الصفحة 381

قال: يا ابن عباس أخبرني عن قول الله عزوجل: (بقنطار).

قال: أما قولنا أهل البيت فإنا نقول: القنطار عشرة آلاف مثقال، وأما بنوجد فإنهم يقولون ملء مسك ثور ذهبا أو فضة. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟

قال: نعم، أما سمعت عدي بن زيد وهو يقول:

وكانوا ملوك الروم تجبى إليهم * قناطيرها من بين حق وفائد

قال: يا ابن عباس أخبرني عن قول الله الله عزوجل: وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها).

قال: أنقذكم الله عزوجل بمحمد صلى الله عليه وآله. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟

قال: نعم، أما سمعت عباس بن مرداس يقول:

يكتب على شفا الاذقان كبا * كما زلق التختم عن خفاف

قال: يا ابن عباس أخبرني عن قول الله عزوجل:: (أو لامستم النساء).

قال: جامعتم النساء، وهذيل تقول: اللمس باليد. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟

قال: نعم، أما سمعت لبيد بن ربيعة وهو يقول:

يلمس الاحلس في منزله * بيديه كاليهودي المقل

وقال الاعشى:

ورادعة صفراء بالطيب عندنا * للمس الندامى في يد الدرع منعتق

قال: يا ابن عباس أخبرني عن قول الله عزوجل: (قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها).

قال: من قبل أن نمسخها فنردها على غير خلقها. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟


الصفحة 382
قال: نعم، أما سمعت امية بن الصلت يقول:

من يطمس الله عينيه فليس له * نوريبين به شمسا ولا قمرا

قال: يا ابن عباس أخبرني عن قول الله عزوجل: (والموقوذة).

قال: التي تضرب الخشب حتى تموت فتأكلها العرب، وذلك أنهم جادلوا المسلمين فقالوا لهم: تزعمون أنكم على دين الله وما ذبح الله لكم لا تأكلونه وتزعمون أنه ميتة، وما ذبحتم أنتم بأيديكم تزعمون أنه حلال لكم. قال: فهل تعرف العرب ذلك؟

قال: نعم، أما سمعت قول الشاعر يقول:

يبر ينني دين النهار وأقتضي * ديني إذا وقذ النعاس الرقدا

قال: يا ابن عباس أخبرني عن قول الله عزوجل: (وأن تستقسمون بالازلام).

قال: الازلام: القداح كانوا يستسمون الامور بها، مكتوب على إحداهما أمرني ربي وعلى الاخر نهاني ربي، وإذا أرادوا الحرب أتوا بيت أصنامهم ثم غلطوا على القداح فأيهما خرج عملوا به. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟

قال: نعم، أما سمعت الحطيئة وهو يقول:

لا يزجر الطير إن مرت بنا سخا * ولا يفاض له قدح بأزلام

قال: يا ابن عباس أخبرني عن قول الله عزوجل: (اثني عشر نقيبا).

قال: اثني عشر وزيرا، وصاروا إلينا بعد ذلك. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟

قال: نعم، أما سمعت الشاعر يقول:

وإني بحق قائل لسراتها * مقالة نصح لا يضيع نقيبها

قال: يا ابن عباس أخبرني عن قول الله عزوجل: (تبتغي نفقا في الارض).


الصفحة 383
قال: سريا في الارض فتذهب هربا. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟

قال: نعم، أما سمعت الشاعر يقول (وهو عدي بن زيد):

فدس لها على الانفاف عمروا * بشكته وما حشيت كمينا

قال: يا ابن عباس أخبرني عن قول الله عزوجل: (زخرف القول غرورا).

قال: باطل القول غرورا. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟

قال: نعم، أما سمعت أوس بن حجر يقول:

لم يغروكم غرورا ولكن * يرفع الال جمعكم والزهاء

وقال زهير به سلمى:

فلا تغرنك دنيا إن سمعت بها * عند امرئ سوءة في الناس مغمور

قال: يا ابن عباس أخبرني عن قول الله عزوجل (رجس وغضب).

قال: الرجس: اللعنة، والغضب: العذاب. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟

قال: نعم، أما سمعت الشاعر وهو يقول:

إذا سنة كانت بنجد محيطة فكان عليهم رجسها وعذابها قال: يا ابن عباس أخبرني عن قول الله عزوجل: (القمل والضفادع).

