم يوما وقال لهم:

إنكم قوم من العرب ذوو أسنان وألسنة، وقد أدركتم بالإسلام شرفا، وغلبتم الأمم وحويتم مواريثهم، وقد بلغني أنكم ذممتم قريشا ونقمتم على الولاة

الصفحة 228
فيها، ولولا قريش لكنتم أذلة! إن أئمتكم لكم جنة، فلا تفرقوا عن جنتكم، إن أئمتكم ليصبرون لكم على الجور ويحتملون منكم العقاب، والله لتنتهن أو ليبتلينكم الله بمن يسومكم الخسف ولا يحمدكم على الصبر، ثم تكونون شركاءهم فيما جررتم على الرعية في حياتكم وبعد وفاتكم.

فقال له صعصعة بن صوحان: أما قريش فإنها لم تكن أكثر العرب ولا أمنعها في الجاهلية، وإن غيرها من العرب لأكثر منها كان وأمنع.

فقال معاوية: إنك لخطيب القوم ولا أرى لك عقلا! وقد عرفتكم الآن وعلمت أن الذي أغراكم قلة العقول، أعظم عليكم أمر الإسلام فتذكرني الجاهلية، أخزى الله قوما عظموا أمركم! افقهوا عني ولا أظنكم تفقهون! إن قريشا لم تعز في جاهلية ولا إسلام إلا بالله وحده، لم تكن بأكثر العرب ولا أشدها، ولكنهم كانوا أكرمهم أحسابا وأمحضهم أنسابا وأكملهم مروءة ولم يمتنعوا في الجاهلية - والناس تأكل بعضهم بعضا - إلا بالله، فبوأهم حرما آمنا يتخطف الناس من حولهم، هل تعرفون عربا أو عجما أو سودا أو حمرا إلا وقد أصابهم الدهر في بلدهم وحرمهم إلا ما كان من قريش، فإنه لم يردهم أحد من الناس بكيد إلا جعل الله خده الأسفل، حتى أراد الله تعالى أن يستنقذ من أكرمه باتباع دينه من هوان الدنيا وسوء مرد الآخرة، فارتضى لذلك خير خلقه، ثم ارتضى له أصحابا وكان خيارهم قريشا، ثم بنى هذا الملك عليهم وجعل هذه الخلافة فيهم، فلا يصلح الأمر إلا بهم، وقد كان الله يحوطهم في الجاهلية وهم على كفرهم، أفتراه لا يحوطهم وهم على دينه؟!

أف لك ولأصحابك! أما أنت يا صعصعة فإن قريتك شر القرى، أنتنها نبتا وأعمقها واديا، وألأمها جيرانا، وأعرفها بالشر، لم يسكنها شريف قط ولا وضيع إلا سب بها، نزاع الأمم وعبيد فارس، وأنت شر قومك، أحين أبرزك الإسلام وخلطك بالناس أقبلت تبغي دين الله عوجا وتنزع إلى الغواية؟ إنه

الصفحة 229
لن يضر ذلك قريشا ولا يضعهم ولا يمنعهم من تأدية ما عليهم، إن الشيطان عنكم لغير غافل، قد عرفكم بالشر فأغراكم بالناس، وهو صارعكم وإنكم لا تدركون بالشر أمرا إلا فتح عليكم شر منه وأخزى، قد أذنت لكم فاذهبوا حيث شئتم، لا ينفع الله بكم أحدا أبدا ولا يضره، ولستم برجال منفعة ولا مضرة، فإن أردتم النجاة فالزموا جماعتهم ولا تبطرنكم النعمة، فإن البطر لا يجر خيرا، اذهبوا حيث شئتم! فسأكتب إلى أمير المؤمنين فيكم.

وكتب إلى عثمان:

إنه قدم علي قوم ليست لهم عقول ولا أديان، أضجرهم العدل، لا يريدون الله بشئ ولا يتكلمون بحجة، إنما همهم الفتنة والله مبتليهم ثم فاضحهم، وليسوا بالذين نخاف نكايتهم، وليسوا الأكثر ممن له شغب ونكير، ثم أخرجهم من الشام (1).