قال: القمل: الدبا وهي فرخ الجراد. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟

قال: نعم، أما سمعت أبا سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وهو يقول:

يبادرون النخل من أنها * كأنهم في السرق القمل

قال: يا ابن عباس أخبرني عن قول الله عزوجل: (فانبجست منه اثنا عشرة عينا).

قال: أجرى الله من الصخرة اثنتي عشرة عينا لكل سبط سبط عين يشربون منها.

قال وهل تعرف العرب ذلك؟

قال: نعم، أما سمعت بشر بن أبي حازم وهو يقول:


الصفحة 384

فاسبلت العينان مني بواكف * كما أنها من واهي المتبجس

قال: يا ابن عباس أخبرني عن قول الله عزوجل (إن الساعة آتية أكاد اخفيها).

قال: من كل أحد، وفيها كلمة عربية يابن الازرق لعلك لا تحتملها قال:

بلى يا ابن عباس فأخبرني بها، قال: نعم، اخفيها من علمي. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟

قال: نعم، أما سمعت الشاعر وهو يقول:

فإن تدفنو الداء لانخفه * وإن تبعثوا الحرب لا نقعد

قال الاحمدي: وفي الكامل للمبرد ج 3 / 222 ط مكتبة نهضة مصر (1): قال:

وكان نافع بن الازرق ينتجع عبد الله بن العباس فيسأله، فله عنه مسائل من القرآن وغيره قد رجع إليه في تفسير فقبله وانتحله، ثم غلبت عليه االشقوة ونحن ذاكرون منها صدرا إن شاء الله:

حدث أبو عبيدة معمر بن المثنى اليتمي النسابة عن اسامة بن زيد: عن عكرمة قال: رأيت عبد الله بن العباس وعنده نافع بن الازرق وهو يسأله ويطلب منه الاحتجاج باللغة، فسأله عن قول الله جل ثناؤه: (والليل وما وسق).

فقال ابن عباس: وما جمع. فقال: أتعرف ذلك العرب؟

قال: ابن عباس: أما سمعت قول اراجز:

إن لنا قلائصا حقائقا مستوسقات لو يجدن سائقا وفي ص 140:

روى أبو عبيدة في هذا الاسناد، وروى ذلك غيره وسمعناه من غير وجه

____________

(1) وفي طبعة اخرى ص 140 - 141.

الصفحة 385
أنه سأله عن قوله عزوجل: (قد جعل ربك تحتك سريا).

فقال ابن عباس: هو الجدول. فسأله عن الشاهد فأنشده:

سلما ترى الدالج منها أزورا * إذا يعج في السري هرهرا

وفي ص 141:

روى أبو عبيدة وغيره: أن نافعا سأل ابن عباس عن قوله: (عتل بعد ذلك زنيم) ما الزنيم؟

قال هو الدعي الملزق، أما سمعت قول حسان بن ثابت:

زنيم تداعاه الرجال زيادة * كما زيد في عرض الاديم الاكارع

وفي ص 141:

ويروى عن غير أبي عبيدة أنه سأله عن قوله جل اسمه: (والتفت الساق بالساق).

قال: الشدة بالشدة. فسأله عن الشاهد، فأنشده:

أخو الحرب ان عضت به الحرب عضها * وإن شمرت عن ساقها الحرب شمرا (1)

وفي ص (142:

ويروى عن أبي عبيدة من غير وجه أن نافع بن الازرق سأل ابن عباس فقال: أرأيت نبي الله سليمان - عليه السلام - مع ما خوله الله وأعطاه كيف عنى بالهدهد على قلته وضيؤولته؟

فقال له ابن عباس: إنه احتاج الى الماء والهدهد قناء (2) الارض له كالزجاجة يرى باطنها من ظاهر، فسأل عنه لذلك.

قال ابن الازرق: قف يا وقاف كيف يبصر ما تحت الارض والفخ يغطي

____________

(1) راجع الكامل للمبرد: ج 3 ص 223 و 224.

(2) أي عالم بمواضع الماء من الارض.

الصفحة 386
له بمقدار إصبع من تراب فلا يبصره حتى يقع فيه؟

فقال ابن عباس: ويحك يا ابن الازرق، أما علمت أنه إذا جاء القدر عشي البصر.

وفي ص 142:

ومما سأله عنه (الم ذلك الكتاب).

فقال ابن عباس: تأويله هذا القرآن.

هكذا جاء ولا أحفظ عليه شاهدا من ابن عباس وأنا أحسبه أنه لا يقبله إلا بشاهد، وتقديره عند النحويين إذا قال ذلك الكتاب: أنهم قد كانوا وعدوا كتابا... (1) وفي ص 143:

ومما سأله عنه قوله عزوجل: (لهم أجر غير ممنون).

فقال ابن عباس: غير مقطوع. فقال: هل تعرف ذلك العرب؟

فقال: قد عرفه أخو بني يشكر حيث يقول:

وترى خلفهن من سرعة الرجع * منينا كأنه إهباء (2)

وفي ص 144:

ويروى من غير وجه أن ابن الازرق أتى ابن عباس يوما فجعل يسأله حتى أمله فجعل ابن عباس يظهر الضجر، وطلع عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة على ابن عباس وهو يومئذ غلام فسلم وجلس، فقال له ابن عباس: ألا تنشدنا شيئا من شعرك؟ فأنشده:

أمن آل نعم أنت غاد فمبكر * غداة غد أم رائح فمهجر

____________

(1) راجع الكامل للمبرد: ج 3 ص 225 و 226 هذه الجملات الاخيرة للمبرد.

(2) راجع المصدر: ص 227 وفيه: (إهياء).

الصفحة 387
(الابيات) حتى أتمها وهي ثمانون بيتا، فقال له ابن الازرق: لله أنت يا ابن عباس: أنضرب إليك أكباد الابل نسألك عن الدين فتعرض ويأتيك غلام من قريش فينشدك سفها فتسمعه؟!

فقال: تا لله ما سمعت سفها. فقال ابن الازرق: أما أنشدك:

رأت رجلا أما إذا الشمس عارضت * فيخزى وأما بالعشي فيخسر (1)

فقال: ما هكذا قال: إنما قال: (فيضحى وأما بالعشي فيحضر) قال: أو تحفظ الذي قال؟

قال: والله ما سمعتها إلا ساعتي هذه ولو شئت أن أردها لرددتها، قال:

فارددها فأنشده إياها كلها.

وروى الزبيريون: أن نافعا قال له: ما أروي منك قط فقال له ابن عباس: ما رأيت أروى من عمر ولا أعلم من علي (2).

(917)
ابن عباس ونجدة الحروي

قال ابن الاثير في تاريخه ج 4 / 304: (وكتب نجدة الى ابن عمر يسأله عن أشياء فقال: سلوا ابن عباس فسألوه، ومسألة ابن عباس مشهورة.

ونقل فلهوزن) في كتابه: (الخوارج والشيعة) وقال:

ويقال: إن نجدة كتب الى ابن عمر يسأله عن أشياء من الفقه ولكنها عويصة، فترك الاجابة عنها الى ابن عباس، فسألوا ابن عابس فدهش:

كيف أن رجلا لا يتورع عن سفك دماء المسلمين أنها رايتهم ويدقق في هذه الامور الفرعية الفقهية؟!

____________

(1) اشارة الى بيت لعمر بن عبد الله في قصيدته: (رأت رجلا أما إذا الشمس عارضت... فيضحى وأما بالعشي فيحضر).

(2) أقول: نقلته عن الكامل وإن كان فيه بعض التكرار لعدم خلوه عن الفائدة.

الصفحة 388
قال الاحمدي: وعلى كل حال نقل في طيات الكتب الفقهية والحديثية جواب كتاب نجدة ونقلوا كتاب نجدة أيضا، وأنت تشاهده في:

الخراج لابي يوسف: ص 22 و 189 و 215، ومسند أحمد: ج 1 / 224 / 248 / 294 / 352 / 344 و 308، والدر المنثور: ج 2 / 247، والاموال:

464 / 465 / 466 وتشييد المطاعن: ج 1 / 822 عن الدارمي والدر المنثور عن الفتح عن احمد ومسلم وابي داود والنسائي وص 853 عن أبي داود وص 884 عن الخراج وقرة العينين والدر المنثور وص 885 عن أبي داود والنسائي، وفي الصحيح من السيرة عن مصادر جمة منها: لسان الميران: ج 6 / 148 ومشكل الاثار: ج 2 / 136 / 179 وحلية أبي نعيم: ج 3 / 205 وسنن أبي داود:

ج 3 / 146 وكنز العمال: ج 2 / 305 والمصنف لعبد الرزاق: ج 5 / 228 / 238 والسهيلي: 238 والمحاسن والمساوئ: ج 1 / 264 ووفاء الوفاء: 995 والسنن الكبرى للبيهقي: ج 1 / 22 / 53.