(438)
ابن عباس والزبير

روى الزبير بن بكار في الموفقيات: قال: لما سار على عليه السلام إلى البصرة، بعث ابن عباس، فقال: إئت الزبير فاقرء عليه السلام، وقل له: يا أبا عبد الله كيف عرفتنا بالمدينة وأنكرتنا بالبصرة؟ فقال ابن عباس: أفلا آتي طلحة؟ قال: لا إذا تجده عاقصا قرنه في حزن يقول: هذا سهل.

قال: فأتيت الزبير فوجدته في بيت يتروح في يوم حار وعبد الله ابنه عنده، فقال: مرحبا بك يا ابن لبابة! أجئت زائرا أم سفيرا؟

____________

(1) شرح النهج لابن أبي الحديد: ج 2 ص 129 - 131، والغدير: ج 9 ص 33.

أقول هذا ما نقله المدائني، وأما ما نقله ابن أعثم فقد مر ص 148، وما نقله المسعودي مر ج 1 ص 253، وما نقله ابن أبي الحديد مر ص 265

الصفحة 230
قلت: كلا! إن ابن خالك يقرأ عليك السلام ويقول لك: يا أبا عبد الله كيف عرفتنا بالمدينة وأنكرتنا بالبصرة؟

فقال:

علقتهم أني خلقت عصبة * قتادة تعلقت بنشبة
لن أدعهم حتى أألف بينهم

قال: فأردت منه جوابا غير ذلك، فقال لي ابنه عبد الله: قل له: بيننا و بينك دم خليفة ووصية خليفة، واجتماع اثنين وانفراد واحد، وأم مبرورة ومشاورة العشيرة.

قال: فعلمت أنه ليس وراء هذا الكلام إلا الحرب، فرجعت إلى علي عليه السلام فأخبرته (1).

(439)
الأشتر مع الخوارج

[ عن رجل من النخع ] قال: سأل مصعب إبراهيم بن الأشتر عن الحال (في الحكمين) كيف كانت؟ فقال: كنت عند علي عليه السلام حين بعث إلى الأشتر ليأتيه، وقد كان الأشتر أشرف على معسكر معاوية ليدخله، فأرسل إليه علي عليه السلام يزيد بن هانئ: أن ائتني، فأتاه فأبلغه.

فقال الأشتر: ائته فقل له: ليس هذه بالساعة التي ينبغي أن تزيلني عن موقفي! إني قد رجوت الفتح فلا تعجلني.

فرجع يزيد بن هانئ إلى علي عليه السلام فأخبره، فما هو إلا أن انتهى إلينا حتى ارتفع الرهج وعلت الأصوات من قبل الأشتر، وظهرت دلائل الفتح

____________

(1) شرح النهج لابن أبي الحديد: ج 2 ص 169. وبهج الصباغة: ج 6 ص 341. والعقد الفريد: ج 4 ص 314، ولكنه اختصر ونسب الكلام إلى الزبير

الصفحة 231
والنصر لأهل العراق، ودلائل الخذلان والادبار على أهل الشام.

فقال القوم لعلي: والله ما نراك أمرته إلا بالقتال.

قال: أرأيتموني ساررت رسولي إليه؟ أليس إنما كلمته على رؤوسكم علانية وأنتم تسمعون؟

قالوا: فابعث إليه فليأتك، وإلا فوالله اعتزلناك! فقال: ويحك يا يزيد!

قل له: أقبل إلي، فإن الفتنة قد وقعت!

فأتاه فأخبره، فقال الأشتر: أبرفع هذه المصاحف؟ قال: نعم، قال: أما والله! لقد ظننت أنها حين رفعت ستوقع خلافا وفرقة، إنها مشورة ابن النابغة!

ثم قال ليزيد بن هانئ: ويحك! ألا ترى إلى الفتح! ألا ترى إلى ما يلقون؟ ألا ترى إلى الذي يصنع الله لنا؟ أينبغي أن ندع هذا وننصرف عنه؟ فقال له يزيد أتحب أنك ظفرت هاهنا وأن أمير المؤمنين بمكانه الذي هو فيه يفرج عنه ويسلم إلى عدوه؟ قال: سبحان الله! لا والله لا أحب ذلك، قال: فإنهم قد قالوا له وحلفوا عليه: لترسلن إلى الأشتر فليأتينك أو لنقتلنك بأسيافنا كما قتلنا عثمان أو لنسلمنك إلى عدوك.