وراجع المحلى لابن حزم: ج 7 / 319 والفتح: ج 6 / 174 ونيل الاوطار:

ج 8 / 230 والدارمي: ج 2 / 225 والترمذي: ج 4 / 126، وراجع الوسائل ج 13 / 434 والسنن للبيهقي: ج 6 / 345 بأسانيد وابن ابي الحديد: ج 12 / 212 وصحيح مسلم: ج 3 / 1445 / 1446 بأسانيد كثيرة والسنائي:

ج 7 / 129 والبحار: ج 96 / 198.

نحن نورد نسخا من هذا الكتاب ونحيل الباقي الى المصادر المذكورة.

نقل في ترتيب المسند:... عن يزيد بن هرمز: أن نجدة كتب الى ابن عباس يسأله عن خلال، فقال ابن عباس: إن ناسا يقولون: إن ابن عباس يكاتب الحرورية، ولولا أني أخاف أن أكتم علما لم أكتب إليه (1).

____________

(1) في بعض الروايات: (والله لولا أرده عن شريقع فيه ما كتب إليه ولا نعمت عين).

الصفحة 389
فكتب إليه نجدة: أما بعد فأخبرني هل كان رسول الله - صلى الله عليه وآله - يغزو بالنساء؟ وهل كان رسول الله - صلى الله عليه وآله - يضرب لهن بسهم؟ وهل كان ثقيل الصبيان؟ ومتى ينقضي يتم اليتيم؟ وعن الخمس لمن هو؟

فكتب إليه ابن عباس - رضي الله عنهما -: إنك كتبت إلي تسألني هل كان رسول الله صلى الله عليه وآله يغزو بالنساء؟ وقد كان يغزو بهن فيداوين المرضى ويحذين من الغنيمة، وأما السهم فلم يضرب لهن بسهم، وأن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يقتل الولدان فلا تقتلهم إلا أن تكون تعلم منهم ما علم الخضر من الصبي الذي قتل فتميز بين المؤمن والكافر فتقتل الكافر وتدع المؤمن، وكتبت متى ينقضي يتم اليتيم؟ ولعمري أن الرجل تشيب لحيته وأنه لضعيف الاخذ ضعيف الاعطاء فإذا أخذ لنفسه من صالح ما يأخذ الناس فقد ذهب عنه اليتم، وكتبت تسألني عن الخمس، وإنا كنا نقول هو لنا، فأبى ذلك علينا قومنا فصبرنا عليه.

ونقل البحار عن الخصال: ج 1 / 235 بسند صحيح عن عبيدالله الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن نجدة الحروري كتب الى ابن عباس يسأله عن أربعة أشياء: هل كان رسول الله صلى الله عليه وآله يغزو بالنساء؟ وهل كان يقسم لهن شيئا؟ وعن موضع الخمس، وعن اليتيم متى ينقطع يتمه؟ وعن قتل الذراري.

فكتب إليه ابن عباس: أما قولك في النساء فإن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يحذيهن ولا يقسم لهن، وأما الخمس فإنا نزعم أنه لنا وزعم قوم أنه ليس لنا فصبرنا، فأما اليتيم فانقطاع يتمه أشده وهو الاحتلام إلا أن لا تؤنس منه رشدا فيكون عندك سفيها أو ضعيفا فيمسك عليه وليه، وأما الذراري فلم يكن النبي صلى الله عليه وآله يقتلها، وكان الخضر عليه السلام يقتل

الصفحة 390
كافرهم ويترك مؤمنهم فإن كنت تعلم منهم ما يعلم الخضر فأنت أعلم (1).

نعم نقل في الخراج لابي يوسف ص 189 كتابا لابن عباس الى نجدة، ولكن لم يصرح بأنه كان جزء من الكتاب المتقدم أو كتابا مستقلا:

قال أبو يوسف: عن عمرو بن دينار: (إن نجدة كتب الى عبد الله بن عباس يسأله عن السارق، فكتب إليه بمثل قول علي رضي الله عنه).

مراده من كلام علي عليه السلام ما نقله قبيل ذلك: (تقطع يده، فإن عاد قطعت رجله، فإن عاد استودع السجن).

الايضاح للفضل بن شاذان، عن شريك، عن أبي الزبير المكي: أن نجدة الحروري كتب الى ابن عباس يسأله عن اليتيم متى ينقضي يتمه؟ وعن النساء هل كان النبي - صلى الله عليه وآله - يغزو بهن (ويقسم لهن)؟ وعن الاطفال هل كان النبي - صلى الله عليه وآله - يقتلهم؟ وعن الخمس لمن هو؟

فكتب إليه ابن عباس:

أما اليتيم فانقضاء يتمه أول حلمه، وأما النساء فإن رسول الله صلى الله عليه وآله (كان يرضح لهن ولا يقسم لهن، وأما الاطفال فإن الخضر عليه السلام كان يقتل كافرهم ويدع مؤمنهم، وأما الخمس فزعمنا أنه لنا وزعم قوم أنه ليس لنا فصبرنا، وإني اخبرك أن جميع الناس في حرج من خمسنا إلا شيعتنا الطيبين فإنا أحللنا لهم. وفي الهامش ص 186 عن الدر المنثور في تفسير:

(واعلموا أنما غنمتم) عن الشافعي وعبد الرزاق في المصنف وابن أبي شيبة ومسلم

____________

(1) راجع أيضا الاموال لابي عبيد: ج 2 / 464 / و 465 عن سعيد بن أبي سعيد بن أبي سعيد ويزيد بن هرمز، وفي الهامش عن أبي داود والنسائي... وقال المنذري: وأخرجه مسلم وأخرجه الامام أحمد، وروي ذلك أيضا عن عطاء والزهري ويحيى بن سعيد.

ومن الطريف أن في ترتيب المسند نقل الكتاب بسندين كلاهما عن جعفر بن محمد عن أبيه عن يزيد بن هرمز.

الصفحة 391
وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في سننه (1).

(918)
ابن ميثم وضرار

جاء ضرار إلى ابن ميثم مناظرا، فقال (يعني ابن ميثم لضرار): أدعوك الى منصفة، وهي أن تقبل قولي في صاحبي وأقبل قولك في صاحبك؟

قال: لا يمكن. قال: ولم؟

قال: لاني إذا قبلت قولك في صاحبك قلت: إنه كان الامام والافضل بعد النبي - صلى الله عليه وآله - فلا ينفعني أن أقول في صاحبي: صهر النبي واختاره المسلمون.

قال: فاقبل قولي في صاحبك وأقبل قولك في صاحبي.

قال: لا يمكن. قال: ولم؟

قال: لاني إن قبلت قولك فيه نسبته إلى الضلال والنفاق، فلا ينفعني قبولك قولي أنه صاحب وأمين.

قال: فإذا كنت لا تقبل قولي في صاحبي ولا في صاحبك فما جئتني مناظرا بل متحكما (2).

* * *

____________

(1) ثم نقل عن الاموال 332 - 335 ص 187.

ثم نقل عن الصدوق - رحمه الله - والبحار والعياشي: ص 188.

ثم عن علم الهدى في الشافي وابن أبي الحديد في شرحه.

وراجع البحار ج 13 / 310 وج 74 / 6 عن العياشي وج 96 / 198 عن الخصال: ج 1 / 112 وص 200 عن العياشي وج 100 / 31 وج 103 / 161 و 165.

(2) الصراط المستقيم: ج 3 / 78 وقد مر في ج 1 ص 286 مفصلا.

الصفحة 392

(919)
الياس المعدل والقوم

سلم الياس المعدل على قوم فلم يردوا عليه، فقال: لعلكم تظنون في ما قيل من الرفض، ان أبا بكر وعمر وعثمان وعلي من أبغض واحدا منهم فهو كافر، فسروا بذلك ودعوا له (1).

(920)
طاقي مع خارجي

ولقي الطاقي خارجي، فقال: لا افارقك أو تتبرأ من علي.

فقال أنا من علي ومن عثمان برئ. فسلم منه (2).

(921)
شيعي مع رجل

وفي تفسير العسكري عليه السلام: قال رجل لشيعي بحضرة الصادق عليه السلام: ما تقول في العشرة؟

فقال: أقول فيهم الخير الجميل الذي تحط به سيئاتي وترفع به درجاتي.

فقال: كنت أظنك رافضيا تبغضهم.

فقال: من ابغض واحدا منهم أو بعضهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.

فقبل الرجل رأسه وقال: اجعلني في حل.

فقال: أنت في حل أي غير حرم (3).

(922)
الصاحب ورجل

لقى الصاحب رجلا حجازيا معه رقعة فيها: أنا من أولاد فلان الصديق

____________

(1) الصراط المستقيم: ج 3 / 73 ومرص 244 فراجع.