فأقبل الأشتر حتى انتهى إليهم فصاح:

يا أهل الذل والوهن! أحين علوتم القوم وظنوا أنكم لهم قاهرون رفعوا المصاحف يدعونكم إلى ما فيها؟ وقد والله تركوا ما أمر الله به فيها وتركوا سنة من أنزلت عليه، فلا تجيبوهم أمهلوني فواقا (1) فإني قد أحسست بالفتح. قالوا:

لا نمهلك، قال: فأمهلوني عدوة الفرس فإني قد طمعت في النصر. قالوا: إذن ندخل معك في خطيئتك!

قال: فحدثوني عنكم وقد قتل أماثلكم وبقي أراذلكم متى كنتم محقين؟

____________

(1) الفواق: ما بين الحلبتين، يقال: انتظرتك فواق ناقة

الصفحة 232
أحين كنتم أهل الشام؟ فأنتم الآن حين أمسكتم عن قتالهم مبطلون، أم أنتم الآن في إمساككم عن القتال محقون، فقتلاكم إذن - الذين لا تنكرون فضلهم وأنهم خير منكم - في النار!

قالوا: دعنا منك يا أشتر! قاتلناهم في الله وندع قتالهم في الله، إنا لسنا نطيعك فاجتنبنا.

قال: خدعتم والله فانخدعتم! ودعيتم إلى وضع الحرب فأجبتم، يا أصحاب الجباه السود، كنا نظن صلاتكم زهادة في الدنيا وشوقا إلى لقاء الله، فلا أرى فراركم إلا إلى الدنيا من الموت، ألا فقبحا! يا أشباه النيب الجلالة، ما أنتم برأيين بعدها عزا أبدا فابعدوا كما بعد القوم الظالمون.

فسبوه وسبهم وضربوا بسياطهم وجه دابته وضرب بسوطه وجوه دوابهم، وصاح بهم علي، فكفوا... الخ (1).

(440)
شريح بن هانئ وأبو موسى

لما أراد أبو موسى المسير (إلى الحكمية) قام إليه شريح بن هانئ فأخذ بيده، وقال: يا أبا موسى إنك نصبت لأمر عظيم لا يجبر صدعه ولا تستقال فتنته، ومهما تقل من شئ عليك أو لك يثبت حقه وتر صحته وإن كان باطلا، وإنه لا بقاء لأهل العراق إن ملكهم معاوية، ولا بأس على أهل الشام إن ملكهم علي، وقد كانت منك تثبيطة أيام الكوفة والجمل، فإن تشفعها بمثلها يكن الظن بك يقينا والرجاء منك يأسا، ثم قال له شريح في ذلك شعرا:

أبا موسى رميت بشر خصم * فلا تضع العراق فدتك نفسي
واعط الحق شامهم وخذه * فإن اليوم في مهل كأمس

____________

(1) شرح النهج لابن أبي الحديد: ج 2 ص 217 - 219، وصفين لنصر: ص 491

الصفحة 233

وإن غدا يجئ بما عليه * كذاك الدهر من سعد ونحس
ولا يخدعك عمرو إن عمروا * عدو الله مطلع كل شمس
له خدع يحار العقل منها * مموهة مزخرفة بلبس
فلا تجعل معاوية بن حرب * كشيخ في الحوادث غير نكس
هداه الله للإسلام فردا * سوى عرس النبي وأي عرس

فقال أبو موسى: ما ينبغي لقوم اتهموني أن يرسلوني لأدفع عنهم باطلا أو أجر إليهم حقا (1).

(441)
عبد الله بن عباس وأبو موسى

قال لما أجمع أهل العراق على طلب أبي موسى وأحضروه للتحكيم على كره من علي عليه السلام أتاه عبد الله بن العباس - وعنده وجوه الناس وأشرافهم - فقال له:

يا أبا موسى إن الناس لم يرضوا بك ولم يجتمعوا عليك لفضل لا تشارك فيه، وما أكثر أشباهك من المهاجرين والأنصار والمتقدمين قبلك! ولكن أهل العراق أبوا إلا أن يكون الحكم يمانيا، ورأوا أن معظم أهل الشام يمان، وأيم الله! إني لأظن ذلك شرا لك ولنا، فإنه قد ضم إليك داهية العرب.