(2) الصراط المستقيم: ج 3 / 73.

(3) الصراط المستقيم: ج 3 / 73 ومر في ج 1 ص 243 فراجع.

الصفحة 393
فكتب في ظهرها:

أنا رجل مذ كنت اعرف بالرفض * فلا كان بكري لدي على الارض
ذروني وآل المصطفى عترة الهدى * فإن لهم حبي كما لكم بغضي

وقال: أيضا:

قالوا: ترفضت قلت: كلا * ما الرفض ديني ولا اعتقادي
لكن توليت غير شك * خير إمام وخير هادى
إن كان حب الوصي رفضا * فإنني أرفض العباد (1)

(923)
ابن عباس وجماعة

قال: عمرو بن ميمون: إني لجالس الى ابن عباس إذ أتاه تسعة رهط فقالوا: يا أبا العباس إما أن تقوم معنا وإما أن تخلوبنا من بين هؤلاء. قال:

فقال ابن عباس: بل أنا أقوم معكم. قال: وهو يومئذ صحيح قبل أن يعمى:

فابتد أو افتحدثوا فلا يدري ما قالوا: قال: فجاء [ ابن عباس وهو ] ينفض ثوبه ويقول: اف وتف [ وقعوا في رجل له بضعة عشر فضائل ليست لاحد غيره ].

وقعوا في رجل قال له النبي صلى الله عليه وآله [ يوم خيبر ]: لابعثن رجلا لا يخزيه الله أبدا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، فاستشرف لها من استشرف، فقال: أين علي؟ فقالوا: إنه في الرحايطحن، قال: كان أحد غيره ليطحن؟ قال: فجاء وهو أرمد لا يكاد أن يبصر، قال: فنفث في عينيه، ثم هز الراية ثلاثا فأعطاها إياه، فجاء علي بصفية بنت حيي.

فقال ابن عباس: ثم بعث النبي صلى الله عليه وآله [ فلانا ] بسورة التوبة فبعث عليا خلفه وأخذها منه، وقال: لا يذهب بها إلا رجل هو مني وأنا منه.

قال ابن عباس: وقال النبي صلى الله عليه وآله [ لبني عمه ]: أيكم

____________

(1) الصراط المستقيم: ج 3 / 76.

الصفحة 394
يواليني في الدنيا والآخرة؟. قال: وعلي جالس معهم - فأبوا، فقال علي: أنا اواليك في الدنيا والآخرة. قال: فتركه ثم أقبل على رجل [ رجل ] منهم فقال:

أيكم يواليني في الدنيا والآخرة؟ فأبوا، فقال علي: أنا اواليك في الدنيا والآخرة [ ف ] قال [ له ]: أنت وليي في الدنيا والآخرة.

قال ابن عباس: وكان علي أول من آمن من الناس بعد خديجة.

قال: وأخذ النبي صلى الله عليه وآله ثوبه فوضعه على علي وفاطمة وحسن وحسين وقال: " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " (1).

قال ابن عباس: وشرى علي نفسه فلبس ثوب النبي صلى الله عليه وآله ثم نام مكانه.

قال ابن عباس: وكان المشركون يرمون النبي صلى الله عليه وآله فجاء أبو بكر (رض) وعلي نائم وأبو بكر يحسب أنه رسول الله، قال: فقال: يا نبي الله، فقال له علي: إن نبي الله قد انطلق نحو بئر ميمون، فأدركه. قال:

فانطلق أبو بكر ودخل معه الغار قال: وجعل علي يرمى بالحجارة كما كان يرمي رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يتضور، وقد لف رأسه في الثوب لا يخرجه حتى أصبح، ثم كشف عن رأسه، فقالوا: إنك لئيم وكان صاحبك لا يتضور ونحن نرميه وأنت تتضور وقد استنكرنا ذلك.

قال ابن عباس: وخرج النبي صلى الله عليه وآله في غروة تبوك وخرج بالناس معه، فقال له علي: أخرج معك؟ فقال النبي (ص): لا، فبكى علي، فقال له: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لانبي بعدي إنه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي.

قال ابن عباس: وقال له النبي صلى الله عليه وآله: أنت ولي كل

____________

(1) الأحزاب: 33.

الصفحة 395
مؤمن ومؤمنة بعدي.

قال ابن عباس: وسد النبي صلى الله عليه وآله أبواب المسجد غير باب علي، وكان يدخل المسجد جنبا، وهو طريقه ليس له طريق غيره.