وليس في معاوية خلة يستحق بها الخلافة، فإن تقذف بحقك على باطله تدرك حاجتك منه، وإن يطمع باطله في حقك يدرك حاجته منك، واعلم يا أبا موسى أن معاوية طليق الإسلام، وأن أباه رأس الأحزاب، وأنه يدعي الخلافة من غير مشورة ولا بيعة، فإن زعم لك أن عمر وعثمان استعملاه فلقد صدق،

____________

(1) شرح النهج لابن أبي الحديد: ج 2 ص 245 عن كتاب نصر: ص 534، والغدير: ج 10 ص 337 عنهما، وعن الإمامة والسياسة: ج 1 ص 99 و ج 1 ص 115 في نسخة عندي

الصفحة 234
استعمله عمر وهو الوالي عليه بمنزلة الطبيب يحميه ما يشتهي ويوجره ما يكره، ثم استعمله عثمان برأي عمر، وما أكثر من استعملا ممن لم يدع الخلافة!

واعلم أن لعمر مع كل شئ يسرك خبيئا يسوؤك، ومهما نسيت فلا تنس أن عليا بايعه القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان وأنها بيعة هدى، وأنه لم يقاتل إلا العاصين والناكثين.

فقال أبو موسى: رحمك الله! والله مالي إمام غير علي، وإني لواقف عند ما رأى، وإن حق الله أحب إلي من رضا معاوية وأهل الشام، وما أنت وأنا إلا بالله (1).

(442)
الأحنف وأبو موسى

كان آخر من ودع أبا موسى الأحنف بن قيس، أخذ بيده ثم قال له:

يا أبا موسى اعرف خطب هذا الأمر، واعلم أن له ما بعده، وأنك إن أضعت العراق فلا عراق، اتق الله! فإنها تجمع لك دنياك وآخرتك، وإذا لقيت غدا عمروا فلا تبدأه بالسلام، فإنها وإن كانت سنة إلا أنه ليس من أهلها ولا تعطه يدك فإنها أمانة، وإياك أن يقعدك على صدر الفراش فإنها خدعة، ولا تلقه إلا وحده، واحذر أن يكلمك في بيت فيه مخدع تخبأ لك فيه الرجال والشهود ثم أراد أن يثور ما في نفسه لعلي، فقال له:

فإن لم يستقم لك عمرو على الرضا بعلي فليختر أهل العراق من قريش الشام من شاءوا، أو فليختر أهل الشام من قريش العراق من شاءوا.

فقال أبو موسى: قد سمعت ما قلت ولم ينكر ما قاله من زوال الأمر عن علي عليه السلام.

____________

(1) شرح النهج لابن أبي الحديد: ج 2 ص 246 عن المدائني في كتاب صفين، والغدير: ج 10 ص 337 عنه

الصفحة 235
فرجع الأحنف إلى علي عليه السلام فقال له: أخرج أبو موسى والله زبدة سقائه في أول مخضه، لا أرانا إلا بعثنا رجلا لا ينكر خلعك! فقال علي والله غالب على أمره، قال: فمن ذلك نجزع يا أمير المؤمنين، وفشا أمر الأحنف وأبي موسى في الناس، فجهز الشني راكبا فتبع به أبا موسى بهذه الأبيات:

أبا موسى جزاك الله خيرا * عراقك إن حظك في العراق
وأن الشام قد نصبوا إماما * من الأحزاب معروف النفاق
وإنا لا نزال لهم عدوا * أبا موسى إلى يوم التلاق
فلا تجعل معاوية بن حرب * إماما ما مشت قدم بساق
ولا يخدعك عمرو إن عمروا * أبا موسى تحاماه الرواقي
فكن منه على حذر وأنهج * طريقك لا تزل بك المراقي
ستلقاه أبا موسى مليا * بمر القول من حق الخناق
ولا تحكم بأن سوى علي * إماما أن هذا الشر باق (1)

(443)
ابن عباس وعبد الرحمن بن خالد

قال عبد الرحمان بن خالد بن الوليد: حضرت الحكومة - في دومة الجندل - فلما كان يوم الفصل جاء عبد الله بن عباس فقعد إلى جانب أبي موسى وقد نشر أذنيه حتى كاد أن ينطق بهما، فعلمت أن الأمر لا يتم لنا ما دام هناك، وأنه سيفسد على عمرو حيلته، فأعملت المكيدة في أمره، فجئت حتى قعدت عنده، وقد شرع عمرو وأبو موسى في الكلام، فكلمت ابن عباس كلمة استطعمته جوابها فلم يجب، فكلمته أخرى فلم يجب، فكلمته ثالثة فقال:

إني لفي شغل عن حوارك الآن!

____________

(1) نقلناه من شرح ابن أبي الحديد وأخذنا من حوله " فجهز الشني " إلى آخره من صفين نصر

الصفحة 236
فجبهته وقلت: با بني هاشم لا تتركون بأوكم وكبركم أبدا! أما والله! لولا مكان النبوة لكان لي ولك شأن، قال: فحمى وغضب واضطرب فكره ورأيه، وأسمعني كلاما يسوء سماعه، فأعرضت عنه وقمت وقعدت إلى جانب عمرو بن العاص، فقلت: قد كفيتك التقوالة، إني قد شغلت باله بما دار بيني وبينه فاحكم أنت أمرك.

قال: فذهل، والله ابن عباس عن الكلام الدائر بين الرجلين حتى قام أبو موسى، فخلع عليا (1).

(444)
أحمد بن جعفر الواسطي مع ابن أبي الحديد

(ذكر ابن أبي الحديد ما ذكره أبو حيان التوحيدي من تفضيل جعفر بن أبي طالب على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ثم نقل ما قاله النقيب في رده، ثم قال:) فلما خرجت من عند النقيب أبي جعفر بحثت في ذلك اليوم في هذا الموضوع مع أحمد بن جعفر الواسطي - رحمه الله - وكان ذا فضل وعقل: وكان إمامي المذهب، فقال لي: صدق النقيب فيما قال.

ألست تعلم أن أصحابكم المعتزلة على قولين؟ أحدهما: إن أكثر المسلمين ثوابا أبو بكر، والآخر: أن أكثرهم ثوابا علي، وأصحابنا يقولون: إن أكثر المسلمين ثوابا علي وكذلك الزيدية، وأما الأشعرية والكرامية وأهل الحديث فيقولون: أكثر المسلمين ثوابا أبو بكر، فقد خلص من مجموع هذه الأقوال: أن ثواب حمزة وجعفر دون ثواب علي عليه السلام.

أما على قول الإمامية والزيدية والبغداديين كافة وكثير من البصريين من

____________

(1) شرح النهج لابن أبي الحديد: ج 2 ص 261 عن أمالي الأنباري

الصفحة 237
المعتزلة فالأمر ظاهر، وأما الباقون فعندهم أن أكثر المسلمين ثوابا أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي، ولم يذهب ذاهب إلى أن ثواب حمزة وجعفر أكثر من ثواب علي من جميع الفرق، فقد ثبت الإجماع الذي ذكره النقيب إذا فسرنا الأفضلية بالأكثرية ثوابا، وهو التفسير الذي يقع الحجاج والجدال في إثباته لأحد الرجلين، وأما إذا فسرنا الأفضلية بزيادة المناقب والخصائص وكثرة النصوص الدالة على التعظيم فمعلوم أن أحدا من الناس لا يقارب عليا عليه السلام في ذلك، لا جعفر ولا حمزة ولا غيرهما (1).

(445)
ابن عباس وعمر

قال (عمر بن الخطاب) لابن عباس: يا عبد الله أنتم أهل رسول الله وآله وبنو عمه، فما تقول منع قومكم منكم؟ قال: لا أدري علتها، والله ما أضمرنا لهم إلا خيرا، قال: اللهم غفرا! إن قومكم كرهوا أن يجتمع لكم النبوة والخلافة فتذهبوا في السماء شمخا وبذخا، ولعلكم تقولون: إن أبا بكر أول من أخركم، أما إنه لم يقصد ذلك، ولكن حضر أمر لم يكن بحضرته أحزم مما فعل، ولولا رأي أبي بكر في لجعل لكم في الأمر نصيبا، ولو فعل ما هنأكم مع قومكم، إنهم ينظرون إليكم نظر الثور إلى جازره (2).

(446)
عائشة وحفصة وأم كلثوم

قال: ولما نزل علي عليه السلام ذي قار كتبت عائشة إلى حفصة بنت عمر: أما بعد، فإني أخبرك أن عليا قد نزل ذي قار وأقام بها مرعوبا خائفا لما

____________

(1) شرح النهج لابن أبي الحديد: ج 22 ص 119.