قال ابن عباس: وقال النبي صلى الله عليه وآله: من كنت مولاه فإن مولاه علي.

قال ابن عباس: وقد أخبرنا الله عزوجل في القرآن أنه رضي عن أصحاب الشجرة فعلم ما في قلوبهم، فهل أخبرنا أنه سخط عليهم بعد ذلك؟

قال ابن عباس: قال النبي صلى الله عليه وآله (لعمر) حين قال: إئذن لي فأضرب عنقه - يعني عنق حاطب - قال: وما يدريك لعل الله اطلع إلى أهل بدر فقال، اعملوا ما شئتم (1).

(924)
ابن عباس وعمر

عن نبيط بن شريط قال: خرجت مع علي بن ابي طالب عليه السلام ومعنا عبد الله بن عباس، فلما صرنا إلى بعض حيطان الأنصار وجدنا عمر (رض) جالسا ينكت الأرض فقال له علي بن أبي طالب: يا أمير المؤمنين ما الذي أجلسك وحدك هاهنا؟

فقال: لأمر همني.

قال علي: أفتريد أحدنا؟

قال عمر: إن كان عبد الله.

____________

(1) فرائد السمطين: ج 1 / 328 - 329 وفي الهامش عن الحاكم في المستدرك: ج 3 / 132 والخوارزمي في المناقب: الفصل الثاني عشر وأحمد في الفضائل ومسنده: ج 1 / 330 وخصائص النسائي: ص 61 والاصابة: ج 2 / 509 وابن عساكر: ج 1 / 187 وبعد ذلك أحال الى هامشش ابن عساكر فراجع، وراجع ذخائر العقبى: ص 87 وكفاية الطالب: 241.

الصفحة 396
فتخلف معه عبد الله بن عباس ومضيت مع علي وأبطأ علينا ابن عباس ثم لحق بنا، فقال له علي عليه السلام: ما وراءك؟ قال: يا أبا الحسن اعجوبة من عجائب أمير المؤمنين أخبرك بها واكتم علي، فقال: هلم، قال: فلما أن وليت قال عمر - وهو ينظر إلى أثرك -: آه آه آه، فقلت: مم تأوه يا أمير المؤمنين؟

قال: من أجل صاحبك - يا ابن عباس - وقد اعطي ما لم يعطه أحد من آل النبي، ولولا ثلاث هن فيه ما كان لهذا الأمر من أحد سواه.

قلت: ماهن يا أمير المؤمنين؟

قال كثرة دعابته، وبغض قريش له، وصغر سنه.

قال: فما رددت عليه؟

قال: داخلني ما يدخل ابن العم لابن عمه.

فقلت: يا أمير المؤمنين: أما كثرة دعابته فقد كان النبي صلى الله عليه وآله يداعب فلا يقول إلا حقا، وأين أنت حيث كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقول ونحن حوله صبيان وكهول وشيوخ وشبان ويقول للصبي:

(سناقا. سناقا) ولكل ما يعلمه الله يشتمل على قلبه (1).

وأما بغض قريش له فوالله ما يبالي ببغضهم له بعد أن جاهدهم في الله حين أظهر الله دينه، فقصهم أقرانهم، وكسر آلهتها، وأثكل نساءها، لامه من لامه.

وأما صغر سنه فقد علمت [ أن ] الله تعالى حيث أنزل عليه: (براءة من الله ورسوله) (2) فوجه النبي صلى الله عليه وآله صاحبه ليبلغ عنه فأمره الله أن لا يبلغ عنه ألا رجل من أهله، فوجهه به فهل استصغر الله سنه؟

فقال عمر لابن عباس (رضي الله عنه): أمسك علي، واكتم، فإن سمعتها

____________

(1) وفي الهامش: (دل كل ما يعمله أنه يشتمل على قلبه).

(2) التوبة: 1.

الصفحة 397
من غيرك لم أنم بين لابتيها (1).

(925)
رجل من أهل العدل مع أحد المجبرة

روي عن بعض أهل العدل: أن رجلا من المجبرة سأله عن آية في كتابهم ظاهرها إن الله أضلهم.

فقال له العدلي: إن تفصيل الجواب يطول عليك وربما لا تفهمه ولا تحفظه ولكن عرفني ما تعتقد أنت وسائر المسلمين أن القرآن الذي نزل عليكم حجة لمحمد صلى الله عليه وآله نبيكم على الكافرين والعاصين؟

فقال: بلى.