(2) شرح النهج لابن أبي الحديد: ج 12 ص 9

الصفحة 238
بلغه من عدتنا وجماعتنا، فهو بمنزلة الأشقر إن تقدم عقر وإن تأخر نحر.

فدعت حفصة جواري لها يتغنين ويضربن بالدفوف، فأمرتهن أن يقلن في غنائهن: ما الخبر ما الخبر علي في السفر كالفرس الأشقر إن تقدم عقر وإن تأخر نحر.

وجعلت بنات الطلقاء يدخلن على حفصة ويجتمعن لسماع ذلك الغناء.

فبلغ أم كلثوم بنت علي - عليه السلام - فلبست جلابيبها ودخلت عليهن في نسوة متنكرات ثم أسفرت عن وجهها! فلما عرفتها حفصة خجلت واسترجعت، فقالت أم كلثوم: لئن تظاهرتما عليه منذ اليوم لقد تظاهرتما على أخيه من قبل، فأنزل الله فيكما ما أنزل.

فقالت حفصة: كفي رحمك الله، وأمرت بالكتاب فمزق واستغفرت الله (1).

(447)
الحسن عليه السلام وعمار مع أبي موسى

قال: فلما سمع أبو موسى خطبة الحسن وعمار، قام فصعد المنبر وقال:

الحمد لله الذي أكرمنا بمحمد فجمعنا بعد الفرقة، وجعلنا إخوانا متحابين بعد العداوة، وحرم علينا دماءنا وأموالنا، قال الله سبحانه: " ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل " وقال تعالى: " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها " فاتقوا الله عباد الله! وضعوا أسلحتكم وكفوا عن قتال إخوانكم.

أما بعد يا أهل الكوفة، إن تطيعوا الله باديا وتطيعوني ثانيا تكونوا جرثومة من جراثيم العرب، يأوي إليكم المضطر ويأمن فيكم الخائف، إن عليا إنما يستنفركم لجهاد أمكم عائشة وطلحة والزبير حواري رسول الله ومن معهم من

____________

(1) شرح النهج لابن أبي الحديد: ج 14 ص 13، وقاموس الرجال: ج 10 ص 472 وبهج الصباغة: ج 11 ص 104 و ج 6 ص 392

الصفحة 239
المسلمين، وأنا أعلم بهذه الفتن، إنها إذا أقبلت شبهت وإذا أدبرت أسفرت، إني أخاف عليكم أن يلتقي غاران منكم فيقتتلا ثم يتركا كالأحلاس الملقاة بنجوة من الأرض، ثم يبقى رجرجة من الناس لا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر.

إنها قد جاءتكم فتنة كافرة، لا يدرى من أين تؤتى، تترك الحليم حيران، كأني أسمع رسول الله صلى الله عليه وآله بالأمس يذكر الفتن، فيقول:

" أنت فيها نائما خير منك قاعدا، وأنت فيها جالسا خير منك قائما، وأنت فيها قائما خير منك ساعيا " فثلموا سيوفكم، وقصفوا رماحكم وانصلوا سهامكم، وقطعوا أوتاركم، وخلوا قريشا ترتق فتقها وترأب صدعها، فإن فعلت فلأنفسها ما فعلت، وإن أبت فعلى أنفسها ما جنت سمنها في أديمها، استنصحوني ولا تستغشوني، وأطيعوني ولا تعصوني، يتبين لكم رشدكم، ويصلى هذه الفتنة من جناها.

فقام إليه عمار بن ياسر فقال: أنت سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول ذلك؟

قال: نعم هذه يدي بما قلت.

فقال: إن كنت صادقا فإنما عناك بذلك وحدك واتخذ عليك الحجة فالزم بيتك ولا تدخلن في الفتنة، أما أني أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وآله أمر عليا بقتال الناكثين وسمى له فيهم من سمى، وأمره بقتال القاسطين، وإن شئت لأقيمن لك شهودا يشهدون أن رسول الله صلى الله عليه وآله إنما نهاك وحدك وحذرك من الدخول في الفتنة، ثم قال له: أعطني يدك على ما سمعت، فمد إليه يده، فقال له عمار: غلب الله من غالبه وجاهده، ثم جذبه، فنزل عن المنبر (1).