فقال العدلي: فلو كان باطن الايات التي يتعلق بها المجبرة مثل ظاهره وان الله تعالى منع الكفار من الايمان والاسلام ومنع العصاة من الطاعة فكان يكون القرآن حجة للكفار والعصاة على محمد نبيكم صلى الله عليه وآله، وكانوا يستغنون بهذه الايات عن محاربته وقتل أنفسهم ويقولون: إن ربك الذي جئت برسالته، وكتابك الذي جئت به يشهد أن الله قد منعنا من الاسلام والطاعة فلا تظلمنا، وقل لربك يتركنا أن نقبل منك ونسلم لك، فكان القرآن حجة الكفار على المسلمين وعليه فتقطع حجته، وهذا خلاف، مذهب الاسلام، فأذعن العقل أن لهذه الايات معنى يليق بالعدل ويناسب الرحمة والانعام.

فانقطع المجبر (2).

____________

(1) فرائد السمطين: ج 1 / 334 - 336.

أقول: مرت المناظرة بين ابن عباس وعمر بروايات مختلفة ولعلها كانت في مواقف متعددة، وانما نكررها لذلك، ولما اشتملت الروايات على زيادات لابد من ادراجها.

(2) الطرائف للسيد ابن طاوس: ص 329.

الصفحة 398

(926)
جمع من علماء السنة مع الحجاج لعنه الله تعالى

ومن الحكايات المشار إليها ما رواه جماعة من العلماء: أن الحجاج بن يوسف كتب الى الحسن البصري والى عمرو بن عبيد والى واصل بن عطاء والى عامر الشعبي أن يذكروا ما هندهم وما وصل إليهم في القضاء والقدر.

فكتب إليه الحسن البصري: أن أحسن ما سمعت من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - عليه السلام - أنه قال: يا ابن آدم أتظن أن الذي نهاك دهاك وإنما دهاك أسفلك وأعلاك، والله برئ من ذلك.

وكتب إليه عمرو بن عبيد: أحسن ما سمعت في القضاء والقدر قول علي ابن أبي طالب - عليه السلام -: لو كان الوزر في الاصل محتوما كان الموزور في القصاص مظلوما.

وكتب إليه واصل بن عطاء: أحسن ما سمعت في القضاء والقدر قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - عليه السلام - أنه قال: أيدك على الطريق ويأخذ عليك المضيق.

وكتب إليه الشعبي: أحسن ما سمعت في القضاء والقدر قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - عليه السلام - أنه قال: كلما استغفرت الله منه فهو منك، وكلما حمدت الله تعالى فهو منه.

فلما وصلت كتبهم الى الحجاج ووقف عليها قال: لقد أخذوها من عين صافية مع ما كان عند الحجاج لعنه الله من العداوة والامور الواهية (1).

____________

(1) الطرائف للسيد ابن طاوس: ص 329 - 330.

الصفحة 399

(927)
رجل مع المجبرة

قيل للمجبرة: نرى الله تعالى قد استعظم في القرآن قول المشركين والكافرين فقال: (تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الارض وتخر الجبال هدا) ونحو ذلك مما استعظمه في الكتاب العزيز الذي لا يستطيع الجبرية له دفعا ولا ردا، فإذا كان فعل وقول وقع منه صدر عنه فكيف تقبل العقول السليمة والاذهان المستقيمة أنه جل جلاله يستعظم فعل نفسه على صورة الانكار والاستكبار، ويبلغ الى هذه الغاية من الاستعظام والاستكبار؟! فلم يكن لاحدهم جوابا (1)

(928)
رجل من أهل العدل مع المجبرة

روي: أن بعض أهل العدل وقف على جماعة من المجبرة فقال لهم ما معناه هذا:

أنا ما أعرف المجادلة والاطالة لكني أسمع في القرآن قوله تعالى: (كلما اوقدوا نارا للحرب أطفأ الله) ومفهوم هذا الكلام عند كل عاقل: أن الموقد للنار غير الله تعالى، وأن المطفئ لها هو الله، فكيف تقبل العقول أن الكل منه، وأن الموقد هو المطفئ لها؟ فانقطعوا، ولم يردوا جوابا (2).

(929)
عدللي ومجبر

ومن الحكايات المأثورة: أن مجبرا وعدليا اجتمعا للمناظرة، وجعلا بينهما

____________

(1) الطرائف: ص 330.

(2) الطرائف: ص 331.