____________

(1) شرح النهج لابن أبي الحديد: ج 14 ص 14 - 15

الصفحة 240

(448)
الحسن عليه السلام وعمار مع أبي موسى

قال أبو جعفر - رحمه الله -: فرجع ابن عباس (من الكوفة) إلى علي عليه السلام فأخبره، فدعا الحسن ابنه عليه السلام وعمار بن ياسر وأرسلهما إلى الكوفة، فلما قدماها كان أول من أتاهما مسروق بن الأجدع، فسلم عليهما وأقبل على عمار، فقال: يا أبا اليقظان علام قتلتم أمير المؤمنين؟ قال: على شتم أعراضنا وضرب أبشارنا، قال: فوالله ما عاقبتم بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لكان خيرا للصابرين.

ثم خرج أبو موسى فلقي الحسن عليه السلام فضمه إليه، وقال لعمار: يا أبا اليقظان أغدوت فيمن غدا على أمير المؤمنين وأحللت نفسك مع الفجار؟

قال: لم أفعل ولم تسوءني.

فقطع عليهما الحسن، وقال لأبي موسى: يا أبا موسى لم تثبط الناس عنا؟

فوالله ما أردنا إلا الاصلاح، وما مثل أمير المؤمنين يخاف على شئ، قال أبو موسى: صدقت بأبي وأمي ولكن المستشار مؤتمن، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: " ستكون فتنة... " وذكر تمام الحديث.

فغضب عمار وساءه ذلك، وقال: أيها الناس إنما قال رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك له خاصه.

وقام رجل من بني تميم، فقال لعمار: اسكت أيها العبد! أنت أمس مع الغوغاء وتسافه أميرنا اليوم.

وثار زيد بن صوحان وطبقته فانتصروا لعمار، وجعل أبو موسى يكف الناس ويردعهم عن الفتنة، ثم انطلق حتى صعد المنبر، وأقبل زيد بن صوحان ومعه كتاب من عائشة إليه خاصة وكتاب منها إلى أهل الكوفة عامة تثبطهم عن نصرة علي وتأمرهم بلزوم الأرض، وقال:


الصفحة 241
أيها الناس انظروا إلى هذه! أمرت أن تقر في بيتها وأمرنا نحن أن نقاتل حتى لا تكون فتنة، فأمرتنا بما أمرت به، وركبت ما أمرنا به.

فقام إليه شبث بن ربعي، فقال له: وما أنت وذاك أيها العماني الأحمق!

سرقت أمس بجلولاء فقطعك الله وتسب أم المؤمنين.

فقام زيد وشال يده المقطوعة وأومأ بيده إلى أبي موسى وهو على المنبر وقال له: يا عبد الله بن قيس أترد الفرات عن أمواجه، دع عنك ما لست تدركه، ثم قرأ: " ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا " الآيتين، ثم نادي: سيروا إلى أمير المؤمنين وصراط سيد المرسلين وانفروا إليه أجمعين.

وقام الحسن بن علي عليه السلام فقال: أيها الناس! أجيبوا دعوة إمامكم وسيروا إلى إخوانكم فإنه سيوجد لهذا الأمر من ينفر إليه، والله لئن يليه أولو النهى أمثل في العاجلة وخير في العاقبة، فأجيبوا دعوتنا وأعينونا على أمرنا، أصلحكم الله.

وقام عبد خير: فقال: يا أبا موسى أخبرني عن هذين الرجلين ألم يبايعا عليا؟ قال: بلى، قال: أفأحدث علي حدثا يحل به نقض بيعته؟ قال: لا أدري، قال: لا دريت ولا أتيت! إذا كنت لا تدري فنحن تاركوك حتى تدري، أخبرني هل تعلم أحدا خارجا عن هذه الفرق الأربع: علي بظهر الكوفة، وطلحة والزبير بالبصرة، ومعاوية بالشام، وفرقة رابعة بالحجاز قعود لا يجبى بهم فئ ولا يقاتل بهم عدو؟

فقال أبو موسى: أولئك خير الناس.

قال عبد خير: اسكت يا أبا موسى! فقد غلب غشك (1).

____________

(1) شرح النهج لابن أبي الحديد: ج 14 ص 19 - 20، وقاموس الرجال: ص 271 عن ذيل الطبري وتاريخ الخطيب، وسيأتي برواية أخرى ص 362، والغدير: ج 9 ص 112